المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صندوق رسائله!!



حسام الدين حامد
11-13-2010, 06:28 PM
رسائل غير مرسلة!

* طال اضطرابي، ولم أزل حائرًا، كطفلٍ يفري الطرقات باحثًا عن أمه، يحسب أنها تاهت، ولا يدري أنه هو الذي تاه عنها، "يا عم!! يا عم!! هل رأيتَ أمي؟؟"، "كيف هي يا بني؟!"، "إنها .. إنها رقيقة القلب، جميلة اللطف، فياضةٌ بالعطف، تعرف ما يسعدني، وترى في عينيّ ما أحزنني، أبتسم فتضحك، وتبتسم فأعلم أنها ستلبي مطلبي، فهل رأيتها؟"!!

أشتاق إلى ساعة اللقيا، كي أطمئنَ وأسكن، وألين فتلين مدامعي، لقد سأمت حالي، وضاقت عليّ أضلعي، ويعجَب حاسدي، مالي كئيبًا في المسرات، حزينًا بين الشهوات، غريبًا في بيتي، منصرفًا إلى حيث لا أدري ... يا سيدي!! هل رأيتَ قلبي؟!

" إنّه .. إنّه ذلك الخلّ الوفي، رقيق الطبع، مرهف الحس، قريب الدمع، يحب الكلمة الطيبة، والصديق الصالح، تُحزنه الإساءة، ولا يغرّه زخرف الدنيا، كنتُ به رجلًا سمَت به الإنسانية، من بعد أن سما إليها، وصرتُ من بعده روحًا في تجاليد إنسان، لا أكاد أعرفها، أفتقد ذلك الصاحب، أفتقد الدمع عند التذكرة، والصبر مع المصيبة، والشكر بعد النعمة، أفتقد عيادة المريض، وضيافة الغريب، والعطف على اليتيم، والأخذ بيد السائل، ضاعت منّي روحٌ تحن إلى الدعاء، واستغفار الأسحار، وقيام الليل! ".


* أين أنتِ أيتها الصديقة الوفية؟! هل يقهرك جمود العين؟! يا راية النبل!! هل تحسين لوعة الفقد؟! كم مرةٍ جريتِ على خدّي مواساةً لقلبي، كأنما تبغين الوصول إليه!! أتذكرين إذ كنتِ تطلِّين لامعةً من عيني، وعبثًا أحاول إخفاءك كلؤلؤةٍ نفيسة، فتأبى حرارة نفسك إلا الانطلاق، فآخذك بيدي، أتحسس رقتك، وأعجب من أثرك، أشتاق إليك يا سيدتي!! أشتاق لحالي بعد اللقاء!!


* أيا ساكنةَ أعماقي! حدَّثوني عن مسافرٍ يبشر أهله بقرب الوصول، ولا يدري أنّه بعد قليلٍ سيلقى حتفه، وعن طفلٍ مازال ينتظر عودةَ والدِه المتوفى، وحبيبٍ كلما تذكّر لقاء حِبه، اغتصّ بذكرى الفراق، ووالدةٍ تقبِّل جبين وحيدها المسجّى في كفنه ... لا تؤلمني تلك الأحداث، ولا يُبكيني فقد الأحباب لأرواح الأحباب، وكيف يكونُ وأنا رجلٌ يبحث عن روحِه في الأعماق!؟ إيهٍ يا ساكنةَ الأعماق! يا مأساة المآسي! أمازلتِ هناك؟!


* يا سابحًا إلى شاطئ الأمان!! من أين لك هذه الابتسامة؟! أتوق إلى لهفة الفاقد، وحنين المهاجر، وفرحة الواجد، ولا أدري ما يمنعني؟! أبضْعةٌ منّي لا تمتاز فأعرفها، أم خلةٌ طغت عليّ فصرنا سواء؟! أيها السابح هناك!! عندما تلقى إخوان السلامة، فحدّثهم عن رجلٍ ترك السفينة، ومزّق طوق النجاة، ومن قبل ذلك لعن القبطان، وإياك أن تسألهم الدعاء .. وانصرف عني .. لا أريد مزيدًا من وعظ! دعني أغرق في صمت!!


* أيا راكب السفينة! أستحلفك بربّك أن تدعو لي عند مواقعِ سجودي، تذكُر آثارَ دمعي، وزفراتِ نفسي، وطيفَ رجلٍ يحمل همّ أمة، فصار همًّا تشقى بمثله أمة! أيها الناجي!! أقسمتُ عليك أن تخبرني، هل تشعر بهذا الهمّ المثقِل على النفس، الناشب في ضلوع الصدر، المطبِق على خلجات القلب؟! أفًّا! أقسمتُ عليك .. هل تأنس بالوحدة، وتنام الليل؟! هل تعرف الوحشة التي تلم بك بعد الذنب، تضيق نفسك بها، وتقوم تصلي؟! فإنّ هاهنا في هذا الصدر وحشاتٍ طباقًا! هل تعلم أنّي أبغضتُ الحقيقة زمنًا؟! كنتُ ألعنُ فيها الخفاء والعسر، وأكره ذلَّ السؤال وزراية القوم، ثم علمتُ أن الخفاء شبهة، والعسر عجمة، والمذلَّة كبر، والزراية نصح، وبقيتُ أُبغض الحقيقة، وأبغضت في هذا البغض نفسي؟! تُرى هل فات الأوان؟!

حسام الدين حامد
11-13-2010, 06:32 PM
صندوق الوارد!!

آخر زيارة: منذ ستة أيام!
الرسائل الجديدة: تسع رسائل!


(لسوف نصرخ في وجه الأعادي، ونرفع الأعلام على أرض الوطن، وستنطلق المظاهرات من أرض اللعِب، سأصور ملامحك حين ترى وجهي الملوَّن، حتمًا سيعجبك! لا تنس المباراة!! لم يبق إلا ست ساعات، إلى لقاء!)

(بارك لي يا صاحبي! أتذكر يوم رأيتها فتبسَّمت، فأردتها فتمنَّعت، فقلتُ يومها إنها الفتاة؟! ومرت الأيام حتى فقدت الأمل، واليوم .. ما أجمل اليوم! حصلت على "رقمها" من صديقها "التاسع!"، وسوف أقابلها الليلة على العشاء!)

(تهانينا تهانينا .. وظيفةٌ مرموقة .. والعقبى للزواج!)

(هل رأيت هذا اللعين؟! إنه عميل! بل كلهم عملاء! لماذا يأتون به في تحليل المباراة؟! يزعم أنه الحظ لا حسن الإدارة، ضعف الخصم لا روح القتال، يشكك في قوة الهجوم، وصلابة الدفاع، ثم – ويله! – يطعن في نزاهة الحُكَّام!)

(صدقني ستبكي! لن تملك عينيك! الفيلم رومانسيّ للغاية، والقصة مقتبسة، والتصوير في أوربا، فضلًا عن ذاك الإنتاج الضخم وذكاء الإخراج! والبطل قضى أسبوعين يتدرب على تلك الحركة، إذ يقفز في اليمّ فيأسر قلب البطلة، إن كنت ستأتي .. فقابلني في الخامسة أمام دار الأيتام!)

(إنه اللعين مرةً أخرى! يزعم أنه لم يقصد ما فهمناه! إنه لم يحسن المراوغة أيام كان لاعبًا؛ فهل يحسنها الآن؟! إن التاريخ لا يُنسى! قاطعـــوا برامجه! انشر!)

(لن تصدق .. عندي أغاني الألبوم كاملة، قبل أن يطرح في الأسواق! الأولى والثانية عن غدر الحبيب، والثالثة والرابعة عن إخلاصه، والخامسة والسادسة عن لحظة الفراق، والسابعة والثامنة عن فوزنا في المباراة الأخيرة، واللحن غربيّ، والإيقاع سريع، والتوزيع جديد، والنسخ قليلة، فبادر بالحجز، فالمطرب يقسم -للمرة الخامسة- أنه الألبوم الأخير!)

(هل سمعت آخر طرفة؟! يزعمون أن الجيش الأمريكي أهدى أهل الصومال شحنةً من الأدوية، فردّها شعب الصومال لأنه وجدها تؤخذ بعد الأكل!)

(مباركٌ عليك الوظيفة الجديدة، أنت أهلها، ومن غيرك يستحقها؟! أكرر المباركة، والعذر إن جاءت متأخرة!)

حسام الدين حامد
11-13-2010, 06:34 PM
كغريبٍ في شوارع العاصمة، يُداري غربتَه بثقةٍ مصطنعة، يلتمس وجهًا سمحًا يسأله عن السبيل، ويتلمس طريقه في قلقٍ من عدم الوصول، غريبٌ أنا بينكم يا جماعة الأصدقاء! أُدَارِي ذلك باهتمامٍ مصطنع، أتقنتُ فنّ المداراة، ولم أزل أرجو ناصحًا يرشدني، كأميرةٍ تنتظر فارسها المنشود، لا تدري متى يأتيها؟! لكنها تعلم أنه سيأتي! وأنا لا أحتمل ذل الغربة وحسرة ضياع الطريق!

شابٌّ في مقتبل العمر، قُبِل لتوّه في وظيفة الأحلام، يذرع طريق عودته بقفزات الظفر، ولولا الحشمة والمروءة لطرق الأبواب، ونادى في الطرقات لينشر الخبر، ثم ما يلبث قليلًا في بيته، حتى تتوارد عليه الأسئلة، عن طبيعة هذا الفوز وبقائه وجدواه، وهل يستحق فعلًا كل هذه الجلبة، وتتبدد سعادته بين "لم؟" و "ثم ماذا؟!"، ثم تجتمع عليه العين الساهرة والعَبرة النافرة .. تناقضٌ غريبٌ بين شأنه في دائرة الضوء و شأنه خارجها!! عجبًا لحالي!!


يطالبني الأصحاب ببدء البحث عن شريكة الحياة، عن تلك الروح الأخرى التي آنس إليها، وأطمئن في جوارها، وأبثها نجواي، وأشاركها الشكوى، يحذرونني!! الأمر ليس بالسهولة التي أتصورها، وسيأخذ وقتًا .. مفهومٌ! مفهومٌ! سأبدأ في البحث فور حصولي على الروح الأولى!!


ثمّ إني لن أورّث أبنائي هذا الجذر المجتث، ولن أعطيهم ذات الأمل المبتور، أخشى أن أفقدهم في الدار الأخرى، أو أُصليهم نارًا لا أعرفها، بل أخشاهم، أخشى جدلًا في أسئلةٍ مازلت أرددها، فضولهم يقتلني، هل أسعى لتبسيط إجابةٍ لا أفهمها، "مازلتَ صغيرًا!" ... أخشى لعنتهم إن لُذتُ بهذا الترياق المغشوش، فلتبق جنينًا في رحم الغيب، ولترحم ضعفي!


أكاد أتمم الصفقة، وأبيع رأسي للوهم، وأركب رأس الذئب الطائر، لا أبالي بالمبدأ، ولا أسأل عن كنه الآخِر، أكاد أتمم الصفقة، وأردد نشيد الشيطان، وأتخذ يومَ قتلِ الثور الأبيض عيدًا، وأطفئ ناري في كأس الخمر، أكاد أتمم الصفقة، وأغلق باب القلب، وأطرد فلول الأفكار، وأقتل الخاطر بآخر شظيةٍ من شك، أكاد أتمم الصفقة، وما أدري ما ينغِّص ذلك؟! بقية ضميرٍ أم صيحة عقلٍ أم دعوة الوالد؟!


هل تذكرني أيها الشيخ الهرِم؟! تراني أصبحتُ ذنبًا تحمل همَّه كما سأحمل ذنب أولادي؟! ليتك تنساني!! ليتك تنسى صراخًا ذهب بعافيتك، وتبجحًا أثكلك ولدك، وعنادًا أبكاك الليالي! كيف أطقتَ ضعيفًا يلعن يقينك لأنه يعجز عن مثله؟! كيف سكتّ على هذه النظرة التي ترميك بالرجعية؟! كيف احتملت سفيهًا يواجه إيمانك بظنونٍ ينقلها؟! عذرًا يا أبي!! أعتذر إليك بندمٍ يفوق ألمك، وحيرةٍ تفوق حسرتك، وجرحٍ بحجم انتصاف الأيام! فاصفح عني!! واذكرني في دعائك!!

عياض
11-13-2010, 07:15 PM
...لم أستطع المقاومة و لي مدة اقاوم فيها اغراءات مواضيعك دكتور...لا أدري لم مرت بذهني و أنا اقرأ صور " الخير الشرير و الدميم. "..

اخت مسلمة
11-13-2010, 11:03 PM
بخ بخ ..!!!
رائع ماتخطه أناملك مترجمة أفكارا رائعه ولغة مميزة
دائما مميزا أيها الطبيب الأديب .. ماشاء الله لاقوة الا بالله
وفقك الله وزاد من انتاجك الفكري المميز وصياغتك الراقية

تحياتي

زينب من المغرب
11-13-2010, 11:31 PM
بارك الله فيك
فعلا رائع ما خط قلمك.

حسام الدين حامد
11-15-2010, 03:29 AM
حياكم الله أخواتي الكريمات ووفقكم لما فيه رضاه!

أخي الحبيب عياض ..
المقاومة لا تفيد وأنا أول الخاسرين إن أفلحت فيها، لحرماني من نظراتك وفوائدك، ولا أعرف "الخير الشرير والدميم"، وقد بحثت عنها فأخذني البحث إلى مخرِج إيطالي، ثم إلى سلسلة أفلام قديمة هذا العنوان هو اسم أحد أفلامها، وكذلك وجدت عدة ملفات مكتوبة بهذا العنوان لا أدري هل بينها رواية بهذا الاسم أم ماذا .. فاختصر عليّ بما علِمتَ هذا الطريق المشِّق تكرمًا!

د. هشام عزمي
11-15-2010, 04:16 AM
يذكرني الدكتور الحبيب بكتابات الرافعي رحمه الله في بداعة سبك الألفاظ والمعاني ..
فضلاً عما فيها من توهج وجزالة يعكسان شخصية كاتبها الجهورية عالية النبرة ..
أما تعليق الحكيم عياض فربما يقصد به الفيلم الأمريكي الشهير (الطيب والشرس والقبيح) ..
وكان بطولة كلينت ستوود ، وأحسب أن تيمته الشهيرة تناسب إيقاع هذه الرسائل ..
فإن كنت مخطئًا فليعذرني الأحبة ؛ فعلاقتي بالأدب لا تتجاوز المنفلوطي والرافعي وشاكر عليهم رحمة الله ..
والله أعلم .

عَرَبِيّة
11-15-2010, 08:04 AM
تمازج رائع بين الفِكر والعاطفة
وضوحٌ في الأفكار وعمقٌ في المعاني
ماشاء الله تبارك الرحمن زادك الله وبارك فيك


دام عطائك صيباً نافعاً أستاذنا الفاضل

أبو المظفر السناري
11-15-2010, 02:05 PM
يذكرني الدكتور الحبيب بكتابات الرافعي رحمه الله في بداعة سبك الألفاظ والمعاني ..
.

يا بَخْتَك يا عم حسام! الرافعي مرة واحدة!
لقد آن لمثلي أن يغض الطرف! ويكسر قيثارته! لأن هناك من يُذَكِّرُه أسلوبي بمحمود شاكر!
ولكن: أين أسلوب شاكر من الرافعي؟ بل أين التلميذ - وهو شاكر - من ذاك الأستاذ الألمعي؟
واحترامًا لوصْف الأستاذ هشام لأسلوبك : فلن أعكر صفو مشربك ببعض النظرات المظفرية، كيما لا تظنها من بابة الانتقادات العقَّادية على المقالات الرافعية! :): ( وقد كان بين العقاد والرافعي مساجلات ومعارك أدبية معروفة ).
حقا: كتابات جيدة تدل على ما تدل عليه من رقة الحاشية، وانسياب الطبع الأدبي المعرفي على قلم كاتبها.
أحسنتَ يا شيخ حسام. ( ومبارك عليك الرافعي ) :ANSmile:
أخوك المحب العاثر: أبو المظفر السناري.

حسام الدين حامد
11-15-2010, 05:52 PM
بارك الله فيكم وجزاكم خيرًا أختنا الفاضلة عربيّة.

الدكتور الحبيب هشام عزمي ..
لا أخفيك أنني صاحبتُ كتابات الرافعي زمانًا ما انقضى بعدُ، ومن كتبِه ما قرأتُ عشر مراتٍ على الأقل، حدّ أنّ أقول لك إن كذا لا يوجد في كتب الرافعي جزمًا لا ينخرم إن شاء الله .. ومازلتُ وسأظل أقف من هذا العملاق موقف المتفرج المتعجب، كيف يستخرج هذه المعاني التي لا يعرفها إلا من عايشها، وهل يكون إنسانٌ جرّبَ كلَّ هذا؟! وكيف يدخل بك بكلماتٍ يرصفها ببراعةٍ مسكِتة، فتخرج بنشوةٍ لا يصفها إلا مثل الرافعي! حامدًا ربّي على ذلك الموقف سائلًا إياه التوفيق للقرب منه .. وحسبي من تذكيري إياك بالرافعي أن أفرح بفراستك أو بقربي، وكلاهما حسن!

شيخنا الحبيب أبا المظفر ..
أعيذك بالله أن تكون مني كموقف العقاد من الرافعي! فهذا لفضلك غبن، ولقلمك ظلم، والصراحة أنّ رؤية الرافعي بين سطوري، قد ذكرها لي الدكتور الطعان حفظه الله، والأستاذ مجرد إنسان حفظه الله، وثالثهم في المنتدى الدكتور هشام، ومن لطيف صنيع الأخ مجرد إنسان وصنع أخينا كله لطيف، أنّه كان أحيانًا يقترح موضوعًا لأكتب فيه، ثم يتبعها بقوله "لا نريده بأسلوب الرافعي، بل نريده أسلوب علي الطنطاوي" وكأنّ الأمر بيدي :): .. وأنا أحمل هذا على الفراسة وشفافية هذه الأنفس لا الحقيقة في نفس الأمر .. وبعيدًا عن ذا، هل نطمع منك شيخنا المفضال بما هو أنفع لنا من النظرات المظفرية وهو المعارضات المظفرية، تأتي فيها بما عهده الناس في دنيا المعارضات، فتثري عقولنا وتقر أعيننا بعلمك وأدبك وقلمك، بارك الله لك في عملك ووقتك!

بارك الله فيكم أيها الأحباب ..

أبو المظفر السناري
11-16-2010, 02:00 AM
لا أخفيك أنني صاحبتُ كتابات الرافعي زمانًا ما انقضى بعدُ، ومن كتبِه ما قرأتُ عشر مراتٍ على الأقل، حدّ أنّ أقول لك إن كذا لا يوجد في كتب الرافعي جزمًا لا ينخرم إن شاء الله ..
..
ما شاء الله!
لكن: أرجو أن يكون ذلك منك دون استعانة بالسحر وتحضير الأرواح لمعرفة خفايا الأمور! :): كما كان يفعل الرافعي إذا أراد معرفة ما يجهل؟
وأخشى أن تقوم بتحضير روح الرافعي نفسه لاستكشاف ذلك إذا خانك الحفظ مرة من المرات؟ :):
[بالمناسبة] كان الرافعي على براعته في الأدب، وانتصاره للعربية والإسلام = صاحب عقيدة فاسدة! يؤمن بالسحر وتحضير الأرواح وتعليق التمائم ونحو ذلك من الشركيات! وله في ذلك السبيل حكايات ثابتة هي عندي لمن طلبها؟
ونوابغ الأدباء في هذا الزمان: أكثرهم لم يكن بالمرضي في دينه! فلا يغرنك منهم بديع بيانهم في الشعر والنثر! فترفعهم فوق منزلتهم التي عرفهم بها العارفون النَّقدَة.
وأحب أن أطمئنك يا شيخ حسام: أن دينك وعقيدتك وفضل جهادك = فوق دين الرافعي وعقيدته وجهاده عندي!
ولسنا نأخذ من الرافعي والعقاد وطه حسين والمازني وأحمد أمين والزيات والمنفلوطي وهيكل وأمثالهم: سوى ما فيه النفع العام من علوم الأدب والعربية فيما لا يكون مثار جدل فيه!
أما العلم والدين والجهاد والتضحية والدعوة والنضال: فلها رجالاتها الذين حفظ الله بهم الإسلام وأهله على ترادف الأزمان!
انظر: ماذا لو لم يخلق الله الرافعي وجميع من ذكرناهم معه آنفًا! ماذا كان سيفقد الناس من الخير والنفع العام؟
ثم انظر: إذا كان الله لم يخلق رجلا مثل شيخ الإسلام أبي العباس ابن تيمية الحراني، ماذا كان ستفقده طبقات تلك الأمة من زمانه حتى هذا الزمان الذي نعيش فيه!
ثم ضع هؤلاء كلهم في كفة النفع العام، وشيخ الإسلام في الكفة الأخرى؟ ثم انظر أي الكفتين ستطيش بأصحابها؟ وهل يثقل - عند المنصف - مع كفة شيخ الإسلام جميعُ هؤلاء الرهط فضلا عن أحدهم؟
وهكذا الأمر يا شيخ حسام: أنت على ثغر فوق ذلك الثغر الذي كان عليه الرافعي قبلك! وكما أنك لا تلحقه - في وجهة نظرك - في الأدب والعربية - فكذلك هو لا يلحقك - إن شاء الله - في دين ولا في دعوة ولا في جهاد ولا عقيدة سليمة!
فلا تحملنك هيبة هذا الرجل العظيم - في وجهة نظرك - على أن تغمط نفسك بما ربما يفهم الدهماء أنك دون الرجل في كل شيء!
بارك الله في حسامنا وأكثر من أمثاله.

هل نطمع منك شيخنا المفضال بما هو أنفع لنا من النظرات المظفرية وهو المعارضات المظفرية، تأتي فيها بما عهده الناس في دنيا المعارضات، فتثري عقولنا وتقر أعيننا بعلمك وأدبك وقلمك، بارك الله لك في عملك ووقتك!
أنا أرى: أن الأولى أن أصرف أمثال هذا الجهد في الرد على الحَقَدَة من أعداء الإسلام وحَفَدَتهم. كما ترى ذلك في غير موضوع لي ، كــ: ( أسطورة الغرام ) وغيره.
ولكلٍ وجهة هو مُوَلِّيها.
ونحن بانتظار المزيد من إبداعك أيها الرافعي الصغير! ( ما رأيك في هذا اللقب الجديد )؟

حسام الدين حامد
11-16-2010, 02:19 AM
فلا تحملنك هيبة هذا الرجل العظيم - في وجهة نظرك - على أن تغمط نفسك بما ربما يفهم الدهماء أنك دون الرجل في كل شيء!

ما أحسنك حريصًا على أخيك أيها المفضال!

والإنصاف مع الرافعي يكون كما تقول حفظك الله، وقد كان للرافعي طوام وقواصمُ في عقيدته، لكن حسبه أنّه لم يكن ذيلًا للغرب ولا داعية استغرابٍ في زمانٍ كثرت فيه الذيول والأذناب، وكان غفر الله لنا وله مدافعًا عن عقيدته وأمته وهوية بلاده ما استطاع .. "ونوابغ الأدباء في هذا الزمان: أكثرهم لم يكن بالمرضي في دينه!".

عياض
11-16-2010, 02:30 AM
* أيا راكب السفينة! أستحلفك بربّك أن تدعو لي عند مواقعِ سجودي، تذكُر آثارَ دمعي، وزفراتِ نفسي، وطيفَ رجلٍ يحمل همّ أمة، فصار همًّا تشقى بمثله أمة! أيها الناجي!! أقسمتُ عليك أن تخبرني، هل تشعر بهذا الهمّ المثقِل على النفس، الناشب في ضلوع الصدر، المطبِق على خلجات القلب؟! أفًّا! أقسمتُ عليك .. هل تأنس بالوحدة، وتنام الليل؟! هل تعرف الوحشة التي تلم بك بعد الذنب، تضيق نفسك بها، وتقوم تصلي؟! فإنّ هاهنا في هذا الصدر وحشاتٍ طباقًا! هل تعلم أنّي أبغضتُ الحقيقة زمنًا؟! كنتُ ألعنُ فيها الخفاء والعسر، وأكره ذلَّ السؤال وزراية القوم، ثم علمتُ أن الخفاء شبهة، والعسر عجمة، والمذلَّة كبر، والزراية نصح، وبقيتُ أُبغض الحقيقة، وأبغضت في هذا البغض نفسي؟! تُرى هل فات الأوان؟!
طيب اخواننا الأدباء..هل من أحد يأتيني من كلام الرافعي بشيء مثل هذا؟؟..سأكون له شاكرا ان فتح لي بعدا آخر على الرافعي لم أكن أعرفه و ان كانت معرفتي به في الحقيقة قليلة..و نعم ..الخير الشرير الدميم هي كما ذكر الدكتور هشام...و ليس القصد النوتة و ان كان مثيرا ان تلاحظ سيدي توافق رائعة انيو موريكوني مع الجو العام لمنثور الدكتور حسام و ما عدت رائعة الا لذلك ..و لكن القصد فلسفة العمل بأكمله ان وعيته..ستشعر ربما بما شعرت به أثناء قراءة المنثور...نريد المزيد :):

أمَة الرحمن
11-16-2010, 01:19 PM
هل من أحد يأتيني من كلام الرافعي بشيء مثل هذا؟؟..سأكون له شاكرا ان فتح لي بعدا آخر على الرافعي لم أكن أعرفه و ان كانت معرفتي به في الحقيقة قليلة..

للرافعي كلام باهر ماتع عن النبوة و أدلتها، المشكلة أنني نسيت اسم الكتاب! :)):

بإذن الله سأفتش اليوم مكتبتي الإلكترونية و آتيك بما يسرك أخي الكريم.

عياض
11-17-2010, 07:30 AM
سننظر أصدقت ام تشابه عليك الكمر..:sm_smile:
مبارك عيدكم

أمَة الرحمن
11-17-2010, 11:58 AM
حديث الرافعي كان عن البلاغة النبوية و ليس عن أدلتها تحديداً كما توهمت :)):

لكن يمكن اعتباره جزءاً من أدلة النبوة التي لا تكاد تحصى، و هو موجود في كتاب (إعجاز القرآن و البلاغة النبوية).


لم يكن الأسلوب أدبياً خالصاً، لكن فيه مسحة أدبية جمالية بديعة.

بإذن الله سأعرض مقتطفات منه في موضوع مستقل.

عياض
11-18-2010, 10:29 PM
لم أقصــــــــــــــــــــــــــــد ناحية البلاغة يا أمة الله :): فانا محب لكتابات الدكتور حسام لكني لا أستطيع أن أزري بالرافعي على قلة معرفتي به..ارفعي رأسك قليلا و انظري في أي قسم يتواجد الموضوع و ستفهمين قصدي..

أمَة الرحمن
11-18-2010, 10:39 PM
حسنٌ إذن :)):

جاري تحضير الموضوع بإذن الله.

مجرّد إنسان
11-21-2010, 06:14 PM
أقسمتُ عليك أن تخبرني، هل تشعر بهذا الهمّ المثقِل على النفس، الناشب في ضلوع الصدر، المطبِق على خلجات القلب؟! أفًّا! أقسمتُ عليك .. هل تعرف الوحشة التي تلم بك بعد الذنب، تضيق نفسك بها، وتقوم تصلي؟! فإنّ هاهنا في هذا الصدر وحشاتٍ طباقًا!


كأنّي أنظر إلى مرآة....




أيا غفّار فاغفر وارحم....وتجاوز عن الذنب....بك نستعين....وإليك نلجأ....وأعترف بذنوبي....وأقرّ بتقصيري...اللهم لا تردّنا خائبين

عياض
03-23-2011, 01:52 AM
مش ترجع بقى ...انت زودت فيها...

أبو يحيى الموحد
04-25-2012, 01:08 PM
يا إلهي !
من هؤلاء ؟
كيف الوصول إلى عُشر معشار ما عندهم ؟
حفظهم الله جميعا

مالك بن نبي
04-25-2012, 09:15 PM
ما شاء الله!
لكن: أرجو أن يكون ذلك منك دون استعانة بالسحر وتحضير الأرواح لمعرفة خفايا الأمور! :): كما كان يفعل الرافعي إذا أراد معرفة ما يجهل؟
وأخشى أن تقوم بتحضير روح الرافعي نفسه لاستكشاف ذلك إذا خانك الحفظ مرة من المرات؟ :):
[بالمناسبة] كان الرافعي على براعته في الأدب، وانتصاره للعربية والإسلام = صاحب عقيدة فاسدة! يؤمن بالسحر وتحضير الأرواح وتعليق التمائم ونحو ذلك من الشركيات! وله في ذلك السبيل حكايات ثابتة هي عندي لمن طلبها؟
)؟ [/color]

معذرة للأخ الخلوق المفضال الدكتور حسام الدين حامد

لما هذا التجني يا اخي دون اثارة من علم او دليل


تحْت رايَة القرْآن
المعركة بين القديم والجديد
مصطفى صادق الرافعي

أنشأ الرافعي هذا الكتاب بمناسبة ظهور كتاب في الشعر الجاهلي للدكتور طه حسين فكتاب الرافعي يدور حول فكرتين أساسيتين هما حول النزاع بين المذهبين الأدبيين القديم الرافعي والحديث طه حسين والأخرى خاصة بنقض آراء الدكتور طه حسين الذي أثبتها في كتابه عن الشعر الجاهلي والكتاب يشمل على مقالات كثيرة نشرها الرافعي في جريدة كوكب الشرق ويمكن أن نقسم الكتاب إلى مجموعتين نقديتين أحدهما تعتمد على الحجة والمنطق والتي تقع في أول مئة صفحة ثم يتحول فيصبح نقد ذاتي ساخر وهو بقية الكتاب

اليك المقدمة الرائعة للرافعي
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وصلى الله على رسله وأَنبياء
اللهم هيئ لنا الخير ، واعزم لنا على الرشد ، وآتنا من لدُنكَ رحمة.
واكتب لنا السلامة في الرأي ، وجنبنا فتنةَ الشيطان أن يقوى بها فنضعف ، أو نضعفَ لها فيقوى ، ولا تدعنا من كوكب هداية منك في كل ظلمة شك منا.
واعصمنا أن تكون آراؤنا في الحق البين مكان الليل من نهاره ، أو تنزل ظنوننا من اليقين النيِّر منزلة الدخان من ناره ، نسألك بوجهك ، ونتوسل إليك بحمدك وندعوك بأفئدة عرفتك حين كذب غيرها فأقرَّت ، وآمنت بك فزُلزل غيرها واستقرت.
وأما بعدُ ، فإني قد نظرت فإذا كل ما كنتُ أريد أن أقوله في هذه الكلمة قد كتبتُه في هذه المقالات ، فهي لا تدع مسألة ولا تترك شبهة ولا تزال تأخذ بيد القارئ فتضعها على غلطات أصحابنا المجددين ، بل المبددين ، واحدة بعد واحدة ، وشيئاً بعد شيء ، فهو منها في برهان لائح من حيث بداً إلى حيث ينتهي ، كالنجم لا يزال بعين منه أين مشى وكيف تلفت.
وما رأيت فئة يأكل الدليل الواحد أدلتها جميعاً كهؤلاء المجددين في العربية ، فهم عند أنفسهم كالجمرة المتوقدة ، لا يُشبعها حطبُ الدنيا ولكن غرفة من الماء تأكل الجمرة ، وهم مخذولون بقوة الله ، إذ ليس فيهم رجل فصيح بليغ يكون لهم كالتعبير من الطبيعة عن هذا المذهب ، حتى يثبت مذهبهم فلا يُدفع ويقوم فلا يُنقص ، ولن يأتي لهم هذا الرجل ، فلو أَنه اتفق لهم لكان أشد أعدائهم ، ولأغلظ فيهم النكاية ، فما زال ينقصهم أبداً ولن يتموا به أبداً ، وذلك من عجيب تقدير اللّه في العربية ، لمكان القرآن منها ، حتى لا يدخل في طمع أحد ولا تناله يد متناول ، فهو محفوظ بالقدَر كما ترى ، (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21).
وإن طائفة من الذباب لو أصابت حامياً مدافعاً من النسور فجاءت تطنُّ بأجنحتها لتلوذ به وتنضويَ إليه ، ثم قصفَ النسر قصفة بجناحيه لأهلكها أو بعثرها وشردها ، وهو كان في وهمها مَلاذاً وكان عندها حمَى فذلك مثل القوم وما يحتاجون إليه من الرجل البليغ إذا التمسوه فاصابوه!
* * *
أما إنه ليس يقوم العقل ما يسمى عقلاً ، ولكن على ما يسمى غرضاً وحاجة ورغبة واضطراراً ، فأهواء امرئ من الناس جاعلة له عقلاً غير عقل من لم تدعه نفسه إلى مثل هذه الأهواء ، وإن كان أمرهما واحداً بعد.
ومن هنا اختلافنا معْ هؤلاء المجددين ، فإن لهم أغراضاً لا مناص أن تجعل لهم عقولاً بحَسبها وعلى مقاديرها في المصلحة والمفسَدة ، وهم صُور من ضمائرهم ،فليس - في الملحد يكون ضمير مؤمن ، ولا في الفاجر ضمير تقي ، ولا في المستهتر ضمير ورع ، ومن ثم وجب أن تتحذرهم الأمة وأن تقرهم في ذلك الحيز من تخيلاتهم وأوهامهم ، فهم من الأمة إذا غلبت هي عليهم وليسوا منها إذا غلبوا عليها ، وما مَثلُهم إلا كالرمل والحصى ، تكون في مجرى الماء العذب فتكون شيئاً من طبيعته وتحدث فيه لوناً من الحسن والرونق ، وإذا هي خيال من شعر النهر ، حتى إذا خرجت مع الماء وانساغت في حلق من يجرعه كانت بلاء وأذى وانقلبت للماء سُبة ورُمي بها ورميت به!
وهم يريدون بآرائهم الأمة ومصالحها ومراشدها ، ويقولون في ذلك بما يسعه طغيانهم على القول واتساعهم في الكلام واقتدارهم على الثرثرة ، حتى إذا فتشتَ وحققت لم تجد في أقوالهم إلا ذواتهم وأغراضهم وأهواءهم يريدون أن يبتلوا بها الناس في دينهم وأخلاقهم ولغتهم ، كالمسلول يصافحك ليُبلغك تحيته وسلامه فلا يبلغك إلا مرضه وأسباب موته!
ولقد كان من أشدهم عُراماً وشراسة وحمقاً هذا الدكتور "طه حسين"
أستاذ الآداب العربية في الجامعة المصرية ، فكانت دروسه الأولى "في الشعر الجاهلي" كفراً بالله وسخرية بالناس ، فكذب الأديان وسفه التواريخْ "وكثر غلطه وجهله ، فلم تكن في الطبيعة توة تعينه على حمل كل ذلك والقيام به إلا المكابرة واللجاجة ، فمرَّ يهذي في دروسه ، ولا هو يثبت الحقيقة الخيالية ولا يترك الحقيقة الثابتة ، وأراد أن يسلب أهل العلم ما يعلمونه كما يسلبك اللص ما تملك بالجرأة لا بالحق وبالحيلة لا بالإقناع ، وعن غفلة لا عن بينة. وما يضحكني إلا أن أرى هذا الأستاذ واثنين أو ثلاثة من أشباهه يريدون أن يكونوا ثورة في الأدب العربي ، ونسوا أنهم إنما يريدون ذلك لأنهم خُلقوا لذلك ، فكان "طه" في الجامعة كالممثل ، إنما وسيلته أن يتصنع ويجترئ ويزور.
فلما نزعنا عنه ثوب الرواية ، نزعنا في الثوب الحادثة والرواية والممثل جميعاً ، ورجع طه حسين وهو طه حسين. وأين هو أو مثله من وسائل القدرة ، وما وسائلها إلا القلم الذي لا يجارى ، والفكر الذي لا يُنقض ، والخيال الذي لا يُلحق ، والقوة المستحصدة ، والطبع المستجيب ، والكلام الذي تراه حياً. سامياً فتحسبه ينبع من موضع يد الله في النفس الإنسانية.
على أن أستاذ الجامعة إنما يقلد الهدامين من جبابرة العقول في أوروبا.
وإنه منهم ولكن كما تكون هذه الكرة الجغرافية ، المدرسية التي تصور عليها القاراتُ الخمس - من كرة الأرض التي تحمل القارات الخمس . . . ولأيسرُ
عليه أن يملك أوروبا أو أمريكا من أن يملك عقلاً كتلك العقول التي يحاول مثل عملها في غير هندستها ولا حكمتها ولا سموها ولا معانيها ؛ وظنك أنت قد غرستَ في جناح غراب ريشة من الطاووس لتكون زرعاً يُنبت الريش من مثله فينقلب الغراب من ذلك يوماً يزدهي ويتخايل وَيبرُق ويرف بألوانه وتحاسينه ، فإنه لينقلب طاووساً قبل أن تعد طه حسين عبقريا فيلسوفاً.. ! فالرجل متخلِّف الذهن تستعجم عليه الأساليب الدقيقة ومعانيها وأكبر ما معه أنه يتحذلَقُ ويتداهى ويتشبه بالمفكرين ولكن في ثوب الرواية . . . !
هو وأمثاله المجددون يسمَّون كتَّاباً وعلماء وأدباء ، إذ كان لا بد لهم من نعت وسِمة فى طبقات الأمة ، غير أنهم على التحقيق غلطات إنسانية تخرجها الأقدار في شكْل علمي أو أدبي لتعارض بها صواباً كاد يهمله الناس ، فيخشى الناس أن يتحئفَ الخطأ صوابهم أو يذهب به ، فيستمسكون بحبله ويشدون عليه ، ويعود ذلك الصواب بعد ظهور الخطأ الذي يقابله ووقوفِه بإزائه موقف العدو من العدو ، كأنما ظهر دليلُه لا نقيضه ، فيعرف الناس وجه الحاجة إليه ، ومكان الغناء فيه ، وضرورة المنفعة به ، وكان وشيكاً أن يضيع ، فكأنهم استنقذوه ، وكل ذلك مما يُكبره ويرفعه ويُبين عنه أحسن إبانة وأوضحها ، وكل ذلك مما يُغري به الحرص على سنة طبيعية قاهرة لا تُدافع ؛ وما زالت هذه من عجائب حكمة الله فيما يحوط به هذا الدين الإسلامي وكتابه العربي الخالد ، فكلما وهَن عصر من عصوره رماه الله بزنديق فإذا الناس أشد ما كانوا طيرة وأبلغ ما كانوا دفعاً ومحاماة ، وإذا الدين أقوى ما كان فيهم وأثبت ، وإذا الزنديق كأنما سِيقَ إليهم من جهنم ليقول لهم : هلم إليها! فيقول ميسم النار عليه : إياكم وإياها!
فالمجددون الملحدون هم جزء من الخطأ يخرج من عمله جزء من الصواب ، وما أشبههم بالمواد السامة يُدافُ قليلها في الدواء لتكون قوته من
قوتها ، فإذا مازجته عادت فيه غير ما كانت وهي في نفسها لا تزال كما هي.
وما نريد أن نزيد "طه " على ما قلنا فيه مما ستقرأه في هذا الكتاب ، ولكنا نرجو أن يهديه الله فيكون من أمته ويعود إليها ، فإنه إن لم يكن بها لا يكن بغيرها ، وإنها إن لم تكن به تكن بغيره.
وقد كان أمره وأمر أصحابه كما يكون من الوباء يمر بالدنيا مرة فيصيب منها ولكنه يترك في أيدي أطبائها المصل الواقي منه أبدَ الدهر ؛ ولقد تركوا لنا هذا الكتاب ؛ فالله نسأل أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم ، نافعاً بهذه النية ، مثوباً بهذا النفع ؛ وله الحمد في الأولى والآخرة.

مصطفى صادق الرافعي



بالله عليك هل بعد هذا نقدح في عقيدة الرجل ؟!
ولي الدليل في ابطال غمزك للرجل
ولكن بعد ان تقدم انت دليل غمزك