المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اين مكوكبها



واثقة الخطوة
12-28-2010, 01:37 AM
قال لها : هلمي إلي ّ ,, لا يرانا إلا الكواكب .
نظرت ْ إلى الكواكب ثم قالت :
فأين مُكَوكِبُها ؟؟؟

جواب من كلمتين يحمل في طياته معنى الوجود وحقيقته , والهدف منه والغاية .
أين مكوكبها ؟؟؟

الله الموجود , هل خلقنا عبثا ؟؟

إن من يستشعر وجود الله ومعيته ومراقبته لن يضيع أبدا . لن يعصي . ولن يزل .

شعور المؤمن أن الله يسكن في قلبه وروحه يعطيه دفقا ً من الأنوار لا تنتهي ..

تنير بصيرته ودنياه وآخرته .

إن قلبا ً أنت َ ساكنه :::::::: غيرُ محتاج ٍ إلى السُرُجِ

أين مكوكبها ؟؟؟

هذا ما يسمى : المراقبة .

مراقبة الله في السر والعلن . في السفر والحضر . عند الرضا وعند الغضب .

هذه المراقبة التي ترتفع بالإنسان لتصل به درجة الإحسان : ( ان تعبد الله كأنك
تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك)


 أنظروا إلى الناس كيف يتصورون أمام الكاميرات : يخرجون أفضل ما عندهم لانهم

يتصورون وسيرى الناس ما يخرج منهم .

في برنامج الكاميرا الخفية نرى السباب والشتم والضرب ,, فإذا قالوا له : الكاميرا

الخفية معاك . فورا ً يصلح هندامه وشعره ويبتسم ابتسامة عريضة . ويقول أنا

آسف !!

أما المؤمن فهو يعرف أنه مراقب في كل خلجة ونَفَس ولحظ .
"ما يلفظُ من قول ٍ إلا ّلديه رقيب عتيد "سورة ق


نفسي ! لا كنت ِ ولا كان الهوى ::::: راقبي المولى , وخافي وارهبي

إن المؤمن عندما يراقب الله يشعر بمعيته له . في كل نظرة وهمسة وخلجة صدر

وخفقة قلب .


 قال أصحاب موسى : إنا لمدركون .. إلا أن موسى الذي يرى الله معه في كل
حال قال : كلا ! إن معي ربي سيهدين .

 مراقبة الله كانت تعيش في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
في الهجرة : بكى أبو بكر رضي الله عنه خوفا ً على رسول الله . فيطمئنه الحبيب المصطفى
لا تحزن إن الله معنا .

 من ْ يمنع الصائم من الأكل والشرب خاليا ً في رمضان ؟؟

إلا معرفته بأن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء .

من يعصمني من معصية هممت ُ بارتكابها إلا علمي أن خالقي يراني , كما يرى

النملة الخرساء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء .

ربي الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور .


::::::::

 منع المنصور أبا حنيفة من الإفتاء .

وفي إحدى الليالي جُرح اصبع ابنته فجاءته تسأله عن الدم والوضوء . فقال لها :
إسألي حمادا ً فلقد منعني أميري من الإفتاء , وما كنت لأعصي أميري بالغيب .
لو أنه أفتى لابنته هل سيعلم الأمير بذلك ؟ وحتى لو علم . إنها فتوى لابنته في
داخل بيته .ولكنها المراقبة .

 كلنا يعرف قصة الفتاة بائعة اللبن .
تلك الفتاة التي سمعها عمر رضي الله عنه ترفض خلط اللبن بالماء قائلة ً لأمها : أما
علمت ِ أن عمر بن الخطاب أمير المؤمنين منع ذلك ؟؟ قالت الأم : وأين عمر بن
الخطاب الآن ؟ إنه لا يرانا . قالت البنت : إذا كان عمر لا يرانا فإن رب عمر يرانا .
بهذه المراقبة وهذا الورع سَمَت الفتاة لتكون زوجة لعاصم ابن أمير المؤمنين عمر .
أنجبت له فتاة تزوجت عبد العزيز بن مروان فكان منه عمر بن عبد العزيز . أزهد أهل
الأرض بعد جده الخطاب .
ذرية طيبة بعضها من بعض . وشجرة طيبة تنبت أحلى الثمر بأطيب ريح .


 مَنْ الذي منع يوسف عليه السلام أن يجاري امرأة العزيز في رغبتها وقد غلقت

الأبواب ؟ إلا مراقبته لله عز وجل التي حمتْه من حَمَأَة المعصية , وأنقذته من جحيم

الهاوية فهتف بقلب مليئ بالمراقبة : معاذ الله .


فأين الله ؟؟
قال نافع خرجت مع ابن عمر رضي الله عنهما في بعض نواحي المدينة
فوضعوا سُفرة فمر بهم راع ٍ فقال له عبد الله : هلم يا راعي .
فقال : إني صائم
قال : في مثل هذا اليوم الشديد حره في هذه الشعاب ؟
قال : أبادر أيامي
قال : هل لك أن تبيعنا شاة ونعطيك من لحمها ما تفطر عليه ؟
قال : إنها لمولاي
قال : فما عسى أن تقول لمولاك أكلها الذئب ؟
فمضى الراعي وهو رافع إصبعه إلى السماء يقول : أين الله ... فأين الله
فلم يزل ابن عمر يقول : قال الراعي : فأين الله ، فبعث إلى سيده فاشترى منه
الراعي والغنم فأعتق الراعي ووهب له الغنم .

::::::::::::::::


إن المراقبة أنواع :

مراقبة في الطاعة : وهي أن يكون مخلصا ً فيها .

مراقبة في المعصية : تكون بالتوبة والندم والإقلاع .

مراقبة في المباح : تكون بالأدب والشكر على النعم .

ولو تساءلنا عن آثار المراقبة :

لوجدنا أن من أهم آثارها المحاسبة . فمن راقب ذاته حاسبها . ومن حاسب نفسه

في الدنيا خف حسابه في الآخرة .

وينتج عن المحاسبة : المعاقبة . لتتأدب النفس العاصية وتلزم جادة الصواب فلا
تميل مرة أخرى

::::::::::::::::::::

 روي عن عمر رضي الله عنه : انه خرج إلى حائط له , ثم رجع وقد صلى الناسُ
العصر .فقال : إنما خرجت ُ إلى حائطي , .رجعت وقد صلى الناس العصر فجعلت ُ

حائطي صدقة ً على المساكين .


هذه هي المراقبة التي ننشدها لأنفسنا ومجتمعنا .


مراقبة ......

فمحاسبة ......

فمعاقبة ......

وهذا هو الطريق المستقيم إلى جنة عرضها السموات والأرض
أعدت للمتقين .


جعلنا الله وإياكم من أهلها

حسن المرسى
12-28-2010, 01:59 AM
نعم ....
وكلما قويت عبادة المراقبة ..
وإذداد اليقين والإيمان بالله ..
كلما سارت الأفعال على درب الأقوال ..
وصدق الفعل اللسان ... وكما يقول إبن الجوزى ...
الرجل و الله من إذا خلا بما يحب من المحرم و قدر عليه
و تقلل عطشا إليه نظر إلى نظر الحق إليه
فاستحى من إجالة همه فيما يكرهه فذهب العطش
كأنك لا تترك لنا إلا ما لا تشتهي
أو مالا تصدق الشهوة فيه أو مالا تقدر عليه