المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الورقة الضائعة !



مالك مناع
09-01-2005, 02:25 PM
من القصص التي تبرز همة الشيخ الألباني وجلده في طلب العلم:

يقول رحمه الله تعالى في مقدمة كتابه ( فهرس مخطوطات المكتبة الظاهرية ):

ولم يكن ليخطر ببالي، وضع مثل هذا الفهرس، لأنه ليس من اختصاصي، وليس عندي متسع من الوقت ليساعدني عليه، ولكن الله تبارك وتعالى إذا أراد شيئاً هيّأ أسبابه، فقد ابتليت بمرض خفيف أصاب بصري، منذ أكثر من اثني عشر عاماً، فنصحني الطبيب المختص بالراحة وترك القراءة والكتابة والعمل في المهنة ( تصليح الساعات) مقدار ستة أشهر.

فعملت بنصيحته أول الأمر، فتركت ذلك كله نحو أسبوعين، ثم أخذت نفسي تراودني، وتزين لي أن أعمل شيئاً في هذه العطلة المملة، عملاً لا ينافي بزعمي نصيحته، فتذكرت رسالة مخطوطة في المكتبة، اسمها ((ذم الملاهي)) للحافظ ابن أبي الدنيا، لم تطبع فيما أعلم يومئذ، فقلت: ما المانع من أن أكلف من ينسخها لي؟ وحتى يتم نسخها، ويأتي وقت مقابلتها بالأصل، يكون قد مضى زمن لا بأس به من الراحة، فبإمكاني يومئذ مقابلتها، وهي لا تستدعي جهداً ينافي الوضع الصحي الذي أنا فيه، ثم أحققها بعد ذلك على مهل، وأخرج أحاديثها، ثم نطبعها، وكل ذلك على فترات لكي لا أشق على نفسي!

فلما وصل الناسخ إلى منتصف الرسالة، أبلغني أن فيها نقصاً، فأمرته بأن يتابع نسخها حتى ينتهي منها، ثم قابلتها معه على الأصل، فتأكدت من النقص الذي أشار إليه، وأقدره بأربع صفحات في ورقة واحدة في منتصف الكراس، فأخذت أفكر فيها، وكيف يمكنني العثور عليها؟ والرسالة محفوظة في مجلد من المجلدات الموضوعة في المكتبة تحت عنوان (مجاميع)، وفي كل مجلد منها على الغالب عديد من الرسائل والكتب، مختلفة الخطوط والمواضيع، والورق لوناً وقياساً، فقلت في نفسي، لعل الورقة الضائعة قد خاطها المجلد سهواً في مجلد آخر، من هذه المجلدات!

فرأيتني مندفعاً بكل رغبة ونشاط باحثاً عنها فيها، على التسلسل ونسيت أو تناسيت نفسي، والوضع الصحي الذي أنا فيه ! فإذا ما تذكرته، لم أعدم ما أتعلل به، من مثل القول بأن هذا البحث لا ينافيه، لأنه لا يصحبه كتابة ولا قراءة مضنية!

وما كدت أتجاوز بعض المجلدات، حتى أخذ يسترعي انتباهي عناوين بعض الرسائل والمؤلفات، لمحدثين مشهورين، وحفاظ معروفين، فأقف عندها، باحثاً لها، دارساً إياها، فأتمنى لو أنها تنسخ وتحقق، ثم تطبع، ولكني كنت أجدها في غالب الأحيان ناقصة الأطراف والأجزاء، فأجد الثاني دون الأول مثلاً ، فلم أندفع لتسجيلها عندي، وتابعت البحث عن الورقة الضائعة، ولكن عبثاً حتى انتهت مجلدات (المجاميع) البالغ عددها (152) مجلداً، بيد أني وجدتني في أثناء المتابعة أخذت أسجل في مسودتي عناوين بعض الكتب التي راقتني، وشجعني على ذلك، أنني عثرت في أثناء البحث فيها على بعض النواقص التي كانت من قبل من الصوارف عن التسجيل.

ولما لم أعثر على الورقة في المجلدات المذكورة، قلت في نفسي: لعلها خيطت خطأ في مجلد من مجلدات الحديث، والمسجلة في المكتبة تحت عنوان (حديث)!

فأخذت أقلبها مجلداً مجلداً، حتى انتهيت منها دون أن أقف عليها، لكني سجلت عندي ما شاء الله من المؤلفات والرسائل.

وهكذا لم أزل أعلل النفس وأمنيها بالحصول على الورقة، فأنتقل في البحث عنها بين مجلدات المكتبة ورسائلها من علم إلى آخر؛ حتى أتيت على جميع المخطوطات المحفوظة في المكتبة، والبالغ عددها نحو عشرة آلاف (10000 ) مخطوط، دون أن أحظى بها!

ولكني لم أيأس بعد، فهناك ما يعرف بـ (الدست)، وهو عبارة عن مكدسات من الأوراق والكراريس المتنوعة التي لا يعرف أصلها، فأخذت في البحث فيها بدقة وعناية، ولكن دون جدوى.

وحينئذ يأست من الورقة، ولكني نظرت فوجدت أن الله تبارك وتعالى قد فتح لي من ورائها باباً عظيماً من العلم، طالما كنت غافلاً عنه كغيري، وهو أن في المكتبة الظاهرية كنوزاً من الكتب والرسائل في مختلف العلوم النافعة التي خلفها لنا أجدادنا رحمهم الله تعالى، وفيها من نوادر المخطوطات التي قد لا توجد في غيرها من المكتبات العالمية، مما لم يطبع بعد.

فلما تبين لي ذلك واستحكم في قلبي، استأنفت دراسة مخطوطات المكتبة كلها من أولها إلى آخرها، للمرة الثانية، على ضوء تجربتي السابقة التي سجلت فيها ما انتقيت فقط من الكتب، فأخذت أسجل الآن كل ما يتعلق بعلم الحديث منها مما يفيدني في تخصصي؛ لا أترك شاردة ولا واردة ، إلا سجلته، حتى ولو كانت ورقة واحدة، ومن كتاب أو جزء مجهول الهوية ! وكأن الله تبارك وتعالى كان يعدّني بذلك كله للمرحلة الثالثة والأخيرة، وهي دراسة هذه الكتب، دراسة دقيقة ، واستخراج ما فيها من الحديث النبوي مع دراسة أسانيده وطرقه، وغير ذلك من الفوائد. فإني كنت أثناء المرحلة الثانية، ألتقط نتفاً من هذه الفوائد التي أعثر عليها عفواً، فما كدت أنتهي منها حتى تشبعت بضرورة دراستها كتاباً كتاباً، وجزءاً جزءاً.

ولذلك فقد شمرت عن ساعد الجد ، واستأنفت الدراسة للمرة الثالثة، لا أدع صحيفة إلا تصفحتها، ولا ورقة شاردة إلا قرأتها، واستخرجت منها ما أعثر عليه من فائدة علمية، وحديث نبوي شريف، فتجمع عندي بها نحو أربعين مجلداً، في كل مجلد نحو أربعمائة ورقة، في كل ورقة حديث واحد، معزواً إلى جميع المصادر التي وجدتها فيها، مع أسانيده وطرقه، ورتبت الأحاديث فيها على حروف المعجم، ومن هذه المجلدات أغذي كل مؤلفاتي ومشاريعي العلمية، الأمر الذي يساعدني على التحقيق العلمي، الذي لا يتيسر لأكثر أهل العلم، لا سيما في هذا الزمان الذي قنعوا فيه بالرجوع إلى بعض المختصرات في علم الحديث وغيره من المطبوعات!

فهذه الثروة الحديثية الضخمة التي توفرت عندي؛ ما كنت لأحصل عليها لو لم ييسر الله لي هذه الدراسة بحثاً عن الورقة الضائعة!

فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ..

انتهى كلامه رحمه الله ..

مالك مناع
09-01-2005, 02:28 PM
رحم الله ريحانة الشام ..

وحسنة الأيام ..

الشيخ الإمام .. ناصر السنة والدين ..

ومن عجيب ما قرأت عن شدة تمسك الشيخ بالعقيدة وحرصه على ترسيخها في قلوب الناس هذا الموقف :


فقد انقلبت بالشيخ السيارة مابين جدة والمدينة المنورة وهرع الناس وهم

يقولون : ياستار , ياستار ..

فيقول لهم ناصر الحديث والسنة وهو تحت السيارة المنقلبة :

(قولوا ياستير , ولاتقولوا ياستار , فليس من أسمائه تعالى الستار) !!!!!

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله عز وجل حليم حيي، ستير , يحب لحياء والستر, فإذا اغتسل أحدكم , ليستترر ) 0 انظر : (صحيح سنن النسائي ) (1/87) , و(إرواء الغليل) (367/7)


اللهم ارحم ناصر الحديث والسنة ..

أبو جهاد الأنصاري
09-05-2005, 02:31 PM
كم أحب هذا الرجل
رحمه الله
وإنى لأعده من مشايخى رغم أنى لم أحظ بلقائه.
فجزاه الله خير الجزاء لما قدمه للإسلام من علم نافع وقدوة طيبة.

مالك مناع
10-10-2005, 04:55 AM
استمع لمحدّث العصر العلامة الألباني- رحمه الله!- وهو يبكي لسماعه رؤيا بشرته بها أخت جزائرية عبر الهاتف:

http://media.islamway.com/lessons/nasser//143-bokaa_al-albanee.rm

وهنا يبكي لثناء أحد الأشخاص عليه بما هو أهل له ويقول له:

إنما أنا طالب علم لا شئ آخر!

http://media.islamway.com/lessons/nasser//143-albany-bukaa.rm

رحمه الله!

كم أحب هذا الرجل وكم تمنيت أن ألتقي به وأثني ركبتاي أمامه فأنهل من بحر علمه الغزير ..

أسأل الله العلي القدير أن يرحمه برحمته الواسعة ويجمعني به في جنات النعيم ..

د. أحمد إدريس الطعان
10-10-2005, 06:10 AM
اللهم آمين ، واجمعنا معهم وحبيبنا المصطفى في الفردوس الأعلى يارب العالمين .

الأسمر
10-10-2005, 09:21 AM
جزاك الله خيراً أخي مالك مناع ..
رحم الله الشيخ و جزاه عن الأمة الإسلامية كل خير ...

هذه مجموعة من مؤلفات الشيخ على شكل كتب إلكترونية مع إمكانية البحث هنا (http://www.ebooks.alalbany.net/)

أبو جهاد الأنصاري
10-10-2005, 11:21 AM
رحم الله عالمنا الجليل رحمة واسعة
وأنعم به من عالم ربانى
فقد كان خير قدوة لطلاب العلم وللعلماء على حد سواء.

مالك مناع
08-24-2006, 11:59 PM
ومما قرأت عن فرائد الإمام الألباني، ما نقله أحد الإخوة في شبكة سحاب:

" كنت قد زرت الشيخ الألباني في المستشقى قبل وفاته بقليل وهو على الفراش ،ففي إحدى الزيارات كان معي أخ ليبي من إخواننا المستقيمين .

فلما دخلنا على الشيخ الغرفة كان -رحمه الله!- يتألم من شدة المرض (وهو السرطان)، فسلمنا عليه فرد علينا السلام وهو على حالته هذه فقلت له: يا شيخ إذا كان الكلام يؤثر عليك فلا تتكلم، فنظر لي بعينيه وظل ساكتا.

وجاء الأخ الليبي ووضع يده في يد الشيخ و أخذ يقرأ حديث النبي صلى الله عليه و سلم الذي رقي أبي داود : أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك سبع مرات، وبصوت مسموع للشيخ وهو مازال آخذٌ بيده وأنا واقفٌ بجواره.

فنظرت إلى يد الشيخ الأخرى وإذ به يعد مع الأخ الليبي تكراره للحديث بأصابع يده الأخرى !!

حتى انتهى الأخ من القراءة فقال له الشيخ: بارك الله فيك .

ففهمت من حال الشيخ أنه يريد أن يعلم هل الأخ الليبي طبق السنة على الحقيقة في العد أم لا؟!!

فاستغربت منه وهو على هذه الحالة ، يحرص على تطبيق السنة ." انتهى كلامه

رحمه الله!

كان أمة في رجل.

امجاد
08-25-2006, 02:00 AM
نسأل الله لشيخنا الالبانى الرحمة وان يتقبل حسناته وجهاده فى الدعوة الى الله .. كنت اسمع عن اسم الشيخ الألبانى ولكن لم أعرف عن سيرته ولم اقرأ من أعماله .. وجميل ان تلم بسيرة علمائنا العطرة بكل جنسياتهم وأسمائهم حنى نصبح اكثر قربا منهم وفهما لهم .. هم قدوتنا فى زماننا وورثة الانبياء .. جزاهم الله خيرا وثبتهم على الحق وثبتنا بهم على كتاب الله وسنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم .