زينب من المغرب
01-30-2011, 11:19 PM
السلام عيكم ورحمة الله وبركاته
يا إلهي الساعة الثالثة وهذا السعال يمنع النوم عن عيني، تجذبه إليها بضع دقائق ثم يطرده في صخب وعنف. تسأله لحظات سلام وهدوء فيختفي تاركا وراءه خوفا من توقيت عودته.
لقد جف حلقي وعلي البحث عن الماء ولو ضغطت مفتاح المصباح ستسألني أمي التي ينام فيها كل أعضائها إلا الأذن (نسأل الله رضاها والرضى لجميع المومنين والمومنات) وتقول لي هل ما زلت مستيقظة ثم تقوم بالبحث عن دواء لهذا السعال سواء كان أعشابا أو سم العقارب والأفاعي (كذا كانت جدتي رحمة الله عليها تسمي أدوية الصيدلية .(
سأتلمس الطريق إلى المطبخ، وعساي لا أسقط في السلالم.
كم هو مخيف هذا الليل،أصوات قطرات المطر وهي تسقط على النافذة تشعرني بالبرد لكنها على الأقل تكسر هذا الهدوء.
وددت لو استطعت فتح التلفاز الذي اضطررت لملازمته هذين اليومين منذ جمعة الغضب( هذا ما اختير كاسم وان كنت لا أحب أن يقترن الإسمان)، قضيت اليومين أتنقل بين قنوات "النيل" و"العربية" و "الجزيرة" و"المصريه" وغيرها. محاولة إبطال كذب هذا بذاك عليّ أخرج بالحقيقة من بين خيوط العنكبوت المتوفرة لكن اتضح لي أنه في زمني لا بد من الشبكة العنكبوتية لتستطيع الوصول إلى الحقيقة أو على الأقل جزء كبير منها.
في أيام الحرب على غزة استطعت بعد جهد جهيد الانفلات من موجة الغضب التي كنّا نُشحَن بها على مستوى الإعلام والتي لخصها تميم البرغوثي في شطر من قصيدته " الموت فينا وفيكم الفزع" لنحتقر أنفسنا ونصيب الأسد في الإحتقار لمصر التي تخاذلت، هذا ما أراده الإعلام وهذا ما آمن به شطر كبير من الناس.
وهاهم الذين اختزنوا ما اعتقده البرغوثي فزعا( وكان في الحقيقة صبرا) يفجرونه في بلدين والله أعلم بما سيأتي بعد ذلك. تمنيت أن يخبرني البرغوثي فيمن الفزع الآن؟؟
أفي زين العابدين الذي طار ولو كان عنزة، وأثبت للعالم أن عناد العربي قد يجعل العنزة تطير.
أم في مصر
حيث, بدأ الرفس في القطيع ليطير الواحد تلو الآخر، لكن يبدو أنهم يلعبون لعبة الياباني الذي يستبدل أخاه بشبيهه في تغافل منه بأن الغاضب لا يصاب بعمى كلي إنما يفقد فقط الحكمة لتسيير النزال لكن أن يخدع وهو الذي اسْتُنْفِذت معه سابقا كل الخدع لدرجة بدأ يقول فيها " دي قديمة أوي, شُفلينا حاجة ثانية يا عم " فالخداع مجرد تضييع..... والألم هنا يعتصر القلوب عندما يصل القلم إلى كلمة تضييع التي للأسف لا يذوق مرارتها سوى ذلك الغاضب وللأمهات فيها الشطر الأعظممن المرارة.
وطال بي الإنتظار لخطاب الرئيس وكل العذر له ( ليس من باب الأربعين عذر التي ينالها الأخ المسلم) ولكن من باب أننا نعلم مدى صعوبة إختيار مصطلحات التمويه ولي الأعناق بعد أن استنفذتها كل وسائل الإعلام ( وكل منها يخدم هدفا معينا). وتمنيت من كل قلبي أن لا يخرج الرئيس لأنني أعلم أن ما سيشحته ذلك القلم لتأليف الخطاب سوف لن يرقى إلى المستوى المطلوب ولن يساهم إلا في مضاعفة حجم الهشيم الذي يقذف به منذ الثلاثاء فإن كان بداية بالدماء التي تسقط فسيكون نهاية بكلمات لا تجدها سوى في قاموس الشماتة الصامتة.
انتظرت طويلا ثم أطفأت التلفاز لأنزل لصلاة العشاء ولكن في السلالم سمعت ذلك الصوت الخشن لمبارك من أحد بيوت الجيران (عادتنا نحن المغاربة أن نرفع الصوت عند خطاب الرؤساء والملوك بغية أن نفهم اعتقادا منا أن سبب عدم الفهم لدينا هو ضعف الصوت :): ). وقفزت عائدة لأراه من منبر الجزيرة ( منبر لا منبر له وهناك مثل مغربي يقول "اللي فيه شي حس كيقفز") وجاء مبارك بما كان متوقعا بخطاب لم يجف مداده بعد لدرجة لم يكن يرفع عينيه عن السطور مخافة أن تضيع منه كلمة في السياق ( وأنا مُدَرِّسة ولا تخفى عني حركات التلميذ الكسول). فكان ما كان وارتفع سقف المطالبات بعد أن توسط الحشد دماء الأبرياء فرفع عينيه ليرى بما يستظل فوجد خطاب مبارك الذي سيدخل التاريخ لكن من الباب الذي يشاء المؤرخون إن كانت مقولة " التاريخ يكتبه المنتصرون" لا زالت سارية المفعول.
كنت في أشد الحاجة للإتصال بأحد من مصر ليخبرني الوضع كما هو بعد أن اتصلت الجزيرة طيلة يوم الجمعة بصحافييها وعدة شخصيات دون أن تعطي الهاتف لواحد من المظاهرات يسمعنا ما يجري دون أن تقطع الحديث عنه في الوسط لنظل في حيرة بين ما يقول وما يقال. لكن لا حيلة لي سوى المتابعة في امتعاض من القوالب التي تصاغ. ضغطت متوجهة إلى قناة "المنار" لأفند بعضا مما أجد وتذكرت قول الفاضل عياض رادا علي :): " لا أعرف سوى إشعال النار" جملة تصلح لتفسير العديد مما يرد في الأخبار.
ثم جاء بعد ذلك أوباما ( وكان الإعلام ينتظره انتظار المريض» للحكيم « ) وقال ما أثار فيّ فعلا الإستغراب. لماذا يركز على نبذ العنف فلا أرى أي عنف إلى حد الآن. الجميع يتحدث عن قنابل مسيلة للدموع وقد ذقت غازها في مرة حين قرر بعض المتظاهرين في طنجة إحراق البنوك ولا أذكر ما كان سبب التظاهر إلا أنني أذكر أنا كنا نطل من السطح فقذف أحد عناصر الشرطة سطحنا بشيء يصدر غازا خانقا عرفت إسمه فيما بعد. وهذا فعلا ما كان يقوله الإعلام. ولكن أوبام يصر على نبذ العنف فهل هذا الغاز هو العنف المقصود؟؟؟
وعلى قول المصريين " يا خبر اليوم بفلوس بكرة يبقى ببلاش".
جاء السبت والساعة السادسة صباحا وبدأت مظاهر العنف تتضح للعيان وصور القتلى والجرحى تنتشر في الإعلام. وذاك هو العنف الذي استطاعت واشنطن أن تراه بينما الدوحة ( وغيرها)كانت مصابة بعمى الألوان فرأت السائل الأحمر غازا أبيضا، ولم تعالج حالة العمى هذه إلا بعد أن جاءها الترخيص من البيت الأبيض واستبقها إلى الرصد.
بدأت الصورة تتضح رغم أن جميع وسائل الإعلام كانت تشح علينا من صوت الشارع إلا من قليل قليل.
اسمتر الوضع كذلك لكن انتقل مبارك إلى الخطة رقم "2" وشممت فيها رائحة أفكار ولاد دروب الملاح، وحاسة الشم تلك لمُجَرِّبٍ وليس لطبيب. :):
فلجأ إلى المرتزقة وكم كانت اللعبة مفضوحة هذه المرة، ولا نحتاج ليوم آخر لفهم الوضع بدأ الجميع يتحدث عن عمليات نهب وسرقة، وابتسمت وأنا أقول في نفسي أيفعلها شعب لم يوجع دماغنا أحد مثله ب :إحنا أم الدنيا و إحنا مصر عارفة إيه مصر؟ وكلام من هذا القبيل لا تخلوا صفحات المصريين منه. أيفعلها شعب يحب بلده بشكل جنوني لا يا مبارك لو قلتها عن غيره لصدقناك لكن المصريين لا.
كانت الخطة لتكون محكمة لو وضعتم بعين الإعتبار وأنتم تنسجون خيوطها أن الشباب الذي سميتموه شباب الفايسبوك( وما هي إلا وسيلة استعملت كما تستعمل باقي الوسائل في كل زمن لعمل الثورات، فلا ينسب المستعمل لما استعمل) قد يكون فيه الملحد والنصراني واجمع من الملل والنحل ما تريد لكن يجمعه حب هستيري لبلده بحدوده الجغرافية ( وإن كانت عند هذه النقطة يجب أن تتمركز سهام الدعاة ولكن ليس المقام هنا لهذا الحديث) فكيف يعقل أن ينهب بلده.
فإن غالبنا العين لتغمض عن هذه المزلقة التي أوقع فيها مبارك نفسه فكيف سيفسر لنا. نشر الشرطة لتقتل في الشعب الذي يبغي للأرض إصلاحا ويجمعها حين أخرج فيها من يعيث في الأرض فسادا.
النهب على أشده والحيرة بدأت تطفىء نار الغضب من القلوب، واعتقد من اعتقد أنه وصل إلى نقطة الضعف وضغط على الزناد. ولكن أعماه الله سبحانه عن حقيقة ساطعة للأعمى تبدو في وضوح تام، وهي أن الذي أغضب هذا الشعب هو الفساد فكيف تريد اهماد غضبه بنار فساد أخرى وقد مرسته بجميع أنواع الفساد، كما وأنك نسيت أنه تمرس في الجيش أيضا.
وبعد أن بدأت علامات فشل الخطة رقم 2 تلوح في الأفق اضطر المفسدون أن يزيحوا عن أنفسهم طاقية الإخفاء التي لم تنفع وانظموا إلى صفوف الإنقاذ.
وجاءت أحد تخمينات العباقرة بأن التظاهرات مرشحة للإنتقال إلى الجزائر والمغرب والأردن. ولا أدري هل حشرنا هذا العبقري مع الجزائر عن معرفة حقيقية بالأوضاع في كلا البلدين أم هو ذلك الحشر الذي نخضع له دائما وفي كل مناسبة عن سبق إصرار وترصد لدرجة نلنا فيها الحظ الوافر من السب في أيام مباراة مصر والجزائر: فلو كان من باب الإسلام الذي يجمع البلدين فإن مصر لا تخرج من هذا الإطار، وإن كان للحدود الجغرافية التي رسمها المستعمر في قلوبنا فإن المغرب بلد والجزائر بلد آخر وإن كان للقرب فإن جارتنا الجزائرية ـ التي نحبها وبلدها أشد الحب ـ لا تسافر إلى بلدها إلا مرورا بفرنسا لسهولة الوضع بهذا الشكل. وبما أنني عاجزة عن معرفة أسباب هذا الحشر فسأترك نقاط الحذف في هذا لذاك العبقري الذي يملك كلمات تملؤها.
وتساءلت وأنا أقرأ التخمين ماذا لو حدث نفس الشيء في المغرب؟ هل سنطالب بالإطاحة بالملك؟؟ مستحيل, أن يكون هذا هو المطلب من عدة أوجه.أدناها أننا نعيش في أوج مرحلة انتقالية تبشر بالخير( على الأقل إقتصاديا بغض النظر عن تخمين النتائج على المستوى الأخلاقي) ولأن الملك فعلا يحظى بمكانة في قلوب شعبه المودع عن قريب لزمن طويل من .....( ضع ما تريد هنا مما يشكوه المصريون من مبارك وستظل مقصرا)
هل سنطالب بإطاحة الحكومة (وعلى رأي الفاضل عياض التي يتمنى نصف الشعب حرقها والنصف الآخر لن يمانع في شراء البنزين وهو قالها في السيدة كروان وأنا أقولها نيابة عما يخالج العقول وكمغربية) ؟؟
ولكن من سيتزعم الساحة ونحن فينا إيـــــــــه المغرمون بتزعم المظاهرات:
فجماعة العدل والإحسان ( التي تتداول داخلها هذه الجملة: لا زلنا غير مستعدين للحكم والفتح قد آن أوانه، ولم أكذب الذي نقل لي هذه الجملة كمجربة دائما وليس كطبيب). أما الإشتراكيون واليساريون فستخرج نساءهم بشعورهن وسراويلهن الجينز وستتمركز الصحافة عندهن لتنقل للعالم في صورة تتحدث في صمت أن نساء المغرب (ويجمعون الخضر باليابس) مقلدات عُمْي للغربيات. أما الحركة الأمازيغية ( وهي بالمناسبة لا تجمع كل الأمازيغ ): فسنسمع أصوات المغرب ليس عربيا إنه أمازيغي ويتم التصنيف على أساس الناطق بالأمازيغية ونقذف نحن إلى البحر بإعتبارنا أهل الأندلس الفارين من الحربطالما أن الأندلس نسيت أننا من رَقَّعَ هندامها.
وستأتي زينب ( لست أناطبعا) بل وْكَّالة رمضان والرْبَاعة ديالا لتقول نريد مغربا ( على فكرة لا أعرف أي مغرب تريد، تلك التي عاشت في فرنسا وحتى اسم بلدها تلفظه بظم الميم كما كل المتفرنسين(. والغريب أن تلك الرْبَاعة يزعجها مغربٌ أرى فيه حاملي الخمر نهارا وأمام عيني. وسنقف نحن ولاد الشعب بين هؤلاء لنقول أودي خسنا السلامة والأمان وليلكم شي عافية اللي تحرقكم ضربة وحدة اللي تفْكّرت منكم و اللي نسيت.
ولن نتظاهر مهما خمن المخمنون وتعبقر المتعبقرون ولا يستطيع الحكم على هذا البلد إلا أبناءه أما الذين يعتقدون أنهم محللين سياسيين انطلاقا مما درسوه في الكتب فإن سياسة المغرب وكما كان يقول والدي -رحمة الله عليه- لا تدرس في المدارس إنما في الدْرُوبا والزْنَايَق.
والبقية في طور الكتابة إن شاء الله تعالى
يا إلهي الساعة الثالثة وهذا السعال يمنع النوم عن عيني، تجذبه إليها بضع دقائق ثم يطرده في صخب وعنف. تسأله لحظات سلام وهدوء فيختفي تاركا وراءه خوفا من توقيت عودته.
لقد جف حلقي وعلي البحث عن الماء ولو ضغطت مفتاح المصباح ستسألني أمي التي ينام فيها كل أعضائها إلا الأذن (نسأل الله رضاها والرضى لجميع المومنين والمومنات) وتقول لي هل ما زلت مستيقظة ثم تقوم بالبحث عن دواء لهذا السعال سواء كان أعشابا أو سم العقارب والأفاعي (كذا كانت جدتي رحمة الله عليها تسمي أدوية الصيدلية .(
سأتلمس الطريق إلى المطبخ، وعساي لا أسقط في السلالم.
كم هو مخيف هذا الليل،أصوات قطرات المطر وهي تسقط على النافذة تشعرني بالبرد لكنها على الأقل تكسر هذا الهدوء.
وددت لو استطعت فتح التلفاز الذي اضطررت لملازمته هذين اليومين منذ جمعة الغضب( هذا ما اختير كاسم وان كنت لا أحب أن يقترن الإسمان)، قضيت اليومين أتنقل بين قنوات "النيل" و"العربية" و "الجزيرة" و"المصريه" وغيرها. محاولة إبطال كذب هذا بذاك عليّ أخرج بالحقيقة من بين خيوط العنكبوت المتوفرة لكن اتضح لي أنه في زمني لا بد من الشبكة العنكبوتية لتستطيع الوصول إلى الحقيقة أو على الأقل جزء كبير منها.
في أيام الحرب على غزة استطعت بعد جهد جهيد الانفلات من موجة الغضب التي كنّا نُشحَن بها على مستوى الإعلام والتي لخصها تميم البرغوثي في شطر من قصيدته " الموت فينا وفيكم الفزع" لنحتقر أنفسنا ونصيب الأسد في الإحتقار لمصر التي تخاذلت، هذا ما أراده الإعلام وهذا ما آمن به شطر كبير من الناس.
وهاهم الذين اختزنوا ما اعتقده البرغوثي فزعا( وكان في الحقيقة صبرا) يفجرونه في بلدين والله أعلم بما سيأتي بعد ذلك. تمنيت أن يخبرني البرغوثي فيمن الفزع الآن؟؟
أفي زين العابدين الذي طار ولو كان عنزة، وأثبت للعالم أن عناد العربي قد يجعل العنزة تطير.
أم في مصر
حيث, بدأ الرفس في القطيع ليطير الواحد تلو الآخر، لكن يبدو أنهم يلعبون لعبة الياباني الذي يستبدل أخاه بشبيهه في تغافل منه بأن الغاضب لا يصاب بعمى كلي إنما يفقد فقط الحكمة لتسيير النزال لكن أن يخدع وهو الذي اسْتُنْفِذت معه سابقا كل الخدع لدرجة بدأ يقول فيها " دي قديمة أوي, شُفلينا حاجة ثانية يا عم " فالخداع مجرد تضييع..... والألم هنا يعتصر القلوب عندما يصل القلم إلى كلمة تضييع التي للأسف لا يذوق مرارتها سوى ذلك الغاضب وللأمهات فيها الشطر الأعظممن المرارة.
وطال بي الإنتظار لخطاب الرئيس وكل العذر له ( ليس من باب الأربعين عذر التي ينالها الأخ المسلم) ولكن من باب أننا نعلم مدى صعوبة إختيار مصطلحات التمويه ولي الأعناق بعد أن استنفذتها كل وسائل الإعلام ( وكل منها يخدم هدفا معينا). وتمنيت من كل قلبي أن لا يخرج الرئيس لأنني أعلم أن ما سيشحته ذلك القلم لتأليف الخطاب سوف لن يرقى إلى المستوى المطلوب ولن يساهم إلا في مضاعفة حجم الهشيم الذي يقذف به منذ الثلاثاء فإن كان بداية بالدماء التي تسقط فسيكون نهاية بكلمات لا تجدها سوى في قاموس الشماتة الصامتة.
انتظرت طويلا ثم أطفأت التلفاز لأنزل لصلاة العشاء ولكن في السلالم سمعت ذلك الصوت الخشن لمبارك من أحد بيوت الجيران (عادتنا نحن المغاربة أن نرفع الصوت عند خطاب الرؤساء والملوك بغية أن نفهم اعتقادا منا أن سبب عدم الفهم لدينا هو ضعف الصوت :): ). وقفزت عائدة لأراه من منبر الجزيرة ( منبر لا منبر له وهناك مثل مغربي يقول "اللي فيه شي حس كيقفز") وجاء مبارك بما كان متوقعا بخطاب لم يجف مداده بعد لدرجة لم يكن يرفع عينيه عن السطور مخافة أن تضيع منه كلمة في السياق ( وأنا مُدَرِّسة ولا تخفى عني حركات التلميذ الكسول). فكان ما كان وارتفع سقف المطالبات بعد أن توسط الحشد دماء الأبرياء فرفع عينيه ليرى بما يستظل فوجد خطاب مبارك الذي سيدخل التاريخ لكن من الباب الذي يشاء المؤرخون إن كانت مقولة " التاريخ يكتبه المنتصرون" لا زالت سارية المفعول.
كنت في أشد الحاجة للإتصال بأحد من مصر ليخبرني الوضع كما هو بعد أن اتصلت الجزيرة طيلة يوم الجمعة بصحافييها وعدة شخصيات دون أن تعطي الهاتف لواحد من المظاهرات يسمعنا ما يجري دون أن تقطع الحديث عنه في الوسط لنظل في حيرة بين ما يقول وما يقال. لكن لا حيلة لي سوى المتابعة في امتعاض من القوالب التي تصاغ. ضغطت متوجهة إلى قناة "المنار" لأفند بعضا مما أجد وتذكرت قول الفاضل عياض رادا علي :): " لا أعرف سوى إشعال النار" جملة تصلح لتفسير العديد مما يرد في الأخبار.
ثم جاء بعد ذلك أوباما ( وكان الإعلام ينتظره انتظار المريض» للحكيم « ) وقال ما أثار فيّ فعلا الإستغراب. لماذا يركز على نبذ العنف فلا أرى أي عنف إلى حد الآن. الجميع يتحدث عن قنابل مسيلة للدموع وقد ذقت غازها في مرة حين قرر بعض المتظاهرين في طنجة إحراق البنوك ولا أذكر ما كان سبب التظاهر إلا أنني أذكر أنا كنا نطل من السطح فقذف أحد عناصر الشرطة سطحنا بشيء يصدر غازا خانقا عرفت إسمه فيما بعد. وهذا فعلا ما كان يقوله الإعلام. ولكن أوبام يصر على نبذ العنف فهل هذا الغاز هو العنف المقصود؟؟؟
وعلى قول المصريين " يا خبر اليوم بفلوس بكرة يبقى ببلاش".
جاء السبت والساعة السادسة صباحا وبدأت مظاهر العنف تتضح للعيان وصور القتلى والجرحى تنتشر في الإعلام. وذاك هو العنف الذي استطاعت واشنطن أن تراه بينما الدوحة ( وغيرها)كانت مصابة بعمى الألوان فرأت السائل الأحمر غازا أبيضا، ولم تعالج حالة العمى هذه إلا بعد أن جاءها الترخيص من البيت الأبيض واستبقها إلى الرصد.
بدأت الصورة تتضح رغم أن جميع وسائل الإعلام كانت تشح علينا من صوت الشارع إلا من قليل قليل.
اسمتر الوضع كذلك لكن انتقل مبارك إلى الخطة رقم "2" وشممت فيها رائحة أفكار ولاد دروب الملاح، وحاسة الشم تلك لمُجَرِّبٍ وليس لطبيب. :):
فلجأ إلى المرتزقة وكم كانت اللعبة مفضوحة هذه المرة، ولا نحتاج ليوم آخر لفهم الوضع بدأ الجميع يتحدث عن عمليات نهب وسرقة، وابتسمت وأنا أقول في نفسي أيفعلها شعب لم يوجع دماغنا أحد مثله ب :إحنا أم الدنيا و إحنا مصر عارفة إيه مصر؟ وكلام من هذا القبيل لا تخلوا صفحات المصريين منه. أيفعلها شعب يحب بلده بشكل جنوني لا يا مبارك لو قلتها عن غيره لصدقناك لكن المصريين لا.
كانت الخطة لتكون محكمة لو وضعتم بعين الإعتبار وأنتم تنسجون خيوطها أن الشباب الذي سميتموه شباب الفايسبوك( وما هي إلا وسيلة استعملت كما تستعمل باقي الوسائل في كل زمن لعمل الثورات، فلا ينسب المستعمل لما استعمل) قد يكون فيه الملحد والنصراني واجمع من الملل والنحل ما تريد لكن يجمعه حب هستيري لبلده بحدوده الجغرافية ( وإن كانت عند هذه النقطة يجب أن تتمركز سهام الدعاة ولكن ليس المقام هنا لهذا الحديث) فكيف يعقل أن ينهب بلده.
فإن غالبنا العين لتغمض عن هذه المزلقة التي أوقع فيها مبارك نفسه فكيف سيفسر لنا. نشر الشرطة لتقتل في الشعب الذي يبغي للأرض إصلاحا ويجمعها حين أخرج فيها من يعيث في الأرض فسادا.
النهب على أشده والحيرة بدأت تطفىء نار الغضب من القلوب، واعتقد من اعتقد أنه وصل إلى نقطة الضعف وضغط على الزناد. ولكن أعماه الله سبحانه عن حقيقة ساطعة للأعمى تبدو في وضوح تام، وهي أن الذي أغضب هذا الشعب هو الفساد فكيف تريد اهماد غضبه بنار فساد أخرى وقد مرسته بجميع أنواع الفساد، كما وأنك نسيت أنه تمرس في الجيش أيضا.
وبعد أن بدأت علامات فشل الخطة رقم 2 تلوح في الأفق اضطر المفسدون أن يزيحوا عن أنفسهم طاقية الإخفاء التي لم تنفع وانظموا إلى صفوف الإنقاذ.
وجاءت أحد تخمينات العباقرة بأن التظاهرات مرشحة للإنتقال إلى الجزائر والمغرب والأردن. ولا أدري هل حشرنا هذا العبقري مع الجزائر عن معرفة حقيقية بالأوضاع في كلا البلدين أم هو ذلك الحشر الذي نخضع له دائما وفي كل مناسبة عن سبق إصرار وترصد لدرجة نلنا فيها الحظ الوافر من السب في أيام مباراة مصر والجزائر: فلو كان من باب الإسلام الذي يجمع البلدين فإن مصر لا تخرج من هذا الإطار، وإن كان للحدود الجغرافية التي رسمها المستعمر في قلوبنا فإن المغرب بلد والجزائر بلد آخر وإن كان للقرب فإن جارتنا الجزائرية ـ التي نحبها وبلدها أشد الحب ـ لا تسافر إلى بلدها إلا مرورا بفرنسا لسهولة الوضع بهذا الشكل. وبما أنني عاجزة عن معرفة أسباب هذا الحشر فسأترك نقاط الحذف في هذا لذاك العبقري الذي يملك كلمات تملؤها.
وتساءلت وأنا أقرأ التخمين ماذا لو حدث نفس الشيء في المغرب؟ هل سنطالب بالإطاحة بالملك؟؟ مستحيل, أن يكون هذا هو المطلب من عدة أوجه.أدناها أننا نعيش في أوج مرحلة انتقالية تبشر بالخير( على الأقل إقتصاديا بغض النظر عن تخمين النتائج على المستوى الأخلاقي) ولأن الملك فعلا يحظى بمكانة في قلوب شعبه المودع عن قريب لزمن طويل من .....( ضع ما تريد هنا مما يشكوه المصريون من مبارك وستظل مقصرا)
هل سنطالب بإطاحة الحكومة (وعلى رأي الفاضل عياض التي يتمنى نصف الشعب حرقها والنصف الآخر لن يمانع في شراء البنزين وهو قالها في السيدة كروان وأنا أقولها نيابة عما يخالج العقول وكمغربية) ؟؟
ولكن من سيتزعم الساحة ونحن فينا إيـــــــــه المغرمون بتزعم المظاهرات:
فجماعة العدل والإحسان ( التي تتداول داخلها هذه الجملة: لا زلنا غير مستعدين للحكم والفتح قد آن أوانه، ولم أكذب الذي نقل لي هذه الجملة كمجربة دائما وليس كطبيب). أما الإشتراكيون واليساريون فستخرج نساءهم بشعورهن وسراويلهن الجينز وستتمركز الصحافة عندهن لتنقل للعالم في صورة تتحدث في صمت أن نساء المغرب (ويجمعون الخضر باليابس) مقلدات عُمْي للغربيات. أما الحركة الأمازيغية ( وهي بالمناسبة لا تجمع كل الأمازيغ ): فسنسمع أصوات المغرب ليس عربيا إنه أمازيغي ويتم التصنيف على أساس الناطق بالأمازيغية ونقذف نحن إلى البحر بإعتبارنا أهل الأندلس الفارين من الحربطالما أن الأندلس نسيت أننا من رَقَّعَ هندامها.
وستأتي زينب ( لست أناطبعا) بل وْكَّالة رمضان والرْبَاعة ديالا لتقول نريد مغربا ( على فكرة لا أعرف أي مغرب تريد، تلك التي عاشت في فرنسا وحتى اسم بلدها تلفظه بظم الميم كما كل المتفرنسين(. والغريب أن تلك الرْبَاعة يزعجها مغربٌ أرى فيه حاملي الخمر نهارا وأمام عيني. وسنقف نحن ولاد الشعب بين هؤلاء لنقول أودي خسنا السلامة والأمان وليلكم شي عافية اللي تحرقكم ضربة وحدة اللي تفْكّرت منكم و اللي نسيت.
ولن نتظاهر مهما خمن المخمنون وتعبقر المتعبقرون ولا يستطيع الحكم على هذا البلد إلا أبناءه أما الذين يعتقدون أنهم محللين سياسيين انطلاقا مما درسوه في الكتب فإن سياسة المغرب وكما كان يقول والدي -رحمة الله عليه- لا تدرس في المدارس إنما في الدْرُوبا والزْنَايَق.
والبقية في طور الكتابة إن شاء الله تعالى