المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قَـطَـع الله يــدك !



الجندى
07-31-2005, 11:10 AM
المصدر (http://www.saaid.net/Doat/assuhaim/40.htm)

يتصوّر بعض الناس أن الرفق واللين هو الذي يجب أن يسود التعامل بين الناس عموما
بين الداعـي والمدعـو
بين المُـنـكِـر وصاحب المُـنـكَـر

وتسمع العتب على من اشـتـدّ في النَّـكير !
أو اللوم على من أغلظ في القول – ولو كان لمرة واحدة –

فيقولون :
" إن منكم مُنفِّرين " ... لا تنفِّـروا الناس !
ويستدلّون بـ ( أدْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ) ويكتفون بهذا القدر من الآية !
ومنهم من يستدل بقول الله عز وجل لموسى مع فرعون ( فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى )

والحقيقة أن هذا خطأ في الاستدلال ، وقصور في التّـصوّر .

فلكل مقام مقال
ولكل حالة لباس


فالبس لكل حالة لبوسها *** إما نعيمها وإما بؤسها

فلا تصلح الشدّة في موضع الرفق واللين
ولا يصلح اللين في موضع الشدة والقوة


ووضع الندى في موضع السيف بالعلا *** مُضِرٌّ كوضع السيف في موضع الندى

أما استدلالهم بالآية ( أدْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ) فإن الله سبحانه وتعالى ختمها بقوله :
( وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ )
ثم قال سبحانه : ( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ * وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ )

قال ابن القيم – رحمه الله – :
جعل سبحانه مراتب الدعوة بحسب مراتب الخلق ؛ فالمستجيب القابل الذكي الذي لا يعاند الحق ولا يأباه يُدعى بطريق الحكمة ، والقابل الذي عنده نوع غفلة وتأخر يُدعى بالموعظة الحسنة ، وهي الأمر والنهي المقرون بالرغبة والرهبة ، والمعاند الجاحد يجادل بالتي هي أحسن . هذا هو الصحيح في معنى هذه الآية .
وقال أيضا : وأما المعارضون المَدْعُوّون للحق فنوعان :
نوع يُدعون بالمجادلة بالتي هي أحسن ، فإن استجابوا ، وإلا فالمجالدة ، فهؤلاء لا بُـدّ لهم من جدال أو جلاد . انتهى .

وأما الاستدلال بقول الله عز وجل لموسى وهارون : ( فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى )

فنقول : كيف فهم موسى عليه الصلاة والسلام هذا الأمر ؟
هل فهمه على القول الليِّن مُطلقاً ، وعلى الرخاوة عموماً ؟
هذا ما لم يفهمه موسى عليه الصلاة والسلام بدليل أنه أغلظ لفرعون في موطن الشدة والقوة
فلما قال له فرعون : ( إِنِّي لأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا )
ردّ عليه موسى بقوّة فقال : ( لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَـؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَآئِرَ وَإِنِّي لأظُنُّكَ يَا فِرْعَونُ مَثْبُورًا )

مَثْبُورًا ؟
نعـم !
هالكاً مدحورا مغلوبا !

وهذا مثله مثل الاستدلال بقول الله تبارك وتعالى لِنبيِّـه صلى الله عليه على آله وسلم : ( وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ )

وسوف أستعرض معكم بعض المواقف التي فيها شِدّة وقوّة في الإنكار ، ولا تعارض بينها وبين هذه الآية ، كما لا تعارض بين أمر موسى – عليه الصلاة والسلام – بالقول الليّن ، وبين شدّته على فرعون وقوّة لفظه وجزالة خطابه معه .

وهذه بعض المواقف من حياته صلى الله عليه على آله وسلم

والشدّة تكون مع الكافر وتكون مع المسلم .

اجتمع أشراف قريش يوما في الحجر ، فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من هذا الرجل قط ! سفّـه أحلامنا ، وشتم آباءنا ، وعاب ديننا ، وفرق جماعتنا ، وسب آلهتنا . لقد صبرنا منه على أمر عظيم . فبينما هم كذلك إذا طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل يمشي حتى استلم الركن ، ثم مرّ بهم طائفا بالبيت ، فلما أن مر بهم غمزوه ببعض ما يقول قال عبد الله بن عمرو : فعرفت ذلك في وجهه ، ثم مضى فلما مر بهم الثانية غمزوه بمثلها ، فعرفت ذلك في وجهه ، ثم مضى ثم مر بهم الثالثة فغمزوه بمثلها ، فقال : تسمعون يا معشر قريش ، أما والذي نفس محمد بيده لقد جئتكم بالذبح . فأخذت القوم كلمته حتى ما منهم رجل إلا كأنما على رأسه طائر واقع ! حتى إن أشدهم فيه وَصَاة قبل ذلك ليرفأه بأحسن ما يجد من القول ، حتى إنه ليقول : انصرف يا أبا القاسم ، انصرف راشداً ، فو الله ما كنت جهولا ! قال : فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه الإمام أحمد بإسناد حسن .

أليست هـذه شِـدّة وغِلظـة ؟
ولو قيلت اليوم لكافر لعُـدّ ذلك من الغِلظة والتنفير !

ومن أشد ما رأيت مواقف الصحابة يوم الحديبيبة مع أنهم ليسوا في موقف قوة ، ولكن ردودهم وأقوالهم كانت هي القويّـة .

في يوم الحديبية أرسلت قريش رُسلها لمفاوضة النبي صلى الله عليه على آله وسلم ، فلم تُفلح تلك الجهود قام عروة بن مسعود الثقفي – وكان مشركا - فقال : أي قوم ! ألستم بالوالد ؟
قالوا : بلى .
قال : أوَ لست بالولد ؟
قالوا : بلى .
قال : فهل تتهمونني ؟
قالوا : لا .
قال : ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ فلما بلّحوا عليّ جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني ؟
قالوا : بلى .
قال : فإن هذا قد عرض لكم خطة رشد اقبلوها ودعوني آتيه .
قالوا : ائته ، فأتاه فجعل يُكلم النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم نحوا من قوله لِبُدَيْل ، فقال عروة عند ذلك : أي محمد أرأيت إن استأصلت أمر قومك ، هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك ؟ وإن تكن الأخرى فإني والله لأرى وجوها وإني لأرى أشوابا من الناس خليقا أن يَفِرُّوا ويدعوك !
فقال له أبو بكر : امصص ببظر اللات ! أنحن نفرّ عنه وندعه ؟
فقال عروة : من ذا ؟
قالوا : أبو بكر .
قال عروة : أما والذي نفسي بيده لولا يَـدٌ كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك .
وجعل عروة يُكلم النبي صلى الله عليه وسلم فكلما تكلم أخذ بلحيته والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النبي صلى الله عليه وسلم ومعه السيف وعليه المغفر ، فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية النبي صلى الله عليه وسلم ضرب يده بِنَعْـلِ السيف ، وقال له : أخِّـرْ يَدَكَ عن لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرفع عروة رأسه فقال : من هذا ؟
قالوا : المغيرة بن شعبة .
فقال : أي غدر ! ألست أسعى في غدرتك ؟
وكان المغيرة صحب قوما في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم ثم جاء فأسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أما الإسلام فأقبل ، وأما المال فلست منه في شيء . ثم إن عروة جعل يرمق أصحابَ النبي صلى الله عليه وسلم بعينيه .
.....
فرجع عروة إلى أصحابه فقال : أي قوم والله لقد وَفَدْتُ على الملوك ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي ، والله إن رأيت ملِكاً قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم محمدا ، والله إن تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فَدَلَكَ بها وجهه وجلده ، وإذا أمرهم ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وَضوئه ، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده ، وما يُحِدُّون إليه النظر تعظيماً له ، وإنه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها ... الحديث . رواه البخاري .

أليست هـذه أيضا شِـدّة وغِلظـة وقـوّة ؟
ولو قيلت اليوم لكافر لعُـدّ ذلك من الغِلظة والتنفير !

ومع هذه الشِّدة رجع إلى قومه بهذه الصورة المشرقة التي نقلها بكل صدق وأمانة لقومه ، وعرض عليهم ما عَرَضَه عليه رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم .

كان هذا مع أئمة الكفر
فماذا كان مع أئمة النفاق ؟!

لما كان في غزوة تبوك قال النبي صلى الله عليه على آله وسلم : إنكم ستأتون غداً إن شاء الله عين تبوك ، وإنكم لن تأتوها حتى يُضحي النهار ، فمن جاءها منكم فلا يمسّ من مائها شيئا حتى آتي . فجئناها وقد سبقنا إليها رجلان والعين مثل الشراك تَـبِـضّ بشيء من ماء . قال فسألهما رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل مسستما من مائها شيئا ؟ قالا : نعم . فسبهما النبي صلى الله عليه وسلم وقال لهما ما شاء الله أن يقول . رواه مسلم .

يحتاج المُعاند إلى أن يُعامل بشيء من الشدة والغلظة .

وروى مسلم عن سلمة بن الأكوع – رضي الله عنه – أن رجلا أكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله ، فقال : كُـلْ بيمينك . قال : لا أستطيع ! قال : لا استطعت . ما منعه إلا الكبر . قال : فما رفعها إلى فيه .
فقوله : لا استطعت . من باب الدعاء عليه .
فما فعها إلى فيه : أي ما رفع يده إلى فمِـه .

أليست هذه شِـدّة في الإنكار ؟

وثمة مواقف أُخـر ظهرت فيها الشِّـدّة في التعامل مما يدلّ على أن الرفق واللين ليس هو التعامل السائد أو الحل الدائم .

حَـدّث أنس بن مالك – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفع إلى حفصة ابنة عمر رجلاً فقال : احتفظي به . قال : فَغَفَـلَـتْ حفصة ، ومضى الرجل ، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : يا حفصة ما فعل الرجل ؟ قالت : غفلت عنه يا رسول الله فخرج . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قطع الله يدك . فَرَفَـعَـتْ يديها هكذا ، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما شأنك يا حفصة ؟ فقالت : يا رسول الله قلت قبل لي كذا وكذا ! فقال لها : ضعي يديك ، فإني سألت الله عز وجل أيما إنسان من أمتي دعوت الله عليه أن يجعلها له مغفرة . رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح .

وروى البيهقي مثل هذه القصة وأنها قعت لعائشة – رضي الله عنها –

والرجل المدفوع إلى حفصة – رضي الله عنها – إما كان أسيراً أو محبوساً ولم يكن له قيد .

وفي صحيح مسلم عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتما من ذهب في يد رجل ، فنزعه فطرحه ، وقال :يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده . فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم : خُـذ خاتمك انتفع به . قال : لا والله لا آخذه أبدا ، وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم .

والنّـزع يدل على الشِّـدّة .

وعلى هذا سـار أصحاب النبي صلى الله عليه على آله وسلم في التعامل بقوّة وشِـدّة فيما يحتاج إلى الشدّة .

روى مسلم عن عمارة بن رؤيبة – رضي الله عنه – أنه رأى بشر بن مروان على المنبر رافعا يديه فقال : قـبّـح الله هاتين اليدين ! لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزيد على أن يقول بيده هكذا ، وأشار بإصبعه المسبحة .

وكان حذيفة بالمدائن فاستسقى ، فأتاه دهقان بقدح فضة ، فرماه به ، ثم قال : إني لم أرمه إلا أني نهيته فلم ينته ، وإن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن الحرير والديباج والشرب في آنية الذهب والفضة وقال : هن لهم في الدنيا ، وهي لكم في الآخرة . متفق عليه .

وهذا عبد الله بن عمر يُحدّث فيقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تمنعوا نساءكم المساجد إذا استأذنوكم إليها .
فقال بلال بن عبد الله بن عمر : والله لنمنعهن !
قال سالم بن عبد الله بن عمر : فأقبل عليه عبد الله فسبّه سبّـاً سيئا ما سمعته سبه مثله قط ، وقال : أخبرك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول : والله لنمنعهن ؟! متفق عليه .

ما رأيكم :
لو جاء مُدخِّـن تفوح منه روائح التدخين
أو جاء عامل ملابسه كلها زيوت أو دهانات

فأمسك بهم إمام المسجد أو المُحتَسِب ( رجل الهيئة ) ثم طردوا عن المسجد أو من المسجد !

ماذا يكون موقف المُشاهِد لذلك الموقف ؟؟؟

سيقول :
ما بالكم تُنفِّرون الناس !
إن منكم مُنفّرين
تعاملوا بلطف !
لا تُضيّـقوا على عباد الله !
ما كان الرفق في شيء إلا زانه .
وربما تلا الآية ( وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ )

لكن هذا الفعل أو التصرف هو ما كان يحدث في زمن النبي صلى الله عليه على آله وسلم .

قال عمر – رضي الله عنه – : لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد ريحهما من الرجل في المسجد أمر به فأخرج إلى البقيع ، فمن أكلهما فليمتهما طبخا . رواه مسلم .
يعني البصل والثوم .

قال بعض أهل العلم : وإنما يُخرجون إلى البقيع لأنه جهة المقبرة ، والموتى لا يتأذّون بتلك الروائح !

وينبغي التفريق في التعامل بين الجاهل الذي يحتاج إلى تعليم ، وبين المُعاند .
ويدلّ على ذلك حديث معاوية بن الحكم السلمي – رضي الله عنه – ، وهو في صحيح مسلم .
والحديث مع شيء من فوائده طرحته في أحد المنتديات ، وقد وضعته على هذا الرابط خشية الإطالة أكثر مما أطلت .
فالحديث بتمامه وفوائده هنا :

حديث معاوية بن الحكم السلمي – رضي الله عنه – (http://www.saaid.net/Doat/assuhaim/41.htm)

وما هذه إلا أمثلة لم أُرِد بها الحصـر .


كتبه
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

حازم
07-31-2005, 11:33 AM
هذا موضوع سبق ان نقلته فى نفس الموضوع وتم اغلاقه بسبب بعض الملاحدة
++++++++++++++++++++++

بسم الله .. والحمد لله ..

لعلك تقول إن الله أمرنا أن ندعوهم بالحسنى ..

بلى يا عزيزى .. لكنك فهمت الدعوة بالحسنى بطريقة خاطئة !

أنت فهمت الدعوة بالحسنى ألا أحكم بخطأ المخالف ! .. وهذا مخالف للقرآن ، ومخالف للعقل لو حاولت إعماله فى مسألتنا .. إبراهيم عليه السلام رغم تلطفه فى خطاب أبيه ، ودعوته بالحسنى له ، إلا أن ذلك لم يمنعه من مواجهته بالحقيقة " إنى قد جاءنى من العلم ما لم يأتك " .. ولم يمنعه ذلك من دعوة أبيه صراحة إلى ترك ما هو عليه ليتبعه : " ... فاتبعنى " .. ولم يمنعه ذلك من التصريح بأن فى اتباع أبيه له اتباع للصراط السوى ، وهو بمفهوم المخالفة ، يعنى أن أباه ليس على الصراط السوى .. " فاتبعنى أهدك صراطاً سوياً " .. اقرأ بقية الآيات لتعرف شيئاً عن الدعوة بالحسنى !

أما عن المصارعة الفكرية .. فلا أدرى كيف تريد منا أن نناقش الملحدين والنصارى ؟ .. هل تريد منا أن نقول لهم إنكم على حق وصواب ولكن لنا وجهة نظر مختلفة ؟! .. إن هذه الميوعة الفكرية ليست من الإسلام فى شىء !

الإسلام لا يعرف المداهنة ولا أنصاف الحلول .. بل يعرف الصراحة والوضوح .. من ضل نقول له ضللت والصواب كذا .. أما أن نمدحه على ضلاله فنحن نأثم بذلك عند الله ، لأنه سيزداد ضلالاً وغياً .

وبالنسبة إلى هدف المنتدى فيبدو أنك فهمته خطأ أيضاً .. يا عزيزى إننا لم نفتح المنتدى من أجل المطارحات الفكرية .. لم نفتحه من أجل النقاش الهادئ الذى يعترف بوجهة نظر الآخر ! ..

ألا فليعلمها الكل صراحة .. إن هذا المنتدى أقيم من أجل " الدعوة " لا لغيرها .. لأن هذه " الدعوة " هى التى سيثيبنا الله عليها .. لكن الله لن يثيبنا إذا أجرينا نقاشاً نربت فيه على الطرف الآخر ونطمئنه بأن له وجهة نظر تستحق الاحترام !

وأما بالنسبة للانتصار فى النقاش فهو أمر شرعى بلا شك .. وأنت عندما تنكره إنما تفعل لجهلك بدينك .. ومحبتى للمسلم لا تمنعنى من مصارحته بمستواه كى يحاول التحسين منه .

حاول أن تفتح القرآن يا عزيزى وتقرأه .. ستجد قول رب العزة : " بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق " .. إن الله يبين لنا قوة حجج الحق .. ويمدحها بأنه تصيب الباطل فى أم دماغه .. فيزهق لضعفه وقوتها !

هل تريد منا ترك ما يعلمنا القرآن إياه ، إلى ما تدعونا إليه من " احتضان " الفكر الآخر ؟!

يا عزيزى لا تفتن بمقاييس القوم .. فكلها هراء إلا ما وافق الحق .. واستمد مقاييسك من القرآن لا غير .

وأما بالنسبة لتلك الشائعة التى سمعتها .. فهذه شنشنة نعرفها من أخزم !

بالطبع لا بد من إلقاء التهم على الحق حتى ينفروا الناس منه .. " لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه .. لعلكم تغلبون " !

ومن ذاك الذى وسوس إليك بهذه الشائعة ؟ ..

أهو علمانى ؟ .. هم والله أشد الناس منعاً للحرية ، رغم ما يتشدقون به ، وهذه صحفهم وكتبهم فى بلادنا مليئة بآلاف الأمثلة على قتل الحريات التى يزعمون نصرتها .. لك أن تأمرنى وآتيك بأمثلة لا حصر لها على الحجر على الرأى .. سواء على الرأى الآخر .. أم على آراء بعضهم البعض !

أم هو شيعى رافضى ؟ .. يكفى أن تقرأ لبعض من أفلتوا من الحصار الرافضى فى إيران ، لا أقول لأهل السنة ، بل أقول للشيعة أنفسهم ، لتعرف الحجر والتعتيم الذى يمارس هناك !

أم هو نصرانى مثلث ؟ .. فهل نسى تاريخ دينه العريق فى الحجر على العقول والآراء ؟ .. أم يجب علينا تذكيره بمحاكم التفتيش القذرة ؟ .. يكفى أن القوم عندما داسوا على كتابه وكنيسته اعتبروا ذلك " نهضة " و " تحريراً " !

عليك يا عزيزى أن تدرك اللعبة جيداً .. والسيناريو الذى وضعوه كالتالى :

سيقولون : ((((((((اذهب إلى المسلم السنى .. وحاوره .. فستجده أضيق الناس أفقاً .. ولا يستطيع تقبل الرأى الآخر ولا " احتضانه "!

تذهب فعلاً كما نصحوك وتحاور .. فإذا المسلم لا يقبل كلامك بسهولة , ويرفض الاقتناع بوجهة نظرك ، ويبدى لك حججاً وأدلة يريد بها الجدال ..

إذن .. المسلم أضيق الناس أفقاً .. ولا يستطيع تقبل الرأى الآخر .. فعلاً .. كيف لم أنتبه لهذا من قبل ؟! )))))

هذا هو السيناريو العقيم يا عزيزى ! .. وهو تلبيس واضح .

ما المطلوب من المسلم إذن كى يكون واسع الأفق ؟

الإجابة واضحة .. على المسلم أن يقبل ويوافق على الآراء المخالفة بلا جدال !

بهذا وحده يكون المسلم عاقلاً نبيهاً ذكياً فطناً .. بهذا وحده يكون المسلم قد أحسن استغلال العقل .

وكأن الله خلق لنا العقول كى نجمدها ونشلها عن التفكير .. يا مفكر !

أما أن يعمل المسلم عقله .. أما أن يبين موقفه بالرفض .. أما أن يصرح بأدلة رفضه .. فهذا هو المسلم الضيق الأفق الذى لا يحتض رأى الآخر !

تالله إنها لإحدى الكبر !

وأخيراً .. كان عليك أن تذهب فتتعلم دينك قبل أن تتهم إخوانك بأنهم يفجرون فى الخصومة !

ألا ترى معى " وتفكر " قليلاً يا مفكر فى هذا الأمر ! ..

اختلف إخوانك معك ، وكنت بالنسبة لهم كافراً ، ومع ذلك لم يتهمك واحد منهم بالباطل الذى تفوهت به !
فلما اختلفت أنت معهم ، وهم عندك مسلمون ، اتهمتهم بالفجور فى الخصومة !

ألا ترى أن الله قد رد تهمتك عليك ؟!

ألا ترى أن الله يجادل عن الذين آمنوا ؟!

وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى !

حازم
01-20-2007, 01:51 AM
يرفع الموضوع خصيصا لثينك ومن على شاكلته

ناصر الشريعة
01-24-2007, 12:45 AM
جزاكم الله خيرا

ومما يوافق معاملة المعاند بالشدة ، رفقا بالقراء ورحمة بهم من الافتتان بعناده ، هذه الكلمات الحكيمة التي أنقلها لكم لنفاستها :


" وأمر ثان : وهو أن البعض الآخر ممن قرأت عليهم من أصدقائي بعض أبحاث الكتاب وجد في أسلوب مناقشاته شيئا من الشدة والقسوة ، ورأى أن التأثير على القارئ عند الملاينة يكون أكثر .. وجوابي عليه :

أن ردي على المخالفين صغته في درجات مختلفة من الشدة واللطف ، وأنه ليس تعنيفي وتشديدي موجها إلى القراء ، بل إلى الذين أناقشهم ، وهم لا أمل لي في تحويلهم عن آرائهم الضالة المضلة بما جربتهم وجربهم غيري . وإنما أنا أهزمهم وأقضي عليهم بوابل من النقد العلمي ولا غرو إذا كان الوابل قد يصحبه الرعد والبرق. وبذلك أكون مؤثرا في عقول القراء الذين يجري النقاش في مرأى ومسمع منهم والذين عنيت بتأليف هذا الكتاب لأجلهم ، ولست بشاتم للذين صوبت نحوهم سهام النقد الحاسم . ثم إني ما قسوت في القول إلا على الذين قست أقوالهم على أساس من أسس الدين أو علم من علومه أو طائفة من علمائه . ما فرطت في جنوب من ناقشتهم وفيهم المفرطون في جنب الله والمستهينون بالعقل والمنطق."

مصطفى صبري
"موقف العقل والعلم والعالم من رب العالمين وعباده المرسلين" (1/ 46).


" ولي جواب آخر عليه :
وهو أن موقفي في الكتاب ليس موقف الواعظ ، ولو كان كذلك لكان الرفق واللين أوفق وأنجع ، وكان للوعظ أهل غيري من أهل اللسان العربي . لكن موضوع الكتاب علمي بحت تنفق في سوقه الحقائق المجردة من كل تمويه وتطلية وتُقرع فيه الحجة بالحجة ، ولا بدع إذا كان صوت القراع والصدام شديداً ، لا سيما مع أصحاب الأقلام الذين طالما تلاعبوا بعقول قرائهم وباعوا الضلالة بيع الهدى ، حتى أنهم إذا عرضوا على الناس الإيمان بالله عرضوه غير مستيقنين ، إن لم يكونوا مستبطني الإلحاد . أو إذا عرضوا عليهم الإيمان بالرسول لا تكون بضاعتهم في ذلك غير سمسرة للمستشرقين أعداء الإسلام . ولا شك أن إنقاذ القراء واجتذابهم من أيديهم يتطلب عملا عنيفا وصراعاً قاسياً.


فأمامنا عند النقاش محاربون لعقيدة الإسلام محاربة مباشرة ، أو من وراء الحواجز ، واللين مع المحارب من شيمة الأحمق أو العاجز. "

المصدر السابق (1/ 51) .


" ... ، إذ لا يكفي كون الرد شديد اللهجة مانعاً عن نشره إذا كان المردود كبيرة من الكبائر . وأي ذنب أكبر من التشكيك في الدين ؟ وعند ذلك يكون التشدد في الرد عملا بمقتضى الحال الذي يُهتم به في قانون البلاغة ، وإن لم أكن أنا من البلغاء ، ولا يلام على الرد الشديد اللهجة إلا إذا كان مع ذلك ضعيف الحجة . أما شدة اللهجة مع قوة الحجة فلا يرغب عن نشر مقالة تجمع بينهما إلا ناشر يضمر المخالفة لمبدأ المقالة ويتظاهر بعدم الموافقة على لهجتها " .

المصدر السابق (1/ 55)


للتعريف بالشيخ مصطفى صبري رحمه الله والذي هو آخر شيخ إسلام بالخلافة العثمانية :
http://www.islamweb.net/ver2/Archive/readArt.php?lang=A&id=65777
http://www.altareekh.com/doc/article.php?sid=918&mode=&order=0