مالك مناع
11-18-2010, 12:03 AM
نداء إلى العلماء وطُلاب العلم
فضيلة الشيخ الدكتور حسين العوايشة -حفظه الله-
أوصيكم ونفسي بتقوى الله -تعالى- ؛ فهيّا -قبل المضيِّ في الأعمال- للإجابة على بعض الأسئلة النّافعة -إن شاء الله تعالى-:
هل أنت ممّن يشتغل بعلم الحديث ومصطلحه؟
[مع التنبيه لفضل أهل الحديث وشرف منزلتهم، فالذي قدّمه أهل الحديث للأمّة؛ هو مادة الخير والصلاح والاستقامة وطريق النجاة والسّعادة بإذن الله -تعالى-].
حذار أن تُشغل بالوسيلة عن الغاية ؛ فتقضي عمرك بجمع الشّواهد والطّرق والروايات ، والأسانيد ، ثمّ تنسى الذي من أجله تجمعه ؟ وأُريد أن أسوق لك هذه القصة القصيرة الظريفة لعلّك تعتبر بها:
عن حمزة الكنانيّ ؛ قال : «خرّجت حديثاً واحداً عن النبي صلى الله عليه وسلم من نحو مائتي طريق ، فداخلني لذلك الفرح غير قليل ، وأُعجبت بذلك ، فرأيت يحيى بن معين في المنام ، فقلت : يا أبا زكريا ! خرّجت حديثاً من مائتي طريق . فسكت عني ساعة ثمّ قال أخشى أن تدخل هذه تحت : ﴿ألهكم التكاثر(1) ﴾» [(( سِيرَ أعلام النبلاء)) (16 / 108 )].
ولا تنس العمل بمُقتضى هذه النصوص ، فإنّك ما خُلِقت ليقال جمعتَ وحقّقتَ وفعلتَ وصنّفتَ . لعلّك تشتغل بتخريج حديث ما ، وتبحث في إسناده ومتنه ، وتدرس أحوال رجاله ، تنتقل من كتاب إلى آخر ، لتصل إلى الحقّ والحقيقة فيه .
على رِسْلك -يرحمك الله تعالى- ... ما الذي يُبلّغُكه هذا الحديث لو ثبت ؟ ما مفاده وتوجيهه ؟ ألنافلة من النوافل ؛ قد ثبت بنصوص أخرى كثيرة صحيحة -وأنت أيضاً مع مَنْ صحّحها- ؟!
فامضِ قبل تخريجك هذا إلى أحاديث مخرّجة صحيحة ترشدك إلى واجباتٍ لم تَقم بها ولم تعمل بمقتضاها ، ولتكن حريصاً أن تقضي وقتك في إمضاء ما أوجب الدين عليك قبل كل شيء .
سَلْ نفسك قبل أن تحقّق وتخرّج كتاباً مِن الكتب : هل سبقني لهذا الفِعل مِنْ أحد ؟ وهل هذا السابق مثلي أو خير منّي في هذا الأمر ؟ فإن كان الجواب : نعم ؛ فلا تُقْدِم على هذا الفعل ، لأنك مسؤول عن إضاعة الوقت ، واتّباع الهوى .
أم أنّك ممّن يُعلّم أحكام الترتيل :
فلا تقضينّ الوقت في تعليم الأحكام ، وتنسى الذي من أجله تنزّل القرآن ؟
وحذار ثمّ حذارِ أن تغفل عن العمل ، بمقتضى الآيات التي تتلوها .
ها أنت تعلّم تلاميذك ترتيل سورة الفلق ، فلا يكوننّ مبلغ همّك فقط ؛ بيان حكم الإخفاء والإظهار والقلقة ؛ في قوله -تعالى-: ﴿وَمِن شَرِّ حاسدٍ إذا حَسَدَ (5) ﴾، بل وتفكّر في مدلولها ، وأنّ الحاسد من أصحاب الشر ، الذين يغضبون الله -تعالى- ويُرضون الشطان ، فتعوّذ بالله منه ، ثمّ ابكِ على ما في قلبك من الحسد لإخوانك ، واسعَ بكل ما أوتيت من القوة لتنقية نفسك من هذا الداء .
ثمّ إنّه لمن العيب أن يكون العداء بينك وبين أقرانك ممن تخصّصوا بتعليم هذا العلم الطيب.
أوليست الآيات التي تتلونها وتدرّسونها كافية للجمع بين أفاضل الناس -فضلاً عمّن سواهم- ؟! فلماذا العداء؟ أم أنه التسابق إلى الإلتفاف حول زيد وعمرو ؟
لا يا أهل القرآن .. لا يا أفاضل النّاس.. ، مَن يتآلف إذا لم تتآلفوا ؟ ومن يُخلص لله إذا لم تُخلصوا ؟ آلجهلة والعامّة ؟ أم الفسّاق والعصاة ؟ حريٌّ أن تجمعوا القلوب -بإذن الله- لا أن تختلف قلوبكم أنتم ، ففي القرآن ما يؤلِّف بين القلوب ، وينقّي النفوس ، ويهدي لكل برّ .
وأخيراً أريد أن أذكركم بقوله صلى الله عليه وسلم : «خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه» . [أخرجه البخاري : 5027] . فكونوا من الخيار علماً وعملاً وسلوكاً ، وفّقني الله -تعالى- وإياكم إلى كل خير .
لا تلهينّكم الشهادات -يا طلاب العلم- عن الدراسة الصحيحة والعلم النافع والعمل الطيب ، ولا يكونَنَّ مبلغ همّكم تحصيل الدرجات عند مدرسيكم ، واجتياز العام الدراسي بنجاح ، ضعوا خشية الله في قلوبكم ، ولا تنسوا دائماً مقصد المسلم الواعي ، وهدف العبد المنيب ، وغاية المؤمن الصادق.
فضيلة الشيخ الدكتور حسين العوايشة -حفظه الله-
أوصيكم ونفسي بتقوى الله -تعالى- ؛ فهيّا -قبل المضيِّ في الأعمال- للإجابة على بعض الأسئلة النّافعة -إن شاء الله تعالى-:
هل أنت ممّن يشتغل بعلم الحديث ومصطلحه؟
[مع التنبيه لفضل أهل الحديث وشرف منزلتهم، فالذي قدّمه أهل الحديث للأمّة؛ هو مادة الخير والصلاح والاستقامة وطريق النجاة والسّعادة بإذن الله -تعالى-].
حذار أن تُشغل بالوسيلة عن الغاية ؛ فتقضي عمرك بجمع الشّواهد والطّرق والروايات ، والأسانيد ، ثمّ تنسى الذي من أجله تجمعه ؟ وأُريد أن أسوق لك هذه القصة القصيرة الظريفة لعلّك تعتبر بها:
عن حمزة الكنانيّ ؛ قال : «خرّجت حديثاً واحداً عن النبي صلى الله عليه وسلم من نحو مائتي طريق ، فداخلني لذلك الفرح غير قليل ، وأُعجبت بذلك ، فرأيت يحيى بن معين في المنام ، فقلت : يا أبا زكريا ! خرّجت حديثاً من مائتي طريق . فسكت عني ساعة ثمّ قال أخشى أن تدخل هذه تحت : ﴿ألهكم التكاثر(1) ﴾» [(( سِيرَ أعلام النبلاء)) (16 / 108 )].
ولا تنس العمل بمُقتضى هذه النصوص ، فإنّك ما خُلِقت ليقال جمعتَ وحقّقتَ وفعلتَ وصنّفتَ . لعلّك تشتغل بتخريج حديث ما ، وتبحث في إسناده ومتنه ، وتدرس أحوال رجاله ، تنتقل من كتاب إلى آخر ، لتصل إلى الحقّ والحقيقة فيه .
على رِسْلك -يرحمك الله تعالى- ... ما الذي يُبلّغُكه هذا الحديث لو ثبت ؟ ما مفاده وتوجيهه ؟ ألنافلة من النوافل ؛ قد ثبت بنصوص أخرى كثيرة صحيحة -وأنت أيضاً مع مَنْ صحّحها- ؟!
فامضِ قبل تخريجك هذا إلى أحاديث مخرّجة صحيحة ترشدك إلى واجباتٍ لم تَقم بها ولم تعمل بمقتضاها ، ولتكن حريصاً أن تقضي وقتك في إمضاء ما أوجب الدين عليك قبل كل شيء .
سَلْ نفسك قبل أن تحقّق وتخرّج كتاباً مِن الكتب : هل سبقني لهذا الفِعل مِنْ أحد ؟ وهل هذا السابق مثلي أو خير منّي في هذا الأمر ؟ فإن كان الجواب : نعم ؛ فلا تُقْدِم على هذا الفعل ، لأنك مسؤول عن إضاعة الوقت ، واتّباع الهوى .
أم أنّك ممّن يُعلّم أحكام الترتيل :
فلا تقضينّ الوقت في تعليم الأحكام ، وتنسى الذي من أجله تنزّل القرآن ؟
وحذار ثمّ حذارِ أن تغفل عن العمل ، بمقتضى الآيات التي تتلوها .
ها أنت تعلّم تلاميذك ترتيل سورة الفلق ، فلا يكوننّ مبلغ همّك فقط ؛ بيان حكم الإخفاء والإظهار والقلقة ؛ في قوله -تعالى-: ﴿وَمِن شَرِّ حاسدٍ إذا حَسَدَ (5) ﴾، بل وتفكّر في مدلولها ، وأنّ الحاسد من أصحاب الشر ، الذين يغضبون الله -تعالى- ويُرضون الشطان ، فتعوّذ بالله منه ، ثمّ ابكِ على ما في قلبك من الحسد لإخوانك ، واسعَ بكل ما أوتيت من القوة لتنقية نفسك من هذا الداء .
ثمّ إنّه لمن العيب أن يكون العداء بينك وبين أقرانك ممن تخصّصوا بتعليم هذا العلم الطيب.
أوليست الآيات التي تتلونها وتدرّسونها كافية للجمع بين أفاضل الناس -فضلاً عمّن سواهم- ؟! فلماذا العداء؟ أم أنه التسابق إلى الإلتفاف حول زيد وعمرو ؟
لا يا أهل القرآن .. لا يا أفاضل النّاس.. ، مَن يتآلف إذا لم تتآلفوا ؟ ومن يُخلص لله إذا لم تُخلصوا ؟ آلجهلة والعامّة ؟ أم الفسّاق والعصاة ؟ حريٌّ أن تجمعوا القلوب -بإذن الله- لا أن تختلف قلوبكم أنتم ، ففي القرآن ما يؤلِّف بين القلوب ، وينقّي النفوس ، ويهدي لكل برّ .
وأخيراً أريد أن أذكركم بقوله صلى الله عليه وسلم : «خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه» . [أخرجه البخاري : 5027] . فكونوا من الخيار علماً وعملاً وسلوكاً ، وفّقني الله -تعالى- وإياكم إلى كل خير .
لا تلهينّكم الشهادات -يا طلاب العلم- عن الدراسة الصحيحة والعلم النافع والعمل الطيب ، ولا يكونَنَّ مبلغ همّكم تحصيل الدرجات عند مدرسيكم ، واجتياز العام الدراسي بنجاح ، ضعوا خشية الله في قلوبكم ، ولا تنسوا دائماً مقصد المسلم الواعي ، وهدف العبد المنيب ، وغاية المؤمن الصادق.