المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تقرير البرهان الأخلاقي في إثبات وجود الباري سبحانه وتعالى



أبو القـاسم
02-06-2011, 07:43 PM
هذا دليل يعرفه الموحدون ,وهو مشارٌ إليه في القران العظيم..ولكن أرجو أن يوفقني الله تعالى في تقديمه في حلة قشيبة قريبة للفهم
في هذه الدنيا ظلمٌ وبغيٌ وكذب ونفاق وغش وتدليس وخيانة وعهر ومجون ,وعامة من يسلك هذه الطرق الردية ,يعلون في الأرض
وينالهم نصيب من الغنى والرفاهية ..في حين أنك ترى كثيراً من أهل الاستقامة في كربٍ وفقر وضعف وشظف..
فإذا صعّدت النظر في العالم من حولك ألفيت انتظاماً بديعاً يأسر النظر ويخلب اللب..فجرب إن شئت أن ترتاد رحلةً طويلة من الذرة إلى المجرة..مروراً بنفسك التي بين جنبيك,,, ولمّا كان البشر جزءاً من هذه المنظومة..فإن هذا "الاختلال" الظاهري في موت الظالم-مثلا- بعد أن أكل المظلوم وسحقه..يدل على ثغرة مفقودة لا بد من سدها حتى يتسق البناء البديع الذي ينطق به على الكون..
ولهذا عبر أحد الغربيين عن الحياة الدنيا بقوله:هذا هو المشهد الأول!..فعرف بالنظر أنه لابد أن يكون هناك يوم آخر يبعث فيه الناس
لإحقاق الحق فتتم معادلة الإبداع التي يشهد بها الكون..
حين ترى قصرًا مشيداً في غاية الجمال إلا موضع لبِنة فيه فإنها مفقودة..فإنك تدرك بداهة أن الباني لم يتركها عبثاً ..وأنه لابد وراءها من سر..لأن الذي أجمل القصر بهذا الإبداع لم يكن ليتصور العاقل أنه غفل عن ذلك ..فتستدل بآلاف اللبنات الشاهقة المتناسقة المتراصة بإحكام المزركشة بانتظام..أن هنالك حكمةً وراءها هكذا في سطة الجدار يراها الناس عياناً ,وكذلك حين ترى الكون من حولك بكل ما فيه من جلال وجمال..تدرك يقيناً أنه لايمكن أن يكون الموت هو النهاية..بل يعرف كل عاقل أنه هو البداية الحقيقية!
لقد نبه الله سبحانه على هذا الدليل فهو آية لمن رام البحث عن صحة البعث,يقول تبارك اسمه :
(وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون *ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين * إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون )
فها هنا أمور:-
1-بين أن الكافرين يقسمون أغلظ الأيمان على نفي البعث ..وعقب بأن أكثر الناس لا يعلمون..وحذف المفعول للعموم
2-ثم ذكر أن البعث لابد منه حتى يبين للناس ما اختلفوا فيه ..فيحق الحق ..وليظهر كذب الكافرين
3-ثم عقب بذكر قانون الخلق الذي يكون بـ"كن"..فتأمل الربط بين الأمرين

وقال الله عز وجل: (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون * وخلق الله السموات والأرض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون * أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون)
وها هنا أمور :
1-فذكر مجترحي السيئات وأنه لايمكن أن يستووا مع من آمن وعمل الصالحات في المآل ..
2-وربط ذلك بخلق السماوات والأرض بالحق. ..فتأمل!
3-ومن تمام الحق أن تجزى كل نفس بما كسبت
4-ثم عقب بذكر من اتخذ إلهه هواه..وهو من اتخذ معبوده :ما هويت نفسه عبادته..في حين ظن أنه حر ,وإنما هو مجرور بخطام الهوى
لأن من لايدرك ما سبق..سيقع في عبادة الأوثان المختلفة ..سيشرك بالله في عبادة بشر أو حجر وسيتخذ من نفسه معبودا حين يشرع لها شتى الملاذّ فيكون "لا دينيا "..أو سيلحد (والملحد مشرك أيضا) والشرك كما يكون في الدعاء يكون في التشريع لأنه خصيصة ملك الملوك.."ألا له الخلق والأمر"
ومن طريف ما يتعلق بهذا أني في جدالي مع إحدى الملحدات,استنكرت علي استعمال كلمة "دعارة" في وصف الملحدين لا في وصفها
فكان أن استشاط غضبها ..وعدتها مستمسكاً لترك حواري , فقلت لها:ليس من حق الملحد أن يغضب حتى لو سبه كل الناس
لأن تفسيره المادي للأشياء يقضي بأن يكون السب هو أيضاً من تفاعلات المادة التي في حيز الطاقة ..فلا معنى للأخلاق أصلا..وإذا كان الأمين الصادق العفيف سيلقى من التعاسة والكدر وقلة العيش في الدنيا..ثم يموت يوم يموت كالبهيمة..ولا بعث ولا نشور
فهذا يلزم منه بحسبة منطقية سهلة ترجيح جانب الغدر والخيانة والكذب الذي يجعلني أسود وأعلو..وإذا لم يكن ثم خالق عظيم حسيب يراقب الناس ويعلم ما يفعلون ..فما القيمة العظيمة النبيلة التي تستحق أن أضحي من أجلهاوأكون نبيلاً على حساب منافعي ومصالحي ولذّاتي وأنا اعلم أنه بقي من عمري سنوات قلائل ثم لا شيء!
ولهذا السبب لا يلام الملحدون وأشباههم حين يتحللون من كل خلق ..لأن هذا هو الأصل المتسق مع مبدئهم
والله الموفق

عابرة سبيل2
02-07-2011, 09:06 AM
جزاك الله خيرا ,,,
رائـع ..

بلا أماني
07-23-2011, 08:03 AM
طرح قيم ،جزاك الله خيرا

مبتلى
07-23-2011, 09:38 PM
لا تعلم كيف انشرح صدري أيها الأخ الحبيب ....

أبو القـاسم
07-25-2011, 09:24 AM
شكر الله لكم وبارك فيكم ..وقد سرني أن انشرح صدرك أخي الفاضل مبتلى..عافني الله وإياك من البلاء