المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الخلط بين المقدمات التصورية والتصديقية عند الملحدين!



laith43d
08-07-2010, 02:50 PM
الإدراك الإنساني ينطوي على مقدمتين لا ثالث لهما، التصور والتصديق.

التصور: هو الملاحظة وتكوين صورة ذهنية عن واقع موضوعي.

التصديق: هو الحكم والربط بين التصورات. أي هو الإدراك المنطوي على حكم.

التصور هو ما يشمل الحس، فالحس هو الرافد الرئيسي للتصور، فنحن نكون في أذهاننا صورا عن واقع موضوعي باستخدام حاسة من حواسنا.

المرحلة العقلية أو التخيلية، هي مرحلة لاحقة للتصور، فنحن إنما نقوم بعمليات عديدة تطال التصورات والصور الذهنية الموجودة في الذاكرة لتوليد الكثير من أحكامنا وإيجاد الكثير من الأشياء الغير موجودة سابقا.

مرحلة التصديق تحتوي على إمكانية انتزاع مفاهيم جزئية من التصورات، وهو ما يعرف بالتخيل، ويوجد مرحلة أعلى وأعمق منها وهي مرحلة انتزاع المفاهيم الكلية والتي تعرف بالتعقل.

المفاهيم الجزئية هي ما تشمل مثلا الأفراد، أو عناصر معينة، فهي يمكن تمثيلها بعناصر المجموعة، أما المفاهيم الكلية وهي من مختصات العقل، تشمل مثلا المفهوم "إنسان"، فإن مفهوم الإنسان ليس مفهوما جزئيا ينطبق على فرد من النوع الإنساني، بل هو مفهوم عام ينطبق على جميع أفراد البشر، وبالتالي فإنه مفهوم كلي، وهو ما يمكن تشبيهه بالمجموعة نفسها الشاملة لجميع العناصر بداخلها.

هنا نعرف أمرين مهمين، الأمر الأول هو: ليس بإمكان الحس والتجربة أن تنتج مفاهيم كلية، فإن العقل هو المرحلة اللاحقة وهي التي تولد هذه المفاهيم، وهذه المفاهيم إنما تتولد بعد أن أمكن للإنسان أن ينتزع التصورات من خلال مشاهداته وتجاربه الحسية، من المفاهيم الكلية الأساسية مفهوم التعميم، فلا يمكن إطلاق تعميم بدون تدخل العقل، فالحس لا يقع إلا على المفاهيم الجزئية.

الأمر الثاني هو: العقل الذي يقوم بتكوين هذه المفاهيم الكلية لايمكن أن يكون ماديا، إذ أن المادي هو حسي بطبعه، وبالتالي فإنه يخضع لقوانين المادة، وكما قلنا بأن الأمر المادي لا يمكن أن يولد مفاهيم كلية، بالتالي فإن العقل لابد أن يكون مجردا حتى يتمكن من توليد هذه المفاهيم، مرحلة التخيل هي مرحلة متوسطة بين العقل والحس، وهي التي تدرك المفاهيم الجزئية، مع أنها مجردة من المادة إلا أن لها خصائص المادة، وبالتالي فإن العقل بعد أن انطبعت التصورات في الخيال، بدأ يقتبس منها مفاهيم كلية تولد لديه مقدمات الحكم. مثال على التخيل، هو الحلم، فإن الحلم يمتلك خصائص المادة من طول وعرض، فالأشياء التي ترى في الحلم يمكن أن يكون لها طول وعرض وعمق و و و إلى آخره من خصائص المادة، إلا أنها ليست مادية.

إذن الخلط بين إمكان المادية الحسية أن تقوم بعملية نفي وجود الإله وعدمه، نابع من الخلط بين حدود التصور وحدود التصديق، وبالتالي فإن الملحدين بفكرهم المادي يحاولون التعدي على التصديق وحدوده وجعل الحس مجالا له، في حين استحالة ذلك.

يعني بكلمة أخرى، هم يحاولون الاستدلال بالحس لوحده على عدم وجود الله، أي يجعلون البرهان يعتمد على التصور فقط!، في حين أن قضية وجوده هي قضية لا تدخل في حيز لا البحث التجريبي ولا تطاله المادة أصلا ولهذا فإنها قضية تصديقية عقلية بامتياز، ولا يمكن الاستدلال عليها اعتمادا على الحس فقط، أو حتى المقدمات الحسية، فإنها لا تعدو كونها تصورات عن الطبيعة، وهذه التصورات لا تصلح أن تكون برهانا بنفسها، بل التصور بنفسه لا يصلح لأن يكون برهانا أو دليلا على شيء مطلقا.

ولعل التحدي الذي يواجه الملحدين من استحالة نفي وجود الله نابع من هذه الحقيقة الموضوعية، فالتجريبيون الملحدون لن يستطيعوا أن يعتمدوا على الحس في ذلك وإن تخطوه إلى إمكانية العقل، فهم لا محالة خاضعين للإثبات أو البرهان العقلي، وبالتالي فهم مجبرون على الاعتراف بتجرد العقل، وهكذا يناقضون أنفسهم بأنفسهم: "قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين" هذا التحدي الخالد..

مع التحيات
ليث

_aMiNe_
08-10-2010, 12:30 AM
مقال مفيد ..
جزاك الله خيرا أخي ليث، و مرحبا بك ..

نور الدين الدمشقي
08-10-2010, 03:45 AM
احسنت اخي موضوع متميز بالفعل. بارك الله فيك ولا تبخل علينا بمشاركاتك.

إن هم إلا يظنون
08-10-2010, 12:21 PM
جزاك الله خيرا


مشكلة أتباع ريتشارد دوكينز والغرب عامة أنهم لا يقتنعون بالأدلة العقلية ويشترطون دليل مادي حتى يصدقوا ولن يوجد دليل مادي على وجود الله أو العالم الغيبي
ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ
لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ


الأدلة العقلية مصدر للمعرفة عند العقلاء, لو قلت لك أن هذه العلبة داخلها فيل, لن تطلب مني أن أفتحها حتى ترى بعينك بل ستتأكد أنه لا يوجد فيل بدون الحاجة لدليل مادي لأنه لا يعقل أن تسع العلبة الصغيرة لفيل
وبالديل العقلي أعرف أن هناك دولة إسمها الصين ولو لم أذهب إليها من قبل, يكفيني تواتر الخبر عنها من مصادر متعددة وموثوقة

أخيرا ما هي الأدلة العقلية على وجود الله ؟
كثيرة جدا والمنتدى مليء بها مثل دليل الحدوث ودليل التواتر ودليل الحياة

http://www.eltwhed.com/vb/showpost.php?p=161079&postcount=7



http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=15213