المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل قال الجابري بتحريف القرآن الكريم؟



متعلم أمازيغي
08-04-2010, 08:28 PM
نشر هنا (http://www.hespress.com/?browser=view&EgyxpID=22317)


ردا على التكفيريين


يمتاز الفيلسوف عن غيره من الناس بامتلاكه لترسانة من الأدوات المنهجية تؤنس رحلته في الدروب المؤدية إلى ملامسة الحقيقة،إن الفيلسوف لا يفوق العامة من الناس بمزيد فطنة،و لكنه شخص كثير الدهشة و الاستغراب،دائم التساؤل،دؤوب في البحث عن الحقائق،من أجل ذلك فالفيلسوف لا يكون فيلسوفا إلا إذا أخذ عهدا على نفسه بالاستقرار في مملكة الشك،فهو يحب لعبة طرح الأسئلة التي تستفز كيانه الفكري أكثر ما يهوى الإجابة عنها،إنه بارع في التساؤل الذي تثيره غريزة الدهشة الفلسفية في الإنسان،فما مضى قط على الإنسان حين من الدهر لم يكن متفلسفا،غير أن كثيرا من الآفات تكبح هذه الغريزة الإنسانية،و تمنع ظهورها عند السواد الأعظم من الناس،أهمها اقتران الشك و التفلسف بالسفسطة و الزندقة،مع أن البون عميق بين الشكين المنهجي و السفسطائي،ثم إن التفكير التيولوجي المنغلق السائد،غالبا ما يحول بين المرء و عقائده،فلا مجال لمناقشة ما يسمى عند ورثة العقائد بـ "المسلمات" و "الثوابت الدينية"،و إنما الواجب أن يعتقدها الإنسان اعتقاد "عجائز نيسابور".أما الفيلسوف فيأبى إلا أن يضع تحت المجهر كل الأفكار و المعتقدات، ليسمو بنفسه عن حضيض التقليد و يتعالى عن اختيارات الغوغاء في تعطيل العقل.


فلا حاجة في مناقشة بعض الأحكام الجاهزة التي تطلق في محاكمة نوايا الفلاسفة الذين يخوضون في مسلمات دينية،و التي تصف أعمالهم النقدية بالمكر و الخبث،و محاولة تمرير أفكار إلحادية،و تبرير ذلك بدعوى ممارسة "الشك المنهجي" و تقصي الحقائق.فكثيرون هم الفقهاء الذين يصيبهم الهلع من الخوض الشجاع الجدي للمفكرين في الموروث العقدي،فما أن يقفوا عند سؤال يستشكل عن حقيقة مسلمة دينية،تجدهم ينفثون على يسارهم و يتعوذون من الشيطان الرجيم،دون أن يدركوا أن هذا الفيلسوف إنما طرح سؤالا من أجل بناء الحقيقة.و هذا ما حصل بالفعل مع الفقهاء في نقدهم السلبي لتناول الجابري لمسألة تحريف القرآن.و في مقابل هؤلاء،نجد من يتحين الفرص،فيبتر كلام المفكرين،و يدس أنفه ليستخرج كلاما مشوه الصورة،فاقد المصداقية،عار من دلالته المعرفية،حتى يتسنى له تعزيز موقفه من مسألة معينة.و هذا ديدن المبتدعة،فقد رأينا من لم ير في مشروع الجابري الضخم إلا القول بتحريف القرآن،و هؤلاء للاسف لم يستوعبوا كلام الجابري،بل إنها طعنة غادرة جبانة،تلك التي قام فيها البعض بالتصريح بكون الجابري مارس "التقية" في مشروعه نقد العقل العربي،ثم تحلى بالشجاعة في مدخل القرآن. و قبل ذلك وصفوا الجابري -لحقد اختلج صدورهم- بالأمية في تناول التراث.و ليت شعري من كان يقصد الجابري في هذه العبارة : "و لذلك تجده عند القراءة،يسابق الكلمات بحثا عن المعنى الذي يستجيب لحاجته،يقرأ شيئا و يهمل أشياء،فيمزق وحدة النص و يحرف دلالته،و يخرج به عن مجاله المعرفي" (1).



إن القراءة المعاصرة للقرآن الكريم امتداد لما بدأه الجابري و مواصلة لمساره فكري، نابعة عن حرص الجابري على الوفاء بما وعد به في المقدمة المنهجية التي مهد بها مشروعه في "نحن و التراث"،من جعل المقروء التراثي معاصرا لنا،معاصرا لنفسه،فبخصوص القراءات التراثية للقرآن،رأى الجابري أن الأجوبة التي قدمها الأوائل حول مجموعة من الأسئلة التي يطرحها الفكر المتقد المتسائل،قد فقدت كثيرا من المصداقية،لذا صار تتبع تلك القراءات و الوقوف عندها في إطارها التاريخي حاجة ملحة،و لأننا ببساطة أهل قرآن "فكيف نبني لأنفسنا فهما للقرآن،و أجوبة عن الأسئلة التي يطرحها التعامل معه كوحي إلهي،بصورة تجعل هذا الفهم معاصرا لنا و في نفس الوقت معاصرا لنفسه بوصفه ينتمي إلى عالم المطلق؟" (2)



من هنا فمن يفصل بين مشروع الجابري في "نقد العقل العربي" و مشروعه في تناول القرآن و إعادة قراءته،أبعد ما يكون عن فهم المغزى النهضوي لمشاريع الجابري الفكرية،كإسهام للنهوض بالحس النقدي و "الإبداع المبدع" لا المقلد،و كخطوة تسبق التطبيق العملي و الانعكاس الفعلي لروح الحداثة،المتمثلة في المبادئ الثلاثة التي ذكرها المفكر المغربي طه عبد الرحمن "الرشد" و "النقد" و "الشمول" في كتابه نحو تأسيس حداثة إسلامية،لا التطبيق العملي التقليدي للحداثة الغربية،و التي هي تطبيق لروح حداثية قد تكون مشوهة و تكونت عبر سيرورة إنسانية طويلة. إن الذي يتصور انفصالا بين مشاريع الجابري لم يستطع الإمساك بخيوط فكر الجابري المتشابكة، الشديدة الترابط،فالمفكر المغربي الراحل ارتحل من التنظير المنهجي لتناول التراث في "نحن و التراث"،إلى التنظير العام للتراث في "نقد العقل العربي"،و لأن القرآن نواة التراث الذي فاض عنه،فقد خصه الجابري بقراءة لمكانته المركزية في تراثنا،فهو بالنسبة للتراث كالموقد بالنسبة للرماد،أما الموقد فثابت،و أما الرماد فمتجدد و غالبا ما تذروه الرياح،إنه إذن انتقال من العام إلى الخاص،أو من الكلي إلى الجزئي الذي انبثق عنه الكل.



إذا،الجابري طرح موضوع القرآن إشباعا لنزعاته و ميولاته كفيلسوف ينتقد قبل أن يعتقد،و قدم قراءة جديدة للقرآن كعملية وصل بين الماضي و الحاضر،لأن الفصل القطعي بين الماضي و الحاضر لن يؤدي إلا إلى مسخ الهوية و تكوين إنسان عربي يجهل نفسه،و بتعبير الجابري فهي معاصرة بمعنين "فمن جهة تحرص هذه القراءة على جعل المقروء معاصرا لنفسه على صعيد الإشكالية و المحتوى المعرفي و المضمون الإيديولوجي..و من جهة أخرى تحاول هذه القراءة أن تجعل المقروء معاصرا لنا" (3) إنها وحدة المنهج التي تثيرها وحدة الإشكالية،لذا جاء المشروع متناغما متناسقا،يكمل لاحقه سابقه،و يجبر أوله الخلل الذي قد يستشعره البعض في أخره،غير أن آفة المشاريع الفكرية الوازنة أنها تفقد توازنها عندما يتناولها بالنقد أصحاب الرؤى القاصرة،فيشتتون المضمون،و يمزقون الوحدة التكاملية،و يحاكمون وفاقا لفكرانيتهم النوايا، فالنفوس "الخنزيرية" عادتها أن تمر على طيبات و لا تستوقفها إلا الخبائث،و هذا دأب من لا حظ له من العقل و الشرع،فأما العقل فيملي على الإنسان أن يحترم إبداعات الآخرين و يقر بما له و ما عليه في هذه المنتوجات الفكرية،و أما الشرع فيحث على التعامل بالنزاهة و يوجب نقل الأشياء بأمانة.





بعد أن وضعنا أنفسنا في الإطار التداولي الذي كان يتحرك فيه و منه الجابري،و هذا و لا شك مهم جدا،فالحيثيات و الخلفيات الموضوعية التي يصدر منها المفكر في مشاريعه تعين على تجاوز الكثير من الكلام الذي يشكل عصا تحول دون تقدم العجلة إلى الأمام،لنعرض لمسألة غاية في الأهمية،كثر فيها اللغط،و نطقت فيها ألسنة الأهواء التي تود احتكار الانتساب إلى التراث و النطق باسمه،و اتخذ لأجلها المفكر الراحل هدفا لسهام الجمود و التقليد،ألا و هي مسألة القول بتحريف القرآن الكريم،ما مدى صدق هذا الادعاء ؟ هل جاء الجابري في بحثه بروايات لم يسبقه أحد إليها؟ ثم ماذا كان موقف الجابري من هذه الروايات التي توحي بسقوط بعض الآيات من القرآن الكريم؟



لعل الموقف المبدئي للجابري من قضية تحريف القرآن الكريم واضح وضوح الشمس في رابعة النهار،فالقاعدة الفقهية تقول أن المتشابه من الكلام يرد إلى المحكم،و عابد الجابري الذي اتهم بالقول بتحريف القرآن الكريم،هو نفسه نجده يقول في عدد من سلسلة مواقف : "لا نستطيع الشك في صحة النص الذي بين أيدينا اليوم.لأنه نفس المصحف الذي جمع ورتب وأقر كنص رسمي زمن الخليفة الثالث عثمان بن عفان,و كما هو معروف فلقد كان للنبي كتاب يكتبون الوحي و كان هناك حرص شديد على أن لا يكتب غيره من كلام النبي حتى لا يقع اختلاط...و لا شئ يشجع أو يبرر الشك و لا حتى اصطناع الشك المنهجي بصدده "(4)،و بالفعل فإن ما صرّح به في هذه المناسبة،سيتكرر في كتابه مدخل إلى القرآن الكريم،و لم يتغير إلا موقفه من ممارسة أو اصطناع الشك المنهجي بصدد تناول قضية تحريف القرآن الكريم.بيد أن جماعات التطرف الفكري و الجمود ستجد في الأسلوب العلمي للجابري في تناول مسألة تحريف القرآن مدخلا لرميه بالكفر و الزندقة،إذ على المسلمين أن يدفنوا رؤوسهم في الرمال كالنعام أمام الروايات التي توحي بسقوط آيات من الذكر الحكيم،و يقتلوا روح البحث و تقصي الحقائق في أنفسهم،و ربما حتى دحض هذه الروايات و الوقوف على حقيقتها،فمندرج تحت دائرة المحظور عند فقهاء الجمود البارعين في توزيع صكوك الكفران،و المتجملين بالعطالة الفكرية و التقليد الأعمى،فصار الفكر الحر في حضرتهم كيتيم في مائدة لئيم.



أما في كتابه مدخل إلى القرآن الكريم،فقد ميز الجابري بين صنفين من الروايات،أولها تلك التي نجدها في تراث الشيعة الذي ينهل من "اللامعقول"،ثم روايات السنة،فالشيعة بحكم مروقهم من الدين الإسلامي لم يعيروا اهتماما للآية التي تؤكد على حفظ الله للقرآن الكريم،بل إن عقدة السياسة و زعم غصب حق آل البيت في الخلافة حملتهم على الكذب بشكل صريح بواح على الله و على التاريخ الإسلامي،فادعوا أن ثمة مجموعة من الآيات – ذات الصبغة السياسية – التي توصي بالخلافة لعلي قد سقطت من القرآن الكريم عمدا من قِبل من تكلّف بالجمع،و هذا تكريسا منهم لرؤيتهم "الدنكشوتية" لتاريخ الإسلام،و تأجيجا لنار الخلافات الوهمية التي أحدثوها عنوة،و من هذه "الآيات" الساقطة - زعموا - التي تشبه إلى حد كبير

قرآن مسيلمة الكذاب المضحك،قولهم " يا أيها الذين آمنوا بالنبي و الولي اللذين بعثناهما يهديانكم إلى الصراط المستقيم،نبي و ولي بعضهما من بعض و أنا العليم الخبير...و سبح بحكم ربك و علي من الشاهدين"،و قد أفاض الجابري في كتابه "العقل السياسي العربي"،باب "ميثولوجيا الإمامة" الحديث عن الصبغة السياسية للفكر الشيعي ككل،فما من معتقد شيعي إلا و تجد جذوره السياسية بادية لكل من له أدنى بصيرة،فليس غريبا إذن أن تطرد القاعدة لتطال كذلك مسألة القول بتحريف القرآن، لذا فقد كان موقف الجابري من ميثولوجيات الشيعة الرافضة صارما،حيث قال : "أما ما ينسب إلى المصادر الشيعية فأمره واضح.إنه ينحصر،أو يكاد،في كون "ما ورد في القرآن" من التنصيص على أن الخليفة بعد النبي صلى الله عليه و سلم هو ابن عمه علي ابن أبي طالب قد حذف أو غُيِّر زمن جمع القرآن"(5)، هكذا يستنج الجابري بعد مقارنته للمضمون و الأسلوب الذي صيغت به الآيات "الساقطة" في الموروث الشيعي و المضمون العام للقرآن الكريم و أسلوبه المتسم بحسن العبارة و لطف الإشارة، -يستنتج- بأن هذه الآيات "الساقطة" لا ترقى إلى أسلوب القرآن الكريم،ثم بخصوص الوصاية لعلي،فالجابري يؤكد أن القرآن لم يحسم في مسألة الخلافة،و الحق معه،فالحكم الإسلامي لا يستمد شرعيته من الله تعالى،و إنما من روح الأمة و إرادة المواطنين،و هكذا انقلب القرآن بجمالية أسلوبه و مضامينه على مزاعم الشيعة،و وصمهم بالكذب و انعدام الأمانة و الأخلاق.يقول عابد الجابري "و الواقع أن ما أوردته بعض المصادر الشيعية من النصوص،التي قالوا عنها إنها حذفت من القرآن،هي نصوص لا ترقى إلى مستوى أسلوب القرآن،ثم إنها تتحدث عن أشياء لم تقع زمن النبوة و كأنها حدثت في عهدها،كالوصاية و الخلافة و ما يتصل بهما.إن الأمر يتعلق بمسائل سياسية،و القرآن لم يخض في مثل هذه المسائل قط"(6).



أما بخصوص ما ذكرته المصادر السنية،فيرى الجابري أن "فيه إشكال"،و يعني بذلك أن الفترة التي كان يتوقع فيها السقط،أي الفترة المكية،لم يحدث فيها شئ من ذلك،و إمكانية حدوث السقوط في العهد المكي عقلا أكبر من إمكانيتها في العهد المدني،و هذا نظرا للطروف العصيبة التي مر بها النبي عليه السلام و المسلمون،من إكراه الطبقة المشركة للمسلمين على ترك دينهم،و ممارسة قمع فكري رهيب بلغ حد التصفيات الجسدية،و التي نجى منها رسول الله صلى الله عليه و سلم بالعناية الإلهية،و مادامت الآيات التي قيل بأنها "سقطت" نزلت في المرحلة المدنية،فإن التشكيك في صدق هذه المرويات وارد،و بقوة،يذكر الجابري الأمرين اللذين استشكلا عليه في مسألة "السقوط" هذه فيقول :

" أولهما : كون ما ذكر أنه "محذوف" ينتمي إلى القرآن المدني وحده،و لم يذكر قط أن القرآن طال شيئا ينتمي إلى القرآن المكي. هذا مع أن إمكانية "سقوط آيات أو سور" كانت أكثر احتمالا في القرآن المكي منها في المدني"(7)، و مادام السقوط لم يحدث في الحقبة المكية،فسيصير تصديق مثل هذه المرويات التي تتحدث عن سقوط آيات في الحقبة المدنية مستبعد جدا،كما يقول لسان حال الجابري.و هذا التحليل منطقي إلى أبعد حد،فكيف يعقل أن يتمسك المسلمون بكتابهم،و يحفظونه من الضياع في أحرج الأوقات،و في ظروف قاسية،ثم عندما يفتح الله عليهم يتهاونون فيه،و يهملونه،هذا غير وارد و لاشك.



"ثانيهما : كون "الحذف" في القرآن المدني،لحق بسورتين فقط هما سورة الأحزاب و سورة التوبة(براءة)"(8) فوضع الجابري لكلمة (حذف) بين مزدوجتين "..." يوحي بتحفظه من هذه المسألة.و قد رأى الجابري أن ما تشترك فيه الآيتان هو عتاب اللذين لم يظهروا ما يكفي من صدق الاستجابة و الاستعداد،فالسورتان كانتا بمثابة "نقد داخلي" و كشف للعورات،فإذا كان مَن نزل فيهم القرآن مِن المنافقين قد عملوا على إخفاء بعض الآيات التي تناولتهم بالنقد،بأسلوب عنيف قاس،فلم ترك المنافقون الآيات الأخرى -و في نفس السورة- التي تكشف عوراتهم،و تبدي حقيقتهم التي "أخفوها" على المسلمين،هذا محال، و لا يستوعبه العقل.يقول الجابري "و لا نعتقد أن ما سقط منهما من الآيات يتعلق بالموضوع لأن ما احتفظت به السورتان كان عنيفا و قاسيا إلى درجة يصعب معها – بالنظر إلى أسلوب القرآن في العتاب – تصور ما هو أبعد من ذلك"(9) .غير أن الجابري سيفع في فخ،و سيخونه التخصص حينما وقف عند بعض الآيات التي نسخ لفظها من القرآن الكريم كآية الرجم،فهي مما نسخ رسمها و بقي حكمها،و الحكمة من ذلك مبسوطة في كتب الأصول و التفسير،و المقام لا يسمح بالخوض فيها،فالجابري أنكر النسخ في القرآن الكريم و وظف كلمة "سقط" بمشيئة الله بدل نسخت بمشيئة الله،متكئا على بعض الآيات التي توحي بحدوث التغيير في القرآن الكريم،فهذا الاختلاف الاصطلاحي إذا متعلق بموقف الجابري من النسخ كما بين ذلك في ملحقات الجزء الثالث من تفسيره،لذا فقد اضطر ليقول بسقوط بعض الآيات القرآنية بمشيئة الله ليجد مخرجا لإشكاليته،و رأى أن القرآن نفسه يقر بحدوث التغيير ما يعني أن ذلك لا يتعارض مع آية حفظ الله للقرآن الكريم.يقول الجابري في خلاصة الفصل التاسع من كتابه "المدخل" : "و خلاصة الأمر أن ليس ثمة أدلة قاطعة على حدوث زيادة أو نقصان في القرآن الكريم"(10) و أما الآيات التي نسخت من القرآن،فثمة مجموعة من الآيات أوردها في آخر الفصل "تؤكد حصول التغيير في القرآن و إن ذلك حصل بعلم الله و مشيئته"(11)



هنا تزداد حتمية التعاطي مع فكر معين في كليته و شموليته،فالذي لم يطلع على موقف الجابري من النسخ(12)،سيحسب أنه قال بتحريف القرآن الكريم،غير أن الجابري بدل أن يقول "نسخت بمشيئة الله"،قال "سقطت بمشيئة الله"،لموقفه الرافض لمسألة النسخ في القرآن.







(1) محمد عابد الجابري،نحن و التراث،ص23

(2) محمد عابد الجابري،مدخل إلى القرآن الكريم،ج1 في التعريف بالقرآن الكريم،ص212.

(3) محمد عابد الجابري،نحن و التراث،ص 11-12.

(4) محمد عابد الجابري،سلسلة مواقف /العدد 28،ص 92.

(5) محمد عابد الجابري،مدخل إلى القرآن الكريم،ج1 في التعريف بالقرآن الكريم،ص228.

(6) المرجع نفسه،ص229.

(7) المرجع نفسه،ص229.

(8) المرجع نفسه،ص229.

(9) المرجع نفسه،ص231.

(10) المرجع نفسه،ص232.

(11) المرجع نفسه،ص232.

(12) انظر مقال الجابري على منبره : لا دليل في القرآن على وقوع النسخ


http://www.aljabriabed.net/umumkhusus12.htm


المقال في مدونتي : هنا (http://adiltahiri.maktoobblog.com/185/هل-قال-الجابري-بتحريف-القرآن-الكريم؟/)

عمر الأنصاري
08-04-2010, 09:52 PM
ما بال أقوام يُنافحون عن أهل الباطل ويُتعبوننا معهم في الرد ليس فقط على أهل الباطل، بل على الباطل الذي دافعوا به عن أهل الباطل

أما والله لو علم كُل امرئ قدر نفسه وتكلم في فنه لقل الاختلاف، ولو علم الجابري قدر نفسه وترك عنه القرآن وأهله والإسلام وعلومه لكان أفضل له

واسمح لي أيها الفاضل أن أقول لك أن قلمك زل في مُقدمته
فليس مدحك للشكاك إلا سُبة له، وسأخدع نفسي وأوهمها أن الذين قصدتهم هم أولئك الناس الذين شككوا في عقائد دينهم الباطل من مسيحية ويهودية، وإني والله لأضرب كفا بكف لمن سمح لنفسه بأن يمدح الشكاكين الذين تسموا زورا بفلاسفة بحجة أنهم أناس لهم الجرأة في نبش المُسلمات والحديث فيها، وبعد التثبت وجدت ذلك المدح ما هو إلا نقل لما ذكره الجابري في كتابه يُزكي نفسه ويُزكي عمله، ويهجم على الناقد قبل أن ينتقد، ولا غرابة، فمن يشهد للعروس غير خالتها ومن يُزكي الشخص غير لسانه

كل مقالك أخي الفاضل يدور حول أمرين اثنين
الأول أن الجابري يُنكر النسخ
الثاني أنك تُقوله ما لم يقل وتزعم أن الآيات التي قال الجابر يبسقطها وحذفها من القرآن هي الآيات التي قال الفقهاء أنها نُسخت ودلست على القارئ بعدم إيرادك للسباق واللحاق

أما بقيت الأقوال والاقتباسات فبعيدة جدا عن أصل الموضوع الذي تُنافح عنه

لنعد إذا لما قاله الجابري

"لا نستطيع الشك في صحة النص الذي بين أيدينا اليوم.لأنه نفس المصحف الذي جمع ورتب وأقر كنص رسمي زمن الخليفة الثالث عثمان بن عفان"

وهذا تدليس خفي، فالرجل يقول أن المُصحف الذي بين أدينا هو المُصحف الذي جُمع في عهد عُثمان
لكن هل يُقر الجابري أن هذا المُصحف هو ما تركه الرسول صلى الله عليه وسلم
الجواب لا
حيث يقول الجابري: "ومن الجائز أن تحدث أخطاء جين جمعه، زمن عثمان ... وقد وقع تدارك بعض النقص كما ذُكر في مصادرنا" مدخل إلى القرآن - الجابري - ص 232

يُعلق الشيخ البراك على هذا النقل قائلا:
"كذبت! فإنه لا يجوز أن يحدث خطأ حين جمع القرآن لضمان الله حفظ كتابه في قوله تعالى: ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) ونقول: إن الذين قاموا بمهمة جمع القرآن معصومون في عملهم هذا، فإن الصحابة مجمعون على هذا الجمع، ولا يجوز أن يجمعوا على خطأ، وأجمع المسلمون بعدهم على هذا القرآن الذي تلقوه عمن تلقاه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأجمع المسلمون على كفر من زعم تحريف القرآن أو جوّز ذلك، لأن ذلك ينافي قوله تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) فحَفِظَه أولا من أن تصل إليه الشياطين (إنهم عن السمع لمعزولون ) وحفظه ثانيا بتبليغ نبيه صلى الله عليه وسلم وكتابته وحفظه في الصدور، ثم جَمْع الصحابة له وإجماعهم على ذلك" انتهى

ويقول الجابري أيضا: "وكل ما يمكن قوله - على سبيل التخمين لا غير- هو أن يكون الجزء الساقط من سورة براءة هو القسم الأول منها" مدخل إلى القرآن - الجابري - ص 231
إذا فصديقك الجابري يُقر حسب تخمينه أن جزء من سورة براءة سقط
ويقول أيضا: "أما سورة الأحزاب فيبدو أن ما سقط منها مُبالغ فيه" مدخل إلى القرآن - الجابري - ص 231
الجابري يُقر بالسقط، غير أن هذا السقط مُبالغ فيه

أكتفي بهذين الاقتباسين وأقول أن الجابري عن قصد أو غير قصد قال بتحريف القرآن لكنه تحريف بمشيئة الله
يقول الجابري: "...فإن جملتها تؤكد حصول التغير في القرآن وإن ذلك حدث بعلم الله ومشيئته" مدخل إلى القرآن - الجابري - ص 232
فهل بعد هذا من سفه
فإما أن الجابري قال بتحريف القرآن وهذا هو الظاهر من كلامه
أما إذا اختلقنا له الأعذار فسنقول أن الجابري جاهل بالإسلام وعلومه فبالله عليكم كيف يقول عاقل سوي عالم يما يقول: "...فإن جملتها تؤكد حصول التغير في القرآن وإن ذلك حدث بعلم الله ومشيئته"
يُعلق الشيخ البراك على هذا السفه والخنفشة: "هذا من أقبح التلبيس والتلاعب بعقول القراء، وإلا؛ فما نصَّ عليه القرآن من ذلك راجع إلى تشريعه سبحانه وحكمته بمشيئة وقت نزول القرآن ( ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها)، وليس ما ذُكر في هذه الآية مما وعد الله بحفظ القرآن منه، فإدخاله فيه غايةٌ في المغالطة والتلبيس".

عمر الأنصاري
08-04-2010, 10:02 PM
أضع هذا النقل للشيخ البراك حفظه الله يُعلق فيها على ما جاء في كتاب مدخل إلى القرآن في مسألة التحريف والنقص في القرآن الكريم

لكن قبل ذلك أطالب الأخ مُتعلم أمازيغي أن يحذف ما ابتدأ به مقاله

ردا على التكفيريين
فهذا الإدعاء يجعل من كل مُنتقد للجابري من التكفيريين، ولا أدري أهي هالة القداسة حول الجابري كي لا ننتقده أم ماذا؟

أتركك مع النقل

الحمد لله الذي يقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق، وصلى الله وسلم على رسوله محمد الذي بلغ ما نُزل إليه من ربه، وآله وصحبه؛ أما بعد فإن هذا الكلام المذكور في السؤال ظاهرٌ منه القصد إلى التشكيك في القرآن الذي بأيدي المسلمين في سلامته من التغيير والزيادة والنقص، وحينئذ فلا يبقى وثوق بصحة القرآن، ولكن صاحب هذا الكلام لم يؤثِر الصراحة خوف التشنيع عليه وافتضاح فكره، فآثر أن يجعل الأمر محتملا، بل جعل احتمال التغيير في القرآن راجحا، وسَلَك لذلك لَبْسَ الحق بالباطل واستعمالَ الألفاظ المجملة ، ويظهر ذلك بأمور مما جاء في كلامه:

1ـ قوله: (ومن الجائز أن تحدث أخطاء حين جمعه زمن عثمان أو قبل ذلك فالذين تولوا هذه المهمة لم يكونوا معصومين) .

نقول: تضمنت هذه الجملة التشكيك في سلامة القرآن من الخطأ حين جمعه، لقوله: (من الجائز أن تحدث أخطاء حين جمعه) ولقوله: (فالذين تولوا هذه المهمة لم يكونوا معصومين).

ونقول: كذبت! فإنه لا يجوز أن يحدث خطأ حين جمع القرآن لضمان الله حفظ كتابه في قوله تعالى: ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) ونقول: إن الذين قاموا بمهمة جمع القرآن معصومون في عملهم هذا، فإن الصحابة مجمعون على هذا الجمع، ولا يجوز أن يجمعوا على خطأ، وأجمع المسلمون بعدهم على هذا القرآن الذي تلقوه عمن تلقاه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأجمع المسلمون على كفر من زعم تحريف القرآن أو جوّز ذلك، لأن ذلك ينافي قوله تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) فحَفِظَه أولا من أن تصل إليه الشياطين (إنهم عن السمع لمعزولون ) وحفظه ثانيا بتبليغ نبيه صلى الله عليه وسلم وكتابته وحفظه في الصدور، ثم جَمْع الصحابة له وإجماعهم على ذلك.

2ـ قوله: (وقد وقع تدارك بعض النقص كما ذكر في مصادرنا).

نقول: اكتفى صاحب هذا الرأي الفاسد بإبهام النقص وإبهام المصادر، لأن غرضه لا يتحقق إلا بهذا الإبهام، وهو إحداث التشويش في عقيدة المسلم بالقرآن. وإذا وقع التدارك لم يكن نقص.

3ـ قوله: (وهذا لا يتعارض مع قوله تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) نقول: هذه دعوى باطلة جاء بها لدفع الاعتراض عليه بالآية، فإن وَعْد الله بحفظ تنزيل القرآن يستلزم امتناع جواز الخطأ فيه فضلا عن وقوعه، فدعوى المذكور عدمَ التعارض تلبيسٌ وتمويهٌ على السذج والجهال.

4ـ قوله: (فالقرآن نفسه ينص على إمكانية النسيان والتبديل والحذف والنسخ) نقول: هذا من أقبح التلبيس والتلاعب بعقول القراء، وإلا؛ فما نصَّ عليه القرآن من ذلك راجع إلى تشريعه سبحانه وحكمته بمشيئة وقت نزول القرآن ( ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها)، وليس ما ذُكر في هذه الآية مما وعد الله بحفظ القرآن منه، فإدخاله فيه غايةٌ في المغالطة والتلبيس.

5ـ قوله: (مع أن لنا رأيا في هذه الآية ـ يريد: ماننسخ من آية أو ننسها ـ فإن جملتها تؤكد حصول التغير في القرآن، وإن ذلك حدث بعلم الله ومشيئته)، نقول: أبنْ لنا عن رأيك في معنى الآية، وقولك: (فإن جملتها تؤكد حصول التغير في القرآن) نقول: في هذا ما في الذي قبله من اللبس والتلبيس؛ فالتغيير الذي تدل عليه الآيات هو من قِبَل الله الذي أنزل القرآن، فهو بمشيئة الله وعلمه وحكمته ولا يكون إلا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) التغيير قد انقطع بموته صلى الله عليه وسلم لانقطاع الوحي، وأما التغيير الباطل فهو ما يحصل من فعل الناس عمدا أو خطأ، وهذا ما وعد الله بحفظ كتابه منه، وعصم منه هذه الأمة أن تُجمع على شيء منه، وقد أجمعت الأمة على هذا القرآن المكتوب في مصاحف المسلمين المحفوظ في صدور الحافظين المتلوِّ في المحاريب بألسن القارئين، وأجمعوا على سلامته من التحريف والتغيير والتبديل، كما أجمعوا على كفر من ادعى ذلك في القرآن، و أنه مرتد وإن زعم أنه مسلم.

وقول هذا المشكك في سلامة القرآن: (وإن ذلك حدث بعلم الله ومشيئته) هو من جملة التمويه على القارئ؛ فإن كل ما يحدث في الوجود من خير وشر وحق وباطل هو بعلم الله ومشيئته، فهي كلمة حق أريد بها باطل.

وبعد ما تقدم أقول: يجب الحذر من صاحب هذا الكلام المسؤول عنه، فإنه ماهر في التمويه ومخادعة القارئ في نفث فكره العفن مما أدى إلى اغترار كثير من الأغرار بكلامه وكتبه، وفرح به من يوافقه على فكره، نسأل الله أن يقينا والمسلمين شر المفسدين والملحدين، وأن يمن علينا بالثبات والبصيرة في الدين، كما ندعو هذا الرجل إلى التوبة إلى الله قبل أن يدركه الموت، وأن يعلن إيمانه بسلامة القرآن من التغيير والتبديل، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

متعلم أمازيغي
08-05-2010, 12:42 AM
سأقوم إن شاء الله بالرد على ما جئتم به.
ما يتعلق بحذف العبارة "الرد على التكفيريين"،فأجزم لك أني لم أقصد هذا الشيخ،و إنما قصدت أولئك الذين "زفوا بشرى هلاكه"،و هؤلاء لا شك أن فكرهم خوارجي خطير،و مادمت أقصد هؤلاء فلا مبرر لطلبك لي بحذف العبارة.
أما أني أصم كل من نقد الجابري بالتكفيري،فهذا استنتاج باطل،بل إني أحترم طه عبد الرحمن الذي نقد الجابري في كتابه "تجديد المنهج في تقوبم التراث"،لكني لا أحب التكفيريين أصحاب الفكر المتطرف و اللغة المتخشبة التي تصيبني بالتقزز و القرف.
دمت طيبا يا عزيزي.:emrose:

عمر الأنصاري
08-05-2010, 04:51 PM
بما أنك كتبت مقالك ردا على التكفيريين إذا فلا حاجة لإكمال الحوار فلستُ مقصودا به، وسأكتفي بمشاركتي الأخيرتين كبيان لحقيقة الرجل وحقيقة قوله بتحريف القرآن إما جهلا أو عمدا
ولمن أراد التأكد فليرجع لكتابه الموسوم "مدخل إلى القرآن من الصفحة 230 إلى صفجة 232 حيث ضمن فيها خلاصة رأيه في تحريف القرآن

بالتوفيق
والسلام عليكم :emrose:

متعلم أمازيغي
08-05-2010, 09:00 PM
الأخ أبو عمر لعلك لا تشك أني لم أقصدك :):
ربما هنا شخص اسمه خالد ذكرها صراحة بأن الجابري كافر،و قد قام أحد الإخوة المشرفين مشكورا بحذف ما تفتق عن هذا الفكر المتطرف.

نعم أخي لك أن تكتفي بردين فقط،و أنا كذلك سأرد على ما جئت به ثم أغلق الموضوع.


ما بال أقوال يُنافحون عن أهل الباطل ويُتعبوننا معهم في الرد ليس فقط على أهل الباطل، بل على الباطل الذي دافعوا به عن أهل الباطل

عبارة خطابية فضفاضة استهل بها أخي أبو عمر رده،و تضم اتهامين مجانيين
1- أن كل ما قاله الراحل باطل،و هذا القول خطير جدا،لأنه وصف للحق -الذي جاء به- و إن كان نزرا يسيرا بالباطل.
2- أني أدافع على الباطل و بالباطل،و هذا الكلام أدنى ما يقال عنه،فيه محاكمة للنوايا غير محمودة،و لا هي تفيد في حوارنا.


أما والله لو علم كُل امرئ قدر نفسه وتكلم في فنه لقل الاختلاف، ولو علم الجابري قدر نفسه وترك عنه القرآن وأهله والإسلام وعلومه لكان أفضل له

لماذا نريد احتكار الانتساب إلى التراث؟ أن نقوم بشؤوننا الداخلية خير من أين يأتي جيراننا ليقوموا علينا،و الجابري كمفكر مسلم من حقه أن يتناول ما يثار من قضايا تمس عقيدتنا.
و أكثر من دافع على الإسلام و كان على الواجهة من غير الفقهاء و المحدثين حتما،بل من الفلاسفة و المفكرين،و في القديم كانوا من علماء الكلام،هم الذين ردوا على المانويين و الزرادشتيين و النصارى،أما الفقهاء فلا نجد لهم اهتماما كبيرا بالدفاع عن الإسلام،اللهم قلة قليلة جدا،بل هم يكتفون باجترار ما قاله الأولون،و العلم عندهم حفظ المتون و الفتاوى،و لا يعملون حتى على الاجتهاد في تخصصهم ليضيفوا شيئا للخزانة الفقهية.

ثم أقولها مرة أخرى،الفيلسوف لا يؤمن بالخطوط الوهمية الحمراء التي يرسمها العامة في لاشعورهم الفكري،الفيلسوف لا يختص في شئ لكنه يهتم بكل شئ و يعرف كل شئ،و ليس غريبا أن نجد تفسيم الفلسفة قديما إلى رياضيات و طبيعيات و إلهيات،و في عصرنا الحديث رغم أن الكثير من العلوم الحديثة انفصلت عن الفلسفة غير أنها طاردتها في عقر دارها.

لذا فالحكم على الجابري بأنه متمكن من التراث أو لا،لا بد أن يمر بمرحلة تمهيدية و هي الاطلاع على ما سطرته أنامله،أما اطلاق الكلام على العواهن فلا يفيد في شئ.


أما بقيت الأقوال والاقتباسات فبعيدة جدا عن أصل الموضوع الذي تُنافح عنه

أخطأت أخي،فأنا أوجه خطابا لشريحة متقوقعة على نفسها، تؤمن بمنطق إما.. و إما.. فإذا خرجت عن نطاقها الضيق،فأنت مبتدع خبيث ماكر تريد هدم التراث و نشر فتن و تزييف الحقائق..إلخ

لذا يهمنا أن نعرف الخلفيات التي انطلق منها المفكر عند تناوله للتراث،هل كان مجرد فضول؟ أم أن منهجه الذي وعد به حتم عليه الوقوف عند النص القرآني كنواة للتراث؟

كما أن هذا المقال كان ردا على أحد الاخوة المتحاملين عليّ ،طبعا هي إشارات لا يفهمها إلا صاحب المقال.

بخصوص ما نقلته عن الشيخ البراك، فأقول أنه -مع احترامي له- تعامل بانتقائية مكشوفة،و كان من أصحاب "ويل للمصلين" و "لا تقربوا الصلاة" في نقده هذا للجابري.

استشهادك بقوله :


ومن الجائز أن تحدث أخطاء جين جمعه، زمن عثمان ... وقد وقع تدارك بعض النقص كما ذُكر في مصادرنا

هذه العبارة إنما توصل إليها الجابري من خلال قراءته للقرآن نفسه و ليس بالاعتماد على المعطيات التاريخية أو الأحاديث التي توحي بسقوط بعض الآيات أو حتى السور من القرآن الكريم،لذلك نجد الجابري يقول مباشرة بعد هذه العبارة : "و هذا لا يتعارض مع قوله تعالى "إنا نحن نزلنا الذكر و إنما له لحافظون" فالقرآن نفسه ينص على إمكانية النسيان و التبديل و الحذف و النسخ.قال تعالى مخاطبا رسوله الكريم : "سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله"... و قال "ما ننسخ من آية أو ننسها نأتِ بخير منها أو مثلها""

و عد إلى استطرادات الجزء الثالث من تفسيره ستجد موقفه من النسخ.

هذه العبارة هي كل عمدتهم في طعنهم السلبي،و أرى أنها شبهة واهية،و هذا الكلام موجه كذلك إلى من يكفرون الحق ممن يتبعون متشابه الكلام من الملاحدة و اللادينيين و الشيعة و النصارى،أولئك الذين وجدوا في الأسلوب العلمي للجابري مادة دسمة لتعزيز آرائهم، طبعا لأن الذي يخدم إيديولوجيته يطرح أسئلة لأجوبة جاهزة،فهي أسئلة مفتعلة ليس إلا، و هذه طريقة بائسة تخل بالأمانة العلمية .