المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإمام الواجب الطاعة في الإسلام ..[الشيخ حامد العلي]



الخياط
08-11-2005, 12:53 AM
الأمّة إن جعلت ... السلطة بيد الخائنين ، زاعمة أنها هداية الكتاب المبين ، فأيّ بقاء لها بعد هذا ، فقد تُودّع منها إلا أن يتداركها الله برحمته ،

وفيما يلي بيان الحق ، مصدوعا به بغير خفاء :



الإمام الواجب الطاعة في الإسلام

هو الذي ينصبه أهل الحل والعقد ، من أهل العلم ، وذوي الرأي والرشد ـ أو يستخلف ـ ويبايعونه على أن يكون إماما للمسلمين ، لا يفرق بينهم ، في جنس ، ولا أرض ، ولا قومية ولاقبليّة ، ولا يخضع لأحكام الكافرين ، ولا يدين لأحكامهم والقوانين ، ولا يواليهم من دون المؤمنين ، بل يقطع أيديهم العادية على أرض الإسلام وأهله ، وينـزل بهم في ديارهم رايات الجهاد ، بجيوشه وبأسه ،

وقد قال الإمام أبو يعلى الحنبلي في الأحكام السلطانية :

" ويلزم الإمام من أمور الأمّة عشرة أشياء :

أحدها : حفظ الدين على الأصول التي أجمع عليها سلف الأمة ، فإن زاغ ذو شبهة عنه ، بيّن له الحجة ، وأوضح له الصواب ، وأخذه بما يلزمه من الحقوق والحدود ، ليكون الدين محروسا من الخلل ، والأمة ممنوعة من الزلل.

[ أما مسائل الاجتهاد ( التعددية الثقافية ) ، واختلاف الآراء في السياسات ( التعددية السياسية ) فهي في حيز المباحات مادامت خارج دائرة الأصول المجمع عليها ] .

الثاني : تنفيذ الأحكام بين المتشاجرين ، وقطع الخصام بينهم ، حتى تظهر النصفة ، فلا يتعدى ظالِم ، ولا يضعف مظلوم .

الثالث : حماية البيضة ، والذب عن الحوزة ، ليتصرف الناس في المعايش ، وينتشروا في الأسفار آمنين .

الرابع : إقامة الحدود لتصان محارم الله تعالى عن الانتهاك ، وتحفظ حقوق عباده من إتلاف واستهلاك .

[ ونصب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للأخذ على يد المفسدين ، وقطع دابر المجرمين ]

الخامس : تحصين الثغور بالعدة المانعة ، والقوة الدافعة ، حتى لا تظفر الأعداء بغرة ، ينهكون بها محرما ، ويسفكون فيها دما لمسلم أو معاهد .

السادس : جهاد مَن عاند الإسلام بعد الدعوة ، حتى يسلم أو يدخل في الذمة .

السابع : جباية الفيء والصدقات على ما أوجبه الشرع نصا واجتهادا من غير عسف.

الثامن : تقدير العطاء ، وما يستحق في بيت المال من غير سرف ، ولا تقصير فيه ، ودفعه في وقت لا تقديم فيه ولا تأخير .

التاسع : استكفاء الأمناء وتقليد النصحاء فيما يفوضه إليهم من الأعمال ، ويكله إليهم من الأموال لتكون الأعمال مضبوطة ، والأموال محفوظة .

العاشر : أن يباشر بنفسه مشارفة الأمور ، وتصفح الأحوال ، ليهتم بسياسة الأمة وحراسة الملة ، ولا يعول على تفويض تشاغلا بلذة أو عبادة ، فقد يخون الأمين ويغش الناصح ، وقد قال تعالى ( يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى ) فلم يقتصر سبحانه على التفويض دون المباشرة ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " كلكم راع وكلكم مسوؤل عن رعيته " .

وإذا قام الإمام بحقوق الأمة ، وجب عليه حقان : لطاعة ، والنصرة ، ما لَم يوجد من جهته ، ما يخرج به عن الإمامة "

وتأمل قوله " إذا قام الإمام بحقوق الأمة وجب عليه حقان ، الطاعة ، والنصرة ما لَم يوجد من جهته ما يخرج به عن الإمامة "

فطاعة السلطة ، ليست مطلقة ، بل هي بعد قيامها بحقوق الأمة , فالأمة هي الأصل ، فالسلطة منها وإليها ، والإمام نائب أو وكيل عنها ، إن أدى إليها حقها ، وإلا فليس له حقوق ، ولا كرامة له ولا نعمة عين بعد تضييع حقوق الأمة ، وأعظم حقها صيانة دينها ، وحمل أمانة رسالتها الإسلامية في داخلها ، وإلى خارجها .

وقد وضع القرآن العظيم أصل البيعة الشرعية التي يصير بها الإمام ولي أمر المسلمين ، وهي قوله تعالى : ( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا ) .

فوليّ الأمر ، هو الذي إن تنازعنا وإياه في شيء ، رد إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، لا إلى سلطان شريعة كافرة ، ولا إلى هيئة دولية مارقة ، ولا إلى سياسة جائرة .

هذا نص الكتاب العزيز ، فمن حاد عنه ، فإنما هو في شقاق ، عافنا الله وإياكم من مرض القلب والنفاق.

والله أعلم , وهو حسبنا ونعم الوكيل ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .


حامد بن عبد الله العلي


http://www.h-alali.net/npage/index.php