المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بعض أسرار الحكمة



مستفيد..
08-28-2010, 03:49 PM
يقول أبي حامد الغزالي رحمه الله في وصف العين :
وانظر إلى هيئة الأشفار التي تحيط بها وما خلق فيها من سرعة الحركة لتقي العين مما يصل إليها مما يُؤذيها من غبار وغيره فكانت الأشفار بمنزلة باب يُفتح وقت الحاجة ويغلق في غير وقتها ولما كان المقصود من الأشفار جمال العين والوجه جعل شعرها على قدر لا يزيد زيادة تضر بالعين ولا يتقص نقصا يضر بها وخلق في مائها ملوحة لتقطيع ما يقطع فيها وجعل أطرافها منخفضتين عن وسطهما قليلا لينصرف ما يقع في العين لأحد الجانبين وجعل الحاجبين جمالا للوجه وسترا للوجه وشعرهما يشبه الأهداب في عدم الزيادة المشوهة.

ثم انظر إلى اللسان وما في ذلك من الحكم فجعل الشفتين سترا للفم كأنهما باب يغلق وقت ارتفاع الحاجة إلى فتحه وهو ستر على اللثة والأسنان مفيد للجمال فلولاهما لتشوهت الخلقة وهما معينان على الكلام واللسان للنطق والتعبير عما في ضمير الإنسان وتقليب الطعام والقائه تحت الأضراس حتى يستحكم مضغه ويسهل ابتلاعه

ثم جعل الأسنان أعدادا متفرقة ولم تكن عظما واحدا فإن أصاب بعضها ثلم انتفع بالباقي وجمع فيها بين النفع والجمال

ثم انظر كيف رفع الأنف في وسط الوجه فأحسن شكله وفتح منخريه وجعل فيه حاسة الشم ليستدل باستنشاقه روائح مطامعه ومشاربه ليتنعم بالروائح العطرة ويجتنب الخبائث القذرة وليستنشق أيضا روح الحياة غذاء لقلبه وترويحا لحرارة باطنه ثم خلق الحنجرة وهيأها لخروج الأصوات ودور اللسان في الحركات والتقطيعات فيقطع الصوت في مجاري مختلفة تختلف بها الحروف ليتسع طريق النطق وجعل الحنجرة مختلفة الأشكال في الضيق والسعة والخشونة والملاسة وصلابة الجوهر ورخاوته والطول والقصر حتى اختلفت بسبب ذلك الأصوات فلم يتشابه صوتان.
كما خلق بين كل صورتين اختلافا فلم تشتبه صورتان بل يظهر بين كل صورتين فرقان حتى يميز السامع بعض الناس عن بعض بمجرد الصوت وكذلك يظهر بين كل شخصين فرقان وذلك لسر التعارف فإن الله تعالى لما خلق آدم وحواء خالف بين صورتيهما فخلق منها خلقا جعله مخالفا لخلق أبيه وأمه ثم توالى الخلق كذلك لسر التعارف.

ثم انظر لخلق اليدين وهداهما لجلب المقاصد ودفع المضار وكيف عرض الكف وقسم الأصابع الخمس وقسم الأصابع بأنامل وجعل الأربعة في جانب والإبهام في جانب فيدور الإبهام على الجميع فلو اجتمع الأولون والآخرون على أن يستطيعوا بدقيق الفكر وجها آخر من وضع الأصابع سوى ما وضعت عليه من بعد الإبهام عن الأربعة في الطول وترتيبها في صف واحد لم يقدروا على ذلك ولهذا الوضع صلح القبض والإعطاء فإن بسطها كانت طبقا يضع عليه ما يريد وإن جمعها كانت آلة يضرب بها وإن ضمها ضما غير تام كانت مغرفة له وإن بسطها وضم أصابعه كانت مجرفة ثم خلق الأظفار على رؤوسها زينة للانامل وعمادا لها من ورائها حتى لا تضعف ويلتقط بها الأشياء الدقيقة التي لا تتناولها الأنامل لولاها وليحك بها جسمه عند الحاجة إلى ذلك .

ثم فكر في الأعضاء التي خلقت أفرادا وأزواجا وما في ذلك من الحكمة والصواب فالرأس مما خلق فردا كثيرا من الحواس قد حوتها رأس واحدة ولو زاد عليه شيء كان ثقلا لا يحتاج إليه فإن كان قسمين فإن تكلم أحدهما بقي الآخر معطلا لا حاجة إليه وإن تكلم منهما جميعا بكلام واحد كان أحدهما فضلة لا يحتاج إليها وإن تكلم من احدهما بخلاف ما تكلم به من الآخر لم يدر السامع مراده من ذلك وإنما الذي يأخذ به السامع هو ما كان واضحا واليدان خلقتا ازواجا ولم يكن للإنسان خير في أن يكون بيد واحدة لاختلال ما يعالجه من الأمور فإنك ترى من شلت إحدى يديه ما يكون عنده من النقص وإن يكلف بشيء لم يحكمه ولا يبلغ ما يبلغ صاحب اليدين وحكمة الرجلين ظاهرة.

ثم يقول رحمه الله :

وكان من بليغ الحكمة وحسن التدبير وقوفها على هذا الحد المدبر رحمة من الله ورفقا بخلقه فإذا وجدت هذا كله صنعة الله تعالى من قطرة ماء فما ظنك بصنعته في ملكوت السماوات والأرض وشمسها وقمرها وكواكبها وحكمته في أقدارها وأشكالها وعدادها وأوضاعها واجتماع بعضها وافتراق بعضها واختلاف صورها وتفاوت مشارقها ومغاربها فلا تظن أن ذرة في السماوات والأرض وسائر عالم الله ينفك عن حكمة بل ذلك مشتمل على عجائب وحكم لا يحيط بجميعها إلا الله سبحانه وتعالى ألم تسمع قوله سبحانه وتعالى {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا}

وكل ذلك شواهد متظاهرة ودلائل متضافرة وآيات ناطقة بلسان حالها مفصحة عن جلال بارئها معربة عن كمال قدرته وعجائب حكمته قائلة أما ترى تصويري وتركيبي وصفائي زمنا واختلاف حالي وكثرة فوائدي أيظن ذو لب سليم وعقل رصين أني تكونت بنفسي أو أبدعني أحد من جنسي بل ذلك صنع القادر القهار العزيز الجبار

من كتاب أسرار الحكمة في مخلوقات الله

مستفيد..
11-05-2014, 06:17 PM
(( ثم تأمل الحكمة البالغة في تنميتك وكثرة أجزائك من غير تفكيك ولا تفصيل ولو أن صائغا أخذ تمثالا من ذهب أو فضة أو نحاس فأراد أن يجعله أكبر مما هو هل كان يمكنه ذلك إلا بعد أن يكسره ويصوغه صياغة أخرى والرب تعالى ينمي جسم الطفل وأعضاءه الظاهرة والباطنة وجميع أجزائه وهو باق ثابت على شكله وهيئته لا يتزايل ولا ينفك ولا ينقص وأعجب من هذا كله تصويره في الرحم حيث لاتراه العيون ولا تلمسه الأيدي ولا تصل اليه الآلات فيخرج بشرا سويا مستوفيا لكل ما فيه مصلحته وقوامه من عضو وحاسة وآلة من الأحشاء والجوارح والحوامل والاعصاب والرباطات والأغشية والعظام المختلفة الشكل والقدر والمنفعة والموضع الى غير ذلك من اللحم والشحم والمخ وما في ذلك من دقيق التركيب ولطيف الخلقة وخفي الحكمة وبديع الصنعة كل هذا صنع الله أحسن الخالقين في قطرة من ماء مهين وما كرر عليك في كتابه مبدأ خلقك وإعادته ودعاك الى التفكير فيه إلا لما بك من العبرة والمعرفة ))

(( وانظر الى الحواس التي منها تشرف على الأشياء كيف جعلها الله في الرأس كالمصابيح فوق المنارة لتتمكن بها من مطالعة الأشياء ولم تجعل في الأعضاء التي تمتهن كاليدين والرجلين فتتعرض للآفات بمباشرة الأعمال والحركات ولا جعلها في الأعضاء التي في وسط البدن كالبطن والظهر فيعسر عليك التلفت والإطلاع على الأشياء فلما لم يكن لها في شيء من هذه الأعضاء موضع كان الرأس أليق المواضع بها وأجملها فالرأس صومعة الحواس ثم تأمل الحكمة في أن جعل الحواس خمسا في مقابلة المحسوسات الخمس ليلقى خمسا بخمس كي لا يبقى شيء من المحسوسات لا يناله بحاسة فجعل البصر في مقابلة المبصرات والسمع في مقابلة الأصوات والشم في مقابلة أنواع الروائح المختلفات والذوق في مقابلة الكيفيات المذوقات واللمس في مقابلة الملموسات....ثم أعينت هذه الحواس بمخلوقات أخر منفصلة عنها تكون واسطة في إحساسها فأعينت حاسة البصر بالضياء والشعاع فلولاه لم ينتفع الناظر ببصره فلو منع الضياء والشعاع لم تنفع العين شيئا وأعينت حاسة السمع بالهواء يحمل الأصوات في الجو ثم يلقيها الى الأذن فتحويه ثم تقلبه الى القوة السامعة ولولا الهواء لم يسمع الرجل شيئا وأعينت حاسة الشم بالنسيم اللطيف يحمل الرائحة ثم يؤديها إليها فتدركها فلولا هو لم تشم شيئا وأعينت حاسة الذوق بالريق المتحلل في الفم تدرك القوة الذائقة به طعوم الأشياء ولهذا لم يكن له طعم لا حلو ولا حامض ولا مالح ولا حريف لأنه كان يحيل تلك الطعوم إلى طعمه ولا يحصل به مقصوده وأعينت حاسة اللمس بقوة جعلها الله فيها تدرك بها الملموسات ولم تحتج إلى شيء من خارج بخلاف غيرها من الحواس بل تدرك الملموسات بلا واسطة بينها وبينها لأنها إنما تدركها بالاجتماع والملامسة فلم تحتج الى واسطة ))

(( من أين للطبيعة هذا الإختلاف والفرق الحاصل في النوع الإنساني بين صورهم فقل أن يرى إثنان متشابهان من كل وجه وذلك من أندر ما في العالم بخلاف أصناف الحيوان كالنعم والوحوش والطير وسائر الدواب فإنك ترى السرب من الظباء والثلة من الغنم والذود من الإبل والصوار من البقر تتشابه حتى لا يفرق بين واحد منهما وبين الآخر إلا بعد طول تأمل أو بعلامة ظاهرة والناس مختلفة صورهم وخلقتهم فلا يكاد اثنان منهم يجتمعان في صفة واحدة وخلقة واحدة بل ولا صوت واحد وحنجرة واحدة والحكمة البالغة في ذلك أن الناس يحتاجون الى أن يتعارفوا بأعينهم وحلاهم لما يجرى بينهم من المعاملات فلولا الفرق والإختلاف في الصور لفسدت أحوالهم وتشت نظامهم ولم يعرف الشاهد من المشهود عليه ولا المدين من رب الدين ولا البائع من المشتري ولا كان الرجل يعرف عرسه من غيرها للإختلاط ولا هي تعرف بعلها من غيره وفي ذلك أعظم الفساد والخلل فمن الذي ميز بين حلاهم وصورهم وأصواتهم وفرق بينها بفروق لا تنالها العبارة ولا يدركها الوصف فسل المعطل أهذا فعل الطبيعة وهل في الطبيعة اقتضاء هذا الاختلاف والإفتراق في النوع وأين قول الطبائعيين أن فعلها متشابه لاأنها واحدة في نفسها لا تفعل بإرادة ولا مشيئة فلا يمكن اختلاف أفعالها فكيف يجمع المعطل بين هذا وهذا فإنها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور وربما وقع في النوع الإنساني تشابه بين اثنين لا يكاد معاملتهما وتشتد الحاجة الى تمييز المستحق منهما والمؤاخذ بذنبه ومن عليه الحق وإذا كان هذا يعرض في التشابه في الأسماء كثيرا ويلقى الشاهد والحاكم من ذلك ما يلقى فما الظن لو وضع التشابه في الخلقة والصورة ولما كان الحيوان البهيم والطير والوحوش لا يضرها هذا التشابه شيئا لم تدع الحكمة الى الفرق بين كل زوجين منها فتبارك الله أحسن الخالقين الذي وسعت حكمته كل شيء ))

من كتاب مفتاح دار السعادة

د. هشام عزمي
11-05-2014, 11:18 PM
لو شرعت في هذا ستحتاج لنقل كتاب (مفتاح دار السعادة) كله :)

مستفيد..
11-06-2014, 01:33 PM
لو لا الخوف من الإطالة يا دكتور لنقلتُه كله..أردناها عينة من باب ما قل ودل :):

مستفيد..
11-06-2014, 02:05 PM
(( وذكر (ويتكر شامبرز) في كتابه (الشهادة) Witness حادثا كان من الممكن أن يصبح نقطة تحول في حياته. ذكر أنه بينما كان ينظر إلى ابنته الصغيرة استلفتت أذناها نظره فأخذ يفكر في أنه من المستحيل أن يوجد شيء معقد ودقيق كهذه الأذن بمحض اتفاق بل لابد من أنه وجد نتيجة إرادة مدبرة. لكن (ويتكر شامبرز) طرد هذه الوسوسة عن قلبه حتى لا يضطر أن يؤمن –منطقيا- بالذات التي أرادت فدبرت ، لأن ذهنه لم يكن على استعداد لتقبل هذه الفكرة الأخيرة. ))

(( إننا نتحير إذا رأينا النظام المعقد لأسلاك التليفون و نتحير إذا وجدنا أن مكالمة من لندن إلى ملبورن باستراليا تتم في بضع ثوان ؛ فإذا كان تعقيد نظام أسلاك التليفون يوقعنا في هذه الحيرة فما بالنا بنظامنا العصبي وهو أوسع من هذا النظام وأشد تعقيدا؟ ! إن ملايين الأخبار تجري على أسلاك نظامنا العصبي من جانب إلى آخر ليل نهار. وهذه الأخبار التي توجه القلب في تدفقها وفي حركتها وتتحكم في حركات الأعضاء المختلفة وتتحكم في الحركات الرئوية. ولو لم يكن هذا النظام موجودا في أجسامنا لصارت الأجسام تلفيقا لأشياء مبعثرة تسلك كل منها مسلكها الخاص.
ومركز هذا النظام للمواصلات مع مخ الإنسان ، وفي هذا المخ يوجد ألف مليون خلية عصبية ومن كل هذه الخلايا تخرج أسلاك تنتشر في سائر الجسم وتسمى هذه الأسلاك (الأنسجة العصبية) وفي هذه الأنسجة يجري نظام استقبال وإرسال للأخبار بسرعة سبعين ميلا في الساعة. وبوساطة هذه الأنسجة نتذوق ، ونسمع ، ونرى ، ونباشر سائر أعمالنا ؛ بل إن هنالك ثلاثة آلاف من الشعيرات المتذوقة وتسمى Taste Buds . ولكل منها سلك عصبي خاص متصل بالمخ. وبوساطة هذه الشعيرات يحس بالمذاقات المختلفة. وتوجد في الأذن عشرة آلاف خلية سمعية. ومن خلال نظام معقد يسري من هذه الخلايا يسمع مخنا. وفي كل عين مائة وثلاثون مليونا من الخلايا الملتقطة للضوء Light Roceptors ، وتقوم بمهمة إرسال المجموعة التصويرية إلى المخ وهناك شبكة من الأنسجة الحسية على امتداد جلدنا فإذا قربنا إلى الجلد شيئا حارا ، فإن ثلاثين ألفا من الخلايا الملتقطة للحرارة تحس بهذه العملية وترسلها فورا إلى المخ. وإذا قربنا إلى الجلد شيئا باردا فإن ربع مليون من الخلايا التي تلتقط الأشياء الباردة تحس به وعندئذ يمتلئ المخ بأثرها ويرتعد الجسم وتتسع الشرايين الجلدية فيسرع مزيد من الدم إليها ويزودها بالحرارة وإذا أحست هذه الخلايا بحرارة شديدة فإن مخابرات الحرارة توصلها إلى الدماغ وحينئذ تفرز ثلاثة ملايين من الغدد العرقية –تلقائيا- عرقا باردا إلى خارج الجسم. ))

(( الأرض أهم عالم عرفناه إذ توجد فيها أحوال لا توجد في شيء من هذا الكون الواسع ، وهى في ضخامتها (كما تبدو لنا) لا تساوى ذرة من هذا الكون العظيم ، ولو أن حجمها كان أقل أو أكثر مما هي عليه الآن لاستحالت الحياة فوقها ، فلو أنها كانت في حجم القمر مثلا ؛ بأن كان قطرها ربع قطرها الموجود فعلا. لكانت جاذبيتها سدس جاذبيتها الحالية ، ونتيجة لذلك لا يمكن أن تمسك الماء والهواء من حولها ، كما هي الحال في القمر الذي لا يوجد فيه ماء ولا يحوطه غلاف هوائي لضعف قوة الجاذبية فيه. وانخفاض الجاذبية في الأرض إلى مستوى جاذبية القمر سيترتب عليها اشتداد البرودة ليلا حتى يتجمد كل ما فيها واشتداد الحرارة نهارا حتى يحترق كل ما عليها.وكذلك يترتب على نقص حجم الأرض إلى مستوى حجم القمر أنها لن تمسك مقدارا كبيرا من الماء. وكثرة الماء أمر ضروري لاستمرار الاعتدال الموسمي على الأرض ومن ثم أطلق أحد العلماء على هذه العملية لقب (عجلة التوازن العظيمة) Great Balance Wheel وكذلك سيرتفع الغلاف الهوائي للأرض في الفضاء ثم يتلاشى. ويتبع ذلك أن تبلغ درجة حرارة الأرض أقصى معدلها ، ثم تنخفض إلى أدنى درجاتها على ما سبق ذكره. وعلى العكس من ذلك إذا كان قطر الأرض ضعف قطرها الحالي لتضاعف جاذبيتها الحالية ، وحينئذ ينكمش غلافها الجوى-الذي هو على بعد خمسمائة ميل-إلى ما دون ذلك. وسيرتب على هذا أن يزيد تحمل كل بوصة مربعة من خمسة عشر رطلا إلى ثلاثين من الضغط الجوى وهو ضغط يؤثر أسوأ الأثر في الحياة.
ولو أن الأرض تضاعف حجمها فصارت مثل حجم الشمس مثلا لبلغت قوة الجاذبية فيها مثل جاذبيتها الحالية مائة وخمسين مرة ، ولاقترب غلافها الهوائي حتى يصير منها على بعد أربعة أميال فقط بدلا من خمسمائة ميل ، ولارتفع الضغط الجوى إلى معدل طن واحد على كل بوصة مربعة. وذلك يؤدى إلى استحالة نشأة الأجسام الحية. وهو من الناحية النظرية يعنى أن يصير وزن الحيوان الذي يزيد رطلا واحدا –تحت الكثافة الهوائية الحالية- خمسمائة رطل. كما يهبط حجم الإنسان حتى يصير في حجم فأر كبير ، ولاستحال وجود العقل في الإنسان ، لأنه لابد للعقل الإنساني من أنسجة عصبية كثيرة في الجسم ، ولا يوجد هذا النظام إلا إذا كان حجم الجسم بقدر معين.
نحن قائمون على الأرض ظاهرا ولكن الأصح أن نقول: نحن ملقون على رؤوسنا ، ولتوضيح ذلك نقول: إن الأرض مثل كرة معلقة يسكنها الإنسان فوضع الناس بعضهم بالنسبة إلى بعض على هذه الكرة ، أن سكان أمريكا سيكونون تحت سكان أهالي الهند ، وسكان الهند سيكونون تحت أقدام سكان أمريكا.
فأرضنا هذه ليست بثابتة وإنما هي تدور بسرعة مقدارها ألف ميل في الساعة ، وذلك يجعل وضعنا فوقها أشبه بحصاة وضعت على محيط عجلة تدور بسرعة ، يوشك أن تقذف بها في الفضاء ولكن الأرض لا تقذفنا ؛ بل نحن مستقرون عليها فكيف تمسكنا وهى تدور بهذه السرعة؟ ! ! . .
إن في الأرض جاذبية غير عادية وهى بهذه الجاذبية تشد كل شيء إليها فجاذبية الأرض وضغط الهواء المستمر يمسكانا فوقها بنسبة معلومة ، وهكذا صرنا مشدودين بهاتين العمليتين إلى كرة الأرض من كل ناحية.
وضغط الهواء الذي يكون على كل بوصة مربعة ما يقرب من 15 رطلا معناه: أن كل إنسان يتحمل ما يقرب من 228.40 رطلا من الضغط الجوى على جسمه ، ولكن الإنسان لا يحس بهذا الوزن ، لأن الهواء يضغطه من كل ناحية كما يحدث عندما نسبح في الماء. ثم أن الهواء-وهو علم على مركب معين من الغازات-ذو فوائد كثيرة ، لا يمكن حصرها فى كتاب. ))

(( ولو كانت قشرة الأرض أكثر سمكا بمقدار عشرة أقدام من سمكها الحالي ، لما وجد الأوكسجين، وبدونه تستحيل الحياة الحيوانية. وكذلك لو كانت البحار أعمق بضعة أقدام ، أكثر من القاع الحالي ، لانجذب (ثاني أكسيد الكربون) ، والأوكسجين ، ولاستحال وجود النباتات على الأرض ؛ فضلا عن الحياة. ))

(( يقول البروفيسور ايدوين كونكلين:
إن القول بأن الحياة وجدت نتيجة (حادث اتفاقي) شبيه في مغزاه بأن نتوقع إعداد معجم ضخم نتيجة انفجار صدفي يقع في مطبعة ))

(( ولنختم هذا البحث بقول عالم الطبيعة الأمريكي (جورج إيرل ديفيس):
لو كان يمكن للكون أن يخلق نفسه فإن معنى ذلك أنه يتمتع بأوصاف الخالق ، وفي هذه الحال سنضطر أن نؤمن الكون هو الإله. . وهكذا ننتهي إلى التسليم بوجود (الإله) ؛ ولكن إلهنا هذا سوف يكون عجيبا: إلها غيبيا وماديا في آن واحد! ! إننى أفضل حاكمه ومديره ومدبره ، بدلا من أن أتبنى مثل هذه الخزعبلات ))

من كتاب الإسلام يتحدى

مستفيد..
11-07-2014, 02:42 PM
((




إفتــــــــــــراض
أنتَ عَلى هذهِ الأرضْ..وسَطْحُ الأرض كالصحراءْ..لا نبع لا رياض ولاشجرْ! لا غيومَ لا طيورَ في السماءْ لا بِحار ولا بَشَرْ!..تختفي الحركاتُ في وجودِ الكونْ..لا نجومَ غير العُمْقِ وموتِ اللونْ..لا سهولَ أو جبالَ ولا قَمَرْ!!!
الأرضُ لا تدورْ! لا حيوانَ أو نباتَ لا زهورْ! الشمس لا شروقَ لا غروبْ..لا ثلج في الشمالِ والجنوبْ..لا غدا يأتي ولا أمس يمضي..لا رعد لا صقيعَ لا بردَ لا مطرْ!!!
هكذا مجرد إفتراضْ! لا نقاشَ لا جدالَ لا اعتراضْ! وأنتَ بين هذه الدوئرِ وحيدَ الحالْ..لا مقيمَ ولا مسافرْ! لا ثيابَ لا بيتَ لا خِبَاءْ..لا وقتَ غيرَ الشمسِ في السماءْ..تدورُ كالمسكينِ في الخلاءْ..محروم لا رياحَ لا هواءْ..لا ماءَ لا فصولَ لا شتاءْ! لا ربيعَ أو خريفْ..إلا الصيفْ..لا أمنَ غيرَ الخوفْ..لا حُبَّ لا أفراحَ لا أولادَ لا صياحْ..لا جمالَ لا حُسْنَ لا حَوَاءْ! لا ولا! غيرَ البقاءْ!
فماذا تقول إذا حدثت هذه الصدفة ؟
إن تختفي الحركات..وتبقى أنتَ رحمة الصدفة ؟
ألا تشقى ؟..وهذ البقاءْ هل يبقى ؟..وهل تحب أنتَ أن تبقى ؟
أكثر الجهلاء ضحيَّةُ الكتَّاب والعلماءْ..الباحثين عن صدفة الحركات للأحياءْ..بين الطين وصدْفَةِ تطور الأنواع وصدفةِ الوجودْ.
أتطوَّرَ الإنسانُ من سلالةِ القرودْ؟ وإن قبلنا بقرابة الأرطانِ للإنسانْ فما نقول بلُغْزِ العقلِ والوجدانْ؟..نُصدِّقُ تطور الجنين في الأرحام..وجبلةِ الأعصابِ والعظام وصدفة الأفاعي والحمامْ..ولكن ما هذه الأسرار بالأحلامْ؟..ما بَيْنَ هذا العقلِ واللسانْ؟..ما بَيْنَ هذا الصوتِ والأُذُنُيْنْ؟..ما بَيْنَ هذا الضوءِ والعَيْنَيْنْ؟..أمِنَ الطِّينِ يتفاعلُ الكَلاَمْ؟..أو يتعفَّنُ الزمانُ كَيْ ننَاَمْ؟
أَيُّ سُؤَالٍ وأي جوابْ؟ نقبل من الأَدَباءِ والكُتَّابْ..قد تعجزُ الأوراقُ والأقلام لذكرِ هذهِ الظُّنون والأوهامْ..ألاَ يَعنِي وجودَ هذهِ الأنعامْ؟ سِرَّ الحقيقةِ من دقَّةِ النِّظامْ..ما ضاعَ سِوَى قصيرَ النَّظَر ذاكَ الذِّي اغترَّ بنفسه وكفَرْ..فمِنْ أينَ هذهِ الكتبُ والمراجعْ؟..وكيفَ جاءتْ العُلومُ والمنافعْ؟..فضرورةُ الماءِ والهواءِ والشمس والغِذاء للإنسانِ والحيوانِ وَمَنْ حَضَرْ..صُدفةُ الطَّبيعة وحكمةُ التَّفاعُلِ والقَدَرْ!..ولكن ما هذهِ العِبَرْ؟ ضرورة النظام للبشَرْ؟ والأملاح للبَحْرِ والذكر للأنثى والأنثى للذَّكَرْ؟
وضروة الرحم للجنين؟ وضرورة الزَّمان للأيام والسنين؟ ))

(( ألا يرى الإنسان الطائرة..القطار..الإنسان الآلي..أيسطيع الصانع أن يعطيه الشعور..العاطفة..الضمير..المتعة..الحب..الروح. فإذا استطاع الإنسان أن يحصل على هذه النعم من الطين والمادة عليه ان يقول أن الحقيقة هي المادة فقط ولا حقيقة غير المادة..وإلا فعليه ان يتأدب وأن لا ينصِّب نفسه عدوا لله وعدوا للبشرية وعدوا لنفسه ))

(( إن الإنسان الناطق يتبادر إلى ذهنه حركة الفم واللسان ..لكن قوة النطق أو مركز النطق ليس من الفم وحركة اللسان فقط..إنما في الدماغ توجد شخصية المنطق وقوة النطق كحقيقة وكشخصية مستقلة عن غيرها والتي يكتمل بها نمو المعرفة للغة المحلية والفصحى واللغان الأجنبية.
والحديث بأن الإنسان هو حيوان ناطق مجرد عبارة مطلقة وظاهرة إنسانية لا تمثل الحقيقة المميّزة بين الإنسان والحيوان..لأن الحيوان ناطق والطير ناطق أيضا..لكننا نحن لا نستطيع أن ندرك حقيقة المنطق عند الحيوان أو الطير حتى نتحدث معهم او نخاطبهم ..وأما بالنسبة للفم واللسان والشفاه والحنجرة لا يمثلون سوى أدوات تتحكم بهم قوة المنطق .....وكما أن المنطق قوة مستقلة فهي ممتنعة عن الإتصال المادي فلا يستطيع الطبيب مثلا أن يفرغ قوة من اللغة أو المنطق في عقل الإنسان أو أن يعطيه لغة أجنبية ويجعله يتحدث بها ))

(( عندما نقول تغلبت العاطفة على العقل..فهذه المقولة مركزة على الضمير وليس على العقل..لأن القضاء من شأن الضمير وليس من شأن العقل...وفي حال تغلب العقل على العاطفة فهذا إنصياع العقل لحكم الضمير لأن الضمير هو الأرفع منزلة في قضية العدالة وبذلك يكون الإنتصار للضمير على العاطفة والحقيقة أن هذا الإنتصار جاء بفضل قوة العقل..لكنَّ الإنتصار للحق ولا بد من قوة تدافع عن الحق لكي ينتصر والضمير يمثل الحق والعقل يمثل القوة التي ترفع راية الحق..وسقوط راية الحق ليس لعلة في الحق إنما لعلة في القوة المسؤولة عن إعلاء ورفع هذه الراية التي يجب ان ترتفع دائما ))

(( إن الزمان هو باب غيبي مفتوح بقدرة الخالق وحد من الحدود الغيبية الممتنعة على الإنسان والمادة أيضا..وغير قابل للإدراك أبدا..
هو الذي يحتل زمنا محددا من الزمان الوجودي الكوني ونرى بوضوح انهيار الإنسان امام الزمان وكذلك الموجود المادي..فالموت هو الذي ينهي حضور الشخصية المادية للإنسان وكذلك الولادة تؤكد بداية وقت الإحتلال والموت يؤكد نهاية وقت الإحتلال..وبما أن الزمان يحد حركة الحقيقة للجسد وليس الجسد هو الذي يحدد الموت والولادة في الزمان والمكان يؤكد قوة هذه الحقائق الغيبية وسيطرتها على المادة وليس العكس ويؤكد ان المادة هي الحقيقة الأضعف في الوجود الكوني.
وإن العلم بوجود حقيقة الزمان والمكان والموت والولادة والروح والنوم والحدس وشخصية الأصل ليست علما بمعنى الإدراك أو العلم المعروف في المواد إنما إيمانا بمعنى السمو والإعتراف بوجود الموجود الغيبي الذي يحيط ويؤثر بالموجود المادي والضروري لوجوده..ويؤكد حقيقة الكون كحقيقة منتصرة من حقيقتين حقيقة الموجود المادي والموجود الغيبي والمادة ضعيفة لأنها مدركة والغيب قوي لأنه ممتنع عن المادة ))

(( يولد المليارات المليارات من البشر بنفس النظام في الهيئة والجسد والأعضاء والأطراف والقلب والدم وكل شخصية محافظة على أصل نظام الذي يحدد لها الملامح المميزة لها عن غيرها ويفيض عليها بالمثاليات: العلم والحب ومعرفة الذات..فمصنع للطائرات (ميراج) مثلا ينتج آلاف الطائرات دون اختلاف أو تمييز سوى بالأرقام ويكون النظام مفروضا على هذا الفيض الصناعي الإنساني...ويؤكد حقيقة وجود العقل...فلماذا يحاول الفلاسفة نسبة هذا () الوجودي الذي يحتوي على أعداد لا تُحصى من الأنظمة الوجودية الدقيقة التي في نظام ومعجزة..وحتى التكوين الذاتي للإنسان يحتوي على أسرار معجزة للعقول فعجبا كيف يتطوع العلماء الماديون إلى نسبة كل هذا إلى المادة والطبيعة ولا تنسب إلى الله عز وجل

من كتاب الطالِب والمُطالَب: الإنسان بين الإيمان والإلحاد))

mouhalab
11-08-2014, 02:26 AM
وأنا أقرأ في ردك الأول ذكرتني بتأملات الأخ فامبير - توفي رحمه الله - التي كانت سببا في رجوعه للإسلام .
هنا (http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?26694-%E1%E3%C7%D0%C7-%CA%D1%DF%CA-%C7%E1%C7%E1%CD%C7%CF%BF-%CA%CC%D1%C8%E5-%D4%CE%D5%ED%E5&p=199639#post199639)

مستفيد..
11-08-2014, 11:31 AM
تأملات رائقة ماشاء الله..رحمه الله رحمة واسعة..
شكرا لك أخي mouhalab على وضع الرابط..
-----------------------------------------

(( هل النيازك هي العربة التي أرسل الله فيها الحياة إلى الأرض «Chariots of god»؟!
ألم تقل كل الأديان بالنزول والهبوط من السماء ؟!
لكن
للنيازك وظيفة تدميرية غير ودية ؟!..يقول فرانك كلوز : (( هناك وابل "توريد" السنوي..فيه أجرام يبلغ عرضها عشرة أميال والإرتطام بأجرام كهذه يمكن أن يهدد الحياة على الأرض...إننا نحتمي حتى الآن بلعبة المصادفة...أريزونا أصيبت بالامس وسيبيريا اليوم..فأين سيقع الحدث التالي ))
العلم كالدين يشير إلى النزول (نزول الحياة من السماء)..والعلم كالدين يشير إلى التدمير من السماء..))

من كتاب نقض الإلحاد

مستفيد..
11-08-2014, 02:49 PM
(( ولكن مقولة ((الله أكبر)) تجعلنا نسأل: الله أكبر ممن؟ ومن ماذا؟
وكون هذه المقولة مفتوحة النهاية أمر محيّر للوهلة الأولى..فقد نسأل: لماذا تركت مفتوحة هكذا دون إكمال؟
ولكننا لا نفهم ذلك إلا عندما نبدأ بوضع عناصر عدة في محاولة لإكمالها..فالمقولة تدعونا بل تطلب منا محاولة إكمالها. ولكن ليس من شان أي محاولات كهذه إلا الإخفاق..ذلك أن عظمة الله المطلقة لا يمكن لنا أن نطولها بمقارناتنا والقرآن الكريم يؤكد ذلك: (( ولم يكن له كفوا أحد )).
وقد نسأل: هل الله أكبر من الخلق؟..وهل الله أكبر بالرحمة والعطف والمعرفة والحكمة والحب والعدل من أكثر خلقه تراحما وعطفا وحكمة ومحبة وعدلا؟..وهل الله أكبر من أعظم قوة نستطيع تصورها؟..إن ((الله أكبر) تؤكد باستمرار أن الله أكبر وأعظم في أي مقارنة يمكن أن نفكر بها..وأكبر من أي شيء وكل شيء يمكن لنا أن ندركه..وأكبر من أي تصورات يمكن أن يتخيّلها رجال الدين..وأكبر من أي توكيدات يقول بها العقائديون..وأكبر من أي مقولات يقول بها الفلاسفة..وأكبر من أي شيء يمكن لكلمات البشر أن تصفه.
إن ((الله اكبر)) تتضمن كل شيء..لأنها تتسع لكل مديحنا وتعظيمنا..وكونها مفتوحة النهاية فهي تدعونا لكي نتخيّل..ولكنها في الوقت نفسه تصرّح بعجزنا الحقيقي عن إدراك عظمة الله..فمن منظور ((الله اكبر)) تقف جميع المخلوقات الأخرى على مستوى أرضي واحد أدنى من الله على نحو لا محدود. ))

(( الصلاة الواحدة لا تكلّف الكثير..ولكن النهوض من الفراش قبل الفجر لآداء الصلاة على وقتها كل يوم من أيام السنة سواء كان ذلك يوم عمل أو عطلة وإلى نهاية العمر لا شك يتطلب تصميما كبيرا..فجميع شعائر الإسلام تمتحن وتتحدى قوة إرادة المسلم وضبطه للنفس بطرق شتى ومن ثم تساعد على بناء هذه الخصال لديه..فالشهادة تمتحن ولاء المرء..وشهر رمضان يمتحن قدرته على السيطرة على حاجاته الجسدية والزكاة تختبر قدرته على ضبط رغباته المادية وأما الحج فإنه يمتحن بطريقة ما العناصر الثلاثة جميعا ))

((يصلي المسلمون (الجماعة) بتشكيل محكم..الكتف على الكتف والقدم على القدم وذلك عندما يقفون ويركعون ويسجدون في انسجام..فمظهر المسلمين وحسن تناسقهم في صلاة الجماعة يعتمد على وحدة حركتهم أثناء آدائهم لها..ولقد أخبرني أحد الطلبة المسلمين ذات مرة أنه لم يفهم لماذا أمر النبي صحابته بالصلاة على هذا النحو من التلامس الشديد من بعضهم البعض في الوقت الذي يجب أن يركز كل منهم كامل انتباهه على التواصل مع الله. قلت له إنه ربما أكد بسؤاله هذا موضوعا هاما في الإسلام..وهو أنه حتى في أشد حالات خشوعنا في الصلاة فإنه يتوجب علينا ألا ننسى أن علاقتنا مع الله مرتبطة بعلاقتنا مع الآخرين.
وهناك أحاديث مشهورة للنبي توصي المسلم ألا يترك فجوة بينه وبين أخيه المسلم في الصلاة كي لا يدع مكانا للشيطان يدخل بينهما..طالب مسلم آخر لم يكترث كثيرا بهذا حيث إن التَّراص في الصفوف لم يكن يعجبه..فقلت له: كيف يكون شعورك إذا صليت بجانب أخ لك مسلم يحاول ان ينأى بنفسه عنك؟..فقال إنه جرب ذلك وإنه قد شك بنوايا ذلك الرجل الذي كان بجانبه..فقلت له: تماما! ألا ترى ان ذلك يفتح بابا للريبة بينك وبين أخيك المسلم. ))

(( ويرى معظم الناس من غير المسلمين أن صوم رمضان هو أشد شعائر الإسلام قسوة..وعندما أشرح لأصدقائي من غير المسلمين هذا الركن في الإسلام غالبا ما تتمثل ردود أفعالهم على شكل أسئلة مثل: "كيف يمكن ان تفعل ذلك بنفسك؟" و "لا يمكنني القيام بذلك على الإطلاق"..ولكن يجب علي أن أعترف أن هذ كان انطباعي قبل أن أصبح مسلما....ولكن أول رمضان شهدته والذي كان خلال فصل الصيف لم يكن بتلك الصعوبة التي كنت أتخيلها..فخلال يوم أو يومين تأقلم جسمي مع تغيّرات عادة الأكل والشرب خلال رمضان..بل كنت دوما على ما يرام ما دمتُ أتبع تعليمات الصوم المعروفة التي أوصنا بها النبي من خلال أحاديثه الشريفة..ومع نهاية ذلك الشهر اكتسبت ثقة كبيرة بنفسي..فقد اكتشفت أن لدي قدرة على الإحتمال أكثر مما كنت أظن ..وأنه مع القليل من الصبر والتصميم والتوكُّل على الله فإن المهمَّة التي تبدو صعبة جدا تصبح سهلة التحقيق وممكنة دوما. ))

من كتاب حتى الملائكة تسأل: رحلة إلى الإسلام في أمريكا

مستفيد..
11-09-2014, 01:32 PM
(( العالم أعجوبة ولكننا نعتاد على هذه الأعجوبة..انظروا لزهرة الهندباء ولكن برغبة وليس بسطحية كما اعتدنا أن ننظر إلى كل ما حولنا والذي من جرائه لا نلاحظ شيئا..حمل أول وفد للحكومة الدنماركية باقة من الزهور الطازجة إلى جرينلند..كانت تلك مفاجئة كبيرة..تجمع الناس ونظروا إلى الباقة على أنها أعجوبة ورقصوا حولها وبكوا بتأثر..وكل العالم هو اعجوبة ولكننا لا نعبا بذلك..تبلدنا !! ))

(( في الوقت الذي اهتزت فيه نابولي من الضحك لعروض الممثل الكوميدي كارلينيا (Karlinija)..جاء رجل إلى طبيب مشهور في تلك المدينة للسؤال عن دواء للسوداوية المفرطة والتي أساءت إلى صحته..فنصحه الطبيب بالبحث عن تسلية والذهاب إلى عروض كارلينيا..فأجابه المريض : أنا كارلينيا !! ))

(( الصيام هو قدرة إنسانية سامية..فالإنسان والحيوان يأكلان ويتغذيان..لكن الإنسان وحده يستطيع الصيام..يتجلى في الصيام بشكل جذري الفرق بين الإنسان والحيوان..فالغذاء يتم بموجب الحاجة تبعا لبعض قوانين الطبيعة..الصيام أعلى تعبير عن الإرادة..أي فعل حرية..هذا وليس السبب الطبي هو المعنى الكبير للصيام ))

(( يقول الملحدون : الإنسان خلق الله وليس العكس..وهنا نطرح سؤالا : لماذا؟ لمذا خلقه لآلاف المرات وليس مرة واحدة وخلقه في كل مكان على الأرض؟ وليس في مكان وحد فقط؟ ))

(( سأل احد المصورين من (تولا) (وكان مدعوا للتصوير في ياسنا بولينا) تولستوي : هل الله موجود ؟..فسأله (تولستوي) إن كان رأى الميكروبات يوما تحت الميكروسكوب..إذا سألنا الميكروب هل يوجد المصور (رايفسكي من تولا) ماذا تعتقد انه سيجيب؟ ))

(( يحتال النبات بكل الطرق من أجل توزيع بذوره إلى أبعد مكان لكي يؤمن نموه واستمرره..لبذور الهندباء ما يشبه المظلة وهو مما يساعدها على الإنتقال إلى أماكن بعيدة بمساعدة الرياح على بعد مئات الأمتار..إحدى النباتات المتسلقة من فرجينيا تعقد ربطة بحرية أصيلة وهي عندم تجف تتعرض إلى جهد ميكانيكي قوي لا يحتمله النبات فتنفجر العقدة وعن طريق الإهتزاز تلقي البذور بعيدا عن النبات الأم..كيف تعرف النباتات هذه الحلول عن طريق المظلة والربطة؟..إن كل ذلك هو لعبة المصادفة العمياء التي تلائم الملحدين. ))

(( الإنسان يمكن أن يكون عتيقا مثل حذاء عتيق..ويمكن أن يكون قديما مثل مدينة قديمة أو على الأقل مثل سنديانة قديمة..يمكن للإنسان أن يهرم بهذه الطريقة الثانية..ولذلك فإن الروح ضرورية..ولكن ما هذه الروح؟..لا يمكننا الإجابة عن ذلك بشكل تقريبي ولكن هذا يذكرني بسقراط..هذا الحكيم اليوناني التراجيدي..فقد كان له وجه قبيح..وأحب الجميع هذا الوجه القبيح..وفي هذا الإطار كان مثالا للإستقامة والإحترام العام من قبل أولئك الذين عرفوه..وأكثرهم تلاميذه..يمكن هنا أن نجد جزءا من الجواب عن السؤال..ما هي الروح الإنسانية؟ ))

(( من الثابت أن الطيور المهاجرة تصطف إزاء ما يسمى بالخطوط الممغنطة أو العوصف الممغنطة التي مبعثها نشاط الشمس..ويحدث ان ترحل مبكرا لأنها تعتقد بمجيء الخريف..كيف ولماذا؟ ))

(( كيف تحافظ البشرية على التوازن بولادة الأطفال الذكور والإناث؟ ))

(( يمكن أن يبدو الأمر غريبا..لكن الشر هو الذي يعطي معنى لوجودنا..إذا لم يوجد الشر فلا يوجد الخير..وإذا لم يوجد الخير والشر فكل شيء ينحدر إلى ميكانيكا..أي إلى لا معنى....عجيب هو ارتباط الخير بالشر: هل كان سيوجد الخير لو لم يوجد الشر؟ أليس الخير هو النضال من أجل الخير؟..لم يكن لدى (ابسن) أي شيء ضد الإضطهاد..لأنه سيقول ما الذي يمكنه أن يوقظ فينا حب الحرية ؟ ))

(( ليست القضية في احترام الحياة..وإنما في احترام الموت..هذان الأمران مترابطان عدم احترام الموت هو نتيجة لعدم احترام الحياة ))

(( من الصعب أن تساعد إنسانا بدون أن تهين شرفه الإنساني..كل واحد يرغب في أن يكون هو المانح وليس ذلك الذي يأخذ ))..(تعليق : الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى.)

((لا أعرف الكثير عن الحاسوب..ولكني أقول بثقة بأن ذكاء الحاسوب غبي..أو أن الأمر يتعلق بأمن الأموال باصطناع الذكاء..وهذا الذكاء يمكن تطويره إلى ما لا نهاية ولكنه لن يتعدى تلك الحدود السحرية ولن يصبح تلقائيا وأصيلا..وفي الحقيقة فإن هذا هو الفرق الكبير..وهو الفرق بين الحي والميت..لا يمكن لإنتاج إنساني أن يتخطى هذا الإطار..وهذا ما يستطيعه الله وحده..والله لا يتردد بأن يقدم مثالا الذبابة (القرآن-سورة الحج)..إننا لا نُقَدِّر معرفتنا أحيانا..عندما تتجمع اليوم كل معارف المكتبات في العالم في حاسوب خيالي وكل كبار علماء العالم يجتمعون في معهد أو مختبر متخيل..وعندما يعطون الوقت والوسائل بقدر ما يطلبون..فإنهم لن يستطيعوا إنتاج بعوضة واحدة وحيدة أو (ذبابة)..وهذه رسالة تلك الآية القرآنية عن الذبابة ))

(( على خلاف الحيوانات وهبنا الله نحن البشر الخطو المنتصب..والكثيرون منا لا يستثمرون هذا الإمتياز : ينحنون طوال الحياة أو يقرفصون..كيف يقدرون على ذلك؟..أليس ذلك رفضا كافرا لهذه الهبة الإلهية الكبيرة : أن نسير باستقامة؟ ))

(( هل تطلعتم إلى زهرة هندباء جافة؟ كل بذرة منها يوجد بداخلها المئات في كل زهرة..وهذا نظام كامل ومعقد جدا..البذرة الأصيلة هي جزء صغير من هذا البناء المعقد..وهذا الغذاء الإحتياطي والمظلة الصغيرة أو جناح مكون في الحقيقة من أنقى وأكثر المواد فعالية في الطبيعة..وكل المعارف عن هذا العالم التي جمعها الناس من قبل التاريخ إلى الآن..إذا جمعت في مكان واحد ووضعت في خدمة هدف واحد مشابه فلن تنجح في صنع بذرة واحدة من هذه البذور..لأن فيها وفي صغرها لا يوجد ذلك النابض السري المسمى (حياة vis vitalis) وحسب..وإنما فيها تسجل الشيفرة (الكود) الخلية القادمة على هيئتها ولونها ورائحتها وكفائتها لكي تستمر..مكونة في النهاية دائرة للمرة الثانية لهذا البذور وإلى ما لا نهاية..وبالتفكير بهذ كان قلبي يخفق دائما..وكان ذلك بالنسبة لي حدثا دينيا بامتياز ))

(( في مشهد الحج يتفاعل الطموح الفطري للمساواة بين الناس وهو ما يتعذر تحقيقه تماما..ولكنها تبقى جزءا مكملا للعلم الإنساني في عالم أفضل..الحج هو نوع من اليوتوبيا لحظة هذه المساواة والأخوة الشاملة ))

(( يتهم البعض المسيحية بأنها (بيضاء زيادة عن الحد)..ولكن الإتهام ضد الإسلام مستحيل..لأن رسوله من شعب من أكثر الشعوب سوادا بين البيض..وأكثر الشعوب بياضا بين السود ))

(( الطبيعة هي صيدلية كبرى ))

من كتاب هروبي إلى الحرية

مستفيد..
11-11-2014, 06:49 PM
بعض أسرار متشابه لقرآن:

(( - قوله تعالى في آل عمران: ( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )
قوله: ( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ ) ثم كرر في هذه الآية فقال: ( لا إله إلا هو ) لأن الأول جرى مجرى الشهادة وأعاده ليجري الثاني مجرى الحكم بصحة ما شهد به الشهود.

- قوله تعالى في الشورى: ( إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ 42 وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ 43 )
وقوله تعالى في لقمان: ( يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ )
قوله ( إن ذلك لمن عزم الأمور ) في الشورى وفي لقمان ( إن ذلك من عزم الأمور )..لأن الصبر على وجهين : صبر على مكروه ينال الإنسان ظلما كمن قُتل بعض أعزته..وصبر على مكروه ينال الإنسان ليس بظلم كما مات بعض أعزته..والعزم عليه أوكد وكان ما في هذه السورة (الشورى) من جنس الأول وفي لقمان من الجنس الثاني فلم يؤكده.

- قوله تعالى في الزخرف: (ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون ) وفي الجاثية: (وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ۚ وَمَا لَهُمْ بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ )
لأن ما في الزخرف متصل بقوله (وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا ) والمعنى أنهم قالوا: الملائكة بنات الله والله قد شاء منا عبادتنا إياهم..وهذا جهل منهم وكذب فقال سبحانه: ( ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون ) أي: يكذبون.
وفي الجاثية خلطوا الصدق بالكذب..فإن قولهم ( نموت ونحيا )صدق..فإن المعنى: يموت السلف ويحي الخلف وهي كذلك إلى أن تقوم الساعة. وكذبوا في إنكارهم البعث وقولهم: ( ما يهلكنا إلا الدهر ) ولهذا قال: (إن هم إلا يظنون ) أي : شاكون فيما يقولون.

- قوله تعالى في الزخرف: ( بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ (22) وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ(23) )
خص الأول بالإهتداء لأن كلام العرب في محاجتهم رسول الله وادعائهم أن آبائهم كانوا مهتدين..فنحن مهتدون.. ولهذا قال في الآية 24 (قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ )..والثانية حكاية عمن كان قبلهم من الكفار وادعوا الإقتداء بالآباء دون الإهتداء فاقتضت كل آية ما ختمت به.

- قوله تعالى في النجم ( إن يتبعون إلا الظن ) 23 وبعده ( إن يتبعون إلا الظن ) 28 . ليس بتكرار..لأن الأول متصل بعبادتهم اللات والعزى ومناة..والثاني : بعبادتهم الملائكة..ثم ذم الظن فقال : ( وإن الظن لا يغني من الحق شيئا ).

- قوله تعالى: ( فبأي آلاء ربكما تكذبان ) سورة الرحمن
كرر الآية إحدى وثلاثين مرة..ثمانية منها ذكرت عقيب آيات فيها تعداد عجائب خلق الله وبديع صنعه ومبدأ الخلق ومعادهم..ثم سبعة منها عقيب آيات فيها ذكر النار وشدائدها على عدد أبواب جهنم. وحسن ذكر الآلاء عقيبها لأن في صرفها ودفعها نعما توازي النعم المذكورة أو لأنها حلت بالأعداء وذلك يعد أكبر النعماء.
وبعد هذه السبعة ثمانية في وصف الجنان وأهلها على عدد أبواب الجنة. ثمانية أخرى بعدها للجنتين اللتين دونهما..فمن اعتقد الثمانية الأولى وعمل بموجبها استحق كلتا الثمانيتين من الله ووقاه السبعة السابقة. والله تعالى أعلم.

- في سورة الحاقة قوله تعالى: ( فأما من أوتي كتابه بيمينه ) بالفاء وبعده : ( وأما من أوتي كتابه بشماله ) بالواو..لأن الأول متصل بأحوال القيامة وأهوالها فاقتضى الفاء للتعقيب..والثاني متصل بالأول فأدخل الواو لأنه للجمع.

- في قوله تعالى: ( وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون * ولا بقول كاهن قليلا ما تذكَّرون ). خص ذكر الشعر بقوله ( ما تؤمنون ) لأن من قال: القرآن شعر ومحمد شاعر..بعد ما علم اختلاف آيات القرآن في الطول والقصر واختلاف حروفه ومقاطعه..فلكفره وقلة إيمانه. فإن الشعر : كلام موزون مقفى.
وخص ذكر الكهانة بقوله: ( ما تذكرون ) لأن من ذهب إلى أن القرآن كهانة وأن محمد كاهن فهو ذاهل عن كلام الكهان..فإنه أسجاع لا معني تحتها وأوضاع تنبو الطباع تحتها ولا يكون في كلامهم ذكر لله تعالى.

-قوله في سورة نوح: ( ولا تزد الظالمين إلا ضلالا ) وبعده ( ولا تزد الظالمين إلا تبارا )..لأن الأول وقع بعد قوله: ( وقد أضلوا كثيرا ) والثاني بعد قوله: ( لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ) فذكر في كل مكان ما اقتضاه معناه.

- قوله في سورة الإنسان: ( ويطاف عليهم ) وبعده ( ويطوف عليهم ) إنما ذكر الأول بلفظ المجهول لأن المقصود ما يطاف به لا الطائفون..ولهذا قال ( بآنية من فضة )..ثم ذكر الطائفين فقال ( ويطوف عليهم ولدان مخلدون ).

-قوله تعالى في المرسلات: ( ويل يومئذ للمكذبين ) مكرر عشر مرات..لأن كل واحد منها ذكر عقيب آية غير الأولى ولو لم يكرر كان متوعدا على بعض دون البعض.
وقيل إن من عادة العرب التكرار والإطناب كما في عادتهم الإقتصار والإيجاز..ولأن بسط الكلام في الترغيب والترهيب أدعى إلى إدراك البغية من الإيجاز.

- قوله تعالى: ( فإن مع العسر يسرا * إن مع اليسر يسرا ) ليس بتكرار..لأن المعنى: إن مع العسر الذي أنتَ فيه من مقاساة الكفار يسرا في العاجل..وإن مع العسر الذي أنتَ فيه من الكفار يسرا في الآجل..فالعسر واحد واليسر اثنان..وعن عمر رضي الله عنه : ( لن يغلب عسر يسرين )

- قوله تعالى في النملز ( فلما جاءها نودي ) وفي القصص ( فلما أتاها نودي )..لأنه قال في النمل : ( سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس ) فكرر (آتيكم) فاستثقل بينهما وبين ( فلما أتاها ) فعدل إلى قوله: ( فلم جاءها ) بعد أن كانا بمعنى واحد. وأما في السورتين فلم يكن إلا ( لعلي آتيكم ) و ( فلما أتاها ).

- قوله تعالى في النمل: ( لا تخف ) وفي القصص ( أقبل ولا تخف )..خصت النمل بقوله : ( لا تخف ) لأنه بني على ذكر الخوف كلام يليق به وهو قوله : ( إني لا يخاف لدي المرسلون )..وفي القصص اقتصر على قوله : ( لا تخف ) ولم يبنِ عليه كلام فزيد قبله: ( أقبل ) ليكون في مقابلة ( مدبرا )..أي : أقبل آمنا غير مدبر ولا تخف. فخصت هذه السورة به.

-قوله تعالى في النمل: ( وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء في تسع آيات إلى فرعون )..وفي القصص : ( اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء واضمم إليك جناحك من الرهب فذانك برهانان من ربك إلى فرعون )..خصت النمل بأدخل لأنه أبلغ من قوله : ( اسلك ) لأن ( اسلك ) يأتي لازما ومتعديا..و (أدخل) متعد لا غير. ولأن في هذه السورة ( في تسع آيات ). أي: مع تسع آيات مرسلا إلى فرعون. وخصت القصص بقوله: ( اسلك ) موافقة لقوله : ( اضمم ) ثم قال ( فذانك برهانان من ربك ) فكان دون الأول فخص بالأدنى ( والأقرب) من اللفظين.

-قوله تعالى في النمل: ( إلى فرعون وقومه إنهم كانوا قوما فاسقين ) وفي القصص : ( إلى فرعون وملئه )..لأن الملأ أشراف القوم وكانوا في هذه السورة موصوفين بما وصفهم الله به من قوله : ( فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين * وجحدوا بها ) لم يسمهم ملأ بل سماهم قوما. وفي القصص لم يكونوا موصوفين بتلك الصفات فسماهم ملأ.
( أي أن الخطاب في النمل موجه لجميع الطبقات..والخطاب في القصص موجه إلى علية القوم وسادتهم كآل فرعون وهامان وقارون )

- قوله في النمل: ( وأنجينا الذين آمنوا ) وفي فصلت: (ونجينا الذين آمنوا )..نجينا وأنجينا بمعنى واحد وخصت النمل بأنجينا لموافقته لما بعده وهو ( فأنجيناه وأهله ) وبعده ( وأمطرنا ) ( وأنزل...فأنبتنا ) كله على لفظ أفعل.
وخص فصلت بـــ(نجينا ) لموافقته ما قبله: ( وزيَّنا ) وبعده : ( قضينا لهم ) وكله على لفظ فعلنا. ))

من كتاب: البرهان في متشابه القرآن للكرماني.