المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل يمكن الاحتجاج بايات الكتاب المقدس لاثبات ايا من معتقدات النصارى ؟



ابن النعمان
12-09-2010, 07:43 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
هل يمكن الاحتجاج بايات الكتاب المقدس لاثبات ايا من معتقدات النصارى ؟
نسبة الايات التى يرى فيها المسيحيون دليلا على الوهية المسيح بالنسبة الى الايات التى تدل على عبوديته وبشريته فى الانجيل او الكتاب المقدس كنسبة القطرة الى البحر مما يجعل التدليل بها جدال عقيم لا يرجى من ورائه فائدة مع الفارق فى احتياج الاولى الى التاويل والتفسير الذى لا يجوز أن يؤخذ به فى الاعتقاد لاحتمال ان يكون خاطىء بجانب الافتقار الى الحيود الى معنى اخر و امكان ان يكون هناك مجال لتأويل وتفسير مضاد لنفس هذه الايات يضحدها ويشل حركتها مما يجعلها غير ذات قيمة وبغض النظر عن كل ذلك يمكن على الاقل لاحد التفسيرين ان يلاشى الاخر بينما الايات الأخرى التي تدل على عبوديته وبشريته لا تحتاج الى تأويل او تفسير او الحيود الخادع لمعنى آخر غير معناها الاصلى لماذا ؟ لانها :
1- تعطى المعنى الصريح والفارق بوضوح شديد بلا شك او حيرة .
2- لا تحتمل اى معنى آخر .
وان شئت اقرأ معى ما ورد فى انجيل ( متى 19 : 16 - 21 )
, فبينما كان المسيح يسير خارجا " إذا واحد تقدم وقال له أيها المعلم الصالح أي صلاح أعمل لتكون لي الحياة الأبدية ؟
فقال له : لماذا تدعوني صالحا ؟ ليس أحد صالحا إلا واحد هو الله . ولكن إن أردت أن تدخل الحياة ، فاحفظ الوصايا . قال له : أية الوصايا ؟ فقال يسوع : لا تقتل . لا تزن . لا تسرق . لا تشهد بالزور . أكرم أباك وأمك وأحب قريبك كنفسك .
قال له الشاب : هذه كلها حفظتها منذ حداثتي ، فماذا يعوزني بعد ؟ قال له يسوع : إن أردت أن تكون كاملًا فاذهب وبع أملاك واعط الفقراء ، فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني " ( متى 19 : 16 - 21 )
تعقيب هام على ما ورد فى متى 19 : 16 - 21
ومن الملاحظ تعقيبا على الايات السابقة انه اذا التصق وصف معين بموصوف ما امكن الاستغناء بهذه الصفة عن الموصوف فى الدلالة عليه والدليل على ذلك تحت حظيرة المسيحية هو امكان التعبير عن المسيح بصفته فقط (يسوع) وخصوصا اذا كان ذلك الوصف لا يطلق الا عليه هو فقط مطلقا عند النصارى والعكس صحيح فى التعبير عن صفة يسوع بالمسيح وبقياس ذلك على الايات السابقة نجد إن المسيح الصق صفة الصلاح بالله فقط دون غيره وبذلك يمكن استخدام هذه الصفة للدلالة على الله بحيث اذا قلنا صالح يعرف على الفور بان المنعوت بهذه الصفة هو الله
وعلى ذلك عندما ينفى المسيح عن ذاته صفة الصلاح عن ذاته أو يقول بمعنى اخر انا لست بصالح انما يقول فى الحقيقة انا لست الله لإن صفة الصلاح مقصورة على الاله فقط بقول المسيح ويزيد ذلك الامر تاكيدا مما لا يدع مجالا للشك ان نفى المسيح للصلاح عن ذاته يجعله من باب اولى منفى عن كل ما هو عدا الله نظرا لانه ليس هناك من هو اصلح من المسيح بقول النصارى فى حين ليس هناك صالح الا الله بقول المسيح ومن ذلك وذلك نتيقن بان هذه الصفة مقصورة على الله فقط اذن عندما يقول المسيح لست بصالح فهو يقول فى الحقيقة انى لست الاله لان الصفة تعنى عن الموصوف فى الدلالة عليه .
وما ورد فى يوحنا 17 عدد 3- 4 : 3. "وهذه هي الحياة الابدية ان يعرفوك انت الاله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي ارسلته4 . انا مجدتك على الارض. العمل الذي اعطيتني لاعمل قد اكملته" .
لاحظ قالها - قد أكملته - قبل الصلب ... ومعنى هذا انه اكمل كل العمل الذى جاء من أجله ولم يكن يصلب .. أى أن الصلب لم يكن من مهمات يسوع .. فلو أتى يسوع على زعمكم لكى يصلب ما كان له أطلااقا ان يقول -العمل الذي اعطيتني لاعمل قد اكملته
بجانب لفظ الاله الحقيقى وحدك لا يدل الى على معنى (لا اله الا الله) وذكر المسيح بعد هذا اللفظ يدل على الاستثناء الذى يؤكده لفظ (الذى ارسلته) بجانب دلالة الواو على التغاير بين ذات المسيح وذات الله .
حتى وان احتاجت الايات السابقة الى تأويل فلابد ان يؤخذ به قياسا على تأويل الايات المضادة وفى هذا شل لحركتها الشىء الذى يجعل الاستعانة والاستدلال بهذه الايات للدلالة على الوهية المسيح نوع من الغباء والجدال العقيم .
يقول الاستاذ ياسر جبر فى كتابه البيان الصحيح : "أقوال المسيح الصريحة أقوى من الألفاظ المجازية العديدة التي يستدلون بها الوهية المسيح , نحو فقال المسيح عليه السلام : أنا إنسان كلمكم بالحق الذي سمعه من الله, او وأنا ذاهب إلى إلهي وإلهكم, وغير ذلك من اقوال فهل مثل هذه الأقوال الواضحة تتم مجابهتها بتعبيرات رمزية تحتمل العديد من المعاني!؟. ويقول فى موضع اخر من نفس الكتاب أقوال المسيح الواضحة التي تنفي الألوهية أقوى من أن يناقضها تعبيرات مجازية تحتمل أكثر من معنى, وتكرار ذكر المسيح أن هناك من أرسله أربعة وثلاثين مرة في العهد الجديد والمُرسل غير الرسول أكبر دليل على نفيه الألوهية ودعوى تساوي الأقانيم ".
ولا داعى لذكر عشرات الايات الاخرى التى تدل على عبودية المسيح دلالة صريحة بطريق غير مباشر وان شئت اقرأ معى ما ورد فى متى 27عدد من قول 46 المصلوب :"إيلي إيلي لما شبقتني، والذي تفسيره إلهي إلهي لماذا تركتني"
اى "إلهي!إلهي!لم خذلتني؟! وأسألكم ، هل خذله الله أم استجاب له كما يقول لنا الكاتب المجهول لرسالة العبرانيين ؟؟؟
العبرانيين 5 عدد 7 : 7 الذي في ايام جسده اذ قدم بصراخ شديد ودموع طلبات وتضرعات للقادر ان يخلصه من الموت وسمع له من اجل تقواه . ويعلق احد الكتاب االمسلمين على هذة الفقرات فيقول :
"كيف سمع له من أجل تقواه ثم يقول المصلوب إلهي إلهي لماذا تركتنى !!! هذا كلام من جاء ليصلب ؟؟؟؟؟؟ أى عاقل يقول ان هذه العبارة تفيد بعدم رضا المصلوب بالقضاء ، وعدم التسليم لأمر الله تعالى، والمسيح منـزه عن ذلك، فكيون المصلوب، لاسيما وأنتم تقولون أن المسيح نـزل ليؤثر العالم على نفسه، فكيف تروون عنه ما يؤدي إلى خلاف ذلك؟ وروايات التوراة تفيد بأن الأنبياء إبراهيم وإسحاق ويعقوب وموسى وهارون عليهم السلام لما حضرهم الموت، كانوا مستبشرين بلقاء ربهم" .
المفروض ان يكون هو اولى منهم بذلك فهؤلاء بشر وهو اله .
وما ورد ايضا فى يوحنا 17 عدد3: "وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته".
وكذلك ما ورد فى يوحنا 20 عدد17 : "قال لها يسوع لا تلمسيني لاني لم اصعد بعد الى ابي.ولكن اذهبي الى اخوتي وقولي لهم اني اصعد الى ابي وابيكم والهي والهكم".
تعليق هام على ما ورد فى يوحنا 20 عدد17
فى الايات السابقة تم المساواة بين المسيح وبين عامة البشر (لان التلاميذ من البشر) فى ثلاثة اشياء وهى الابوة والالوهية والاخوة مما لا يدع مجالا لتتمييز المسيح عنهم مما يعنى ان البنوة للمسيح كانت مجازية بدون ادنى شك لانها مجازية بالنسبة للبشر حسب اعتقاد النصارى وبغض النظر عن كل ذلك ما يهمنا هو المساواة بين البشر والمسيح و بشهادة المسيح نفسه بجانب الشىء المضحك فى ان يكون للاله إله آخر يعبد وللرب رب وللابن اخوة .
واذا قيل ان المقصود من الالفاظ السابقة اظهار الرحمة والحنوا فان لفظ اخوتى الذى قاله المسيح سوف يفى بهذا المطلب بدون التعدى الى الفاظ اخرى تعطى معنى اخر وكان حسبه ان يقول اذا كان هو الاله الحقيقى ابيكم والهكم بدون ان يضع نفسه معهم فى اطار واحد بلفظ ابى ابيكم والهى والهكم فان لفظ ابى وابيكم الذى قاله المسيح يكفى لاظهار ذلك بابهى صورة .
كلام المسيح اظهر بوضوح العلاقة بين الله والبشر (الالوهية والبنوة والابوة المجازية) فلماذا لم يظهر العلاقة التى بينه وبين البشر فى اى اية من ايات الانجيل من كونه اله وكونهم عبيد له او ابناء قياسا على على ما سبق بغض النظر عن كون هذه العلاقة مجازية او حقيقية بينما الذى ظهر فقط هو العلاقة بينه وبين الله التى تساوت مع البشر ولم تتميز عنهم .
يقول احد الكتاب المسلمين معلقا عليها ايضا " ما أقسى هذه العبارة على النصارى وكم من الحسرة تراها في أعينهم كلما طرحنا هذا النص في مناظاراتنا معهم , وكم الإحراج والبحث عن مهرب بكل ضعيف وشاذ من الأقوال والتي لا يصدقها عاقل , وإنه لمن المضحك أن يكون للإله إله آخر يعبد وللرب رب " وللابن اخوة .
والشىء الذى يؤكد على حقيقة عبودية المسيح لله و المستنبطة من قوله (الهى والهكم) هو تقريرها وتقنينها وتحقيقها من افعال المسيح ذاته فالمسيح يصلى ويستغيث ويدعوا ثم ينتظر الاجابة كما اعترف بالعجز والجهل وسلطان الله عليه وعطائه وما يترتب على ذلك من فقر وذل واحتياج الى الله .
فما هو الفرق بينه وبين الاخرين من بنى ادم ؟
ويمكننا بمقارنة بين صفات الرب وصفات المسيح فى الكتاب المقدس نصل حسم او على الاقل ترجيع كفة الايات التى تقول بعبودية المسيح وبشريته وبذلك لا يمكن الاحتجاج بالايات الاخرى فى اثبات ما يعتقده النصارى فى المسيح لوجود ما يقابلها صراحتا اوتاويلا حتى ولو من الطرف المضاد وهوالمعنى بالخطاب .
وبعد كل ذلك يمكن ان نقول انه من السذاجة الشديدة إن يستدل بايات من الانجيل على اثبات شىء ما فى حين وجود ايات اخرى من نفس الكتاب تناقضها وتثبت العكس أو بعنى اخر تشل حركتها وتجعلها غير ذات قيمة وما البال اذا كانت الايات الاولى تحتاج الى التاويل والتفسير والتحميل لمعانى اخرى تخدم بالباطل أهل المعتقد بينما الايات الاخرى تعطى الحقيقة بوضوح شديد حتى وان لم يحدث ذلك افتراضا وهذا بعيد فان الطرف المضاد اوالخصم سوف يأولها لتعطى معنى مضاد قياسا على مماطلة الطرف الاول وجداله العقيم مما يستوجب إنهاء الأمر وتوجيهه إلى تحكيم العقل بعد إن ننحى الكتاب المقدس جانبا الا اذا اخذ بالآيات التي تثبت في نفس الوقت الذى نعتبر فيه الايات التى تنفى وهذا محال لان كلا منهما يضحد ويلاشى الاخر واذا رجحنا فان الترجيح سوف تحتكره وتستولى عليه الايات الاخرى التى تظهر بطلان وتهافت معتقدات النصارى فى شخص المسيح نظرا لصراحتها وكثرتها .
أما بالنسبة لعقيدة الذنب الموروث فسون يكون الامر ايسر من ذلك لخلو الكتاب المقدس من اى آية تثبت هذه العقيدة أو ترجحها حتى ولو استخدمنا التؤيل فى حين إن الايات التى تثبت بطلانها والتنبيه على فسادها وتهافتها لا تعد ولا تحصى فيكون الانجيل ذاته حجة عليها لا لها وان شئت اقرأ معى على سبيل المثال لا الحصر ما ورد فى (حزقيال 18 : 20) : (النفس التى تخطىء هى تموت لا يحمل الابن من اثم الاب ولا يحمل الاب من اثم الابن بر البار عليه يكون وشر الشرير عليه يكون) . (حزقيال 18 : 20).
وما ورد ايضا فى ارميا(31-29) وحدث ايضا عنه حيود (وفى تلك الايام لا يقولون بعد الاباء اكلوا حصرما واسنان الابناء ضرست بل كل واحد يموت بذنبه كل انسان ياكل الحصرم تضرس اسنانه)
والايات تعطى المعنى بوضوح شديد بلا ادنى شك أو شبهة للاحتياج للتأويل أو التفسير بل والاكثر من ذلك عدم قبولها التأويل أو التفسير لتعطى معنى اخر فى حين عدم وجود اى ايات اخرى تؤيد اعتقاد النصارى فى إن يحمل ابن اثم ابيه حتى ولو بالتأويل او تحميلها لمعنى اخر يخدم هذا المعتقد .
واذا كان هناك ايات صريحة تدحض مبدأ الإرث والخلاص فهناك أيضا آيات تعطى نفس المعنى بطريق اخر وبالتالى نستخدمها لنفس الغاية مثل : ما قاله بولس فى رسالته الاولى الى كورنثوس : (( كل واحد سيأخذ أجرته حسب تعبه )) ( كورنثوس الأولى 3 : 8 ) وما قيل ايضا فى ( رومية 2 : 6 ) : (( أن الله سيجازي كل واحد حسب أعماله )) ( رومية 2 : 6 ) وقيل كذلك فى ( رومية 2 : 3 ) : (( الذي يخطى لا ينجو من دينونة الله )) ( رومية 2 : 3 ) ويؤكد السيد المسيح عليه السلام على هذا الكلام فيقول : (( لأنك بكلامك تتبرر وبكلامك تدان )) ( متى 12 : 37 ) وقوله يدل على أن الإنسان يثاب أو يعاقب بسلوكه هو ، بدون ذكر اى اشارة الى خطيئة موروثة . ويقول ايضا : (( حينئذ يجازى كل واحد حسب عمله )) ( متى 16 : 27) المسيح نفسه يقرر أن كل إنسان سيجازى بحسب عمله. وهذا يناقض ايضا الخطيئة الموروثة والخلاص بالصلب . لأن النص يدل على أن الخلاص بالعمل وليس بالصلب . وفى نفس الانجيل يقول مرة اخرى : (( أبوك الذي يرى في الخفاء هو يجازيك علانية )) ( متى 6 : 4 ) إذاً هناك مجازاة وهذا يتناقض مع الخلاص الشامل الذي يتضمنه الخلاص بالصلب . فهناك حقيقة تقول بان البشر مختلفون عن بعضهم البعض فاذا كان هناك من ياخذ فهناك من يعطى واذا كان هناك من يسلب فهناك من يهب ويمنح وهناك من يظلم وهناك من يظلم وهناك من يقتل وهناك من يقتل وهناك من يسرق وهناك من يسرق وكلا منهما مسئول عن فعله اختياره .
وبذلك يكون الاستدلال المتاح فقط هو الاستدلال على الفساد والبطلان الذى تعضده الفطرة (اى الفساد للمعتقدات النصرانية) والاعراف الانسانية ومفاهيم كثيرة مثل مفاهيم العدل والمساواة وتكافىء الفرص والمقايضة بين الالم أو العقاب واللذة المؤقتة المصاحبة لفعل الخطيئة فى حين عدم وجود اى دليل يثبتها أو يرجحها (عقيدة الزنب الموروث) سواء كان من الانجيل أو من البديهيات والثوابت العقلية والانسانية والكونية .
وبذلك : لا يمكن الاحتجاج بايات الانجيل لاثبات اى معتقد من معتقدات النصارى فكل آية يمكن إن تستخدم لتثبت شىء فى معتقدهم تقابلها ببساطة شديدة عشرات الايات التى تنفيه وتستبعده تماما بل يمكن ان توجد فى بعض الاحيان ايات للنفى فى حين عدم وجود اى اية للاثبات وخصوصا في كلام المسيح .