أبو القـاسم
01-27-2011, 12:19 AM
قال العلامة ابن القيم : (قال لي شيخ الإسلام رضي الله عنه وقد جعلت أورد عليه إيراداً بعد إيراد: لا تجعل قلبك للإيرادات والشبهات مثل السفنجة، فيتشربها.. فلا ينضح إلا بها ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة، تمر الشبهات بظاهرها ولا تستقر فيها.. فيراها بصفائه ويدفعها بصلابته )
--------
-من تلبيس شياطين الإنس على الناس أن يقولوا لهم:صاحب الحق لا يخشى ,فهلمّ إلينا واقرؤوا ما نكتب واسمعوا ما نقول..ألستم تقولون إن الحق معكم؟ فينخدع الغَرير بهم..على ضحالة علم عنده, ثم يكون أمثلهم طريقة -إذا لطف الله به- أن يُهرَع إلى الموحدين:أغيثوني فإني أصبت بالشك!..وأشقاهم حالاً من يستغني ,تاركاً أمواج الشبهات تلعب به ..حتى يغرق في ظلمات الكفر ..والعياذ بالله تعالى
-وهؤلاء لم يدركوا أن المسألة ليس عقلية مجردة بحيث إن حل مافيها من إعضال متوهم, لا يلزم أن يكون كافياً ولابد في تنقية ما يعلق في القلب من آثار..لأن مسالة الإيمان مركبة من حركة النفس في المعقولات وحركة النفس في القلبيّات..وسُلطة القلب إذا أشرِب معنىً من المعاني :كثيرا ما تقهر سلطةَ العقل!..إذ المشاعر تجيش بنفس صاحبها حتى تطغى على نتائج الفكر, وتحجب عنه ضوء الشمس..ولهذا تجد شخصا مثلاً يحب فتاة بقلبه ,فإذا قيل له: فيها ألف عيب وعيب..قال:ومع هذا أريدها!
-ومن هنا تفهم السر في أن طمس القلوب يكون حاجزاً عن تلقي أي حق..وتدبر أخيّ كيف ربط الله معية قوم لقوم بعقوبة الطبع على القلب في سياق واحد"رضوا بان يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون " وتأمل هذا الربط العجيب بين تنكب المطبوع على قلبه سبيل الحجة البيّنة "ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون*كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون"..ولهذا كان من مقتضى رحمة الله تعالى أن حذر من مجالسة هؤلاء الخائضين "وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره"..ثم اسمع التعقيب "إنكم إذًا مثلهم"! يعني إن رضيتم بمجالستهم وحالهم ما وصفت لكم
-وقد فهم أئمة الإسلام هذا الأمر جيداً ..ومن أوسعهم علماً وأكملهم عقلاً شيخ الإسلام ابن تيمية..فقد جعل تلميذه يورد عليه شبهة إثر شبهة وإيرادا بعد إيراد يطلب تفنيدًا ورداً..فكان أن أهداه هذه الوصية الغالية التي قال عنها ابن القيم: (ما أعلم أني انتفعت بوصية في دفع الشبهات كانتفاعي بذلك!)..فما معنى هذه الوصية؟
-قال له : (لا تجعل قلبك للإيرادات والشبهات مثل السفنجة، فيتشربها فلا ينضح إلا بها )
يعني لا تكثر من قراءة الشبهات أو سماعها أو إيرادها على نفسك كما لو كانت علماً تدرسه وتنشد منه طلبة الحق..وإن بحجة الرد عليها,فهذا سيؤول بقلبك أن يكون سفنجة مشرَبة بها "وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم" ..والقلب كالإناء بقدر ما يمتليء بشيء بقدر ما يزيح من ضده,,والشبهات تقابل الحقائق المحكمات ,فما هو إلا أيام حتى ينشأ عن ذلك الشك والحيرة..ويصبح قلبك إسفنجياً يقطر بهذه الشكوك حيثما حلّ
-ثم قال : (ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة، تمر الشبهات بظاهرها ولا تستقر فيها.. فيراها بصفائه ويدفعها بصلابته)
يعني حتى حين تضطر لقراءة شبهة بغرض الرد عليها وأنت مستكملٌ لأدوات العلم المؤهلة للرد عليها..حتى وأنت كذلك,فلا تمرّ عليها إلا مرور الكرام, دون هضم لها كأنك من أربابها, كالصقر الذي يحلق عالياً شامخاً فيرى ما أسفل منه ويدرك كونه سافلاً,لا كالذبابة التي تقع على الكريه فتجمع من كل زبالة رِجسةً ,فتغدو مجتمع أوساخ ....(تذكر أن المنصوح هو العلامة ابن القيم المشهود له بالإمامة في العبادة والرسوخ في العلم!!) فهذا معنى قوله :ولكن اجعله كالزجاجة..أي اجعل قلبك في حصن حصين عن أن تتسلل إليه شائبة شبهة بما فيه من مخزون اليقين الذي به يبصر الحق أبلج من جهة..فهذا صفاؤه فإنك ترى ما خلف الزجاج الصقيل مع كونك معزولا عن هذا الذي هو خلفه, فإن اتفق أن اضطررت للوقوف على الشبهات للرد ونحوه ..دفعها القلب بصلابته الإيمانية المؤسسة على العلم والتقوى كصلابة الزجاجة المصمتة..من جهة أخرى
بقي أن يقال:فكيف تحصيل الصفاء والصلابة المذكورين؟
يتبع إن شاء الله..
--------
-من تلبيس شياطين الإنس على الناس أن يقولوا لهم:صاحب الحق لا يخشى ,فهلمّ إلينا واقرؤوا ما نكتب واسمعوا ما نقول..ألستم تقولون إن الحق معكم؟ فينخدع الغَرير بهم..على ضحالة علم عنده, ثم يكون أمثلهم طريقة -إذا لطف الله به- أن يُهرَع إلى الموحدين:أغيثوني فإني أصبت بالشك!..وأشقاهم حالاً من يستغني ,تاركاً أمواج الشبهات تلعب به ..حتى يغرق في ظلمات الكفر ..والعياذ بالله تعالى
-وهؤلاء لم يدركوا أن المسألة ليس عقلية مجردة بحيث إن حل مافيها من إعضال متوهم, لا يلزم أن يكون كافياً ولابد في تنقية ما يعلق في القلب من آثار..لأن مسالة الإيمان مركبة من حركة النفس في المعقولات وحركة النفس في القلبيّات..وسُلطة القلب إذا أشرِب معنىً من المعاني :كثيرا ما تقهر سلطةَ العقل!..إذ المشاعر تجيش بنفس صاحبها حتى تطغى على نتائج الفكر, وتحجب عنه ضوء الشمس..ولهذا تجد شخصا مثلاً يحب فتاة بقلبه ,فإذا قيل له: فيها ألف عيب وعيب..قال:ومع هذا أريدها!
-ومن هنا تفهم السر في أن طمس القلوب يكون حاجزاً عن تلقي أي حق..وتدبر أخيّ كيف ربط الله معية قوم لقوم بعقوبة الطبع على القلب في سياق واحد"رضوا بان يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون " وتأمل هذا الربط العجيب بين تنكب المطبوع على قلبه سبيل الحجة البيّنة "ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون*كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون"..ولهذا كان من مقتضى رحمة الله تعالى أن حذر من مجالسة هؤلاء الخائضين "وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره"..ثم اسمع التعقيب "إنكم إذًا مثلهم"! يعني إن رضيتم بمجالستهم وحالهم ما وصفت لكم
-وقد فهم أئمة الإسلام هذا الأمر جيداً ..ومن أوسعهم علماً وأكملهم عقلاً شيخ الإسلام ابن تيمية..فقد جعل تلميذه يورد عليه شبهة إثر شبهة وإيرادا بعد إيراد يطلب تفنيدًا ورداً..فكان أن أهداه هذه الوصية الغالية التي قال عنها ابن القيم: (ما أعلم أني انتفعت بوصية في دفع الشبهات كانتفاعي بذلك!)..فما معنى هذه الوصية؟
-قال له : (لا تجعل قلبك للإيرادات والشبهات مثل السفنجة، فيتشربها فلا ينضح إلا بها )
يعني لا تكثر من قراءة الشبهات أو سماعها أو إيرادها على نفسك كما لو كانت علماً تدرسه وتنشد منه طلبة الحق..وإن بحجة الرد عليها,فهذا سيؤول بقلبك أن يكون سفنجة مشرَبة بها "وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم" ..والقلب كالإناء بقدر ما يمتليء بشيء بقدر ما يزيح من ضده,,والشبهات تقابل الحقائق المحكمات ,فما هو إلا أيام حتى ينشأ عن ذلك الشك والحيرة..ويصبح قلبك إسفنجياً يقطر بهذه الشكوك حيثما حلّ
-ثم قال : (ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة، تمر الشبهات بظاهرها ولا تستقر فيها.. فيراها بصفائه ويدفعها بصلابته)
يعني حتى حين تضطر لقراءة شبهة بغرض الرد عليها وأنت مستكملٌ لأدوات العلم المؤهلة للرد عليها..حتى وأنت كذلك,فلا تمرّ عليها إلا مرور الكرام, دون هضم لها كأنك من أربابها, كالصقر الذي يحلق عالياً شامخاً فيرى ما أسفل منه ويدرك كونه سافلاً,لا كالذبابة التي تقع على الكريه فتجمع من كل زبالة رِجسةً ,فتغدو مجتمع أوساخ ....(تذكر أن المنصوح هو العلامة ابن القيم المشهود له بالإمامة في العبادة والرسوخ في العلم!!) فهذا معنى قوله :ولكن اجعله كالزجاجة..أي اجعل قلبك في حصن حصين عن أن تتسلل إليه شائبة شبهة بما فيه من مخزون اليقين الذي به يبصر الحق أبلج من جهة..فهذا صفاؤه فإنك ترى ما خلف الزجاج الصقيل مع كونك معزولا عن هذا الذي هو خلفه, فإن اتفق أن اضطررت للوقوف على الشبهات للرد ونحوه ..دفعها القلب بصلابته الإيمانية المؤسسة على العلم والتقوى كصلابة الزجاجة المصمتة..من جهة أخرى
بقي أن يقال:فكيف تحصيل الصفاء والصلابة المذكورين؟
يتبع إن شاء الله..