المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الى اعضاء منتدى التوحيد



السرمودي
02-01-2011, 01:34 AM
أيها الإخوة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد: كيف نضبط انفعالاتنا؟ وهذا الموضوع موضوع مهم نظراً لأن الإنسان المسلم الذي يعيش في هذه الحياة يتعرض لكثيرٍ من الأمور التي تسبب انفعاله، ولا بد له أن يعلم كيف يكون الانفعال في مرضات الله سبحانه وتعالى، والله عز وجل قد خلق النفس وخلق فيها انفعالات، فالنفس تحب وتبغض، وترضى وتسخط، وتغضب وتهدأ، وتحزن وتفرح إلى آخر ذلك من أنواع الانفعالات التي تعتمل داخل هذه النفس.
هذه النفس البشرية شديدة التعقيد التي لم ينته علماء الطب وعلماء النفس من دراسة آثار الانفعالات في هذه النفس حتى اليوم، ولا زالوا يخرجون بنتائج جديدة، وأبحاث متعددة في مجال هذه النفس، هذا المجال الواسع الرحب، ولا يعلم ما في هذه النفس إلا الذي خلقها، ولا يعلم حدودها وما يصلحها إلى الذين فطرها رب العالمين.
ولذلك أيها الإخوة! ينبغي أن نرجع في تعاملنا مع أنفسنا إلى القرآن والسنة، فإنه مهما أتى البشر بنظريات ونتائج وأبحاث وتجارب فلا يمكن أن يأتوا بمثل ما جاء في هذا القرآن وهذه السنة المطهرة.
والله سبحانه وتعالى خلق آدم من قبضة من جميع الأرض؛ فجاء بنو آدم على قدر ذلك، فكان منهم السهل والحزن، يعني: الناس الذين تتميز أنفسهم بالسهولة والسلاسة، والناس الذين تتميز أنفسهم بالشدة والصلابة، بحسب التربة التي خلقوا منها، فناس أخذوا من تربة من أرضٍ سهلة، فجاءت أنفسهم مثل التربة التي خلقوا منها، وناس كان خلقهم من قبضة من جميع التربة فجاء أولاد آدم على قدر هذه القبضة التي خلق الله آدم منها، فمن الناس من يكون في صلابتهم وشدتهم مثل صلابة الصخر وشدة الجبال ووعورة مسالكها، كذلك وعورة أنفسهم، ولأن تربة الأرض مختلفة الألوان فمنها تربة سوداء ومنها تربة صفراء ومنها تربة بيضاء فجاء بنو آدم على قدر ذلك، فكان منهم الأبيض والأحمر والأصفر والأسود وهكذا، إن الله خلق آدم من قبضة من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر ذلك.


فمن الناس من لا يصلحه ولا يقوم مزاجه إلا الجدال غير أن المؤمن يجادل بالتي هي أحسن لأنه غير مطالب بإقناعهم بقدر ما هو مطالب ببذل السبب وتبليغ الخير لهم ، ولما كان للعلم منزلة عظيمة ومكانة بالغة في حياة المحتسب والداعية رغب الله فيه لهم وحثهم عليه بل ألزمهم بطلبه وذلك مأخوذ من قوله تعالى : (( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون
يقول ابن عباس رضي الله عنه في تفسير هذه الآية : (( كان ينطلق من كل حي من العرب عصابة فيأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيسألونه عما يريدون من أمر ديهم ويتفقهون فيب دينهم ويقولون للنبي صلى الله عليه وسلم : ما تأمرنا أن نفعله وأخبرنا بما نأمر به عشائرنا إذا أقدمنا عليهم . قال : فيأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بطاعة الله وطاعة رسوله ويبعثهم إلى قوهم بالصلاة والزكاة وكانوا إذا أتوا قومهم .. يدعونهم إلى الإسلام وينذرونهم النار ويبشرونهم بالجنة
ومن الناس من لا يوجب التوبة من الصغائر ، وحكي عن طائفة من المعتزلة .
ومن المتأخرين من أوجب أحد أمرين ، إما التوبة منها أو الإتيان ببعض المكفرات للذنوب من الحسنات .
وحكى ابن عطية في تفسيره في تكفير الصغائر بامتثال الفرائض واجتناب الكبائر قولين :
بذلك قطعا لظاهر الآية والحديث ، وحكى عن الأصوليين أنه لا يقطع

ومن الناس من لا يذكر الله الا مهاجراً واعظم الخطايا اللسان الكذوب وخير الغني غني النفس وخير الزاد التقوي ورأس الحكمة مخافة الله وخير ما القي في القلب اليقين والريب من الكفر والنوح من عمل الجاهلية والغلول من حرّ جهنم

ومن الناس من تكون الحكمة والمنطق السوي كاف في إقناعه وردعه عما هو فيه ، ومن الناس من ينكسر قلبه ويؤنبه ضميره ويعترف بخطئه بالموعظة الحسنة
ومن الناس من لا يصلحه ولا يقوم مزاجه إلا الجدال غير أن المؤمن يجادل بالتي هي أحسن لأنه غير مطالب بإقناعهم بقدر ما هو مطالب ببذل السبب وتبليغ الخير لهم

ومن الناس من لا يدخل الشيطان قلبه إلا مرورًا سريعًا، لقوة التحصينات حوله، فهذا مثل الذين يفعلون الصغائر أحيانًا وسرعان ما يتوبون منها، وهم الذين قال الله تعالى عنهم: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ)[الأعراف: 201]
ومن الناس من لا يقترب الشيطان من قلبه أبدًا؛ لأن قلبه مثل السماء المحروسة بالشهب، من الشياطين، فقلبه كذلك محروس من الشيطان، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم- عن هذا القلب: "أَبْيضُ مِثْلُ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دامَتِ السَّمَاواتُ والأَرْضُ". رواه مسلم (144)
، ومن الناس من لا يصلحه إلا الفقر ، ولو استغنى لأفسد ذلك عليه دينه ، كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه ، فالله جل وعلا حكيم عليم ، يرزق عباده بحسب حكمته وعلمه بما يصلحهم وما تنتظم به مصالحهم .
ومن الناس من لا يصلحه إلا الغنى ، ولو افتقر لأفسد ذلك عليه دينه

ومن الناس من لا تصلح حاله إلا بالغنى، فإن أصابه الفقر فسدت حاله، ومن الناس من لا تصلح حاله إلا بالفقر، فإن أصابه الغنى فسدت حاله،
ومن الناس من لا يرجى خيره ، ولا يخاف شره ، فبكوءه (1) خير من دره ، وعقوقه خير من بره ، ولا تبرحوا في حبكم فإن من أبرح في حب آل ذلك إلى قبيح بغض ، وكم قد زارني إنسان وزرته ، فانقلب الدهر بنا فقبرته .

ومن الناس من لا يتحول من الإسلام إلى الكفر ولكن يتحول إلى مذهب من مذاهب الفرق الضالة التي جاء الوعيد لها بالنار .
أو يتحول إلى الفسوق والعصيان فيستحق دخول النيران وإن كان تحت مشيئة الرحمن وليس من أهل الخلود في الجحيم .

ومن الناس من لا يقبل النصح ما دام توجيهاً مباشراً ويعتبره نوعاً من التدخل في الشؤون الخاصة وهؤلاء يستجيبون لمن يفلح في تغليف النصيحة ويشاركهم اهتماماتهم
ومن الناس من لا يشارك أقاربَه في أفراحهم، ولا يواسيهم في أتراحهم، ولا يتصدَّق على فقرائهم، بل تجده يقدم عليهم الأباعدَ في الصِّلات والصدقات.
ومِنَ الناس مَنْ يصل أقارِبَهُ إن وصلوه، ويقطعهم إن قطعوه، وهذا - في الحقيقة - ليس بواصل، وإنما هو مكافئٌ للمعروف بمثله، وهو حاصل للقريب وغيره، والواصلُ - حقيقة - هو الذي يتقي الله في أقاربه، فيصلهم لله سواء وصلوه أو قطعوه.

ومن الناس من لا يتمنى أن يكون في عون الناس، بل يتمنى أن يكون شوكة وعائقاً في سبيل مصالح الناس والعياذ بالله.
وروى البخاري أيضاً: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربة فرَّج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة ) .

والله الموفق وهو حسبي ونعم الوكيل
اخوكم السرمودي