المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تنبيه مقال أعجبني



أمَة الرحمن
10-06-2010, 06:11 PM
ذكر حافظ الحكمي في " أعلام السنة المنشورة " أن المعجزات هي "
أمر خارق للعادة مقرون بالتحدي سالم من المعارضة".

وذهب ابن تيمية في "الجواب الصحيح" أن الأولى عدم ذكرها لشيئين:

الأول: لفظة المعجزات من ألفاظ التي طلع عليها أهل الكلام
وأهل الفلسفة وليست من لسان الشارع ولا من لسان السلف
يرحمهم الله.

الثاني: أن لفظة معجزة يراد بها التحدي، والتحدي لا يُقصد في
آيات النبيين دائماً، فما كل آية نزلت قُصِدَ بها التحدي، فالقرآن كثير
من آياته لم يُقصد بها التحدي للعرب، وهكذا يقال عن غيرها من
الآيات كنبع الماء من بين يديه صلى الله عليه وسلم، لم يكن من باب
التحدي، وإنما كان من بابا لحاجة.

و يُستعاض عن لفظة معجزة ومعجزات بما جاء في كتاب الله مثل "
البينات، الآيات، البراهين".

و بناءً على ما سبق، فلا يستغرب موقف الشيخ محمد الغزالي في عدم إقراره لإرهاصات
وقعت عند ميلاد الحبيب صلى الله عليه وسلم وذكرها البيهقي في سننه

من سقوط أربع عشرة شرفة من إيوان كسرى،
وخمود النار التي يعبدها المجوس، وتهدم الكنائس حول بحيرة
ساوة بعد أن غاضت، كما أورد ذلك صاحب الرحيق المختوم.

و الحقيقة أنه ليس الغزالي وحده من أنكر ذلك، بل إن المتتبع لسيرة
الحبيب صلى الله عليه وسلم لا يكاد يعثر من بين العلماء على من
أشار إلى ذلك أصًلا فضًلا عن الإقرار به أو حتى التوقف عنده،
فلم يذكر ذلك ابن القيم ولا الأمام محمد بن عبد الوهاب ولا
البوطي ولا الصلابي.

فما كان ميلاد الحبيب صلى الله عليه وسلم تحدي لهذه البشرية، وإنما
رحمة من الخالق سبحانه وتعالى بهم وهداية لهم وإخراج من
الظلمات إلى النور.

نعم كان هناك خصائص للرسول عليه الصلاة والسلام من جهة
كونه نبياً مرسلاً كحادثة شق الصدر وكما وقع لإبراهيم عليه السلام
لما أنجاه الله تعالى من النار وكما كان الفداء لإسماعيل عليه السلام
والكثير مما وقع للرسل والأنبياء.

قد يحتاج الكافر لهذا النوع من التحدي لعله يحُدث له شيء من
الصدمة التي يتوقف عندها ويعيد التفكير من البداية في أمر هذا
الكون وخالقه، كما وقع عند انشقاق القمر.

أيضاً بعض الحوادث التي يمكن فهمها في سياق قوله تعالى:
(ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيماناً ولا يرتاب
الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض
والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا)، كحادثة الإسراء والمعراج،
فقد كانت قبل الهجرة ليميز الله تعالى الصف المؤمن والذي سيعول
عليه كثيراً في بناء هذه الدولة الفتية من الصف المنافق.

و الكثير من الحوادث الممتدة إلى زماننا هذا كوقوع البراكين
والزلازل والأعاصير المدمرة والأمراض التي لم تشهدها البشرية
من قبل، واللافت للنظر أن مثل هذه الأحداث لا يلبث المسلم
طويلاً حتى يتبين الكثير مما تحمله من فوائد وعبر وشحنات تدفعه
لمواصلة البحث والتنقيب مع إيمانه التام بقدرة الخالق سبحانه
وتعالى.

فتعبيد العقل لخالقه لا يعني بالضرورة تعجيزه، وإنما دفعه لاستكشاف ما وراء الأحداث،
يحميه سياج من الإيمان والإذعان
لقدرة الله تعالى فلا يشطح أو يبحث فيما لا طائل من ورائه.

و لكن ما بال العقل المسلم الذي استسلم صاحبه طواعية لله تعالى
ولتلك الآيات البينات والبراهين والحجج التي لا تعطل عمل
العقل، بل إن الكثير منها قد تضمن الدعوة للبحث والتفكر
واحترام هذه الجارحة وإنزالها منزلتها التي من أجلها خلقها الله
تعالى: (قل سيروا في الأرضفانظروا كيفبدأ الخلق)،

وفي عصر المعلومات وثورة الاتصالات يرصد المرء بعض الظواهر التي تثير
القلق على حال هذا العقل، ليس عند العامة فقط، بل قد يصل
الأمر حتى إلى طبقة المثقفين، فمن سائل عن جواز الحج عن
الحبيب صلى الله عليه وسلم، إلى مصدق بخروج الناقة عند جبل
الصفا، و التي جاء ذكر خروجها في آخر الزمان، إلى متطوع بنشر
ورقة فيها الكثير من الطلاسم خوفاً من الإصابة بالأذى، والتوعد
بإلحاق الضرر لمن يتكاسل عن ذلك، إلى قنوات فضائية للتفسير
بالساعات للرؤى والأحلام وأضغاث الأحلام وأحاديث النفس،
إلى مجالس يثار فيها الحديث عن العبد الصالح وإلقائه السلام وأنه لا زال على قيد الحياة !

وما أشبه الليلة بالبارحة عند تصديق
الكثير من الناس لما تتردد عن العثور على جثة الصحفي الذي أساء
برسمه للرسول عليه الصلاة والسلام، مقتولا أًو مخنوقاً، وموت
ملكة الدنمارك، ولا زال بين ظهرانينا من يرى أن هذا زمن العزلة
وما علينا إلا انتظار المهدي ليأتي ويخلصنا مما نحن فيه.

فإذا كان مولد الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو أعظم حدث
شهده الكون، قد أتى سلساً سهلًا هيناً لم تصاحبه خوارق أو أحداث
يعجز العقل عن تفسيرها وقد كان خليقاً أن يصاحبه كل ذلك، و ما
صاحبه إلا منهج يربي عقلية من آمن به على الحجة والبرهان
والدليل.

إن كنا لا ندري أننا في مرحلة ضعف وتخلف فتلك مصيبة، وإن كنا
لا ندري أننا لا ندري فالمصيبة أعظم، ولكن ماذا لو أضيف إلى
ذلك أننا لا ندري أيضاً أننا نبرر ما نحن عليه بعدم القدرة على
مواجهة الواقع ونقفز على الكثير من المراحل، ونحقق في عالم
الأحلام والأوهام و"اختراع" ! الإشاعات وتصديقها واستدعاء
"بعض من" علامات آخر الزمان،

فعقولنا لا تستوعب استمرارية الزرع حتى وإن قامت القيامة، ألوان من الانتصاراتا لتي لا
يمكن بحال أن تصدر إلا عن عقول قد تشربت وأُشربت خطاب
كان محوره وأوله وآخره يدور حول "ثقافة الانتظار".

الكثير من الدعاة يتردد في خطابهم الخجل الشديد الذي سيصيب
المسلم إذا واجه الرسول عليه الصلاة والسلام يوم القيامة وقد ترك
أداء السنن، حتى أن لحم وجهه قد يتساقط من شدة ذلك الخجل،
ولكن ماذا عن حال من ترك طريقة ومنهج القرآن في التفكير
والتحليل والحوار وتقبل الأحداث والتعامل معها ؟

و إذا فقد العقل قوته وصار تبعاً لكل من لن يغني عنه من عذاب
الله منشيء، فأي حرية ننشدها في الدنيا، ومن عذاب الله تعالى في
الآخرة ؟



للكاتبة: غادة أحمد (الإسم المستعار: ذرة ضوء).

نور الدين الدمشقي
10-06-2010, 06:28 PM
بارك الله فيك على المقال الجميل. وعندي تعليق أو سؤال:


الثاني: أن لفظة معجزة يراد بها التحدي، والتحدي لا يُقصد في
آيات النبيين دائماً، فما كل آية نزلت قُصِدَ بها التحدي، فالقرآن كثير
من آياته لم يُقصد بها التحدي للعرب، وهكذا يقال عن غيرها من
الآيات كنبع الماء من بين يديه صلى الله عليه وسلم، لم يكن من باب
التحدي، وإنما كان من بابا لحاجة.
وان لم يكن نبع الماء من بين يديه صلى الله عليه وسلم من باب التحدي...الا نقول ان ذات حصوله فيه تحد لمن ينكر نبوته؟
بارك الله فيكم

أمَة الرحمن
10-06-2010, 06:35 PM
وان لم يكن نبع الماء من بين يديه صلى الله عليه وسلم من باب التحدي...الا نقول ان ذات حصوله فيه تحد لمن ينكر نبوته؟

قد يكون تحدياً لمن أنكر نبوته صلى الله عليه و سلم انكار عناد و مكابرة، و الله أعلم.

سعادة
10-07-2010, 11:42 PM
كثر الله من امثالك امة الرحمن