المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إعلان تعليق على مقال" مهزلة حفظ المتون" للشيخ عائض القرني



خالد المرسي
11-03-2010, 10:02 AM
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد :
نعلم الآن الجدل الدائر حول مقال الشيخ عائض القرني المُسمى ب" مهزلة حفظ المتون " وبمناسبة ادارة هذا النقاش الآن أود أن أتكلم عن العلاقة بين الحفظ والفهم عمومًا سواء كان الحفظ للحواشي والمتون أو للقرآن الكريم والسنة المطهرة.

أولاً كمحاولة لتحديد محل النزاع.
أقول أنه ما من شك من أهمية الحفظ مع الفهم، بل أنا أزيد وأقول أن الحفظ ليس مهمًا فقط لطلبة العلم الذين يجتازون الاختبارات ولكنه مهم أيضا حتى للقراء والمثقفين، حتى يستطيعوا إمساك وتأمل أكثر ما يقرؤونه،
وأقول أيضا أن العلم الشرعي الذي أمرنا الله – تعالى – ورسوله – صلى الله عليه وسلم – أن نتعلمه هو علم المعاني والدلالات لا علم المتون والحواشي ، وفي هذا السياق ينقل شيخنا/ محمد اسماعيل المقدم – حفظه الله - عن اهل العلم قولهم " من حوى الحواشي ما حوى شي" وقرأت مثل هذا الكلام للشيخ محمود شاكر – رحمه الله - في جمهرة مقالاته، ويقول الامام الشافعي " من نظر في الحديث قويت حجته؛ لأن الدراية – أي فهم المعاني – هي المقصود بنقل الحديث وتبليغه"(1) ولذلك يقول "ابن جماعة" في أدب وشروط المدرس والمُعلم الناجح مع طلبته " وإذا شرط الواقف* استعراض المحفوظ كل شهر أو كل فصل على الجميع خفّفّ قدرَ العرض على من له أهلية البحث والفكر والمطالعة والمناظرة؛ لأن الجمود على نفس المسطور يشغل عن الفكر الذي هو أم التحصيل والتفقه"(2)، والعلماء ما وضعوا المتون والحواشي إلا لتيسير الوصول لمعاني العلوم، فلا يجوز أبدًا أن تصبح هذه المتون حائلا دون الوصول للمعاني .
والخلل في ضبط هذه المعادلة في هذا الموضوع أتى عند كثير من السلفيين بسبب أنهم في أكثر الأحيان يهتمون باتباع الأقدمين دون نظر كاف لتغير واقع الأمة والأفراد – وللأسف يوجد عندهم خلل أخر يتعلق بموضوع الفهم لكن من زوايا أخرى غير التي نتكلم فيها الآن –
فالآن مثلاً طلبة العلم لم يعودوا كطلبة علم أيام زمان، فالآن الطالب يبدأ في الغالب طلبه للعلم في سن العشرين وهو في هذا السن لايعرف شيئا عن أصول ومبادئ وحقائق دينه بسبب طبيعة الواقع المعاصر ( كما هو معلوم ) وأيضا الواقع المعاصر الآن تغير كثيرا عن أيام زمان تغيرات ثقافية وجغرافية وتقنية وغيرها، وكل هذه التغيرات تُعطي للفهم أهمية أكثر واعتناء خاص، وكما قلت لايجوز أبدًا أن يصير الحفظ حائلا دون الوصول للمعاني ولذلك فعلى من يريد ضبط هذه المعادلة أن يسمع فيها للمشايخ المهتمين بالهمِّ المجتمعيّ وبواقع الناس وبمعاني العلوم ( أي علماء العامة )(3) لأن هؤلاء المشايخ سيضبطون لك المعادلة بشكل يجعلك مثلهم اذا كبرت، أما المشايخ المعزولين ( وان كانوا أئمة في العلم الشرعي ) فسيضبطون لك المعادلة يشكل يجعلك معزولاً مثلهم اذا كبرت.
وكما أشرت سابقًا أن مقدار التحصيل والفهم المطلوب يختلف من عصر الى عصر ، والذي يستطيع ضبط حدوده ومقاييسه وكيفيته هم ( علماء العامة ) وعلى أساس هذه المقاييس يضعون حدودًا تضبط المعادلة بين الحفظ والفهم ولذلك يقول ابن جماعة في أدب طالب العلم " وليأخذ من الحفظ والشرح ما يمكنه ويطيقه حاله من غير إكثار يمل ولا تقصير يخل بجودة التحصيل"(4) انتبه لقوله " بجودة التحصيل " وكما أشرت ان التحصيل المطلوب يختلف من عصر الى عصر اخر.




وأُنبّه الى أنك مهما سمعت في هذا الموضوع لأهل العلم ، سيتبقى لضبط هذه المعادلة مسئولية شخصية عليك لأنك أدرى بنفسك وبواقعك النفسي من غيرك – وهذا ما يسميه العلماء بالجهد الذاتي الذي لاغنى عنه لطالب العلم وثبت أن أغلب علماء المسلمين برعوا وأبدعوا في العلوم بسبب جهدهم الذاتي –

وأنصح بقراءة دراسة بعنوان ( منهجية الحفظ في التعلّم "قراءة موضوعية" بقلم/ محمد بن حسين الأنصاري

والحمد لله رب العالمين
خالد المرسي

(1) منقول من كتاب تذكرة السامع والمتكلم في أداب العالم والمتعلم لابن جماعة – رحمه الله تعالى –

(2) نفس المصدر ، والمقصود ب" الواقف " هو من أوقف مالاُ وأرضًا لبناء مدرسة تُدرس العلم الشرعي ووفر سكنى مجانية للطلبة وكذلك باقي مستلزماتهم؛ فلو شرط شروطًا مثل تحديد مدة عرض المحفوظ فلا يجوز للمدرس ولا للطالب مخالفة شرط الواقف ، فيقول ابن جماعة اقتصر من المحفوظ على أقل حد يُخرجك من المخالفة لشرط الواقف.

(3)كان أكثر وأغلب علماء أهل السنة على مدار التاريخ علماء عامة " انظر مقال بعنوان إمام المسجد " للدكتور/ أحمد القاضي – حفظه الله –

(4) نفس المصدر لابن جماعة.

نور الدين الدمشقي
11-03-2010, 03:24 PM
نقل المقال للاستفادة:
كان الصحابة والقرون الثلاثة الأولى المفضلة عاكفين على الكتاب والسنّة حفظا وتدبرا، فلم يكن عندهم متون أخرى في النحو أو البلاغة أو العقيدة أو المصطلح أو الفرائض، ولم يكن أئمة الإسلام كالثوري وأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد والأوزاعي وغيرهم يحفظون إلا الكتاب والسنّة، ثم جاء عصر الضعف العلمي والتقليد وفتور الهمم وبرود العزائم، فصنّفوا لنا متونا شغلتنا عن القرآن والسنّة، وقالوا كلمة سقيمة: «من حفظ المتون حاز الفنون»، فقدّموا لنا أكثر من مائة متن في أنواع العلوم، بل صار لكل مذهب متون خاصة بأتباعه، فيحفظ الطالب متنا في الفقه، وألفية ابن مالك في النحو، وملحمة الإعراب للحريري، ولمعة الاعتقاد، ومتن الطحاوية، وألفية السيوطي، وألفية العراقي لمصطلح الحديث، وزاد المستقنع، أو مختصر خليل، أو التقريب لأبي شجاع، أو كتاب القدوري الحنفي، مع متن في البلاغة، ومتن في أصول الفقه، ومتن في الفرائض، غير المواد التي أضافوها، كعلم الآثار، والجغرافيا، وعلم الأزياء، وفن زراعة البقدونس، والتخصص في جمع الحطب وتكسيره، والتفقه في سيرة السلاجقة، ودراسة كيف يلبس الآشوريون، وموعد الطعام عند ملكة تدمر، كل هذه المتون والفنون جعلت الجيل في «حيص بيص» فشغلت الذهن، وأسقمت العقل، وشتتت الانتباه، حتى إني رأيت بعض المشايخ في بعض الدول التي زرناها يحفظ عشرات المتون ويعيدها ويكررها ليل نهار حتى صار نحيفا نحيلا كالجرادة الصفراء، فأصبح كآلة التسجيل، فقط يحفظ ويكرر، وشُغِل عن الكتاب والسنّة وعن التفقه في الآيات والأحاديث، ولهذا انظر - مع احترامي للشناقطة - ما هي الحصيلة من هذا الحفظ المذهل المدهش للمتون؟ فقط جلسوا يكررونها على الطلاب ولم يقدموا للعالم الإسلامي فقها للنصوص أو مشروعا تجديديا للدين، حتى إنهم قالوا عن موريتانيا: إنها بلد ألف حافظ. وأعتقد أن الواحد منهم يحفظ أضعاف ما يحفظ الشيخ الألباني والشيخ عبد الرحمن بن سعدي، ولكن انظر البون الشاسع بين فهم هذين الإمامين وكتبهما ومدارسهما وبين عطاء أولئك الفضلاء ونتاجهم. ليس بصحيح قولهم: «من حفظ المتون حاز الفنون»، بل الصحيح: «من حفظ الكتاب والسنّة هُدي إلى الجنّة»، وبالله عليكم متى يتفرغ طالب العلم لفهم الكتاب والسنّة إذا كان مشغولا بحفظ وتكرار زاد المستقنع وألفية ابن مالك وألفية العراقي وألفية السيوطي والرحبية في الفرائض ولمعة الاعتقاد ومتن الطحاوية وجمع الجوامع في أصول الفقه والسبل السوية في العقيدة؟ الحقيقة أنه لن يجد وقتا لمدارسة كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولو كانت هذه الطريقة المتأخرة للتعليم صحيحة لكان سبقنا إليها السلف الصالح كالخلفاء الراشدين وابن عباس وأبي هريرة ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب والزهري وابن المسيب والحسن البصري، لكنهم لم يحفظوا متنا واحدا غير الكتاب والسنّة، وسبب من الأسباب المعيقة للفهم كما ذكر ابن خلدون هي: المختصرات العلمية وهذه المتون التي صدت الطلاب عن التشاغل بالكتاب والسنّة.
آمل أن نعيد التعليم الشرعي إلى عهد القرون المفضلة، ونحذو حذو السلف الصالح في دراسة الشريعة، أما تحويل الطالب إلى آلة تسجيل ليحفظ كلام الناس وينسى الوحي المقدس المنزل فهذا عوج في الرأي وغبش في البصيرة وقدح في الإدراك. وقل لي بربك لو أن ابن المبارك أو مالكا أو الشافعي وغيرهم من أعلام الأمة تشاغلوا بهذه المتون، أتراهم يتركون لنا فهما صحيحا وفقها دقيقا لكتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم؟ بل صرفوا اهتمامهم للنص المقدس كتابا وسنّة، وعكفوا قلوبهم على هذا الفيض المبارك والغيث المدرار من الوحي الكريم، فصاروا أئمة مجددين مصلحين بحق، فيا أيها المشرفون على العلم الشرعي في مدارسنا وكلياتنا ومساجدنا ممن حشوتم عقول الطلاب بمتون البشر في كل فن وشغلتموهم عن الآيات والأحاديث، طريقتكم خطأ، خطأ، خطأ، ومنهجكم بالتعليم غلط، غلط، غلط. ارجعوا إلى منهج الصدر الأول في طلب العلم الشرعي، أما العلوم المادية كالطب والهندسة والتكنولوجيا فلها منهج آخر.

نور الدين الدمشقي
11-03-2010, 03:31 PM
بارك الله فيك أخي الحبيب على تعليقك. واحب ان اضيف تعليقا:
أما ما نوه اليه الشيخ من مسألة الأوليات...وهي حفظ القرآن الكريم أولا ثم السنة قبل حفظ المتون...ففيه وجه نظر...ولا يقصد منه عدم حفظ المتون بالتأكيد. ولكن اذا نظرنا الى الموضوع من وجهة نظر أخرى...نرى أن معظم هذه المتون ما سطر ووضع الا لفهم كلام القرآن والسنة النبوية. فكيف بالله سنتفكر ونفهم في كتاب الله اذا لم نعرف العربية وقواعدها مثلا؟ وكيف سنفهم اذا ما فهمنا بعض قواعد العقيدة والفقه وغيره.
ان حفظ هذه المتون يساعد على الفهم على خلاف ما ظنه الشيخ..ويساعد على التفكر والتدبر كذلك. وانني رأيت ممن يحفظ المتون من فتح الله عليهم بالفهم.
ثم ان الحفظ يقوي مدارك الانسان ويقوي استحضاره...فاذا قرأ آية او حديثا او اي كتاب حتى...استحضر في ذهنه كل ما يتعلق بما يقرأ بطريقة أفضل وأقوى ممن لا يحفظ...وهذا لا خلاف فيه.
فلنحافظ على الأوليات (من حفظ كتاب الله قبل حفظ ألفية ابن مالك في النحو على سبيل المثال)...ولكن لا يكونن ذلك على حساب التقليل من شأن هذه المتون العظيمة. هذا والله اعلى واعلم واحكم.

ابن السنة
11-03-2010, 04:18 PM
أعتقد أن الشيخ يعنى عدم الانغماس فى حفظ المتون و كأنها هدف بحد ذاته. بل هى وسيلة لفهم الكتاب و السنة و تدبرهم. و الانغماس فى حفظهم من أجل الحفظ مذموم.

خالد المرسي
11-04-2010, 07:17 AM
اخواني الأفاضل ( سترانجر وابن السنة )
جزاكم الله خيرا وسعدت بمروركم