المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تلخيص فوائد رسالة طرق العلم الالهي



عياض
01-03-2011, 03:50 AM
هذه قاعدة قيمة كتبها شيخ الاسلام ابن تيمية محاولا كعامة رسائله غرف تراب الموضوع بجرافه من الجذور و الاشراف على عامة مقاصد الصحابة و التابعين و ائمة المذاهب المتبوعة و مقاصد الفلاسفة و العرفانيين و النظار و المتكلمين..و فيها فوائد تنفع الدارس لطرق نظريات المعرفة و نقد النقد و تاريخ اللاهوت المقارن و فلسفته و فيها مع ذلك تبسيط لكل عامي لما جمعت طرق النبوة من اعتبارات- في سبيل تقريب طرق معرفة الله -لأدق خصائص النفوس و طبائع الموجودات و تداخلها في عمليات النمذجة في العلوم اتصالا و انفصالا بين نموذجي او عالمي الظاهر و الباطن و الماهيات و الظواهر..أرجو ان ييسر تلخيصها على ما يكون من الوقت و ان كانت لكثرة فوائدها و جودة تركيزها و اختصارها يصعب ان لا أنقلها كاملة....و هي مهداة للخال محب ملتقى أهل الحديث أسعده الله ..

يقول ابن تيمية :

أصل الإثبات والنفى والحب والبغض هو شعور النفس بالوجود والعدم والملائمة والمنافرة فإذا شعرت بثبوت ذات شىء أو صفاته اعتقدت ثبوته وصدقت بذلك ثم إن كانت صفات كمال اعتقدت اجلاله واكرامه صدقت ومدحته وأثنت عليه
وإذا شعرت بانتفائه أو انتفاء صفات الكمال عنه اعتقدت انتفاء ذلك
وإن لم تشعر لا بثبوت ولا انتفاء لم تعتقد واحد منهما ولم تصدق ولم تكذب وربما اعتقدت الإنتفاء اذا لم تشعر بالثبوت وان لم تشعر أيضا بالعدم وبين الشعور بالعدم وعدم الشعر بالوجود فرقان بين وهى منزلة الجهل الذى يؤتى منها أكثر الناس الذين يكذبون بما لم يحيطوا بعلمه والذى من جهل شيئا عاداه ..
ثم اذا اعتقدت الإنتفاء كذبت بالثبوت وذمته وطعنت فيه هذا اذا كان ما استشعرت وجوده أو عدمه محمودا وأما أن كان مذموما كان الأمر بالعكس وكذلك إذا شعرت بما يلائمها أحبته وأرادته وان شعرت بما ينافيها أبغضته وكرهته وان لم تشعر بواحد منهما أو شعرت بما ليس بملائم ولا مناف فلا محبة ولا بغضة وربما أبغضت مالم يكن منافيا اذ لم يكن ملائما
وبين الشعور بالمنافى وعدم الشعور بالملائم فرق بين لكن هذا محمود فإن ما لم يلائم الإنسان فلا فائدة له فيه ولا منفعة فيكون الميل اليه من باب العبث والمضرة
فينبغى الإعراض عنه لأنه لا فائدة فيه ومالا فائدة فيه فالميل اليه مضرة ثم يتبع الحب للشخص أو العمل الصلاة عليه والثناء عليه كما يتبع البغض اللعنة له والطعن عليه وما لم يكن محبوبا ولامبغضا لا يتبعه ثناء ولا دعاء ولا طعن ولا لعن
ولما كان فى نفس الأمر وجود محبوب مألوه كان أصل السعادة الإيمان بذلك وأصل الإيمان قول القلب الذى هو التصديق وعمل القلب الذى هوالمحبة على سبيل الخضوع إذ لا ملائمة لأرواح العباد أتم من ملائمة إلهها الذى هو الله الذى لا اله الا هو
ولما كان الإيمان جامعا لهذين المعنيين وكان تعبير من عبر عنه بمجرد التصديق ناقصا قاصرا انقسم الأمة الى ثلاث فرق
فالجامعون حققوا كلا معنييه من القول التصديقى والعمل الإرادي وفريقان فقدوا أحد المعنيين
فالكلاميون غالب نظرهم وقولهم فى الثبوت والانتفاء والوجود والعدم والقضايا التصديقية فغايتهم مجرد التصديق والعلم والخبر
والصوفيون غالب طلبهم وعملهم فى المحبة والبغضة والإرادة والكراهة والحركات العملية فغايتهم المحبة والانقياد والعمل والإرادة
وأما أهل العلم والإيمان فجامعون بين الأمرين بين التصديق العلمى والعمل الحبى ثم ان تصديقهم عن علم وعملهم وحبهم عن علم فسلموا من آفتى منحرفة المتكلمة والمتصوفة وحصلوا ما فات كل واحدة منهما من النقص فإن كلا المنحرفين له مفسدتان
أحداهما القول بلا علم ان كان متكلما والعمل بلا علم إن كان متصوفا وهو ما وقع من البدع الكلامية والعملية المخالفة للكتاب والسنة
والثانى فوت المتكلم العمل وفوت المتصوف القول والكلام
وأهل السنة الباطنة والظاهرة كان كلامهم وعملهم باطنا وظاهرا بعلم وكان كل واحد من قولهم وعملهم مقرونا بالآخر وهؤلاء هم المسلمون حقا . الباقون على الصراط المستقيم صراط الذين أنعم الله عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين .

عياض
01-03-2011, 04:30 AM
فإن منحرفة أهل الكلام فيهم شبه اليهود ومنحرفة أهل التصوف فيهم شبه النصارى ولهذا غلب على الأولين جانب الحروف وما يدل عليه من العلم والإعتقاد وعلى الآخرين جانب الأصوات وما يثيره من الوجد والحركة ومن تمام ذلك أن الله أمر نبيه أن يدعوإلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة و يجادلهم بالتى هى أحسن
وهذه الطرق الثلاثة هى النافعة فى العلم والعمل وتشبه مايذكره أهل المنطق من البرهان والخطابة و الجدل
بقى الشعر و السفسطة التى هى الكذب المموه فنفى الله ذلك بقوله هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون والشعراء يتبعهم الغاوون الى آخر السورة فذكر الأفاكين وهم المسفسطون وذكر الشعراء .
وكذلك أبو بكر الصديق قال لعمر بن الخطاب لما قال له يا خليفة رسول الله تألف الناس فأخذ بلحيته وقال يا ابن الخطاب أجبارا فى الجاهلية خوارا فى الاسلام علام أتألفهم أعلى حديث مفترى أم على شعر مفتعل فذكر الحديث المفترى والشعر المفتعل كما ذكرالله الأفاكين والشعراء .
وكان الإفك فى القوة الخبرية والشعر فى القوة العملية الطلبية فتلك ضلال وهذه غواية ولهذا يقترن أحدهما بالآخر كثيرا في مثل المليين من الرهبان وفاسدى الفقراء وغيرهم.
ثم لما كان الشعر مستفادا من الشعور فهو يفيد إشعار النفس بما يحركها وإن لم يكن صدقا بل يورث محبة أو نفرة أو رغبة أو رهبة لما فيه من التخييل وهذا خاصة الشعر فلذلك وصفهم بأنهم يتبعهم الغاوون .
والغي اتباع الشهوات لأنه يحرك الناس حركة الشهوة والنفرة والفرح والحزن بلا علم. وهذا هو الغى بخلاف الإفك فإن فيه إضلالا فى العلم بحيث يوجب اعتقاد الشىء على خلاف ماهو به وإذا كانت النفس تتحرك تارة عن تصديق وإيمان وتارة عن شعر والثانى مذموم إلا ما استثنى منه قال تعالى وما علمناه الشعر وما ينبغى له ان هو الا ذكر وقرآن مبين فالذكر خلاف الشعر فإنه حق وعلم يذكره القلب وذاك شعر يحرك النفس فقط (...)
وأما الحكمة والموعظة الحسنة والجدل الاحسن فإنه يعطى التصديق والعمل فهو نافع منفعة عظيمة . وانما قلت إن هذه الثلاثة تشبه من بعض الوجوه الاقيسة الثلاثة التى هى البرهانية والخطابية والجدلية وليست هي... بل أكمل من وجوه كثيرة لوجوه:
أحدها أن التى فى القرآن تجمع نوعى العلم والعمل الخبر والطلب على أكمل الوجوه بخلاف الاقيسة المنطقية
وذلك أن القياس العقلى المنطقى انما فائدته مجرد التصديق فى القضايا الخبرية سواء تبع ذلك عمل أو لم يتبعه فإن كانت مواد القياس يقينية كان برهانا سواء كانت مشهورة أو مسلمة أو لم تكن وهو يفيد اليقين وان كانت مشهورة أو مقبولة سمى خطابة سواء كانت أو لم تكن وذلك يفيد الإعتقاد والتصديق الذى هو بين اليقين والظن ليس أنه يفيد الظن دون اليقين اذ ليس فى كونها مشهورة ما يمنع أن تكون يقينية مفيدة لليقين وفرق بين مالايجب أن يفيد اليقين وما يمنع افادة اليقين فالمشهورة من حيث هى مشهورة تفيد التصديق والإقناع والاعتقاد. ثم ان عرف أنها يقينية أفادت اليقين أيضا وإن عرف أنها غير يقينية لم تفد إلا الظن وإن لم تشعر النفس بواحد منهما بقى اعتقادا مجردا لا يثبت له اليقين ولا ينفى عنه وأما الحكمة فى القرآن فهى معرفة الحق وقوله والعمل به كما كتبت تفسيرها فى غير هذا الموضع والموعظة الحسنة تجمع التصديق بالخبر والطاعة للأمر ولهذا يجىء الوعظ فى القرآن مرادا به الأمر والنهى بترغيب وترهيب كقوله ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به وقوله يعظكم الله أن تعودوا لمثله وقوله فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة أى يتعظون بها فينتبهون وينزجرون
وكذلك الجدل الأحسن يجمع الجدل للتصديق وللطاعة .

حسام الدين حامد
01-04-2011, 11:36 PM
متابع يا سيدنا ..
وأكثر من النعناع .. :)

عياض
01-05-2011, 01:34 AM
و الله نعناعها فيها يا سيدي :):...و لكثرته يبدو اني ساعجز عن تلخيصها فعلا فالرجل من مقتصدي الأقوال و من ذوي المقالات "الأكاديمية " التي يندر فيها الخلو من الفائدة ...

كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل
01-05-2011, 01:48 AM
بوركت ووددنا لو أحضرت الزبدة وسنسأل عنها في الملتقى للفائدة ....

عياض
01-05-2011, 02:18 AM
الوجه الثانى ويمكن أن يقسم هذا إلى وجه آخر بأن يقال الناس ثلاثة أقسام إما أن يعترف بالحق ويتبعه فهذا صاحب الحكمة وإما أن يعترف به لكن لا يعمل به فهذا يوعظ حتى يعمل واما أن لا يعترف به فهذا يجادل بالتى هى أحسن لأن الجدال فى مظنة الإغضاب فإذا كان بالتى هى أحسن حصلت منفعته بغاية الإمكان كدفع الصائل
الوجه الثالث أن كلام الله لا يشتمل الا على حق يقين لا يشتمل على ما تمتاز به الخطابة والجدل عن البرهان بكون المقدمة مشهورة أو مسلمة غير يقينية بل اذا ضرب الله مثلا مشتملا على مقدمة مشهورة أو مسلمة فلا بد وأن تكون يقينية فأما الاكتفاء بمجرد تسليم المنازع من غير أن تكون المقدمة صادقة أو بمجرد كونها مشهورة وان لم تكن صادقة فمثل هذه المقدمة لا يشتمل عليها كلام الله الذى كله حق وصدق وهو أصدق الكلام وأحسن الحديث
فصاحب الحكمة يدعى بالمقدمات الصادقة سواء كانت مشهورة أو مسلمة أو لم تكن لما فيه من ادراك الدق واتباع الحق
وصاحب الموعظة يدعى من المقدمات الصادقة بالمشهورة لأنه قد لا يفهم الخفية من الحق ولا ينازع فى المشهورة
وصاحب الجدل يدعى بما يسلمه من المقدمات الصادقة مشهورة كانت أو لم تكن اذ قد لا ينقاد الى ما لا يسلمه هذا فأنه نافع جدا
وصاحب الجدل يدعى بما يسلمه من المقدمات الصادقة، مشهورة كانت أو لم تكن؛ إذ قد لا ينقاد إلى ما لا يسلمه، سواء كان جليًا أو خفيًا، وينقاد لما يسلمه، سواء كان جليًا أو خفيًا، فهذا هذا .
وليس الأمر كما يتوهمه الجهال الضلال من الكفار المتفلسفة، وبعض المتكلمة، من كون القرآن جاء بالطريقة الخطابية، وعري عن البرهانية، أو اشتمل على قليل منها بل جميع ما اشتمل عليه القرآن هو الطريقة البرهانية، وتكون تارة خطابية، وتارة جدلية مع كونها برهانية .
والأقيسة العقلية التي اشتمل عليها القرآن هي الغاية في دعوة الخلق إلى الله، كما قال : { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ } [ الإسراء : 89 ] ، في أول سبحان وآخرها، وسورة الكهف، والمثل هو القياس؛ ولهذا اشتمل القرآن على خلاصة الطرق الصحيحة، التي توجد في كلام جميع العقلاء من المتكلمة، والمتفلسفة، وغيرهم . ونزه الله عما يوجد في كلامهم من الطرق الفاسدة، ويوجد فيه من الطرق الصحيحة ما لا يوجد في كلام البشر بحال .
الوجه الرابع : أن هنا نكتة ينبغي التفطن لها، فإنها نافعة، وذلك أن المقدمة المذكورة في القياس الذي هو مثل لها وصف ذاتي، ووصف إضافي :
فالوصف الذاتي لها : أن تكون مطابقة، فتكون صدقا، أو لا تكون مطابقة فتكون كذبا، وجميع المقدمات المذكورة في أمثال القرآن هي صدق، والحمد لله رب العالمين .
وأما الوصف الإضافي : فكونها معلومة عند زيد، أو مظنونة، أو مسلمة أو غير مسلمة، فهذا أمر لا ينضبط . فرب مقدمة هي يقينية عند شخص قد علمها وهي مجهولة، فضلا عن أن تكون مظنونة عند من لم يعلمها، فكون المقدمة يقينية، أو غير يقينية، أو مشهورة، أو غير مشهورة، أو مسلمة أو غير مسلمة أمور نسبية وإضافية لها، تعرض بحسب شعور الإنسان بها .
ولهذا تنقلب المظنونة، بل المجهولة في حقه يقينية معلومة، والممنوعة مسلمة، بل والمسلمة ممنوعة . والقرآن كلام الله الذي أنذر به جميع الخلق، لم يخاطب به واحدًا بعينه حتى يخاطب بما هو عنده يقيني من المقدمات، أو مشهور، أو مسلم .
فمقدمات الأمثال فيه اعتبر فيها الصفة الذاتية وهي كونها صدقا، وحقا يجب قبوله، وأما جهة التصديق فتتعدد وتتنوع؛ إذ قد يكون لهذا من طرق التصديق بتلك المقدمة ما ليس لعمرو، مثل أن يكون هذا يعلمها بالإحساس والروية، وهذا يعلمها بالسماع والتواتر كآيات الرسول وقصة أهل الفيل، وغير ذلك .
فما كان جهة تصديقه عاما للناس، أمكن ذكره جهة التصديق به، كآيات الربوبية المعلومة بالإحساس دائمًا، وما كان جهة تصديقه متنوعًا، أحيل كل قوم على الطريق التي يصدقون بها .
وقد يقال في مثل هذا : { ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } [ النحل : 125 ] ، فإن مخاطبة المعين قد يعلم بها ما هو عنده يقيني أو مشهور من اليقين، أو مسلم منه .
وبهذا يتبين لك أن تقسيم المنطقيين لمقدمات القياس إلى المستيقن والمشهور والمسلم، ليس ذلك وصفا لازما للقضية، بل هو بحسب ما اتفق للمصدق بها، وربما انقلب الأمر عنده، ويظهر لك من هذا أن ما يشهدون عليه أنه ليس بيقيني، أو ليس مشهورًا، وليس بمسلم، ليست الشهادة صحيحة؛ إذ سلب ذلك إنما يصح في حق قوم معينين، لا في حق جميع البشر .
وكذلك الشهادة عليه بأنه يقيني، أو مشهور، أو مسلم، إنما هو في حق من ثبت له هذا الوصف .
وأيضا، القياس حق ثابت لا يتبدل، وما يقوله هؤلاء يتغير ويتبدل ولا يستمر، اللهم إلا في الأمور التي قضت سنة الله باشتراك الناس فيها، من الحسابيات، والطبيعيات .
وهذان الفنان ليسا مقصود الدعوة النبوية، ولا معرفتهما شرطًا في السعادة، ولا محصلًا لها، وإنما المقصود الفن الإلهي . ومقدمات القياس فيه هي من القسم الأول، الذي تختلف فيه أحكام المقدمات، بالنسب، والإضافة . فتدبر هذا فإنه خالص نافع عظيم القدر .

عياض
01-05-2011, 02:20 AM
بوركت ووددنا لو أحضرت الزبدة وسنسأل عنها في الملتقى للفائدة ....
لا تسـأل...فهي موجودة في الفتاوى بكافة طبعاتها الورقية و الرقمية...و انما قصدت بالعجز عن تلخيصها انها لكثرة فوائدها يستحيل ترك شيء منها فيلزم ايرادها كاملة دون تلخيص

الأشعث
01-16-2011, 02:09 AM
جزاكم الله خيرًا.