المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجمعة القادمة مسجد القائد إبراهيم الأسكندرية



حسن المرسى
10-02-2010, 05:30 PM
وقفات مع الوقفة
الحمد لله وكفى .. وسلام على عباده الذين اصطفى .. لاسيما عبده المصطفى وآله المستكملين الشرفَ .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد ..



إخواني الكرام ..


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..


جاءت وقفة مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية 24/9 موفقة بفضل الله تعالى ومنه وكرمه .. ومهما حاولت أن أصف لكم ما كان في هذه الوقفة من توفيق وصور إيمانية ومواقف تربوية فلن أستطيع أم أبين لكم الحقيقة .. فليس المخبر كالمعاين ..


وقد اجتهدت في سؤال إخواني الذين شاركونا الوقفة عن انطباعهم عنها .. وما هي الدروس التي استفادوها من هذه التجربة الحديثة على حياتهم الدعوية .. وخلصت إلى عدة وقفات أو ملاحظات أو تنبيهات - سمِّها ما شئت - أحببت أن أشارك إخواني فيها .. عسى أن أنتفع أنا وقارئها بها .. وأسأل الله عز وجل التوفيق والسداد ..


وهاكم المقصود ..


.


.


.


.


.


(1)


موقف الدعوة من المظاهرات (شرعا وتطبيقا)


تعجبت من تعجب بعض الإخوة - سواء السلفيين أو من له توجه آخر - من كثافة الحضور السلفي في هذه الوقفة .. ولمست من بعضهم استنكارا .. ظنَّا منهم أن هذا اللون من الوسائل الدعوية لا ترى الدعوة السلفية مشروعيته .. وفلسف بعضهم الأمر وفسره بأن السلفيين قد لجأوا - أخيرا - إلى تحليل ما كانوا يرونه حراما ليواكبوا التطورات الدعوية في الساحة وليعوضوا بعض ما فاتهم من انتشار الإخوان وشعبيتهم .. إلى غير هذا الكلام الساذج الذي لا يصدر إلا من جاهل أو مغرض ..



والحق أن الدعوة السلفية كانت - ولا زالت - ترى أن المظاهرات والوقفات السلمية من باب الوسائل التي تحتمل المنع والجواز بحسب المصلحة والمفسدة .. فطالما توفرت فيها الضوابط الشرعية - من عدم الاختلاط بالنساء وتجنب الإفساد من سفك الدماء أو تدمير الممتلكات المعصومة وشرعية المطالب والهتافات وغير ذلك من الضوابط - فهي من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. وطالما لم تؤدِّ إلى منكرات أكبر مما تنهى عنه فهي مشروعة ..



ولم تكن الدعوة تشارك عمليّا في مظاهرات سابقة ليس لعدم المشروعية وإنما لعدم ترجيحها لاستخدام هذه الوسيلة في هذا التوقيت وفي تلك المواقف لعدة أسباب تتعلق بالمصالح والمفاسد .. إضافة إلى وجود وسائل أخرى أنجع وأنفع كالندوات والمؤتمرات التي لو تيسرت في هذه القضية لأغنت عن الوقفة أضعافا مضاعفة ..



فالمظاهرات وسيلة من وسائل الدعوة إلى الله تعالى وهي كغيرها من الوسائل المشروعة .. قد يستخدمها الداعية في موقف ولا يرى جدواها في موقف آخر فيستخدم حينئذ غيرها من الوسائل حسب اجتهاده ..



لذلك أحببت أن أوضح هذه النقطة لبعض من تعجب أو استنكر من إخواني الكرام .. فالدعوة السلفية وإن كانت لم تختر المظاهرات كوسيلة دعوية في فترة ما إلا أنها لا ترى عدم مشروعيتها .. بل هي ترى مشروعيتها طالما انضبطت بالضوابط الشرعية .. مع العلم بأن الدعوة ليست هي التي دعت إلى هذه الوقفات .. ولكنها لم تمنع أفرادها من المشاركة فيها لما رأت تحقق المصالح وعدم وجود المفاسد ..


.


.


.


.


.


(2)


منهج التغيير ووسائل الدعوة .. بين الثوابت والمتغيرات


هناك فرق ولا شك بين منهج التغيير وبين وسائل الدعوة .. وإن كنا تكلمنا عن المظاهرات بضوابطها الشرعية كوسيلة من وسائل الدعوة في الفقرة السابقة فهذا يجرنا إلى الكلام عن منهج التغيير عند الدعوة السلفية حتى لا تلتبس الأفكار وتطيش الأفهام ..



المنهج السلفي في التغيير منهج ثابت ثبوت الجبال الراسيات واضح وضوح الشمس في رابعة النهار .. ولا يزال قول الله تعالى : (فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق) يحدوهم على طريق سيرهم إلى الله تعالى في عقيدتهم وعبادتهم ومعاملاتهم وسلوكهم ودعوتهم .. وفي تغييرهم للواقع أيضا .. فكما يحكِّمون الكتاب والسنة -بفهم سلف الأمة - في محياهم ومماتهم .. فهم يحكِّمونهما - ولابد - في تغييرهم للواقع وسعيهم إلى إعلاء كلمة الله في الأرض ..



ولا تزال خطتهم في تعبيد العباد لرب العباد بالدعوة إلى الله والتربية لإقامة الفرد المسلم والمجتمع المسلم والتعاون في إقامة فروض الكفايات - لا تزال هذه الخطة الربانية تثبت يوما بعد يوم نجاحها وتفوقها على المناهج الأخرى التي اجتهدت في تغيير الواقع فأثبت الشرع والعقل فشلها وشهد لذلك الواقع .. سواء مَن اتخذ مِن المصادمة المسلحة بين القلة المؤمنة المستضعفة وبين الباطل سبيلا للتغيير .. ومن اختار أن يشارك الباطل في لعبة السياسة متنازلا عن كثير من ثوابت الإسلام ظنا منه أن بذلك تكون نصرة الإسلام .. أو من ظنَّ أن العمل الفردي وترك العمل الجماعي - بل وتبديعه - هو الحل .. فآل به الأمر أن صار تابعا للأنظمة العلمانية سامعا مطيعا لمن يقوده بغير كتاب الله ..



فمهما تنوعت الوسائل وتغيرت واختلفت باختلاف الأوقات أو الأشخاص أو القضايا فإن المنهج السلفي للتغيير ثابت لا يقبل المساومات ولا المراجعات لأنه طريق الأنبياء والمرسلين الذي لا وصول إلى رضوان الله إلا بسلوكه .. وكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف ..


.


.


.


.


.


(3)


العلماء ورثة الأنبياء في قيادة الأمة ..


ورث العلماء قيادة الأمة بمرسوم نبوي شريف .. فهنيئا لهم ذاك الشرف .. وهنيئا لنا هذه الوصية من رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وإن المرء كما يعجب لذاك الشرف العظيم فإنه يشفق على العلماء من هذه المسئولية الكبيرة .. وكما يعجب لوصية الرسول صلى الله عليه وسلم للمؤمنين بطاعة العلماء العاملين فإنه يشفق عليهم من مخالفة هذه الوصية .. إن تضييع العلماء لهذه المسئولية تضييعٌ للأمانة التي وصاهم بها الله ورسوله .. كما أن عدم التفاف المؤمنين حول علمائهم العاملين المخلصين لهو من أكبر أسباب هزيمتهم وتشرذمهم وتخبطهم في أودية الجهل والشقاق ..



وقد أعجبني كثيرا التفاف الشباب السلفي حول العلماء العاملين واستمساكهم بغرزهم .. وأصابت نفسي حالة هي مزيج من الراحة والزهو والفرح - لا أعرف كيف أصفها من شدة ما كان بي من السعادة - عندما انهالت على هاتفي الاتصالات للاستفسار عن رأي العلماء والمشايخ في الوقفة وهل يمنعون منها أم لا .. وقلت في نفسي : والله إن هذا لمن نعمة الله التي عناها القائل بقوله : إن من نعمة الله على الشاب إذا نسك أن يوفقه لصاحب سنة يحمله عليها .. وإني أحمد الله أن وفقني ووفق إخواني إلى نعمة الالتفاف حول ورثة الأنبياء ..


.


.


.


.


.


(4)


تقييم الوقفة .. وبعض الوصايا ..


كانت الوقفة موفقة وناجحة بحمد الله .. لا سيما إذا ما أخذ في الاعتبار حداثة استخدام هذه الوسيلة الدعوية عند السلفيين .. وقد لفت انتباهي بعض الملاحظات أذكر منها في عجالة :



- أنصح أن يتم تطوير الوسائل المستخدمة في الوقفات القادمة .. كمكبرات الأصوات واللوحات القماشية والجلدية ..



- كما يمكن استخدام الأماكن المرتفعة حول مكان الوقفة لتثبيت هذه اللوحات بشكل يراه الناس من مكان بعيد .. وكذلك تثبيت مكبرات صوت في أماكن عالية لنقل الصوت بشكل أفضل مما يؤثر على كثافة الهتاف ..



- أنصح بزيادة عدد المنظمين حتى تكون التوجيه والتحكم في الجموع أفضل ..



- الهتافات كانت رائعة .. والأروع أن تصاغ عقيدة الولاء والبراء على هيئة شعارات قصيرة تصلح للهتاف حتى نوصل للناس قضيتنا من شتى الاتجاهات ولينصرفوا وهم يرددون عقيدة السلف في الولاء والبراء وليعلموها من وراءهم .. وكذلك إذا كررها الإعلام صار بذلك خير كثير من جراء إيصال العقيدة الصحيحة في طيات هذه الهتافات ..



- مشاركة النساء كانت قليلة جدا ولله الحمد .. وقد نبه الإخوة على اللاتي حضرن أن يقفن بعيدا عن المظاهرة وألا يلتحمن بالجماهير .. وبحمد الله استجاب النساء للنصيحة .. وأنصح بالاستمساك بهذا الضابط الشرعي حفاظا عليهن كما أوصى أهل العلم .. فهذا من توفيق الله ..



- وأنصح كذلك بأن يقوم أحد الإخوة الأفاضل بإلقاء كلمة قصيرة في نهاية الوقفة .. فإن آخر ما يسمع يكون أكثر ثباتا في الأذهان .. كما أن المشاركين في نهاية الوقفة يكون لديهم استعداد كبير لتلقي التوجيه وقبوله بعدما فتحت الهتافات قلوبهم وبعد أن استشعروا مدى حبهم لدينهم .. فيمكن أن يقوم أحد الإخوة ويلقي كلمة ينصح ويعظ فيها المشاركين ويوجههم إلى التمسك بالدين والبعد عن المعاصي إذ أن هذا هو المقصد من وراء هذه الوسائل ..


ولو تم تفريق الكلمات بحيث تكون بعد كل ربع ساعة من الهتاف كلمة قصيرة لكان ذلك جيد ولكن لا يغني ذلك عن الكلمة النهائية فإن لها التأثير الأكبر ..



- كان من الملاحظ أن سلوك الأمن هادئا - ولذلك شواهد كثيرة لا أحب أن أطيل بذكرها - فقد ارتقى في مستوى التعامل مع المسلمين المتظاهرين إلى نفس مستوى تعامله مع النصارى في مظاهراتهم .. وأتعجب من غيظ شنودة من تعامل الأمن مع المتظاهرين بـ(حنية) !! رغم أن (الحنية) كانت مضاعفة مع النصارى بالإضافة إلى الاستجابة لطلباتهم وهو ما لم يحدث مع المسلمين !!


وأخلص من هذا بفائدة أنبه عليها إخواني .. مخالفة ما يريده الأمن ليس هو ما نسعى إليه .. وليست أفعالنا مجرد ردود فعل ننظر هل يريد الأمن ذلك أم لا فنفعل أو نترك .. لا .. إنما ننظر في الشرع ونسشير أهل العلم وننظر في المصلحة ونتوكل على الله وننفذ .. وافق ذلك مراد الأمن أم لا .. من المهم جدا أن يتنبه الإخوة إلى هذه النقطة ..


.


.


.


.


.


(5)


وماذا بعد الوقفة ؟!


كما سبق وأوضحت أن هذه الوقفة ما هي إلا وسيلة دعوية من ضمن وسائل كثيرة يستخدمها الدعاة إلى الله لتعبيد العباد لرب العباد .. فهي طاعة من الطاعات التي يقوم بها المسلم ويحرص على تكرارها - بضوابطها وعند الحاجة لها - إذا ما أثبتت فاعليتها - وقد فعلت - ولا ينسى عند قيامه بها أنها وسيلة ((مِن)) وسائل كثيرة منوطة به .. فلا تلهيه وسيلة عن وسيلة ولا تشغله طاعة عن طاعة .. وليتحلَّ بالحكمة والتوازن .. وليستعن بالله ولا يعجز ..



أسأل الله عز وجل أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه .. وأن يجمع شباب الإسلام حول العلماء العاملين الناصحين للأمة .. وأن يستعملنا في دينه ويجعلنا هداة مهتدين .. وأن يؤلف قلوبنا على الحق .. وأن يجمعنا في الدنيا على طاعته وفي الآخرة في جنته إخوانا على سرر متقابلين برحمته ومنه وفضله فهو أرحم الراحمين .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ..


وجزاكم الله خيرا ..

حسن المرسى
10-02-2010, 05:32 PM
مــــــــــنــــــــــــــــــــــــقـــــــــــــ ـــــــــول