المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : انتبهوا يا أعداء الله هذا هو الرحمة المهداة!!



ثمرة الإخلاص
10-30-2010, 01:51 PM
{ بسم الله الرحمن الرحيم }
قال تعالى : لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين " آية 164 سورة آل عمران . دلت هذه الآية على أكبر نعمة امتن الله بها على عباده وهي إرسال أكبر هدية للبشرية وهو رسولنا الكريم وخاتم النبيين الذي أنقذ البشر من الشركيات ودعاهم إلى النجاة بعبادة الله وحده فأنزل الله عليه القرآن الذي هو معجزة الله التي أعجز بها البشرية بألفاظه ومعانيه وبتأثيره الرهيب على القلب لأنه كلام العلي الكبير .
وجاءنا الرسول صلى الله عليه وسلم أيضا بالحكمة وهي السنة المطهرة وهي شقيقة القرآن فهذه السنة الشريفة بها أسرار الشريعة وتوضيح لألفاظ القرآن الكريم .
ولن نستطيع مهما تحدثنا عن نبينا الكريم أن نوفي حقه بركته.ده على البشرية ولن نستطيع أن نسرد هذه الجهود الجبارة وهذه التضحيات الكبيرة التي قام بها هذا النبي العظيم ولكننا سنتناول بعض من هذه الجهود والتضحيات على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر ولن نستطيع أن نعبر عن مدى حبنا لهذا النبي الكريم مهما تحدثنا لأن هذا الحب الذي بداخلنا يسري في دماءنا نحن المسلمين ولا توجد معاني تعبر عن هذا الحب ولا أحد يستطيع أن يشعر بمدى حبنا له إلا من عرفه جيداً وعرف رحمة قلبه ومدى حبه لأمته فهو بالنسبة لنا أحب لنا من آباءنا وأمهاتنا بل من أنفسنا وتهون أرواحنا في سبيلك يا حبيبي يا رسول الله وقد كان رسولنا الحبيب بمثابة النور الذي جاء ليمحي الظلام عن البشرية وقد ورد أنه منذ ولادته خرج من فرج أمه نور أضاء له قصور الشام وقد قيل أنه حين ولادته خمدت النار التي كان يعبدها المجوس وتهدمت الكنائس حول بحيرة ساوة وسقطت أربع عشرة شرفة من إيوان كسرى وقد كانت السيدة حليمة السعدية مرضعة رسول الله تقول أنها بمجرد أن وضعته في حجرها لإرضاعه حتى زاد اللبن فرضع وشبع هو وأخيه في الرضاعة وناما تلك الليلة بالرغم من أنه لم يكن يشبع أخيه ولم ينم قبل أن يأتي الرسول ليرضع معه وعندما قام زوج السيدة حليمة بحلب الشاة ليلتها وجد فيها لبن كثير حتى شرب أيضاً هو وزوجته حتى رويا ، ولرسولنا الكريم عدة بركات عديدة نذكر منها أيضا أنه مج مجة في وجه زينب بنت أم سلمة فظلت زينب نضارة الشباب في وجهها سبعون عاماً من أثر المجة . فقد كان الصحابة يتسابقوا إلى خدمته لينالوا شيئا من بركته .
فكم من بركة تحل من ذكره ومن إتباع سنته فتحدث البركة والطمأنينة بإتباعه صلى الله عليه وسلم وعندما يكون أحب إلينا من أنفسنا فسوف يكمل إيماننا كما قال ذات مرة سيدنا عمر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم إنك أحب إلى يا رسول الله من أهلي ومالي ومن كل شيء إلا نفسي فقال له النبي لن تؤمن حتى أكون أحب إليك من نفسك . فقال عمر بل والله أنت الآن أحب إلى من نفسي فقال له النبي الآن يا عمر . أي الآن تحقق إيمانك واكتمل . فانظر إلى مدى محبة الصحابة الذين عاشوا مع نبيهم الكريم واستجابتهم الفورية لحبيبهم فلم يترددوا في إيثار النبي على أنفسهم وعلى أزواجهم .
وسوف نتناول نبذات مختصرة من حياة نبينا الكريم في كرمه ورحمته ومدى تضحياته في سبيل الدين ورفع راية التوحيد التي كلف بها وكيف كان له فضل في إخراج الناس من ضلال وظلام الشرك إلى هداية ونور الإيمان .
وكيف كان سببا في أن تصل أمته إلى بر الأمان الذي عليه نحن الآن نحن الموحدون وهذا كله كان على سبيل أجمعين.ى الله عليه وسلم كلها وما لاقاه صلى الله عليه وسلم من عذاب وكرب وابتلاء وعناء تضحيات هو وصحابته الكرام الذين صدقوه وأعانوه وأطاعوه طاعة عمياء من يقينهم بما جاء به وبصدقه فيما وعد به وبمحبتهم له العمياء فإن المحب لمن أحب مطيع وعلينا نحن إثبات محبتنا أيضا له بالإتباع والطاعة فلنتعرف إذا على نبذات متنوعة ومختصرة من حياته الشريفة الطاهرة على سبيل المثال كما ذكرنا قبل قليل وليس على سبيل الحصر ولنعرف مدى حب من عرفه وعاش معه من الصحابة الكرام فهذا سيدنا أبو بكر رضي الله عنه عندما أراد أن يختبأ هو والنبي صلى الله عليه وسلم في غار ثور عندما كان يلاحقهم كفار قريش ليقتلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فما أن وصلا إلى الغار حتى أصر أبو بكر على دخول الغار قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا وجد شيء في الغار يصيبه قبل النبي فدخل الغار وجهزه للرسول صلى الله عليه وسلم ثم وجد فيه ثقب فشق إزاره وسد به هذا الثقب ووجد ثقبان آخران فسدهما برجليه ونام الرسول صلى الله عليه وسلم على فخذي أبو بكر وبينما النبي نائم على فخذي أبو بكر إذ بثعبان يلدغ إحدى رجلي أبو بكر التي سد بهما الثقبان الذين في الغار ولم يتحرك أبو بكر حتى لا يزعج رسول الله في نومته حتى سقطت دموع أبو بكر على وجه رسول الله وهو نائم على فخذي أبو بكر فأفاق الرسول صلى الله عليه وسلم وسأل أبو بكر عن حاله فقال له لُدغت يا رسول الله فتفل الرسول بريقه الطاهر على مكان اللدغة فشفي أبو بكر في الحال فيالها من محبة عظيمة وذلك مثال آخر لامتثال الصحابة لأوامر النبي ولمحبتهم العظيمة له بل وتضحيتهم بأرواحهم في سبيل الدين وفداء لنبيهم الكريم . وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم من حبه لصحابته " من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين . رواه أبو داوود وحسنه الألباني فهذا "حبيب بن زيد " عندما بعثه رسول الله إلى مسيلمة الكذاب الذي كان يدعي النبوة فعندما وصل حبيب إلى مسيلمة قال له أتشهد أن محمد رسول الله قال حبيب نعم أشهد فقال مسيلمة أتشهد أني رسول الله فقال حبيب إن في أذني صمم عن سماع ما تقول فأمر مسيلمة القصاب أي الجزار بأن يقطع جزء من كتف زيد فقطع منه وأصبح الدم يسيل من حبيب فسأل مسيلمة مرة أخرى حبيب فقال أتشهد أن محمد رسول الله قال نعم أشهد فقال مسيلمة أتشهد أني رسول الله فقال حبيب إن في أذني صمم عن سماع ما تقول فأمر القصاب بأن يقطع جزء آخر من جسد حبيب وظل مسيلمة الكذاب يسأل حبيب بنفس الإجابة وفي كل مرة يقطع القصاب من جسده جزء وهو واقف حتى مات حبيب بن زيد من كثرة التقطيع من جسده وهو يقول ( محمد رسول الله محمد رسول الله ) فهذا الصحابي نموذج لبعض الصحابة الذين قال تعالى فيهم " من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا " الأحزاب 23 فكانوا هؤلاء الصحابة الكرام مثالاً للتضحية والشجاعة التي تعلموها من نبيهم الكريم .
وبالرغم من شجاعة النبي وقوته وخوضه في المعارك الكبيرة وانتصاراته في هذه المعارك إلا انه من رحمته لم يقتل أي شخص على مدار حياته كلها ولا في حروبه إلا شخصا واحدا وهو أبي بن خلف لأنه كان من عداوته وكرهه للرسول يقول له كلما رآه يا محمد لإن رأيتك خارج مكة لأقتلنك فعندما أصبح يكرر هذه المقولة للرسول صلى الله عليه وسلم في كل مرة يراه فيها أصبح النبي يشعر بالإهانة فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم بل أنا والله لإن رأيتك خارج مكة لأقتلنك فقد أقسم النبي ولابد أن يكون صادقا وبرا في قسمه وبالفعل عندما رآه النبي في غزوة بدر أخذ الرمح فوكزه بضربة خفيفة فمات أبي بن خلف بهذه الضربة الخفيفة مع أن الرسول كان يستطيع تمزيقه وليس ضربه هذه الضربة الخفيفة ولكنه لم يفعل ذلك لأنه الرسول الإنسان المبعوث رحمة للعالمين فعندما يغضب لا يكون غضبه لنفسه أبداً بل كان غضبه للدين ولأي حق من حقوق الله تعالى وقد تعلم الصحابة الكرام أيضاً من نبيهم الكريم السرعة والمنافسة الشريفة للوصول إلى أعلى درجات الجنة وليس المنافسة على الدنيا الزائلة فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم زاهد في هذه الدنيا بالرغم من مكانته العظيمة ومحبة الناس إليه لأنه يسعى إلى ما هو أكبر وأعظم وهو لقاء الله في جنات الخلد وكان هذا هو المبدأ الذي يسير عليه من اتبع الرسول الكريم وهو الوصول لتلك المكانة العظيمة الأبدية .
ولم يقتصر فضل الرسول صلى الله عليه وسلم على البشرية في هذا المجال فقط بل كان فضله في كل مجالات الحياة من مجالات سياسية ودينية وعلمية وطبية وثقافية واجتماعية إلى آخر ذلك وهذا لان الدين لا ينفصل عن أي مجال من مجالات الحياة وإذا انفصل الدين عن أي مجال من مجالات الحياة فسيحدث خلل في هذا المجال .
وقد كانت حياة الرسول صلى الله عليه وسلم مع من حوله مثالاً يحتذى به وبالأخص معاملته مع زوجاته فقد كان عادلا بينهن ومخلصاً لهن فبالرغم من أنه المعلم للبشرية إلا أنه استطاع أن يوفق بين دعوته وحياته وعباداته على أكمل وجه وبكل إخلاص فقد كان يضفي جو المرح مع زوجاته وأصحابه بالرغم ما على عاتقه من مسئوليات عظيمة وكان يحافظ على مشاعر زوجاته ويحترم آرائهن بل بالفعل أخذ برأيهن في بعض الأمور الهامة كمثال حينما دخل الرسول صلى الله عليه وسلم على أم سلمة رضي الله عنها غاضب الوجه فسألته : ما بك يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم : لم يمتثل المسلمين لأمري بالهدىّ والحلق. فأشارت عليه أن يبدأ هو صلى الله عليه وسلم بالذبح والحلق وبذلك سيمتثل المسلمون لك فقد أعجب الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك الرأي وأخذ به على الفور، وبالفعل قام المسلمون تلقائيا بالذبح والحلق امتثالا لرسةل الله صلى الله عليه وسلم . فقد يدل هذا الموقف على أن ذلك هو العدل والاحترام للمرأة وأن ذلك من كمال الرجولة وليس التعنت واحتقار رأي المرأة هو الرجولة فقد جاء الرسول بهذا الدين ليحترم المرأة ويعطيها حقوقها كاملة ويحفظ كرامتها ومكانتها .
وكانت حياته صلى الله عليه وسلم مع السيدة خديجة نموذجاً مثالياً لكل الأزواج فقد كانت أحب زوجاته إلى قلبه ولم يتزوج أي زوجة من زوجاته في حياتها بل هي كانت زوجته تملأ عليه حياته وهي أم أولاده وهي أول من آمن به من النساء ، وذلك عندما نزل عليه الوحي أول مرة ورجع إليها خائفا مرتعدا فقالت له تطمئنه وتهدئ من روعه مقولتها الشهيرة "كلا والله ما يخزيك الله أبدا انك لتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق." فانظر إلى حكمتها وذكائها ومدى إخلاصها لزوجها فهي كانت دائما تشد من أزره وتقف بجانبه في السراء والضراء وبالرغم من أنها من أشراف قبيلتها إلا أنها لم تتخلى عن زوجها حتى في أصعب اللحظات والأيام ، فعندما حاصرت قريش سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه أصرت أن تكون معه في ذلك الحصار لمدة ثلاث سنوات في شعب قريش بدون طعام ولا ماء ، إلا إذا جاءهم احد في الخفاء وأعطاهم الماء والطعام لدرجة أنهم أصبحوا يأكلون من ورق الشجر ، وعرضت قبيلة خديجة عليها بان ترجع إلى بيتها بعيدا عن ذلك الحصار ولكن أصرت خديجة على البقاء مع زوجها نبي الله الذي سيحيي البشرية بنور الإسلام والذي كان نعم الزوج الذي تهون معه صعوبات الحياة ، بل تهون الحياة كلها من أجل أن يعيش هو ويستمر في إمداد البشرية بالحياة والنور والأمل ومهما تفعل السيدة خديجة رضي الله عنها مع النبي لم توف حقه وحبه فهو الصادق الأمين الذي زاد من أموالها في التجارة وحافظ عليها ، فهو أيضا مثالا للتاجر الناجح بصدقه وأمانته التي شهد بصدقه وأمانته حتى أعداءه لأنها حقيقة لا تنكر ولا تخفى ، فلذلك لم تقدر السيدة خديجة على فراقه في الحصار والعناء ، بل شعرت بأن العناء معه راحة ، وما أن فك الحصار بعد ثلاث سنوات حتى مرضت السيدة خديجة من ذلك الحصار ، وتوفيت بعد ستة أشهر من فك الحصار فحزن عليها النبي حزنا شديدا ، وسمي هذا العام بعام الحزن لأن عم الرسول أبو طالب قد توفى أيضا في هذا العام فأراد الله أن يهون على نبيه وحبيبه هذا الحزن على فراق أحب الناس إلى قلبه ، فأكرمه برحلة الإسراء والمعراج ، ولم يقتصر حب الرسول صلى الله عليه وسلم للسيدة خديجة في حياتها فقط ، بل ظل حبه لها بعد مماتها ، فلم تكن السيدة عائشة رضي الله عنها تشعر بالغيرة من أي زوجة من زوجاته الأحياء مثل ما تشعر به تجاه خديجة بعد وفاتها ، وذلك من حبه الشديد لخديجة وإخلاصه لها فعندما فتح الرسول مكة ، وهو في عز مجده وانتصاره والناس من حوله يهنئونه حتى رأى من بعيد عجوز كبيرة فأفسح لها الطريق وأجلسها على عباءته في وسط هذا الجمع من الناس ، وجلس معها يتحدث وترك الناس فاندهش الجميع من اهتمامه بهذه العجوز ، فعندما سألته السيدة عائشة رضي الله عنها عن هذه العجوز قال لها هذه صديقة خديجة جلسنا معا نتذكر أيامنا مع خديجة. فهو إذاً ليس رسولا فحسب ، بل زوجا مخلصا ووفيا ورجل اكتملت فيه صفات الرجولة برحمته وحكمته وتواضعه وحلمه وذكائه وحنانه ومرحه وقوته وصدقه وإخلاصه وشعوره بالآخرين والصبر على البلاء ورفقه حتى على أعدائه وحمله هم دعوته ، وتضحيته في سبيل تبليغ البشرية برسالته التي كلف بها على أكمل وجه والخ الخ ...
فلن نستطيع أن نحصر صفاته فهو النبي المعصوم وخاتم الأنبياء وكفانا أن نقول أنه مثالا لنا في كل مجالات الدنيا وفي الدين حتى نفوز بهما جميعا.
وكم من مواقف في حياته أيضا مع باقي زوجاته تدل على إخلاصه ونبل أخلاقه فهو أيضا زوجا مرحا فذات مرة وهو عائد من إحدى غزواته أراد أن يدخل السرور على قلب زوجته السيدة عائشة رضي الله عنها فهو يقدر صغر سنها ويشعر أنه من حقها أن تعيش سعادة هذا السن ولو على حساب نفسه ، فطلب من الجيش العائد معه من الغزوة أن يتقدموا عنه ، ثم قال لعائشة تسابقيني قالت نعم فسبقته عائشة ففرحت عائشة لأنها شعرت بروح المرح التي عاشها معها حبيبها وزوجها نبي الله عليه أضل الصلاة والسلام ، ثم بعد سنين كان الرسول أيضا عائدا من إحدى غزواته فطلب من الجيش أن يتقدموا عنه ويسبقوه وطلب من عائشة أن تسابقه فسبقها لزيادة وزنها في ذلك الوقت عن الوقت الذي سبقته فيه ، فقال لها هذه بتلك.
فما أجملها من لحظات وأجمل روح المرح هذه التي أسعدت قلب زوجته السيدة عائشة رضي الله عنها فبالرغم من العبء الذي على عاتقه إلا انه يعطي كل إنسان حقه وكل وقت حقه بدون تقصير.
مع أي أحد حتى لو على حساب نفسه فهذه إذاً عائشة حبيبة قلب النبي التي كانت أحب زوجاته إلى قلبه بعد وفاة خديجة ، لأنه لم يتزوج في حياة خديجة بغيرها وهذا يدل على عدم رغبته في التعدد بدون سبب ، أو شهوة كما يدعي أعداءه حاشاه الله ، بل كانت زيجاته أغلبها بأمر من الله ولأسباب تشمل رسالته ودعوته فلم يتزوج ببكر إلا السيدة عائشة رضي الله عنها أما الباقي فكانوا ثيبات ، وكانوا لأسباب ، وهذا كله بعد وفاة خديجة ، فمثلا تزوج السيدة سودة بنت زمعة وكان عمرها أكثر من ثمانين عاما ، فكان إذاً زواجه منها لسبب أنها لا عائل لها ، وكذلك تزوج السيدة زينب بنت جحش التي كانت زوجة لزيد الذي تبناه الرسول صلى الله عليه وسلم ثم نزلت آية تحريم التبني فأمره الله أن يتزوجها بعد أن يطلقها زيد حتى يتأكد حكم عدم جواز التبني وأنها ليست زوجة ابنه بل تجوز له وكذلك باقي زيجاته على مثل هذه الأسباب ، إذاً فأين زواجه عن شهوة ، فلم يكن تعدد زوجاته لمجرد التعدد فقط ، بل كما ذكرنا لأسباب وحكمة من الله ، ولم يقصر في تربيته لأولاده وبناته بالرغم من العبء الكبير الذي يحمله من هم الدعوة فلم يكن عدله في زوجاته وتربيته لأبنائه عائق لدعوته ، فلم يقصر في أي مجال كما ذكرنا بالرغم من عدله المتكامل لزوجاته إلا أن القلب بيد الله فقد سئل الرسول ذات يوم عن أحب الناس إلى قلبه باستثناء السيدة خديجة لأنها كانت متوفاة ولم يكن معها زوجات أخريات ، فأجاب الرسول هذا السائل أن أحب الناس إلى قلبه هي السيدة عائشة رضي الله عنها قالوا له ثم من ، قال أبيها سيدنا أبي بكر رضي الله عنه، فانظر مدى تعلق قلبه الطاهر بحب هذه الزوجة الطاهرة النقية التي أظهر الله براءتها وعفتها من فوق سبع سموات في كتابه الشريف.
فقد استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم باقي زوجاته عند مرضه الأخير أن يظل في بيت عائشة حتى من كرمهن أن تنازلوا للسيدة عائشة على لياليهن ورضوا بان يظل في آخر أيامه في بيت عائشة حتى مات صلى الله عليه وسلم بين سحرها ونحرها فانظر مدى حبه للسيدة عائشة رضي الله عنها فهي أم المؤمنين التي نقلت عن رسولنا الكريم معظم سيرته وأحاديثه الشريفة ، فكيف لنا الآن أن نستمع لمن يسب أمنا وأم المؤمنين الطاهرة التي هي حبيبة حبيبنا صلى الله عليه وسلم من قبل الشيعة الرافضة الكفرة ولم يحرك بنا ذلك ساكن ، بلى والله كلنا فداك يا أمنا وحبيبة حبيب الله ، التي قد بعث الله إليك السلام مع جبريل كما بعث لخديجة من قبل ، فكيف لنا بمقابلة رسول الله وأمنا السيدة عائشة يوم القيامة ، ونحن لم نعترض حتى بقلوبنا على من تعدى على إحدى أمهات المؤمنين ، بلى كيف سيشفع لنا نبينا لندخل جنة الرحمن دون أن ندافع عنه وعن سنته وعن أهل بيته ، بل من الواجب ألا نسمح أن يتجرأ أحد على رسولنا الكريم فماذا فعلتم أيها المسلمون للرسول وسنته حتى تنالوا شفاعته ؟ " الأحزابنا إذا التمسك بسنته ونشر دعوته ليرى أعداء الدين ممن تجرئوا على التطاول والإهانة على نبينا الكريم وعلى أمهات المؤمنين ، كم نحن نحبه ، ولكن أين شباب المسلمين الآن من إتباع سنة نبيهم ويمكن أن يكون عدم التزام بعض المسلمين بسنة نبينا الكريم هو الذي جرأ العداء علينا وعلى نبينا لأنهم لم يروا أثر محبته في قلوبهم فلم يدركوا مدى حب المسلمين لنبيهم بل ستكون هذه الإهانات سببا إن شاء الله في صحوة الأمة والتزامها بسنة نبيها فقال – تعالى – " لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم" النور 11، وقال - تعالى – "إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا." الأحزاب 57.
فداك أب وأمي يا حبيبي يا رسول الله، فقد نقاه الله من أي ضغائن ومن أي نقائص فطهره الله حتى يكون صاحب أعظم رسالة للبشرية بأكملها.
فمن حكمة الله أن لم يترك الخلق سدى فمن رحمته بعباده أنه أرسل إليهم هذا الرسول العظيم يأمرهم بعبادة الله وحده والاستغناء بالله عن المخلوقات وأن النجاة في التوحيد والطاعة لله , فقد بعث بشيرا لمن أطاع أن يدخل جنات الخلد وبعث نذيرا لمن خالف وعصى بأن يعذب في جهنم فقال – تعالى – "إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ولا تسأل عن أصحاب الجحيم." البقرة 119.
فمن عرفه وعرف سيرته الطاهرة واشتماله على أكمل الخصال، وعرف ما جاء به من الشرع العظيم من الله سيدخل حبه إلى قلبه دون استئذان.
وليس ذلك فحسب ، فقد شق الله صدره مرتان ليخرج من قلبه حظ الشيطان ، فلا يبقى بقلبه محل لوسوسة الشيطان ولم يبقي بقلبه أي حقد أو ضغينة لأحد فقد بعث إليه جبريل وكان عمر الرسول صلى الله عليه وسلم 5 سنوات فشق صدره وأخرج القلب ونزع منه علقة وهي حظ الشيطان ثم غسل قلبه في طست من ذهب بماء زمزم ثم أعاد القلب في مكانه , وحدثت تلك الواقعة مرة أخرى أثنا الإسراء والمعراج ، وقد قال أنس رضي الله عنه أنه كان يرى أثر المخيط في صدر النبي – صلى الله عليه وسلم – من أثر تلك الواقعة ، وبذلك يكون قد نقاه الله – تعالى- وميزه عن باقي البشر والرسل ، فهو المعصوم من الخطايا ومكتمل فيه جمال الأخلاق ، ولم يقتصر جماله في جمال أخلاقه فقط ، بل أعطاه الله الهيئة والصورة ليكتمل جماله الخارجي والداخلي فيكون قد اكتمل صفات الجمل كلها ظاهرا وباطنا فقد قام بوصفه معظم أصحابه وقالت عنه أم معبد ظاهر الوضاءة ، أبلج الوجه ، حسن الخلق ، لم تعبه ثجلة ، لم تزر بهم علة ، وسيم قسيم ، أقرن ما أكحل ، أحور ، في صوته صهل ، شديد سواد الشعر ، إذا صمت علاه الوقار ، وان تكلم علاه البهاء ، أجمل الناس وأبهاهم من بعيد ، وأحسنهم وأحلاهم من قريب ، حلو المنطق ، لا تقحمه عين من قصر ، ولا تشنؤه من طول ، غصن بين غصنين ، له رفقاء يحفون به ، إذا قال استمعوا لقوله ، وإذا أمر تبادروا لأمره.
وقال عنه بعض الصحابة في وصفه أنه كان وجهه مثل القمر في ليلة النصف فكان وجهه مستديرا فكان الصحابة ينظرون في وجهه وينظرون إلى القمر ليلة النصف لذلك التشابه بينهم وقالوا أيضا في وصفه أنه كان مربوعا وكان وجهه الأبيض المشدب بالحمرة وكان عرقه اللؤلؤ ورائحته المسك ، فكانوا يطيبوا الطيب بعرقه.
فهذا وصف مختصر لهيئته الشريفة الطاهرة وذلك كله إضافة إلى صفاته الخلقية التي لا حصر لها فكان صلى الله عليه وسلم مثالا للتواضع على قدر ما وصل إليه من مكانة شريفة ، فهو المبعوث من رب العالمين فكان يخيط ثوبه ويخصف نعله ويعمل بيده كما يعمل أحدكم في بيته ، وكان يحلب شاته ويخدم نفسه ، ويجالس الفقراء ويجيب دعوة العبد وكان يمنع عن القيام له كما يقومون للملوك فلا نهاية لوصفه وأخلاقه فقد قال - تعالى - فيه " وانك لعلى خلق عظيم" القلم 4.

يتبع بإذن الله...

ثمرة الإخلاص
10-30-2010, 02:12 PM
ومن أمثلة تواضعه أنه ذات يوم عندما جاءه زاهد يسأل عنه صلى الله عليه وسلم فلم يجده فعندما رجع الرسول صلى الله عليه وسلم إلى بيته وعلم أن زاهدا سئل عنه ولم يجده لم يجلس حتى ذهب يبحث عن الزاهد حتى وجده في السوق يبيع قطعة قماش ويقول من يشتري القماش ، فجاءه النبي صلى الله عليه وسلم من خلفه وهو ممسك به قائلا من يشتري هذا العبد ، فالتفت إليه الزاهد ضاحكا وقال بل ستجدني كاسدا يا رسول الله ، فقال له النبي بل انك عند الله ثماني ، فكان هذا الموقف من قبيل المزح ويدل على تواضع الرسول وعلى سماحة نفسه ومراعاته لمشاعر الآخرين ، ولم تقتصر محبته بأصحابه ولا بالمسلمين فحسب بل شملت رحمته كل البشر حتى أعداءه فعندما أهانوه أهل الطائف وتمادوا في إهانته حينئذ اشتكى الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ربه هوانه على الناس فأنزل الله عليه جبريل وملك الجبال فقالا للرسول أتريد يا محمد أن نطبق عليهم الأخشبين أي الجبلين فقال النبي صلى الله عليه وسلم ل بل ربما يخرج من أصلابهم رجال يوحدون الله وبالفعل خرج من صلب الوليد بن المغيرة خالد بن الوليد الذي هو سيف الله المسلول الذي لم يهزم في معركة أبدا
فكان من أعظم المقاتلين في الجيش الإسلامي وخرج أيضا من صلب أبي جهل عكرمة بن أبي جهل فكان أيضاً من الرجال الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل الدين فما أعظمها إذاً من رحمة وما أعظمه من حلم فمن بعد الإساءة والإهانة لم يدعوا عليهم بالهلاك بالرغم من قدرته على ذلك باستعانته بالله بل تمنى لهم الخير ودعا لهم وبالفعل كانت نظرته في محلها عندما خرج من أصلاب هؤلاء الأعداء رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه وشملت رحمته صلى الله عليه وسلم أيضاً اليهود وذلك عندما أتى حبر من أحبار اليهود وهو زيد بن سعنة إلى النبي صلى الله عليه وسلم يطالب بالدين الذي له عند النبي قبل ميعاد السداد وهو عبارة عن عشرون صاعاً من التمر فقل زيد بن سعنة للنبي صلى الله عليه وسلم يا ابن عبد المطلب أدوا ما عليكم فإنكم يا بني هاشم قوم مطل في الأداء وكان سيدنا عمر رضي الله عنه واقفاً مع الرسول صلى الله عليه وسلم فاحمر وجهه وأشهر سيفه وقال لليهودي زيد بن سعنة أتقول هذا لرسول الله يا عدو الله والله إني لولا أنني أخشى ملامة النبي لقطعت رأسك فقال النبي صلى الله عليه وسلم لسيدنا عمر ما أردنا منك ذلك يا عمر كنت أنتظر منك أن تأمرني بحسن الأداء وتأمره بحسن الطلب ثم طلب النبي من عمر أن يذهب مع اليهودي إلى بيت المال ليعطيه العشرون صاعاً من التمر وعشرون آخرون جزاء ما حدث لذلك اليهودي من روع من سيدنا عمر ثم بعد فترة التقى هذا اليهودي بسيدنا عمر فقال له ألا تعرفني يا عمر قال لا فقال اليهودي أنا زيد بن سعنة فقال عمر حبر اليهود ما جاء بك إلى هنا فقال الحبر اليهودي لقد عرفت كل العلامات التي تدل على أن النبي هو النبي إلا علامتين كنت قد أردت أن أتأكد منهم قبل أن أدخل في الإسلام وهما أن يسبق حلمه جهله وأنه لا يزيد شدة الجهل عليه إلا حلما أما والله وقد علمت يا عمر فأشهد أن لا ألاه إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله فأسلم ذلك الحبر اليهودي زيد بن سعنة عندما رأي رحمة وحلم وعدل الرسول الكريم فلم يجد في أي إنسان هذه الصفات فآمن به من غير داعي وشخص يدعوه للإسلام فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم دعوة في ذاته وعنواناً للإسلام في كل حياته بدون أن يشرح أو حتى يتكلم فما بالك حينما يدعوا للإسلام بجانب تلك الصفات التي تنبعث منه تلقائياً فإن كلماته تدخل مباشرةً إلى القلوب وتحرك ما بها من روحانيات وإيمانيات فتتحول القلوب المتحجرة إلى قلوب رقيقة سابحة في ملكوت الله وتتحول الحياة بكلماته من حياة مليئة بالهم والمشاكل والتباغض والتنافس والحقد إلى حياة مليئة بالحب والتعاون والتفاؤل والسعادة والرضا ويرجون من الله أيضاً جنة عرضها السماوات والأرض في الآخرة فمن يعرفه ويحبه ويتبع سنته فسينال سعادة الدارين وهي سعادة الدنيا والجنة في الآخرة إذاً ماذا نريد أكثر من ذلك فعلينا بإتباع سيرته لننال هذا الحلم الكبير الذي هو بعيد عن المشركين والمبتدعين وكل من عصى الله ورسوله وضلوا طريق الهداية فخسروا الدنيا والآخرة ولنتناول إذاً موقف آخر يدل على كرمه صلى الله عليه وسلم ويدل على حلمه فعندما كان يسير في الطريق مع أنس بن مالك رضي الله عنه ذات يوم إذ برجل من الأعراب جاء من خلف النبي وخنق النبي قائلاً أعطني من مال لله الله الذي عندك فبالرغم من غلظة وشدة ذلك الأعرابي في طلبه إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إليه مبتسما وأمر له بعطاء كما طلب ، فانظر كيف كان حلمه على ذلك السائل شديد الغلظة فما أعظمها من أخلاق وما أجلها من حياة لو سادت فيها تلك الأخلاق واتخذ الإنسان الرسول قدوة له فحلم الرسول ورحمته لم يدلوا على خوفه أو ضعفه بل كلنا نعلم مدى عظمة وقدرة نبينا ومدى شجاعته ولكن ليس مفهوم الشجاعة والرجولة هو الغضب والعنف والسب واللعن ورد الإساءة بالإساءة بل لنا في رسولنا الكريم الذي فيه كمال الرجولة أسوة حسنة فالرجل هو يملك نفسه عند الغضب ويتبع طريق الله ورسوله مهما تعرض لإساءة وشدة واستهزاء ويتحمل ذلك ويتحمل أنواع العبادة فمن يفعل ذلك ويترك أقاويل الشيطان وأصدقاء السوء فسوف ينجو بنفسه ويشعر برجولة حقيقية ليست رجولة وهمية كاذبة ويستشعر بعدها حلاوة الإيمان ولذة الطاعة التي لم يعرف طعمها إلا بعد أن يتذوقها وسيشعر من كان يستهزئ به بالغيرة والحقد منه وسينهزم الشيطان أمام قوة إيمانه أليست هذه هي الرجولة الحقيقية وقد أخبرنا الله تعلى عن صفوة الرجولة أنها في تحدي هوى النفس والقدرة على السيطرة على شهواتها وليست التفاخر والتباهي بالمعاصي أما أصدقاء السوء الذين هم أتباع الشيطان فلم يريدوا الخير للإنسان لعدم قدرتهم على إتباع الحق فلم يتمنوا الخير لأحد ولكن الرجل هو الذي لا يستسلم لأقاويلهم الكاذبة والرجال بحق هم الذين قال الله فيهم قال تعالى " رجال لا تلههم تجارة ولا بيع ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار " النور الآية 37 وكلنا نعلم أيضا مدى رحمته وعفوه عندما فتح مكة ومعه أعداد هائلة من المسلمين وقال كلمته الشهيرة لأهل مكة " ما تظنون أني فاعل بكم " فقالوا له أخ كريم وابن أخ كريم فقال لهم " اذهبوا فأنتم الطلقاء " فهذا دليل على العفو عند المقدرة وهذا من أنبل الأخلاق بالرغم من ظلم أهل مكة له الذين فيهم قبيلته وأقاربه فقد تعرض منهم لأشد العذاب والألم والإهانةة منذ بداية رسالته وأولهم له عداوة هو عمه أبو لهب فقد تعرض منه ومن غيره إلى أشد الإهانات والعذاب فقد كان عمه أبو لهب يكذب الرسول في كل مكان ولم يكتف بذلك فقد كان يضربه بالحجارة حتى يدمي عقباه وكانت زوجة أبي لهب تحمل الشوك وتضعه في طريق النبي وعلى بابه وكان ذات مرة الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي في الكعبة فجاء عقبة بن أبي معيط ورفع على كتف النبي وهو ساجد أمعاء بعير ميت وأخذوا يضحكون على النبي وظل رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجداً لا يرفع رأسه حتى جاءته ابنته فاطمة فأزالت هذه الأمعاء عن ظهره الطاهر الشريف فداك نفسي وروحي يا حبيبي يا رسول الله فكم عانيت وتحملت من أجل أمتك ومن أجل أن يرتفع شأن هذا الدين فكم من إهانات وعذاب تعرض له نبينا الكريم لا حصر لها ولم يكتف أعداء الإسلام بتلك الإهانات في حياته بل حتى الآن يريدوا أن ينالوا منه ويستهزئوا به كما تفعل الدانمارك وغيرها من رسومات فيها إهانة لنبينا الكريم وهذا كله يدل على مدى حقدهم منه وغيرتهم وحقدهم على الإسلام والمسلمين ولكن ما يفعلوه يأتي بغير تدبيرهم كما أخبرنا الله تعالى " إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم " النور 11 فقد أثارت رسوماتهم انتباه الغرب وغير المسلمين لشخصية هذا النبي الذي يقومون بسبه ويحقدون عليه كل هذا الحقد فيبحثون ويعرفون سيرته فيحبونه فيسلموا قال تعالى " ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين " سورة آل عمران الآية 54 .
بل إن الكاتب الغربي " مايكل هارت " كتب عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أنه من أهم عشر رجال استطاعوا أن يغيروا مجرى التاريخ وحال الناس بل هو الأول على هؤلاء العشرة فهذا رأي واحد منهم وتلك هي الحقيقة التي لا تخفى فبالفعل دخل النور والعدل على العرب بعد بعثة النبي وأصبح المسلمون ملوك العالم عندما اتبعوا خطى الشريعة وساروا على نهج نبيهم الكريم وتفجرت الحضارة والرقي فأصبح الشرق الإسلامي منارة للعلم والثقافة والتقدم والحضارة في كل المجالات وذلك في وقت قصير بعد ما كانوا يسودهم الجهل والتخلف فقد كانت بعثة هذا النبي الكريم بمثابة طوق النجاة للبشرية ليس في الدنيا فقط بل النجاة من عذاب عظيم وفوز بجنة عرضها كعرض السموات والأرض فالحمد لله أننا مسلمون فيالها من نعمة أنعم الله بها علينا وكان رسولنا الكريم هو السبب في هذه النعمة العظيمة ولكن علينا أن نحافظ على هذه النعمة التي ضحى رسولنا وصحابته الكرام بأرواحهم حتى تصل إلينا وأن نعيد للإسلام مجده وحضارته وانتصاراته بعودتنا إلى التمسك بكتاب الله وسنة نبينا الكريم فمنذ أن ضاعت الهوية الإسلامية عدنا للتخلف والظلام والذل ولكن علينا أن نثق أن الدين له رجاله وأنه عائد ولن تموت الأمة مهما مرضت وستعود الحضارة والانتصارات والمجد بعودتنا ورجوعنا لدين الله والتمسك بشرعه وذلك آت لا محالة فعلينا التمسك بالكتاب والسنة حتى لا نجرأ أعداء الإسلام علينا وعلى نبينا الكريم عندما يرونا نحن المسلمين غير متبعين لسنة نبينا الكريم فلابد علينا أن نعرفهم مدى حبنا لنبينا الكريم وذلك بإتباع سنته والالتزام بشرعه ونهجه وذلك دليل محبتنا وليس الكلام فقط فقال اللهم عليك بأعداء الدين وأرنا عجائب قدرتك في تدمير أعداء الدين والذين أهانوا نبينا الكريم ولم تتوقف رحمته بأعدائه وأحبابه والبشر بل شملت أيضاً الحيوانات والأشجار والجمادات وفي ذلك أمثلة كثيرة لا تعد ولا تحصى نذكر منها انه كان صلى الله عليه وسلم يخطب ذات مرة عند جذع نخلة فصنع له أحد الناس منبراً من خشب ليخطب عليه فعندما ترك هذا الجذع الذي لا حياة فيه سمع له النبي صلى الله عليه وسلم أنينا وبكاء على فراق النبي صلى الله عليه وسلم له وسمع الصحابة الذين كانوا حاضرين في المسجد أنين هذا الجذع فعاد النبي لهذا الجذع وضمه رحمة منه عليه . فيالها من رحمة لا نظير لها وقد اشتكى إليه ذات مرة جمل من سوء معاملة صاحبه له فكلم صاحب الجمل ليحسن معاملته ويطعمه . فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته " رواه مسلم .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من لا يرحم لا يرحم " وكان من محبة الصحابة له ورحمته بهم يتسابقون لخدمته فقد ذكر أنس رضي الله عنه أنه طوال مدة خدمته لرسول الله قرابة عشر سنوات لم يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له لم فعلت كذا أو لم تفعل كذا فكان صلى لله عليه وسلم أكبر مثالاً في الرحمة وبالأخص لصحابته الكرام الذين عانوا معه أشد العناء أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مدأحدهم ولا نصيفهعن أبي هريرة _رضي الله عنه_ قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"لا تسبواأصحابي لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مدأحدهم ولا نصيفه "قد تعلم الصحابة منه صفات عديدة مثل الصبر فعندنا مر النبي صلى الله عليه وسلم على عمار بن ياسر وهو يعذب هو وأهله قال لهم صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة وتعلموا أيضاً الصحابة منه الزهد في الدنيا فعندما دخل ابن مسعود وبعض الصحابة رضي الله عنهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وجدوه نائم على الحصير وقد أثر الحصير في جنبه الشريف فقالوا له ألا تتخذ يا رسول الله لك وطاء أي فراشاً ليناً ؟ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : مالي وللدنيا إن مثلي ومثل الدنيا كمثل رجل استظل تحت شجرة ثم راح وتركها فما الدنيا في الآخرة إلا كما يضع أحدكم إصبعه في اليم فلينظر بما يرجع ؟؟! رواه أحمد والترمذي وقال حسن صحيح
وتعلموا منه أيضاً الحب والإخاء والإيثار فعندما آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار كان سعد بن ربيعة رجل من أغنى الأنصار فقال لابن عوف الذي من المهاجرين " هذا نصف مالي خذه وعندي زوجتان فانظر إليهما فأيتهما تعجبك فأطلقها وتوفي عدتها تتزوجها فقال له ابن عوف بل بارك الله لك في مالك وأهلك " فيالها من أخلاق عظيمة ويا له من حب وإيثار وإخلاص وكرم وشعور بالآخرين فما بالك بأخلاق معلمهم ومعلم البشرية كلها . وقد تعلموا منه أيضا كيفية التعامل مع الآخرين فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف شرف كبيرنا " حديث صحيح رواه أبو داوود والترمذي . فلم يترك أي سلوك وأي سلوك حميد إلا كان مثالاً يحتذى به فما أكمله من إنسان وما أعظمه فقد كان الصحابة رضي الله عنهم قبل الإسلام رعاة للأغنام ولا يقوموا بشيء إلا بمحاربة بعضهم البعض بالغزو على القبائل من اجل جمع الإبل والأغنام ثم يقدمونها لأصنامهم فتحولوا بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم إلى نماذج يضرب بها المثل في الأخلاق والشجاعة والحضارة والتقدم وجميع الأخلاق الحميدة وأيضاً تعلم الصحابة من نبيهم المتواضع فعندما شاهدت امرأة رسول الله جالس يأكل قالت انظروا انه يجلس كما يجلس العبد ويأكل كما يأكل العبد فقال صلى الله عليه وسلم " أجل وهل هناك أعبد لله مني أجلس كما يجلس العبد وآكل كما يأكل العبد .
يا له من نبي عظيم ليس لسيرته نهاية ولم يسعنا الحديث عنه وعن صفاته وحياته فمن يسير على نهجه نال سعادة الدارين التي هما مطلب كل العباد فهذا هو الطريق لهذا المطلب الغالي ولكن الناس ضلوا الطريق ولكن من اهتدى فاز وأصبح الرسول له أسوة حسنة كما قال تعالى " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا " سورة الأحزاب 21 فيصبح الإسلام متمثل في هذا الشخص المقتدي في حياته برسوله الكريم فيظهر الإسلام بصورته الصحيحة بدل من الصورة الخاطئة التي يتبعها بعض الناس فديننا دين المعاملة ودين السماحة ودين اليسر وديننا دين السعادة الحقيقية لمن جعل قدوته رسول الله وليس من جعل قدوته أعداء الله لذلك فإن أكثر حالات الانتحار تكون في الغرب الذي لم يعرف الدين الإسلامي فبالطبع لم يذق حلاوة الإيمان ولذة الطاعة التي يشعر بها المسلمون الذين دخل في قلوبهم حب الله وحب رسول الله فأصبحنا نحن المسلمين في سعادة ليس لها حدود يكاد يحاربنا عليها الملوك ويحسدنا عليها أعداء الله وطريق الدين واضح وسليم ويسير ولم يتغير بل الناس هي التي غيرت في استخدامه الصحيح وفهموه فهم خاطئ فأساءوا استخدام الدين فتجد المتشددين لدرجة التعنت والتعقيد وتجد المتساهلون لدرجة التسيب والميوعة ولم يعرفوا أن الإسلام دين الوسطية التي تجمع بين المميزات والتي تأخذ من كل فرقة وجماعة الصفات الحسنة بها وتترك ما هو سيء بعيد عن الدين فهذه هي المرونة التي نصل بها إلى الوسطية السليمة بدون تشدد أو تنازل في الدين ويكون هذا هو الدين المتكامل الذي يجمع بين المميزات الدنيوية والأخروية ومن أمثلة الوسطية التوسط مثلا بين الرجاء والخوف فلا أحد يطمع برحمة الله لدرجة انه يتكاسل عن العبادة من كثرة رجائه ولا أحد ييأس من رحمة الله فيترك العبادة أيضا من كثرة الخوف فديننا دين الوسطية التي هي التيسير في الدين وتسهيله على الناس بدون تنازل عن قواعد الدين أو الانحراف عنه فمن استخدم الدين استخدامه الصحيح سوف يجد سعادته الحقيقية التي هي مطلب كل الناس وسيظهر الإسلام الحقيقي بصورته الحقيقية السليمة التي تبهر من يراه في سلوك الآخرين إذا استخدموه استخدامه الحقيقي كما نزل من عند الله كما بلغه لنا رسولنا الكريم الذي أفنى حياته حتى يوصل لنا هذا الدين على طبق من ذهب فيشقى لنسعد نحن يا حبيبي يا رسول الله وقد وافته المنية صلى الله عليه وسلم نتيجة لأثر السم الذي كانت قد دسته له المرأة اليهودية في الشاة المسمومة التي عندما جاء ليأكل من لحمها المسموم أنطق الله الذراع الذي به السم وقال للنبي أنه مسموم بعدما كاد الرسول أن يبتلعه ولفظه الرسول من فمه ولكن ظل أثر ذلك السم الذي تبقى ونزل جوف النبي وبعد عدة سنوات أثر ذلك السم في نبينا الكريم وقد اشتدت أيضاً عليه الحمى في أواخر أيامه وارتفعت درجة حرارته فأصبحوا يصبوا عليه الماء حتى يفيق لأنه يريد أن يذهب ليصلي بالناس حتى في شدة مرضه واحتضاره وليوصيهم بآخر وصاياه فكم كان حريص على أمته ولو على حساب حياته فذهب وخطب في الناس وأوصاهم بأشياء كثيرة فمنها أنه أوصاهم وقال لهم لا تتخذوا قبري وثن يعبد وقد قال صلى الله عليه وسلم : "قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " رواه البخاري . ثم أراد أن يمهد ويهون على الناس حينما يعلموا بخبر وفاته فقال لهم " إن عبداً خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده فاختار ما عنده " فبكى أبو بكر وقال فديناك بآبائنا وأمهاتنا فاستعجب الناس من رد فعل أبو بكر لأنهم لم يفهموا قصد النبي بأنه قد خيره الله بين الحياة والموت ليلقى ربه فاختار النبي جوار ربه وعلم أنه سيموت ولكن أبو بكر هو الذي فهم ذلك وتألم وبكى لأنه رفيق عمره وأول من آمن به وأفضل الصحابة وأحبهم إلى رسول الله كما أخبرنا بذلك رسول الله من قبل ثم جاءت لحظة الاحتضار للنبي وهو يقول " لا إله إلا الله إن للموت لسكرات " رواه البخاري وبينما هو في لحظات الاحتضار والصحوة والغفوة يسال أحد الصحابة أصلى الناس لمدى حرصه على تمسك أمته بصلاتهم التي هي صلتهم بالله وبينما هو كذلك وفي لحظات الاحتضار حتى رأته ابنته فاطمة حبيبة رسول الله وهي تقول وا كرب أبتاه فقال لها ليس على أبيك كرب بعد اليوم رواه البخاري وطلب السواك فجاءت به عائشة ولينته بريقها لتجهزه لرسول الله وليكون قد اختلط ريقه الطاهر بريق عائشة ويكون ذلك آخر شيء قبل وفاته ثم فرغ من السواك ورفع يده أو إصبعه وشخص بصره وتحركت شفتاه فأصغت إليه عائشة التي قد مات بين سحرها ونحرها وسمعته يقول " مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم أغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى اللهم ألحقني بالرفيق الأعلى " فكرر الكلمة الأخيرة ثلاثاً ولحق بالرفيق الأعلى رحمة الله عليك يا حبيبي يا رسول الله وإنا لله وإنا إليه راجعون فقد انتقلت روحه إلى حبيبه ولم يفنى جسده الطاهر لأن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ودفن حيث مات في بيت عائشة رضي الله عنها وما أن سمع بهذا النبأ صحابته الكرام حتى خرج عمر رضي الله عنه من هول المفاجأة والصدمة عليه قائلاً " إن رجالاً من المنافقين زعموا أن رسول الله توفي وإن رسول الله ما مات لكن ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران فغاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع إليهم بعد أن قيل أنه مات ووالله ليرجعن رسول الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم يزعمون أنه مات فكم أثرت الصدمة عليه وذلك من فيض حبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم أما سيدنا أبو بكر فقد دخل على رسول الله فقبله وبكى ثم قال بأبي أنت وأمي لا يجمع الله عليك موتتين أما الموتة التي كتبت عليك فقد متها ثم خرج على الناس قائلاً لهم " من كان منكم يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان منكم يعبد الله فإن الله حي لا يموت وذكر قول الله تعالى وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفئن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين " سورة آل عمران 44 فانظر إلى مدى حكمة سيدنا أبو بكر ومدى حسن تصرفه فما أن سمع الناس هذه الكلمات حتى أدركوا أن الرسول قد مات بالفعل عندما قرأ عليهم هذه الآيات كأنهم يستمعوا لها لأول مرة فساد الحزن والألم على أرجاء المدينة كلها فقد قال أنس رضي الله عنه ما رأيت يوماً قط كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخل علينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وما رأيت يوماً كان أقبح ولا أظلم من يوم مات فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه البخاري . ثم قالت فاطمة يا أبتاه أجب ربا دعاه يا أبتاه من جنة الفردوس مأواه يا أبتاه إلى جبريل ننعاه . صحيح البخاري . فأي مصيبة عند المسلمين تهون بعد وفاة الرحمة المهداة ورسولهم الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام وعليه رحمة الله قال تعالى " إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " الأحزاب 56 صلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين .

تم الاستعانة في هذا البحث ببعض الكتب مثل كتاب الرحيق المختوم لصفي الرحمن المباركفوري

يعتبر هذا البحث هو البحث الثالث بعد (قصة التتار بين الماضي والحاضر (http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=20169)) ، (خفايا في التاريخ وانتصارات ستعود (http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=26321))
وانتظرونا في البحث القادم إن شاء الله...
والله ولي التوفيق