المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من مكاسب العلمانية - للأخ مهاجر



د. هشام عزمي
10-09-2010, 03:49 AM
من مكاسب العلمانية
مهاجر
http://aljame3.net/ib/index.php?showtopic=9230

يحدثني بعض الأقارب ممن يقيم الآن في فرنسا لإنجاز دورة تدريبية ، عن حال الأمة الفرنسية العلمانية ، فهي معدن هذا المذهب الفكري ، وعن مدى احترام الفرنسيين للحريات الشخصية إلى درجة يأباها الشرع ، فقد عطلت فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فلكل أن يفعل ما يشاء ، تحت مظلة الحرية ، حتى صار إفطار المسلمين في نهار رمضان أمر مألوفا لا يستحى منه ، ولو أمام المسلمين ! ، وصارت صداقة المسلمة للنصراني خارج إطار الزوجية ، لو صح أنها صداقة ! ولو فرض جدلا أن ثم زوجية صحيحة في هذه الصورة فهي باطلة شرعا بل قد يكفر فاعلها إذا أقدم عليها مستبيحا بلسان المقال أو الحال ، فصار ذلك ، أيضا ، أمرا مألوفا ، فليس ذلك من شأنك لتتدخل فيه ، ولو بالنصح والإرشاد ، فإن أردت الصيام فصم ، وإن أردت الإفطار بل والمجاهرة به فافعل ، وإن أردت أن تخالل فلانة أو فلانة فأنت وشأنك ، ومع ذلك يظل هناك نوع احترام متبادل ، في العلاقات البينية ، كالعمل والبيع والشراء ...... إلخ ، فلا تكاد تقع صراعات وشجارات كتلك التي تحدث في بلادنا ، فأنت آمن على أقل تقدير ، على دينك ، ولو على المستوى الشخصي ، فلن تسمح العلمانية بأكثر من ذلك ، وآمن على دمك ومالك في ظل قانون أرضي قاصر ، بل مخالف لشريعة السماء ، ولكنه على أقل تقدير يطبق بعدالة تسوي ، في الجملة ، بين المواطنين ، باستثناء بعض التصرفات الصبيانية من ساركوزي تملقا لليمين المتطرف من قبيل : التهديد بسحب جنسية الفرنسي ذي الأصول الأجنبية ، أي الإسلامية ! ، إن تعدى على شرطي أو رجل قضاء بإشهار سلاح أو نحوه ، فلا يسري هذا الأمر بطبيعة الحال على الفرنسي الأصيل .

فهو مجتمع يسير وفق ميكانيكية منضبطة ، فلا تكاد تجد فيه أي ملمح من ملامح المشاعر الإنسانية ، كما يحدثني ذلك القريب ، فكلٌ يعمل بانتظام كالآلات الصماء التي تنتج إنتاجا ماديا متميزا ، بلا هدف يتجاوز حدود هذه الحياة ، وهو ما ينشأ عنه ، لزوما ، فراغ روحي هائل ، وإفراط في تعاطي الشهوات والملذات المحسوسة ، هربا من ذلك الضغط النفسي الهائل ، وقد كنا بالأمس نفاخر بأن الشرق بروحانيته ، إن صح هذا المصطلح ، يتفوق على الغرب بمادياته ، فإن تفوق علينا في الجوانب المادية فلن يضارعنا في الجوانب المعنوية ، ثم قد استوينا معهم في المادية ، بل فاقهم كثير منا ، وحال كثير من المهاجرين ، كما يحدثني ذلك القريب ، خير شاهد على ذلك ، فقد أعطوا انطباعا سيئا عن الإسلام لعدم التزامهم بأحكامه ، فصار الفرنسيون أفضل منهم فهم ، على الأقل متفوقون في الأمور الدنيوية ، بخلاف أولئك فلا دين ولا دنيا ، بل تحذر القنصليات والمراكز الثقافية العربية من يفد على فرنسا من أبناء الدول العربية ، تحذرهم ، أول ما تحذرهم ، من العرب ! ، كما قد جرى لذلك القريب الذي أنقل عنه ، فالصورة الآن : حريات منتهكة في دول العالم الإسلامي بما فيها حرية المعتقد ، كما يجري الآن في مصر في مسألة خذلان المسلمات وتسليمهن إلى الكفار ، ومع ذلك لا دنيا تشيع البطون وتسكت الجياع ، وفي الغرب : فراغ روحي هائل ، فالجانب العقدي مختل ، أيضا ، ولكن هناك قدر أكبر من الحريات ، بما فيها حرية المعتقد ، ولو على المستوى الشخصي ، ومع ذلك تقدم دنيوي هائل يصيب كثيرا ممن ينظر إلى الظاهر بصدمة ثقافية إذا قارن بين واقع المجتمعات الغربية مع ما فيها من أمراض ، وواقع المجتمعات الإسلامية ، ولو أنه قارن بين الإسلام لا المسلمين ، وحال المجتمعات الغربية ما أصيب بتلك الصدمة ، ولذلك صار الغرب ، مع أنه دار كفر ، ملجأ لكثير من المسلمين ، فهم ، على أقل تقدير ، يحيون فيه حياة آدمية ، بالنظر إلى متطلبات الحياة المادية ، وهو ما نفتقده في كثير من دول العالم الإسلامي ، وأما الجانب الإيماني ، فيمكن ، كما يقول بعض الفضلاء ، أن ينميه المسلم في بيته ، أو مع صحبة صالحة كصحبة المسجد ، وهي أفضل صحبة في أي مكان سواء في الشرق أو الغرب ، وتلك وجهة نظر ، لا يلزم بالضرورة أن تكون صحيحة ، ولكن فيها قدرا كبيرا من الواقعية بالنظر إلى الأوضاع الدينية والدنيوية المتدهورة في العالم الإسلامي ، فلم تعد كثير من النساء على سبيل المثال في مصر ، قادرات على إشهار إسلامهن في الأزهر الذي يتشدق بعض مشايخه بأنه قلعة الإسلام وحصنه ...... إلخ من المصطلحات التي لم تعد تروج على أحد ، فقد فَقَدَ كثيرا إن لم يكن كل مصداقيته في السنوات الأخيرة ، وإن كان فيه علماء أجلة فضلاء ، فإنهم مبعدون مضطهدون يخضعون لرقابة إدارية وأمنية صارمة ، وليس منهم ذو سلطان ممكن ليحدث تغييرا حقيقيا ويوقف مسلسل الانهيار السريع .


والشاهد أن المرأة الفرنسية ، على سبيل المثال الذي يطرح نفسه الآن بقوة في مصر ، لو كانت كاثوليكية ، وأرادت التحول إلى الإسلام ، ونسبة الفرنسيات المتحولات إلى الإسلام نسبة كبيرة بل ونسبة انتشار الإسلام في فرنسا عموما نسبة كبيرة تثير قلق الكنيسة الكاثوليكية وأبناء الجالية اليهودية ذات النفوذ الكبير في فرنسا لا سيما في عهد ساركوزي ، فلو كانت كاثوليكية وأرادت التحول إلى الإسلام فلن يمنعها أحد في دولة ذات أغلبية كاثوليكية مطلقة ، ولن تعد الشرطة لها كمينا لتقبض عليها وتسلمها إلى الكنيسة الكاثوليكية ، ولن يجرؤ آباء الكنيسة على التصريح بما ينتظرها من تعذيب وغسيل مخ على شاشات الفضائيات ، ولن يتم ذلك تحت سمع وبصر قوات الشرطة التي ستشارك بنفسها في إحكام الطوق الأمني حول مركز الاعتقال الذي تعذب فيه ، ولن ولن ...... إلخ من مفردات المهزلة التي تحدث الآن في مصر ، بل لو حاول أحد منع فرنسية من إشهار إسلامها ، أو حاول التعرض لها أو مضايقتها بسبب ذلك ، فإن الدولة بنفسها ستتدخل لحمايتها ! ، مع أنها ترتد بتلك الفعلة عن دين الدولة الرسمي ، وإن كان دينها الفعلي هو العلمانية ، والدولة لا تفعل ذلك حبا في الإسلام وأهله ، بل فرنسا معروفة بعدائها الشديد لكل المظاهر الإسلامية ، ولكنها تفعل ذلك صيانة لمكاسب مذهب فكري بذلت في سبيله من دماء أبنائها ما بذلت ، وهو مذهب العلمانية بصورته المنحرفة التي تسوي بين الأديان في الظلم فتحاربها جميعا ، وتحصرها جميعا في إطار ضيق من التدين الفردي ، ولكنها على أقل تقدير تحافظ وعليه وتحترمه ، وهو أمر لا وجود له في بلاد إسلامية أصيلة كما هي الحال في مصر الآن ، فلما يدفع أحد فيها الثمن بعد ! .

وسيأتي زمان تستطيع فيه النساء النصرانيات في مصر إشهار إسلامهن ، بلا أي ضغوط ، فذلك كائن لا محالة ، ولو بعد حين فهو من جملة موعود الرب ، جل وعلا ، وموعود نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم بظهور هذا الدين ولو كره الكافرون ، فــ : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) ، و : "لا يبقى على أهل الأرض بيت مدر ولا وبر إلا أدخل الله عليهم الإسلام بعز عزيز وبذل ذليل إما يعزهم الله فيجعلهم الله من أهلها أو يذلهم فيدينون لها" ، رغم أنف شنودة وعصابته فهو أحقر من أن يعترض قضاء كونيا نافذا ! ، فإن كسر سيف الشريعة في أعصار الذل المتأخرة والحالية من لدن زالت الإمامة العظمى الجامعة للمسلمين ، ومن قبلها بكثير ، فلم تكن إزالتها إلا رصاصة الرحمة ، فالخلل قد دب من سنين بل قرون ، فبدأ صغيرا لا يؤبه له ، ومن ثم فحش وتغلظ حتى استعصى على العلاج ، فكانت النهاية في القرن الماضي ، فإن كسر سيفه عصرا أو أعصارا ، فمآله إلى الجبران ، فهو سيف إمامة جامعة سترجع لا محالة ، فإذا جاء ذلك الزمان ، فعلى أولئك أن يتذكرن أمثال وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة وغيرهما ، رحم الله من قضى منهن وثبت وحفظ وحرر وفرج عمن بقي منهن ، لأنهن أول من دفع الثمن ، فلكل شيء ثمنه ، فتلك حركة نسوية ، إن صح النعبير ، ولكنها ليست كالحركات النسوية المعروفة التي ابتلي بها المسلمون في هذا العصر ، بل هي حركة نسوية راشدة ، والسنة الكونية ، كما يقول لي أحد الأصدقاء الفضلاء ، قاضية بأن أي حركة ، ولو كانت كفرية أو حتى إلحادية ! ، لا بد أن تدفع ثمن انتشارها واعتناقها ، أو حتى فرضها على الأمم برسم القهر والعسف ، وضرب لي مثلا بالحركة النازية ، فكم دفعت ألمانيا من دماء أبنائها في سبيل تقرير سيادة الجنس الآري ، فكان هتلر ، وهو زعيم عنصري مارق ، ولكنه مع ذلك مفكر بارع ، كان هتلر يعي تلك السنة الكونية جيدا فخاطب الألمان قبل وقوع الحرب بأربع سنوات أو يزيد إن لم تخني الذاكرة ، حاضا لهم على إعداد العدة لخوض الحرب ، فعلى كل ألماني أن يعد نفسه للحرب والقتل في سبيل تحقيق السيادة الكونية للأمة الألمانية في غضون أربع سنوات ، وقد نجح بثمن باهظ من دماء الألمان في اجتياح معظم دول أوروبا وشمال إفريقية ، وقل مثل ذلك في الشيوعية ، فقد قدمت ضحايا شأنها في ذلك شأن أي حركة فكرية جديدة ، بل قد صار "جيفارا" شهيدها الذي تفاخر بهمته الملوكية ، مع كونه كافرا مارقا ، فقد كان رمزا من رموز الإخلاص في سبيل فكر اعتنقه ، ولو إلحاديا ، فكان عليه ، بمقتضى السنة الكونية ، أن يدفع الثمن ، وقد كان ، فجوزي في هذه الدار بشهرة عظيمة فتنت بها أجيال من البشر : مؤمنهم وكافرهم ! ، فإذا كان ذلك حال أصحاب المذاهب الأرضية ، فكيف بحركة راشدة كالحركة التي تشهدها أوساط الجيل الجديد من النصارى في مصر الذين ظهر لهم من دلائل الحق ما لم يظهر لآبائهم ، كيف لا يجري عليها من السنة الكونية ما يجري على غيرها ، بل إن ابتلاءها لا بد أن يكون أشد ، فيبتلى المرء على قدر دينه ، وأولئك الفضليات ، ولا نزكيهن على ربهن ، من أصحاب الديانة المتينة ، بل إنهن أرسخ فيها من كثير من المسلمين الأصليين الذين ورثوا هذا الدين وراثة هوية ، فإذا جاء ذلك الزمان ، فعلى أولئك النساء أن يذكرن أن الطريق لم يكن ممهدا مفروشا بالورود ، بل بذلت في سبيله دماء زكية ، فالحذر الحذر ، أن يقعن في نفس الخطأ الذي وقع فيه المسلمون الأصليون ، فإنهم لما ورثوا هذا الدين ، ولم ينظروا في تاريخ رجالاته ، وما بذل من دماء وأموال في سبيل إظهاره وإبلاغه إلى بقية أمم الأرض تأويلا للأمر الشرعي بعموم التبليغ ، فـــ : (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا) ، فلما أغفلوا النظر في ذلك التاريخ الزاهر ، هان عليهم أمر الدين ، فقد تلقفوه بلا مقابل ، فظنوه رخيصا ، فبذله منهم من بذله بأبخس الأثمان ، و : "إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية" ، كما أثر عن عمر ، رضي الله عنه ، يقول ابن القيم ، رحمه الله ، في "الفوائد" ، في بيان منزلة الصحابة رضي الله عنهم :
"فالعالمون بالله وكتابه ودينه عرفوا سبيل المؤمنين معرفة تفصيلية وسبيل المجرمين معرفة تفصيلية فاستبانت لهم السبيلان كما يستبين للسالك الطريق الموصل إلى مقصوده والطريق الموصل إلى الهلكة فهؤلاء أعلم الخلق وأنفعهم للناس وأنصحهم لهم وهم الأدلاء الهداة وبذلك برز الصحابة علي جميع من أتى بعدهم إلى يوم القيامة فإنهم نشأوا في سبيل الظلال والكفر والشرك والسبل الموصلة إلي الهلاك وعرفوها مفصلة ثم جاءهم الرسول فأخرجهم من تلك الظلمات إلى سبيل الهدى وصراط الله المستقيم فخرجوا من الظلمة الشديدة إلى النور التام ومن الشرك إلى التوحيد ومن الجهل إلى العلم ومن الغي إلى الرشاد ومن الظلم إلى العدل ومن الحيرة والعمى إلى الهدى والبصائر فعرفوا مقدار ما نالوه وظفروا به ومقدار ما كانوا فيه فإن الضد يظهر حسنه الضد وإنما تتبين الأشياء بأضدادها فازدادوا رغبة ومحبة فيما انتقلوا إليه ونفرة وبغضا لما انتقلوا عنه وكانوا أحب الناس في التوحيد والإيمان والإسلام وأبغض الناس في ضده عالمين بالسبيل على التفصيل .
وأما من جاء بعد الصحابة فمنهم من نشأ في الإسلام غير عالم تفصيل ضده فالتبس عليه بعض تفاصيل سبيل المؤمنين بسبيل المجرمين فإن اللبس إنما يقع إذا ضعف العلم بالسبيلين أو أحدهما كما قال عمر بن الخطاب : "إنما تنقض عرى الاسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لم يعرف الجاهلية" . وهذا من كمال علم عمر رضي الله عنه فإنه إذا لم يعرف الجاهلية وحكمها وهو كل ما خالف ما جاء به الرسول فإنه من الجاهلية فإنها منسوبة إلى الجهل وكل ما خالف الرسول فهو من الجهل فمن لم يعرف سبيل المجرمين ولم تستبن له أوشك أن يظن في بعض سبيلهم أنها من سبيل المؤمنين كما وقع في هذه الأمة من أمور كثيرة" . اهـــ

فليس من كان في ظلمة الكفر فأشرقت عليه شمس الإيمان ، كمن اعتاد الجلوس فيها فلم يعد يدرك عظم النعمة ، بل زهد فيها ، فكان مقتضى السنة الكونية : أن يفقد الخلف كل ما مكاسب السلف ، لأنهم زهدوا فيها ، ولم يحرصوا عليها نشرا لها وذبا عنها ، فلم يعد أحد من المتأخرين على استعداد للبذل في سبيل الدين ، مع أن كثيرا منهم يتشدق بالبذل في سبيل الوطن ! ، وهي دعوى كاذبة ، فالقلوب تنخلع حال الفعل ، فكل من يبذل لغير الدين ، فإنما يبذل بلسانه كلاما لا تأويل له من الفعل ، والتاريخ شاهد بأن أشرس الحروب هي الحروب الدينية ، والنازلة الأخيرة خير شاهد على ذلك ، فهل كانت هذه المعركة ، ولو لم يستعمل فيها السلاح على نطاق واسع إلى الآن ! ، هل كانت ستكون بنفس الضراوة ، بل هل كانت ستنشب ابتداء ، لو كان معقد الولاءؤ والبراء فيها : دنيا من مال أو منصب ..... إلخ ، فإنما أبدى الكفار تلك الشراسة صيانة لملتهم من الانقراض ، باعتراف رأسهم شنودة ، فليس أكرم على الإنسان من دينه ، فهو معقد ولائه وبرائه الأول ، ولو كان باطلا يكذبه النقل والعقل ، كما هي حال دين النصارى المبدل ، ولكن قلوبهم قد اعتنقته ، ونفوسهم قد أشربته ، لفساد المحال ، فظهر ذلك ، بالضرورة العقلية ، على ألسنتهم وجوارحهم ، فهم ينتصرون له ، ولو كان كثير منهم ، لا سيما الرءوس ، يعلمون يقينا بطلانه ، فهلا استيقظ أهل الحق ، فاستفادوا من هذه النازلة ، ولو بإدراك قيمة الحق الذي بين أيديهم ، بعد أن عجزوا أو كادوا عن استنقاذ أخواتهن ! ، فهذه حال من يفد عليه جديدا فلماذا برد في قلوب أصحاب الدار ؟! .

فهل صار الزمان زمان قريش ، فعلى من أرادت أن تشهر إسلامها أن تبحث عن حبشة لا يظلم أحد عند ملكها ، لتظهر إسلامها ، وتأمن على دينها ودمها ، فلو أخذنا فرنسا مثالا ، فهي مما صدرت المشاركة بعرض موجز لتجربتها في تقرير ما ارتضته لنفسها من علمانية تضاد الأديان عموما ، ودين الكنيسة الكاثوليكية الذي سامها خطة الخسف بالتآمر مع الملكية والإقطاع خصوصا ، لو أخذناها مثالا ، فإن كثيرا من المسلمين ، بل والمتدينين من أصحاب الهدي الباطن عقيدة والهدي الظاهر شعيرة ، يسعون في الحصول على جنسيتها ، لما يلاقونه في بلادهم من إكراه وتضييق ، وإن كانت فرنسا هي الأخرى تمارس الآن ألوانا من الضغوط للحد من الظاهرة الإسلامية المتنامية التي باتت تهدد الكيان العلماني الفرنسي ، فهو ، كما تقدم ، كيان راسخ ، دفع الفرنسيون ثمنه غاليا ، بل وصل الأمر إلى استدعاء الدين الكاثوليكي ، أعدى الأعداء ، للوقوف أمام المد الإسلامي ، واجتماع العلمانية والكاثوليكية في جبهة واحدة أمر عجيب ، فما قامت الأولى إلا على أنقاض الثانية ، ولكنهما مع ذلك ، ارتضيا التحالف ، ولو مؤقتا ، لصد هجوم العدو المشترك الذي يزحف الآن من الجنوب المسلم ، ومع ذلك يظل المتدين في فرنسا ينعم بهامش حرية تقدمه العلمانية لا يجده في دول يفترض أنها إسلامية ! ، فلسان حال الناصح : هلا رحلتم إلى فرنسا فإن فيها ساركوزي الذي لا يظلم عنده أحد ، والصحيح أن الذي لا يظلم عنده أحد ، هو الجمهورية الفرنسية بقيمها العلمانية ! ، وليس رئيسا من رؤسائها ، فليس إلا رمزا لنظام كافحت أمة لتقريره ، وليس الأمر ، بطبيعة الحال ، على إطلاقه ، فلا يظلم عند الجمهورية الفرنسية أحد في الحريات العامة التي اتسعت دائرتها فصارت ترعى الإلحاد الديني والانحلال الخلقي ، فهو من جملة الحريات العامة التي يكفلها الدستور الفرنسي لكل مواطن ، ومن جملة هذه الحريات العامة : الدين : صحيحا كان أو باطلا ، طالما كان مسلكا شخصيا يقتصر على الاعتقاد والشعائر ، وهو أقصى ما تطمح إليه الآن أمثال الأخت كاميليا ، فلا يردن إلا أرضا يظهرن فيها الإسلام عقيدة وشعيرة ، وإن كان مفهوم الإسلام الحقيقي أوسع من ذلك بكثير ، ولكن سقف الطموحات لا يتعدى ذلك في الوقت الراهن ، فلا يتعدى الهروب داخل مصر والتنقل من مخبأ إلى آخر ، أو الهروب إلى خارجها ليظهر المسلم الجديد دينه بلا خوف من إرهاب المؤسسة الكنسية التي نمت وترعرت في أحضان الدولة المدنية المزعومة ، التي تتشدق بالحريات العامة وتزعم الحفاظ على حقوق المواطن أيا كان دينه أو مذهبه ، فليتها حققت عقد المواطنة مع ما فيه من قصور شرعي ! .

فصارت فرنسا الآن ، مع كونها دار كفر ، داتر أمان لكثير من المسلمين ! ، لا سيما في الدول التي تعاني من ويلات محاكم التفتيش في نسختها الأخيرة 2010 م ، فقد انقرضت في أوروبا بغزو نابليون إسبانيا في القرن التاسع عشر ، (1808 _ 1815 م) ، وقصة اكتشافها واكتشاف بعض ضحاياها من الأحياء والأموات في أقبية الكنائس ثم إلغائها : قصة مشهورة ، ولم تزل تلك المحاكم بأقبيتها التي يحتجز فيها المؤمنون والمؤمنات ، لم تزل إلى الآن في دول تصل نسبة الإسلام فيها إلى 94 % ، وتلك عجيبة أخرى من عجائب زماننا ، ولعل ذلك ما حمل علماء من أمثال ابن حزم ، رحمه الله ، على تقييد الحكم بالكفر على من التحق بدار الحرب بصورة المكره المضطر الذي لا يأمن على دينه في دار الإسلام ، فلم يلتحق بهم رضا بشرائعهم وطمعا في الدخول في طاعتهم ومظاهرة لهم على المؤمنين ، كما قد وقع من كثير من المرتدين في زماننا ، وإنما التحق بهم ليظهر الحد الأدنى من دينه ، فلم يعد يقدر على ذلك في بلاده ، فالمسلم الآن في كثير من الأحيان يأمن على دينه وحياته وكرامته في بلاد الكفر ولا يأمن عليها في بلاد المسلمين ، والعجائب في هذا الشأن لا تنتهي .

ولكن علينا أن نتذكر جيدا أن فرنسا أو أي أمة أخرى لم تنل تلك الحقوق على طبق من ذهب ، بل قد انتزعتها انتزاعا ، كما يقول بعض الفضلاء المعاصرين ، من مؤسسة الكنيسة ومؤسسة الملكية الإقطاعية ، فكان عليها أن تدفع الثمن ، بل لم تجئ الثورة التي نجح اليهود في توظيفها لضرب الكنيسة والملكية معا ، لم تجئ مرة واحدة ، بل سبقتها ، كأي حركة تغيير ، بغض النظر عن صحتها أو فسادها ، سبقتها نسخ تجريبية إن صح التعبير ، حتى اكتملت عوامل الثورة الكاملة ، فأحسن اليهود ، كما تقدم ، استعمال فقر وجهل الفرنسيين في ضرب الدين والدولة الملكية معا ، فقد سئمت الجماهير من تآمرهما ، فارتضت أن تبذل من دمائها لإزالة هذا الطاغوت الثنائي بشقيه : الديني والدنيوي ، وليس المراد نقل التجربة بحذافيرها إلى العالم الإسلامي ، بل ذلك عين الخطأ ، لاختلاف الظرف ، فالإسلام ليس فكرة أرضية يمكن لها بثورة الرعاع ! ، بل هو منهج رباني يمكن له بتضحيات الرجال ، ولكنه من وجه آخر ، يشترك لا محالة ، بمقتضى السنة الكونية ، مع تلك الحركات الأرضية في دفع الثمن ، فلا بد من تضحيات ، ولو اختلفت النيات ، فهذا يموت في سبيل الله ليظهر الدين ، وهذا يموت في سبيل العلمانية لينعم أبناؤه وأحفاده بمكاسبها ، وشتان ، وإن كانت صورة القتل واحدة ، ولذلك فإن المطالبين اليوم ، بالثورة من أجل إقرار الديمقراطية في العالم الإسلامي ، يحرثون في الماء ، لأن الديمقراطية بمقرراتها الفكرية تنافي الإسلام ، فهي الصورة السياسية للعلمانية ، والعلمانية لا تخفي مشاعر العداء لأي دين ، فهي والأديان في شقاق عظيم ، فإذا كانت الشعوب ، كما يقول بعض الفضلاء المعاصرين ، على استعداد للتضحية ، ولو في سبيل لقمة الخبز قهي تجيش الجموع في مظاهرات تحمل عنوان : "جوعتونا" ، كما يحدث الآن عندنا في مصر ، فهلا كانت تلك المظاهرات ، بغض النظر عن حكمها الشرعي ، هلا كانت نصرة لأخواتنا الأسيرات فأيهما أولى بالتظاهر : الدين التذي تنتهك حرمات نسائه أو لقمة الخبز ؟! ، فلماذا لا يضحون من أجل الإسلام ، ففيه ما يتمنونه من مكاسب الديمقراطية أو يزيد ، فالعقل يقضي بداهة ببذل الثمن لنيل البضاعة الأجود ، لو فرض أن الأخرى جيدة ، ولو من وجه أو وجوه ، وبعض الأخوات اللاتي استغثن برئيس مصر لينقذهن من هذا الظلم ، قالت بأننا نعيش في بلد ديمقراطي ، فخاطبت الساسة بالمصطلحات التي يفهمونها ، أو يدعونها ، فتلك الشعارات مما تلوكه الألسن من منتصف القرن الماضي إلى يوم الناس هذا ، فهل توجد ديمقراطية في مصر أو في غيرها من دول العالم الإسلامي ، الجواب بطبيعة الحال : لا ، وليس ذلك مما يستحى من ذكره ، بل الواجب شرعا ألا توجد ديمقراطية في العالم الإسلامي لمنافاتها لجملة من أحكام الدين الخاتم ، ولكن سقف الطموحات ، كما تقدم ، قد انخفض حتى تمنى الناس أن تكون الدول الإسلامية ديمقراطية على النموذج الغربي ، فتكون ديمقراطية فعلا لا قولا ، فيحظون بهامش الحريات الذي تقدمه الديمقراطية ، فهي في حقيقتها ، مسرحية فكرية ، ولكنها على أقل تقدير ، مسرحية بارعة ، يحظى فيها الشعب بدور مؤثر ، ولو في الظاهر ، ويعود عليه من ربحها المادي والمعنوي جزء يسير ، ولكنه عظيم بالمقارنة مع ما كان ولا يزال في كثير من أنظمة الحكم الاستبدادية ، ومع ضآلة هذا المكسب ، فإنه لا وجود له في بلد كمصر ، لتنتفع به تلك الأخت المستغيثة ، أغاثها الله عز وجل وكل إخواننا وأخواتنا من المستضعفين وفرج كربتهم ، لأن المصريين لم يدفعوا ثمن الديمقراطية ، كما دفعته الدول الديمقراطية فعلا ، والسنة الكونية قاضية بأنه لا شيء بلا ثمن ، فهل تصور المصريون أن تكون هناك ديمقراطية في حكم العسكر الذين جاءوا على ظهور الدبابات من 52 إلى الآن ، وهل كان لهم بقاء لو كانت هناك ديمقراطية حقيقية ، مع قصورها وعوارها الفكري الظاهر لمناقضتها لوحي النبوات الذي يقضي برد الحكم إلى الرب جل وعلا ، ومع ذلك لم يكن لهم بقاء إلا بادعائها لتسكين شعوب لم تدفع ثمنها أصلا ليحق لها المطالبة بمكاسبها ، فمقهوم الدول المدنية المزعومة في مصر : شعار ينهار في مواجهة أي قوة متنفذة كمؤسسة الحكم أو الكنيسة أو طبقة رجال الأعمال ، فكل يمارس طغيانه ، فهذا يمارس الطغيان السياسي قهرا للشعوب وكبتا للحريات بذراع عسكرية غاشمة تمارس الإرهاب الفكري والبدني ، والثاني يمارس الطغيان الديني بفتنة المؤمنين في دينهم تحت سمع وبصر دولة المؤسسات المزعومة ، بل وتحت حراسة مؤسستها الأمنية الشامخة ، والثالث يمارس الطغيان الاقتصادي بالاستيلاء على ثروات الأمة وتهريبها وتبديدها والتضييق على عموم المسلمين في معايشهم ، ولكل دوره الذي يمارسه في كفاءة منقطعة النظير ، فلم يدفع أحد ثمنا كافيا لترسيخ مفهوم الديمقراطية الحقيقية في مصر ، فكيف بالإسلام الذي يعلو ولا يعلى عليه ؟! .

وليس ذلك دعوة إلى ثورة من جنس الثورة الفرنسية ، فسبيل التمكين للدين الخاتم لا يكون بثورة أو انقلاب ، وقد وقعت تجارب مريرة في العالم الإسلامي في الأعصار الأخيرة ، فوقعت صدامات مسلحة غير متكافئة أدت إلى إزهاق أرواح كثير من المسلمين ، وظلم واضطهاد عام ، تعيش في ظله أغلب بلاد المسلمين الديمقراطية ! ، فالتضحية لا سيما بالدماء ملمح مشترك في التمكين لأي عقيدة أو مذهب ، ولو كان باطلا ، ، كما سبقت الإشارة إلى ذلك ، ولكن ذلك لا يعني التطابق ، فالاشتراك من وجه لا يلزم منه الاشتراك في بقية الوجوه ، بل للدين الخاتم منهج تمكين يميزه عن بقية المناهج ، وإن كان الابتلاء فيه حتما لازما ، كما يقع الآن لأخواتنا الأسيرات فك الله أسرهن ، فلا يمكن العبد حتى يبتلى ، كما أثر عن الشافعي رحمه الله ، وقد سكت المسلمون يوما ، كما يقول بعض الفضلاء المعاصرين ، على قتل سمية ، رضي الله عنها ، بتلك الطريقة البشعة ، فكفوا أيديهم لضعف شوكتهم فلو بادروا بالانتصار لها لاستأصلت قريش شأفتهم ، وكثيرا ما يسعى أهل الباطل إلى استدراج أهل الحق إلى معارك غير متكافئة ، فيقع من العجلة ما لا يحمد عقباه ، والتاريخ الحديث خير شاهد على ذلك ، ولم يسكتوا على أقل من ذلك ، لما قويت شوكتهم فجيش صلى الله عليه وعلى آله وسلم أصحابه لينتصروا لامرأة مسلمة كشف بنو قينقعاع عورتها ، فلأزمنة الاستضعاف أحكام تلائمها ، ولأزمنة التمكين الذي لا يكون إلا بثمن ، كما تقدم مرارا ، أحكام أخرى تلائمها ، فلكل وصف حكم يلائمه ، فإن وجد وجد بوجوده ، وإن عدم عدم بعدمه ، فيدور معه وجودا وعدما ، وليس ذلك دعوة إلى البرود والقعود عن نصرة أولئك الأخوات فرج الله عنهن ، فذلك واجب على كل مسلم بما يقدر عليه ، فلا عذر لأحد في هذه النازلة التي يصدق عليها قوله تعالى : (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) ، فالانتصار لهم ، ولو بالولاء والبراء الباطن ، فيواليهن المكلف ويبرأ ممن ظلمهن وخذلهن ، وإلا فعليه أن يراجع إيمانه ، بل أصل إيمانه ، فقد ينتقض بالكلية إن لم يحسن تحرير ولائه وبرائه في نازلة كهذه ، وإذا كان علماء العقيدة يدرجون في المتون العقدية المسائل الفرعية التي وقع فيها النزاع مع المنحرفين من أهل القبلة كالمسح على الخفين والصلاة على الجنائز ونحوه ، وهو ما قاس عليه بعض الفضلاء المعاصرين أمورا من قبيل الهدي الظاهر كاللحية والنقاب فإنه لما كثر الجدال فيها صارت من مظاهر الإسلام التي يباين بها غيره مع كونها من أمور الهدي الظاهر ، كما تقدم ، ولكن النازلة رفعتها إلى مقام المفاصلة فكيف بنازلة كهذه هي في نفسها من أصول الدين لأنها تتعلق بعمل قلبي ينتفي أصل الإيمان بانتفائه ، فالولاء للمؤمنين والبراء من الكافرين أصل ينتفي الإيمان بانتفائه فلا يبعد أن يقال بأنه مما ينبغي أن يسطر في أمور العقائد ولو في القلوب وعلى الألسن بأننا نعتقد بأن من خذل مسلما أو مسلمة فأسلمه إلى كافر ليفتنه في دينه فهو كافر مرتد عن الملة بغض النظر عن عينه ، فليس تحرير الحكم على الأعيان هو المراد في تقرير مسائل الاعتقاد العامة ، ولا عذر ، والله أعلم ، بإكراه من قبيل : "أنا عبد المأمور" ! الذي يحتج به كثير ممن يفعل ذلك فهو مكره ينفذ الأوامر الصادرة من الجهات العليا ، والحمد لله الذي عافانا من الابتلاء بتنفيذ أوامر من جهات عليا تخرج من ينفذها من الملة ! ، ويواليهن بالدعاء ، لا سيما في هذه الأزمنة الفاضلة ، وفي كل زمان فاضل ، كالثلث الأخير ، ويواليهن إن كان ذا نفوذ ، بالتدخل ، لدى المؤسسات الداخلية والخارجية كما صنع أحد المحامين من التيار الإسلامي في مصر وهو الأستاذ ممدوح إسماعيل برفعه الأمر إلى الأمين العام للأمم المتحدة التي تتشدق بحقوق الإنسان فإلزامها بما تتشدق به قد يسبب لها نوع حرج إن كان ثم بقية حياء عندها ، فقد يؤدي ذلك إلى إحداث ضغط على السلطات الهزيلة لتتخذ إجراء مناسبا ، ولو ذرا للرماد في العيون لتشفى صدور المؤمنين فينزع فتيل الفتنة التي تشتعل يوما بعد آخر ، وكذلك فعل محام آخر وهو الأستاذ نزار غراب فرفع الأمر إلى منظمة : "هيومان رايتس ووتش" ، وإلى مؤسسات حقوق الإنسان في الاتحاد الأوروبي لعل فيها صاحب مروءة وشهامة وإن لم يكن ذا ديانة .

http://almoslim.net/node/133101

ويواليهن بتفعيل القضية بشكل متعقل بعيدا عن الشحن الزائد ، ويواليهن بمقاطعة أهل الباطل ممن يرضون هذا الظلم ، أيا كان دينه أو مذهبه ، والتعاون مع من يتعاطف معهن ، ولو كافرا ، فمن النصارى ، أصحاب مروءات تعاطفوا معهن ، ولو ظاهرا ، وأمر الباطن موكول إلى الرب ، جل وعلا ، فيجب التعاون معهم بقدر الإمكان وإظهار موقفهم أمام جموع النصارى قدر المستطاع فذلك يسبب إحراجا كبيرا للمؤسسة الكنسية التي تعيش اضطرابا وتوترا لسوء إدارتها لهذا الملف ، زادها الله اضطرابا وتخبطا وعجل بسقوطها على رأس شنودة وعصابته التي تستر فضائحها برداء الدين الكهنوتي المبدل . فملاحظة القضاء الكوني في هذه النازلة مما يهون على المسلم فــ : (لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ) ، كما استشهد بهذه الآية أحد الفضلاء الناشطين في هذا الأمر ، ولكنه في نفس الوقت لا يعني القعود عن ملاحظة القضاء الشرعي ببذل الأسباب المشروعة والمقدورة ، فكل امرئ بما استطاع ، وإلا عم العقاب الجميع ، كما ضرب الله ، عز وجل ، الذل علينا جميعا في هذه النازلة ، وقد صار هذا الأمر سواء تعلق بالأخت كاميليا أو الأخت وفاء ...... إلخ ، صار فرقانا بين الإيمان وصورة ظاهرة من صور الكفر الأكبر لتعلقه ، كما تقدم ، بعمل قلبي لا يتصور وجود الإيمان في القلب مع انتفائه ولو ادعى صاحبه ذلك ادعاء ظاهرا يشهد فعله بكذبه الصراح .

والله أعلى وأعلم .