المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تنبيه الإيجازة في بيان وجوب الوضوء لصلاة الجنازة



د.ربيع أحمد
12-03-2010, 09:46 PM
الإيجازة في بيان وجوب الوضوء لصلاة الجنازة


الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على خاتم المرسلين وعلى أصحابه الغر الميامين ، و على من أتبعه بإحسان إلى يوم الدين وبعد :
فقد رأيت أحد الأخوة يجوز صلاة الجنازة بغير وضوء زاعما أن لا دليل على وجوب الوضوء لصلاة الجنازة و أنها كالدعاء و الاستغفار يجوز فعلها بغير طهارة ، و هذا الكلام يخالف القرآن و السنة و الإجماع فكتبت هذه السطور حتى لا يغتر أحد بقوله و الله من وراء القصد

د.ربيع أحمد
12-03-2010, 09:51 PM
فصل : فضل صلاة الجنازة و اتباعها :




قبل أن نتكلم عن حكم الوضوء لصلاة الجنازة لابد أن نتكلم عن فضل صلاة الجنازة لحث الناس على الحرص عليها لنيل أجرها العظيم إذ بعض الناس يتقاعس عنها بحجة أنها فرض كفاية أي أن كل فرد ليس مطالَبا بفعلها على وجه الإلزام ، و قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإتباع الجنازة و صلاتها ، فعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : « أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيادة المريض و إتباع الجنازة وتشميت العاطس و إبراء المقسم و نصر المظلوم و إجابة الداعي و إفشاء السلام »[1] .
و دل الحديث أن صلاة الجنازة من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ،و قد قال تعالى : ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً﴾ أي قد كان لكم في أقوال رسول الله و أفعاله و أحواله قدوة حسنة تتأسون بها , و التأسي يكون في الفعل بفعله ، و فى الترك بتركه و من يدعي حب النبي صلى الله عليه وسلم فعليه اتباع ما أمر و اجتناب ما نهى عنه و زجر قال تعالى : ﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ اللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾[2] .
وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان . قيل و ما القيراطان ؟ قال مثل الجبلين العظيمين »[3] و دل الحديث أن في إتباع الجنازة خير عظيم و الله قد أمرنا بالمبادرة لفعل الخيرات فقال سبحانه : ﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَات ﴾[4] .




[1] - رواه البخاري و مسلم في صحيحيهما
[2] - سورة الأحزاب الآية 21
[3] - رواه البخاري و مسلم في صحيحيهما
[4] - سورة البقرة من الآية 148

د.ربيع أحمد
12-03-2010, 09:53 PM
فصل : الوضوء شرط لصحة أي صلاة





الوضوء شرط لصحة أي صلاة و دليل ذلك الكتاب والسنة و الإجماع أما الكتاب فقوله تعالى : ﴿ َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ ﴾[1] أي ِإذَا أَرَدْتُمُ الْقِيَامَ إِلَى الصَّلاَةِ وَأَنْتُمْ مُحْدِثُونَ فيجب عليكم الوضوء و الصلاة جاءت معرفة بأل الاستغراق أي بمعنى كل فكلمة الصلاة المقصود بها كل صلاة فريضة أو نفلا و مادامت الصلاة كلمة عامة فيجب العمل بها على عمومها ، ما لم يأت دليل على خروج أحد أفرادها من الحكم .



أما السنة فقول النبي صلى الله عليه وسلم : « لاَ تَقْبَل صَلاَة بِغَيْرٍ طَهُورٍ »[2] و صلاة نكرة في سياق النفي و النكرة في سياق النفي تفيد العموم أي لا تقبل أي صلاة فريضة كانت أو نفلا بغير وضوء و قال النبيصلى الله عليه وسلم : «لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ»[3].



أما الإجماع فقد أجمعت الأمة على مشروعية الوضوء ووجوبه ،و لم ينقل عن أحد من العلماء خلاف ذلك ، ولو كان هناك خلاف لنقل إلينا ، إذ العادات تقتضيذلك قال النووي :أَجْمَعَتْ الأُمَّة عَلَى تَحْرِيم الصَّلاة بِغَيْرِ طَهَارَة مِنْ مَاء أَوْتُرَاب، وَلا فَرْق بَيْن الصَّلاة الْمَفْرُوضَة وَالنَّافِلَة[4] ،وقال سيد سابق : انعقد إجماع المسلمين على مشروعية الوضوء من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، فصار معلوما من الدين بالضرورة [5]









[1] - سورة المائدة من الآية 6
[2] - رواه مسلم في صحيحه
[3] - رواه البخاري و مسلم في صحيحيهما
[4]- شرح صحيح مسلم للنووي 3/103
[5]- فقه السنة للشيخ سيد سابق ج1

د.ربيع أحمد
12-03-2010, 09:58 PM
فصل : اعتبار الشرع صلاة الجنازة صلاة ة و ما يترتب على ذلك

لقد اعتبر الشرع صلاة الجنازة صلاة و سماها صلاة و لله در البخاري ففي صحيحه في باب سنة الصلاة على الجنائز قال : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ صَلَّى عَلَى الْجَنَازَةِ وَ قَالَ : صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ وَ قَالَ : صَلُّوا عَلَى النَّجَاشِيِّ سَمَّاهَا صلاة لَيْسَ فِيهَا رُكُوعٌ وَلَا سُجُودٌ وَلَا يُتَكَلَّمُ فِيهَا وَفِيهَا تَكْبِيرٌ وَتَسْلِيمٌ .

و كان ابن عمر لا يصلي إلا طاهرا، ولا يصلي عند طلوع الشمس ولا غروبها، ويرفع يديه .
و قال الحسن : أدركت الناس، وأحقهم على جنائزهم من رضوهم لفرائضهم، وإذا أحدث يوم العيد أو عند الجنازة يطلب الماء ولا يتيمم، وإذا انتهى إلى الجنازة وهم يصلون يدخل معهم بتكبيرة .
قال ابن بطال: غرض البخاري الرد على الشعبي، فإنه أجاز الصلاة على الجنازة بغير طهارة، قال: لأنَّها دعاء ليس فيها ركوع ولا سجود ، والفقهاء مجمعون من السلف و الخلف على خلاف قوله ، فلا يلتفت إلى شذوذه . و أجمعوا أنَّها لا تصلى إلا إلى القبلة، ولو كانت دعاء كما زعم الشعبي لجازت إلى غير القبلة [1].

و في صحيح مسلم باب فضل الصلاة على الجنازة و إتباعها عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من صلى على جنازة ولم يتبعها فله قيراط. فإن تبعها فله قيراطان ". قيل: وما القيراطان ؟ قال: " أصغرهما مثل أحد » ، وهذه الأحاديث وصفت القيام على الميت والدعاء له بأنه صلاة ،و الأصل في كلام النبي صلى الله عليه وسلم أن يحمل على الحقيقة الشرعية و مادام الشرع سمى صلاة الجنازة صلاة لذا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتها مَا يُشْتَرَطُ لِبَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ ، و الأدلة الدالة على وجوب الوضوء للصلاة عامة يدخل فيها وجوب الوضوء لصلاة الجنازة .



[1]- شرح ابن بطال لصحيح البخاري 3/305

د.ربيع أحمد
12-03-2010, 10:02 PM
فصل إجماع العلماء على وجوب الوضوء لصلاة الجنازة


قد أجمع العلماء على وجوب الوضوء لصلاة الجنازة فقد قال ابن بطال: غرض البخاري الرد على الشعبي، فإنه أجاز الصلاة على الجنازة بغير طهارة، قال: لأنَّها دعاء ليس فيها ركوع ولا سجود ، والفقهاء مجمعون من السلف و الخلف على خلاف قوله ، فلا يلتفت إلى شذوذه . و أجمعوا أنَّها لا تصلى إلا إلى القبلة، ولو كانت دعاء كما زعم الشعبي لجازت إلى غير القبلة [1].

و قال الماوردي عن صلاة الجنازة : هِيَ صَلاةٌ شَرْعِيَّةٌ يَجِبُ فِيهَا طَهَارَةُ الأَعْضَاءِ، وَسِتْرُالْعَوْرَةِ، وَاسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْكَافَّةِ، إِلا أَنَّالشَّعْبِيَّ وَابْنَ جَرِيرٍ الطَّبَرِيَّ، فَإِنَّهُمَا قَالا: لَيْسَتْ صَلاةًشَرْعِيَّةً وَإِنَّمَا دُعَاءٌ وَاسْتِغْفَارٌ يَجُوزُ فِعْلُهَا بِغَيْرِطَهَارَةٍ، هَذَا قَوْلٌ خَرَقَا فِيهِ الإِجْمَاعَ، وَخَالَفَا فِيهِ الْكَافَّةَ [2] .
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني عن صلاة الجنازة : و نَقَلَ ابن عَبد البَرّ الاتِّفاقعَلَى اشتِراط الطَّهارَة لَها إِلاَّ عَن الشَّعبِيّ ، قالَ : و وافَقَهُ إِبراهِيمبن عُلَيَّة وهُو مِمَّن يُرغَب عَن كَثِير مِن قَوله. ونَقَلَ غَيره أَنَّ ابنجَرِير الطَّبَرِيّ وافَقَهُما عَلَى ذَلِكَ وهُو مَذهَب شاذّ [3].





[1]- شرح ابن بطال لصحيح البخاري 3/305
[2] - الحاوي للماوردي 3/52
[3] - فتح الباري لابن حجر 4/93

د.ربيع أحمد
12-03-2010, 10:04 PM
فصل : فساد قياس صلاة الجنازة على الدعاء و الاستغفار



قاس أصحاب الرأي الشاذ المخالف للكتاب والسنة و الإجماع صلاة الجنازة على الدعاء و الاستغفار لعدم السجود و الركوع فيها ، والجواب عن ذلك قياس صلاة الجنازة على الدعاء و الاستغفار قياس مع الفارق و قياس مع النص أما وجه أنها قياس مع الفارق أن صلاة الجنازة لا يصلى عليها إلا إلى القبلة ولو كانت دُعاءً أو استغفارا لجازتإلى غير القبلة و فيها تحريم و تحليل و لو كانت دُعاءً أو استغفارا لجازت دون تحريم أو تحليل و أما وجه كون قياس صلاة الجنازة على الدعاء و الاستغفار قياس مع النص أن الشرع قد سمى صلاة الجنازة صلاة و أمر بالوضوء لمن أراد الصلاة و هو محدث كحديث : «لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ»[1] .








[1] - رواه البخاري و مسلم في صحيحيهما
__________________

د.ربيع أحمد
12-03-2010, 10:07 PM
خلاصة البحث

نلخص مما سبق أن صلاة الجنازة قد سماها الشرع صلاة و يشْتَرَطُ لِصِحَّتها مَا يُشْتَرَطُ لِبَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ مِنَ الطَّهَارَةِ الْحَقِيقِيَّةِ بَدَنًا وَثَوْبًا وَمَكَانًا ، وَالْحُكْمِيَّةُ ، وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ ، وَاسْتِقْبَال الْقِبْلَةِ ، وَالنِّيَّةُ ، سِوَى الْوَقْتِ و لا تقاس على الدعاء والاستغفار و من جوز صلاة الجنازة بغير وضوء فقد خالف الكتاب والسنة والإجماع و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات و كتب ربيع أحمد سيد السبت 20 نوفمبر 2010 ميلاديا

د.ربيع أحمد
12-03-2010, 10:09 PM
البحث بالمرفقات

إلى حب الله
12-05-2010, 05:17 AM
بحث رائع أخي الفاضل ..
وسبحان الله العظيم ...

تنطلق البدعة من الفساق : إلى سائر عوام المسلمين مع غياب العلم الشرعي الصحيح !..

فها هم أصحاب الفنانين والفنانات : والمطربين والمطربات : والراقصين والراقصات :
عندما يتجمعون عليهم بالألاف في صلاة الجنازة :
فهم لا يعرفون ما هذه الصلاة التي يُصليها الناس أمامهم (ولا عجب : فربما هم لا يُصلون
أصلا ًالخمس صلوات المفروضة) ..
فما يكون منهم : إلا أن يُصلونها تقليدا ًلا غير !!!!..
حتى أنك ترى المنظر المُبكي المضحك :
إذا وقف هؤلاء الجُهال في معزل عن رؤية المصلين داخل المسجد :
فإذا سمعوا الله اكبر الأولى :
قاموا بالتكبير واقفين كأي صلاة ..
وإذا سمعوا الله اكبر الثانية :
ركعوا !!!..
وإذا سمعوا الثالثة :
عادوا للوقوف !!!..
وإذا سمعوا الرابعة والأخيرة :
سجدوا !!!!!!!!!!!!!!!!!!..
ثم سمعوا الإمام يُسلم :
فيتعجبون مما فعل !!!!!!!!!!!!!!!!..
وربما قالوا :
ما ل هذا الإمام لا يُحسن الصلاة !!!!..

وحقا ًوالله :
ما رأيت ذما ًإلا لجاهل او صاحب هوىً ......
بارك الله فيك دكتورنا ..
وأدعو الله تعالى أن يطول غيابك عن هذا المنتدى الكريم ..