المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرد على القائلين بأن اختلاف العلماء رحمة وبيان الواجب عند اختلاف العل



بنت خير الأديان
10-15-2010, 08:21 AM
من شروح كتاب الأصول الستة للشيخ محمد بن عبد الوهاب

قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب

الأصل الثاني:
أمر الله بالاجتماع في الدين ونهى عن التفرق فيه، فيبين الله هذا بيانًا شافيًا تفهمه العوام، ونهانا أن نكون كالذين تفرقوا واختلفوا قبلنا فهلكوا، وذكر أنه أمر المسلمين بالاجتماع في الدين ونهاهم عن التفرق فيه، ويزيده وضوحًا ما وردت به السنة من العجب العجاب في ذلك، ثم صار الأمر إلى أن الافتراق في أصول الدين وفروعه هو العلم والفقه في الدين، وصار الاجتماع في الدين لا يقوله إلا زنديق أو مجنون‏.‏

شرح الشيخ ابن عثيمين :
قوله‏:‏ ‏"‏أمر الله بالاجتماع في الدين ونهى عن التفرق فيه ‏.‏ ‏.‏ إلخ‏"‏
الأصل الثاني من الأصول التي ساقها الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ الاجتماع في الدين والنهي عن التفرق فيه، وهذا الأصل العظيم قد دل عليه كتاب الله تعالى، وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعمل الصحابة رضي الله عنهم والسلف الصالح رحمهم الله تعالى‏:‏
....
أما عمل السلف الصالح‏:‏ فإن من أصول السنة والجماعة في المسائل الخلافية أن ما كان الخلاف فيه صادرًا عن اجتهاد وكان مما يسوغ فيه الاجتهاد فإن بعضهم يعذر بعضًا بالخلاف ولا يحمل بعضهم على بعض حقدًا، ولا عداوة، ولا بغضاء بل يعتقدون أنهم إخوة حتى وإن حصل بينهم هذا الخلاف، حتى إن الواحد منهم ليصلي خلف من يرى أنه ليس على وضوء ويرى الإمام أنه على وضوء، مثل أن يصلي خلف شخص أكل لحم إبل وهذا الإمام يرى أنه لا ينقض الوضوء، والمأموم يرى أنه ينقض الوضوء فيرى أن الصلاة خلف ذلك الإمام صحيحة وإن كان هو لو صلاها بنفسه لرأى أن صلاته غير صحيحة، كل هذا لأنهم يرون أن الخلاف الناشئ عن اجتهاد فيما يسوغ فيه الاجتهاد ليس في الحقيقة بخلاف، لأن كل واحد من المختلفين قد تبع ما يجب الحقيقة بخلاف، لأن كل واحد من المختلفين قد تبع ما يجب عليه إتباعه من الدليل الذي لا يجوز له العدول عنه، فهم يرون أن أخاهم إذا خالفهم في عمل ما إتباعًا للدليل هو في الحقيقة قد وافقهم، لأنهم يدعون إلى إتباع الدليل أينما كان، فإذا خالفهم موافقة لدليل عنده فهو في الحقيقة قد وافقهم، لأنه تمشى على ما يدعون إليه ويهدون إليه من تحكيم كتاب الله تعالى وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏.‏


أما ما لا يسوغ فيه الخلاف فهو ما كان مخالفًا لما كان عليه الصحابة والتابعون، كمسائل العقائد التي ضل فيها من ضل من الناس، ولم يحصل فيها الخلاف إلا بعد القرون المفضلة .. فالقرون المفضلة انقرضت ولم يوجد فيها هذا الخلاف الذي انتشر بعدهم في العقائد، فمن خالف ما كان عليه الصحابة والتابعون فإنه عليه ولا يقبل خلافه‏.‏
أما المسائل التي وجد فيها الخلاف في عهد الصحابة وكان فيها مساغ للاجتهاد فلا بد من أن يكون الخلاف فيها باقيًا قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإن اجتهد فأخطأ فله أجر‏)‏ فهذا هو الضابط‏.‏
هذا الشاهد من شرح الشيخ ابن عثيمين

وأما ما أورده الشيخ الفوزان فهو التالي :
شرح الشيخ الفوزان
لا يجوز لأمة محمد أن تتفرق في عقيدتها وفي عبادتها وفي أحكام دينها هذا يقول حلال وهذا يقول حرام بغير دليل , لا يجوز هذا . لا شك أن الاختلاف من طبيعة البشر كما قال الله سبحانه : ( وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ ) هود
لكن الاختلاف يحسم بالرجوع إلى الكتاب والسنة فإذا اختلفت أنا وأنت فإنه يجب علينا أن نرجع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . قال تعالى : ( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) النساء
أما ما يقال : كل يبقى على مذهبه وكل يبقى على عقيدته والناس أحرار في آرائهم ويطالبون بحرية العقيدة وحرية الكلمة هذا هو الباطل الذي نهى الله عنه فقال : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ) آل عمران
فيجب أن نجتمع في عرض اختلافنا على كتاب الله حتى في مسائل الفقه إذا اختلفنا في شيء نعرضه على الأدلة فمن شهد له الدليل صرنا معه ومن أخطأ الدليل فإننا لا نأخذ بالخطأ


إن الله – جل وعلا – لم يتركنا نختلف ونتفرق دون أن يضع لنا ميزانا بين الصحيح من الخطأ بل وضع لنا القرآن والسنة ( فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ ) يعني القرآن ( وَالرَّسُولِ ) يعني السنة , والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي : كتاب الله وسنتي
فكأن الرسول صلى الله عليه وسلم موجود بيننا بوجود السنة مدونة ومصححة وموضحة وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى على هذه الأمة أنه لم يتركها في متاهة بل تركها وعندها ما يدلها على الله سبحانه وتعالى ويدلها على الصواب أما الذي لا يريد الحق ويريد أن كل واحد يبقى على مذهبه وعلى نحلته ويقول : نجتمع فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه . هذا لا شك أنه كلام باطل
فالواجب أن نجتمع على كتاب الله وسنة رسوله وما اختلفنا فيه نرده إلى كتاب الله وسنة رسوله , لا يعذر بعضنا بعضا ونبقى على الاختلاف بل نرده إلى كتاب الله وسنة رسوله وما وافق الحق أخذنا به وما وافق الخطأ نرجع عنه هذا هو الواجب علينا فلا تبقى الأمة مختلفة وربما يذكر الذين يدعون إلى البقاء على الاختلاف حديث اختلاف أمتي رحمة وهذا الحديث يروى ولكنه ليس صحيحا


الاختلاف ليس رحمة الاختلاف عذاب قال تعالى : ( وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ) فالاختلاف يشتت القلوب ويفرق الأمة ولا يمكن للناس إذا صاروا مختلفين أن يتناصروا ويتعاونوا أبدا بل يكون بينهم عداوة وعصبية لفرقم وأحزابهم ولا يتعاونون أبدا
إنما يتعاونون إذا اجتمعوا واعتصموا بحبل الله جميعا وهذا هو الذي أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن الله تعالى يرضى لكم ثلاثا و يكره لكم ثلاثا فيرضى لكم : أن تعبدوه و لا تشركوا به شيئا و أن تعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا و أن تناصحوا من ولاه الله أمركم . هذه الثلاث يرضاها الله لنا والشاهد منها قوله : وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وليس معنى هذا أنه لا يوجد اختلاف ولا يوجد تفرق

طبيعة البشر وجود الاختلاف ولكن معنى هذا أنه إذا حصل اختلاف أو تفرق يحسم بالرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وينتهي النزاع وينتهي الاختلاف , هذا هو الحق
وليس تحكيم القرآن أو تحكيم السنة مقتصرا على مسألة النزاع في الخصومات بين الناس في الأموال حيث يسمون الحكم بما أنزل الله أنه الحكم بين الناس في أموالهم ونزاعاتهم في أمور الدنيا فقط
لا بل هو الحكم بينهم في كل اختلاف وكل نزاع والنزاع في العقيدة أشد من النزاع في الأموال والنزاع في أمور العبادات وأمور الحلال والحرام أشد من النزاع في الخصومات في الأموال إنما الخصومات في الأموال جزء أو جزئية من الاختلاف الذي يجب حسمه بكتاب الله عز وجل
والصحابة رضي الله عنهم كان يحصل بينهم خلاف لكن سرعان ما يرجعون إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فينتهي اختلافهم ......
" إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " النور ....

فلا يسع المؤمنين أن يبقوا على اختلافهم في جميع الاختلافات لا في الأصول ولا في الفروع كلها تحسم بالكتاب والسنة وإذا لم يتبين الدليل مع أحد المجتهدين وصار لا مرجح لقول أحدهم على الآخر ففي هذه الحالة لا ينكر من أخذ بقول إمام معين ومن ثم قال العلماء لا إنكار في مسائل الاجتهاد أي المسائل التي لم يظهر الدليل فيها مع أحد الطرفين ......

قوله : " وذكر أنه أمر المسلمين بالاجتماع في الدين ونهاهم عن التفرق فيه .. "
قال تعالى : ( شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ) الشورى
أي لا يصير كل واحد له دين لأن الدين واحد ليس فيه تفرق
قوله : " ويزيده وضوحًا ما وردت به السنة .. "
نعم ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم من الأحاديث ما يحث على الاجتماع وينهى عن التفرق والاختلاف مثل حديث : فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين

قوله : " ثم صار الأمر إلى أن الافتراق في أصول الدين وفروعه .. "
صار الأمر مع السلف عند المتأخرين أن الاختلاف في الأصول والفروع هو الفقه مع أن الواجب العكس أن الاجتماع هو الفقه في الدين
هم يقولون إن التفرق وإعطاء الحرية للناس وعدم الحجر عليهم هذا هو الفقه
ونحن نقول الفقه هو الاجتماع على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم
وبعضهم يقول هذا سعة من سعة الإسلام أنه إذا حرم علينا أحد شيئا نجد من يفتي بحله
اتخذوا الناس هم المشرعين فعلى رأي هؤلاء إذا قال فلان هذا حلال صار حلالا لنا ولو كان حراما في كتاب الله وسنة رسوله
فنقول نرجع إلى كتاب الله فمن شهد له بالحق أخذنا به ومن شهد عليه بالخطأ تركناه , هذا هو الواجب . اهـ

وملخص الكلام :
أن من قال بأن اختلاف العلماء رحمة فقوله مردود عليه إذ أن كل اختلاف صغيرا كان أم كبيرا في أصل أو في فرع فإنه يحسم بالرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فمن كان معه الدليل أخذنا بقوله وإلا فنتركه ونأخذ بما وافق الدليل
وهذا الاختلاف يكون في أمور يسوغ فيها الاجتهاد فليس من العقل أن يأتي أحد فيجتهد في حكم واضح البيان في الكتاب أو السنة كمن يجتهد في حكم الموسيقى ويحاول إيجاد أسباب ومسوغات لتحليلها للناس كقوله سبيل للدعوة أو غيرها – ونحن لا ندعوا إلى الله بمعصية - ولسنا هنا بصدد التكلم عن حكمها أو الاستفاضة فيه
ولكن الناس يظنون أن الحرام إذا سُوّغ له سبب صار حلالا كمن تنمص تزينا لزوجها أو لمجرد أنها تراه ثخينا وحكم النمص ظاهر واضح جلي في حديث رسول الله وفاعلته ملعونة
ولكن ظهر علينا من يقول يجوز إذا كان تزينا للزوج أو إذا كان كثيرا أو إذا كان للتنظيف فتأخذ القليل فقط أو أو أو
حتى صار حاجب المرأة أرق من الشعرة وتتعنت وتقول ( هـــــــذا تنــــظــــــــــيف فقـــــــط والعلماء قالوا ومنهم من أحل ومنهم من قال ومنهم ومنهم .. )
والله لا أدري ما هو التنظيف الذي يجعل الحاجب مثل الشعرة وإلى الله المشتكى
ولا أدري ما هذه الأقوال والاجتهادات التي لا تمت للاجتهاد الشرعي بصلة

وأما ما يسوّغ فيه الاجتهاد أي حين لا يكون هناك دليل واضح على الشيء بحيث إذا عدنا للكتاب والسنة لم يبدو لنا رجحان قول على قول أو بمعنى آخر لم نجد دليلا ينفي قولا أو يؤيد قولا - إن صح التعبير - فإن بعضنا لا ينكر على بعض في الأخذ بشيء منه كما فعل الصحابة في فهم حديث لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة فمنهم من فهمه على أنه أمر فعلي عليهم أن يقوموا به ومنهم من فهمه على أنه الحث على التعجيل والإسراع في الوصول وكلا الفريقين لم ينكر على الأخر .


فالواجب على المسلم أن يتبع الدليل حيث هو ونضيف من الكلام فنقول بما قال الإمام الشافعي في كتاب "الأم " - وحق لكلامه أن يسطر بماء الذهب :
" مَا كَانَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ مَوْجُودَيْنِ فَالْعُذْرُ عَلَى مَنْ سَمِعَهُمَا مَقْطُوعٌ إلَّا بِاتِّبَاعِهِمَا ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ صِرْنَا إلَى أَقَأوِيلِ أَصْحَابِ الرَّسُولِ أَوْ وَاحِدِهِمْ ، وَكَانَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - أَحَبَّ إلَيْنَا إذَا صِرْنَا إلَى التَّقْلِيدِ ، وَلَكِنْ إذَا لَمْ نَجِدْ دَلَالَةً فِي الِاخْتِلَافِ تَدُلُّ عَلَى أَقْرَبِ الِاخْتِلَافِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَنَتَّبِعُ الْقَوْلَ الَّذِي مَعَهُ الدَّلَالَةُ ، لِأَنَّ قَوْلَ الْإِمَامِ مَشْهُورٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ النَّاسَ وَمِنْ لَزِمَ قَوْلُهُ النَّاسَ كَانَ أَظْهَرُ مِمَّنْ يُفْتِي الرَّجُلَ وَالنَّفَرَ ، وَقَدْ يَأْخُذُ بِفُتْيَاهُ وَقَدْ يَدَعُهَا ، وَأَكْثَرُ الْمُفْتِينَ يُفْتُونَ الْخَاصَّةَ فِي بُيُوتِهِمْ وَمَجَالِسِهِمْ ، وَلَا يَعْنِي الْخَاصَّةَ بِمَا قَالُوا : عِنَايَتُهُمْ بِمَا قَالَ الْإِمَامُ . ثُمَّ قَالَ : فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ عَنْ الْأَئِمَّةِ فَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدِّينِ فِي مَوْضِعِ الْأَمَانَةِ أَخَذْنَا بِقَوْلِهِمْ ، وَكَانَ اتِّبَاعُهُمْ أَوْلَى بِنَا مِنْ اتِّبَاعِ مَنْ بَعْدِهِمْ "

وبقوله رحمه الله نختم وسدد الله خطانا وخطاكم

حسام الدين حامد
11-02-2010, 01:49 AM
أن من قال بأن اختلاف العلماء رحمة فقوله مردود عليه إذ أن كل اختلاف صغيرا كان أم كبيرا في أصل أو في فرع فإنه يحسم بالرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فمن كان معه الدليل أخذنا بقوله وإلا فنتركه ونأخذ بما وافق الدليل

لو صحّ هذا الكلام لما وقع اختلاف بين الصحابة رضي الله عنهم، وإنما يسعنا ما وسعهم، فالخلاف السائغ رحمة، والسعي في معرفة مراد الله من مراضي الله تعالى، ولو شاء الله لما وقع اختلاف بين الصحابة لتكون لنا فيهم الأسوة، وهذا لم يقع، فالاختلاف السائغ رحمة بينما غيره ليس من هذا السبيل.




معنى حديث ( اختلاف أمتي رحمة ) ::
21/9/2002

يقول السائل :
ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم ( اختلاف أمتي رحمة ) ؟


الجواب : هذا الكلام المنسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم وقد رواه البيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى 1/147 بلفظ :[ واختلاف أصحابي لكم رحمة ] .
ورواه الطبراني والديلمي وغيرهم وقد بين السخاوي حال الحديث في المقاصد الحسنة ص26-27 .
وكذلك العجلوني في كشف الخفاء 1/64-65 .

وفصل الشيخ الألباني الكلام عليه حيث قال :
[ لا أصل له ولقد جهد المحدثون في أن يقفوا له على سند
فلم يوفقوا حتى قال السيوطي في الجامع الصغير : [ ولعله خرج في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل إلينا ] .

وهذا بعيد عندي إذ يلزم منه أنه ضاع على الأمة بعض أحاديثه صلى الله عليه وسلم وهذا مما لا يليق بمسلم اعتقاده .

ونقل المناوي عن السبكي أنه قال :[ وليس بمعروف عند المحدثين ولم أقف له على سند صحيح ولا ضعيف ولا موضوع ] .

وأقره الشيخ زكريا الأنصاري في تعليقه على تفسير البيضاوي ( ق92/2 ) .
ثم إن معنى هذا الحديث مستنكر عند المحققين من العلماء ، فقال العلامة ابن حزم في الإحكام في أصول الأحكام 5/64 بعد أن أشار إلى أنه ليس بحديث : [ وهذا من أفسد قول يكون لأنه لو كان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق سخطاً وهذا ما لا يقوله مسلم لأنه ليس إلا اتفاق أو اختلاف وليس إلا رحمة أو سخط ] سلسلة الأحـاديث الضعيفـة والموضوعة 1/76 . فالحديث ليس بثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن معناه صحيح إذا حملناه على الاختلاف في الفروع الفقهية كما قال بعض أهل العلم كما سيأتي .

وأما قول الشيخ ابن حزم في رد الحديث دراية:[ لأنه لو كان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق سخطاً ] فغير مسلم لأن كون الاختلاف رحمة لا يعني أن يكون الاتفاق سخطاً كما قال وهذا الكلام من ابن حزم إنما هو أخذ بمفهوم المخالفة وابن حزم لا يأخذ بمفهوم المخالفة أصلا فكيف يحتج به هذا أولاً .

وأما ثانياً فقد قال الإمام النووي :[ قال الخطابي : وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
( اختلاف أمتي رحمة ) فاستصوب عمر ما قاله .

قال : وقد اعترض على حديث اختلاف أمتي رحمة رجلان أحدهما مغموض عليه في دينه وهو عمرو بن بحر الجاحظ والآخر معروف بالسخف والخلاعة وهو إسحق بن إبراهيم الموصلي فإنه لما وضع كتابه في الأغاني وأمكن في تلك الأباطيل لم يرض بما تزود من إثمها حتى صدر كتابه بذم أصحاب الحديث وزعم أنهم يروون ما لا يدرون
وقال هو والجاحظ : لو كان الاختلاف رحمة
لكان الاتفاق عذاباً ثم زعم إنما كان اختلاف الأمة رحمة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم خاصة
فإذا اختلفوا سألوه فبين لهم والجواب عن هذا الاعتراض الفاسد أنه لا يلزم
من كون الشيء رحمة أن يكون ضده عذاباً ولا يلتزم هذا ويذكره إلا جاهل أو متجاهل وقد قال تعالى :
( ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه)

فسمى الليل رحمة ولم يلزم من ذلك أن يكون النهار عذاباً وهو ظاهر لا شك فيه .

قال الخطابي : والاختلاف في الدين ثلاثة أقسام :

أحدها في إثبات الصانع ووحدانيته وإنكار ذلك كفر والثاني في صفاته ومشيته وإمكارها بدعة والثالث في أحكام الفروع المحتملة وجوهاً فهذا جعله الله تعالى رحمة وكرامة للعلماء وهو المراد بحديث اختلاف أمتي رحمة هذا آخر كلام الخطابي رحمه الله ] شرح النووي على صحيح مسلم 4/258 .

وأما ثالثاً فالاختلاف المذكور هو الاختلاف في الفروع الفقهية والاختلاف فيها ليس فيه حرج ما دام أنه قد صدر عن أهل الاجتهاد .

والاختلاف في الفروع موجود منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم كما حصل
في نهاية غزوة الأحزاب عندما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه ( لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة ) رواه البخاري ومسلم .


فقد اختلف الصحابة في ذلك فمنهم من قال إنه أراد منا الإسراع فصلى العصر في الطريق إلى ديار بني قريظة ومنهم من لم يصل العصر إلا في بني قريظة وصلوها بعد أن غابت الشمس ولما عرض الأمر على النبي صلى الله عليه وسلم لم يعنف أحداً من الفريقين .

كما أن كبار الصحابة قد اختلفوا في مسائل الفروع وهذا أمر مشهور معروف واختلافهم فيه توسعة على الأمة .

قال الشيخ ابن قدامة المقدسي في مقدمة كتابه العظيم المغني ما نصه :

[ أما بعد : فإن الله برحمته وطَوْله وقوته وحوله ضمن بقاء طائفة من هذه الأمة على الحق لا يضرهم من
خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك وجعل السبب في بقائهم بقاء علمائهم واقتدائهم بأئمتهم وفقهائهم وجعل هذه الأمة
مع علمائها كالأمم الخالية مع أنبيائها وأظهر في كل طبقة من فقهائها أئمة يقتدى بها وينتهى
إلى رأيها وجعل في سلف هذه الأمة أئمة من الأعلام مهد بهم قواعد الإسلام .

وأوضح بهم مشكلات الأحكام اتفاقهم حجة قاطعة واختلافهم رحمة واسعة .

تحيا القلوب بأخبارهم وتحصل السعادة باقتفاء آثارهم ثم اختص منهم نفراً أعلى
قدرهم ومناصبهم وأبقى ذكرهم ومذاهبهم فعلى أقوالهم مدار الأحكام وبمذاهبهم يفتي فقهاء الإسلام ] المغني 1/3-4 .

وقد ذكر الحافظ ابن عبد البر عن جماعة من فقهاء السلف أن الاختلاف في الفروع فيه سعة فروى عن القاسم بن محمد بن أبي بكر قال :
[ لقد نفع الله باختلاف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في أعمالهم لا يعمل العامل
بعمل رجل منهم إلا رأى أنه في سعة ورأى أنه خير منه قد عمله …

وعن القاسم بن محمد قـال :
لقد أوسع الله على الناس
باختلاف أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أي ذلك أخذت به لم يكن في نفسك منه شيء …

وعن رجاء بن جميل قال :
اجتمع عمر بن عبد العزيز والقاسم بن محمد فجعلا يتذاكران الحديث قال فجعل عمر يجيء بالشيء مخالفاً فيه القاسم قال وجعل ذلك يشق على القاسم حتى تبين فيه فقال له عمر لا تفعل فما يسرني أن لي باختلافهم حمر النعم …

وعن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أنه قال : لقد أعجبني قول عمر بن عبد العزيز
ما أحب أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا لأنه
لو كانوا قولاً واحداً كان الناس في ضيق وأنهم أئمة يقتدى بهم فلو أخذ رجل بقول أحدهم كان في سعة .

قال أبو عمر هذا فيما كان طريقه الاجتهاد …
وعن أسامة بن زيد قال سألت القاسم بن محمد عن القراءة خلف الإمام فيما لم يجهر فيه فقال
إن قرأت فلك في رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة وإذا لم تقرأ فلك في رجال
من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة …

وعن يحيى بن سعيد قال ما برح أولو الفتوى يفتون فيحل هذا ويحرم هذا فلا يرى المحرم
أن المحل هلك لتحليله ولا يرى المحل أن المحرم هلك لتحريمه ] جامع بيان العلم وفضله 2/80 .

وقال الشيخ شاه ولي الله الدهلوي تحت عنوان اختلاف الصحابة في الأحكام كثير ،

ما نصه :[ وقد كان في الصحابة والتابعين ومن بعدهم من يقرأ البسملة ومنهم من لا يقرؤها ومنهم من يجهر بها ومنهم
من لا يجهر بها وكان منهم من يقنت في الفجر ومنهم من لا يقنت في الفجر ومنهم من يتوضأ من الحجامة
والرعاف والقيء ومنهم من لا يتوضأ من ذلك ومنهم من يتوضأ من مس الذكر ومس النساء بشهوة ومنهم من
لا يتوضأ من ذلك ومنهم من يتوضأ مما مسته النار ومنهم من لا يتوضأ من ذلك ومنهم من يتوضأ من أكل لحم الإبل ومنهم من لا يتوضأ من ذلك .

ثم قال الشيخ الدهلوي :
ما كان خلاف الأئمة تعصباً أعمى : ومع هذا فكان بعضهم يصلي خلف بعض مثل ما
كان أبو حنيفة وأصحابه والشافعي وغيرهم رضي الله
عنهم يصلون خلف أئمة المدينة من المالكية وغيرهم وإن كانوا لا يقرؤون البسملة لا سراً ولا جهراً .


وصلى الرشيد إماماً وقد احتجم فصلى الإمام أبو يوسف خلفه ولم يعد .

وكان الإمام أحمد بن حنبل يرى الوضوء من الرعاف والحجامة فقيل له :

فإن كان الإمام قد خرج منه الدم ولم يتوضأ هل تصلي خلفه ؟ فقال : كيف لا أصلي خلف الإمام مالك وسعيد بن المسيب .

وروي أن أبا يوسف ومحمداً كانا يكبران في العيدين تكبير ابن عباس لأن هارون الرشيد كان يحب تكبير جده .

وصلى الشافعي رحمه الله الصبح قريباً من مقبرة أبي حنيفة رحمه الله فلم يقنت تأدباً معه وقال أيضاً :

ربما انحدرنا إلى مذهب أهل العراق …
وفي البزازية عن الإمام الثاني وهو أبو يوسف رحمه الله أنه صلى يوم الجمعة مغتسلاً
من الحمام وصلى بالناس وتفرقوا ثم أخبر بوجود فأرة ميتة في بئر الحمام فقال :

إذاً نأخذ بقول إخواننا من أهل المدينة إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثاً ] حجة الله البالغة 1/295-296 .

وبعد اختلاف الصحابة والتابعين وتابعيهم اختلف الأئمة والعلماء في فروع الدين وما الاختلاف
بين أصحاب المذاهب الأربعة عنا ببعيد .

ولا يجوز أن يقال إن اختلاف هؤلاء الفقهاء شر وسخط وعذاب بل فيه السعة والرأفة والرحمة بالأمة .

وينبغي أن لا تضيق صدورنا بالخلافات الفقهية فهي أمر تعارف عليه المسلمون منذ الصدر الأول للإسلام بل
إن الإمام مالك بن أنس رفض حمل جميع المسلمين على مذهب واحد لما عرض عليه بعض
الخلفاء العباسيين أن يحملوا المسلمين على ما قرره مالك في موطئه
فرفض حمل الناس على ذلك حباً في التوسعة على المسلمين وعدم التضييق عليهم .

قال ابن أبي حاتم :[ قال مالك : ثم قال لي أبو جعفر المنصور :
قد أردت أن أجعل هذا العلم علماً واحداً فأكتب به إلى أمراء الأجناد وإلى القضاة فيعملون به فمن خالف ضربت عنقه !

فقلت له : يا أمير المؤمنين أو غير ذلك قلت :إن النبي صلى الله عليه وسلم كان في هذه الأمة
وكان يبعث السرايا وكان يخرج فلم يفتح من البلاد كثيراً حتى قبضه الله عز وجل ثم قام أبو بكر
رضي الله عنه بعده فلم يفتح من البلاد كثيراً ثم قام عمر رضي الله عنه بعدهما ففتحت البلاد على يديه
فلم يجد بداً من أن يبعث أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم معلمين فلم يزل يؤخذ عنهم كابراً
عن كابر إلى يومهم هذا فإن ذهبت تحولهم مما يعرفون إلى ما لا يعرفون رأوا ذلك كفراً .

ولكن أقر أهل كل بلدة على ما فيها من العلم خذ هذا العلم لنفسك فقال لي :

ما أبعدت القـول اكتب هذا العلـم لمحمد يعني ولده المهدي الخليفة من بعده ] أدب الاختـلاف ص36-37 .

ولكن المذموم في الاختلاف في الفروع هو التعصب للرأي وإن ثبت أن
هذا الرأي مخالف لما صح عن رسول صلى الله عليه وسلم فالتعصب صفة ذميمة لا ينبغي للمسلم أن يتصف بها .

وخلاصة الرأي أن الاختلاف في الفروع لا بأس به وأن فيه توسعة على الأمة ما دام صادراً عن أهل العلم والاجتهاد .


الدكتور / حسام الدين عفانه

http://majles.alukah.net/showthread.php?t=37807

د. هشام عزمي
11-02-2010, 02:56 AM
لو صحّ هذا الكلام لما وقع اختلاف بين الصحابة رضي الله عنهم، وإنما يسعنا ما وسعهم، فالخلاف السائغ رحمة، والسعي في معرفة مراد الله من مراضي الله تعالى، ولو شاء الله لما وقع اختلاف بين الصحابة لتكون لنا فيهم الأسوة، وهذا لم يقع، فالاختلاف السائغ رحمة بينما غيره ليس من هذا السبيل.

أخي الحبيب الدكتور حسام ..
لم يرد كاتب المقال الخلاف السائغ بهذا الكلام ..
وإلا لما استدرك على كلامه بقوله :
وأما ما يسوّغ فيه الاجتهاد أي حين لا يكون هناك دليل واضح على الشيء بحيث إذا عدنا للكتاب والسنة لم يبدو لنا رجحان قول على قول أو بمعنى آخر لم نجد دليلا ينفي قولا أو يؤيد قولا - إن صح التعبير - فإن بعضنا لا ينكر على بعض في الأخذ بشيء منه كما فعل الصحابة في فهم حديث لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة فمنهم من فهمه على أنه أمر فعلي عليهم أن يقوموا به ومنهم من فهمه على أنه الحث على التعجيل والإسراع في الوصول وكلا الفريقين لم ينكر على الأخر .
فالمفهوم من كلامه - الذي يوضحه ما بعده - أنه لا يقصد الخلاف السائغ ..
وجزاك الله خيرًا .

حسام الدين حامد
11-02-2010, 11:04 AM
نعم دكتورنا الكريم، ولكن الكلام شيء والتمثيل شيء، وأرجو أن تتأمل هذه الفقرة لترى هل تركت مجالًا لتفصيل أصلا.

أن من قال بأن اختلاف العلماء رحمة فقوله مردود عليه إذ أن كل اختلاف صغيرا كان أم كبيرا في أصل أو في فرع فإنه يحسم بالرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فمن كان معه الدليل أخذنا بقوله وإلا فنتركه ونأخذ بما وافق الدليل
وهذا الاختلاف يكون في أمور يسوغ فيها الاجتهاد فليس من العقل أن يأتي أحد فيجتهد في حكم واضح البيان في الكتاب أو السنة كمن يجتهد في حكم الموسيقى ويحاول إيجاد أسباب ومسوغات لتحليلها للناس كقوله سبيل للدعوة أو غيرها – ونحن لا ندعوا إلى الله بمعصية - ولسنا هنا بصدد التكلم عن حكمها أو الاستفاضة فيه
ولكن الناس يظنون أن الحرام إذا سُوّغ له سبب صار حلالا كمن تنمص تزينا لزوجها أو لمجرد أنها تراه ثخينا وحكم النمص ظاهر واضح جلي في حديث رسول الله وفاعلته ملعونة
ولكن ظهر علينا من يقول يجوز إذا كان تزينا للزوج أو إذا كان كثيرا أو إذا كان للتنظيف فتأخذ القليل فقط أو أو أو
حتى صار حاجب المرأة أرق من الشعرة وتتعنت وتقول ( هـــــــذا تنــــظــــــــــيف فقـــــــط والعلماء قالوا ومنهم من أحل ومنهم من قال ومنهم ومنهم .. )
والله لا أدري ما هو التنظيف الذي يجعل الحاجب مثل الشعرة وإلى الله المشتكى
ولا أدري ما هذه الأقوال والاجتهادات التي لا تمت للاجتهاد الشرعي بصلة

وانظر مثلا المثال الوارد فيما يسوغ فيه الاجتهاد:


كما فعل الصحابة في فهم حديث لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة فمنهم من فهمه على أنه أمر فعلي عليهم أن يقوموا به ومنهم من فهمه على أنه الحث على التعجيل والإسراع في الوصول وكلا الفريقين لم ينكر على الأخر .

ألا تظن أن كاتب المقال يرى أن كل خلاف صغير أو كبير يحسم بالرجوع للدليل، وبالتالي فالنص صريح "لا يصلين أحدكم العصر إلا" ورغم ذلك يقول هو خلاف سائغ، ولكن عندما تجد مثل ذلك في نظر العلماء في الأدلة ستراه يقول إنّ هذا مخالف لنص صريح، ولذا فهذه المسائل الكبار لا يكون الكلام فيها بكلام ظاهره حسن ولكن عند التطبيق يكون جحيمًا على الناس.

بنت خير الأديان
11-06-2010, 04:28 PM
وانظر مثلا المثال الوارد فيما يسوغ فيه الاجتهاد:



ألا تظن أن كاتب المقال يرى أن كل خلاف صغير أو كبير يحسم بالرجوع للدليل، وبالتالي فالنص صريح "لا يصلين أحدكم العصر إلا" ورغم ذلك يقول هو خلاف سائغ، ولكن عندما تجد مثل ذلك في نظر العلماء في الأدلة ستراه يقول إنّ هذا مخالف لنص صريح، ولذا فهذه المسائل الكبار لا يكون الكلام فيها بكلام ظاهره حسن ولكن عند التطبيق يكون جحيمًا على الناس.

الكلام حول لا يصلين متعلق بفهم النص
الصحابة رضي الله عنهم عاشروا النبي عليه الصلاة والسلام
وعرفوا ما يحب ويكره وما يعني وما لا يعني
وما يريده عينا وما يريده تلميحا
مثل حديث من أكل لحم جزور فليتوضأ
مع أن الحديث عليه كلام لكن أنا أريد منه فقط المشهد
وهو أن سبب هذه المقولة أن أحدهم أخرج ريحا فاستحيا أن يتوضأ
بالتالي القول الصريح الذي يصلنا ليس كالقول الصريح الذي يصل الصحابة
لأن الصحابة يعرفون متى يحيد الحكم عن الصريح ومتى لا يحيد فهم المعاصرون للأحكام في القرآن والسنة
وللمزيد فعليكم بالموضوع التابع لهذا بعنوان الفرق بين اختلاف التنوع والتضاد

وبهذا لا يتنافى كلامي الأول عن الأخير
ما رأيكم دام ظلّكم ؟

حسام الدين حامد
11-07-2010, 06:10 PM
أختنا الكريمة ..

هل اتفقنا أن الاختلاف السائغ رحمة؟؟ وأنّه لو كان نقمة لكانت نقمة لم ينج منها الصحابة زمن النبوة؟؟ وأنّ هذه الرحمة من هذا الدين؟؟ وأن هذا الدين نزل ليتسابق الناس في مضمار معرفة مراضي الله تعالى؟؟ وأنّ من هذه المراضي ما لا يسوغ الخلاف فيه لعدم إمكان الاختلاف فيه إلا بالرجوع إلى مرجعية غير مرجعية الأصحاب؟؟ وأن هذا الذي لا يسغ الخلاف فيه ليس من الرحمة بل أهله لايزالون مختلفين إلا من رحم ربك؟؟


مثل حديث من أكل لحم جزور فليتوضأ
مع أن الحديث عليه كلام لكن أنا أريد منه فقط المشهد
وهو أن سبب هذه المقولة أن أحدهم أخرج ريحا فاستحيا أن يتوضأ
بالتالي القول الصريح الذي يصلنا ليس كالقول الصريح الذي يصل الصحابة

قال الألباني رحمه الله:

فهم يدفعون هذا الأمر الصحيح الصريح بأنه إنما كان سترا على ذلك الرجل ، لا تشريعا ! و ليت شعري كيف يعقل هؤلاء مثل هذه القصة و يؤمنون بها ، مع بعدها عن العقل السليم ، و الشرع القويم ؟ ! فإنهم لو تفكروا فيها قليلا ، لتبين لهم ما قلناه بوضوح ، فإنه مما لا يليق به صلى الله عليه وسلم أن يأمر بأمر لعلة زمنية . ثم لا يبين للناس تلك العلة ، حتى يصير الأمر شريعة أبدية ، كما وقع في هذا الأمر ، فقد عمل به جماهير من أئمة الحديث والفقه ، فلو أنه صلى الله عليه وسلم كان أمر به لتلك العلة المزعومة لبينها أتم البيان ، حتى لا يضل هؤلاء الجماهير باتباعهم للأمر المطلق !

"يا غلام سمّ الله وكل بيمينك"
ما الذي صرف الأمر من الوجوب إلى الاستحباب باتفاق أهل العلم؟

"لعن الله النامصة"
ما حكم من تزيل شيئا من شعر الحاجب إن كان مشوِّها، هل تبحثين عن فتوي الشيخ العثيمين رحمه الله - وقد نقلتِ عنه قوله في الخلاف - في ظل النص الصريح عندك؟؟ وهل الذين اختلفوا في هذه المسائل لم يكن لهم سند من الصحابة رضي الله عنهم؟؟

الأمر يحتاج لمزيد من البحث وليس الاكتفاء بمقالين أو ثلاثة وحده كافيا لسحب فهمك على أمثلة هي عند أهل العلم من مسائل الخلاف بطريقة تؤول إلى إلغاء المقالين الأولين أصلا.. وما كان الرفق في شيءٍ إلا زانه.

نور الدين الدمشقي
11-07-2010, 06:37 PM
أن من قال بأن اختلاف العلماء رحمة فقوله مردود عليه إذ أن كل اختلاف صغيرا كان أم كبيرا في أصل أو في فرع فإنه يحسم بالرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فمن كان معه الدليل أخذنا بقوله وإلا فنتركه ونأخذ بما وافق الدليل
بارك الله في اخي الكريم حسام وجميع الاخوة والاخوات.
ألا ترين يا اختنا بأن هذه العبارة المثالية ليس لها وجود حقيقي على أرض الواقع؟ فكيف سيتسنى لكل العقول والآراء أن تجتمع على فهم واحد؟ ومن قال بأن كل من اختلف من الصحابة والتابعين والفقهاء لم يردوا الاختلاف الى كتاب الله وسنة نبيه؟ وانما كان الاختلاف في فهم تلك النصوص ودلالاتها وتطبيقها لا بردها او عدم ردها للقرآن والسنة (الا ما خفي من بعض الاحاديث على البعض).
لقد ضيقت واسعا يا اختنا...وهذا القول فيه من الأحادية في المنهج وعدم التقبل لعلم فقه الاختلاف ما فيه.
فهو اذا ليس ردا على من قال بأن اختلاف الأمة رحمة...وانما بيان لتلك المقولة وتقييد لذلك الاختلاف.
والخلاصة:
أن اختلاف الأمة رحمة...ولا يرد هذا القول على قائله فانما المقصود الاختلاف الذي رد الى النصوص فاختلفت فيه الافهام. ولا اظنه الا سنة من الله لن تتبدل حتى قيام الساعة. والله اعلم

الشهاب العابر
11-07-2010, 06:46 PM
أن اختلاف الأمة رحمة...ولا يرد هذا القول على قائله فانما المقصود الاختلاف الذي رد الى النصوص فاختلفت فيه الافهام. ولا اظنه الا سنة من الله لن تتبدل حتى قيام الساعة. والله اعلم

لو قلنا ان اختلاف الامة بما يسوغ فيه الخلاف رحمة، او قلنا ان اختلاف التنوع في الامه رحمه

لكان افضل من اطلاق مقولة ان اختلاف الامة رحمة ... اي انه يجب تقييد الاختلاف باختلاف التنوع لا اختلاف التضاد

فأن الاختلاف منه ما هو مذموم قطعا ولا يكابر بهذا احد

ولي تعقيب فقط هو ان الاختلاف في حد ذاته غير مطلوب، ولكنه حدث قدرا ,,,,,,

والله اعلى واعلم

أمَة الرحمن
11-07-2010, 07:02 PM
كتب الشيخ ياسر برهامى:


ونحن في نفس الوقت نعرف نوع الخلاف مع المخالف ودرجته، وسبق أن بيّنا مرات أن من الخلاف ما هو اختلاف تنوع يحتاج إلى تكامل واستثمار، وما هو اختلاف تضاد سائغ يحتاج إلى سعة صدر واحتمال كل منا للآخر، تماماً كما وسع السلف هذا النوع من الخلاف، وهناك اختلاف تضاد غير سائغ يحتاج إلى تقويم وإصلاح وإنكار

نور الدين الدمشقي
11-07-2010, 08:16 PM
لو قلنا ان اختلاف الامة بما يسوغ فيه الخلاف رحمة، او قلنا ان اختلاف التنوع في الامه رحمه

لكان افضل من اطلاق مقولة ان اختلاف الامة رحمة ... اي انه يجب تقييد الاختلاف باختلاف التنوع لا اختلاف التضاد
نعم موافق أنه افضل...وانما كان وجه الاعتراض على رد ذلك القول بدلا من بيان التقييد المحمود الذي ذكرت.

الشهاب العابر
11-07-2010, 10:55 PM
ولي تعقيب فقط هو ان الاختلاف في حد ذاته غير مطلوب، ولكنه حدث قدرا ,,,,,,

والله اعلى واعلم

يا اخوة، الاخوة الذين يطلقون مقولة اختلاف الامه رحمه وقعوا بهذا الامر نتيجة خلطهم بين مشيئة الله القدرية ومشيئته الشرعيه.

فأن الله قدر الاختلاف في هذه الامه قدرا ......

لكنه قدر علينا شرعا نبذ هذا الخلاف .....


فأرجو التنبه لهذه المسألة

حسام الدين حامد
11-07-2010, 11:05 PM
وقيل: لو سكت من لا يعلم لقل الخلاف.


لو قلنا ان اختلاف الامة بما يسوغ فيه الخلاف رحمة، او قلنا ان اختلاف التنوع في الامه رحمه

لكان افضل من اطلاق مقولة ان اختلاف الامة رحمة ... اي انه يجب تقييد الاختلاف باختلاف التنوع لا اختلاف التضاد

ومن اختلاف التضاد ما يسوغ فيه الخلاف .. وقد وقع بين الصحابة رضي الله عنهم ..

راجع النقولات في المشاركة الأولى لي في هذا الموضوع قبل أن تبادر بالرد.

الشهاب العابر
11-07-2010, 11:21 PM
وقيل: لو سكت من لا يعلم لقل الخلاف.



اشرب فتجان قهوة وهدي اعصابك، فلا داعي للتوتر ان لم يعجبك ما اقوله

نور الدين الدمشقي
11-07-2010, 11:23 PM
اشرب فتجان قهوة وهدي اعصابك، فلا داعي للتوتر ان لم يعجبك ما اقوله
أيقال هذا للدكتور حسام الدين. هداك الله اخي الكريم والزم الأدب.

حسام الدين حامد
11-07-2010, 11:27 PM
جزاك الله خيرًا أخي الغريب، وقيل أشد من ذلك فيمن لا أبلغ ترابا في منخره!

مشكلتي أخي الشهاب أني لا أحب القهوة، لكن بغض النظر هل قرأت المشاركة التي فيها النقولات أم أنك أكبر من ذلك؟؟

الشهاب العابر
11-07-2010, 11:31 PM
وقيل: لو سكت من لا يعلم لقل الخلاف.


وهل هذا من الادب؟؟؟؟؟؟؟؟؟

وانا لم اسئ الادب ابدا....

على كل حال متأسف لدخولي النقاش ..... وكان الاولى بالدكتور حفظه الله ان يرد ردا علميا، مع اني ما اخطأت حقه والمنصف يعرف ذلك......


وسأنسحب من النقاش ان كان هذا يرضي الدكتور، واعتذر منه اشد الاعتذار ان كنت اخطأت بحقه

وأقول
ربنا لا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا
سبحانك الله وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك

نور الدين الدمشقي
11-07-2010, 11:35 PM
بارك الله فيك اخينا وجمع بيننا على خير.

كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل
11-07-2010, 11:51 PM
الخلاف شر كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، والخلاف المقصود هو الذي يوجب عداءًا، وتبديعاً، وتضليلاً، وتكفيراً؛ وهذا ليس من الخلاف السائغ والذي غاية ما ينتج عنه هو التخطئة ولا يكون سبباً بحال من الأحوال لما نراه من التفرق، والتشرذم، والتحزب؛ وما نتج عن ذلك؛ من التباغض، والتحاسد، والتبديع، والتكفير في بعض الأحيان.


وقال ابن العثيمين رحمه الله


إن من نعمة الله تبارك وتعالى على هذه الأُمَّة أن الخلاف بينها لم يكن في أصول دينها، ومصادره الأصيلة، وإنما كان الخلاف في أشياء لا تمس وحدة المسلمين الحقيقية وهو أمر لابد أن يكون‏

وقال أيضا


ولكن بعد وفاة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ اختلفت الأُمَّة في أحكام الشريعة التي لا تقضي على أصول الشريعة وأصول مصادرها‏

حسام الدين حامد
11-07-2010, 11:55 PM
يا أخي الشهاب والله أنا ليس في قلبي شيء بالمرة تجاهك، بل إني أحبك وأحب لك الخير، وهذا أقسم عليه والله على ما أقول شهيد، ولم يكن قصدي من قولي "لو سكت من لا يعلم لقل الخلاف" إهانتك، ولا تنفيرك من الحوار، أبدًا علم الله، ولكن وجدتك تقول "لو قلنا ان اختلاف الامة بما يسوغ فيه الخلاف رحمة، او قلنا ان اختلاف التنوع في الامه رحمه" فأنت تجعل اختلاف التنوع هو الاختلاف السائغ، وتنكر علينا، وتقول مشيئة قدرية ومشيئة شرعية، وأنا أخشى عليك من هذا الترقي في التنظير وأنت لا تعرف أبسط الأمور في هذا المبحث وهو أن الخلاف السائغ ليس كله خلاف تنوع، فقلت لك هذه الجملة العامة في باب الخلاف، حتى تسكت عن الكلام فيما لا تعلم، والله أخرجنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئا، هذا هو الأصل فينا يا أخي، وأنا لو تكلمت فيما لا أعلم لوسعت الخلاف فراسخ، وأي أحد كذلك، وجزى الله خيرا من ينصحني، فأخوك من صدقَك لا من صدّقك، وأعيذك ونفسي من التعالم، ولا يرضيني انسحابك من النقاش قبل أن تعرف موطن الخطأ في كلامك، وأرجو أن تعرفه بقراءة ما أحلتك عليه.

واسلم لأخيك المحب.

الشهاب العابر
11-08-2010, 12:02 AM
حياك الله اخي

وغفر لي ولك واعتبر هذه اخر مشاركة لي في هذا الموضوع، لكن لابين لك وجهت نظري فقط

اخي الحبيب انا لم انكر ان اختلاف التضاد بعضه مستساغ .... وهذا لا ينكره طويلب علم ( فنقض الوضوء بمس الذكر اختلاف تضاد وهو مستساغ) .... وانت التهمتني بهذا .... فأين وجدته في كلامي؟؟؟؟ فالبينة على من ادعى .... اما ان تقولني ما لم اقل .... ثم تصفني بالجهل .... فهذا ما لا ارضاه لاخ كريم مثلك.


اخي الحبيب كون الاختلاف مستساغا شيء ..... وكونه رحمة شيء اخر

اخي ما اردت ان اوصله، ان كون اختلاف التضاد السائغ جرى بين الصحابة لا يعني بحال ان الاختلاف رحمه، كما اردت ان تصوره انت.

واكبر مثال على ذلك هو اختلاف معاوية مع علي رضي الله عنهم، فأن اختلافهم كان سائغا، لان كل واحد منهم كان له تأويل ولكن الحق كان مع علي رضي الله عنه بلا شك ..... فهل هذا من الرحمة؟؟؟؟

طبعا لا.....

فما اردت قوله .... ان كون الخلاف وقع قدرا بين الصحابة .... لا يدل بحال على انه رحمه .... كما ان وقوع القتال بين الصحابة قدرا لا يدل بحال على انه رحمه.

ارجو ان تكون الفكره قد وصلت

وفي النهاية انقل لكم كلام لابن تيميه عن اختلاف التضاد من كتابه اقتضاء الصراط المستقيم وركزوا على ما ظلل بالاحمر.

يقول رحمه الله:
وأما اختلاف التضاد: فهو القولان المتنافيان إما في الأصول وإما في الفروع عند الجمهور الذين يقولون المصيب واحد وإلا فمن قال كل مجتهد مصيب فعنده هو من باب اختلاف التنوع لا اختلاف التضاد
فهذا الخطب فيه أشد لأن القولين يتنافيان لكن نجد كثيرا من هؤلاء قد يكون القول الباطل الذي مع منازعه فيه حق ما أو معه دليل يقتضي حقا ما فيرد الحق في هذا الأصل كله حتى يبقى هذا مبطلا في البعض كما كان الأول مبطلا في الأصل كما رأيته لكثير من أهل السنة في مسائل القدر والصفات والصحابة
وغيرهم وأما أهل البدعة فالأمر فيهم ظاهر وكما رأيته لكثير من الفقهاء أو لأكثر المتأخرين في مسائل الفقه وكذلك رأيت منه كثيرا بين بعض المتفقهة وبعض المتصوفة وبين فرق المتصوفة ونظائره كثيرة
ومن جعل الله له هداية ونورا رأى من هذا ما يتبين له به منفعة ما جاء في الكتاب والسنة من النهي عن هذا وأشباهه وإن كانت القلوب الصحيحه تنكر هذا ابتداء لكن نور على نور( ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور)


فأما ما وصفتني به من الجهل والتكلم في ما لا اعلم

فأني اعيذ نفسي ونفسك ون ان نتكلم بما لا نعلم

حسام الدين حامد
11-08-2010, 12:59 AM
ألم يكن الله تعالى بقادر على أن ينزل كتابا فيه "كذا واجب" و "كذا مستحب" و"كذا محرم" بلفظ لا يقبل أي نزاع ولا خلاف؟؟
ألم يكن الله بقادر على أن يعصم خير أمة أخرجت للناس زمن النبوة من الخلاف؟؟
ألم يكن الله تعالى بقادر على رفع هذه النقمة اللازمة كما يريد إخواننا أن يقولوا؟!!

بلي كان سبحانه على كل شيء قدير .. فنتهم عقولنا، ونتأنى ونبحث، فنجد أن الخلاف السائغ لا يعني تصويب الرأيين، ولا أن كل خلاف التضاد يسوغ، ولا أدري ما علاقة نقلٍ عن شيخ الإسلام عن خلاف التضاد الذي شمل أهل البدعة، بما نحن بصدده!

الخلاف السائغ رحمة من جهات، وقد يقع بسبب الخلاف نزاع ينقلب الخلاف بها فرقة، فرقة تفوق الرحمة المرجوحة! وهذا من أبواب المصالح والمفاسد يقدر بقدرها.

قال شيخ الإسلام:
(ولهذا لما استشار الرشيد مالكا أن يحمل الناس على موطئه في مثل هذه المسائل منعه من ذلك، وقال إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تفرقوا في الأمصار، وقد أخذ كل قوم من العلم ما بلغهم، وصنف رجل كتابا في الاختلاف فقال أحمد: لا تسمه كتاب الاختلاف ولكن سمه كتاب السعة، ولهذا كان بعض العلماء يقول إجماعهم حجة قاطعة واختلافهم رحمة واسعة) ثم ذكر قول عمر بن عبد العزيز المنقول سابقا.

وقال رحمه الله (والنزاع فى الأحكام قد يكون رحمةً، إذا لم يفض الى شرٍّ عظيمٍ من خفاء الحكم، و لهذا صنف رجل كتابا سماه كتاب الاختلاف فقال أحمد سمه كتاب السعة، وإن الحق في نفس الأمر واحد، وقد يكون من رحمة الله ببعض الناس خفاؤه، لما في ظهوره من الشدة عليه، و يكون من باب قوله تعالى "لا تسألواعن أشياء إن تبد لكم تسؤكم"، وهكذا ما يوجد فى الأسواق من الطعام والثياب قد يكون فى نفس الأمر مغصوبًا، فإذا لم يعلم الإنسان بذلك كان كله له حلالًا لا إثم عليه فيه بحال، بخلاف ما إذا علم، فخفاء العلم بما يوجب الشدة قد يكون رحمة، كما أن خفاء العلم بما يوجب الرخصة قد يكون عقوبة، كما أن رفع الشك قد يكون رحمة، وقد يكون عقوبة).

قال ابن القيم رحمه الله:
(وقوع الاختلاف بين الناس أمر ضروري لا بد منه، لتفاوت إرادتهم وأفهامهم وقدرات إدراكهم، ولكن المذموم بغي بعضهم على بعض وعدوانه، وإلا إذا كان الاختلاف على وجه لا يؤدي إلى التباين والتحزب، وكل من المختلفين قصده طاعة الله ورسوله، لم يضر ذلك الاختلاف فإنه أمر لا بد منه في النشأة الإنسانية، ولكن إذا كان الأصل واحداً والغاية المطلوبة واحدة والطريق المسلوكة واحدة، لم يكد يقع اختلاف، وإن وقع كان اختلافاً لا يضر كما تقدم من اختلاف الصحابة، فإن الأصل الذي بنوا عليه واحد وهو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والقصد واحد وهو طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، والطريق واحد وهو النظر في أدلة القرآن والسنة وتقديمها على كل قول ورأي وقياس وذوق وسياسة)

قال الشهاب العابر:
(لو قلنا ان اختلاف الامة بما يسوغ فيه الخلاف رحمة، او قلنا ان اختلاف التنوع في الامه رحمه

لكان افضل من اطلاق مقولة ان اختلاف الامة رحمة ... اي انه يجب تقييد الاختلاف باختلاف التنوع لا اختلاف التضاد)

فهذا ما جعلني أقول إنك تقول إن اختلاف التنوع هو الاختلاف السائغ واقرأ جملتك السابقة ستعرف ذلك، ولا أحسن تسمية الأشياء بغير اسمها بحجة التلطف، فهذا الكلام كلام بلا علم، لو صدر مني أو منك أو من أي أحد لرد عليه وقيل له تعلم قبل أن تتكلم.

مجرّد إنسان
11-08-2010, 09:35 AM
لأثراء النقاش -وإن كنت لم أقرأ معظمه- أسأل الدكتور حسام:

هل ترى ثمّة فرقاً بين "الخلاف" و"الاختلاف" ؟؟؟

الشهاب العابر
11-08-2010, 12:27 PM
قال الشهاب العابر:
(لو قلنا ان اختلاف الامة بما يسوغ فيه الخلاف رحمة، او قلنا ان اختلاف التنوع في الامه رحمه

لكان افضل من اطلاق مقولة ان اختلاف الامة رحمة ... اي انه يجب تقييد الاختلاف باختلاف التنوع لا اختلاف التضاد)
.

اعترف ان هذا خطأ مني ويمكن انني قد اطلقت العبارة الاولى مني من دون تدقيق...... فقمت انت بجمع العبارتين واستنتجت انني لا ارى بوجود اختلاف تضاد مستساغ .... وهذا ما لا اقوله.... ولم اعنيه، اذ اني بينت مرادي بالتقييد الاخير وهو قولي (يجب تقييد الاهتلاف باختلاف التنوع لا التضاد) فبينت ان مقصدي انه الرحمة في اختلاف التنوع، ولا انفي وجود اختلاف تضاد مستساغ.


فنقطت الخلاف بيني وبينك هي انني ارى الرحمه في اختلاف التنوع فقط .... وانت تراه في اي اختلاف مستساغ سواء كان تنوع اوتضاد.

فأناى قلت لك : كون الامر مستساغا شيء .... وكونه رحمه شيء اخر
وانت تجعل الامرين سواء .... وقد بينت لك هذا، لكنك تجاوزت عنه



واذا اردت التصيد لك لقلت لك:

انت ترى كل اختلاف مستساغ رحمه
وخروج ابن الزبير على عبد الملك بن مروان مستساغ

اذا: خروج ابن الزبير رحمه

وهذه ما لا يقوله احد، ولن اقوله عنك، لاني احسن الظن فيك، بدل ما ان اكيل الاتهامات لك بقلة العلم
فأحسن الظن بأخيك
واحدهم قال افهم الكلام قبل ان ترد

واعلم يا اخي انني وجدتك تناظر من هو ملحد، ومن هو منكر للسنه، ومن يأتي بالعجائب في هذه المشاركة وغيرها ولم اجدك تصفه بما وصفتني به.

واخيرا ما قولك بمقولة ابن مسعود:
عندما انكر ابن مسعود على عثمان إتمام الصلاة في السفر ثم صلى خلفه متما، وقال الخلاف شر لا بد منه.

حسام الدين حامد
11-08-2010, 03:44 PM
أخي مجرد إنسان..

هل تقصد الفرق بين الخلاف والفرقة؟؟
هذا سبق ذكره أخي الكريم في قول ابن القيم رحمه الله:
(وقوع الاختلاف بين الناس أمر ضروري لا بد منه، لتفاوت إرادتهم وأفهامهم وقدرات إدراكهم، ولكن المذموم بغي بعضهم على بعض وعدوانه، وإلا إذا كان الاختلاف على وجه لا يؤدي إلى التباين والتحزب، وكل من المختلفين قصده طاعة الله ورسوله، لم يضر ذلك الاختلاف فإنه أمر لا بد منه في النشأة الإنسانية).

المشكلة أنّه ليس هناك حوار، الأخ يتصور أني أتصيد له رغم أنه اعتذر عن الخطأ في عبارته التي هي عبارة عن مشاركته أصلا، ويقرأ مشاركاتي مع ملحد ومنكر للسنة ليرى أني لم أخاطبهم بما أخاطبه به! كل هذا لأني وصفت عبارةً قالها واعتذر عنها أنّها كلام بغير علم! ويقال لو أردت أن أتصيد لك لقلت ثم يخلط بين الخلاف والبغي والعدوان والافتراق والتحزب! ولو أراد الله أن ينزل على عباده نصوصًا لا تحتمل أي نزاع لفعل، وأراد ربك أن تكون دعوة خاتم الأنبياء رحمة للعالمين وابتلاء للمكلفين! الموضوع "مشخصن" أخي الكريم، ولو كان الموضوع حوارًا مع ملحد أو منكرٍ للسنة لكان لي معه شأن آخر، لكن لجام الأخوة يمنعني من المواصلة في هذا الموضوع مع الأخ الفاضل الشهاب العابر، حتى لا أتصيد له ولا يتصيد لي!

طالب العفو
11-08-2010, 05:06 PM
يا باغي الحق اقبل

من اقوي ما كتب بأن اختلاف الأمة علي الصورة الحالية مذموم وتفصيل ذلك بتوضيح درجة الاحاديث المذكورة بين طيات مشاركات الاخوة

مقدمة صفة صلاة النبي للشيخ الالباني

الكتاب في هذا الرابط
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=11680

ومن اقوي التوضيحات في ان بعض الاختلاف قد يكون بالاختلاف السائغ الذي يوسع علي الامة والذي هو سنة الله في خلقه والذي تناولته المذاهب الاربعة وغيرها

محاضرة للشيخ ابي حفص احمد عبدالسلام السكندري
بعنوان ( دفاعا عن الدراسة المذهبية )

http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=7226

المحاضرتان ترجحان ترجيحين متباينين ولكن اهم ما فيهما القوة العلمية للطرح بما يرفع كثيرا من البلبة ياذن الله

كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل
11-08-2010, 06:54 PM
واذا اردت التصيد لك لقلت لك:

انت ترى كل اختلاف مستساغ رحمه
وخروج ابن الزبير على عبد الملك بن مروان مستساغ

اذا: خروج ابن الزبير رحمه

.

وهل يسمى هذا خلاف بين العلماء

الموضوع واضح أخي الفاضل وهو الحديث عن خلاف العلماء وليس في قضايا الفرقة والإختلاف ....

بنت خير الأديان
11-08-2010, 07:01 PM
لا داعي لبيان السبب في حديث لحم الجزور لأنه أصلا على كل الأحوال سيلتزمون الحكم دائما
لوجود حديث صحيح يأمر فيه النبي بالوضوء لمن أكل لحم الإبل
لكن أنا فقط أردت لفظا فيه قصد سوى الظاهر
مع معرفة أن الحديث دون الحسن

وبما أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على أحد من الطائفتين في حديث لا يصلين
فإذا هو فعلا أراد التعجيل فسواء صلوا هنا أو هناك فقد تحقق المراد من الإسراع في الوصول

أما بالنسبة لنمص الحواجب فالعلماء أجازوه إذا كان الحاجب ثخينا لدرجة نزوله على العين وحجب الرؤية عنها
أما زينة لزوج أو ترتيبا أو بحجة التجمل للنفس وغيرها
فهذا الذي عنيته من قولي

وبالعودة إلى موضوعنا الرئيس
بالتأكيد نحن لم نقصد من منع الخلاف أن نأتي لخلاف أكبر منه بيننا كأعضاء منتدى
طبعا مع إنزالكم منازلكم والتي نرجو أن نصل إليها
إنما جاء هذا الموضوع تبيانا للعامة أنا كلمة الاختلاف رحمة ليست علّاقة يعلق عليها كل قول ينسب للدين وقد يكون الدين منه براءً
ثم تبيان أن الواجب هو الاتحاد في كل أصل وفرع في الدين فنجتهد ليحصل ذلك
فإن تعذر ذلك ولا بد ولا شك أنه سيتعذر لأن الاختلاف من طبيعة البشر فإن الواجب هو السير إلى أصوب الأقوال أو أكثرها مجانبة له
فإن عرضنا الأقوال كلها ووازنا بينها ولم يتبين لنا أن أحدها مقدم على الآخر
فإننا نقول هنا أن على كل شخص أن يأخذ ما يراه مناسبا في هذه الحالة

أما أن نعمد مباشرة إلى الجملة الأخيرة دون سابقاتها فهذا عين الخطأ

قلنا ولازلنا نقول أن الاختلاف من الطبيعة البشرية لكن كل شيء يجب أن يضبط بضوابط شرعية
وما كتبته قبل أسطر هو ملخص كلامنا حول هذه النقطة

ولكم كل الاحترام والتقدير ونرنو إلى تصويبنا إن أخطأنا

الشهاب العابر
11-08-2010, 07:21 PM
وهل يسمى هذا خلاف بين العلماء

ان لم يكونوا هؤلاء علماء فمن هو العالم؟؟؟



الموضوع واضح أخي الفاضل وهو الحديث عن خلاف العلماء وليس في قضايا الفرقة والإختلاف ....


اخي الحبيب، ابن الزبير رحمه الله خرج على عبد الملك تدينا، لا لهوى في نفسه، فهو عندما خرج فعل ذلم لانه يرى وجوب الخروج .... فيا اخي الحبيب، الخلاف في القظايا التنظيرية يترتب عليه امور فعليه يقوم بها الانسان، فأختلاف عبد الله بن الزبير وعبد الملك بن مروان النظري وهو الاحقية في الخلافة .... ادى الى اختلاف عملي وهو التقاتل .... وكل يرى الحق معه.

كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل
11-08-2010, 08:03 PM
طيب نحن نسألك وهل هذا من الخلاف السائغ أم كيف ؟؟؟؟

يقول ابن العثيمين رحمه الله


وإنما كان الخلاف في أشياء لا تمس وحدة المسلمين الحقيقية وهو أمر لابد أن يكون‏

كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل
11-08-2010, 08:24 PM
ينظر هنا

http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=171665

أبو المظفر السناري
11-08-2010, 08:59 PM
إنما جاء هذا الموضوع تبيانا للعامة أنا كلمة الاختلاف رحمة ليست علّاقة يعلق عليها كل قول ينسب للدين وقد يكون الدين منه براءً
ثم تبيان أن الواجب هو الاتحاد في كل أصل وفرع في الدين فنجتهد ليحصل ذلك

هذا هو محكُّ القضية في تلك البابة كلها! وقد غَبَشتْ أنوارها عن بعض الأفاضل هنا!
فالاجتماع والتعاضد والاتفاق: هو الأصل الذي تضافرت نصوص الشريعة في الدعوة إليه، وإرشاد المؤمنين عليه.
وعكس ذلك: هو الفرقة والتنابذ والافتراق والتَشَذُّر.
وليس الاختلاف - بنوعيه - مرصودًا بالذم لذاته أصلا! وإنما مردُّ ذمه إلى آثاره ونزعات أصحابه.
وهذا الذي فهمه الصحابة والصدر الأول من سلف الأمة ومن تبعهم بإحسان.
أما ذمه باعتبار آثاره: فمن تأمل قول ابن مسعود في رواية أبي داود ( الخلاف شر )، لاستبان له سبيل ما نرمي إليه.
فابن مسعود لا يمكن أن يكون مراده بتلك العبارة ذم الاختلاف البتة! بدليل أنه صح عنه التشدد في خلاف جماعة من الصحابة في قضايا مشهورة، كان يرى أن الصواب فيها حليفُه.
وإنما أراد من مقولته: هو ذم تلك الآثار المترتبة على هذا الخلاف مما يكون باعثه الفرقة والشقاق بين عُصْبة الموحدين، وذلك أنه بلغه أن الخليفة الراشد عثمان قد أتم الصلاة بمنى أربع ركعات، وكان ابن مسعود يرى أن السنة هي القَصْر، فلما بلغه ذلك أتم الصلاة ثم استرجع وقال: ( الخلاف شر ).
قال أبو عمر ابن عبد البر في ( تمهيده ): ( فهذا يدلك على أن القصر عند ابن مسعود ليس بفرض، وإنما أنكر لمخالفة عثمان الأفضل عنده، لأن الأفضل عنده اتباع السنة، ثم رأى اتباع إمامه فيما أبيح له أولى من إتيان الأفضل في القصر، لأن مخالفة الأئمة لا تجوز إلا فيما لا يحل، وأما فيما أبيح فلا يجوز فيه مخالفة الأئمة إذا حملهم على ذلك الاجتهاد ).
قلت: فخشي ابن مسعود إنْ هو خالف خليفة المسلمين في صلاته بالناس في موسم الحج أن يسْتطير من جراء ذلك من الفرقة والمنازعة ما يُودِي بالعامة والدهماء إلى الشر، فقال ما قال.
وأما ذم الاختلاف باعتبار نَزَعات أصحابه: فهذا مُنْتَثِر في بطون الدفاتر من كتب الأقدمين من سلف الأمة، فلم يكونوا يقبلون الخلاف من كل أحد؟ وربما أنكروا على من يشهدون له بالعلم والفضل = بعضًا من مسائله التي صادم بها صرائح النصوص عندهم!
ومن تبصَّر في رواج تلك المقولة السائرة في تلك الأيام خاصة: ( الاختلاف رحمة )، لَنَصَعَ له من وراء الستور أقوامًا يتخذون منها ذريعة على التمهيد لمنبوذ الآراء، وبواطيل الأفكار، مما لا يستقيم وشريعة الإسلام؛ ريثما يستقيم ذَنَبُ الضبُّ!
فمنهم من يتكأ عليها: في سبيل دعوته إلى نبذ النقاب والختان وكونهما عادة من العادات! استنادًا إلى قول كل من دب وهب من مُسْتَشْيِخَة أهل هذا الزمان!
ومنهم من يتوكأ عليها: للترويج لكل ما يتقيَّأه العصرانيون والعلمانيون والعقلانيون ممن نصب لنفسه كرسيَّ الاجتهاد، وأقام لنفسه سوقًا نافقة في ميادين الأئمة الأمجاد من الأجداد!

وللحديث بقية.

أبو المظفر السناري
11-08-2010, 09:19 PM
اخي الحبيب، ابن الزبير رحمه الله خرج على عبد الملك تدينا، لا لهوى في نفسه، فهو عندما خرج فعل ذلم لانه يرى وجوب الخروج .... فيا اخي الحبيب، الخلاف في القظايا التنظيرية يترتب عليه امور فعليه يقوم بها الانسان، فأختلاف عبد الله بن الزبير وعبد الملك بن مروان النظري وهو الاحقية في الخلافة .... ادى الى اختلاف عملي وهو التقاتل .... وكل يرى الحق معه.


الحق: أن خروج أمثال ابن الزبير والحسين بن علي وأهل بيته وأصحاب ابن الأشعث ومحمد النَّفْسِ الزكية وأخيه إبراهيم وزيد بن علي وغيرهم: إنما كان عن علم وإدراك واجتهاد، وليس عن قصد الفرقة والشقاق والعناد! وهذا الخروج: منخرط في جملة عموم ( الاختلاف ).
ولا ينفي هذا: أن يكون خلافهم مع غيرهم قد نتج عنه من الويلات ما يصح أن يدرج في قائمة ( الخلاف المذموم ) لا لأصله! لكونه كان قائمًا عن علم واجتهاد من أهله، وإنما لترتب أسباب التفرق عليه.
والعالم المجتهد: إنما يلزم نفسه بما يرى أن الله قد أمره به، وليس لأحد أن يأخذه بما ترتب على ما ألزم به نفسه مما خالف فيه من خالف.
فالحسين بن علي: خالف من خالف من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كابن عمر وابن عباس وغيرهما، ونهض خارجًا على أهل الظلم والفساد، محتسبًا في ذلك ومتأولا مجتهدًا، فكان من آثار خروجه من ويلات الشر ما كان! ويكفي فجيعتنا فيه وفي أهل بيته.
ولا يقال: ما كان له أن يخرج! لأن خروجه من قبيل ( الاختلاف المذموم)! فليس هذا من شِعْبِ ذلك الوادي!
وأنا أقسم يمينًا بالله: أن خروج أمثال ابن الزبير والحسين ما كان إلا لاحتواء شمل الأمة وضمِّ أطرافها! وإن كانت مَاجْرَيات الأحداث قد أبتْ إلا أن تُظْهِر للناس خلاف ذلك!

الشهاب العابر
11-08-2010, 09:46 PM
أبو المظفر السناري

كلام جميل وموزون

بارك الله فيك وعليك

الشهاب العابر
11-08-2010, 09:57 PM
أبو المظفر السناري

سؤال من باب المدارسة فقط ..... كلامك جميل ووجهه قوي .... وهو انك فرقت بين الخلاف .... وبين اثر الخلاف .... فجعلت الخلاف بحد ذاته غير مذموم .... ولكن الاثار المترتبة عليه من فرقة ونزاع هي المذمومه.


لكن برأيك هل يمكن الفصل بين المؤثر وتأثيره؟ وخصوصا في مسائل توجب الخروج والقتال....

وعلى التفريق الذي ذكرته، بين الخلاف وبين اثره.... هل نستطيع القول بأن الخلاف رحمه؟ حتى ولو لم يترتب عليه مفاسد ... واين وجه الرحمه فيه؟؟

الشهاب العابر
11-08-2010, 10:00 PM
طيب نحن نسألك وهل هذا من الخلاف السائغ أم كيف ؟؟؟؟

يقول ابن العثيمين رحمه الله
نعم هو من الخلاف السائغ، لان كل واحد منهم كان له تأويل مقبول




ينظر هنا

http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=171665


كلام جميل وجيد

حسام الدين حامد
11-09-2010, 12:24 AM
حياك الله شيخنا أبا المظفر وحفظكم وجزاكم الله خيرًا ..


ومن تبصَّر في رواج تلك المقولة السائرة في تلك الأيام خاصة: ( الاختلاف رحمة )، لَنَصَعَ له من وراء الستور أقوامًا يتخذون منها ذريعة على التمهيد لمنبوذ الآراء، وبواطيل الأفكار، مما لا يستقيم وشريعة الإسلام؛ ريثما يستقيم ذَنَبُ الضبُّ!
فمنهم من يتكأ عليها: في سبيل دعوته إلى نبذ النقاب والختان وكونهما عادة من العادات! استنادًا إلى قول كل من دب وهب من مُسْتَشْيِخَة أهل هذا الزمان!
ومنهم من يتوكأ عليها: للترويج لكل ما يتقيَّأه العصرانيون والعلمانيون والعقلانيون ممن نصب لنفسه كرسيَّ الاجتهاد، وأقام لنفسه سوقًا نافقة في ميادين الأئمة الأمجاد من الأجداد!

هذا الباطل المستعلن -شيخنا الكريم- قابلته ردة فعل، أصابت أهل الحق بأوارها، فرأينا بعض أهل العلم ينفى من البلاد لمخالفته علماء البلاد، وإن هان هذا عند قومٍ يرون له مستمسكًا حسنًا، فقد صرنا إلى الزراية على من يخالف مذهب "الإخوة"، وقد سمعتُ الشيخ الفقيه محمد عبد المقصود حفظه الله يذكر أنّ بعض الإخوة طالب الشيخ فوزي السعيد بمنع الشيخ عبد المقصود من المسجد، وذلك لأنّه أفتى امرأةً بجواز كشف وجهها عندما هددها زوجها بالطلاق إن لبست النقاب، وآل الأمر الآن شيخنا إلى ما لا يخفى عليكم من منع موقع كطريق الإسلام عن أهل السعودية، لتوحيد الفتوى، والعجب أن بعض أهل الفضل أثنوا على هذا وأسموه "الأمن الفكري للبلاد"!! ولذلك فمثل هذه الموضوعات لا أعتقد أنه يكفي فيها الاكتفاء بحسن التنظير مع غض البصر عن التمثيل والتطبيق، ولا تكفي النية الحسنة في الرد على طرف التفريط، أن ندع مدخلًا لطرف الإفراط، وجزاكم الله خيرًا على ما أكحلتم به الأعين وأثلجتم به الصدور من تواجد اسمكم في هذا الموضوع، فضلًا عما جاد به قلمكم مما لا يستغرب من مادة هذا المداد.

عياض
11-09-2010, 02:09 AM
لو زدت شيخنا ابا المظفر من بيان أمثال هذه المعاني في هذا المنتدى انشاءا للمواضيع و متابعة لها تنظيرا و عقلنة و تطبيقا ان امكن .. باب مقاصد الخلاف و الاجماع و ثمارها ...فهو أحد الأصول الكبار التي ينازعنا عليها الملاحدة في استحقاق اسم الحضارة و الشهادة على الناس فضلا عن حاجة انفسنا الى التعلم و المدارسة و التأدب بمثل هذه القيم و الآداب..لو زدت شيخنا الكريم و تدارست معنا و جالستنا و شاركتنا العلم و الأدب لعل الله ينفع بك المومن و الكافر في هذا المنتدى..فالله أعلم ان جميعنا أحوج الى هذا من حاجتنا الى كثير من الجدل..

أبو المظفر السناري
11-09-2010, 03:21 AM
لو زدت شيخنا ابا المظفر من بيان أمثال هذه المعاني في هذا المنتدى انشاءا للمواضيع و متابعة لها تنظيرا و عقلنة و تطبيقا ان امكن .. باب مقاصد الخلاف و الاجماع و ثمارها ...فهو أحد الأصول الكبار التي ينازعنا عليها الملاحدة في استحقاق اسم الحضارة و الشهادة على الناس فضلا عن حاجة انفسنا الى التعلم و المدارسة و التأدب بمثل هذه القيم و الآداب..لو زدت شيخنا الكريم و تدارست معنا و جالستنا و شاركتنا العلم و الأدب لعل الله ينفع بك المومن و الكافر في هذا المنتدى..فالله أعلم ان جميعنا أحوج الى هذا من حاجتنا الى كثير من الجدل..

نعم: نزيد ما وسعنا السعي إلى الزيادة أيها الفاضل. ولن نبخل على أحدٍ بما عُلِّمْناه من لدن حكيم خبير. فانتظر منا ما يسرك بعون الله.

أبو المظفر السناري
11-09-2010, 01:25 PM
لكن برأيك هل يمكن الفصل بين المؤثر وتأثيره؟ وخصوصا في مسائل توجب الخروج والقتال....


لو أنك أوضحتَ لي سؤالك قليلا = لكان الجواب عليه حاضرًا؟ ولن أسلك سبيل التكهُّن في بيان مرادك حتى تجلوه بنفسك يا رعاك الله.
بالنسبة لمسألة الخروج على الحكام: فمقامها عطِنٌ لا تتسع له كثير من الأفهام؟ لكني أذكر لبابه بإيجاز.
فأقول: لا ريب أن هذه القضية كانت مذهبًا قديمًا لبعض السلف، ممن كان يرى وجوب الخروج على الفساق من طغام الحكام والأمراء، ولم يكن أصحاب هذا المذهب يرونه من باب الخروج بالتشقيق بين وحْدَة الأمة الإسلامية، بقدر ما هو جمْعٌ لضم شتاتها، واحتوائها بإقامة سلطان عادل يحكم بين الناس بما أنزل الله.
وقد كان لأرباب هذا المذهب من الأدلة الشرعية على دعوتهم: ما كان يجعلهم يخوضون مستنقعات معارك الموت وهم يرون سيوف المنايا تحصد رءوس بعضهم أمام بعض!
ونظرة عاجلة فيما يسمونه بــ ( فتنة ابن الأشعث ) و ( وقعة الحَّرَّة ) و ( مذبحة الحسين وأهل بيته ) مع ( قتْل ابن الزبير وحصار الكعبة ) = ينجلي الغبار عن خطب عظيم ضل به جماعة ظنوا أن القوم خارجون عن سلطان الدين! رافعين ألوية السخط على من نادى باتحاد صفوف الموحدين!
وقد سبق وذكرنا: أن هؤلاء القوم كانوا في عملهم هذا مجتهدين متأولين، لكن الآثار التي ترتبت على ما أعقب ثورتهم كانت عظيمة الضرر على الإسلام والمسلمين! ولم يتحقق شيء من تلك المصلحة التي خرجوا لأجلها! بل تفاقم الأمر إلى ما ينْدَى لأجله جبين الزمان! مما لا أرغب في شرح مآسيه الآن.
فلا جرم: أن كان خلاف هؤلاء الصفوة مع من خرجوا عليهم من باب ( الخلاف المذموم ) الذي نهانا الله عنه في كتابه، وحذرنا من ويلات تبعاته. أعني: آثار الاختلاف دون مَحْضه نفسه.
ولما رأى بعض السلف: سوء مغبة هذا الخروج؛ صاروا ينأون عنه وينهون عنه، خشية أن يصيب الإسلام ما أصابه من جرَّاء خروج من خرج من قبل! حتى بلغ الأمر بأكثر السلف إلى التحذير ممن يدعو للخروج أو يتكلم به بين الدهماء!
ولذلك كثر كلامهم في تجريح الرواة بقولهم: ( فلان كان يرى السيف ) أو ( كان يرى الخروج ) ثم نبذوه وهجروه!
حتى غدا ها الأمر: هو ما انتهى إليه عَقْد السلف الصالح في تلك القضية من عدم القتال والخروج على أولي الأمر! وصاروا يذكرونه في أبواب الاعتقاد من كتبهم. ويوالون ويعادون عليه.
فهذا الحسن بن صالح بن حي: أحد أئمة المسلمين الكبار، إلا أنه كان لا يرى بأسًا بالخروج على فسقة الملوك والأمراء! فتكلم فيه غير واحد من النقاد لذلك، وغمزوه به. ووصموه بكونه كان يرى السيف في أمة محمد!
وقد تصدى الحافظ ابن حجر للذب عن هذا الإمام في ترجمته من ( تهذيبه ) فقال: ( قولهم : كان يرى السيف ، يعنى : كان يرى الخروج بالسيف على أئمة الجور ، و هذا مذهب للسلف قديم ، لكن استقر الأمر على ترك ذلك لما رأوه قد أفضى إلى أشد منه ، ففى وقعة الحرة ، و وقعة ابن الأشعث ، و غيرهما عظة لمن تدبر ... ).
قلت: فالحاصل: أن قضية الخروج تلك قد استقر الأمر على أنها من الخلاف المذموم رأسًا وذّنَبًا! لكنهم اختلفوا بعد ذلك في الخارج؟ هل يكون مأجورًا بخروجه طالما أنه من أهل الاجتهاد؟ أم يلحقه الذم لكونه ممن يسعي لتفريق كلمة المسلمين بفعله دون قصده!؟ ولبسْطِ هذا مكان آخر.

وعلى التفريق الذي ذكرته، بين الخلاف وبين اثره.... هل نستطيع القول بأن الخلاف رحمه؟ حتى ولو لم يترتب عليه مفاسد ... واين وجه الرحمه فيه؟؟
نعم: قد قلتُ سابقا بأن الخلاف لا يذم لذاته أصلا! وإنما الذم لما يترتب عليه من المفاسد، أو لهوى صاحبه وبغيه ، وربما لتقاعده عن علوم الاجتهاد! فمن هنا يكون الخلاف نقمة وعذابًا.
أما كون الخلاف ربما يكون رحمة: ففي ذلك نزاع مشهور بين السلف أنفسهم! وذلك بعيدًا عن الحديث التالف: ( اختلاف أمتي رحمة )! فإنه لا يثبت البتة! ولم يعرفه السلف أصلا؛ فلذلك لم يعولوا عليه في إثبات هذا المعنى أو نفيه.
وإنما وقع الخلاف في معناه اللفظي؟ والأكثرون على ذم الخلاف مطلقًا! وأن معنى الحديث باطل سندًا ومتنًا! وكان الجاحظ من أوائل من أبطل كون الخلاف رحمة! وتبعه على ذلك إسحاق الموصلي صاحب الأغاني! ثم جاء أبو محمد ابن حزم وانتصر لهذا القول غاية الانتصار بكلام جامع في كتابه ( الإحكام ). ثم تبعه من تبعه من المتأخرين.
وذهب بعض السلف وجماعة من أماثل المتأخرين: إلى صحة هذا المعنى ( الاختلاف رحمة ) مع اعتراف أكثرهم بضعف الحديث الوارد في هذا الباب.
ولهم في إثبات ذلك: كلام حسن قوي عند التأمل.
لعل من أنهضه: أن الله أمر العباد بطلب الحق من جهة معرفة كلامه وكلام رسوله، وجعل الوقوف على مراده من نصوص شريعته هو من أسباب اختلافهم وتباين أقوالهم، ولو كان هذا النزاع مذمومًا في نفسه = لرحم الله عباده من عناء الاختلاف والتنازع، وأنزل كلامه على وجه واحد قاطع لا يخفى المراد منه على أحد من الناس! ولكنه جعل من تنازعهم واختلافهم في مدلول كلامه رحمة من لدنه ولطفًا، طالما لم يقترن هذا الاختلاف بالبغي والعناد، مع صدوره ممن ليس له بأهل!
وقالوا أيضًا: بأن ( سَبَبُ الْفُرْقَةِ : تَرْكُ حَظٍّ مِمَّا أُمِرَ الْعَبْدُ بِهِ ، وَالْبَغْيُ بَيْنَهُمْ ) كما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية. وليس أصل الفرقة هو مطلق الخلاف! فمجرد الاختلاف من غير بغي ومع درء النفس على طلب الحق = أمر مشروع مرغوب فيه بظواهر دلائل متعددة من نصوص الكتاب والسنة وكلام السلف الصالح.
وفي هذا المعنى: قال القاسم بن محمد أحد الفقهاء السبعة : ( لفد نفع الله باختلاف أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، لا يعمل العامل بعمل رجل منهم إلا رأى أنه سعة،ورأى خيراً منه قد عمله).
وقال عبد العزيز بن عبد الله الماجشون : ( فإذا دخل الحرم، فإن الناس اختلفوا،ونحن نرجو أن يكون ما كان من اختلافهم سعة لمن بعدهم).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ( وَلِهَذَا لَمَّا اسْتَشَارَ الرَّشِيدُ مَالِكًا أَنْ يَحْمِلَ النَّاسَ عَلَى " مُوَطَّئِهِ " فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ . وَقَالَ : إنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَفَرَّقُوا فِي الْأَمْصَارِ وَقَدْ أَخَذَ كُلُّ قَوْمٍ مِنْ الْعِلْمِ مَا بَلَغَهُمْ . وَصَنَّفَ رَجُلٌ كِتَابًا فِي الِاخْتِلَافِ فَقَالَ أَحْمَد : لَا تُسَمِّهِ (( كِتَابَ الِاخْتِلَافِ )) وَلَكِنْ سَمِّهِ (( كِتَابَ السِعة ))
وَلِهَذَا كَانَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَقُولُ : إجْمَاعُهُمْ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ وَاخْتِلَافُهُمْ رَحْمَةٌ وَاسِعَةٌ . وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ : مَا يَسُرُّنِي أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَخْتَلِفُوا ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا اجْتَمَعُوا عَلَى قَوْلٍ فَخَالَفَهُمْ رَجُلٌ كَانَ ضَالًّا وَإِذَا اخْتَلَفُوا فَأَخَذَ رَجُلٌ بِقَوْلِ هَذَا وَرَجُلٌ بِقَوْلِ هَذَا كَانَ فِي الْأَمْرِ سَعَةٌ ).
قلت: وقد كان الإمام أبو سليمان الخطابي هو أحد من انتصر لتصحيح كون الخلاف رحمة سندًا ومتنًا!
أما سندًا: فإنه قال بثبوت الحديث الوارد في ذلك! وهذا من أغلاطه! ولا يتابع عليه! لأن الحديث لا يثبت من وجه مبين عند الحذاق من أئمة هذا الشان.
وأما متنًا: فقد أثبته بكلام جيد رائق، أنقله هنا من باب الإفادة. فأقول:
نقل النووي في ( شرح مسلم ) [9/91-92] عن الخطابي أنه قال: ( قد روى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال " اختلاف أمتي رحمة" ..... وقد اعترض على حديث " اختلاف أمتي رحمة" رجلان؟ أحدهما: مغموض عليه في دينه! وهو عمرو بن بحر الجاحظ! والآخر: معروف بالسخف والخلاعة! وهو إسحاق بن ابراهيم الموصلي! فإنه لما وضع كتابه في الأغاني وأمكن في تلك الأباطيل لم يرض بما تزود من إثمها حتى صدر كتابه بذم أصحاب الحديث، وزعم أنهم يروون ما لا يدرون؟ وقال هو والجاحظ: " لو كان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق عذابا " ثم زعم أنه إنما كان اختلاف الأمة رحمة في زمن النبي صلى الله عليه و سلم خاصة، فإذا اختلفوا سألوه فبين لهم؟
والجواب عن هذا الاعتراض الفاسد: أنه لا يلزم من كون الشيء رحمة أن يكون ضده عذابا، ولا يلتزم هذا ويذكره إلا جاهل أو متجاهل، وقد قال الله تعالى : "ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه" فسمى الليل رحمة ولم يلزم من ذلك أن يكون النهار عذابا! وهو ظاهر لا شك فيه. ..)
ثم قال الخطابي: ( والاختلاف في الدين ثلاثة أقسام: أحدها في اثبات الصانع ووحدانيته، وإنكار ذلك كفر.
والثاني: في صفاته ومشيئته وإنكارها بدعة.
والثالث: في أحكام الفروع المحتملة وجوها، فهذا جعله الله تعالى رحمة وكرامة للعلماء، وهو المراد بحديث اختلاف أمتي رحمة ).
قلت: وقال النووي في موضع آخر من ( شرح مسلم ): (وَأَمَّا الِاخْتِلَاف فِي اِسْتِنْبَاط فُرُوع الدِّين مِنْهُ ، وَمُنَاظَرَة أَهْل الْعِلْم فِي ذَلِكَ عَلَى سَبِيل الْفَائِدَة وَإِظْهَار الْحَقّ ، وَاخْتِلَافهمْ فِي ذَلِكَ فَلَيْسَ مَنْهِيًّا عَنْهُ ، بَلْ هُوَ مَأْمُور بِهِ ، وَفَضِيلَة ظَاهِرَة ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى هَذَا مِنْ عَهْد الصَّحَابَة إِلَى الْآن . وَاَللَّه أَعْلَم )
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في (شرح العمدة ) [4/569]: (فإن الزام العامة بقول واحد بعينه في جميع الاحكام فيه عسر وحرج عظيم منفي بقوله تعالى :ما جعل عليكم في الدين من حرج" وقد جعل اختلاف العلماء رحمة و توسعة على الأمة وما زال المسلمون في كل عصر ومصر يقلدون من العلماء من علم عندهم بالعلم، وقد كان الصحابة يعلمون فضل بعضهم على بعض في بعض أنواع العلم ثم لم يقصروا العامة على استفتاء ذلك الأفضل في ذلك النوع ).
وقبله قال الحافظ ابن بطة في ( الإبانة ): ( اختلاف الفقهاء .... في فروع الأحكام وفضائل السنن رحمة من الله بعباده ).
قلت: وأكثر من قصد لفظ الرحمة الواقعة في كلام السلف ممن سبق ذكرهم أولا = إنما مراده التوسعة على الناس في عدم الالتزام بقول واحد من أهل العلم لا يخرجون عنه، لأنه ربما يكون عند سواه من العلم ما ليس بحوزة الآخر!
وفي هذا المعنى يقول القاضي إسماعيل المالكي: (إنما التوسعة في اختلاف أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- توسعة في اجتهاد الرأي، فأما أن تكون توسعة لأن يقول الإنسان بقول واحد منهم من غير أن يكون الحق عنده فيه فلا، ولكن اختلافهم يدل على أنهم اجتهدوا فاختلفوا ... ).
نقله عنه أبو عمر ابن عبد البر في ( جامع بيان العلم وفضله ) ثم قال: (كلام إسماعيل هذا حسن جدا).
قلت: وبعض المتأخرين يريد من لفظ ( الرحمة ) معنى آخر بعيدًا! كعدم الإثم عن المخالف المخطيء! كما صرح به بعضهم! كقول الإمام ابن عثيمين: (نعم؛ الاختلاف رحمة بمعنى: أن من خالف الحق لاجتهاد فإنه مرحوم بعفو الله عنه؛ فالمجتهد من هذه الأمة إن أصاب فله أجران؛ وإن أخطأ فله أجر واحد؛ والخطأ معفو عنه ... ). وليس بجيد عندي.
وفي المسألة كلام طويل . ويكفي ما ذكرناه . والله المستعان لا رب سواه.

أبو المظفر السناري
11-09-2010, 01:39 PM
هذا الباطل المستعلن -شيخنا الكريم- قابلته ردة فعل، أصابت أهل الحق بأوارها، فرأينا بعض أهل العلم ينفى من البلاد لمخالفته علماء البلاد، وإن هان هذا عند قومٍ يرون له مستمسكًا حسنًا، فقد صرنا إلى الزراية على من يخالف مذهب "الإخوة"، وقد سمعتُ الشيخ الفقيه محمد عبد المقصود حفظه الله يذكر أنّ بعض الإخوة طالب الشيخ فوزي السعيد بمنع الشيخ عبد المقصود من المسجد، وذلك لأنّه أفتى امرأةً بجواز كشف وجهها عندما هددها زوجها بالطلاق إن لبست النقاب، وآل الأمر الآن شيخنا إلى ما لا يخفى عليكم من منع موقع كطريق الإسلام عن أهل السعودية، لتوحيد الفتوى، والعجب أن بعض أهل الفضل أثنوا على هذا وأسموه "الأمن الفكري للبلاد"!! ولذلك فمثل هذه الموضوعات لا أعتقد أنه يكفي فيها الاكتفاء بحسن التنظير مع غض البصر عن التمثيل والتطبيق، ولا تكفي النية الحسنة في الرد على طرف التفريط، أن ندع مدخلًا لطرف الإفراط، .
أحسنتَ وأصبت يا شيخ حسام. بارك الله فيك.
ويعجبني في هذا الصدد قول أبي سليمان الخطابي:

ولا تغْلُ في شيءٍ من الأمرِ واقْتَصِدْ *** كلا طرفيْ قَصْدِ الأمورِ ذميمُ!.
وهذا الطراز من التفريط والإفراط في جوانب الشريعة في تلك الأيام: لم يكن من هدي السلف الصالح في غابر الأزمان!
ولكن: لما بعدتْ الشُّقَّة بيننا وبين سنة الأوائل = طال السبيل على قاطعه! وامتدَّ الطريق على سالكه!
والله المأمول: أن يوقظ تلك الأمة من طويل رقدتها، ويأخذ بأيديها حتى تستردَّ نهضتها.
فإنه بكل جميل كفيل .. وهو حسبنا ونعم الوكيل.

الشهاب العابر
11-09-2010, 02:03 PM
لو أنك أوضحتَ لي سؤالك قليلا = لكان الجواب عليه حاضرًا؟ ولن أسلك سبيل التكهُّن في بيان مرادك حتى تجلوه بنفسك يا رعاك الله.

بارك الله فيك ونفع بك

كان مقصدي من السؤال هو عين ما تفضلت به، بقولك:




نعم: قد قلتُ سابقا بأن الخلاف لا يذم لذاته أصلا! وإنما الذم لما يترتب عليه من المفاسد، أو لهوى صاحبه وبغيه ، وربما لتقاعده عن علوم الاجتهاد! فمن هنا يكون الخلاف نقمة وعذابًا.
[/color]

فأنا معك جملة وتفصيلا، لكن ما اشكل علي هو انه لا يمكن الفصل، بين الخلاف بحد ذاته وبين ما يترتب عليه من مفاسد، لان الخلاف وخصوصا في مسائل الخروج .... لا بد ان يترتب عليه مفاسد ..... فبالتالي لا يمكن القول بأن الخلاف بحد ذاته محمود، وتأثيره مذموم.
لاننا لا يمكن ان نفصل بين هذا وذاك، فيصبح حالنا كالذي يقول
شرب الخمر ليس مذموما لذاته .... ولكن تأثيره وهو السكر مذموم.

فأي خلاف فقهي ,,,,, سيترتب عليه وبلا شك افعال .... وهذا واضح لمن تتبه اعمال الفرق والمذاهب .... فأن اعمالهم انما هي نتيجة ارائهم وعقائدهم.

وانا هنا ليس بصدد بيان الحق مع من ..... فلا شك ان الحق مع واحد منهم ..... وانما انا بصدد ان المخالفين الذين خالفوا الحق كان عليهم اتباع هذا الحق

القصد اخي الكريم .... بما ان الناتج عن الخلاف (وهو الفرقة) لازم للخلاف، وهو مذموم .... فلا بد من قولنا ان الخلاف ايضا مذموم.
هذا ما قصدته.... وقد اكون مخطئا .... لكن هذا قد اشكل علي ... فأن كان ثمة توجيه منكم، فما اسعدني به.

بارك الله في علمك وعملك

أبو المظفر السناري
11-09-2010, 03:00 PM
لكن ما اشكل علي هو انه لا يمكن الفصل، بين الخلاف بحد ذاته وبين ما يترتب عليه من مفاسد،

وهل كل خلاف لا بد من مفاسد له؟
هناك خلاف: لا يترتب عليه فرقة - بالمعنى الخاص - ولا شقاق بين الأمة، وهذا هو الذي وصفه من وصفه بالسعة والرحمة.
وثمة خلاف: ينتج على أعقابه الويلات والمصائب! وهذا هو المذموم في لسان الشريعة.
أما الحد الفاصل بين الاختلافين في الغالب: فإنما يكون عندي في النتائج دون المقدمات.

لان الخلاف وخصوصا في مسائل الخروج .... لا بد ان يترتب عليه مفاسد .....
قد سبق وقلنا: بأن مسئلة الخروج هذه كانت مذهبًا لبعض السلف، ثم استقر الأمر على تركه، لِما شاهدوه من عظيم تبعاته.

فبالتالي لا يمكن القول بأن الخلاف بحد ذاته محمود، وتأثيره مذموم.
أنا لم أقل بأن الخلاف محمود بإطلاق! كما أني لا أقول بأن تأثيره مذموم بإطلاق!
وإنما يُذَم التأثير: إذا كان فيه ما حذرنا الله منه من أجناس التفرق والتحزب والفساد.
أما مسئلة كون الخلاف محمودًا: فلم يقله أحدٌ من الأئمة بإطلاق أصلا! والأكثرون على ذمه مطلقا! وخالف في هذا جماعة من السلف وطائفة من المتأخرين رأوا أن منه ما يكون توسعة ورحمة على الناس. كما مضى بيان ذلك.

لاننا لا يمكن ان نفصل بين هذا وذاك، فيصبح حالنا كالذي يقول
شرب الخمر ليس مذموما لذاته .... ولكن تأثيره وهو السكر مذموم.
هذه مقابلة في غير محلها! بل هي أجنبية عن محك الكلام عند التأمل.
وأين ما انعقد الإجماع على كونه شرا من أصله = مما اختلف فيه السلف من كونه مذمومًا من أصله؟

القصد اخي الكريم .... بما ان الناتج عن الخلاف (وهو الفرقة) لازم للخلاف، وهو مذموم .... فلا بد من قولنا ان الخلاف ايضا مذموم.
هذه النتجية قد قامت على مقدمة خاطئة!
لأننا لا نسلم أن كل فُرْقة يستلزم منه الشقاق والتدابر بين الأمة!
وإنما الفُرْقة الناتجة عن الاختلاف تكون على ضربين:
الأول: فُرْقة لازمها - في الغالب - العدوان والبغي والشقاق والنزاع وغيرها من الأدواء التي تشتت شمل المسلمين! وهذه الفُرْقة من جملتها الخروج على الحكام، ولذلك نهى غير واحد من الصحابة الحسينَ بنَ علي - رضي الله عنهما - عن خلافه وخروجه على سلطان يزيد بن معاوية - رضي الله عن أبيه - لما كانوا يعلمونه من شر تبعات هذه الفُرقة الناتجة عن أمثال هذا الخلاف!
وأما الفُرقة الثانية: فهي تلك الفُرْقة التي احتملها الصحابة والسلف في اختلافهم مع بعضهم بعضًا في مسائل الأحكام الشرعية وغيرها، وإن كان بعضهم كا ربما تشدد في الإنكار على المخالف، إلا أن تلك الفرقة لم تحملهم على أن يتهاجروا ويتدابروا ويتخذ بعضهم عداوة من أنفسهم! ولو أنهم فعلوا ذلك لفسدت الأرض وذهب الدين! مع اعترافي بأن لهذه القاعدة شواذًا!
ومن جميل قول شيخ الإسلام ابن تيمية في هذا الصدد: (وأما الاختلاف فى الأحكام فأكثر من أن ينضبط، ولو كان كل ما اختلف مسلمان فى شىء تهاجرا لم يبق بين المسلمين عصمة ولا أُخُوَّة، ولقد كان أبو بكر وعمر رضى الله عنهما سيدا المسلمين يتنازعان فى أشياء لا يقصدان الا الخير وقد قال النبى لأصحابه يوم بنى قريظة لا يصلين أحد العصر إلا فى بنى قريظة فأدركتهم العصر فى الطريق فقال قوم لا نصلى الا فى بنى قريظة وفاتتهم العصر وقال قوم لم يرد منا تأخير الصلاة فصلوا فى الطريق فلم يعب واحدا من الطائفتين أخرجاه فى الصحيحين من حديث ابن عمر ).
قلت: ولما غاب هدي السلف في التعامل مع الفُرقة الناتجة من الاختلاف بمعنى الأخير الثاني = ماجت الدنيا بأهلها في تلك الأزمان! ونَجَم الشقاق والتباغض بين المسلمين لأدْون المسائل والقضايا! وهذا كله من شؤم عدم الانتهاج بمناهج أئمة الصدر الأول في الأخذ والرد في مسائل الخلاف، فاتسع الخَرْقُ على الراقع جدًا! و( لُدِغَ الحكيمُ حيث لا يضع الراقي أنَفَه! ).
وأرجو أن يكون الكلام قد اتضح الآن وانكشفتْ غَيايات الظلام عنه.

أمَة الرحمن
11-09-2010, 03:11 PM
المعذرة اخوتي على مقاطعتكم، لكني أود ذكر نقطة:

في أحيان كثيرة يكون الخلاف نفسه لا تترتب عليه بالضرورة تبعات سلبية، لكن لجهل الناس بآداب الاختلاف استعرت الصدور و دبّ النزاع.

أبو المظفر السناري
11-09-2010, 03:38 PM
في أحيان كثيرة يكون الخلاف نفسه لا تترتب عليه بالضرورة تبعات سلبية، لكن لجهل الناس بآداب الاختلاف استعرت الصدور و دبّ النزاع.
أحسنتِ يا أمة الرحمن . وفي مشاركتي الأخيرة إشارة إلى هذا المعنى الجليل.
ومن بديع هَدْيِ السلف في الخلاف: ما أخبرنا به الشيخ المعمَّر فوق المئة : محمد فؤاد طه الدمشقي ، والشيخ المسند زهير الشاويش ، والشيخ المعمَّر يوسف العتوم، وجماعة غيرهم - كلهم إجازة بالمكاتبة - عن البدر الحسَني عن أبيه يوسف بن عبد الرحمن الحسني عن عبد الرحمن الكزبري عن مرتضى الزَّبيدي عن عمر بن عقيل المكي عن حسن بن عليّ العجيمي عن البرهان إبراهيم الميموني عن الشمس الرملي عن شيخ الإسلام زكريا الأنصاري عن الحافظ ابن حجر قال: أخبرنا أبو هريرة ابن الذهبي إجازة أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي إجازة عن جده عن الحافظ أبي القاسم علي ابن عساكر قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين قراءة عن أبي عبد الله القضاعي قال قرأت على أبي عبد الله بن شاكر حدثنا الحسن بن رشيق حدثنا محمد بن سفيان بن سعيد قال: قال لنا يونس بن عبد الأعلى: ( ما رأيتُ أحدا أعقلَ من الشافعي؟ لو جُمِعتْ أمةٌ فَجُعِلَتْ في عقل الشافعي لوسعهم عقله ... ناظرتُ الشافعيَّ يوما في مسألة ثم افترقنا، ولقيني فأخذ بيدي ثم قال لي: يا أبا موسى- هي كنية يونس بن عبد الأعلى - ألا يستقيم أن نكون إخوانًا وإن لم نتفق في مسألة؟ )..
قلت: رحم الله ابن إدريس الشافعي. ما كان أعلمه بالله وأعقله.

الشهاب العابر
11-09-2010, 06:00 PM
أنا لم أقل بأن الخلاف محمود بإطلاق! كما أني لا أقول بأن تأثيره مذموم بإطلاق!
وإنما يُذَم التأثير: إذا كان فيه ما حذرنا الله منه من أجناس التفرق والتحزب والفساد.
أما مسئلة كون الخلاف محمودًا: فلم يقله أحدٌ من الأئمة بإطلاق أصلا! والأكثرون على ذمه مطلقا! وخالف في هذا جماعة من السلف وطائفة من المتأخرين رأوا أن منه ما يكون توسعة ورحمة على الناس. كما مضى بيان ذلك.
[/size][/color]

جزاك الله خيرا ونفع بك

لا خلاف بيننا اخي