المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قبح الزنا والإباحية عقلاً



د. هشام عزمي
10-10-2010, 10:47 PM
بسم الله ..
خلق الله تبارك وتعالى الزوجين الذكر والأنثى وأودع فيهما ما يجعل أحدهما يميل إلى الآخر ..
وهو المعروف بالرغبة الجنسية أو الميلان الجنسي ..
ثم إنه تبارك وتعالى ركّب في الرجل من الشهوة ما يفوق قوته وطاقته بمراحل ..
وجعل هذه الشهوة غير محدودة بحد ولا مضبوطة بضابط ..
ولا مقيدة بوقت من أوقات الليل والنهار ، ولا بفصل من فصول السنة ..
ثم إنه ليس في جبلة الإنسان ما يقف به عند حد معين ..
بل ركب الله من أسباب الجاذبية في الجنسين ما لا يعد ولا يحصى ..
وجعل في هيئة الجسم وتناسبه وتركيبه وأجزائه وحركاته ولفتاته ، بل في رنة الصوت ونظرة العين قوة جاذبة أخاذة ..!
وهذه كلها نوازع تحرك الشهوة وتجعل الواحد يميل إلى الجنس الآخر ..
فلماذا خلق الله تبارك وتعالى الإنسان على هذه الجبلة والنزعة العارمة ..؟
ألمجرد بقاء النوع ..؟
لا ، لأن النوع الإنساني لا يحتاج إلى كل هذا التناسل للبقاء ، فهو ليس كالسمك أو الذباب ..!
ألمجرد توفير اللذة والمتعة ..؟
لا ، لأن الإنسان لو أتى الوظيفة الجنسية بقدر عشر ما فيه من الشهوة والنزوع الجنسي لخانته طاقته ولخارت قواه ..!
وهذا يدل على أن سبب قوة الشهوة عند الإنسان ليس مجرد إتيان الوظيفة الجنسية ..
بل هو تقوية الرابطة بين الرجل والمرأة إلى جعلها علاقة ثابتة مطردة ..
ولأجل ذلك ركب في طبع المرأة من الحياء والاحتشام والصدود والامتناع ما يجعل الرجل مشدودًا دومًا إليها ..
فالمقصود من هذه الجبلة الجنسية هو تحقيق الاتصال الدائم بين الزوجين فيما يعرف بنظام الأسرة ..
لا أن تكون كل العلاقة بينهما هي مجرد عملية جنسية ..
يتبع إن شاء الله ..

د. هشام عزمي
10-10-2010, 11:06 PM
قلنا إن الطريق الذي تريده الفطرة هو أن يكون بين الرجل والمرأة اتصال أبدي بصورة النكاح ..
ويكون هذا الاتصال أساسًا للنظام العائلي ..
ولهذا السبب خلق الله تعالى الطفل البشري أضعف وأعجز من نتاج سائر الحيوانات ..
فتجده يحتاج - بخلاف الحيوانات الأخرى - إلى رعاية والديه وتربيتهما لسنين طويلة ..
ويتأخر فيه نشوء القوة والأهلية لكسب القوت والاعتماد على النفس في المعاش والرزق ..
وهذا مما يراد به ألا ينحصر اتصال الرجل والمرأة في التعلق الجنسي فقط ..
بل تحملهما نتيجة هذا التعلق على التعاون في أمور الحياة وتربية الأولاد ..
ولهذا كذلك فطر الله الإنسان أحنى على أولاده وأكثر حبًا لهم من سائر الحيوان ..
فالحيوانات تفارق أولادها بعد أن تربيها لفترة ، ثم تنقطع بينهما الأسباب فلا يعرف بعضها بعضًا ..
أما الإنسان فيظل مأسور الفؤاد بحب أولاده ، حتى بعد انقضاء مدة التربية ..
ثم يمتد حبه هذا إلى أولاد أولاده .. إلخ ..
ويبلغ من سلطان هذا الحب أنه يحب لأولاده أكثر مما يحب لنفسه ..
ويود في قرارة نفسه أن يهييء لهم أكثر ما يحب لنفسه من أسباب المعاش ..
بل ويورثهم كل ثمرات أعماله ومجهوداته في الدنيا وخبراته وعلومه كلها ..
فها هي الفطرة تريد أن تكون الرابطة الجنسية بين الرجل والمرأة أداة لإنشاء العائلة ..
ثم تمضي هذه السلسلة من حب الأولاد والأقارب لتربط العائلات بروابط الصهر والنسب ..
فتكون هذه هي النواة لنظام المجتمع بأسره ..
يتبع إن شاء الله ..

إلى حب الله
10-11-2010, 10:38 AM
والله كلمات فيها من المعاني أكثر مما يبدو من الوهلة الأولى ..
ولا يُدركها إلا عاقل لبيب مُـتفكر !

بارك الله فيك ...

أمازيغي
10-11-2010, 12:13 PM
فعلا الزنا والاباحية يقبحها العقل والفطرة الإنسانية قبل الدين

وهذا دليل على مدى صحة الدين الاسلامي الذي جاء كآخر رسالة وإنذار لتقويم سلوك البشرية ثم لا يكون بعد الاسلام إلا الطوفان

والدليل على أن الزنا والإباحية غير مقبولة عقلا وفطرة هو عدم انتشارها بشكل عمومي حتى عند الغرب بل لا زالت شيئا خصوصيا

فهل يسمح موقع جوجل اليهودي مثلا أو الفيس بوك أو يوتوب بعرض محتويات إباحية؟ طبعا لا إلا في حالات قليلة إذا لم يتم التبليغ عنها

لماذا في نظركم؟ لأن العالم كله يعرف أن الاباحية شيء هدام ومخرب للذات الانسانية = منافي للأخلاق التي تتفق البشرية على احترامها بغض النظر عن الاسلام أو اي دين آخر

د. هشام عزمي
10-11-2010, 01:09 PM
بارك الله فيكم يا أحبة ..
والموضوع ما زال في بدايته ، وأنا أكتبه ببطء شديد ..
عمومًا سوف تتضح الصورة في الأجزاء الباقية إن شاء الله ..
حيث أني أهدف إلى تأسيس بناء عقلي لكامل التشريعات الإسلامية حول علاقة الرجل بالمرأة ..
ودليلي في هذا السبيل كتابات المودوي والدهلوي بالدرجة الأولى ..
بالإضافة إلى فوائد من كتابات العلامة الرافعي والأستاذ محمد قطب والشيخ رفاعي سرور ..
والله الموفق .

د. هشام عزمي
10-11-2010, 01:11 PM
إذن فإن الطريق الذي تريده الفطرة هو أن يكون بين الرجل والمرأة اتصال أبدي بصورة النكاح ..
وأن يكون هذا الاتصال بينهما أساسًا للنظام العائلي ..
وهذا النظام العائلي هو الذي ييسر للمجتمع كل ما يحتاج إليه من الآلات الميسرة لنظامه الواسع ..
فما أن يبلغ الفتية والفتيات سن البلوغ حتى يهتم رؤساء العائلة بأن يلتمسون لهم أزواجًا يوافقوهم ..
حتى ينتجوا بتواصلهم نسلاً أعلى وأجود ..
ثم متى أنسلوا نسلاً يجتهد كل عضو من أعضاء العائلة أن يربيه أحسن تربية ..
فيجد الطفل في محيط العائلة بيئة من العطف والحب والحنان والرعاية والتعهد تكون عاملاً على سلامة نموه ..
ولا يوجد خارج محيط العائلة أي بيئة تساهم في نمو الطفل نموًا سليمًا بدافع الحب والإخلاص المجرد ..
بل الأبوان يحبان أن يجدا الأولاد في حال أحسن من حالهما وعلى مكانة أرقى من مكانتهما ..
فيجتهدان من تلقاء نفسيهما أن يجعلا الجيل اللاحق أحسن من الجيل السابق ..
ويمهدان بذلك سبيل الارتقاء في سلم المدنية والحضارة ..
وهذا الجهد والسعي من الأبوين لا تشوبه شائبة من أثرة أو منفعة ذاتية ..
فهما لايريدان شيئًا لنفسيهما ، وإنما يريدان فلاح أولادهما ويعتبران نجاحهم جزاءً وافيًا لمجهوداتهما ..
فبالله عليك ، أين يمكن أن تجد خارج النظام العائلي أمثال هؤلاء العاملين المخلصين والخادمين الأوفياء ..؟!
فهم لا يكتفون ببذل هذه الخدمات للجيل اللاحق بدون أجر ..
بل هم يبذلون لهذه الخدمة كل ما يملكون من الوقت والراحة والقوة والمال وتحري الإتقان ..
ويضحون بكل غال ونفيس في سبيل هذا الأمر الذي لا تنفعهم ثمراته ..
بل يجني ثمرات هذا المجهود البالغ غيرهم ..
يتبع إن شاء الله ..

shahid
10-11-2010, 01:35 PM
موضوع رائع ومشوق . حبذا يا دكتور لو زدت الجرعة قليلا اذا لم يترتب عليها مضاعفات .

أمَة الرحمن
10-11-2010, 03:22 PM
أكمل أخي، بارك الله فيك و زادك علماً، فقد شوقتنا!

Eslam Ramadan
10-11-2010, 04:48 PM
بارك الله فيك

اخى الدكتور هشام

رجاء اكمل .. بارك الله فيك
وزادك علما

متابع ان شاء الله

مسلم ابن مسلم
10-11-2010, 06:28 PM
رائع جدا

زينب من المغرب
10-11-2010, 07:20 PM
تسجيل متابعة
بارك الله سعيك ورزقك العون والسداد

نور الدين الدمشقي
10-11-2010, 08:04 PM
استاذنا الكريم بارك الله فيك. ما زلت دائما تفيدنا بمواضيعك القيمة.
وحتى أكون صادقا...شعرت بأنني أريد أن أتناول الموضوع من وجهة نظر نقدية قليلا, واعذر اخاك الصغير في ذلك...وليس نقدي هذا في مقام المقارنة بين الزنا أو الاباحية والزواج الذي شرعه الله معاذ الله.. فلا يخالف في ذلك عاقل.....
ولعل سبب تناولي للموضوع بالنقد هو أن أصل الموضوع عبارة عن تأملات وخواطر في بعض حكم الله تعالى فوجدتك اخي الكريم تجزم بعبارات هي للعلم اليقيني أقرب من كونها تأملات في حكم الله الذي لا يعرفها الا هو. ومن ذلك استخدامك لألفاظ من مثل: "ولهذا خلق الله او جعل الله"..."ولأجل ذلك خلق الله"..."ولهذا السبب خلق الله"...وكنت أود لو أنك قلت: "ولعل الحكمة في ذلك" أو "وقد تكون الحكمة من ذلك". والله أعلم.
كذلك في قولك سيدي الكريم:

ثم إنه تبارك وتعالى ركّب في الرجل من الشهوة ما يفوق قوته وطاقته بمراحل ..
وجعل هذه الشهوة غير محدودة بحد ولا مضبوطة بضابط
لا أفهم حقيقة معنى هذا الكلام..فما معنى قولك بأن الله ركب في الرجل ما يفوق قوته وطاقته؟
وما معنى أنها غير محدودة بحد ولا مضبوطة بضابط؟ حيث ان هناك الكثير من الضوابط للشهوة والتي يقف عندها العقلاء حتى ممن لا يدينون بديننا.


ولأجل ذلك ركب في طبع المرأة من الحياء والاحتشام والصدود والامتناع ما يجعل الرجل مشدودًا دومًا إليها
ليس بالضرورة ان يكون الرجل مشدودا الى المرأة التي تتصف الصفات الرائعة التي تتحدث عنها...فالكثير من الرجال يكون مشدودا للمرأة التي قد تخالف هذه الصفات...وهل جعل الله سبحانه تلك الطباع في المرأة فقط لأجل ان يكون الرجل مشدودا دوما اليها؟ هل نستطيع الجزم بذلك اخي الكريم؟
بارك الله فيك

عياض
10-12-2010, 03:04 AM
شيخنا الفاضل ارجو الله فعلا ان يزيد في شهوتك النزاعة الى تحقيق المعاني و ينفص من الاستعجال في بنائك البطيء للمقدمات ...
أخي الغريب في انتظار رد الشيخ الفاضل ..اظنه من المعيب فعلا كما تقول ..لو كان كلامه يحصر الحكم في ما ذكره..اما جزمه اجتهادا بحكمة ظاهرة دون حصر..فهو معروف في كلام السابقين من غير نكير فيما اظن..
و كلامه عن الشهوة و طاقة الانسان معقول طبيا و ظاهر جدا...فكلام الأطباء مشهور في ان ما يحدث في اثناء الجماع لو كان يحدث في الحالات الطبيعية لوجب ان يقتل الانسان...فكما لخصه احدهم ببراعة :): أن خلال العملية الحدقات تتمدد بشكل مهول ..و الشرايين تنقبض بحدة ..حرارة الجسم تشتعل..و القلب يخفق بشدة..و الضغط الدموي يصعد الى مستويات مخيفة..و التنفس يتسارع بشكل متقطع...و الدماغ يرسل براكين من النبضات الكهربائية في جميع الاتجاهات..و تسيل افرازات من جميع الغدد....و العضلات المتوترة تنقبض بشدة كما لو كنت تحمل ثلاثة اضعاف وزنك...عنيف..و قبيح و مدمر...و لولا ان الله جعله ممتعا بشكل لا يصدق..لانقرض الجنس البشري منذ امد بعيد....:):

وهو امر معرفته ليست وليدة اليوم ..بل كانت معروفة من قديم هذه العلاقة المميتة / المحيية..و يمكنك مطالعة مؤلفات الشيخ الرئيس الذي هلك به..او حتى كلام صاحبك الامام ابن القيم في المدارج و غيرها عن الموضوع فقد لامس بعض ما يحاول الدكتور لمسه ببراعة...:):

أما بالنسبة لطبع المرأة و توصيفه..فيبدو لي ان لو احسنا التامل لوجدنا الأمر في الأصل على ما يقول الدكتور هشام..و قد ابدع الامام ابن حزم في توصيف طبع المرأة بالمقارنة مع طبع الرجل ابان اللقاء و كيف ان من طبع المرأة الصدود و من طبع الرجل الالحاح..و كيف ان المرأة في اقتفاء اثر دواخل نفس الرجل ابرع من قافة آثار المارة...وان خالفت المرأة في ذلك فليس الا لشيء لا تدركه بالصدود اولا..و هو نوع من اللؤم المحمود المتأصل في المرأة اكثر من الرجل..و الذي ان احسن استغلاله و ضبط..كان تصريفا طيبا للشر الذي اصل طبعنا منه...و رحم الله الامام الشافعي حين قال : ان الانسان لئيم بطبعه..يقترب ممن يبتعد عنه..و يبتعد ممن يقترب منه :):

كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل
10-12-2010, 06:38 AM
فكما لخصه احدهم ببراعة أن خلال العملية الحدقات تتمدد بشكل مهول ..و الشرايين تنقبض بحدة ..حرارة الجسم تشتعل..و القلب يخفق بشدة..و الضغط الدموي يصعد الى مستويات مخيفة..و التنفس يتسارع بشكل متقطع...و الدماغ يرسل براكين من النبضات الكهربائية في جميع الاتجاهات..و تسيل افرازات من جميع الغدد....و العضلات المتوترة تنقبض بشدة كما لو كنت تحمل ثلاثة اضعاف وزنك...عنيف..و قبيح و مدمر...و لولا ان الله جعله ممتعا بشكل لا يصدق..لانقرض الجنس البشري منذ امد بعيد....


شرايين وقلب يخفق بشدة وضغط دموي والتنفس رايح فيها والدماغ يرسل براكين كذلك وعضلات متوترة وتعبانة!!!!


الله يستر أخ عياض :)):

كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل
10-12-2010, 06:51 AM
ليس بالضرورة ان يكون الرجل مشدودا الى المرأة التي تتصف الصفات الرائعة التي تتحدث عنها...فالكثير من الرجال يكون مشدودا للمرأة التي قد تخالف هذه الصفات...وهل جعل الله سبحانه تلك الطباع في المرأة فقط لأجل ان يكون الرجل مشدودا دوما اليها؟ هل نستطيع الجزم بذلك اخي الكريم؟
بارك الله فيك


أخي الفاضل كلام الأخ الدكتور عن نظام الأسرة في الإسلام مبدأه ومنتهاه ولا عبرة بنظام الأسر الأخرى الخارجة عن سبيل المؤمنين (( أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار ))

فالمرأة الصالحة بالمقياس الإسلامي فيها الصفات التي ذكرها الأخ الفاضل والتي يرغب بها الرجل الصالح لتكوين الأسرة الصالحة المنتجة في المجتمع وعدم ذكر الصفات الحسية لا يعني نفيها وهذا المقصود بقوله حفظه الله


وهذا النظام العائلي هو الذي ييسر للمجتمع كل ما يحتاج إليه من الآلات الميسرة لنظامه الواسع ..

زينب من المغرب
10-12-2010, 02:41 PM
حبذا أيها الأفاضل لو تركتم الفاضل د.هشام حتى يتم مقصده ربما اتضحت الصورة وزال الإشكال.
أعتقد والله أعلم أن النقد هكذا في بداية موضوع متسلسل سيشتت صاحبه والمتابعين. وهو مجرد رأي وقد قيل عن الرأي أنه يحترم والفكرة تناقش ولكن طبعا خارج موضوع الأخ.
أتمنى أن لا يكون تدخلا في غير محله.

د. هشام عزمي
10-12-2010, 03:42 PM
بارك الله فيكم يا أحبة على تعليقاتكم النافعة القيمة ..
وليتكم لا تتسرعون في تلقيبي بالشيخ فأنا لست كذلك حفظكم الله ونفع بكم ..
أما ما انتقده الأخ سترانجر فيحتاج فعلاً للتوضيح ولمزيد بيان ..
فمقصودي بكون شهوة الرجل غير مضبوطة بضابط أو محدودة بحد هو ما ذكرته في السطر الذي يليه ..
وهو أنها غير محدودة بفصل معين من فصول العام أو بوقت معين من الليل أو النهار ..
وليس في جبلة الإنسان ما يوقف هذه الشهوة عند حد أو مقدار ..
فالمفروض فعلاً أن أكتب (فهي غير مقيدة بكذا ولا كذا ..) بدلاً من (ولا هي مقيدة ..)
حتى يفهم القاريء أن ما تلا هو تفصيل ما سبق لا مزيد إضافة عليه ..
فجزاكم الله خيرًا على التنبيه ، وليتكم تتناولون ما أكتب من وجهة نقدية ..
فهذا مبحث عقلي يحتاج إلى تلاقح العقول ، بل وتبارزها كذلك ، وليس وحيًا معصومًا ..

أما كون الشهوة تفوق طاقة الإنسان بمراحل فهذا واقعٌ أخي الحبيب بالحس والتجربة ..!
ولو حاول المرء أن يحصّل اللذة من كل شهوة تعرض له لهلك قبل أن يبلغ العشرين من العمر ..!
تأمل كيف يبذل المرء وسعه في تحصيل لذة الجماع مع زوجه مرة بعد مرة ..
حتى ينهال عرقه وتنقطع أنفاسه فيحتاج إلى الراحة في منتصف الطريق حتى تتجدد قواه فيواصل من جديد ..
ثم تصوّر هذا المجهود مع كل شهوة تثيرها نظرة أو لفتة أو ضحكة أوحتى منظر حذاء حريمي ..!!
صدقني يا أخي ، هذه النقطة سليمة لا ريب فيها بإذن الله تعالى ..
والطريف أن هذا الموضوع كنت قد جمعته في محاضرة ألقيتها في غرفة البالتوك مرة أو مرتين ..
ثم كان الأخوة يراسلونني على الخاص لأرحمهم من هذه التفاصيل في علاقة الرجل بالمرأة لأنهم غير متزوجين ..!
فنشأت عندي قناعة أن التفصيل في هذه الأمور غير مستحب ..
ثم الآن أجد أن الاختصار قد أساء ولم يحسن ، فالله المستعان ..

أما طبيعة المرأة من الصدود والامتناع فهي مما يحافظ على ثبات علاقة الرجل بالمرأة ..
فإن إقبال الرجل مع صدود المرأة يخلق توازنًا يحافظ على ثبات واطراد العلاقة ..
كما هو الحال مع قوة الجاذبية وقوة الطرد المركزي بين الأجرام ..
وفي الواقع فإن تمنع المراة ودلالها على الرجل مع شدة رغبته فيها من الأمور التي تخلب لب الرجل حقًا ..
وهي من الأسرار الإلهية التي أودعها الله تعالى في طبيعة المرأة ..
وأكتفي بهذا القدر حتى لا تعود زوجتي فتقرأ هذا الكلام فألقى منها حسابًا عسيرًا ..!!
فهذا هو مقصودي بالصدود والامتناع من المرأة للرجل ..
فمع القوة المغناطيسية الجنسية الجاذبة لابد من قوة طاردة لتحافظ على ثبات العلاقة واستمرارها ..
فتكون النتيجة هي تحقيق الاتصال الدائم بين الزوجين ، لا أن تنتهي كل رغبة جنسية بينهما إل عمل جنسي ..
ولا أقصد بكلامي إطلاقًا ما يجذب الرجل إلى المرأة ابتداءً من صفات الجمال أو أخلاق الكمال ..
فهذا موضوعٌ آخرٌ أخي الحبيب ..

تبقى نقطة ما حسبته من كوني أجزم بيقين أن ما أقوله هو حكمة الله تعالى ..
فهذا ما لم أقصده إطلاقًا ، وفي نهاية المقال كنت سأكتب (والله أعلم وأحكم) ..
وليس في صياغة كلامي ما يعيب إن شاء الله فبهذه الطريقة كتب علماء التفسير مثلاً في بيان المراد الإلهي ..
وعلى ذلك جرى المحدثون والفقهاء والأصوليون فيما أعلم ..
بل حتى في مجال بيان حكم الله تعالى في مخلوقاته ، وأنظر مثلاً ما كتبه ابن القيم في مفتاح دار السعادة ..
كذلك ما كتبه في شفاء العليل عند تفسير قوله تعالى {ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} ..
وقد ذكر الأخ عياض نكتة بديعة في الفرق بين ما يعيب وما لا يعيب في هذه النقطة ، فجزاه الله خيرًا على الإفادة ..
والله أعلم .

نور الدين الدمشقي
10-12-2010, 06:48 PM
مع أنه لا يزال..في جعبتي أقوال...سأعمل بقول زينب...اختنا من المغرب......وأتابع استاذنا المفضال...لعله يزول الاشكال...لأكون كالبليت...منعا من التشتيت...سائلا رب البريات...ان يرزقنا حسن النيات...ويجعله في ميزان الحسنات.

عياض
10-12-2010, 07:51 PM
و انا ايضا ســأقفل فمي و اتابع..فقد صدق حدسي فيك ياشيخ في تحقيقك للمعاني و الاحتفال بفقه الأضداد..فقط سأؤيدك فيما ذكرتموه من ان تناول هذه المواضيع بحدودها الشرعية هو مما تناولته مؤلفات اهل العلم للعموم...ومن رجع لكلام الامام ابن القيم فضلا عن غيره ممن كانوا اكثر صراحة...و كيف يربطه بقيم التوحيد و الحرية ...يعرف ان بعضا من الحساسية التي نصاب منها من جراء تناول هذه المواضيع لا معنى لها..و لهذا فليسمح لي الدكتور بأن اضع هذه...

http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/0/05/RATED_G.svg


:):

د. هشام عزمي
10-13-2010, 12:50 AM
يبدو أن صيحةً هادرةً من الأخت زينب قد كممت جميع الأفواه ..!!
طيب ، نكمل على بركة الله ..

د. هشام عزمي
10-13-2010, 02:03 AM
مما هو بديهيٌ ومعلومٌ أن المقصود من خلق الإنسان زوجين وخلق الجاذبية الجنسية هو بقاء النوع ..
لكن الواقع أن الفطرة التي فطر الله الناس عليها لا تطالب الإنسان بهذا فقط ..
بل هي تطالبه بأمورٍ أخرى ..
فمما يلفت النظر في هذا الصدد كون الطفل البشري أضعف من سائر الحيوانات ..
وهو يحتاج وقتًا أكبر وعنايةً أبلغ لأجل رعايته وتربيته وتنشئته ..
فهو يحتاج لمجرد قضاء حاجاته الحيوانية المحضة بنفسه لعدد كبير من الأعوام ..
بل هو يبلغ من الضعف والعجز أنه لا يمكن أن يحيا ويعيش في سنواته الأولى دون رعاية فائقة ..
لكن الإنسان مهما كان بدائيًا ، فلابد له من درجة ولو يسيرة من الحضارة والمدنية ..
وهذه الحضارة أو المدنية تضيف إلى واجبه من تربية الأولاد أعباءً إضافية ..
منها: أنه ينبغي له أن يستعمل لتربية ولده كل ما يتيسر له من وسائل الحضارة ..
ومنها كذلك: أنه يربيه تربية تؤهله لتدبير شئون المجتمع على نفس المستوى الحضاري الذي ولد فيه ..
فالأب يعلم ولده كل شيء بداية من القراءة والكتابة وكيفية فتح باب الشقة بالمفتاح حتى قيادة السيارة واستعمال الكمبيوتر ..
وكلما كانت الحضارة أكثر تمدنًا ورقيًا كانت الأعباء التربوية والتعليمية أثقل وأبهظ ..
ثم إن الحضارة لا تكتفي بالأفراد ذوي الثقافة العالية والإمكانيات العالية لقيامها وبقائها ..
بل هي تتطلب كذلك أن يكون كل جيلٍ لاحقٍ أعلى رتبةً وأكمل مهارةً من الجيل السابق ..
أي: تتطلب من كل أبٍ أن يربي ولده تربية أحسن من تربيته وأن ينشئه تنشئة خير من تنشئته وأعلى من مستواه ..
فتأمل ..!
هذه هي مطالب الحضارة والمجتمع المتمدن ..
وأول من تتوجه له هذه المطالب هو المرأة ..!
وذلك أن الرجل قد يكون منه أن يتصل بالمرأة ساعة من الزمن ، ثم يبتعد عنها بعدها ..
فينأى الرجل بنفسه عن تبعة هذا الاتصال ، ويكون على المرأة أن تتحمل هذه التبعة طول عمرها ..
فإنها إذا حملت فسوف يكون عليها واجب العناية والرعاية لهذا الطفل ..
ثم هي تتحمل كل تبعات تربيته وتنشئته حتى يصبح قادرًا على الكسب وتدبير معاشه ..
فكيف يكون لطرف واحد أن يتحمل كل تبعات وأعباء هذا الاتصال الذي اشتركا فيه جميعًا ..؟!
لهذا وجب على الرجل الذي اتصل بامرأة أن يتحمل نصيبه من الأعباء والتبعات الناتجة عن هذا الاتصال ..
لكن كيف يمكن إقناعه بتحمل هذه المسئولية الباهظة وقد جُبل المرء على حب المصلحة الشخصية ..؟
فالواجب الطبيعي من الحفاظ على النوع ، فقد تم تحقيقه بمجرد الاتصال الحنسي فالحمل فالإنجاب ..
وهنا ينتهي دور الرجل الطبيعي ..!
ثم ما الذي يدفع الرجل لتحمل مصاريف هذا الطفل النكد ..؟
وما الذي يدفعه ليحرم نفسه من النومة الهنيئة بصراخ هذا الخبيث في جوف الليل ..؟
ثم ما الذي يدفعه لترك هذا الشيطان الصغير يحبو في البيت عابثُا بكل ما فيه ومحطمًا ما تطاله يداه ..؟
ثم هو بعد ذلك يترك بوله وبرازه في كل مكان بالشقة ولا يفلح فيه نهي ولا زجر ..!!!
إن الله تبارك وتعالى قد حلّ هذه المشكلة جزئيًا بأن جعل في هذا الصغير قوةً عارمةً ، ألا وهي حب أبويه ..
وهذا رغم حماقاته المستفزة وخسائره في كل مكان بالبيت ..!
لكن هذا أيضًا لا يكفي لما في طبع الرجل من الأثرة والأنانية وحب مصلحة الذات ..
فما الحل إذن ..؟؟
إنها من معجزات الدين حقًا أنه يحض الإنسان على التضحية والإيثار لأجل بناء الأسرة ..
وأنه يحول هذا الكائن الأناني إلى إنسان يعمل على تشكيل الأسرة وبناء المجتمع ..
وإن الأنبياء والمرسلين هم الذين فهموا مقاصد الفطرة وآليات تأسيس المجتمع فهمًا صحيحًا ..
فقرروا الصورة الصحيحة للعلاقة بين الرجل والمرأة ، وهي النكاح ..
وهم الذين جرت على أيديهم سنة النكاح في كل أمة وشعب ..
وهم الذين أعدوا الإنسان لتحمل متاعب الحياة ومصاعبها ..
وإلا فمن أحق بأن يكون عدوًا للطفل من أبويه ..؟!
وعلى هذه القواعد التي وضعها الأنبياء والرسل تأسس النظام الأسري التي يربط الرجال والنساء برباط المسئولية والمشاركة ..
وإلا فإن الشهوة العارمة لا يقف أمامها مجرد الالتزام الأدبي ..
إن غريزة الشهوات تنزع إلى الفردية والأنانية والفوضى ، وليس فيها ثبات ولا شعور بالمسئولية ..
وليس فيها إلا الاندفاع لتلبية نداء اللذة المحمومة ..
وليس من الهين تسخير هذه الرغبة المسعورة لخدمة مصالح الحياة التي تتطلب الصبر والثبات وتحمل المسئولية ..
فليس غير قانون النكاح يذلل هذا السعار وينزع منه الخبث والفوضى والأثرة والأنانية ..
حتى يجعله أداة لتعان الرجل والمرأة وتشاركهما في تحمل أعباء الحياة وإعمارها ..

يتضح مما سبق أن المقصود بهذه الرغبة الجنسية العارمة المركوزة في جسد الإنسان هو صرف فردية الإنسان إلى الجماعية ..
وأن الله تعالى قد جعلها قوة محركة لبناء المجتمع ثم ارتقائه في سلم الحضارة والمدنية ..
فبهذا الانجذاب الدائم والتواصل المستمر تكون بداية الحياة الاجتماعية ..
ثم إن الجنس البشري يحتاج لأجل بقائه وارتقائه إلى ملايين من الأزواج الذين يتقدمون للقيام بهذه الخدمة ..
أي: خدمة بناء الأسرة ، راضين مختارين ..
فيتعاقدون بينهم بالزواج ويؤسسون المزيد من الأسر ..
فهذا المعمل الإنتاجي العظيم ما كان ليجري ما لم يظل هؤلاء العاملون المتطوعون يتقدمون بانتظام لهذه المهمة ..
وإذا انقطعت سلسلة هذا التطوع ، انقطع سبيل رقي المجتمع بل حتى بقائه ..
فمن يعمل في هذا المجتمع ليست وظيفته أن ينتج فحسب ..
بل واجبه أن يعني بإنتاج أمثاله من العاملين الذي يقومون مقامه من بعده ..
فأنت إن تدبرت الأمر من هذه الجهة وجدت أن الزواج لا يمثل فقط السبيل الشرعي لإرواء الرغبة الجنسية ..
بل هو في الواقع فريضةٌ جماعيةٌ ، وحقٌ أصيلٌ للجماعة على الفرد ..
وليس للمرء أن يختار إن كان سيتزوج أم لا ، لأن من يرفض المشاركة في بناء الأسرة هو طفيلي على مجتمعه ..
لأن ما من فرد في المجتمع إلا وقد استفاد من هذه الثروة العظيمة التي هيأتها له الأجيال السابقة ..
ولم يكن له أن يوجد وينشأ نشأة سليمة إلا بفضل النظم والمؤسسات التي أسسها هذا المجتمع ..
فهو في هذا كله يأخذ ولا يعطي ، والمجتمع يربيه وينشئه بغرض أن يقوم بنفس الدور مستقبلاً ، فلا يفعل ..!
ثم هو بعد أن يشتد ساعده يقول : لن أفعل إلا أن أشبع شهواتي فحسب دون مسئوليات ..
فهذا غادرٌ بالجماعة عدوٌ لها ، وكل حياته بين الجماعة ظلمٌ وعدوانٌ ..
ولو كان للجماعة حسٌ أو شعورٌ لرجمه كل فرد فيها عيانًا جهارًا بدلاً من أن يدعوه بالسيد أو الأستاذ أو الآنسة ..!
فإننا بلا شك قد توارثنا كل هذه الثروة التي منحتها لنا الأجيال السابقة - بإرادتنا أو بدونها ..
فكيف يجوز لنا الآن أن تكون لنا الحرية في أمر هذا القانون الفطري الذي كان سبب تنعمنا وميراثنا ..؟
كيف يمكن أن تكون لنا الخيرة في تفعيل هذا القانون من عدمه ..؟
كيف تكون لنا الخيرة في أن نعد الجيل الذي يرث هذه الثروة أو لا نعد ..؟
كيف تكون لنا الخيرة قي أن نربي نفوسًا أخرى كما تربينا أو لا نربي ..؟
ولنضرب أمثلة تقرب المسألة إلى الأذهان :
فالطبيب الذي استفاد من علوم وبحوث ودراسات الأجيال التي سبقته من الأطباء والعلماء والباحثين لا يحق له أن يكتم علمه عن الأجيال التالية من الأطباء ..
بل واجبه أن يعلمهم ويسقيهم كل علومه وخبراته ومهاراته ..
فإن استأثر الطبيب بعلمه وضن به على طلابه ومساعديه نبذوه وانفضوا من حوله ..
لأنه إن كرّس كل علمه لأجل عيادته الخاصة وحرم غيره من الأطباء منه كان غير مرحبٍ به في المحافل والمؤتمرات الطبية ..
ويظل بين أهل مهنته مذمومًا منبوذًا ..
كذلك إن ظن حرفيّ بمهارات حرفته عن مساعديه ومعاونيه وصبيانه لانفضوا من حوله ..
وهكذا في كل من يبخل فإنما يبخل عن نفسه ..
فلا يلقى التقدير والاحترام والاعتبار إلا عند من لا خلاق له ..

يتبين من هذا الأمر أن مسألة العلاقة بين الرجل والمرأة هي مسألة جوهرية للمجتمع بأسره ..
ويتوقف عليها صلاح المجتمع من فساده ، سلامته من انهياره ، خيره من شره ..
فإن - في ضوء ما قررناه - بين الجنسين نوعين من العلاقة :
علاقة حيوانية محضة جنسية شهوانية خالصة ، ليس المقصود منها إلا بقاء النوع ..
وعلاقة إنسانية يراد بها تعاون الزوجين في بناء الأسرة وتربية الأولاد وكل ما يشتركان فيه من الأغراض ..
بحسب ما أوتى كل منهما من الموهبة والقدرة والكفاءة ..
والمقصود بهذه العلاقة الإنسانية القيام بما ينفع المجتمع ويساهم في ارتقائه سلم الحضارة درجةً بعد درجة وجيلاً بعد جيل ..
وهذان العنصران من العلاقة الزوجية ممتزجان بصورة معتدلة ..
فإذا اضطرب هذا الاعتدال بينهما كان الفساد ممتدًا إلى المجتمع بأسره ..
لهذا كله فإن أهم ما يهمنا في هذا المقام الجليل هو كبح جماح الرغبة الجنسية والحد من طغيانها ..
خاصة أن العالمَ زاخرٌ بمالا يعد ولا يحصى من أسباب تهييج وإثارة الشهوة ..
فهذه الشهوة لو انشغل بها الإنسان وسعى في تحصيل اللذة منها لوجد أن هيامه الجنسي يزداد ويشتد ..
حتى أنه إذا تيسر له فرص إروائه وتسكينه ، فإنه لا يلبث أن يعود أكثر فحشًا وتوحشًا ..
حتى يتجاوز حد الاعتدال ..!
وتكون النتيجة أن البهيمية الجامحة في أعماقه ستلتهم إنسانيته ، بل ومجتمعه كذلك ..!
فإن الله عز وجل جعل الاتصال الجنسي لذيذًا ممتعًا لتحقيق مقصد معين وهو تشكيل الأسرة وبناء المجتمع والرقي المتواصل إلى أعلى ..
وليس المقصود من هذه اللذة أن تكون هدفًا وغايةً ومقصدًا ..
أما شغف الإنسان بهذه اللذة متجاوزًا حد القصد والاعتدال وانهماكه في طلبها فهو سبب البلاء ..
ففي بيئة طافحة بالطغيان الجنسي والتهييج المتواصل والسعار المستمر لابد أن يضعف النسل وتفسد الأبدان ..
فضلاً عن شرود الأذهان وتبعثر الأفكار وكثرة الفواحش وانتشار الأمراض الجنسية ..
ثم تقوم الحركات المختلفة لمنع الحمل وإسقاطه ، وقتل الأولاد ..
وهكذا في هاوية تبلغ بالمجتمع إلى الحضيض الخلقي والفكري والبدني ..
يتبع إن شاء الله ..

عياض
10-13-2010, 06:44 AM
و انا الذي كنت اقول صبرا حتى تقلع الطائرة..مرحلة موفقة في التحليل البسيط و المركز سيدي الكريم..

أمَة الرحمن
10-13-2010, 12:17 PM
ما شاء الله! درر نفسية. بإنتظار التكملة، أخي الفاضل.

لكن اسمح لي بتطفلي مرة أخرى:


وليس للمرء أن يختار إن كان سيتزوج أم لا ، لأن من يرفض المشاركة في بناء الأسرة هو طفيلي على مجتمعه ..

أختلف معك في هذه الجزئية إلى حد ما، فمثلاً شيخ الاسلام ابن تيمية لم يتزوج قط، لكن كان لديه سبب وجيه.. فقد سخّر كل وقته و جهده لخدمة الدين، رحمه الله رحمة واسعة.

أتفق معك إن كانت سبب العزوف عن الزواج هو البطالة و الإستغناء بالحرام و ما شابه ذلك.

د. هشام عزمي
10-13-2010, 12:35 PM
أحسنت يا أختاه ..
يُستثنى من هذا من كان له عذرٌ مقبولٌ أو مانعٌ لاحيلة له فيه ..
بارك الله فيكم .

أبو المظفر السناري
10-13-2010, 02:36 PM
موضوع جيد. بارك الله فيك يا أستاذ هشام.
ونحن متابعون إن شاء الله.

د. هشام عزمي
10-16-2010, 12:17 PM
وبجانب الزواج وتأسيس الأسرة ، ينبغي كذلك سد باب قضاء الشهوة خارج حصن الزواج ..
لأنه لا يمكن أن يتحقق المقصد الفطري الإنساني الإجتماعي دون ذلك ..
فإن كثيرًا من الناس يعدون فعل الزنا أمرًا عاديًا لا ينبغي الإنكار عليه أو مكافحته ..
ويرون أن من الطبيعي أن يقع الاتصال الجنسي بين أي رجل وأي امرأة كلما اشتهياه وتراضيا عليه ..!
ذلك أنهم زعموا الإنسان حيوانًا محضًا ، وليس في العملية الجنسية إلا التوالد والتناسل وبقاء النوع ..
فمذهبهم هذا يعود بالضرر البالغ الجسيم على الجانب الإنساني والاجتماعي من الإنسان ..
فهو لا يسمح بتأسيس الأسرة ولا بناء المجتمع ولا رقيه وتمدنه كما سبق ووضحنا ..
فضلاً عن كونه يعود بالضرر كذلك على الطبيعة الحيوانية ..
لأن الرجل لا يقوم بكفالة الطفل إلا إن كان على ثقة من أنه من صلبه ..
فهو لن يتكلف في تربيته الجهد والإيثار والتضحية إن لم يكن على يقين بذلك ..
فضلاً عن أن المرأة إن لم تكن على يقين من استعداد الرجل لكفالتها ورعاية ولدها لم ترض أبدًا أن تعاني متاعب الحمل والرضاعة وتربية الطفل ..
فإذا نظرنا إلى هذه الجوانب وجدنا أن الرجل والمرأة سوف يتنصلان من هذا الطفل الجديد ..
إذن فلا داعي لإنجابه أصلاً ، فلا تكون غاية الاتصال الجنسي هي التوالد والتناسل ..
بل تكون غايته بينهما هي مجرد التلذذ والتمتع ..
وهذا مخالفٌ لمقصود الفطرة الحيوانية أصلاً ..!

وقد يقول بعضهم ما الضير في اثنين يقضيان بعض ساعاتهما في المتعة والسلوة ..؟
أي ضير يقع على المجتمع حتى يتدخل بينهما ..؟
فإذا انحصر الأمر بين شخصين في تمتع أحدهما بالآخر فأي مبرر للمجتمع حتى يحول بينهما ..؟
وإذا جاز التدخل في مثل هذه الشئون الداخلية جدًا ، فما الذي يبقى من معاني الحرية الشخصية ..؟!
هذا التصور للحرية الشخصية هو من ظلمات الباطل التي تتبدد مع أول إشراقة لشمس الحق ..
فإنه قد صار من المحقق علميًا الآن أن المجتمع عبارة عن نسيج مترابط متشابك لأبعد الحدود ..
وقد اشتبكت فيه حياة كل فرد بغيره من الأفراد سواء عرفهم أم لم يعرفهم ..
حتى أنه لم يعد يتصور أي فعل شخصي إلا وتعود آثاره على المجتمع بأسره ..
وهذا أمر معروفٌ علميًا بما يسمى تأثير الفراشة Butterfly Effect ..
فكما أنه لا يجوز للمرء أن يحمل عصاته الخشبية في زحام السوق ويديرها في الهواء كيف يشاء ..
ولا أن يقود سيارته بغير حيطة أو حذر ..
كذلك لا يجوز له أن يفعل أمرًا إلا بعد تقيده بالضوابط الإجتماعية المبنية على العلم بالعواقب ..
وللجواب التفصيلي على هذا السؤال عدة وجوه نذكر بعضها حسب الاستطاعة والله المستعان ..

الوجه الأول :
إن أول ما يجنيه الزاني على نفسه هو أن يعرض نفسه للإصابة بالأمراض الجنسية ..
وهو مما ينقص من قواه في خدمة مجتمعه ..
فإن المجتمع قد أقام جميع المؤسسات من البلدية إلى الدولة ، ومن المدرسة إلى الجندية ، ومن المصنع إلى معامل البحث العلمي معتمدًا على أن كل فرد من أفراد هذا المجتمع سوف يؤدي نصيبه المفروض لأجل إحكامها وترقيتها ..
فلما جاء هذا الغادر يبدد قوته وطاقته في هذا العمل الدنيء ..
ثم ابتلى بالأمراض الذي سوف تعيقه عن مسيرته الطبيعية في تنمية المجتمع ..
ثم هو يحتاج إلى الرعاية الطبية والصحية حتى يشفى مع ما في ذلك من تكاليف وأعباء على الدولة ..
فهو بذلك قد أضر مجتمعه ضررًا بالغًا ليس بهين ..
لأن مكانة الفرد في المجتمع إن فهمت حقيقتها حق الفهم ، لم تشك أن كل قوة المودعة في أجسامنا ليست لنا فقط ..
بل هي وديعة للمجتمع كله عندنا ، ونحن مسئولون عنها ..
فنحن حين نهلك نفوسنا أو نبدد قوانا أو نضر بأنفسنا من سيئات أعمالنا ، فلا يكون هذا فعل من أضاع شيئًا يملكه أو أضر بشيء له فيه مطلق التصرف ..
بل هو خيانةٌ فيما اُئتمنا عليه للمجتمع البشري ، وإضرارٌ بالغٌ به ..
ذلك أن وجودنا في هذا العالم يشهد أن غيرنا تحملوا الأعباء والتبعات والمشاق لإخراجنا من الظلمات إلى النور ..
ثم جاء نظام الدولة يرعانا ويصون نفوسنا من التلف ..
وبقيت أقسام الرعاية الصحية الحكومية تعمل لحفظ حياتنا وصحة أبداننا ..
ثم توفرت آلاف مؤلفة من الأنفس على توفير احتياجاتنا ولوازم حياتنا ..
وتعاملت جميع المرسسات الإجتماعية لتنشيء قوانا وتربي ملكاتنا حتى جعلتنا على ما نحن عليه الآن ..
أليس من العدل - في هذه الحالة - مقابلة الحسنة بالحسنة ..؟
أم هو الإنصاف أن نعود فنضيع كل هذه القوى الذي بذل غيرنا كل هذه الجهود والخدمات لإيجادها وإبقائها وتنشئتها وتنميتها ..؟!!
أو نعود فنجعلها مضرة بالإنسانية بدلاً من أن تكون مفيدة لها ..؟
لهذا حرم الله الإنتحار ، واللواط ، وأن ينكح المرء يده ..
ولهذه العلة لا يعتبر الزنا متعة فردية ، بل هو ظلمٌ للمجتمع كله ..
ثم إن الزاني لا يصاب بالمرض الجنسي وحده ، بل يصيب به غيره ..
فيتعدى الضرر إلى الآخرين ..
ثم هو ينتقل إلى أولاده وأولاد أولاده ، فيعانون بلا ذنب جنوه ..
وهذه من أهون ثمرات اللذة المحرمة ..

الوجه الثاني :
إن لم يكن حتميًا ابتلاء الزاني بالأمراض السرية ، فمن الحتمي اللازم ابتلاؤه بالسفاسف الخلقية ..
فالوقاحة والخديعة والكذب والدغل والأثرة والخضوع للشهوات وجموح النفس وشرود الفكر وذواقية الطبع وتطلعه إلى كل جديد والغدر وقلة الوفاء كلها من آثار الزنا التي تترتب على أخلاق الزاني نفسه ..
ومما لا ريب فيه أن من يجمع هذه الخصال لا تنحصر آثارها في شئونه الجنسية فقط ..
بل هو يتحف المجتمع كله بها في كل شعبة من شعب الحياة ..
وإن تفشت هذه الخصال في كثرة كاثرة من المجتمع فلا ريب أن تفسد الآداب والعلوم والفنون والمهن والصناعات والاقتصاد والعسكرية والسياسة والقضاء وتدبير الدولة ..
وفي النظام الديمقراطي المؤسس على حكم الشعب لنفسه فإن هذا الشعب إن كانت هذه الخصال بادية فيه ومتفشية فكيف يكون في سياسته ثباتٌ أو قرارٌ ..؟!
يتبع إن شاء الله ..

د. هشام عزمي
10-22-2010, 12:41 AM
الوجه الثالث :
إن مما تستلزمه إباحة الزنا أن تجري في المجتمع حرفة البغاء ..
وذلك أن من يرى للرجل أن يمتع نفسه بلذات الشباب فكأنه يرى أن تكون في المجتمع لهذا الغرض طبقة من النساء ..
ولكن من أين تأتي أولئك النساء ؟ ألا يخرجن من نفس المجتمع الذي يعيش فيه الزناة ..؟
ألا يكن من بناته وأخواته ..؟
فتنفر طائفة من النساء بدلاً من أن تكون ربة منزل أو مؤسسة أسرة أو مربية أولاد ليكن كمراحيض البلدية موضع قضاء وطر كل داعرٍ خليعٍ ..
فيتجردن من كل الخصال النسوية الشريفة ويتدربن على التكسب بالخلاعة والتمايل والدلال ..
وينحدرن إلى أن يبعن محبتهن وقلوبهن وأجسامهن لكل زائرٍ جديدٍ في كل ساعة ..
ويبقين مدة أعمارهن في هذه المهنة الوضيعة بدل القيام بخدمة نافعة مثمرة للمجتمع ..

الوجه الرابع :
إن إباحة الزنا تضر بنظام الأسرة حتى يؤول الأمر إلى أن يزول الزواج ويبقى الزنا وحده ..
لأنه لا يجوز في العقل والنظر أن تسمح بركوب القطار مثلاً دون تذكرة ثم تتوقع من الناس في نفس الوقت أن يدفعوا ثمن التذكرة ..!
فلا يعقل أن يباح للمرء أن يقضي شهواته دون تحمل للتبعات ، ثم تنتظر منه أن يتحمل هذه التبعات ..
فضلاً عن أن الميالين للزنا قلما يصلحون لتأسيس علاقة زوجية صحيحة ..
لأن السلوك الفاسد يبعث في نفوسهم سوء الدخيلة وفجور النظر وذواقية الطبع وتشرد الفكر ..
كما يربي فيهم من تقلب العواطف وعدم ضبط الشهوات ما يكون معه المرء غير قادر على إقامة مؤسسة الأسرة التي تبنى على الثبات والرسوخ والاستقرار في الفكر والقلب ..
فهؤلاء إن ارتبطوا برباط الزواج فلن تتحق بينهم صلات حسن المعاملة والمحبة والوفاء والثقة والانسجام والمواءمة ..
ولن يعودوا قادرين على إنشاء البيت المعمور بالراحة والسعادة ..
وبالتالي لن يكونوا قادرين على إنشاء جيلٍ يتمتع بالصفات اللازمة للتمدن والرقي ..

الوجه الخامس :
إن إباحة الزنا وترويجه لا تقطع دابر العمران الحضاري فحسب ..
بل تستأصل النسل الإنساني كذلك ..
ذلك أن الفطرة تتطلب أن يكون للعلاقة الجنسية ثباتٌ واستقرارٌ حتى يشترك الأبوان في تربية الطفل ..
لكن الرجل إن لم يكن على يقين من كون الولد من صلبه لم يتكلف في تربيته ورعايته الوقت والجهد والمال والتضحية الإيثار ..
ولا يرضى لهذا الولد أن يرثه من بعده ..
كذلك المرأة إن لم تكن على يقين أن الرجل الذي يعاشرها مستعد لكفالتها والقيام برعايتها ورعاية ولدها لم ترض أبدًا أن تعاني متاعب الحمل ..
كذلك إن لم يتعاون الأبوان على تنشئة الطفل ، لم يمكنه أن يبلغ في تعليمه مبلغًا نافعًا لتقدم المجتمع وتحضره ..
كل هذه هي مقتضيات الفطرة الإنسانية ..
فإذا أهملها الرجل والمرأة وسعيا إلى مجرد المتعة والتلذذ ، كان الإتيان بنسل وذرية عبئًا وهمًا يتهرب الطرفان منه ..
فتكون النتيجة المباشرة هي انتفاء التوالد والتناسل أيضًا ..
لأن كلاً من الرجل والمرأة لا يريد أن يتحمل أعباء هذا الطفل ..
فلا ينجبونه أصلاً ..
وفي هذا قطع دابر النسل البشري ..!

الوجه السادس :
إن الأولاد الناتجين عن الزنا لا يكونون على نفس مستوى التفوق والكفاءة والنفع للمجتمع كأولاد الأسر المحترمة ..
لأنه في البداية لا يأتي أبويه كشيء محبوب مطلوب ..
بل ينزل عليهما نزول النكبة المفجعة ..!
ثم هو يفقد في أغلب أحواله عطف الأبوة ورعايتها ..
ولا تتيسر له إلا تربية الأم المفتقرة لدور الأب ..
حتى هذه التربية يخالطها الضجر والإعراض والتذكير باليوم الأسود الذي عرفت فيه أباه ..!
ثم هو كذلك لا يتمتع بالجو العائلي الذي يخلقه حب الأجداد والجدات والأعمام والعمات والأخوال والخالات ومن يليهم من ذوي القربى ..
لهذا فلا عجب أن يخرج إلى المجتمع إنسانًا غير سوى ..
فلا تكون له سيرة صحيحة في الناس ، ولا تتجلى فيه كفاءات معتبرة ، ولا تتوفر له سبل التقدم والتفوق ..
فيكون في نفسه ناقص الإنسانية ، فاقد الحمى والنصير ، مظلومًا مدحورًا ، إن لم يكن مجرمًا شقيًا ..!
فيكون لمجتمعه نكدًا عقيمًا ، إن لم يكن حربًا ووبالاً ..!
وهل تكون الشخصيات الـantisocial والـpsychopathic إلا من هذا النتاج ..؟!
وقد يرى البعض أن يكون هناك نظامٌ قوميٌ لتنشئة الأولاد وتربيتهم وتعليمهم ..
فيولدهم الآباء والأمهات بالعلاقات الجنسية الإباحية ، ثم يلتقطهم هذا النظام القومي للتربية والتعليم ..
وهكذا تتوفر حرية الزنا وإباحية الجنس ، وتتحق مقاصد التناسل وتربية الأولاد وتعليمهم ..
لكن هذا النظام الاجتماعي للتربية والتعليم يحتاج إلى معلمين أكفاء يقومون عن المجتمع بواجب التربية والتنشئة ..
ولا ريب أنه لا يصلح لهذه التربية والتنشئة من المعلمين إلا الذي يتصفون بضبط العواطف والأهواء ، والوقوف عند حدود الأخلاق ..
وإن لم يكن المعلمون كذلك ، لم يستطيعوا أن يربوا النشء على الالتزام الخلقي ..
فقل لي بالله عليك : من أين ستأتي بهؤلاء المعلمين في مجتمع اتخذ الزنا والإباحية شرعةً ومنهاجًا ..؟!
وإذا كنت لم ترد بهذا النظام الاجتماعي إلا أن تطلق عنان الشهوات بين الرجال والنساء في المجتمع ..
وأن تجردهم بهذا من الالتزام الأخلاقي وضوابط الشهوات ..
فكيف إذن - بالله عليك - ترجو أن تتخذ منهم معلمين ومربين ..؟!!
وأنّى لك أن تجد في مجتمع العميان نفرًا من المبصرين ليعلموا الأجيال الناشئة سلوك سبيلهم بعيون بصيرة ..؟!

هذه من وجوه قبح الزنا والإباحية عقلاً ..
راعيت فيها أن تكون على مقتضى العقل والنظر ..
وتحاشيت فيها الإشارة إلى وجوه الضرر القلبية والروحية كالبعد عن الله وضعف إرادة الطاعات وإلف المعصية ومرض القلب ..
فضلاً عن ضياع الغيرة وذهاب الحياء وهوان الكرامة وعمى البصيرة وفساد العقل ..
فضلاً عن زوال النعم ومحق البركة ونزول اللعنة وظهور الفساد في البر والبحر ..
إلى آخر عقوبات الزنا المعروفة والمعتبرة شرعًا وقدرًا ..
وإنما اقتصرت على التقبيح العقلي لبيان عمق الحكمة وقوة الحجة في تحريم الزنا والإباحية ..
وأن ضرر الزنا ليس شيئًا يقتصر على فرد أو أفراد ، بل يمتد إلى سائر المجتمع ..
وأنه إن كان الناس يستعظمون جرائم كالسرقة والقتل والنهب لا ينال ضررها إلا فرد أو أفراد ..
فالأولى عدم التهاون في جريمة الزنا والفحشاء ..
لأن ضررها يستاصل شأفة المدنية والحضارة والمجتمع بأسره ..
ولو أن الناس يتبعون العقل والعلم بعواقب الأمور - بدلاً من الهوى والشهوات - لأدركوا جسامة كبيرة الزنا ..
يتبع إن شاء الله ..

حسن المرسى
10-22-2010, 01:17 AM
جزيت خيراً متابع
ولم أرد أن أضع تعليقاً منذ البداية
حتى لا أفصل بين كلامك المتراص الجميل
لكن لم أستطع أن أمنع نفسى من إبداء إعجابى
كان عندى أسئلة أنتظر طرحها فى النهاية
لكن يبدوا أنك تسبق دائما بخطوة
زادك الله فهما وعلما

عياض
10-22-2010, 02:53 AM
موضوع لم تخيب نهاياته الظن في بداياته..بالنسية للأضرار الاجتماعية و خاصة ما كان من ملاحظة تطبيقات مبدأ تأثير الفراشة في الحقل الاجتماعي..كنت صادفت بحثين معتمدين على احصاءات رسمية للمصالح الفيدرالية احدهما عن دولة من دول العالم الأول الولايات المتحدة الأمريكية و الآخر عن دولة من دول العالم الثالث المكسيك و التي تعتبر ايضا نسبة الاجرام المنظم فيها الأعلى عالميا..تبين من ابحاث اجتماعية مصاحبة للأبحاث الرسمية ان المصدر الرئيسي لأعضاء عصابات الاجرام المنظم هم من الأطفال المتروكين.. و اكدت ان ما يكون عندهم من الميل الى الاجرام مما لايكون في غيرهم راجع اساسا الى طريقة تعاملهم مع الاحساس بالوحدة و التخلي ...و كانت الدراسة عن المكسيك هي الأكثر اثارة بما ان الولايات المتحدة و رغم ان الأعداد فيها تعرف زيادة مطردة كما و كيفا حتى ان في بعض الولايات اعتادوا على سماع اخبار عن التقاط طفل من القمامة..و حتى وصل الأمر احيانا باحدى الولايات ان تعلنها حالة اسنثنائية كما في الخبر الطريف الذي انتشر سابقا عن ولاية نبراسكا تجده في هذا الرابط
http://www.akhbar.ma/_i51712_7.html
و رغم ذلك فان مثال الولايات المتحدة لا ينفعنا بقدر ما ينفعنا مثال المكسبك ...كونها كقوة عظمى تحتوي على انظمة اجتماعية و صحية متطورة منذ سنين قادرة على استيعاب مثل هذه الصدمات الاجتماعية و تحمل اعباءها الاقتصادية و النفسية تساعد على تجميل بعض الأوجه العفنة لهذه الظاهرة ..و مع ذلك فالأمر يخرج من يديها و يتجاوز طاقتها خصوصا على المدى البعيد مع مشاكل الجريمة المنظمة ..
لكن في مثال المكسيك كان واضحا جدا فداحة ضرر مثل هذه العلاقات المفتوحة المقننة و بالتالي وجوب تقنين لوازمها من حرية ترك الأطفال ..فعدا ما يلاحظه كل من زار المكسيك و عايش ازقتها الساحرة و المعدمة في آن...من تواحد اطفال من هذا النوع في كل مكان تقريبا و محترفون لكل شيء من التسول و بيع المخدرات الى السرقة ..فعدا عن ذلك قدرت الاحصاءات الرسمية المكسيكية انه من مجموع الجرائم المرتكبة على الصعيد الوطني : 9.23 % هي جرائم مرتكبة من اطفال العصابات المسلحة ...باعمار بين 12 و 15 سنة ..و انه من هذه النسبة توفي في مناوشات في انحاء البلاد ما يزيد على 427 طفلا مسلحا ..و ان اغلبيتهم هم من الأطفال الذين دجنتهم عصابات الاجرام من الشوارع ..بل احيانا وصل التنافس في جلب هؤلاء الأطفال الى دفع اثمان استخراجهم من دور الرعاية و الاصلاحيات ..المهم التقرير عن الأطفال اليتامى و المتروكين كان مثيرا بشكل لا تستطيع الامتناع مه من السؤال عن ما سينتج لو اننا فتحنا في بلداننا السعيدة- التي هي في نفس التصنيف مع المكسبك -مثل هذه الأبواب علينا..خاصة و اننا لدينا ما يكفينا من اطفال الشوارع بعد تقنين عقوبات مخفضة للزنا المعلن..فكيف ان ازلناها بالمرة؟؟ لنرضي فقط غرورنا بان الزنا يرتكب في الخفاء ..ضاربين بعرض الحائط قول نبينا صلى الله عليه و سلم ان كل أمتي معافى الا المجاهرين...فلنا ان نتصور العافية التي سنفقدها مع انتشار الجهل الاجتماعي و قلة الحس التكافلي في بلداننا و مع انعدام جمعيات و هيئات المجتمع المدني و اتجاه الهيئات الحكومية الى خوصصة كل شيء و رفع ايديها من كل شيء..لو فتحنا صنبور الزنا المعلن و الاباحية كما فتحته دول امريكا اللاتينية ..فلن يمضي وقت طويل ربما حتى نجد انفسنا امام شلال منهمر كما في المكسيك و البرازبل.. لا تستطيع ان تقف امام شارة الضوء الأحمر و الا ارتمى عليك اطفال مسلحون بانتقامية ليستردوا حياتهم بما لديك ان لم يستردوها بحياتك !!!

د. هشام عزمي
10-28-2010, 10:32 AM
بارك الله فيكم جميعًا ..
في شيخنا الأديب أبي المظفر ، وفي دكتورنا الحبيب حسن المرسي ..
أما أستاذنا عياض فمشاركته تدق ناقوسًا خطيرًا بالفعل ..
فهل ولاة الأمر في بلادنا على استعداد لتحمل هذه النتائج الباهظة للسير في طريق تقليد الغرب ..؟
وإن كان ولاة الأمر لا يعنيهم الأمر ..!
فهل يرضى الناس والضرر لاحقهم جميعًا ..
إن لم يكن في جيلهم ، ففي الأجيال التالية بلا ريب ..
والعينة بينة ..!
ولله الأمر من قبل ومن بعد ..
وللحديث بقية إن شاء الله حول التدابير اللازمة لمنع الفواحش ..

عَرَبِيّة
11-12-2010, 04:40 AM
جزاك الله خير أستاذنا د. هشام عزمي
لا أعلم أأسميه مقال أم مبحث رائع , لو كان لي رأي في المؤسسات الحكومية
لأمرت أن يُدرس هذا الموضوع في معاهد التأهيل الأسري - إن وجدت أصلاً -
ولا يُكتب عقد نكاح أحدهم إلاّ بشهادة حضوره لهذه الدورات و إجتيازها " كما يحدث في ماليزيا "
أحسست بغصة ورغبةً بالبكاء , بالفعل نحتاج لتدريس هذا ..
بارك الله في عُمرك و زادك علماً وعملاً


إقتباس عياض:

و قد ابدع الامام ابن حزم في توصيف طبع المرأة بالمقارنة مع طبع الرجل ابان اللقاء و كيف ان من طبع المرأة الصدود و من طبع الرجل الالحاح
أستاذنا عياض بارك الله فيك , سيكون من المُفيد أن يقرأن فتيات الإسلام كمثل هذا الكلام بدلاً من روايات العش و الغرام .!
هل تتذكر اسم كتاب " ابن حزم " الذي وصف فيه طبع المرأة , أريد أن أنهل منه فلم أكن أعلم أن ابن حزم خاض في هذا.



فاليتفكر المُلحد في هذا السطر .!

لأن ما من فرد في المجتمع إلا وقد استفاد من هذه الثروة العظيمة التي هيأتها له الأجيال السابقة ..

عياض
11-13-2010, 01:00 AM
هو الشائع عن الامام ابن حزم...الصورة الجافة لذاك الرجل القانوني الظاهري المفكر الجدلي المؤرخ النسابة الفيلسوف المنطقي ..و كلها توجهات يغلب عليها طابع البحث العلمي الجاف..فان انضافت اليها شهرة طبعه الحاد وقوة شكيمته مع الخصوم و قسوة لسانه في المناظرة..احدث كل ذلك في النفس عنه رهبة لا تبقي للعواطف مكانا في صورة الرجل..حتى تتفاجأ حين تقرأ له مؤلفاته الأدبية..بحس مرهف و طبع حساس رقيق لدرجة تعده معها آخر الرجال الرومانسيين :):

بالنسبة للكتاب طوق الحمامة فهو من عيون الأدب العالمي و له احيانا من الشهرة اكثر مما لمؤلفه..و يعد من اوائل الكتب الموثقة في مجال التحليل النفسي لهذه الظاهرة..وهو غيض من فيض من اوليات الامام ابن حزم...

عياض
11-13-2010, 05:44 PM
و هذا أيضا أختي عربية رابط لموضوع يجلي فيه صاحبه الجانب الذي ذكرتيه في حياة الأولين حبذا لو يتم اثراؤه بالتصويب و النقاش
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=26344

د. هشام عزمي
11-18-2010, 11:21 PM
إذا ثبت لدينا بما لا يدع مجالاً للشك قبح الزنا والإباحية الجنسية وضررهما البالغ على الفرد والمجتمع وجب إتخاذ التدابير اللازمة لمكافحتهما ..
وأول هذه التدابير :
منع الأسباب المؤدية للوقوع في الفاحشة أو الحافزة إليها ..
مثل الكتابات الإباحية أو المثيرة للشهوات ..
وكذلك الصور العارية أو المحركة للشهوة ..
إلى آخر عوامل التهييج الجنسي ..

وثانيها :
تهذيب عقلية الأفراد بالتربية والتعليم منذ الصغر ، وتنشئتهم على قبح الفاحشة ..
بحيث يعودون ينكرونها من أنفسهم بالوازع الخلقي الداخلي ، فيمنعهم هذا الوازع من ارتكابها ..
فإنه حتى مع توافر السبب أو الحافز أو الداعي للفاحشة يكون الضمير الداخلي كابحًا لجماح الشهوة ..

وثالثها :
تحريض الرأي العام والعقل الجمعي ضد هذه الفاحشة ..
بحيث يصير عامة الناس يعتبرنها عارًا ومخزاةً ..
وفائدة الرأي العام أنه يردع من نقصت تربيته أو ضعف فيه الوازع الداخلي فيزعه المجتمع ..
فهو خط وقائي ثانٍ يلي تنمية الوازع الداخلي ..

ورابعها :
فرض العقوبة الرادعة لمن يرتكب الفاحشة أو يقع فيها ..
والغرض الردعي من فرض العقوبة واضحٌ لا مراء فيه ..
فهناك من الناس من لا تزعهم ضمائرهم ولا مجتمعاتهم ، فتردعهم العقوبة المقررة ..

وخامسها :
إقامة الموانع والعقبات في سبيل هذه الفاحشة ..
فيتم تقييد العلاقات الجنسية بما يقوم في وجهها كالسد المانع ..
كمنع اختلاط الجنسين في الحياة العامة وفرض الحجاب الشرعي على المرأة ..
فمن لا يردعه ضميره الداخلي ، ولا يردعه إنكار المجتمع ، ولا حتى يأبه للعقوبة المقررة ، فهذا تعوقه وتمنعه هذه التدابير ..
فيكون الوقوع في الفاحشة عسيرًا حتى على المقبل عليها بلا اكتراث لأي وازع أو رادع ..
وفي نفس الوقت تتم إزالة الموانع والعقبات من سبيل النكاح بحيث يتم تيسيره على مستوى النظام المدني والأعراف المجتمعية ..

هذه التدابير الوقائية هي مما يشهد بضرورته العقل وتقتضيه الفطرة ..
ومما تعمل به المجتمعات فعلاً ، فلا توجد دولة متحضرة إلا وتستخدم هذه التدابير ضد ما تعتبره جريمة ..
فإذا كان من الثابت أن الفاحشة مهلكة للنسل وقاطعة لدابر المجتمع ، فلا مناص من التسليم بضرورة هذه التدابير ..
بالضبط كما تقام التدابير الوقائية ضد جرائم السرقة والسطو والقتل وقطع الطريق ..

ومن الناس من يقر ويسلم بقبح الزنا والإباحية الجنسية ، لكنهم يرون أن المكافحة ينبغي أن تقتصر على الإصلاح الفردي الباطني ..
فيكون لكل امرءٍ من نفسه الوازع الكافي والضمير الرقابي والالتزام الخلقي بما يمتنع به عن ارتكاب الفاحشة ..
أما اللجوء إلى قانون العقوبات وتدابير فصل الجنسين إلى آخرها ففيه حط من قيمة الفرد بمعاملته كالطفل الصغير ..
بل المفترض أن يتم تهذيب الأفراد وتربيتهم بما يجعلهم يحترمون قوانين المجتمع دون رقابة أو وصاية أو عقاب ..
فنرد على هؤلاء بسؤال صغير :
هل بلغت الإنسانية هذا المستوى الراقي من التهذيب والتربية بحيث يمكن الاعتماد عليها دون قوانين أو عقوبات ..؟
وهل بلغ أي مجتمع في الشرق أو الغرب هذا المستوى الرفيع الذي يعتمد على ضمائر الناس فقط لا غير ..؟
ألا تتأملون حال أرقى الدول في هذا العالم والتي تتباهى بأن جميع أفرادها متعلمون مثقفون فتخبروني :
هل منع التهذيب والتربية والتعليم ارتكاب الجرائم ونقض القوانين ..؟
ألا تحدث في هذه البلاد جرائم وحوادث السرقة والقتل ..؟
ألا يرتكب الناس في هذه البلاد الغش والخديعة والظلم والإفساد في الأرض ..؟
هل استغنت هذه الدول عن الشرطة والمحاكم والسجون والمؤسسات الرقابية المالية والإدارية ..؟
هل هذا كله في الدول الراقية والمتقدمة يعني أن حكوماتها تعامل شعوبها كالأطفال الصغار أو أنها تحط من قيمة أفرادها ..؟
فما بالكم تعترضون على قانون العقوبات في هذه المسألة وحدها دون غيرها ..؟
أليس من غير المقبول التفرقة بين المتماثلين وقد ثبت ضرر فاحشة الزنا على الرقي والحضارة والمجتمع والنسل بما يفوق جرائم السرقة والقتل ..؟!

ثم قد تجد من يعترض قائلاً إن ما تعدونه محركات للشهوة وتردون إقصاءه وإزالته هو قوام الفن وروح الأدب ..
فالصد عنه هو حربٌ على الفن والأدب في الكثير من صوره وأشكاله ..
ونحن لا نختلف مع المعترض في أهمية الفن والأدب وقيمتهما الغالية التي تتقدم بها الأمم وترتقي ..
لكن حياة المجتمع وصلاحه وفلاحه أهم منهما ..
وقد جرت سنن البشر على إقصاء عناصر الفن والأدب التي فيها ما يضر بالفرد أو المجتمع ..
انظر مثلاً إلى فن النشل وما فيه من خفة يد ولطف وبراعة ..
هل يمكن لأي مجتمع صالح أن يروج له وينشره بين الأفراد ..؟
ألا يتم إقصاء هذا الفن لأجل المصلحة العليا للمجتمع ..
وماذا عن فن التزوير من تزوير النقد إلى تزوير الوثائق والمستندات إلى تزوير التوقيعات إلى تزوير الأختام الحكومية ..إلخ ..؟
ألا يتطلب براعةً بديعةً وتفننًا عالي المستوى ..؟
فهل يستجيز عاقلٌ تنمية هذا الفن والترقي به بين أفراد المجتمع ..؟
ألا يدل هذا على أن مصلحة المجتمع تعلو فوق أي قيمة جمالية فنية كانت أو أدبية ..؟
فلو ثبت لدينا أن شيئًا من الأشياء مضرٌ بحياة المجتمع وفلاحه وصلاحه ، فلا جرم أن نقيد الفن والأدب بما يصرف هذاالضرر عن المجتمع ..
وهذه سنة البشر من قديم ..

ومن الاعتراضات أيضًا زعمهم أن إقامة الحواجز وضرب الحجب بين الجنسين لمنع العلاقات الجنسية المطلقة ووضع السدود دون الاختلاط هو اتهامٌ لأخلاق الناس ..
بافتراض في كل واحد منهم داعرٍ فاجرٍ ..
وفيه كذلك أن واضعي هذه القيود لا يثقون برجالهم ولا بنسائهم ..
ففيه اتهامٌ قبيحٌ لأخلاق الأفراد وإهانةٌ لكرامتهم بإساءة الظن فيهم ..
فنقول للمعترض : اعتراضك قويٌ ولا شك ..!
لكن ما كان لك أن تقصره على تدابير مكافحة الزنا والإباحية ..
بل كان الأولى لك أن تتوسع فتقول إن كل قفل على باب وكل رقم سري لخرانة وكل كلمة سر لجهاز كمبيوتر هو كذلك اتهامٌ وإهانةٌ لأخلاق الناس ..
وأنه دليلٌ على أن واضع القفل أو الرقم السري أو كلمة السر لا يثق في من حوله من الناس ..
وأنه يفترض في كل واحد منهم لصًا سارقًا ..
ولك أن تقول كذلك إن كل شرطي في البلاد يعني أن الدولة تعتبر مواطنيها أشرارًا خبثاءً لا ثقة فيهم ..
وأن كل مراقب مالي أو إداري يعني أن كل موظف مختلسٌ أو مهملٌ لا أمانة فيه ..
فما رأيك بهذا النمط في التفكير ..؟
ألا يجعلك التفكير بهذه الطريقة سارقًا قاتلاً مجرمًا متهمًا ..؟!
فهل ترى في هذا إهانة لكرامتك كما تراه في تدابير مكافحة الزنا ..؟

وخلاصة القول في المسألة أن كثيرًا من الناس ينكرون الزنا والفاحشة والإباحية الجنسية ..
لكن هذا الإنكار لا يبلغ منهم مبلغًا يشعرهم بضرورة إتخاذ التدابير الوقائية لسد الباب أمامهم بالمرة ..
لهذا تختلف وجهة نظرهم في أمر هذه التدابير عن وجهة نظرنا ..
ولا ريب عندي أنهم إن بينت لهم حقائق الفطرة وانكشفت لهم الأمور على وجهها الصحيح لاتفقوا معنا ..
فالإنسان ما دام فيه عنصر الحيوانية والشهوانية ، فلا يمكن لأي نظام مدني يبغي صلاح المجتمع وفلاحه أن يغفل هذا الجانب في تركيبه ..
لهذا لا ينبغي على المجتمع إهمال هذه التدابير أو التقصير في أمرها ..
والله أعلم وأحكم .

عبد التواب
03-04-2014, 02:57 AM
يرفع