المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إعلان المعين في الرد على شبهات الملاحدة واللادينيين



د.ربيع أحمد
02-09-2011, 03:51 AM
المعين في الرد على شبهات الملاحدة واللادينيين





الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على خاتم المرسلين وعلى أصحابه الغر الميامين ، و على من أتبعه بإحسان إلى يوم الدين وبعد :

فقد اطلعت في أواخر العام الماضي على بعض مقالات أحد المواقع الإلحادية صدفة فتألمت مما قرأت و تعجبت من سوء أدب أولئك و سوء فهمهم و تذكرت قوله تعالى : ﴿ إنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ ﴾ إنه العمي القلبي الذي قلب لهم النور ظلمة و الظلمة نور و الحق باطلا و الباطل حقا فما فائدة العقول و ما فائدة الأبصار و ما فائدة الأسماع إذا لم تستعمل فيما خلقت له سبحان ربي بأي منطق يتكلمون و بأي عقل يفهمون و بأي برهان يبرهنون و مع انعدام البصيرة انعدم الأدب و مع انعدام البصيرة رأيت منهم العجب كلماتهم لا تستحق القراءة بل الأولى تطوى و يحرقها اللهب إننا أمام عدو أشد من النصارى فلا تجد مسلما يعتنق النصرانية إلا رغبة في المال و النساء و ليس إرادة و اقتناعا فمهما كان المسلم لا يفهم من دينه شيئا لا ينخدع بعقيدة النصارى أما كلام الملاحدة واللادينيين فيتستر وراء العلم و يزيين باطله بحجج قد تخيل على من لا يعرف من دينه إلا اسمه لا من عرف اسمه و رسمه و دفاعا عن الله و دينه عزمت على الرد على شبهاتهم حتى لا يغتر أحد بكلماتهم و تدخله أحد شبهاتهم و لا يستطيع دفعها و قد قال تعالى : ﴿ ُيرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ .

د.ربيع أحمد
02-09-2011, 03:53 AM
أخوتي إن ما كتبته من ردود كتبته لإخواني المسلمين أولا و للمنصفين من الملاحدة و اللادييين ثانيا و لمن يريدون الحق من الملاحدة اللهم اهدي الملاحدة و اللادينيين و غيرهم إلى دينك حتى يذوقوا ما تذوقناه من حلاوة الإيمان و رحمة الإسلام و تقر أعينهم بكلمات القرآن

الردود على مدونتي مع الله عليك بالضغط على المقال الذي تحب قراءته و سوف توجه بإذن الله للمقال الذي في المدونة
ملاحظة : هذا العمل ليس جهدا فرديا بل جهدا جماعيا فقد استفدت كثيرا من كلام الأخوة و الأخوات في هذا المنتدى المبارك و غيره من المنتديات .
هذه الردود مجرد ردود مبدئية لضيق الوقت و سأفصل بإذن الله عند سماح الوقت .
من يريد التعقيب هنا فأهلا و مرحبا فليس الحق حكرا على أحد و كل يؤخذ من كلامه و يرد و إذا لم يسمح لي الوقت بالرد فليرد عني الأخوة الكرام .
بالنسبة لمدونتي التعليقات لن تظهر حتى اتمكن من قرائتها و قبولها حتى لا يكتب مغرض شيئا و أنا مشغول فيحسب أن باطله مستساغ أو أن باطله لا أحد يستطيع كشفه و إبطاله .

د.ربيع أحمد
02-09-2011, 04:25 AM
فهرس المعين في الرد على شبهات الملاحدة واللادينيين



- الدلالة على وحدانية الله (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320127.html)

- الرد على سؤال الملاحدة من خلق الله (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320257.html)

- الرد على زعم اللادينيين إن الدين شرٌّ ما بعده شرّ (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320131.html)

- الرد على زعم اللادينيين أن لا حاجة للدين في تأسيس الأخلاق (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320269.html)

- الرد على زعم الملاحدة الفيزياء الحديثة تنفي وجود خالق للكون (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320262.html)

- الرد على إنكار الملاحدة أن كل حادث يحتاج إلى محدث (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320133.html)

- الرد على زعم الملاحدة لا يوجد واجب للوجود و كل الموجودات ممكنة الوجود (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320270.html)

- الرد على زعم الملاحدة بأزلية المادة لاستحالة تحول العدم إلا الوجود (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320267.html)

- الرد على زعم الملاحدة أن الذي خلق الكون الطبيعة (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320266.html)

- الرد على زعم الملاحدة أن الله غير موجود لعدم رؤيتنا له (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320266.html)

- الرد على زعم الملاحدة أن الله لم يخلق هذا الكون لخدمة الانسان لوجود أكوان أخرى (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320261.html)

- الرد على زعم الملاحدة أن الكون واجب الوجود (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320256.html)

- الرد على زعم الملاحدة بعدم وجود سبب للكون لأن الوجود الكلي واجب الوجود لذاته (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320237.html)

-الرد على زعم الملاحدة أن نظرية النسبية تسقط وجود المسبب الأول (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320186.html)

- الرد على زعم الملاحدة أن مبدأ هايزنبرج ينفي قانون السببية (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320184.html)

-الرد على زعم الملاحدة أن الكون أزلي بدليل تكونه من الفراغ (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320167.html)

- الرد على زعم الملاحدة أن الكون أزلي بدليل نظرية الكون الهزاز (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320164.html)

- الرد على زعم الملاحدة أن الكون تكون صدفة بدليل مبدأ اللادقة (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320168.html)

- الرد على زعم الملاحدة أن العالم غير محتاج إلى غيره (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320159.html)

- الرد على رفض الملاحدة دليل النظام كدليل على وجود الله (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320149.html)

- الرد على زعم الملاحدة أن الإيمان بالله ليس سببا للأخلاق الحميدة (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320135.html)

- الرد على زعم اللادينيين أن وجود الشر دليل على عدم وجود الله (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320231.html)

- الرد على سؤال الملاحدة كيف تقولون العالم غير أزلي و عندكم الجنة و النار لا تفنى ؟ (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320246.html)

- الرد على زعم الملاحدة الفيزياء الحديثة تنفي وجود خالق للكون (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320262.html)

- الرد على رفض الملاحدة خلق الله الكون من العدم (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320148.html)

- الرد على زعم الملاحدة أن أبا لهب أجبر الله بسورة له ( تعالى الله عن ذلك ) (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320158.html)

- الرد على زعم الملاحدة أن الجاذبية و النظرية الكمّية سبب إحداث الكون نفسه من العدم (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320160.html)

- الرد على زعم اللادينيين أن الدين قضية وراثية (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320162.html)

- الرد على زعم اللادينيين إن كان هناك إله فلابد أنه أراد ألا يعرفه أحد (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320170.html)

- الرد على سؤالهم لما اتصل الله بشخص واحد فقط ليبلغ أمه كاملة ؟ (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320254.html)

- الرد على سؤال الملاحدة كيف يكون الله موجودا و لايهتم بهذه الجرائم والمذابح التي تحدث ؟ (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320250.html)

- الرد على زعم الملاحدة لو كان الله حكيما لما وجد خلل في خلقه (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320242.html)

- الرد على زعم الملاحدة عدم وجود سبب للكون لأن الوجود الكلي واجب الوجود لذاته (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320237.html)

- الرد على زعم الملاحدة بأن العدم خرافة و أن المادة يبقى جزء منها (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320235.html)

- الرد على سؤال الملاحدة كيف تأتي العدالة الإلهية بعد أن يبلغ الظلم مداه ؟ (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320268.html)

- الرد على قول الملاحدة الله غير موجود لأنه لم ينتقم ممن يسبه (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320264.html)

- الرد على سؤال الملاحدة من قال أن الكون منظم و دقيق ؟ (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320258.html)

- الرد على قول الملاحدة الكون لم يكن بحاجة إلى إله يشعل فتيل ما لخلقه (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320263.html)

- الرد على زعم الملاحدة لو كان التوجه إلى الله أمراً فطرياً لما عبد النّاس آلهة شتى (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320272.html)

- فساد قول بعض الملاحدة أنه لا ديني بالفطرة (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320271.html)

- الرد على سؤال الملاحدة كيف تخصصون قاعدة كل شيء له سبب ؟ (http://rabieahmed.jeeran.com/archive/2011/2/1320243.html)

د.ربيع أحمد
02-09-2011, 03:21 PM
الدلالة على وحدانية الله




إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :


فيتسائل البعض ما الدليل على وحدانية الله ؟

و الجواب الدلالة على وحدانية الله أنه لو فرض تعدد الألهة لترتب على ذلك ما يلي :

1- اختلال نظام الكون حيث سينفرد كل منهم بما خلق ، و الكون منتظم كما هو مشاهد .

2- لطلب كل إله القهر و الغلبة على الآخر فيعلو بعضهم على بعض ، قال تعالى : ﴿ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾[1] ، أي لو قدر تعدد الألهة لانفرد كل منهم بما خلق ، فما كان ينتظم الوجود .

و المشاهد أن الوجود منتظم متسق ، كلٌ من العالم العلوي و السفلي مرتبط بعضه ببعض في غاية الكمال ، ﴿ مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ ﴾ ، ثم لكان كل منهم يطلب قهر الآخر و خلافه فيعلو بعضهم على بعض و المتكلمون ذكروا هذا المعنى وعبروا عنه بدليل التمانع، وهو أنه لو فرض صانعان فصاعدا، فأراد واحد تحريك جسم وأراد الآخر سكونه، فإن لم يحصل مراد كل واحد منهما كانا عاجزين، والواجب لا يكون عاجزا، ويمتنع اجتماع مراديهما للتضاد. وما جاء هذا المحال إلا من فرض التعدد، فيكون محالا فأما إن حصل مراد أحدهما دون الآخر، كان الغالب هو الواجب، والآخر المغلوب ممكنا ؛ لأنه لا يليق بصفة الواجب أن يكون مقهورا [2].

قال اليافعي : (( لَا يعرف الله سُبْحَانَهُ إِلَّا بِصِفَات الْكَمَال الْمُطلق وَإِلَّا لَكَانَ نَاقِصا وَالنَّقْص محَال عَلَيْهِ تَعَالَى وَمن جملَة الْكَمَال كَونه وَاحِدًا متوحدا بِالْملكِ مُنْفَردا بتدبير المملكة غير مشارك فِي الْخلقَة وَالْأَمر لِأَن الشّركَة يلْزم مِنْهَا الْمحَال أَو النَّقْص الْمُؤَدِّي إِلَيْهِ لأَنا إِذا فَرضنَا إِلَهَيْنِ وفرضنا إِرَادَة أَحدهمَا شَيْئا وَإِرَادَة الآخر نقيضه كإيجاد شَيْء وَعدم إيجاده أَو تحريكه وتسكينه فإمَّا أَن يحصل مرادهما فيجتمع النقيضان أَو لَا يحصل مُرَاد وَاحِد مِنْهُمَا فيرتفعان وَالْكل محَال أَو يحصل مُرَاد أَحدهمَا دون الآخر فَيلْزم عجز من لم يحصل مُرَاده فَلَا يكون إِلَهًا لنقصه فَلَزِمَ أَن لَا يكون الْإِلَه إِلَّا وَاحِدًا ))[3] .

و قال الباقلاني: (( و ليس يجوز أن يكون صانع العالم اثنين، ولا أكثر من ذلك، والدليل على ذلك أن الاثنين يصح أن يختلفا، ويوجِد أحدهما ضد مراد الآخر؛ فلو اختلفا، وأراد أحدهما إحياء جسم، وأراد الآخر إماتته، لوجب أن يلحقهما العجز، أو واحداً منهما؛ لأنه محال أن يتم ما يريدان جميعاً لتضاد مراديهما. فوجب أن لا يتما، أو يتم مراد أحدهما، فيلحق من لم يتم مراده العجز. أو لا يتم مرادهما، فيلحقهما العجز. والعجز من سمات الحدث، والقديم الإله لا يجوز أن يكون عاجزاً ))[4] .



قال الشيخ الهراس : (( إذا تعددت الآلهة فلا بد أن يكون لكل منهم خلق و فعل ، و لا سبيل إلى التعاون فيما بينهم ؛ فإن الاختلاف بينهم ضروري، كما أن التعاون بينهم في الخلق يقتضي عجز كل منهم عند الانفراد .

والعاجز لا يصلح إلها، فلا بد أن يستقل كل منهم بخلقه وفعله، وحينئذ؛ فإما أن يكونوا متكافئين في القدرة، لا يستطيع كل منهم أن يقهر الآخرين ويغلبهم، فيذهب كل منهم بما خلق، ويختص بملكه؛ كما يفعل ملوك الدنيا من انفراد كل بمملكته إذا لم يجد سبيلا لقهر الآخرين، وإما أن يكون أحدهم أقوى من الآخرين، فيغلبهم، ويقهرهم، وينفرد دونهم بالخلق والتدبير، فلا بد إذا مع تعدد الآلهة من أحد هذين الأمرين : إما ذهاب كل بما خلق، أو علو بعضهم على بعض .

و ذهاب كل بما خلق غير واقع؛ لأنه يقتضي التنافر والانفصال بين أجزاء العالم، مع أن المشاهدة تثبت أن العالم كله كجسم واحد مترابط الأجزاء، متسق الأنحاء، فلا يمكن أن يكون إلا أثرا لإله واحد و علو بعضهم على بعض يقتضي أن يكون الإله هو العالي وحده ))[5].


و ما العلاقات الدقيقة المتناسقة و المحكمة القائمة بين مكونات الكون بعضها بعضا إلا مؤشر على وحدة هذا الكون و من ثم وحدة خالقه سبحانه .


و العقل يأبى إلا أن يكون إلها واحدا هو الحق وما دونه فليس بإله حق فلو كان هناك آلهة كثيرة لهذا الكون لفسد الكون فمثلا هذا إله يريد أن يأت بالشمس من المشرق والآخر يريد أن يأتي بالشمس من المشرق إله يريد أن تأكل البهائم عشابا و إله يريد أن تأكل البهائم لحما الكون سيضطرب حتما فالخالق لا بد أن يكون واحدا يخلق كل شيء كي يتصرف في كل شيء و إذا لم يخلق كل شيء من الموجودات فلا يقدر على التدخل في شيء منها من حيث الإيجاد و الحياة .

و من لا يستطيع التصرف في كل شيء لا يستطيع أن يمسك زمام عنصر واحد في الوجود ؛ لأن العنصر الواحد كي يسيطَر عليه لابد من السيطرة على جميع الموجودات التي تتعلق به و يتعلق بها و انتظام أفعال هذا الكون و عدم تغيرها يدل على وجود خالق واحد .

و خلق الأشياء من عدم مهمة كبيرة و المهام الكبيرة عندما يديرها واحد تكون أحسن من أن يديرها أكثر من واحد ؛ لأن هذا الواحد سيكون له السيطرة في كل شيء بنفس القوة و النفوذ أما الكثرة فأفكار مختلفة و سلطان متساوي فسيحدث خلاف بينهما و سيحدث اضطراب النظام .

و طلاقة خلق الكون و انتظام الكون و تناسق الكون دليل على إله واحد فخلق النبات يحتاج لتربة وهواء و شمس والشمس في مجرة و المجرة حولها مجرات فلو كان هناك إله يملك أحد العناصر والآخر يملك العناصر الأخرى لتعطل هذا النظام .


هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات




[1] - المؤمنون آية 91
[2] - تفسير بن كثير 5/491
[3]- مرهم العلل المعضلة في الرد على أئمة المعتزلة لليافعي ص 57
[4] - التمهيد في الرد على الملحدة المعطلة والرافضة والخوارج والمعتزلة، للباقلاني ص46
[5] - شرح العقيدة الواسطية للهراس ص 135.

د.ربيع أحمد
02-09-2011, 03:24 PM
الرد على سؤال الملاحدة من خلق الله







إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين


أما بعد :


فقد تواطأ سؤال الملاحدة عمن خلق الله فتجدهم يقولون سلمنا لكم أيها المؤمنون أن الله هو علة الوجود فيجب عليكم أيها المؤمنون أن تجيبوننا عمن خلق الله



و الجواب أنه من المعلوم فلسفيا أن كل ما له بداية ، له مُسبب أما الله فلا نقول أن له بداية ، و بالتالى لا يمكن تطبيق هذا الاحتجاج عليه فالخالق لا يخلق ؟

و قول القائل: من خلق الله؟ يساوي قوله ما الذي سبق الشيء الذي لا شيء قبله؟ أو ما بعد الشيء الذي لا شيء بعده؟



و يستحيل أن يكون الله خالقا و مخلوقا في آن واحد و المخلوقية من صفات الحوادث فكيف نصف الخالق الأزلي بصفات الحوادث و ننسب له ما لا يليق ؟!!




و لا يصح أن يقاس المخلوق الحادث على الخالق القديم الأزلي الذي لا أوّل له كما أن الصنعة لا تقاس على الصانع و الصنعة لا تشبه الصانع و لله المثل الأعلى .



و لو سلمنا جدلا أن هناك خالقاً لله تعالى ! فسيقول السائل : من خلق خالق الخالق ؟! ثم من خلق خالق خالق الخالق ؟! وهكذا يتسلسل إلى ما لا نهاية و هذا محال فيلزم من ذلك أن لا خالق و هذا مستحيل لظواهر الكونية الدالة على وجود الله و لم يوجد مجتمعٌ بلا معابد وعقيدة، ولكن وُجِدت مجتمعاتٌ بلا صنعةٍ أو زراعةٍ أو نظمٍ سياسيَّة ووجود الله مركوزٌ داخل النفس الإنسانيَّة مهما حاول الإنسان طمسه، ربَّما برز وظهر عندما يستشعر الإنسان ضعفه وحاجته، وما ذلك إلا لأنَّه يحسُّ حينئذٍ أنَّ ضعفه يدلُّ على وجود ذاتٍ قويَّة، وأنَّ حاجته تدلُّ على وجود ذاتٍ مستغنيةٍ ليست بحاجةٍ إلى غيرها .




و قولنا المخلوقات تنتهي إلى خالقٍ خلق كل شيء ، ولم يخلقه أحد ، بل هو الخالق لما سواه فهذا هو الموافق للعقل و المنطق .





هذا والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

د.ربيع أحمد
02-18-2011, 12:07 AM
ملاحظة : كل مشاركة تتضمن شبهة للملاحدة و دحضها و على رأس كل عشرين مشاركة سنضع فهرس الشبهة ورقم المشاركة التي فيها هذه الشبهة ودحضها


الرد على زعم اللادينيين أن الدين شرٌّ ما بعده شرّ



إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :


فقد كثرت مقولة إن الدين شرٌّ ما بعده شرّ عند الملاحدة فتجدهم يكررون هذا العبارة في معظم مواقعهم و مدوناتهم و منتدياتهم و هذه المقولة إن قصد بها كل دين غير الإسلام فحق لما عليه الأديان الأخرى من خرافات وأضاليل وأكاذيب حتى النصرانية و اليهودية لم تسلم من التحريف و التضليل و الخرافات أما الإسلام فقد تكفل الله بحفظه و اشتمل الإسلام على كل محاسن الأديان السابقة .

و الإسلام كله خير و ما أتى إلا لجعل الناس في خير دينا و دنيا إذ الإسلام يدعو إلى الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لردع نفوس أهل الإسلام الضعيفة عن التهاون في الواجبات و ارتكاب المحرماتقال تعالى : ﴿ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾[1] .

و الإسلام يدعو إلى حسن الأخلاق و حسن الأعمال قال تعالى : ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾[2] .

و الإسلام يدعو لحفظ العقول فحرم ما يؤدي لتدميرها قال صلى الله عليه وسلم : « كل مسكر خمر ،وكل مسكر حرام »[3].

و الإسلام يدعوإلى حفظ الأموال فنهى عن القمار و ما يفسد الأموال قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمـَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسـِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِـنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبـُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾[4] .

و الإسلام يدعو للرحمة بالآخرين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا أهل الأرض يرحمكم من في السماء »[5] .

و الإسلام يدعو إلى عدم الإسراف في الطعام والشراب و بذلك تحفظ الصحة قال تعالى : ﴿ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾[6] و نهى الإسلام عن التبذير في إنفاق الأموال قال تعالى : ﴿ وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً ﴾[7] .

و الإسلام يدعو للشورى مما يؤدي إلى توحيد الأمة و اجتماعها على كلمة واحدةقال تعالى : ﴿ فبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾[8] .

و الإسلام يحوي الجواب عما أراده الخالق من الإنسان و من أين أتي و إلى أين المصير قال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾[9] أي : يا أيها الناس خافوا الله والتزموا أوامره, واجتنبوا نواهيه; فهو الذي خلقكم من نفس واحدة هي آدم عليه السلام, وخلق منها زوجها وهي حواء, ونشر منهما في أنحاء الأرض رجالا كثيرًا ونساء كثيرات, وراقبوا الله الذي يَسْأل به بعضكم بعضًا, واحذروا أن تقطعوا أرحامكم. إن الله مراقب لجميع أحوالكم[10] فبينت الآية أن الله هو خالق الإنسان و أن الله خلق جميع البشر من نفس واحدة آدم عليه السلام ، و قال تعالى : ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾[11] أي : وما خلقت الجن والإنس وبعثت جميع الرسل إلا لغاية سامية, هي عبادتي وحدي دون مَن سواي[12] قال تعالى :﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ﴾[13] .

و الإسلام يوافق العلم و لا يخالفه بل قد شهدت الاكتشافات العلمية للإسلام بالصحة قال تعالى : ﴿ و َلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ﴾[14] ، و ثبت علميا أن الإنسان العناصر التي يتكون منها الإنسان هي نفس العناصر التي تتكون منها الأرض ،و قال تعالى :﴿وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً ﴾[15]والوتد في كلام العرب هو ما يكون منه جزء ظاهر على سطح الأرض ومعظمه غائر فيها ، وقد ثبت علميا أن للجبال جذور ممتدة تحت الأرض ، والتي ثبت أخيراً أنها تزيد على الارتفاع الظاهر بعدة مرات .

و الخلاصة أن دين الإسلام كله خير فعبارة هؤلاء الملاحدة أن الدين شر ما بعده شر منقوضة بوجود دين الإسلام الذي حوى كل الخير هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات





[1] - ال عمران الآية 104
[2]- الأعراف الآية 199
[3]- رواه مسلم في صحيحه 3735
[4]- المائدة الآية 141
[5]- صححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود رقم 4941
[6]- الأعراف الآية 31
[7]- الإسراء الآية 26
[8] - ال عمران الآية 159
[9] - النساء الآية 1
[10] - التفسير الميسر
[11]- الذاريات الآية 56
[12] - التفسير الميسر
[13] - سورة الزلزلة
[14] - المؤمنون الآية 12
[15] - النبأ الآية 7

د.ربيع أحمد
02-18-2011, 12:17 AM
الرد على قول اللادينيين لا حاجة للدين في تأسيس الأخلاق











إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين



أما بعد :




فيقول بعض الملاحدة إذا كانت الغاية من معرفة الدين والتحلي به، التمسك بالأخلاق المثلى، فلتكن دعوتنا إلى هذه الأخلاق مباشرة دون الدعوة إلى الدين و لا حاجة إلى الدين ولنختصر الطريق إلى الغاية دون أن نقيم المسافات الطويلة بيننا وبينها. و اختصار الطريق يعني نبذ الدين و عدم الحاجة إليه ، والاستعاضة عن الدين بتدريس الأخلاق مباشرة .


و الجواب أن هذا الكلام دعوة إلى نبذ الأخلاق و القيم الفاضلة ، و إلى التحرر من ضابطها ، و يكذب هذا الكلام تاريخ الإنسانية إذ لم تشهد أمة أو جماعة التزمت القيم الأخلاقية و تقيدت بضوابطها دون الاعتماد على وازع خارجي يقودها إلى ذلك ، و لا يوجد وازع ينجح في حمل الناس على هذا الالتزام ، إلا الوازع الديني .



و إن حضور الدين في مشاعر الحب والخوف والرضا والغضب والرغبة والكره تنمي في شخصية الإنسان مقاومة الانحراف و الشر ، بينما خلو المشاعر من التدين يؤدي إلى سهولة انحراف الإنسان .



و في المجتمعات غير الملتزمة بالدين، يمكن أن يقدم الناس على ارتكاب جميع أنواع الأعمال غير الأخلاقية ، فعلى سبيل المثال، لا يمكن للإنسان المتدين أن يقبل التعامل بالرشوة أو القمار أو أن يحسد أحدا، أو أن يكذب لأنه يعلم أن عليه مراقبة أعماله وتذكر الحساب بعد الموت. ومن جهة أخرى، فإن ّالشخص غير المتدين لا يمنعه شيء عن ارتكاب هذه الأ عمال .


إنه ليس كافيا أن يقول الشخص غير المتدين : "أنا لا أؤمن بالله ولكنني لا آخذ رشوة " أو أن يقول : " أنا لا أؤمن بالله و لكنني لا أقامر". و السبب، أنّ الإنسان الملحد الذي لا يخشى الله ولا يستشعر رقابته، ولا يخاف الحساب بعد الموت قد يرتكب أيا من هذه الأفعال عند تغير المواقف أو الأوضاع من حوله .


وإذا قال شخص ما : " أنا ملحد ولكنّني لا أزني" فالشخص نفسه قد يرتكب الزنا في مكان يعتبر فيه أمرا عاديا. وممكن للشخص الذي لا يأخذ رشوة أن يقول : "إنّ ابني مريض، وعلى وشك الموت، علي أن أقبل الرشوة " هذا إذا لم يكن في قلبه خوف من الله تعالى.


وفي حالة غياب الدين ، فإن السرقة نفسها يمكن أن تصبح أمرا مشروعا تحت ظروف معينة. و على سبيل المثال، فالناس الذين لا دين لهم يمكن أن لا يعتبروا - حسب رأيهم - أن أخذ المناشف وأدوات الزينة من الفنادق سرقة.


و من ناحية أخرى فإن الشخص المتدين لا يظهر مثل هذا العمل لأنه يخشى الله ولا ينسى أن الله يعلم سره وعلانيته، فالمؤمن يعمل بإخلاص ويتجنب المعاصي، ويمكن لشخص بعيد عن الدين أن يقول : " أنا ملحد ولكنّني أتسامح مع الناس، فأنا لا أشعر برغبة في الانتقام ولا أكره أحدا "، ولكن في يوم ما يمكن أن يحدث شيء ما يجعله يظهر تصرفا غير متوقع منه، كأن يحاول قتل شخص ما أو إيذائه لأنّ الأخلاق التي لديه تتغير بحسب البيئة والظروف التي يوجد فيها.


أما الإنسان المؤمن بالله واليوم الآخر فلا يحيد أبدا عن الأخلاق الفاضلة مهما كانت المؤثرات ، فأخلاقه غير متقلبة و الخلاصة لا أخلاق بغير دين ، و لا دين بغير أخلاق .


هذا والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

د.ربيع أحمد
02-18-2011, 12:27 AM
الرد على زعم الملاحدة الفيزياء الحديثة تنفي وجود خالق للكون





إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين


أما بعد :


فقد انتشر بين الملاحدة مقولة الفيزياء الحديثة تنفي وجود خالق للكون و هذا لقلة علمهم فوجود الله من القضايا الفكرية الغيبية و القضايا الفكرية الغيبية لا تدرك بالتجارب و لا المختبرات و العلم المادي لا يتدخل في القضايا الفكرية الغيبية , و العلم الحديث كله لا يملك دليلاً صحيحاً واحداً يستطيع أن يثبت عدم وجود خالق للكون بل الكون شاهد على وجوده سبحانه .


و التقدم العلمي والصناعي لم يتوصل إلى قياس شيء من عالم الغيب ، بل ما يزال عاجزاً عن قياس أمور كثيرة داخلة في العالم المادي الذي هو مجال كل أنواع التقدم العلمي الذي انتهت إليه النهضة العلمية الحديثة و العلماء الماديون الذين يستخدمون المعامل و المختبرات و الأجهزة العلمية المتقدمة جداً.. يحاولون تفسير كل ما شاهدوه من ظواهر بنظريات استنتاجية يغررون فيها حقائق غير مرئية وغير مشاهدة، وهي بالنسبة إليهم وبالنسبة إلى أدواتهم ما زالت أموراً غيبية ، و مع ذلك فإنهم يضطرون إلى إقرارها و التسليم بها ، و يجعلونها قوانين ثابتة يقولون عنها إنها قوانين طبيعية [1] .


و قد هدت آثار الله في الكون الكثير من العلماء إلى الإقرار بوجوده سبحانه فقد قال العالم الفلكي هرشل : كلما اتسع نطاق العلم ازدادت البراهين الدامغة القوية على وجود خالق أزلي لا حد لقدرته و لا نهاية ، فالجيولوجيون ، و الرياضيون ، و الفلكيون، و الطبيعيون قد تعاونوا و تضامنوا على تشييد صرح العلم وهو صرح عظمة الله وحده[2] .



و قال الدكتور سيسل هامان عالم البيولوجي : « أينما اتجهت ببصري في دنيا العلوم، رأيت الأدلة على التصميم والإبداع، على القانون والنظام، على وجود الخالق الأعلى »[3] .


و قال العالم جون كليفلاند كونران عالم الكمياء و الرياضة: «...إذا كان هذا العالم المادي عاجزاً عن أن يخلو نفسه، أو يحدد القوانين التي يخضع لها؛ فلا بد أن الخلق قد تم بقدرة كائن غير مادي، وتدل الشواهد جميعاً على أن هذا الخالق لا بد أن يكون متصفاً بالعقل والحكمة »[4] .


و قال العالم ماريت ستانلي كونجدن أخصائي الفيزياء وعلم النفس وفلسفة العلوم : « إن جميع ما في الكون يشهد على وجود الله سبحانه ويدل على قدرته وعظمته، وعندما نقوم نحن العلماء: بتحليل ظواهر الكون ودراستها حتى باستخدام الطريقة الاستدلالية؛ فإننا لا نفعل أكثر من ملاحظة آثار أيادي الله وعظمه، ذلك هو الله الذي لا نستطيع الوصول إليه بالوسائل العلمية المادية وحدها، ولكننا نرى آياته في أنفسنا وفي كل ذرة من ذرات هذا الوجود، وليست العلوم إلا دراسة خلق الله وآثار قدرته»[5].



و الخلاصة أن كل العلوم الكونية تثبت وجود الخالق لا تنفيه

هذا والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات







[1]- صراع مع الملاحدة حتى العظم
[2] - العقائد الإسلامية لسيد سابق ص50
[3] - براهين وأدلة إيمانية لعبد الرحمن حبنكه الميداني ص 202
[4] - براهين وأدلة إيمانية لعبد الرحمن حبنكه الميداني ص 94
[5] - كتاب التوحيد لعبد المجيد الزنداني ص 259

د.ربيع أحمد
02-18-2011, 12:34 AM
الرد على إنكار الملاحدة أن كل حادث يحتاج إلى محدث



إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين


أما بعد :



فقد زعم الملاحدة أن قول المؤمنين كل حادث يحتاج إلى محدث قول بلا دليل و لا سبيل للبرهنة عليه و مهما جمع من أدلة من العالم فإنها لا تكفي للوصول إلى الكلية لاستحالة اختبار كل الحوادث و معرفة هل هي محتاجة إلى محدث أو لا. و هذا سفسطة لا أثارة عليها من علم إذ مقولة الحادث لا بد له من محدِث من البديهيات .


و البدهيات هي حقائق ضرورية لا تحتاج إلى برهان، أي أنها تفرض نفسها على الذهن بحيث لا يحتاج إلى برهان لإثباتها ويجمع العقلاء على صحتها واعتمادها كأصول ضرورية لازمة ، و هي تعتبر أسسا و قواعد أولية ومقاييس تبنى عليها باقي الأفكار، وبراهين لإثبات صدق غيرها من الأفكار .

و مقولة كل حادث لابد له من محدث هي كمقولة كل كتابة لابد لها من كاتب و لو رأي شخص كتابة فقال لابد لها من كاتب فاعترض عليه آخر قائلا : ( أثبت لي أن هذه الكتابة تحتاج لكاتب و هل اختبرت كل الكتابات لتعرف هل تحتاج إلى كاتب أم لا ) لعده الناس مجنونا .

و مقولة كل حادث لابد له من محدث بديهية مستغنية أن يذب عنها يستدل بها و لا يستدل لها فالسؤال عن إثباتها يعتبر خطأ فادح كالتصديق بأن النار حارة فهذا التصديق لا يحتاج إلى إثبات و جمع الأدلة عليه من كل العالم .

و لا يجوز القدح في البديهيات بالنظريات ، لأن البديهيات أصل للنظريات، فلو جاز القدح بالنظريات في البديهيات، والنظريات لا تصح إلا بصحة البديهيات، كان ذلك قدحاً في أصل النظريات، فلزم من القدح في البديهيات بالنظريات فساد النظريات، وإذا فسدت لم يصح القدح بها ، و القدح في البديهيات بالنظريات يستلزم فساد النظريات و فساد العلوم .

و إذا لم يجز القدح في البديهيات بالنظريات فمن باب أولى لا يجوز السؤال عن إثبات البديهيات فالبديهيات لا تحتاج في حصولها إلى كَسْبٍ ونظر وفكر إذ أنها تحصل بالبداهة والضرورة، من غير تعبٍ ومن غير إجراء عملية فكريَّة .

و إن قيل كيف نجهل بكثير من الأمور رغم بداهتها؟ و هل الجهل بها يضرُّ ببداهتها ؟
فالجواب :
ليس من الضروري أن يطّلع جميع الناس على جميع البديهيات، بل ربَّ بديهي واضحٍ ويجهله كثيرٌ من الناس، والسرّ في جهل الناس لكثير من البديهيات فيرجع إلى أمرٍ آخر وهو ما يُسمَّى بأسباب التوجُّه. فللوصول إلى البديهيّات ينبغي التوجه إليها أخذها في الاعتبار .

و من أسباب التوجه :
1 - الانتباه: وهذا السبب ضروريٌ في كافة الأمور البديهيَّة، فرب صوتٍ لا يسمعه سليم السمع وربَّ صورة لا يراها قويُّ البصر، كلُّ ذلك لأجل الغفلة وعدم الانتباه.
2 - سلامةُ الذهن: وهذا أيضاً شرط في جميع الأمور البديهيَّة، فالإنسان لأجل أن يُدرك الضروريات، لابدَّ وأن يكون سليم الذهن، فسقيم الذهن قد يشك في أوضح الأشياء وأظهر الأمور أو لا يفهمها، وهذا أيضاً لا يدلُّ على أنَّ هذا الأمر نظري بل هو ضروريٌّ على أي حال، والنقص إنما هو راجع إلى الإنسان نفسه.
3 - فقدان الشبهة: ربما تختلج شبهة في الذهن تسبب مشكلة للإنسان، فيظن أنَّ هذا الضروري الواضح ليس بضروريٍ، مثلاً استحالة اجتماع النقيضين من البديهيات الأوليَّة، بل هي أساس جميع البديهيّات - كما سيتَّضح - ولكن ربَّ شبهة تشكك في هذا البديهي، فيتصوَّر البعض أنّه من الممكن اجتماع النقيضين كما لو توهَّم أنَّ بين النور والظلمة حالةً ليست من الظلمة وليست من النور! فالبديهي بديهيٌ على أي حال.

هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

د.ربيع أحمد
02-18-2011, 12:51 AM
الرد على زعم الملاحدة لا يوجد واجب للوجود و كل الموجودات ممكنة الوجود







إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .


أما بعد :








فقد زعم الملاحدة أن لا يوجد واجب للوجود و كل الموجودات ممكنة الوجود غير صحيح فمعلوم بصريح العقل أن الموجود إما واجب بنفسه، وإما غير واجب بنفسه، وإما قديم أزلي، وإما حادث كائن بعد أن لم يكن، وإما مخلوق مفتقر إلى خالق، وإما غير مخلوق ولا مفتقر إلى خالق، وإما فقير إلى ما سواه و إما غني عما سواه .

وغير الواجب بنفسه لا يكون إلا بالواجب بنفسه، والحادث لا يكون إلا بقديم، والمخلوق لا يكون إلا بخالق، والفقير لا يكون إلا بغني عنه، فقد لزم على تقدير النقيضين وجود موجود واجب بنفسه، قديم أزلي خالق غني عما سواه، وما سواه بخلاف ذلك .

هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

د.ربيع أحمد
02-18-2011, 12:57 AM
الرد على زعم الملاحدة بأزلية المادة لاستحالة تحول العدم إلا الوجود






إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .


أما بعد :





فقد قال الملاحدة بأزلية المادة واحتجوا بأن العدم المحض لا يمكن أن يتحول إلى الوجود بنفسه، وأن ما هو أزلي لا بد أن يكون أبدياً فكيف يتأتى الكون من العدم إذن الكون أزلي على حد زعمهم

و الجواب على ذلك أن هذا دليل على وجود خالق و اجب الوجود لا أن المادة أزلية فكلامهم يدل على وجود موجود أزلي هو الذي أوجد المادّة، وخلق الكون إذ العدم المحض لا يمكن عقلاً أن يتحوّل بنفسه إلى الوجود، فالعدم لا شيء، و يستحيل عقلاً أن يتحول اللاشيء إلى شيء وما هو أزلي أي واجب الوجود لا يمكن أن تأتيه حالة يكون فيها ممكن الوجود حتى يقبل فيها العدم و الموجود الأزلي واجب الوجود هو الذي خلق هذا الكون و هذه المادة بعد أن لم تكن .

و المادّة بطبيعتها المتغيّرة والمتحوّلة القابلة للتحليل والتركيب، لا تصلح لأن تكون أزلية، وما ليس أزلياً فهو حادث، وما هو حادث لا بدّ له من مُحْدث .

هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

د.ربيع أحمد
02-18-2011, 01:06 AM
الرد على زعم الملاحدة أن الذي خلق الكون الطبيعة








إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .


أما بعد :




فقد زعم الملاحدة أن الطبيعة هي التي خلقت الكون غير صحيح فالطبيعة هي حقيقة هذه الأشياء المخلوقة الموجودة ، فهم بهذا ينسبون هذا الشيء إِلَى نفسه مثل الذي يقول: الإِنسَان خلق الإِنسَان، والطبيعة خلقت الطبيعة و كيف يكون الشيء خالق و مخلوق في نفس الوقت و إنما هي اسم يطلق عَلَى المخلوقات، فمن الذي يخلق المخلوقات؟ .

و كيف يأتي من الميت الذي يسمونه الطبيعة ، و هي الجبال و الأشجار و ما إِلَى ذلك إيجاد الحياة ، و كيف يتأتي منها الفعل أو التدبير؟[1]

و الشيء الحادث لا يخلق نفسه؛ لأنه قبل وجوده معدوم، فكيف يكون خالقاً ؟

و الشيء المرئي لا يكون منه إلا شيئاً مرئياً لذا المادة لا يمكنها أن تخلق الشيء اللامرئي ، و لا يجوز أن نجعل اللامرئي انعكاساً إلى الشيء المرئي إذ شتان بينهما. و عليه فإن المادة تكون ناقصة قاصرة وعاجزة عن الخلق، و بما أن اللامرئي من الأشياء الحادثة لا يمكنه أن يخلق المرئيات من الأشياء إذن و وفق الاستدلال المنطقي نصل إلى أن الشيء اللامرئي برهان قاطع على وجود الخالق .

والشيء لا يخلق شيئاً أرقى منه ، فالطبيعة من سماء وأرض ونجوم وشموس وأقمار لا تملك عقلاً ولا سمعاً ولا بصراً، فكيف تخلق إنساناً سميعاً عليماً بصيراً! هذا لا يكون [2].

سبحان ربي هل الطبيعة اللاعاقلة و اللامريدة أوجدت هذا الانسان العاقل و المريد ؟!!

هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات




[1] - شرح العقيدة الطحاوية لسفر الحوالي
[2] - العقيدة في الله ص 29

د.ربيع أحمد
02-18-2011, 01:14 AM
الرد على زعم الملاحدة أن الله غير موجود لعدم رؤيتنا له




إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .


أما بعد :


فقد زعم الملاحدة أن الله غير موجود لعدم رؤيتنا له قول في غاية السقوط إذ لا يستلزم عدم رؤيتنا لله عدم وجوده فلا يشترط وجود الفاعل مع الفعل في نفس المكان كي يبقى الفعل فالإنسان قد يستطيع التحكم في الفعل و إنشاء الفعل عن بعد فإذا كان هذا ممكناً في حق المخلوق ففي حق الخالق سبحانه من باب أولى .

و لا تشترط الرؤية الحسية للأشياء للحكم على الأشياء بالوجود فهذا الهواء لا تراه مع أنه لازم لحياتنا و إذا انعدم الهواء متنا ، وهذا العقل الذي نفكر به لا نراه و إذا فقد منا صرنا مجانين و هذه الأرواح التي فينا لا نراها و إذا نزعت منا متنا .

أضف إلى ذلك أن العجز عن رؤية الشيء لا تستلزم عدم وجوده ، وليس كل ما لا يدرك يصح نفيه فالجاذبية لا نراها مع أننا إذا رمينا شيئا من مكان مرتفع وقع على الأرض و المغناطيسية لا نراها مع أننا إذا قربنا حديدة من مغناطيس أو مغناطيس من مغناطيس رأينا الانجذاب بينهما ،و لم نر المغناطيسية و هذا المصباح يضيء و الكهرباء فيه مع أننا لم نرها فإذا انقطعت الكهرباء انطفأ المصباح .

و إذا سألك سائل ما الدليل على وجود الضوء قلت إن عيني تبصره، ولكن هل العين العمياء تبصر الضوء ؟ بالطبع لا ، وهل العين المغمضة تبصر الضوء ؟ بالطبع لا ، و هل العين التي نظرت إلى غير جهة الضوء تبصره؟ بالطبع لا، فهل ننكر وجود الضوء في تلك الحالات التي التي طرأت على العين فجعلتها لاتبصر الضوء أم نعود باللائمة على العين التي عميت أو العين التي أغمضت أو التي نظرت في غير اتجاه الضوء ؟ .

و مثل هذا الكلام يصدق على حاسة السمع فالأذن التي أصيبت بالصمم لاتسمع مع أن الصوت موجود، ولايجوز لأصم أن ينكر وجود الصوت لكونه لايسمعه ولكن الأحرى أن يتهم نفسه وسمعه لا أن ينكر صوت الرعد الذي يتردد صداه في كل مكان .


و العين التي ترى تقصر عن رؤية كل الأطياف. فالعين الإنسانية تعجز عن إدراك الطيف فوق البنفسجي، كذلك فإنها تعجز عن إدراك الأشعة تحت الحمراء. كذلك فإن الفضاء من حولنا مليء بالكثير من الأطياف والموجات التي لاتدركها الحواس الإنسانية والتي لم يعلم عنها أجدادنا شيئا، والتي ماكان لنا أن نعلمها لولا اكتشاف الآلات الحساسة ،و لذلك لايجوز أن نضع كل الثقة في الحواس لأنها قاصرة بل أحيانا خداعة. أليست العين تريك السراب ماء؟ أليست العين تريك السماء متماسة مع الأرض في الأفق البعيد ؟ أليست العين تريك النجم الضخم نقطة صغيرة في السماء؟ أليس كل هذا من خداع البصر؟ .


و لذلك يمكن القول أن هناك حقائق خارجة عن الإنسان وهناك مايقابلها من الحواس الإنسانية المعدة لإدراك هذه الحقائق. فالضوء حقيقة يدركه الإنسان بالعين ولايجوز أن نقول أن الضوء غير موجود لأن أذني لاتراه فالأذن غير مؤهلة لإدراك الضوء. كذلك لايمكنك القول إن الصوت غير موجود لأن عيني لاتسمعه فالعين غير مؤهلة لإدراك الصوت. كذلك لايمكنك القول إن الله غير موجود لأنى لاأدركه بالحواس الخمسة فالحواس الخمسة غير مؤهلة لإدراك الله وإنما مؤهلة لإدراك المادة و الله ليس بمادة و إنما ندرك الله بعقولنا فبالعقل يصل الإنسان إلى المعرفة الصحيحة و به يدرك حقائق الأشياء و آثارها و الكون مليء بالموجودات التي لا تقع تحت نطاق الحس و لا تعرف عن طريق الرؤية و إنما نستدل عليها عن طريق العقل و ظهور الآثار .

و تجد الذي ينكرون وجود الله لعدم إدراكه بالحواس يتناقضون فهم يؤمنون بكل الحقائق العلمية التي لم يشاهدوها لظهور آثارها و ينكرون وجود الله لأنهم لم يشاهدوه مع ظهور آثاره في الكون .

و إذا كنا نشعر بالظمأ الحسي ونبحث عن حقيقة خارجة عنا لترويه فنجد الماء، وإذا كنا نشعر بالجوع الحسي ونبحث عن حقيقة خارجة عنا للإشباع فنجد الطعام، وإذا كنا نستشعر الرغبة العاطفية ونبحث عن حقيقة خارجة عنا للإشباع فنجد الجنس الآخر، ففي هذا دليل على أن الحاجات والأشواق والآمال التي في داخلنا لم تخلق فينا عبثا وإنما لتدفعنا إلى البحث عن الإشباع في العالم الخارجي و الحاجة إلى إله معبود عميقة في النفس الإنسانية يشهد على ذلك التاريخ الإنساني المقروء والمنظور فوجوده سبحانه مركوزٌ في الفطرة، أي في الطبيعة البشريَّة، ألا ترى أنَّ الإنسان منذ وُجِد في كلِّ عصرٍ وكلِّ مجتمعٍ آمَن بإلهٍ أيًّا كانت صورته أو صفاته؟

و في المدن القديمة يمكن أن تجد مدينة بلا متاحف، يمكن أن تجد مدينة بلا أسوار، يمكن أن تجد مدينة بلا مسارح، و لكنك لايمكن أن تجد مدينة بلا معبد و لا عباد قال المؤرخ اليوناني بلوتارك : (( من الممكن أن نجد مدنا بلا أسوار ولا ملوك ولا ثروة ولا آداب ولا مسارح ولكن لم ير قط مدينة بلا معبد، أو لا يمارس أهلها عبادة )).

و قد وقف معلم ملحد يقول للابتدائية السادسة طلاب السنة السادسة ما معناه : أترونني ؟ قالوا نعم ، قال فإذن أنا موجود ، ثم قال أترورن السبورة ؟ قالوا نعم قال : فالسبورة إذن موجودة . ثم قال : أترون الطاولة : قالوا نعم ،قال : فالطاولة إذن موجودة ثم استطرد معهم حتى وصل معهم إلى غايته الخبيثة فسأل هل ترون الله ؟ قالوا لا ، قال فالله إذن غير موجود فوقف أحد الطلاب الأذكياء معقبا على أسئلة معلمه الملحد ، فقال لزملائه الطلاب : هل ترون عقل أستاذكم ؟ قالوا جميعا لا ، قال الطالب الذكي : فعقل الأستاذ إذن غير موجود فضحك الطلاب و خجل الأستاذ الملحد[1] .

هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات



[1] - العقيدة الربانية و أصل الإنسان لعبد الله ناصح علوان ص 18 - 19

د.ربيع أحمد
02-18-2011, 01:25 AM
الرد على زعم الملاحدة أن الله لم يخلق هذا الكون لخدمة الانسان لوجود أكوان أخرى



إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .





و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .






أما بعد :









فقد زعم الملاحدة أن الله لم يخلق هذا الكون لخدمة الانسان لوجود أكوان أخرى ، و إذا كانت نية الإله هي خلق الجنس البشري، فهذا يعني أن ذلك الكون المتعدد بلا غرض يؤديه و بالتالي فلا لزوم له .







و الجواب من أنتم أيها الملاحدة لتحكموا على الله الحكيم ؟!!







و كيف تحكمون على قضايا غيبية بالعلوم المادية ، و القضايا الغيبية لا تدرك بالتجارب و لا المختبرات ؟!!






و كيف تنفون الغاية من خلق الكون و العلم يعرفنا كيف تعمل القوانين في الأشياء و ليس لماذا تحدث هذه القوانين ؟!!






و كل هذا الكون الشاسع مسخر للإنسان الذي يعيش علي الأرض ليستخدمه في مصلحته انتفاعاً واستمتاعاً و اعتباراً ، و كل الأجسام ، أرضية أو سماوية ، حية أو جامدة ، قدّرها الله في شكل يخدم مصالح الإنسان و هذا من فضل الله تعالى على هذا الإنسان وتكريمه له إذ قد خلق له الكون لكي يعيش علي الأرض و يستعين به على تحقيق العبودية لله تعالى و التي من أجلها خلق قال تعالى : ﴿ وَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾[1] .







و نرى موافقة عناصر الكون لاحتياج المخلوقات الحية فنجد تركيب عالم الجماد بترتيب يوافق حفظ حياة النبات والحيوان و الإنسان إذ الحيوان والنبات و الإنسان لا يقدرون العيش بدون نورٍ وهواء وحرارة وماء وتراب لتقديم القوت الضروري لهم. فمَن أبدع النور والحرارة ونشرهما في كل العالم وأوجد الشمس مصدر النور و الحرارة ؟ ومن جهَّز الهواء بعناصره بنسبة ثابتة موافقة لحفظ الحياة ؟ ومن أحاط أرضنا به وجعل الماء يتحوَّل إلى بخار ثم يتجمَّع في الغيوم، ثم يُساق بالرياح، ثم يهطل مطراً ويروي وجه الأرض، إلا ذلك الإله الحكيم القدير وحده ؟ فالعين تحتاج للنور، والرئة للهواء، والجسد للطعام. ولا يوجد الطعام إلا بتراب ونور وهواء وحرارة وماء. ووجود كل ذلك بموافقة تامة دليل على نظام الكون، وإن منظِّمه واحد فقط، عاقل عظيم .







و ما العلاقات الدقيقة و المحكمة القائمة بين مكونات الكون بعضها بعضا إلا مؤشر على وحدة هذا الكون و من ثم وحدة خالقه سبحانه فالخلق يدل من خلال الترتيب و التناغم و التكامل الظاهرين في أجزائه ، إلى وجود هدف مرسوم للخلق كله .






و عند النظر إلى الثوابت الفيزيائية و الظواهر الكونية نجدها ملائمة لحياة الإنسان علي الأرض فمثلا لو كانت قوي الجاذبية أقل بقليل مما هي عليه في كوننا،لاستحال تشكل النجوم، وبالتالي لاستحال تكون الكربون والأكسجين وغيرهما من العناصر الضرورية للحياة وللوجود البشري ، و لو كانت قوى الجاذبية أقوى يسيرا مما هي عليه في كوننا لانهار كوننا بعد وقت قليل من خلقه ، و يقول ستيفن هوكنج : يبدو أن قيم أرقام حجم شحنة الإلكترون ونسبة كتلة البروتون إلي كتلة الإلكترون قد ضبطت ضبطا دقيقا جدا لتجعل نشأة الحياة ممكنة .







و إننا نتسائل من الذي جعل هذه الثوابت الفيزيائية و الظواهر الكونية ملائمة لحياة الإنسان على الأرض و كأنها تنطق أنها مصممة له ؟!!.






و إننا نجد الثوابت الفيزيائية مناسبة تماما لعمل الكون فمن الذي جعل هذه الثوابت الفيزيائية مناسبة تماما لعمل الكون ؟!!






و الله لم يخلق الكون لمجرد عبادة الإنس و الجن له فقط بل هناك أسباب أخرى منها أن الله خلق كل هذا الكون ليظهر به قدرته و عظمته للخلق فعظمة الخلق دليل على عظمة الخالق و تفاوت الخلق في الصفات دليل على مطلق قدرة الخالق .





و منها أيضا أن من أدرك عظمة الخالق من خلال آياته و مخلوقاته و عجيب صنعه ، سارع في عبادته وطاعته .





و منها أيضا أن كثرة الخلق تزيد من كثرة تسبيح الخالق و تدل على الخالق فكل شيء في الكون يدل على الله سبحانه و تعالى ويسبح بحمد الله و يعلن خضوعه لله قال تعالى : ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾[2] .





و منها أيضا أن كثرة الخلق مع اتساق و تكامل الخلق يدل على وحدانية الخالق فقد خلق الله تحت السموات خلقاً كثيراً منها أعداد كبيرة من مخلوقات عظيمة الحجم والشأن يطلق عليه (المجرات) وكل مجرّة تتكون من عدد كبير من النجوم والكواكب والأجرام، بعض المجرَّات تضم كواكب وشموس وأراضين الواحد منه حجمه مرات عديدة حجم الكرة الأرضية و خلق الله الشموس والأراضين والمجرات العظيمة الحجم. وبجانب هذه المخلوقات العظيمة خلق الله سبحانه مخلوقات دقيقة الحجم لا ترى بالعين المجردة بل تحتاج إلى مكبر قوي كي ترى بوساطته، فهو يكبرها عشرات ومئات المرات حتى يمكن أن تدركها العين و يتحكم في تنظيم هذه المخلوقات الدقيقة سنن وقوانين بنفس المنطق الذي تسير به الأجرام والمجرات و اتساق كل هذه المخلوقات لدليل ساطع على وحدانية الخالق سبحانه .





هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات









[1] - الجاثية الآية 13
[2] - الإسراء من الآية 44

د.ربيع أحمد
02-18-2011, 01:31 AM
الرد على زعم الملاحدة أن الكون واجب الوجود








إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .


أما بعد :






فقد زعم بعض الملاحدة أن الكون واجب الوجود ، و هذا القول باطل من عدة وجوه :

الوجه الأول : المعروفٌ أن الكون مركب من عناصر عديدة ، وكل مركب معلول أي حادث و الحادث ممكن الوجود و ليس واجب الوجود .

الوجه الثاني : لا يُحتمل التصديق أن الكون أحدث نفسه بنفسه لأن الكون إن كان علَّةً لنفسه لزم أن يكون الكون قبل أن يكون و هذا محال و مادام الكون كان بعد أن لم يكن فليس واجب الوجود .

الوجه الثالث : القول أن الكون واجب الوجود يترتب عليه امتناع انعدام الكون ،وذلك محال عقلا: فإننا نرى أعيان المخلوقات تموت وتحيى ، و توجد و تنعدم فلا مانع عقلا من انعدام الكون ،و إمكان العدم عليه والوجود ينفي وجوبه .

الوجه الرابع : أن الكون لم يكن موجودا في وقت من الأوقات ثُمّ وجد بعد أن خلقه الله سبحانه و تعالى و أفاض عليها نعمة الوجود. فلو كان الكون واجب الوجود لكان أزليا سرمديا، و نعلم بالبداهة أنّ الكون ليس كذلك . فالإنسان و الحيوان و النبات لهم عمر محدود . و للمجموعة الشمسية عمر معين . و لخلق الكون زمن معين يقدره العلماء بحوالي 14 مليار سنة . إذن قبل ذلك لم يكن الكون موجوداً . و هذا يعني أنّ وجوده ليس واجباً ، بل ممكناً ، و لذلك أمكن إيجاده وإخراجه من حالة العدم إلى حالة الوجود فيكون الكون ممكن الوجود لا واجب الوجود .


هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

د.ربيع أحمد
02-18-2011, 01:35 AM
الرد على زعم الملاحدة عدم وجود سبب للكون لأن الوجود الكلي واجب الوجود لذاته





إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .


أما بعد :



فقد زعم الملاحدة أن الوجود ككل واجب الوجود بذاته و لا يحتاج لأي وجود خارجه فالوجود الكلي هو مسبب الأسباب الذي لا سبب له ، إذ لكي يستقيم وجود سبب للوجود لابد و أن يكونخارجه ، ما يعني بأن ما وصفناه " كل " لم يكن كذلك .

و الجواب أن الوجود الكلي عبارة عن مطلق كلي و المطلق الكلي يوجد في الأذهان لا في الأعيان و إن اتفقت الموجودات في مسمى الوجود ،فهذا المشترك مطلق كلييوجد في الأذهان لافي الأعيان ،و الموجود في الأعيان مختص لا اشتراك فيه،ولكل شيء وجود يخصه أي أن الوجود أمر مطلق في الذهن لم يعين ولم يخصص، ويتحول هذا المطلق إلى الحقيقة إذا عين بآحاده، فنقول: الله سبحانه و تعالى موجود ، فكل ذلك يشمله لفظ الوجود، وهو يطلق على جميع معناه دون استثناء، وكذلك الوجود الكلي - أي: أن جميع آحاده تدخل فيه كل الموجودات .



و توهمهم أن الاتفاق في مسمى هذه الأشياء يوجب أن يكون الوجود الذي للرب كالوجود الذي للعبد و اسم الوجود قابل للتقسيم ، كما يقال : الموجود ينقسم إلى واجب و ممكن ، و قديم و حادثو مورد التقسيم مشترك بين الأقسام ، و اللفظ المشترك لا ينقسم معناه و لا يجد خارج الذهن وهذا الوجود بإطلاقه لو تصور فيه الذهن اشتراكا لكان هذا فقط في الذهن أما خارج الذهن وفي الحقيقة والماهية فوجود واجب الوجوب يختلف بتاتا وقطعيا عنوجود سائر الأشياء .


و مثل لفظ الوجود لفظ الإنسان من الألفاظ المطلقة و لا يوجد هذا اللفظ مطلقاإلا في الذهن أما خارجه فلا يوجد مسمى الإنسان إلا معينا و مقيدا مثلا خالد , محمد،عمر , عثمان إلخ .

و مثال آخر الحياة من الألفاظ المطلقة التي يتصورها الذهن ؛ ولكن في خارجه لا يوجد هذا اللفظ إلامقيدا و معينا مع بيان اختصاص كل واحد بحقيقة حياته و ماهيتها فلو قلنا مثلا حياةالله وهذا لفظ مقيد دل على حقيقة هذه الحياة التي لايسبقها عدم ولا يلحقها زوال و لو قلنا حياة خالد أو فلان من الناس لعرف أن حياته تختص به التي يسيقها العدمويلحقها زوال , وعند التحقيق لا يتصور الاشتراك بين حياة الخالق وحياة المخلوق إلافي الذهن و هو الاشتراك باللفظ فقط ؛ و أما خارج الذهن في الحقيقة فلا اشتراك بينهما.



و أصل الخطأ والغلط : توهمهم أن هذه الأسماء العامةالكلية يكون مسماها المطلق الكلي هو بعينهثابتا في هذا المعين وهذا المعين ، وليس كذلك ، فإن مايوجد في الخارج لا يوجد مطلقا كليا ، بل لا يوجد إلا معينا مختصا ، و هذه الأسماء إذا سمي الله بها كانمسماها معينا مختصا به ، فإذا سمي بها العبد كان مسماها مختصا به . فوجود الله وحياته لا يشاركهفيها غيره ،بل وجود هذا الموجود المعين لا يشركه فيه غيره ، فكيف بوجود الخالق ؟[1]


و من المعلوم بالضرورة أن في الوجود ما هو قديم واجب بنفسه، وما هو مُحْدَث ممكن، يقبل الوجود والعدم ، فمعلوم أن هذا موجود وهذا موجود و لا يلزم من اتفاقهما في مسمى «الوجود» أن يكون وجود هذا مثل وجود هذا ، بل وجود هذا يخصّه و وجود هذا يخصه ، و اتفاقهما في اسم عام لا يقتضي تماثلهما في مسمى ذلك الاسم عند الاضافة و التقييد و التخصيص في غيره [2] .

و إذا تصورنا شيئاً ، فإما أنْ يكون على وجه لا يقبل الوجود الخارجي عند العقل أويقبله. و الأول هو ممتنع الوجود لذاته كاجتماع النقيضين و ارتفاعهما ، و اجتماع الضدين، و وجود المعلول بلا علة
و الثاني ، إما أنْ يستدعي من صميم ذاته ضرورةوجوده و لزوم تحققه في الخارج ، فهذا هو واجب الوجود لذاته و إما أَنْ يكون متساويالنسبة إلى الوجود و العدم فلا يستدعي أَحدهما أَبداً ، و لأجل ذلك قد يكون موجوداًو قد يكون معدوماً ، و هو ممكن الوجود لذاته ، كأفراد الإِنسان و غيره
و هذاالتقسيم ، دائر بين الإِيجاب و السلب و لا شق رابع له ، و لا يمكن أَنْ يُتصورمعقول لا يكون داخلا تحت هذه الأَقسام الثلاثة و الكون كان غير موجود ثم وجد فالكون ممكن الوجود و ممكن الوجود يحتاج يستحيل أن يوجد إلابواجب وجود يدفعه من العدم الى الوجود وبما أنه يستحيل أن يحدث الوجودمن عدم وحده بلا موجد ، فلا بد من موجود من غير نوعه أوجده .

هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات





[1] - شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز ص 57
[2] - التدمرية ص 20
__________________

د.ربيع أحمد
02-18-2011, 01:42 AM
الرد على زعم الملاحدة أن نظرية النسبية تسقط وجود المسبب الأول




إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .




و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .




أما بعد :










فقد قال بعض الملاحدة هداهم الله : بعد نظرية النسبية نعلم أن الزمن ليس منفصل عن الكون ، و الزمن ضمن النسيج الكوني و فرضية وجود سبب يلزمها وقت لتسبيب ، وبما أن السببية خاضعة للزمن حتى يمكن أن تستقيم فلا جدوى ولا منطق في الحديث عن سببية لنشأة الكون و لا يوجد مسبب أول أي قول المسلمين و غيرهم إن الله هو الذي خلق الكون كلام لا يصح ..


و الجواب أن الملاحدة يقيسون رب الخلق على الخلق و الله أول بلا ابتداء أزلي لا يحده حادث عارض كالزمان أو المكان و قبل خلق الكون لا يوجد زمان بل يوجد الأزل و الأزل أزمنة متوهمة لا يطلق عليها زمان في الواقع؛ لأن الزمان هو اسم للوحدات المعروفة بالليل والنهار، و ما كان قبل خلق السماوات والأرض ليس فيه ليل ولا نهار فلا يوصف بالزمان، لكن يسمى بالأزل .



و غاية النظرية النسبية الدلالة على حدوث الكون فالزمن مرتبط بالكون و هو منسوج فيه , و الزمن لا يوجد إلا بوجود المادة , و المادة لا توجد إلا فى فضاء , و الفضاء لابد له من حيز يحتويه , و عندما أشارت نظرية النسبية إلى أن الزمن بعد رابع كان من البديهي عدم وجود الزمن في عالم لم تخلق بعد أبعاده الأخرى لأن الشيء لا يوجد إلا إذا وجدت أبعاده و بما أن الزمن له بداية وهو الذى يشكل البعد الرابع للكون يكون الكون أيضا له بداية .



ويفسر عالم الفيزياء الفلكية المعروف هيو روس Hugh Ross كيف أن خالق الكون يفوق كل الأبعاد : (( إن الزمن، بطبيعة الحال، هو ذلك البعد الذي تحدث فيه ظاهرة السبب والنتيجة وبدون الزمن، لن يكون هناك سبب ولا نتيجة و إذا توافقت بداية الزمن مع بداية الكون ، وفقا لنظرية الزمان والمكان، ينبغي أن يكون السبب في ظهور الكون كيانا يعمل في بعد زمني مستقل تماما عن البعد الزمني للكون وسابق لوجوده ··· و يخبرنا هذا أن الخالق يعلو فوق الوجود المادي، ويعمل وراء حدود الأبعاد الكونية· ويخبرنا أيضا أن الله ليس الكون نفسه، و أن الله لا يحتويه الكون )) .




و لا يتصور خضوع الخالق لقوانين مخلوقاته فالسببية قانونا للمخلوقات و الله الذي خلق الزمان و المكان هو بالضرورة فوقهما و لا يخضع لقوانينهما و الله هو الذي خلق قانون السببية و لا نتصوره خاضعا للقانون الذي خلقه لمخلوقاته و القول بخضوعه لهذا القانون تشبيه له بمخلوقاته .





و الله ليس كمثله شيء ، لا في ذاته ، ولا في صفاته ، ولا في أفعاله[1] فكيف نشبهه سبحانه بخلقه و التشبيه قياس للربِّ الكامل العظيم بالمخلوق الناقص الضعيف[2] .





و من أدلة بطلان تشبيه الله بخلقه :
الدليل الأول : التباين بين الخالق و المخلوق في الذات و الوجود ، و هذا يستلزم التباين في الصفات ، لأن صفة كل موصوف تليق به ، فالمعاني و الأوصاف تتقيد و تتميز بحسب ما تضاف إليه .

الدليل الثاني : أن القول بالمماثلة بين الخالق والمخلوق يستلزم نقص الخالق سبحانه ؛ لأن تمثيل الكامل بالناقص يجعله ناقصا ً.




و كونه تعالى علّة للموجودات ليس بمعنى أنه شرط لوجودها بل بمعنى أنه الموجِد لها و العلة الموجدة توجِد معلولها من العدم أي تخلقه بعد أن لم يكن ، و هي قسم من أقسام العلة الفاعلية ، و لا يمكن أن نجد لفاعلية الله تعالى نظيرا في سائر العلل الفاعلية، ذلك أن الله تعالى هو الفاعل الوحيد الذي يوجِد معلوله بدون أن تكون فاعليته سبحانه و تعالى مشروطة بأي شرط كالوقت أو المكان .





هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات






[1] - شرح العقيدة الطحاوية
[2] - تذكرة المؤتسي شرح عقيدة الحافظ عبد الغني المقدسي ص 60

د.ربيع أحمد
02-18-2011, 01:49 AM
الرد على زعم الملاحدة أن مبدأ هايزنبرج ينفي قانون السببية






إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .


أما بعد :






فمبدأ هيزنبرج عدم التأكد، أو عدم اليقين أو اللاحتمية فيه دلالة إستحالة تحديد موقع الإلكترون وكمية حركته في آن واحدتحديدًا دقيقًا أي الإنسان ليس قادرا على معرفة كل شيء بدقة 100%. و لا يمكنه قياس كل شيء بدقة 100% ، و استخلص بعض الملاحدة من المبدأ أنَّ علم قياس المعرفة وليد علم الوجود و هذا يعني حذف و إبعاد نظرية العلية و هذا غير مسلم فإنكانت نتيجة المبدأ عدم إمكان قياس موقع الإكترون بدقة فغاية ما فيه قصور الجانب البشري و عدم معرفته بالقوانينالحقيقية التي تحكم الذرات و الجسيمات و هل عدم علم الطبيببموعد موت شخص يدل على أنه لن يموت ؟!

أضف إلى ذلك أن قانون السببيّة قانون غيبي لذا لا يمكن دحضه بالتجربة قال البروفسور جان بايل John Byl عالم الرياضيات الكندي : « والعوامل غير الفيزيائية هذه و حسب التعريف السائد، تكون فيما وراء البحث والاستقصاء. إذاً لا يحقُّ لنا علمياً الإدعاء بأنَّ فقدان العوامل الفيزيائية في عملٍ ما، ينفي وجود أي عوامل أخرى»[1] .

أضف إلى ذلك أن قانون السببيّة قانون فلسفي أيضا ، ولا يمكن إثبات و نفي القوانين الفلسفية إلا بالأصول الفلسفية لذا لا يمكن للعلم التجريبي نقض هذا القانون ، كما لا يمكن للعلوم الاستغناء عنه ، و لذلك يجب على العلوم أن تتقبل قانون السببية على اعتباره أحد الأصول السائدة قال پلانك Planck : « من المحتمل أنَّهم قالوا: إنّ قانون (العليّة) لا يتعدى كونه فرضاً. ولكن هذا الفرض لا يماثل الفروض الأخرى ، لانه فرض أساسي أثيل ، و ذلك لانه فرض واجب يمنح المعنى للفروض الأخرى عند الاستفادة منها في البحوث العلمية»[2] و قال أيضا : «كلُّ فرضية تتخذ شكل قانون قطعي يجب أن تؤكد على وجوب أصل العليّة»[3].
أضف إلى ذلك عدم إمكان أن يكون للاحتمالمعنى إلاّ في عالم تحكمه القوانين قالبرونشيفكز Brunschwicsz : «حساب الاحتمال مؤسَّس على الحتميّة »[4].

أضف إلى ذلك أن عدم اعتبار أصل السببية يؤدي الى عدم الاستدلال، لأن الإثبات والدليل عامل مهم من عوامل قبول النتائج، واذا لم يرتبط الإثبات بالنتائج، فلا يؤدي الإثبات الى نتيجة .

أضف إلى ذلك أن مبدأ اللاحتمية إن كان حتميا فهو مبطل لنفسه و إن كان غير حتمي فلا نستعمله فىالمسائل التى تتطلب اليقين ،و مبدأ اللاحتمية غاية ما فيه أنه فرض و الفرضيات لا تفيد اليقين و الفرضيات و النظريات العلمية تتغير باستمرار في الفيزياء و بالتالي ليست ثابتة و يمكن أن تظهر نظرياتتنسف نظريات أخرى كليا و الثابت هو الواقع التجريبي و ليس الفرضيات .

أضف إلى ذلك أن من علماء الفيزياء وفلاسفة العلم من يرفض مبدأ اللاحتمية أو يشك فيه و إن كان بعضهم قد رحب بمبدأ اللاحتمية في بداية الأمر :

برتراند رسل Bertrand Russel قال : « قد يبدو كأني،في الوقت الراهن، مذنب بعدم توافُق حين أقوم بدحض الحتميّة أولاً ثمَّ دحض حريّةالإرادة ثانيًا. إن البحث عن القوانين السببية، هو حسبما رأينا، جوهر العلم ولذلكفإنَّ رجل العلم يجب عليه، من ناحية عمليّة بحتة، أن يفترض دائمًا بأنَّ الحتميّةتمثّل افتراضًا عمليًّا »[5] .

ديراك Dirac: « لا بدّ مناكتشاف ميكانيكا كمّ نسبي جديد لا توجد فيه هذه اللانهائيات إطلاقًا. ولعلّميكانيكا الكمّ الجديد سيتّصف بالحتميّة على النحو الذي أراده أينشتاين. وسيتمإدخال هذه الحتميّة على حساب التخلّي عن مفاهيم ومسلمات أخرى يؤمن بها علماءالفيزياء الآن وليس ممكنًا إدراك خطئها الآن »[6]
اينشتاين Einstein حيث وقف ليعلن رفضه للاحتمية الكمومية التي تنشأعناحتمالية القياسات ، قائلا : « أن الإله لا يلعب النرد God doesn’t play dice » كانت هذه العبارة الشهيرة بمثابة رفض قاطع لفكرة أن تكون للطبيعة أصالة احتمالية ،مرجحا فكرة أن هناك نقص في المعلومات المتوفرة لدينا يؤدي إلى تلك الطبيعةالاحتمالية للنتائج وعليه فنظرية الكم ناقصة ينبغي اكمالها عن طريق تعويض النقص ،و قد نقد مبدأ اللاحتمية أينشتاينو بودولسكي Podolsky و روزن Rosen الذين يُعرَفون اختصارًا ب (EPR) فيبحث لهم صدر عام 1935ميلاديا .

و قد قرأت منذ أيام مقال مفاده أن الفوتون غير موجود في الواقع بلمجرد وهم، و مبدأ اللادقة لهايزنبيرغ غير سليم ؛ لأنه مبنيعلى سلوك الفوتون الجسيمي و عليه فكل ما استنتج من مبدأ اللاحتمية فهو غير صحيح .



هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات





[1] - J.Byl, "Indeterminancy, Divine Action and Human freedom"
[2] - M.Planck, The New Sciences (USA: Meridian Bools, 1959), p. 104.
[3]- M. Planck, op. cit., p. 104.
[4] - Bergman, H. 1929. ’The Controversy Concerning the Law of Causality in Contemporary Physics’ in Boston Studies in the Philosophy of Science, 13, 1974.
[5] - Russell, B. 1961. Religion and Science, 168
[6]- Holton, G. 1980 Einstein’s Scientific Program 65

نور الدين الدمشقي
02-18-2011, 02:14 AM
بارك الله فيك وفي جهدك اخي الكريم

د.ربيع أحمد
02-18-2011, 02:43 AM
الرد على زعم الملاحدة أن الكون أزلي بدليل نظرية النموذج الكوانتي للكون
تكون الكون من الفراغ





إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .


أما بعد :



فقد قال بعض الملاحدة تؤدي ريبة الطاقة إلى بعض النتائج الغريبة , من بينها إمكانية أن جسيما كالفوتون مثلا يمكن أن يخرج من اللاشيء بشكل مفاجىء فقط ليختفي بعد ذلك بسرعة كبيرة أي أن الفراغ المطلق تتكون فيه جسيمات دون الحاجة لمصدر خارجى للطاقة وفي الأزل الجسيمات المتكونة من الفراغ تفاعلت مع بعضها و دخلوا فى مرحلة اخرى و هذه الطاقة هى التى كونت الكون و أن هذا الكون ما هو الى طاقة تكونت من الفراغ مما يدل أن المادة غير حادثة و هذا كلام فرضي لا دليل عليه من الحس .

ولم يشهد أحد كيف نشأ الكون و قد قرأت منذ أيام مقال مفاده أن الفوتون غير موجود في الواقع بل مجرد وهم، و مبدأ اللادقة لهايزنبيرغ غير سليم، لأنه مبني على سلوك الفوتون الجسيمي و عليه فكل ما استنتج من مبدأ اللاحتمية فهو غير صحيح .

و مع التسليم بأن الكون تكون من الفراغ فهذا لا يدل على أن الكون غير حادث بل يدل على حدوثه و هذه الجسيمات المتكونة من الفراغ من أوجدها من الفراغ ؟!


و العلم بكيفية نشأة الكون لا يدل على أزليته و لا يدل على أنه أوجد نفسه بنفسه .



و البعض يقول ظهر الكون فجأة للوجود دون مُسبب فى الفراغ الكمى و الجواب على ذلك نقول رغم عدم اتفاق علماء الفيزياء على أن هذه الأحداث تحدث بدون مُسبب، فإنها لها سبب بالفعل ؛ و هو أنها نتيجة تموجات عفوية من الطاقة الموجودة فى الفراغ الكمى .


قال وليام كريج : (( الخلاء الكوانتي الميكانيكي والذي يقصد به الخلاء الذي يتم فيه توليد الجسيمات المادية هو معنى بعيد عن الفكرة العادية للخلاء ( والذي يعني هنا اللاشيء ) . والأغلب أن الخلاء الكوانتي هو بحر لتشكل وانحلال مستمر للجسيمات والتي تستعير بدورها طاقة منه لتنجز وجودها الكوني المختصر، وطبعاً هذا ليس ( لا شيء ) وبالتالي فالجسيمات المادية لا تأتي إلى الوجود من لا شيء )) .


و الفيزياء التي تقول يمكن أن يوجد الوجود من العدم تشترط أن ينتقل إلى هذا الفراغ الكوانتي كمية هائلة من الطاقة فمن أين جاءت هذه الطاقة الهائلة ؟ و ما مصدرها؟



و من يقول وجد الكون بسبب كذا لذا ليس له خالق فهو كالذى يقول إننى اكتشفت طريقة عمل السيارة فلا يوجد لها صانع و هذا باطل بداهة و كون العلماء اختلفوا في كيفية نشأة الكون فهذا دليل أن للكون لحظة بداية و ما دام له لحظة بداية فهو غير أزلي بداهة .


هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

د.ربيع أحمد
02-18-2011, 03:11 AM
الرد على زعم الملاحدة أن الكون أزلي بدليل نظرية الكون الهزاز






إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين


أما بعد :





فقد زعم الملاحدة أن الكون أزلي بدليل نظرية الكون الهزاز ،و نظرية الكون الهزازأو الكون ذو النموذج الكوانتي تفرض أن التمدد الحالي للكون سوف ينعكس أخيراً عند نقطة معينة ويبدأ بالانكماش والتقلص . وهذا الانكماش سوف يسبب انهيار واندماجاً لكل شيء في نقطة واحدة ،ومن ثم تعود تلك النقطة لتنفجر ثانية مستهلة جولة جديدة من التمدد، وكما يقولون فهذه العلمية تتكرر بشكل لا محدود مع الزمن، ويفترض هذا النموذج أن الكون عانى لغاية الآن هذا التحول عدداً لا نهائياَ من المرات، وأن تلك العملية سوف تستمر إلى الأبد، وبكلمة أخرى سيقى الكون سرمدياً خالداً رغم أنه يتمدد وينهار خلال فواصل زمنية مختلفة مع حدوث انفجار هائل يختم كل دورة، والكون الذي نحن فيه هو واحد فقط من هذه الأكوان اللانهائية والتي تمر عبر الدورة نفسها .

و نظرية الكون الهزاز لا تصح إذ قوانين الفيزياء لا تقدم أي سبب معقول يدعو لانفجار الكون المتقلص ثانية بعد انهياره في نقطة واحدة .

ولماذا لا يجب أن يبقى على ما هو عليه بالضبط بعد الانهيار ؟ !!

و لماذا يجب على الكون أن يبدأ بالتقلص في المكان نفسه ؟!! .

و قد بينت الحسابات وفق نظرية الكون الهزاز أن الكون بأسره سوف ينقل كمية من الأنتروبي إلى وريثه، وبكلمات أخرى فأن كمية الطاقة المفيدة ستصبح أقل من كل مرة، وسيكون كل فتح تالٍ للكون ( الانفجار) أكثر بطأً ومن نقطة أكبر قطراً، وهذا سيولد كوناً أصغر ثم تبدأ المرحلة التالية ... وهكذا ، وأخيراً يتلاشى في اللاشيء وحتى لو كانت الأكوان المفتوحة أو المغلقة تستطيع أن تكون موجودة ، فإنهم غير قادرين على التحمل حتى يصلوا إلى الخلود والسرمدية، وعند نقطة ما يصبح من الضرورة أن يخلق الشيء من لا شيء و هكذا يمكننا القول باختصار ما يلي : إن نموذج الكون الهزاز هو مجرد خيال جامح لا أمل فيه، وحقيقته الفيزيائية غير ممكنة .


و قولهم إن ما لا نهاية موجودة في الرياضيات فلما لا يتصور أن الكون لا نهائي و الجواب أن وجود ما لا نهاية فى الرياضيات، لا يستلزم وجود ما لا نهاية فى الواقع الكونى .


أضف إلى ذلك أن معنى أزلية الكون وجود أحداث لا نهائية تمت فى الكون ، و لا يمكن أن يكون هناك عدد لانهائى من الأحداث تم فى الكون ؛ لأن أحداث الماضى واقعية ، و ليست مجرد أفكارا ، فإن عدد أحداث الماضى يجب أن يكون نهائياً .


هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

د.ربيع أحمد
02-18-2011, 03:18 AM
الرد على زعم الملاحدة أن العالم غير محتاج إلى غيره






إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين


أما بعد :


فقد زعم الملاحدة أن العالم غير محتاج إلى غيره بل هو مستغن بنفسه لأن الأشياء الموجودة في العالم عبارة عن صور متعددة للمادة، فهي كلها مادة فاحتياج بعضها للبعض الآخر ليس احتياجاً ؛ لأن احتياج الشيء لنفسه لا يكون احتياجاً بل هو مستغن بنفسه عن غيره وعليه تكون المادة أزلية لا أول لها، لأنها مستغنية بنفسها عن غيرها أي أن العالم أزلي قديم مستغن بنفسه عن غيره .


و الجواب أن هذه الأشياء الموجودة في العالم ليست عندها القدرة على الخلق والإبداع من عدم،سواء أكانت مجتمعة أم متفرقة، فالشيء الواحد عاجز عن الخلق والإبداع من عدم، وإذاكمله غيره من ناحية أو من عدة نواح فإنه يبقى هو وغيره معاً عاجزين عن الخلقوالإبداع من عدم وهذا ظاهر محسوس وهذا يعني أنه غير أزلي، لأن الأزلي الذي لا أولله يجب أن تنفى عنه صفة العجز و يجب أن يكون متصفاً بالقدرة على الخلق والإبداع منعدم، أي يجب أن تستند الأشياء الحادثة في وجودها إليه حتى يكون أزلياً .


و على ذلك يكونالعالم غير أزلي و ليس بقديم ؛ لأنه عاجز عن الخلق ورالإبداع فعدم وجود القدرة في الشيءعلى الخلق من عدم دليل يقيني على أنه ليس أزلي.


و كيف يقال أن العالم غير محتاج إلى غيره و نحن نرىاحتياج كل شيء في العالم إلى النظام أو إلى نسبة معينة لا يستطيع أن يتعداها حتى يتأتى له سدحاجة غيره و بيان ذلك:

أن (أ) محتاج إلى (ب) و(ب) محتاج إلى (جـ) و(جـ) محتاج إلى (أ) وهكذا،و إن احتياج الأشياء في العالم لبعضها دليل على أن كل واحد منها ليس أزلياً ،و كون بعضها يكمل بعضاً دليل على أن كل واحد منها ليس أزلياً، وكون بعضها يكمل بعضاًأو يسد حاجة البعض الآخر لا يتأتى بشكل مطلق، وإنما تحصل وفق نسبة معينة، أي وفقترتيب معين، ولا يمكنه أن يقوم بالتكميل إلا حسب هذا الترتيب أو يعجز عن الخروجعنه، فيكون الشيء المكمل لم يكمل وحده أي لم يسد الحاجة وحد بل سدها بترتيب فرضعليه من غيره، وأجبر على الخضوع له، فيكون الشيء المكمل والشيء الذي كمله قد احتاجاإلى من عين لهما الترتيب المعين حتى سدت الحاجة ولم يستطيعا أن يخالفاً هذاالترتيب، ولا يحصل سد الحاجة بغير هذا الترتيب، فيكون الذي فرض الترتيب عليها هو المحتاج إليه وبذلك تكون الأشياء في مجموعها ولو كمل بعضها بعضاً لا تزال محتاجةإلى غيرها ، أي محتاجة إلى من أجبرها على الخضوع حسب الترتيب المعين .

و على سبيل المثال الماء حتى يتحول إلى جليد يحتاج إلى الحرارة فيقولون أن الماء مادة والحرارة مادة و الجليد مادة ، فالمادة حتى تحولت إلى صور أخرى من المادة أي احتاجت إلى نفسها وليس لغيرها. ولكن الواقع هو غير هذا. فإن الماء حتى يتحول إلى جليد يحتاج إلى حرارة بدرجة معينةلا إلى الحرارة فقط والحرارة شيء ، و كونها لا تؤثر إلا بدرجة معينة أمر آخر ، وهوغير الحرارة أي أن النسبة المفروضة على الحرارة حتى تؤثر ، و على الماء حتى يتأثر،هذه النسبة ليست آتية من الماء ، و إلا لاستطاع أن يتأثر كما يشاء ، و ليست آتية من الحرارة ، و إلا لاستطاعت أن تؤثر كما تشاء أي ليست آتية من المادة نفسها وإلالاستطاعت أن تؤثر وان تتأثر كما تشاء ، بل لا بد أن تكون آتية من غير المادة .


و على ذلك تكون المادة قد احتاجت إلى من يعين لها نسبة معينة حتى يحصل لها التأثر، أو يحصل فيها التأثر، وهذا الذي يعين لها هذه النسبة هو غيرها فتكون المادة محتاجة إلى غيرها فالمادة إذن ليست أزلية لأن الأزلي القديم لا يحتاج إلى غيره فهو مستغن عن غيره، والأشياء كلها تستند إليه فعدم استغناء المادة عن غيرها دليل يقيني على أنها ليست أزلية فهي مخلوقة و تحتاج إلى خالق .





هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

د.ربيع أحمد
02-18-2011, 03:25 AM
الرد على رفض الملاحدة دليل النظام كدليل على وجود الله





إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين



أما بعد :




يرفض الملاحدة هداهم الله دليل النظام كدليل على وجود الله لزعمهم أنهم لو قالوا أن هناك كيان صمم هذه القوانين فهذا يعني أن هذا الكيان بنفس الفرض هو محكم ومعقد أكثر من الكون فمن أين أتى هذا الكيان ؟ و قالوا : جميع حجج النظام سببها أن الشخص جاهل بكيفية وجود شيء ما كالقلب أو النظام الشمسي أو العين بالشكل الذي هو عليه الآن عن طريق عمليات طبيعية بحته فيصل إلى نتيجة أن هذا الشئ مصمم.



و رفضهم دليل النظام رفض لأمر حسي ضروري بأمر متوهم إذ انتظام الكون أمر مشاهد و حاجة النظام إلى منظم من البديهات[1] و الأمور الحسية الضرورية لا تحتاج إلى أدلة تثبت صحتها فكيف تنكر ؟!!!


و الاعتقاد بوجود علامات النظام التي تدل بالضرورة على منظم عاقل قادر من أوليات العقل[2] .


و النظام الدقيق المحكم الظاهر في مكونات الكون و في علاقاتها بعضها البعض و الترتيب و التناغم و التكامل بين مكونات الكون لدليل ساطع على وجود خالق منظم نظم كل ما في الكون أحسن تنظيم إذ يستلزم المُنتظم وجود من نظَّمه. والكون منتظم لأنه يظهر فيه حسن النظام والتركيب والقصد في كل شيء، فيستلزم وجود كائن عاقل قد نظمه وهو الله .


وإذا فرضنا فرضا مستحيلا و سلمنا جدلاً أن الصدفة قد تؤدي إلى النظام مرة ، فلا يعقل أن تكون الصدفة هي سبب تحقيق النظام في جميع الكائنات، وسبب استمرارها واطرادها ،و نسبة نظام الكون إلى نفسه هي بمثابة نسبة مجموع الأحرف في كتاب منتظم الطبع إلى نفسه .


و العقل السليم يرفض رفضًا تامًّا أن يكون أي ترتيب و تنظيم لشيء ما حدث بصورة عفوية وبطريق الصدفة، فلو دخلنا دارًا أو محلًّا تجاريًّا منظمًا لأدى بنا النظر لأول وهلة إلى أن منظمًا نظم هذه الدار وهذا المحل، فكيف بهذا الكون المنظم كل شيء فيه أحسن تنظيم؟[3]


سبحان ربي لا يوجد أي شيء في الكون إلا في محله المناسب و بالقدر المناسب، فكل ما فيه في غاية الحكمة والعناية والإتقان، والناظر لهذا الإتقان العجيب والتنظيم المدهش في كل شيء في الأرض وفي السماء وما بينهما -بحيث أن أي تغيير فيه يؤدي إلى الخلل والفساد؛ لا يسعه إلا أن يؤمن بوحدانية الله تعالى[4] .


و القول بوجود منظم للكون لا يفرض وجود سبب لهذا المنظم ؛ لأن الذي نظم الكون هو الخالق و الخالق ليس كالمخلوق و لا يصح أن يُقاس القديم الأزلي الذي لا أول لهعلى الحادثالذي له أول .


و النظام دليل على العقل و عدم النظام دليل على عدم العقل و فرق كبير بين توقيف وجود منظم للكون عند علة عاقلة هي الله ، و توقيف وجود منظم للكون عند علة مادية غير عاقلة كالطبيعة فالطبيعة غير عاقلة حتى ينسب لها فعل من أفعال العقلاء و الطبيعة مفروض عليها النظام و مستحيل أن تكون الطبيعة هى التي فرضت النظام على نفسها إذ لا يمكن أن يكون الشيء بعينه محركاً لنفسه، وإلا لزم وجوده قبل نفسه .


و الله سبحانه وتعالى غير مسبوق بالعدم فهو أزلي سرمدي ، كان منذ الما لانهاية ، قبل أن يكون الزمان أو المكان ، وهو الذي خلقهما فيما بعد . ولأنّ وجوده كان دائماً ، ولم يسبقه عدم أو زوال، فلذلك لا يحتاج إلى خالق أو موجد ،لأنّ وجوده نابع من ذاته . أمّا المخلوقات الأخرى فهي (حادثة ) لأنّها وجدت في زمان معين ، حتى لو كان هذا الزمان قبل أربعة عشر مليار سنة . ولأنّها لم تكن ثُمّ كانت فهي تحتاج إلى مكون وموجد لها .


و ليس كلّ الموجودات بحاجة إلى خالق و موجد و إنّما الموجود الممكن أو الموجود الحادث هو الذي يحتاج إلى علة لوجوده ، أمّا الله سبحانه و تعالى فإنّه واجب الوجود فلا يحتاج إلى علة خارجية لوجوده ، فهو موجود دائماً و أبداً ، و كان و لم يزل و لا يزال موجوداً ، وهو القديم الأزلي السرمدي الذي وجوده نابع من ذاته و ليس عارضاً عليها .


و القول بأن جميع حجج النظام سببها أن الشخص جاهل بكيفية وجود الأشياء قول ساقط و دعوى بلا برهان و من علماء الكون من استدل بدليل النظام على وجود الله و هم على دراية واسعة بكيفية وجود الأشياء و طبيعة الأشياء و قوانين الطبيعة .



قال الدكتور جون وليان كلوتس عالم الوراثة والبيئة : « إن هذا العالم الذي نعيش فيه قد بلغ من الإتقان والتعقيد درجة تجعل من المحال أن يكون قد نشأ بمحض المصادفة ، إنه مليء بالروائع و الأمور التي تحتاج إلى مدبر، و التي لا يمكن نسبتها إلى قدر أعمى , و لا شك أن العلوم قد ساعدتنا على زيادة فهم وتقدير ظواهر هذا الكون المعقدة, وهي بذلك تزيد من معرفتنا بالله و من إيماننا بوجوده »[5] .


و قال كريسي موريسون الفلكي الشهير : «.. ومثل هذه المجموعة من المعجزات لا يوجد و لا يمكن أن يحدث بأي حال في غيبة الحياة, وكل ذلك يتم في نظام كامل والنظام مضاد إطلاقًا للمصادفة, أليس ذلك كله من صنع الخالق؟ »[6]


و قال الدكتور سيسل هامان عالم البيولوجي : « أينما اتجهت ببصري في دنيا العلوم، رأيت الأدلة على التصميم والإبداع، على القانون والنظام، على وجود الخالق الأعلى »[7] .


و قال العالم جون كليفلاند كونران عالم الكمياء و الرياضة: «...إذا كان هذا العالم المادي عاجزاً عن أن يخلو نفسه، أو يحدد القوانين التي يخضع لها؛ فلا بد أن الخلق قد تم بقدرة كائن غير مادي، وتدل الشواهد جميعاً على أن هذا الخالق لا بد أن يكون متصفاً بالعقل والحكمة »[8] .



و قال العالم ماريت ستانلي كونجدن أخصائي الفيزياء وعلم النفس وفلسفة العلوم : « إن جميع ما في الكون يشهد على وجود الله سبحانه ويدل على قدرته وعظمته، وعندما نقوم نحن العلماء: بتحليل ظواهر الكون ودراستها حتى باستخدام الطريقة الاستدلالية؛ فإننا لا نفعل أكثر من ملاحظة آثار أيادي الله وعظمه ، ذلك هو الله الذي لا نستطيع الوصول إليه بالوسائل العلمية المادية وحدها، ولكننا نرى آياته في أنفسنا وفي كل ذرة من ذرات هذا الوجود، و ليست العلوم إلا دراسة خلق الله وآثار قدرته »[9] .


هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات







[1] - البدهيات هي حقائق ضرورية لا تحتاج إلى برهان، أي أنها تفرض نفسها على الذهن بحيثلا يحتاج إلى برهان لإثباتها. ويجمع العقلاء على صحتها واعتمادها كأصول ضروريةلازمة، وهي تعتبر أسسا وقواعد أولية ومقاييس تبنى عليها باقي الأفكار، وبراهينلإثبات صدق غيرها من الأفكار .
[2]- العقل يميّز بعض الحقائق دون حاجةٍ إلى براهين تثبتها أو لشهادة إنسان لتصدّقها. وتُسمى تلك الحقائق أوليات وبديهيات وضروريات
[3] - عقيدة التوحيد في القرآن الكريم لمحمد أحمد ملكاوي ص 149
[4] - عقيدة التوحيد في القرآن الكريم لمحمد أحمد ملكاوي ص 148
[5] - الله يتجلى في عصر العلم ص46
[6] - الله يتجلى في عصر العلم ص48
[7] - براهين وأدلة إيمانية لعبد الرحمن حبنكه الميداني ص 202
[8] - براهين وأدلة إيمانية لعبد الرحمن حبنكه الميداني ص 94
[9] - كتاب التوحيد لعبد المجيد الزنداني ص 259

د.ربيع أحمد
02-18-2011, 03:33 AM
الرد على زعم اللادينيين أن الإيمان بالله ليس سببا للأخلاق الحميدة










إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين




أما بعد :




فيقول الملاحدة هداهم الله قول المؤمنين أن الناس لا يمكن أن يكونوا خلوقين إلا إن آمنوا بالله و اعتقدوا بوجوده هو اعتقاد سببه الجهل بطبيعة الأخلاق النسبية و تفاوتها بين مجتمع لاخر .




و قالوا أيضا أن الأخلاق ليست ثابتة بل هي متحركة و متبدلة متأثرة بمتغيرات الوقت و المكان و المجتمع فلو أن إنسان ما تصرف تصرفا محمودا في شرق الأرض، لا يمكن ضمان هذه المحمودية والأفضلية لنفس العمل فيما لو قام بها الإنسان في غربها، والسبب يعود إلى أن الحكم على الفعل يتغير تبعا للظروف المحيطة بالإنسان



و يقول بعضهم أن مواجهة شخص ما بأن أخلاقياته غير صحيحة دليل على عدم التسامح .



و يقول بعضهم إذا كانت الغاية من معرفة الدين والتحلي به، التمسك بالأخلاق المثلى، فلتكن دعوتنا إلى هذه الأخلاق مباشرة دون الدعوة إلى الدين و لا حاجة إلى الدين .


و الجواب إن كان هذا الكلام يبدو للبعض مستساغا و مقبولا إلا أنه ضعيف و لا يصمد فإن كانت القيم الأخلاقية التي يحصل عليها المجتمع تحدد قيمتها تبعا للوقت والمكان والمربين الذين ترعرع على أيديهم هذا المجتمع أو الإنسان فهذا ليس دليلا على وجوب أن تكون الأخلاق مختلفة باختلاف الناس و الأزمنة .


و ما يقوم به الناس في الخارج شيء، وما يجب فعله والإلتزام به من قيم ومبادئ يعد شيئا آخر تماما كقيام الناس بالكذب وإجعاله كعرف يمارسه أبناء المجتمع، فلا يمكن تبني الكذب كحقيقة مسلمة لدى هذا المجتمع لنتوصل إلى نتيجة أخلاقية مفادها بأن الكذب صواب .




و المبادئ العامة من قبيل "عدم إيذاء الناس" أو "عليك باحترام الآخرين" أو "كن شجاعا"، كلها مبادئ عامة لا يختلف عليها أحد، ولكن تختلف الأمم في كيفية التعبير عنها ،و اختلاف الأمم بعضها عن البعض الآخر في فهمها و أسلوب التعبير عن هذه المبادئ لا يُخرج المبادئ العامة عن إطلاقها فهذه العموميات تظل تتبناها الإنسانية مهما اختلفت مشاربها، ولكنها تظل تختلف في أساليب العمل فقط مما يجعلنا أن نتوقف عن التصديق بأن الأخلاق نسبية .




و البشر برغم أنهم يختلفون في الجنس و العِرق و اللَّون و الثقافة و اللغة و العقيدة إلا أنهم يتفقون على القيم الخلقية ، فالتصرفات و التعاملات التي تنمُّ عن الصدق و الصراحة أو الكرم والجود أو الأمانة والعدل، أو الرحمة والرأفة أو الشهامة و غير ذلك تُثِير في نفوس مَن يشاهدها أو يسمعُ عنها الإعجابَ بها والتقديرَ والاحترامَ لأصحابها، وهكذا يكون الحال مع سائر الأخلاق الإنسانية .



و رغم أن العديد من الناس لديهم ممارسات أخلاقية مختلفة، إلا أنهم يتشاركون في مباديء أخلاقية عامة مثلا، يتفق مناصري الإجهاض ومعارضيه أن القتل أمر خاطيء، و لكنهم يختلفون حول ما إذا كان الإجهاض يعتبر قتلاً أم لا. لهذا، حتى في هذه الحالة تثبت حقيقة وجود الأخلاقيات العامة المطلقة ، و لا يوجد مجتمع بكامله يمكن أن يرى أن زنا المحارم مسألة عادية و ليس أمرا مشينا ، نعم قد يوجد بعض الأفراد الشواذ الذي يرون أن زنا المحارم مسألة عادية فالعيب في هؤلاء الافراد الشاذين وليس في المجتمع .





و لا يوجد مجتمع في أي وقت و أي زمان يجعل السرقة عملا بطوليا و لا يوجد مجتمع في أي وقت و أي زمان يمتدح الكذب و لا يوجد مجتمع في أي وقت و أي زمان يعظم الخيانة ،و لا يوجد مجتمع في أي وقت و أي زمان يجعل الشاذ الجنسي إنسانا طبيعيا و المشكلة أن الملاحدة يرون جماعة لا أخلاقية في مجتمع فيتوهمون أنها مجتمع أو أنها هي المجتمع و يعممون الحكم على الكل و هذا باطل .




و بجعل الأخلاق نسبية يسقط المثل الاعلى و الخير الأقصى و يعتبر الخير ليس من الضرورات العقلية .




و من يدعي أن مواجهة شخص ما بأن أخلاقياته غير صحيحة دليل على عدم التسامح ، و الواجب هو التسامح فالجواب لا يجب التسامح مع الشر مطلقا فهل يمكن أن نتسامح مع وجهة نظر المغتصب بأن النساء ما هي إلا أدوات للإشباع الجنسي ؟




و وجوب التسامح بين الناس يقوم على قانون أخلاقي أننا يجب أن نتعامل دائماً بإنصاف مع الناس ، و ليس من الإنصاف التسامح مع الشر .




و رسوخ القيم الإنسانية و الأخلاق الإنسانية لا يتأتى ما لم تكن مطلقة المعايير فنحن لا نستطيع أن نتصور القيم الأخلاقية متبدلة بتطور حياة الناس و تغيرها فذلك يؤدي الى اهتزاز في سلوك الناس و أخلاقياتهم و كدلك يؤدي الى اهتزاز في منهج الناس التربوي و واقعهم الاجتماعي.





و الخلاصة أن هناك أخلاق إنسانية ، و نسبية الاخلاق التي طرحها الملاحدة مرفوضة لأنها تناقض العقل و الفطرة الإنسانية , فلا يمكن أن يأتي يوم نتصور فيه أن الكذب جميل .




و يتميَّز الإسلام بجملة أخلاق خاصة به ولا تُعرَفُ في غيره، كالإخلاص والورع والتوكل والخشوع والخشية، وما ذاك إلا لأن مثل هذه الأخلاق تنبُع من الإيمان الحق بالله تعالى وتوحيده .




و الإيمان بالله يزيد الأخلاق الإنسانية عمقًا ورسوخًا في الفرد المسلم؛ لأنه إنما يتحلى بها ابتغاءَ وجه الله وطمعًا في مثوبته ورضاه،و اقتداء بالنبي صلى الله عليه و سلم الذي بعث ليتمم مكارم الأخلاق فلا يتساهل المسلم فيها، ولا يتنازل عنها، مهما طال الزمن، ومهما كان الإغراء أو الابتلاء، أما من حُرِمَ هذا الإيمان فإنه يتمسك بالخلق طالما يجني من ورائه ما هو أهمُّ منه في نظره كَكَسْبِ المال أو الشهرة أو الاحترام، فإذا لم يتحقق هذا فإنه لا يتورَّع عن التفريط فيه أو حتى التنكُّر له، وهكذا يظهر الارتباط الوثيق بين الإيمان والأخلاق .




و من يقول إذا كانت الغاية من معرفة الدين و التحلي به ، التمسك بالأخلاق المثل ى، فلتكن دعوتنا إلى هذه الأخلاق مباشرة، ولنختصر الطريق إلى الغاية دون أن نقيم المسافات الطويلة بيننا وبينها. و اختصار الطريق يعني نبذ الدين و عدم الحاجة إليه ، والاستعاضة عن الدين بتدريس الأخلاق مباشرة ، و هذا الكلام دعوة إلى نبذ الأخلاق و القيم الفاضلة ، و إلى التحرر من ضابطها ، و يكذب هذا الكلام تاريخ الإنسانية إذ لم تشهد أمة أو جماعة التزمت القيم الأخلاقية وتقيدت بضوابطها دون الاعتماد على وازع خارجي يقودها إلى ذلك ، و لا يوجد وازع ينجح في حمل الناس على هذا الالتزام ، إلا وازع الإيمان بالله .




و في المجتمعات غير الملتزمة بالدين، يمكن أن يقدم الناس على ارتكاب جميع أنواع الأعمال غير الأخلاقية ، فعلى سبيل المثال، لا يمكن للإنسان المتدين أن يقبل التعامل بالرشوة أو القمار أو أن يحسد أحدا، أو أن يكذب لأنه يعلم أن عليه مراقبة أعماله وتذكر الحساب بعد الموت. ومن جهة أخرى، فإن ّالشخص غير المتدين لا يمنعه شيء عن ارتكاب هذه الأ عمال. إنه ليس كافيا أن يقول الشخص غير المتدين: "أنا لا أؤمن بالله ولكنني لا آخذ رشوة " أو أن يقول :"أنا لا أؤمن بالله ولكنني لا أقامر". والسبب، أنّ الإنسان الملحد الذي لا يخشى الله ولا يستشعر رقابته، ولا يخاف الحساب بعد الموت قد يرتكب أيا من هذه الأفعال عند تغير المواقف أو الأوضاع من حوله . وإذا قال شخص ما : " أنا ملحد ولكنّني لا أزني" فالشخص نفسه قد يرتكب الزنا في مكان يعتبر فيه أمرا عاديا. وممكن للشخص الذي لا يأخذ رشوة أن يقول : "إنّ ابني مريض، وعلى وشك الموت، علي أن أقبل الرشوة " هذا إذا لم يكن في قلبه خوف من الله تعالى. وفي حالة غياب الدين، فإن السرقة نفسها يمكن أن تصبح أمرا مشروعا تحت ظروف معينة. وعلى سبيل المثال، فالناس الذين لا دين لهم يمكن أن لا يعتبروا-حسب رأيهم- أن أخذ المناشف وأدوات الزينة من الفنادق سرقة. ومن ناحية أخرى فإن الشخص المتدين لا يظهر مثل هذا العمل لأنه يخشى الله ولا ينسى أن الله يعلم سره وعلانيته، فالمؤمن يعمل بإخلاص ويتجنب المعاصي، ويمكن لشخص بعيد عن الدين أن يقول : " أنا ملحد ولكنّني أتسامح مع الناس، فأنا لا أشعر برغبة في الانتقام ولا أكره أحدا "، ولكن في يوم ما يمكن أن يحدث شيء ما يجعله يظهر تصرفا غير متوقع منه، كأن يحاول قتل شخص ما أو إيذائه لأنّ الأخلاق التي لديه تتغير بحسب البيئة والظروف التي يوجد فيها. أما الإنسان المؤمن بالله واليوم الآخر فلا يحيد أبدا عن الأخلاق الفاضلة مهما كانت المؤثرات، فأخلاقه غير متقلبة و الخلاصة أن لا أخلاق بغير دين ، و لا دين بغير أخلاق .




هذا والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

د.ربيع أحمد
02-18-2011, 03:39 AM
الرد على زعم اللادينيين أن وجود الشر دليل على عدم وجود الله






















إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين



أما بعد :



فيزعم الملاحدة أن الشر الطبيعي و الخلقي برهان ساطع على عدم وجود الله و يقولون أين العناية الربانية في عالم حظّ الشرِّ فيه أكبر من حظ الخير، ومصير فاعل الخير أسوأ من مصير فاعل الشر؟ و إذا كان الله موجوداً ، لا يمكن أن يوجد الشر لكن الشر موجود إذا الله غير موجود و هذا الكلام غير صحيح إذ ما علاقة الشر أو الخوف بوجود الله ؟!!



و إن الرؤية الناقصة القاصرة المحدودة، التي تتناول جانباً جزئياً صغيراً جداً، من المجموع الكلي الكبير، والتي لا تسمح لصاحبها بأن يدرك معاني الحكمة الكلية، تجعله يصدر أحكاماً باطلة، مبنية على رؤيته هذه فمن لم ير من الوجود إلا ما يسوؤه جلب إلى نفسه الاكتئاب، وغدا متشائماً، وحكم على الوجود بأن الشر هو الغالب فيه و عكسه الذي لا يرى من الوجود إلا ما يسره، فإنه يبتهج بالحياة، ويتفاءل بكل شيء، ويحكم على الوجود بأن الخير هو الغالب فيه، وقد يطغيه ذلك لكن النظرة الإيمانية التي منحنا إياها الفهمُ الديني الصحيح الذي بينه لنا الإسلام، تعطي المؤمنين رؤية كلية شاملة، وهذه الرؤية تشاهد حكمة الله في الخلق، بدءاً من حياة الإنسان في دار الامتحان، وهي الدار الدنيا، حتى منازل الخلود في دار الجزاء ، و هي الدار الآخرة[1].


و إذا سلمنا بأن الله هو الخالق فالخالق يفعل ما يشاء قال تعالى : ﴿ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَ الأَمْرُ ﴾[2] ، و قال تعالى : ﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾[3] و كما قيل من حكم في ماله ما ظلم و لله المثل الأعلى .



و الله يبتلينا بالشر كما يبتلينا بالخير اختبارا لنا و امتحانا قال تعالى : ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾[4] ،و الشر الذي يسمح الله بحدوثه هو الشر الذي ينتج عنه خير أعظم أو يمنع حصول شر أسوأ .



و الله يبتلينا بالشر كي يرى منا عبادة الصبر فعند حدوث شر يجب أن نصبر بحبس أنفسنا عن التسخط في المقدور و نحبس ألسنتنا عن الشكوى لغير الله قال تعالى : ﴿ قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾[5] و هنيئا لمن صبر قال تعالى : ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾[6] و الله مع الصابرين بعونه و توفيقه وتسديده لهم قال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾[7] و هنيئا لمن صبر فالله يحبه قال تعالى : ﴿ و َاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾[8] ، و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر وكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له » [9].


و الله يبتلي غيرنا بالشر كي يرى منا عبادة الشكر و ذكر الله بالحمد على معافة الله لنا و ابتلاء غيرنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من رأى مبتلى فقال الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا لم يصبه ذلك البلاء »[10] و كي نتعظ فأيها المسرف في المعاصي ألا تخشي أن يحل بك بلاء من الله مثل ما أنزله على غيرك قال تعالى : ﴿ وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُون ﴾[11] أي : وضرب الله مثلا بلدة "مكة" كانت في أمان من الاعتداء, واطمئنان مِن ضيق العيش, يأتيها رزقها هنيئًا سهلا من كل جهة, فجحد أهلُها نِعَمَ الله عليهم, وأشركوا به, ولم يشكروا له, فعاقبهم الله بالجوع, والخوف من سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم وجيوشه, التي كانت تخيفهم; وذلك بسبب كفرهم وصنيعهم الباطل[12]. ‌


و بحدوث الشر المصائب يفيق الغافلون عن الله فكم من فاسق اهتدى بسبب بلاء نزله به أو نزل بغيره و كم من ضال اهتدى بسبب بلاء نزله به أو نزل بغيره أرأيتم عارضة الأزياء الفرنسية فابيان التي أعلنت اعتناقها الإسلام بعد أيام قليلة من اندماجها في صفوف المجاهدات الأفغانيات فعندما رحلة إلى بيروت أثناء العدوان عليها رأت مستشفى للأطفال تنهار و في ظرف دقيقة أصبحت كومة تراب فصرخت و انقشعت الغمامة و الغشاوة عن عينيها و اندفعت نحو أشلاء الأطفال الأبرياء كانت تحاول ما في وسعها أن تنقذ من بقي منهم على الحياة ثم تركت بيروت و سافرت إلى باكستان و عند الحدود الأفغانية عاشت ثم ما لبثت سنة و هي ترعى الأسر الأفغانية إلا و اعتنقت الإسلام فرب ضارة نافعة ، و ما خبر توبة المغنية شادية منا ببعيد فقد أبتليت ببعض الأمراض الخطيرة و التي استدعت كل منها إجراء جراحات خطيرة و لما من الله عليها بالشفاء أفاقت من غفلتها و عرفت أنه لا ملجأ من الله إلا إليه ، و كم من متبرجة ارتدت الحجاب بعد مرض أو حادثة حدثت لها .


و بالمرض تعرف نعمة العافية و الصحة كما أن بالموت تعرف نعمة الحياة فالكثير منا لا يشعر بنعمة الصحة إلا لما تنزع منه .



و قيل أن رجلا ذهب إلى الحلاق لكي يحلق له شعر رأسه ويهذب له لحيته . . . و ما أن بدأ الحلاق عمله في حلق رأس هذا الرجل ، حتى بدأ بالحديث معه في أمور كثيرة . . .إلى أن بدأ الحديث حول وجود الله .


قال الحلاق : أنا لا أؤمن بوجود الله .
قال الزبون : لماذا تقول ذلك ؟
قال الحلاق : حسنا ، مجرد أن تنزل الى الشارع لتدرك بأن الله غير موجود ، قل لي ، إذا كان الله موجودا هل ترى أناسا مرضى ؟ وإذا كان الله موجودا هل ترى هذه الاعداد الغفيرة من الاطفال المشردين ؟ طبعا إذا كان الله موجودا فلن ترى مثل هذه الالام والمعاناه . أنا لا أستطيع أن أتصور كيف يسمح ذلك الإله الرحيم مثل هذه الامور.
فكر الزبون للحظات لكنه لم يرد على كلام الحلاق حتى لايحتد النقاش . .
وبعد أن إنتهى الحلاق من عمله مع الزبون . . خرج الزبون الى الشارع فشاهد رجل طويل شعر الرأس مثل الليف ، طويل اللحية ، قذر المنظر ، أشعث أغبر ، فرجع الزبون فورا الى صالون الحلاقة . . .
قال الزبون للحلاق : هل تعلم بأنه لايوجد حلاق أبد ؟!
قال الحلاق متعجبا :كيف تقول ذلك . . انا هنا وقد حلقت لك الآن ؟!
قال الزبون : لو كان هناك حلاقين لما وجدت مثل هذا الرجل .
قال الحلاق بل الحلاقين موجودين . . وأنما حدث مثل هذا الذي تراه عندما لا يأتي هؤلاء الناس لي لكي أحلق لهم .
قال الزبون : و هذا بالضبط بالنسبة الى الله . . . فالله موجود ولكن يحدث ذلك عندما لايذهب الناس إليه عند حاجتهم . . . ولذلك ترى الالام والمعاناه في العالم.




و الخلاصة أن وجود الشر ليس دليلا على عدم وجود الله بل دليل على حكم بالغة لكن عقل الملاحدة القاصر هو الشر بعينه هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات




[1] - كواشف زيوف لعبد الرحمن بن حسن ص 448
[2] - الأعراف من الآية 54
[3]- الأنبياء الآية 23
[4] - الأنبياء الآية 35
[5] - يوسف الآية 86
[6] - البقرة الآية 155
[7] - البقرة الآية 153
[8] - ال عمران من الآية 146
[9]- صحيح الجامع الصغير للألباني رقم 3960
[10] - صحيح الجامع الصغير للألباني رقم 6248
[11] - النحل الآية 112
[12] - التفسير الميسر

د.ربيع أحمد
02-18-2011, 03:45 AM
الرد على سؤال الملاحدة كيف تقولون العالم غير أزلي و عندكم الجنة و النار لا تفنى ؟


إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :


فبعض الملاحدة يقولون يستنتج من بقاء شيء من أجزاء العالم وعدم فنائه كالجنة و النار عندكم أيها المؤمنون أن العالم قديم أزلي .

و الجواب على ذلك أن بعض المخلوقات لا تفنى لإبقاء الله إياها ،و لا يلزم من عدم فنائها أزليتها، إذ لا تلازم بين عدم فنائها وأزليتها و بقاء ما يبقى من المخلوقات ليس بقاءا ذاتياً و إنما بإبقاء الله إياها ، وأما الباقي الذي البقاء وصف ذاتي له فهو الله، لا يشاركه أحد في بقائه كما لم يشاركه أحد في سائر صفاته و إن اتحدت الأسماء أحياناً في بعض الصفات.


هذا والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

د.ربيع أحمد
02-18-2011, 03:53 AM
الرد على زعم الملاحدة الفيزياء الحديثة تنفي وجود خالق للكون




إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :


فقد انتشر بين الملاحدة مقولة الفيزياء الحديثة تنفي وجود خالق للكون و هذا لقلة علمهم فوجود الله من القضايا الإيمانية الغيبية و القضايا الإيمانية الغيبية لا تدرك بالتجارب و لا المختبرات و العلم المادي لا يتدخل في القضايا الإيمانية الغيبية , و العلم الحديث كله لا يملك دليلاً صحيحاً واحداً يستطيع أن يثبت عدم وجود خالق للكون بل الكون شاهد على وجوده سبحانه .

و التقدم العلمي والصناعي لم يتوصل إلى قياس شيء من عالم الغيب ، بل ما يزال عاجزاً عن قياس أمور كثيرة داخلة في العالم المادي الذي هو مجال كل أنواع التقدم العلمي الذي انتهت إليه النهضة العلمية الحديثةو العلماء الماديون الذين يستخدمون المعامل و المختبرات و الأجهزة العلمية المتقدمة جداً.. يحاولون تفسير كل ما شاهدوه من ظواهر بنظريات استنتاجية يغررون فيها حقائق غير مرئية وغير مشاهدة، وهي بالنسبة إليهم وبالنسبة إلى أدواتهم ما زالت أموراً غيبية ، و مع ذلك فإنهم يضطرون إلى إقرارها و التسليم بها ، و يجعلونها قوانين ثابتة يقولون عنها إنها قوانين طبيعية [1] .

و قد هدت آثار الله في الكون الكثير من العلماء إلى الإقرار بوجوده سبحانه فقد قال العالم الفلكي هرشل : كلما اتسع نطاق العلم ازدادت البراهين الدامغة القوية على وجود خالق أزلي لا حد لقدرته و لا نهاية ، فالجيولوجيون ، و الرياضيون ، و الفلكيون، و الطبيعيون قد تعاونوا و تضامنوا على تشييد صرح العلم وهو صرح عظمة الله وحده[2] .


و قال الدكتور سيسل هامان عالم البيولوجي : « أينما اتجهت ببصري في دنيا العلوم، رأيت الأدلة على التصميم والإبداع، على القانون والنظام، على وجود الخالق الأعلى »[3] .

و قال العالم جون كليفلاند كونران عالم الكمياء و الرياضة: «...إذا كان هذا العالم المادي عاجزاً عن أن يخلو نفسه، أو يحدد القوانين التي يخضع لها؛ فلا بد أن الخلق قد تم بقدرة كائن غير مادي، وتدل الشواهد جميعاً على أن هذا الخالق لا بد أن يكون متصفاً بالعقل والحكمة »[4] .

و قال العالم ماريت ستانلي كونجدن أخصائي الفيزياء وعلم النفس وفلسفة العلوم : « إن جميع ما في الكون يشهد على وجود الله سبحانه ويدل على قدرته وعظمته، وعندما نقوم نحن العلماء: بتحليل ظواهر الكون ودراستها حتى باستخدام الطريقة الاستدلالية؛ فإننا لا نفعل أكثر من ملاحظة آثار أيادي الله وعظمه، ذلك هو الله الذي لا نستطيع الوصول إليه بالوسائل العلمية المادية وحدها، ولكننا نرى آياته في أنفسنا وفي كل ذرة من ذرات هذا الوجود، وليست العلوم إلا دراسة خلق الله وآثار قدرته»[5].


و الخلاصة أن كل العلوم الكونية تثبت وجود الخالق لا تنفيه


هذا والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات






[1] - صراع مع الملاحدة حتى العظم
[2] - العقائد الإسلامية لسيد سابق ص50
[3]- براهين وأدلة إيمانية لعبد الرحمن حبنكه الميداني ص 202
[4]- براهين وأدلة إيمانية لعبد الرحمن حبنكه الميداني ص 94
[5] - كتاب التوحيد لعبد المجيد الزنداني ص 259

د.ربيع أحمد
02-18-2011, 04:04 AM
الرد على زعم الملاحدة أن الجاذبية و النظرية الكمّية سبب إحداث الكون نفسه من العدم




إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .


أما بعد :


فقد زعم الملاحدة أن بسبب وجود قانون كالجاذبية, يستطيع الكون إحداث نفسه من العدم , و يزعمون أن من يسأل عن سبب ذلك القانون ؟ فسؤاله يشبه السؤال عن سبب كون اثنين زائد اثنين يساوي أربعة .


و الجواب أن العلم يجيب لنا عما يحدث ، و ليس له أن يجيب : لماذا يحدث ؟؟!! فكون الملاحدة ينفون السبب فهذا خطأ فادح منهم إذ لكل معلول علة .


و العلماء يكشفون لنا عن الكيفية التي يعمل الكون بها و الكيفية التي تعمل بها القوانين في الأشياء ، و سؤال المؤمنين عمن أوجد هذه القوانين و من سبب هذه القوانين و لا إجابة من قبل العلم لهذا السؤال لأنها ليست من اختصاصه .


و كيف يستطيع الكون إنشاء نفسه من العدم و الكون قبل العدم لم يكن شيئا فكيف يتحول اللاشيء إلى شيء دون سبب ؟!!!


و من الأمور البديهية أن لكل حادث محدِث و الكون لم يكن فكان فمن البديهي أن نسأل عمن أوجده فمن الذي أوجد الكون بعد أن لم يكن موجودا ؟


و قول الملاحدة أن الجاذبية تتسبّب بالإضافة إلى النظرية الكمّية بنشوء الأكوان عفوياً من العدم فيه اعتماد على النظرية الكمية خاصة التقلبات الهائلة التي تحدث فيما دون الذرة ، و هي نتيجة علاقة الريبة لهايزنبرغ و النظرية الكمية تعطي صيغ إحصائية لإحتمال حدوث هذا الشيء و هذه الصيغ الإحصائية لا تتكلم عن وجود سبب أو عدم وجود سبب لنتائجها بل تصف سلوك المادة الإحصائي وبالتالي هي لم تتدخل في موضوع وجود سبب أم لا فالقول أن النظرية الكمية تنفي أن يكون هناك سبب لنشأة الكون كلام بلا دليل .


و من يقول الجاذبية تتسبّب بالإضافة إلى النظرية الكمّية بنشوء الأكوان من العدم دون سبب فالسؤال و ما أدراك أن الأكوان توجد من غير سبب و قانون السببيّة قانون غيبي لذا لا يمكن نفيه بالتجربة ؟!!


و على التسليم بفقدان العوامل الفيزيائية في نشأة الكون فهذا لا يدل على عدم وجود سبب لنشأة الكون إذ لا يحقُّ الإدعاء بأنَّ فقدان العوامل الفيزيائية في عملٍ ما ، ينفي وجود أي عوامل أخرى .

و من يقول وجد الكون بسبب الجاذبية و النظرية الكمية لذا ليس له خالق فهو كالذى يقول إننى اكتشفت طريقة عمل السيارة فلا يوجد لها صانع و هذا باطل بداهة .

هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

د.ربيع أحمد
02-18-2011, 04:10 AM
الرد على رفض الملاحدة خلق الله الكون من العدم












إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .




و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين




أما بعد :




فقد رفض الملاحدة خلق الله الكون من العدم ، و قالوا لماذا خلق الله العالم في الزمن الذي خلقه فيه بالذات و لم يخلقه في اللحظة السابقة أو اللاحقة ؟





و الجواب لما ترفضون الخلق من عدم إن قلتم لا نتصور حصول شيء من لا شيء و الحكم على الشيء فرع عن تصوره فالجواب عدم تصوركم حصول شيء من لا شيء لا يعني امتناعه في نفسه، فقد تعجز العقول عن تصور أمور كثيرة كعجزها عن تصور حقيقة الروح رغم أنها داخلنا ، فإذا كان هذا الشأن في معرفة أقرب الأشياء من الإنسان وألصقها به، فهل يطمع الإنسان أن يخضع بعقله أفعال الله سبحانه لقوانين البشر وقدراتهم .!!





و إن قلتم لأن الله خلق الكون في لحظة من الزمان فلما هذه اللحظة بالذات و لا يجوز الترجيح بلا مرجح فالجواب قال تعالى : ﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾[1] و وجود الزمن رهن بوجود المادة وانعدام وجود المادة يعني إنعدام وجود الزمن فكيف يتكلم عن لحاظ زمنية وما يميزها إذا كان الزمن نفسه معدوم وغير موجود أصلاً.... ؟! و عدم معرفة سبب الشيء لا يعني عدم وقوع الشيء فليس معنى العدم العدم ، وكم من أمور لم يعرف سببها و علم وقوعها .





و إن قلتم الخلق من العدم مستحيل و الله غير قادر على المستحيل فالجواب أن خلق الشيء بعد أن لم يكن ليس ممتنعا على الله و قدرة الله لا تتعلق بالمستحيل و ليس الله غير قادر على المستحيل و خلق الله الكون بعد أن لم يكن ليس مستحيلا .




و منشأ شبهة إنكار الخلق من العدم هو قياس التمثيل، فعندما رأوا أن المخلوق لا يمكن أن يصنع شيئا إلا من شيء آخر، نفوا أن يكون شيء مصنوعا من لا شيء، وإبطال هذا القياس بإيضاح الفرق بين الخالق والمخلوق، فالمخلوق لا يمكنه أن يصنع شيئا من لا شيء، أما الخالق فقدرته ليس لها حدود، فهو على كل شيء قدير ، ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾[2] .




و إن قيل لا نؤمن بوجود عملية خلق فالجواب هذا الكون وجد بعد أن لم يكن شيئا فهذا الكون موجود و موجده الله و عملية إيجاد الكون بعد أن لم يكن تسمي الخلق ، و الفعل لا بد له من فاعل فالسؤال الطبيعي من الذي أوجد هذا الكون أو من الذي خلق هذا الكون و يستحيل أن يكون الكون قد أوجد نفسه بنفسه و لابد له من قوى قادرة أوجدته بعد أن لم يكن .





هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات








[1] - الأنبياء الآية 23
[2] - يس الآية 82

د.ربيع أحمد
02-18-2011, 04:17 AM
الرد على زعم الملاحدة أن أبا لهب أجبر الله بسورة له ( تعالى الله عن ذلك )










إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .



و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .



أما بعد :



زعم الملاحدة هداهم الله أن أبا لهب أجبر الله بسورة له تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، و الجواب أن هذا سوء أدب مع الله و انعدام بصيرة ،و الله لا يضطر إلى شيء و لا يجبر على شيء ، و مشيئة الله فوق مشيئة البشر و مشيئة البشر تابعة لمشيئة الله قال تعالى : ﴿ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾[1] .


وهل استطاع أبو لهب أن يمنع تلاوة المسلمين سورة المسد التي تذمه و تتوعده بعذاب الآخرة ؟!


و كيف يجعل الملاحدة الذم مدحا و العجز قوة ؟!!!


و سورة المسد معجزة من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم و دليل على صدق نبوته من عدة وجوه :
الوجه الأول : أن البشر قد عجزوا من زمن الجاهلية إلى يومنا هذا أن يأتوا بسورة من مثل سور القرآن رغم أن أعداء الإسلام كثر و يتربصون به الدوائر فهل استطاع الملاحدة أن يأتوا بسورة مثل سورة المسد ؟!!


الوجه الثاني : قد أنزل الله سورة المسد ، وأبو لهب وامرأته لم يهلكا، وأخبر الله أنهما سيعذبان في النار ولا بد ، ومن لازم ذلك أنهما لا يسلمان، فوقع كما أخبر الله إذ لم ينقل التاريخ أن أبا لهب اسلم قال تعالى : ﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ ﴾[2] .


الوجه الثالث : لو كان القرآن من عند محمد صلى الله عليه وسلم لما ألف سورة فيها خبر عن شخص قد يفعل الشخص خلافه و بهذا يصد الناس عن دعوته فكيف يؤلف النبي صلى الله عليه وسلم سورة تبشر بعذاب شخص لم يمت و هذا الشخص عدو للدين و يتربص الدوائر بالإسلام و يريد أن يصد الناس عن الإسلام أليس ممكنا أن يدعي هذا الشخص الإسلام ليصد الناس عن الإسلام و تدعي امرأته الإسلام فيصدا الناس عن الإسلام ؟!!!


الوجه الرابع : لو كان القرآن من عند محمد صلى الله عليه وسلم لما أتى بسورة فيها إهانة لأحد أعمامه .


و إن العاقل ليسئل كيد أبي لهب للإسلام هو الذي نفذ أم مشيئة الله في موت أبي لهب على الكفر هي التي نفذت ،و هل استطاع أبو لهب أن يخمد نور الإسلام بأن يدعي الإسلام ؟!! و هل استطاع أبو لهب أن يأتي بسورة مثل سورة المسد ليخمد نور الإسلام ؟!!


هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات



[1]- الإنسان الآية 30
[2] - سورة المسد 1- 5

د.ربيع أحمد
02-18-2011, 04:22 AM
الرد على زعم الملاحدة أن الدين قضية وراثية







إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :


فقد زعم الملاحدة أن دين المسلمين بالتوارث يرثه الشخص عن أهله ، و الجواب أن الدين ليس قضية وراثية و إنما هو إيمان إرادي ، واقتناع شخصي ، يقرره المرء بمحض إرادته ، فقد يصبح المرء مؤمناً و يمسي كافراً ، و قد يصبح كافرا و يمسي مؤمنا ، و قد تكون الأسرة كلها كافرة و ابنها مسلم ، و قد تكون الأسرة كلها مسلمة و ابنها مرتد كافر ،و قد يكون الأب مؤمناً و الابن كافراً و قد تكون الأم مسلمة و ابنها كافر .

و معظم المسلمين معتنقون الإسلام بكامل وعيهم وإرادتهم ، ويستطيع أي منهم أن يرتد في أي لحظة تعمى فيها بصيرته و تجد أسرة بكاملها متدينة و ابنها غير متدين و العكس بالعكس و تجد أب متدين و ابن غير متدين و أم غير متدينة و ابن متدين فكيف يقال أن الدين بالتوارث .

وقد اختلف العلماء في: هل الإيمان يثبت بالتقليد أو لابد من النظر حتى يؤمن، والصحيح: أنّ الإيمان يصح بالتقليد المفيد لليقين كإيمان عوام المسلمين، وأفضل منه ما كان عن نظر واستدلال .


هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

د.ربيع أحمد
02-18-2011, 04:34 AM
الرد على زعم الملاحدة إن كان هناك إله فلابد أنه أراد ألا يعرفه أحد




إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .

أما بعد :

فيقول الملاحدة هداهم الله إن كان هناك إله فلابد أنه أراد ألا يعرفه أحد أي الملاحدة يقولون لو افترضنا جدلنا صحة زعم المؤمنين بوجود إله فإن هذا الإله أراد ألا يعرفه أحد يعني الله لم يعرفنا نفسه و لا دليل على وجوده و إذا كان موجودا فلا سبيل إلى معرفته و بذلك تسقط كل الأديان و الجواب أن هذا إدعاء بلا برهان و فساده يغني عن إفساده فالله عز وجل قد عرفنا نفسه بالفطرة والعقل و إرسال الرسل .

و الله قد فطر الناس على الإيمان بوجوده و لا ينكر وجوده إلا من تدنست فطرته فإن الإنسان إذا دهاه أمر وضاقت به المسالك ، فلا بد أن يستند إلى إله يتأله له ، و يتضرع نحوه ، و يلجأ إليه في كشف بلواه ، ويسمو قلبه صعودا إلى السماء ، و يشخص ناظره إليها من حيث كونها قبلة لدعاء الخلائق أجمعين ، فيستغيث بخالقه و بارئه طبعا وجبلة ، لا تكلفا وحيلة ، و مثل ذلك قد يوجد في الأطفال .

و قد شهد التاريخ على أن الإنسان مخلوق متديّن، ذو ميول طبيعية دينية، حتى أنه لم يوجد شعب في عصر أو مكان بدون ديانة ما، ولا وُجدت لغة في العالم خالية من اسم الله أو ممَّن هو في مقام الله . و بما أن اللغة تعبّر عن أفكار الإنسان وإحساساته يكون ذلك دليلاً على أن شعور الإنسان بوجود الله عميق في قلب الجميع ولا ينقض ذلك أن البعض ينكرون وجود الله، لأن الإنسان يقدر أن يناقض طبيعته إذا أراد ، و ينكر ما هو مغروس فيه من الله لشبهات عنده أو هوى .


و الخالق أعطانا عقل نفكر به و هذا العقل يقتضي أن هذا الكون الموجود لا بد له من موجد و هو الله .


و لم يعرفنا الخالق نفسه عن طريق فطرتنا وعقولنا فحسب بل أيضا عرفنا نفسه عز وجل عن طريق إرسال الرسل التي تدعو إليه و يعرفون الناس بالله وما يحبه الله وما يكرهه و كيفية عبادته ،وبذلك يكون الأنبياء و الرسل الواسطة بين الله وبين خلقه في تعريفهم بالله و ما يحبه و ما يكرهه و كيفية عبادته فلا أحد يعرف صفات الله و ما يحبه وما يكره إلا من عرفه الله ذلك ، والذي يعرفه الله ذلك هو الرسول و النبي كي يعلِم من بعث فيهم بذلك و كل الشرائع السماوية تتفق أن الله يبعث في الناس رسولا لتبليغ الناس شرعه ، و صدق الله القائل في القرآن : ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾[1].


و من الأدلة على أن مدعي الرسالة صادق في دعواه تأييد الله له بالأدلة الدالة على صدق دعوته كتأييده بالمعجزات ،و لم يبعث الخالق رسولا من الرسل إلا ومعه آية تدل على صدقه فيما أخبربه عن الله .


وتأييد الله رسله بالمعجزات من كمال عدله ورحمته ومحبته للعذر وإقامته للحجة علىالعباد ، و من عظيم حكمة الخالق أن جعل معجزات رسله من جنس ما أبدع فيه القوم المرسلإليهم، إمعاناً في الحجة، وقطعاً للعذر، فلو جعلت معجزة الرسول في أمر يجهله منأرسل إليهم ، لكان لهم عذر في عدم إحسان ما يجهلونه .

و يشترط للمعجزة أن تكون أمر خارق للعادة مع دعوى النبوة و دعوة الناس لعبادة الله تمييزا لهؤلاء الرسل عن غيرهم ممن تحدث لهم بعد الخوارق لكنهم لايدعون لعبادة الخالق ولا لدين الخالق كالسحرة .


و قد شهد التاريخ بالعديد من الرسل كموسى عليه السلام الذي أرسل في قوم كان السحر شائعا بينهم ، فآتاه الخالق من الآيات مافاق به قدرة السحرة على أن يأتوا بمثله و عيسى عليه السلام أرسل في قوم أهل طب فكان يبريء الأبرص و الأعمى و يحيي بعض الموتى بإذن الله و محمد صلى الله عليه و سلم أرسل في قوم أهل بلاغة و فصاحة فأتاه الله معجزة القرآن الذي تحدى العرب أن يأتوا بمثله فعجزوا إلى يومنا هذا و كل من حاول محاكاة القرآن أتى بمحاولات هزيلة .

و لو لم يرد الله أن يعرفه أحد لما خلق الكون و لما جعل أشرف المخلوقات يعرفونه و يؤمنون به .

و من هنا يتبين كذب قول بعض الملاحدة أن الله أراد ألا يعرفه أحد .


هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .




[1]- النحل الآية 36

د.ربيع أحمد
02-18-2011, 05:08 AM
الرد على سؤال الملاحدة لما اتصل الله بشخص واحد فقط ليبلغ أمه كاملة ؟




إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :

فيقول الملاحدة هداهم الله : لو كان الله موجودا فلما اتصل بشخص واحد ليبلغ دينه لأمة كاملة ، و الجواب أن العبرة بأن الله قد بعث أحد من خلقه برسالة للناس ، و الخالق يعرف نفسه للناس عن طريق إرسال الرسل .


و لا يصح أن نقول لما لم يفعل الله كذا فالله عز وجل ﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾[1] و الخلق خلقه و الكون ملكه وَ بِيَدِهِ ملكوت كل شَيْء وَلَا شريك مَعَه فِي ملكه فلا يعترض أحد عليه بتصرفه في ملكه ، و قال تعالى : ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾[2] .


و قد قال تعالى : ﴿ وَإِذَا جَاءتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللّهِ اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ اللّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ ﴾[3] أي : وإذا جاءت هؤلاء المشركين من أهل "مكة" حجة ظاهرة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم, قال بعض كبرائهم: لن نصدِّق بنبوته حتى يعطينا الله من النبوة والمعجزات مثل ما أعطى رسله السابقين. فردَّ الله تعالى عليهم بقوله: الله أعلم حيث يجعل رسالته أي: بالذين هم أهل لحمل رسالته وتبليغها إلى الناس. سينال هؤلاء الطغاة الذل, ولهم عذاب موجع في نار جهنم; بسبب كيدهم للإسلام وأهله[4] .

و من عادة الناس أن يولوا أحدهم أمرهم و لا يولوا أنفسهم جميعا أمرهم ، و كل دولة تولى شخصا واحدا أمرها و لا تولي كل أفرادها أمرها حتى يتم تنظيم حياتهم الدنيوية ، و كذلك الدين يختار الله شخصا من خيرة الناس و يأمره بتبليغ شرعه و تنظيم حياة الناس الدينية تكريما له و لدعوة الناس لدينه ، و لو أن الدولة اختارت أحد أولادها وزيرا تكريما له ولنفع البلد لما اعترض عليها أحد ، و قال لما لا يكون كل الناس وزراء .

و لو أرسل ملك رسلا للناس لإعلامهم بوجوب التزام أمر هل يعقل أن يعترض أحد الناس ، ويقول لن التزم بأمر الملك حتى يجعل كل الناس رسلا ؟!!

و الله قد جعل فطر الناس و عقولهم متهيئة للإيمان به عن طريق رسله فكل الشرائع السماوية جاءت لتوكد ما فطرت عليه النفوس من وجود إله ووجوب عبادته .

و قد فطر الناس على الإيمان بوجود خالق ، وهذا هو الأصل الذي فطر عليه البشر، و جميع الأمم التي درس العلماء تاريخها تجدها اتخذت معبودات تتجه إليها وتقدَّسها ، و ما يحصل من ضلال أو انحراف أمر طارئ على هذه الفطرة السليمة فالإنسان قد تحيط به مؤثرات كثيرة تجعله ينحرف عن المعبود الحق .

و كم من إنسان ينكر وجود الله تعالى، فلما ضاقت به السبل المادية في الأزمات لم يجد إلا أن يتوجه بقلبه إلى السماء وربما يرفع يديه في خضوع وتذلل لعله يجد من القوة العليا مخرجًا مما هو فيه من ضيق .

و العقل يقتضي وجود خالق إذ يستحيل عقلا أن يوجد شيء من تلقاء نفسه دون موجد له، وهل من الممكن أن نتصور تجمع مادة بنفسها صدفة ليتكون منها أي شيء في هذا الوجود؟ وإذا كان هذا مستحيلا، فكيف يعقل إذن أن نتصور وجود هذا العالم بكل هذه الدقة والنظام دون أن يكون له خالق له المنتهى في صفات الكمال؟

و الله حكيم في جعل بعض الناس رسلا و أنبياءا و عدم جعله كل الناس أنبياء فبسبب وجود الرسل وجدنا المؤمن بالرسل و الكافر بالرسل و بوجود الرسل وجدنا الطائع للرسل و العاصي للرسل و بوجود الرسل وجدنا عبادة جهاد الكفار و جهاد النفس الأمارة بالسوء و بوجود الرسل وجدنا عبادة الصبر على قتال الكفار و الصبر على جهاد النفس و بوجود الرسل وجدنا عبادة التأسي بالأنبياء و بوجود الرسل تفاوت الناس في الجنان و الدرجات و بوجود الرسل وجدنا عبادة حب الأنبياء و الإيمان بالأنبياء و بوجود الرسل وجدنا جهاد المنافقين و بوجود الرسل وجدنا عبادة الدفاع عن الأنبياء والذب عن الأنبياء و لولا وجود الكفار ما عرفنا حلاوة الإيمان .

و غاية ما يقال لهؤلاء الملاحدة أن الله قد عرف جميع الناس بنفسه بما أودعه فيهم من فطر و نور العقل و إرسال الرسل و لا يصح أن يشترط أن يكون كل الناس أنبياء فهذا فيه انعدام بصيرة و سوء أدب مع الله .

هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات






[1] - الأنبياء الآية 23
[2] - آل عمران الآية 26
[3] - الأنعام الآية 124
[4] - التفسير الميسر

د.ربيع أحمد
02-19-2011, 12:27 AM
الرد على سؤال الملاحدة كيف يكون الله موجودا و لايهتم بهذه الجرائم والمذابح التي تحدث في العالم ؟






إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .


أما بعد :

فيسأل الملاحدة : كيف يكون الله موجودا و لايهتم بهذه الجرائم والمذابح التي تحدث في العالم ؟

و الجواب أن الله ليس غافلا عما يعمله الظالمون في الناس من جرائم و مذابح ،وسيسلط عليهم من يعاملهم بمثل ما يفعلونه للناس أو يؤخِّرُ عقابهم ليوم شديد تشخص فيه الأبصار فالحياة الدنيا ليست هى نهاية المطاف فهناك يوما القيامة يجمع الله فيه الناس ويعطى كل ذى حق حقه .

قال تعالى : ﴿ وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ ﴾[1] .


و قال تعالى : ﴿ و َرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلاً ﴾[2] .


و الله لا يظلم أحدا قال تعالى : ﴿ إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً‌ ﴾[3] و قال تعالى : ﴿ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ﴾[4] .


و كل مصيبة تحدث للناس في الأنفس أو في الأموال و الأولاد فهي إما عقوبة عاجلة على ذنب اقترفوه ، وإما ابتلاء وامتحان لهم ، ليظهر صبرههم أو جزعهم، وإما لرفع منزلتهم، وإعظام مثوبتهم، فإنه تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم .

و المصيبة قد تكون عقابا من الله ، و قد قال سبحانه و تعالى : ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾[5] .

و قال سبحانه و تعالى : ﴿ وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُّكْراً َذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرا ﴾[6] .

و إن قيل : إذا كانت المصيبة عقوبة للظالمين فما شأن الصالحين و الأبرياء أي كيف يعم الهلاك مع أن في الناس صالحين و أبرياء و أطفال و الجواب أن الله يجعل هلاك الظالم انتقاما وجزاء ، و هلاك المؤمن معوضا بثواب الآخرة ، و قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن الله تعالى إذا أنزل سطواته على أهل نقمته فوافت آجال قوم صالحين فأهلكوا بهلاكهم ثم يبعثون على نياتهم و أعمالهم »[7] .


و المصيبة قد تكون لرفع الدرجات و محو السيئات قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر وكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له » [8] .

و نقول للذين يدعون أن وجود هذه الجرائم و المذابح دليل على عدم وجود الله أن هذه الجرائم و المذابح دليل على وجود الله لا عدم وجوده فهذه الجرائم و المذابح لا بد لها من فاعل و محدث و موجد و أن هذا الفاعل بدوره لا بد له من فاعل موجد و محدث حتى ينتهى إلى فاعل و موجد لا موجد له و هو الله تعالى ؛ لأن هذه الجرائم و المذابح لا توجد بنفسها .

و إن النفور من هذه الجرائم و المذابح و بغضها و كرهها لدليل على وجود الله إذ من الذي جعل الناس تبغض هذه الجرائم و المذابح فلو كان الإنسان قد خلقته الطبيعة فالطبيعة جماد غير عاقل لا يخلق كائن حي عاقل و لا يخلق البغض و الكره و لو كان الإنسان قد خلق صدفة الصدفة لا تخلق نظاما دقيقا يحب و يكره و يفرح و يحزن و لا يبقي إلا الله الحي هو الذي يهب الحياة للإنسان و يهب الشعور للإنسان ليحب و يكره .


هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات




[1]- إبراهيم الآية 42
[2] - الكهف الآية 58
[3] - النساء الآية 40
[4] - ق الآية 29
[5] - الروم الآية 41
[6] - الطلاق الآية 8 و 9
[7] - صحيح الجامع الصغير للألباني رقم 1710
[8] - صحيح الجامع الصغير للألباني رقم 3960

د.ربيع أحمد
02-19-2011, 12:44 AM
الرد على زعم الملاحدة لو كان الله حكيما لما وجد خلل في خلقه







إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :



فقد قال الملاحدة لو كان الله حكيما لما وجد خلل في خلقه ، و لا وجدت هذه الحيوانات المضرة فعلم أن الصدفة هي سبب الخلق .


و الجواب أن الخلل ليس في خلق الله ، والسائد في الكون الانتظام و الإحكام و الدقة و التي لا يجوز أن تصدر عن الصدفة ، فأما الخلل الذين تدعونه فليس خللا ، و يمكن أن يكون لابتلاء خلقه أو لردع خلقه عن المعاصي أو لعقوبة خلقه عن ذنب فعلوه أو لإظهار قدرته لخلقه بخلق الشيء و ضده أو يراد لخير فيه أو خير يستلزمه أو يتعقبه .


و الطبيعة بها آلاف المناظر الخلابة التي تجذب الأنظار من مناظر بحار و أسماك و أنهار و حيوانات و أشجار وجبال و أزهار و تلال غاية في الروعة والجمال ؟!! و الجمال دليل على النظام و الاتساق لا الخلل و الصدفة لا يمكن أن تنشيء نظاما متناسقا .


و كم وجد في الكون من أشياء في غاية الانتظام و الروعة و الجمال حتى أبهرت علماء الفيزياء و الأحياء و الكيمياء و الفلك و الجولوجيا و غيرهم .


هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

د.ربيع أحمد
02-19-2011, 12:49 AM
الرد على زعم الملاحدة عدم وجود سبب للكون لأن الوجود الكلي واجب الوجود لذاته










إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .





و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .





أما بعد :







فقد قال الملاحدة إن الوجود ككل واجب الوجود بذاته و لا يحتاج لأي وجود خارجه فالوجود الكلي هو مسبب الأسباب الذي لا سبب له ، إذ لكي يستقيم وجود سبب للوجود لابد و أن يكون خارجه ، ما يعني بأن ما وصفناه " كل " لم يكن كذلك .




و الجواب أن الوجود الكلي عبارة عن مطلق كلي و المطلق الكلي يوجد في الأذهان لا في الأعيان و إن اتفقت الموجودات في مسمى الوجود ، فهذا المشترك مطلق كلي يوجد في الأذهان لا في الأعيان ، و الموجود في الأعيان مختص لا اشتراك فيه ،و لكل شيء وجود يخصه أي أن الوجود أمر مطلق في الذهن لم يعين ولم يخصص، ويتحول هذا المطلق إلى الحقيقة إذا عين بآحاده، فنقول: الله سبحانه و تعالى موجود ، فكل ذلك يشمله لفظ الوجود، وهو يطلق على جميع معناه دون استثناء، وكذلك الوجود الكلي - أي: أن جميع آحاده تدخل فيه كل الموجودات .






و توهمهم أن الاتفاق في مسمى هذه الأشياء يوجب أن يكون الوجود الذي للرب كالوجود الذي للعبد و اسم الوجود قابل للتقسيم ، كما يقال : الموجود ينقسم إلى واجب و ممكن ، و قديم و حادث و مورد التقسيم مشترك بين الأقسام ، و اللفظ المشترك لا ينقسم معناه و لا يجد خارج الذهن وهذا الوجود بإطلاقه لو تصور فيه الذهن اشتراكا لكان هذا فقط في الذهن أما خارج الذهن وفي الحقيقة والماهية فوجود واجب الوجوب يختلف بتاتا وقطعيا عن وجود سائر الأشياء .





و مثل لفظ الوجود لفظ الإنسان من الألفاظ المطلقة و لا يوجد هذا اللفظ مطلقا إلا في الذهن أما خارجه فلا يوجد مسمى الإنسان إلا معينا و مقيدا مثلا خالد , محمد ، عمر , عثمان إلخ .




و مثال آخر الحياة من الألفاظ المطلقة التي يتصورها الذهن ؛ ولكن في خارجه لا يوجد هذا اللفظ إلا مقيدا و معينا مع بيان اختصاص كل واحد بحقيقة حياته و ماهيتها فلو قلنا مثلا حياة الله وهذا لفظ مقيد دل على حقيقة هذه الحياة التي لايسبقها عدم ولا يلحقها زوال و لو قلنا حياة خالد أو فلان من الناس لعرف أن حياته تختص به التي يسيقها العدم ويلحقها زوال , وعند التحقيق لا يتصور الاشتراك بين حياة الخالق وحياة المخلوق إلا في الذهن و هو الاشتراك باللفظ فقط ؛ و أما خارج الذهن في الحقيقة فلا اشتراك بينهما .






و أصل الخطأ والغلط : توهمهم أن هذه الأسماء العامة الكلية يكون مسماها المطلق الكلي هو بعينه ثابتا في هذا المعين وهذا المعين ، وليس كذلك ، فإن ما يوجد في الخارج لا يوجد مطلقا كليا ، بل لا يوجد إلا معينا مختصا ، و هذه الأسماء إذا سمي الله بها كان مسماها معينا مختصا به ، فإذا سمي بها العبد كان مسماها مختصا به . فوجود الله وحياته لا يشاركه فيها غيره ، بل وجود هذا الموجود المعين لا يشركه فيه غيره ، فكيف بوجود الخالق ؟[1]





و من المعلوم بالضرورة أن في الوجود ما هو قديم واجب بنفسه، وما هو مُحْدَث ممكن، يقبل الوجود والعدم ، فمعلوم أن هذا موجود وهذا موجود و لا يلزم من اتفاقهما في مسمى «الوجود» أن يكون وجود هذا مثل وجود هذا ، بل وجود هذا يخصّه و وجود هذا يخصه ، و اتفاقهما في اسم عام لا يقتضي تماثلهما في مسمى ذلك الاسم عند الاضافة و التقييد و التخصيص في غيره [2] .




و إذا تصورنا شيئاً ، فإما أنْ يكون على وجه لا يقبل الوجود الخارجي عند العقل أو يقبله. و الأول هو ممتنع الوجود لذاته كاجتماع النقيضين و ارتفاعهما ، و اجتماع الضدين ، و وجود المعلول بلا علة


و الثاني ، إما أنْ يستدعي من صميم ذاته ضرورة وجوده و لزوم تحققه في الخارج ، فهذا هو واجب الوجود لذاته و إما أَنْ يكون متساوي النسبة إلى الوجود و العدم فلا يستدعي أَحدهما أَبداً ، و لأجل ذلك قد يكون موجوداً و قد يكون معدوماً ، و هو ممكن الوجود لذاته ، كأفراد الإِنسان و غيره


و هذا التقسيم ، دائر بين الإِيجاب و السلب و لا شق رابع له ، و لا يمكن أَنْ يُتصور معقول لا يكون داخلا تحت هذه الأَقسام الثلاثة و الكون كان غير موجود ثم وجد فالكون ممكن الوجود و ممكن الوجود يحتاج يستحيل أن يوجد إلا بواجب وجود يدفعه من العدم الى الوجود وبما أنه يستحيل أن يحدث الوجود من عدم وحده بلا موجد ، فلا بد من موجود من غير نوعه أوجده .








هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات











[1] - شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز ص 57
[2] - التدمرية ص 20م

د.ربيع أحمد
02-19-2011, 12:56 AM
الرد على زعم الملاحدة بأن العدم خرافة و أن المادة يبقى جزء منها




إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين


أما بعد :



فقد قال الملاحدة مفهوم الفراغ في العلم ليس هو ذلك العدم المطلق الذي يرمي إليه الفكر الديني , و الأهم من ذلك هو أنه مهما حاولنا إفراغ حيز ما من المادة فيجب أن يبقى هناك مقدار ما من المادة فلا يوجد عدم مطلق أو فراغ تام أو طاقة صفرية بل يوجد قدر ضئيل من الطاقة ،و كل ما يمكن الحصول عليه هو حيز من المكان المليء بالجسيمات الافتراضية و التي تعيش على طاقة مقترضة .. وذلك بحيث يمتلك هذا الحيز المكاني مقدار بغاية الضآلة من الطاقة , يدعى هذا المستوى الطاقي بطاقة نقطة الصفر و يدعى الحيز المليء بهذه الجسيمات بالفراغ الكمي .


و معنى كلام الملاحدة : أنهم يشنعون على المسلمين أنهم يقولون بأن الله خلق الكون من عدم – وقصد المسلمين أن الله خلق الكون بعد أن لم يكن – فيقول الملاحدة لا يوجد عدم و العدم خرافة يعني أنتم يا مسلمون إذا قلتم قد خلق الله الكون من العدم فأنتم مخرفون لأنه لا يوجد عدم أي توهم الملاحدة أن العدم يخضع للتجارب و أن التجارب أثبتت عدم وجود العدم مع أن العدم شيء في الأذهان لا في الواقع و السر في كتابتي هذا المقال انخداع كثير من المسلمين ووقوعهم في الإلحاد بسبب هذه الشبهات




و الجواب أن غاية كلامكم أن عدم وجود كتلة و طاقة ، لا يعني العدم المطلق لوجود جسيمات أو موجات افتراضية أي أن العدم المطلق هو لا وجود لأي كتلة أو أي طاقة أو أي جسيمات أي موجات ، وهذا غير ممكن في عالم الأعيان ، فهناك تراوحات كمومية بشكل دائم إذ العدم المطلق ليس من عالم الأعيان بل يوجد في الأذهان لا في الأعيان و ما يوجد في عالم الأذهان لا يخضع للتجارب .


و هذا الكلام لا يناقض كلام المؤمنين عن العدم أنه لا شيء فالمؤمن بالله لا يتكلم عن عدم في الوجود ، أو عدم من الوجود بل يتكلم عن عدم الوجود فلا مجال لتَّكلم عن العدم كالتكلم عن الوجود ، فالوجود يخضع للتجارب ، أمَّا العدم ؛ فلا يخضع للتجارب ؛ لأنَّ العدم ليس بشيء متَّصِف بالوجود ؛ وتفريغهم للطاقة تفريغ لشيء موجود في الوجود و العدم ليس بشيء حتى يفرغ وبهذا فلا مجال للقول بعدم وجود عدم أو أن العدم خرافة و المادة المتبقية من المادة مادة متبقية في الوجود و ليس في العدم أي ليست المادة متبقية في اللاشيء و كان قبل الوجود لاشيء من المادة .



هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

د.ربيع أحمد
02-19-2011, 01:03 AM
الرد على قول الملاحدة كيف تأتي العدالة الإلهية بعد أن يبلغ الظلم مداه ؟





إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين


أما بعد :



فيقول الملاحدة هداهم الله :كيف تأتي العدالة الإلهية بعد أن يبلغ الظلم مداه ، و العدالة البطيئة ظلم و الإسلام بهذا يخدر الناس عن عذاباتهم الحاضرة بحلم الجنة في الآخرة .

و الجواب أن الله هو الخالق و الخالق يفعل في خلقه ما يشاء و لا يصح أن نقول لما لم يفعل الله كذا فالله عز وجل ﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾[1] و الخلق خلقه و الكون ملكه وَ بِيَدِهِ ملكوت كل شَيْء وَلَا شريك مَعَه فِي ملكه فلا يعترض أحد عليه بتصرفه في ملكه ، و قال تعالى : ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾[2] ,و قال تعالى : ﴿ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾[3] .

و الله قد أمر بالعدل و نهى عن الظلم قال تعالى : ﴿ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون ﴾[4] و قال تعالى : ﴿ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ﴾[5] ،و قال تعالى : ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾[6] و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم »[7] .


و الله قد أمر الناس أن يرفضوا الظلم الناشئ من تحكيم شرائع غير شريعة الله ، وأمرهم أن يجاهدوا لتغيير المنكر . وأما الذين يحتجون بأنهم كانوا مستضعفين في الأرض وأنهم رضوا من أجل ذلك بالظلم فيسميهم الله " ظالمي أنفسهم " ويقول فيهم: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً ﴾[8] فكيف يقال أنه يخدر الناس عن عذاباتهم الحاضرة بحلم الجنة في الآخرة ؟!! .

و الله يدعو الناس إلى الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لردع النفوس الضعيفة عن التهاون في الواجبات و ارتكاب المحرماتقال تعالى : ﴿ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾[9] فكيف يقال أنه يخدر الناس عن عذاباتهم الحاضرة بحلم الجنة في الآخرة ؟!

و بالنسبة لوقوع الظلم في العالم فالله ليس غافلا عن الظلم الواقع في العالم و هذا الظلم قد يجزي الله من فعله في الآخرة كما في قوله تعالى : ﴿ و َلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ ﴾[10] ، و الحياة الدنيا ليست هى نهاية المطاف فهناك يوما القيامة يجمع الله فيه الناس ويعطى كل ذى حق حقه .

و قد يجزي الله الظالم في الدنيا كما في قوله تعالى : ﴿ وَ كَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾[11] أي فأمهلت أهل القرية الظالمة ولم أعاجلهم بالعقوبة فاغتروا، ثم أخَذْتُهم بعذابي في الدنيا، وإليَّ مرجعهم بعد هلاكهم ، فأعذبهم بما يستحقون و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الله ليملى للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته »[12] و لذلك تعميم القول بأن الله يؤخر عذاب جميع الظالمين إلى يوم القيامة و لا يجزيهم في الدنيا قول غير صحيح .

و بالنسبة للفساد و الظلم الواقع في العالم فهو بسبب ظلم الناس بعضهم بعضا ، و ظلمهم أنفسهم و بعدهم عن طاعة الله قال تعالى : ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾[13] أي ظهر الفساد فى العالم بالحروب والغارات، والجيوش والطائرات، والسفن الحربية والغواصات، بما كسبت أيدى الناس من الظلم وكثره المطامع، وانتهاك الحرمات، وعدم مراقبة الخلاق ، و طرح الأديان وراء ظهورهم ، و نسيان يوم الحساب ، و أطلقت النفوس من عقالها، وعاثت فى الأرض فسادا، إذ لا رقيب من وازع نفسى، ولا حسيب من دين يدفع عاديتها، ويمنع أذاها، فأذاقهم الله جزاء بعض ما عملوا من المعاصي والآثام ، لعلهم يرجعون عن غيهم، ويثوبون إلى رشدهم ، و يتذكرون أن هناك يوما يحاسب الناس فيه على أعمالهم ، إن خيرا فخير ، و إن شرا فشر ، فيخيّم العدل على المجتمع البشرى ، ويشفق القوىّ على الضعيف، ويكون الناس سواسية فى المرافق العامة، وحاج المجتمع بقدر الطاقة البشرية[14] .


و قال السعدي في قوله تعالى : ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾[15] أي: استعلن الفساد في البر والبحر أي: فساد معايشهم ونقصها وحلول الآفات بها، وفي أنفسهم من الأمراض والوباء وغير ذلك، وذلك بسبب ما قدمت أيديهم من الأعمال الفاسدة المفسدة بطبعها[16] .

و قال تعالى : ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾[17] أي وما كان ربك -أيها الرسول- ليهلك قرية من القرى وأهلها مصلحون في الأرض, مجتنبون للفساد والظلم, وإنما يهلكهم بسبب ظلمهم وفسادهم[18] .


هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات




[1] - الأنبياء الآية 23
[2] - آل عمران الآية 26
[3] - الأعراف من الآية 54
[4] - النحل الآية 90
[5] - غافر من الآية 18
[6] - الأنعام الآية 21
[7] - رواه مسلم
[8] - النساء الآية 97
[9] - ال عمران الآية 104
[10] - إبراهيم الآية 42
[11] - الحج الآية 48
[12] - متفق عليه
[13] - الروم الآية 41
[14] - تفسير المراغي 21/55
[15] - الروم الآية 41
[16] - تفسير السعدي ص 643
[17] - هود الآية 117
[18] - التفسير الميسر

د.ربيع أحمد
02-19-2011, 01:19 AM
الرد على زعم الملاحدة أن الله غير موجود لأنه لم ينتقم ممن يسبه





إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .

أما بعد :



فيقول الملاحدة أن الله لم يستطع أن يوقف الشاعر حلمي سالم عن كتابة ونشر تلك القصيدة التيتسيء إلى ذاته الإلهية، رغم أنه قد أرسل خمسة آلاف من الملائكة المسومين لنصرةالمسلمين، ولا يستطيع أن يرسل ملاكاً واحداً ليمنع هذا الشاعر من الإساءة إلية، أوحتى أن يقول له: لا تكتب هذه القصيدة، فلا يكتبها. وكل هذا الضعف لأنه غيرموجود فلو كان موجودا لما لم ينتقم ممن يسبه .


و الجواب عن سوء الأدب هذا أن عدم الانتقام و عدم الرد لا يستلزم عدم الوجود فما العلاقة بين عدم الرد و عدم الانتقام و بين الوجود ؟!!




و ليس انتقام الله ممن يسبه بسبب لحوق الضرر به سبحانه فلا أحد يستطيع أن يضر الله و لا أحد يقدر أن ينفع الله .

و من يريد الانتقام من شخص قد يؤخر انتقامه منه لأسباب عنده و من يريد الرد على شخص قد يؤخر رده لأسباب عنده فتأخير الانتقام و تأخير الرد ليس دليلا على عدم الانتقام فضلا عن عدم الوجود .


و الله عز وجل يسمع من يسيء إليه و يَعلم أفعاله وتعديه ، و لكنه يمهله إلى أجل و إلى حين تنزل به العقوبة، فعند ذلك ينتقم منه فالله يمهل المتعدي الظالم إلى وقت و لا يهمله قال تعالى : ﴿ و َرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلاً ﴾[1] .


والإملاء للظالم الكافر ليس إهمالاً له من المولى تعالى، بلَ هو إمهال فقط، ثم يأخذه الله أخذ عزيز مقتدر في الدنيا أو الآخرة قال تعالى : ﴿ و َلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ ﴾[2] .


و تأخير عقوبة الله للمسيء إليه مع إنعامه عليه ليزداد معصية إلى معصيته وشرا على شره قال تعالى : ﴿ و َلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْماً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ ﴾[3].


و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذا أراد الله بعبده الخير عجّل له العقوبة في الدنيا ، و إذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة»[4] و في هذا الحديث يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن علامة إرادة الله الخيرَ بعبده معاجلته بالعقوبة على ذنوبه في الدنيا حتى يخرج منها و ليس عليه ذنب يوافي به يوم القيامة ؛ لأن من حوسب بعمله عاجلاً خفّ حسابه في الآجل ، و من علامة إرادة الشر بالعبد أن لا يجازى بذنوبه في الدنيا حتى يجيء يوم القيامة مستوفر الذنوب وافيها ، فيجازى بما يستحقه يوم القيامة .


هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات





[1]- الكهف الآية 58
[2]- إبراهيم الآية 42
[3]- ال عمران الآية 17
[4]- رواه الترمذي برقم في سننه رقم 2398

د.ربيع أحمد
02-19-2011, 01:34 AM
الرد على سؤال الملاحدة من قال أن الكون منظم و دقيق ؟







إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :

فالملاحدة هداهم الله ينكرون أن الكون منظم و يقولون هل لدينا كون آخر يمكن مقارنته بهذا الكون حتى يمكننا تحديد مدى لدقته و نظامه مقارنةً بغيره ، إن النجوم تنفجر إنفجارات هائلة تنسف كل ما يجاورها مشكلة مجموعات تشبه مجموعتنا الشمسية و المجرات تتصادم في فوضى عارمة و ثمة ثقوب سوداء تلتهم كل شيء حتى الضوء ، بينما الشهب والنيازك والبراكين والزلازل لا تعبأ بأي نظام في خضم كون مترامي الأطراف بشكل تبذيري مذهل وهو مليء بالجماد والحياة العاقلة فيه استثناء إلى حد يشكك أن هناك أي تعمد في نشأتها .

و الجواب يحاول الملاحدة إنكار النظام الدقيق للكون خاصة كلامهم عن تصادم المجرات فى فوضى عارمة و كيف يكون الكون مستمرا و متماسكا حتى الآن و المجرات تتصادم فى فوضى عارمة ؟!!


و لا يشترط في القول بأن الكون منتظما وجود كون آخر يقارن بكوننا ، فوصف أي شيء بصفة لا يستلزم وجود مماثل له لكي يوصف و الشيء يوصف عن طريق رؤيته بالبصر أو الاحساس به عن طريق الحواس الأخرى أو رؤية الشبيه بالبصر أو الاحساس بالشبيه عن طريق الحواس الأخرى .

و لعل الملاحدة خلطوا بين وصف الشيء و مقارنة الشيء بغيره فالمقارنة تحتاج وجود شيء آخر يقارن بالشيء مثل فلان جميل هذا وصف و عند مقارنة فلان بغيره تقول فلان أجمل من فلان و هذا الشيء منظم و هذا الشيء أكثر نظاما من هذا الشيء .


و علماء الفلك و الفيزياء يبدون إنبهارهم بأسرار الكون و يضعون القوانين و النظريات ، و لو لم يكن الكون منتظما ، و لو كانت الفوضى في الكون هي الشائعة لما استطاع العلماء وضع قوانين لهذا الكون و شرح الظواهر الكونية و تفسيرها على ضوء قوانين الكون .

و هذه الظواهر التي يدعون أنها فوضوية لا تلغي وجود نظام في الكون فكم يوجد في الكون من أشياء منظمة منسقة حتى أبهرت علماء الفيزياء و الأحياء و الكيمياء و الفلك و الجولوجيا و غيرهم .


و الفوضى تستلزم عدم وجود أنظمة و قوانين تحكم هذه الظواهر الفوضوية و إمكان استنتاج قوانين عامة تحكم هذه الأمور يدل على انتظامها و ليس على عدم انتظامها ، و لا يوجد شيء في الكون في الغالب لا يخضع لقوانين ،و ما لم يتم معرفة قوانينه فهذا لقصور العلم في الوقت الحالي و مع مرور الزمن سيكشف لنا العلم وجود نظام لهذه الظواهر .



و ما دامت الفوضى تخضع لقوانين فليست فوضى ، و لكن نظام مرتب لم يتم الكشف عن ماهيته الحقيقية ، و هل وجود ظواهر فوضوية في الكون كما يدعون ينفى وجود موجد لها ؟!!

و كيف تكون هناك فوضى في الكون و الطبيعة بها آلاف المناظر الخلابة التي تجذب الأنظار من مناظر بحار و أسماك و أنهار و حيوانات و أشجار وجبال و أزهار و تلال غاية في الروعة والجمال ؟!! و الجمال دليل على النظام و الاتساق و الفوضى لا تجعل القبيح حسنا .


و دليل النظام دليل و دليل الإيجاد و الحدوث دليل آخر فدليل النظام يدل على وجود منظم ، و دليل الإيجاد يدل على وجود موجد .


و بالنسبة لكبر الكون و اتساعه فهذا لحكم كثيرة منها :
أن الله خلق كل هذا الكون ليظهر به قدرته و عظمته للخلق فعظمة الخلق دليل على عظمة الخالق .

ومنها أيضا أن من أدرك عظمة الخالق من خلال آياته و مخلوقاته و عجيب صنعه ، سارع في عبادته وطاعته .

و منها أيضا أن كثرة الخلق تزيد من كثرة تسبيح الخالق و تدل على الخالق فكل شيء في الكون يدل على الله سبحانه و تعالى ويسبح بحمد الله و يعلن خضوعه لله قال تعالى : ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾[1] .

و منها أيضا أن كثرة الخلق مع اتساق و تكامل الخلق يدل على وحدانية الخالق فقد خلق الله تحت السموات خلقاً كثيراً منها أعداد كبيرة من مخلوقات عظيمة الحجم والشأن يطلق عليه (المجرات) و كل مجرّة تتكون من عدد كبير من النجوم والكواكب والأجرام ، بعض المجرَّات تضم كواكب و شموس وأراضين الواحد منه حجمه مرات عديدة حجم الكرة الأرضية و خلق الله الشموس والأراضين والمجرات العظيمة الحجم . و بجانب هذه المخلوقات العظيمة خلق الله سبحانه مخلوقات دقيقة الحجم لا ترى بالعين المجردة بل تحتاج إلى مكبر قوي كي ترى بوساطته، فهو يكبرها عشرات ومئات المرات حتى يمكن أن تدركها العين و يتحكم في تنظيم هذه المخلوقات الدقيقة سنن وقوانين بنفس المنطق الذي تسير به الأجرام والمجرات و اتساق كل هذه المخلوقات لدليل ساطع على وحدانية الخالق سبحانه .


هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات





[1]- الإسراء من الآية 44

د.ربيع أحمد
02-19-2011, 01:57 AM
الرد على زعم الملاحدة الكون لم يكن بحاجة إلى إله يشعل فتيل ما لخلقه




إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .


أما بعد :





فقد زعم الملاحدة أن الكون لم يكن بحاجة إلى إله يشعل فتيل ما لخلقه فنشأة الكون لم تكن سوى عواقب حتمية لقوانين الفيزياء و هذا كلام غير صحيح إذ العلم يجيب لنا عما يحدث ، و ليس له أن يجيب : لماذا يحدث ؟؟!!


و العلماء يكشفون لنا عن الكيفية التي يعمل الكون بها، هم يكشفون لنا كيف تعمل القوانين في الأشياء ، ونحن نريد إجابة عن موجد الكون و موجد القوانين التي تحكمه .


و من الذي فرض هذه القوانين على المادة ؟


إن قالوا الذي سن هذه القوانين التى تغير المادة إما أن تكون المادة نفسها أو شىء آخر خارج عنها فالجواب إن قلتم المادة نفسها فمقتضى قولهم أن المادة تحرك نفسها بنفسها و لا يمكن أن يكون الشيء بعينه محركاً لنفسه، وإلا لزم وجوده قبل نفسه، و هذا محال ، و إن كانت القوانين غير المادة فقد أثبتوا شيئا آخر غير المادة و هو ينقض افتراضهم الأول أن المادة هى كل شىء و تصوير القوانين على أنها محرك يعتبر تصوير فاسد لأن القوانين هى مجرد وصف سلوك شبه دائم للمادة يفرض عليها من خارجها ونحن نكتشف ذلك باستقراء أحوال المادة .


و هل قوانيين الفيزياء تستطيع صنع قصر بلا بان ؟!

و لو أن الرّمال في أحد الصحراء كشفت إثر عواصف هبت على المنطقة عن بقايا مدينة كانت مطموسة في الرمال، لأخذ العلماء يبحثون عن محتوياتها ويحاولون أن يحققوا العصر الذي بنيت فيه، و لا يتبادر إلى ذهن شخص واحد من علماء الآثار أو من غيرهم أن هذه المدينة وجدت بفعل العوامل الطبيعية من الرياح والأمطار والحرارة والبرودة و بفعل قوانين الفيزياء لا بفعل الإنسان ، ولو قال بذلك واحد من الناس لعده الناس مخرّفاً ، فكيف لو قال شخص ما : إنّ هذه المدينة تكونت في الهواء من لا شيء في الأزمنة البعيدة ، ثم رست على الأرض بفعل قوانين الفيزياء الحتمية ؟


و قد سئل أعرابي بم عرفت ربك ؟ فقال : الأثر يدل على المسير، و البعرة تدل على البعير، فسماء ذات أبراج ، و أرض ذات فجاج ، و بحار ذات أمواج ألا تدل على السميع البصير؟


و مما يروى في هذا الصدد أن أحد الملوك شكك في وجود الخالق عز وجل ، و لما أحس وزيـره بذلك أمر ببناء قصر فخم تحيطه الأنهار و البساتين ، ولما تم بناؤه ، اصطحب الملك معه فيجولة ترفيهيـة ، وجعل طريقه على ذلك القصـر ، وتوقف عنده ، فأعجـب الملك بالقصركثيراً ، فسأل عن بانيه و مهندسه فأجابه الوزير : بأن ليس لهذا القصر من مهندس و لابان ، و إنما وجد لوحده هكذا ، فغضـب الملك من جوابه هذا قائلاً : (( أتستهزأ بي ؟ )) فأجابه الوزير : إذا كان لا يمكن أن يوجد هذا القصـر وحده بدون مهندس ولا بان ،فكيف يمكن أن يكون هذا الكون العظيم المترامي الأطراف وجد وحده بدون مهندس وبان؟!!

و في يوم من الأيام حضر رجل لا يؤمن بوجود الله تعالى إلى أحد الخلفاء ، و قال له في ثقة : " إنني لا أجد أحداً يقنعني بوجود إله وأتحدى أكبر عالم عندكم وإني واثق من النصر عليه "
فسكت الخليفة قليلاً ، و قال في نفسه : " إن أمرتُ بقتله فسوف يقول الناس أنني لم أستطع مواجهته بالدليل ، ثم نادى وزيره ليستدعي له الإمام النعمان أبو حنيفة " فلما جاءهم طلب منه الخليفة إقناع هذا الرجل بوجود الله تعالى .
قال له الإمام أبو حنيفة : " سوف أثبت له ذلك و لكني أستأذنك لكي أنهي أمراً ضرورياً في القرية المجاورة ، ثم أعود سريعاً ، فأذن له الخليفة ، و لكنه تأخر كثيراً ، فأحس الرجل بالغرور والكبر
و قال للخليفة : "إئذن لي بالانصراف ، فقد هرب أبو حنيفة لأنه عاجز عن إقناعي "
و لكن أبو حنيفة ما لبث أن عاد ، و اعتذر عن التأخير ، ثم أخبرهم أنه وجد في طريقه نهراً ، و لم يجد قارباً ، فجلس ينتظر حضور قارب ، و طال انتظاره ، ثم فجأة رأى أبو حنيفة أمراً عجيباً..رأى أخشاباً تتجمع و مسامير تقف فوق الخشب و ظهرت مطرقة و أخذت تدق على المسامير، حتى رأى أمامه قارباً متقن الصنع ، فركبه و حضر .
فأخذ الرجل يضحك و قال :" إن هذا الكلام لا يقوله إلا مجنون، ولا يصدقه أحد، فكيف تطير المسامير و الألواح في الهواء ، و تتجمع على الماء ويتكون منها قارب دون أن يصنعه أحد ؟! "
و هنا تبسم أبو حنيفة وقال:" إذا كان وجود قارب صغير بدون صانع لا يصدقه عقل ، فهل يصدق العقل أن هذا الكون بكل ما فيه من أرض وسماء وشمس وقمر قد وُجد بنفسه دون أن يخلقه خالق ؟!!!"
فبهت الرجل ثم قال : " صدقت ، فلابد أن يكون لهذا الكون من خالق هو الذي خلقه و نظمه ، هو الله .

و إذا كان العقل يحيل صنع كرسي بلا صانع و صنع باب بلا نجار فكيف بهذا الكون الشاسع ؟

و إذا كان العقل يحيل تكوّن قصر بدون عمال و بدون بانٍ فكيف بهذا الكون الشاسع ؟

و ليس مسألة الاعتقاد بوجود الله و أنه مسبب الأسباب مسألة أصابع تمتدّ من وراء الغيب ، فتقطر الماء في الفضاء تقطيراً ، أو تحجب الشمس عنّا ، أو تحول بيننا وبين القمر ، فيوجد بذلك المطر والكسوف والخسوف ، فإذا كشف العلم عن أسباب المطر وعوامل التبخير فيه ، وإذا كشف عن سبب الكسوف ، و الخسوف يخيّل لهؤلاء الملاحدة أنّ الإيمان بوجود الله لم يبقَ له موضوع ، وأنّ الأصابع الغيبية التي تحجب الشمس أو القمر عنّا ، عوَّض عنها العلم بالتعليلات الطبيعية ، وليس هذا إلاّ لسوء فهم الإيمان بالله ، وعدم تمييز لموضع السبب الإلهي من سلسلة الأسباب .


و الاعتقاد بوجود الله و أنه مسبب الأسباب لا يعني الاستغناء عن الأسباب الطبيعية ، أو التمرّد على شيء من حقائق العلم الصحيح ، وإنّما هو اعتقاد بأن الله هو المسبب لهذه الأسباب الطبيعية ، ويحتّم على تسلسل العلل والأسباب أن يتصاعد إلى قوّة فوق الطبيعة و فوق الكون و حتى لو سلمنا جدلا أن العلم وصل إلى معرفة كل الأسباب الطبيعية فهذا لا ينفي وجود الخالق بل هذه الأسباب الطبيعية دالة على موجد لها فكل سبب له مسبب ، و الله عز و جل مسبب هذه الأسباب الطبيعية .


هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

د.ربيع أحمد
02-19-2011, 02:05 AM
الرد على زعم الملاحدة لو كان التوجه إلى الله أمراً فطرياً لما عبد النّاس آلهة شتى






إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .

أما بعد :
فيزعم الملاحدة أن لو كان التوجه إلى الله أمراً فطرياً لما عبد النّاس آلهة شتى .


والجواب : أن الإنسان إذا لم يهتد إلى الله تعالى فإنه يُعبِّد نفسه لأي معبود آخر ليشبع في ذلك نهمته إلى التدين ، وذلك كمن استبد به الجوع فإنه إذا لم يجد الطعام الطيب الذي يناسبه فإنه يتناول كل ما يمكن أكله ولو كان خبيثا ليسد به جوعته .

و الفطرة تدعو المرء إلى الاتجاه إلى الخالق ، لكنّ الإنسان تحيط به مؤثرات كثيرة تجعله ينحرف حينما يتجه إلى المعبود الحق مثل ما يغرسه الآباء في نفوس الأبناء ، وما يلقيه الكتّاب والمعلمون والباحثون في أفكار الناشئة يبدّل هذه الفطرة ويقذرها ، ويلقي عليها غشاوة ، فلا تتجه إلى الحقيقة .

و رغم أن الناس مفطرون على الإيمان بخالق مدبر إلا أن الفطرة قابلة للتغير و الانحراف بفعل مؤثرات خارجية ، وهذا الانحراف كان هو السبب في وجود الوثنيات والشرك في الأمم السابقة ، وهو أيضا سبب الشرك و الضلال في زمننا الحاضر .
و هذه المؤثرات هي :
أولا : الشياطين : وهي المؤثر الخارجي الأصلى والأول في هذا الأمر كما يتضــح ذلك من حديث عياض بن حمار السابق عرضه .
ثانيا : البيئة : سواء كانت من الجو المحيط داخل الأسرة - وبوجه خاص الوالـــدان - ، أو من خلال المجتمع خارج مستوى الأسرة .
وهذا المؤثر قوى وخطير وعليه تكون النشأة ، وبسببه ينطمس كثير من نور الفطرة إن لم تطمس بالكلية . كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأبواه يهودانه أو ينصــرانه أو يمجسانه .
ثالثا : الغفلـة : وقد ذكر الله سبحانه هذا المؤثر في سورة الأعراف حين قال : " أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين " .
ولا شك أن هناك عوامل أخرى مؤثرة كالإعلام ووسائله ، وكالدراسة وأساليبها وما يدرس فيها ولكن عندما نمحصها نجد أنه يمكن أن تندرج تحت واحدة من هذه الثلاث .


و كثيراً ما تنكشف الحجب عن الفطرة ، فتزول عنها الغشاوة التي رانت عليها عندما تصاب بشدة ، أو تقع في مأزق لا تجد فيه من البشر عوناً ، وتفقد أسباب النجاة ، فكم من ملحد عرف ربّه و رجع إليه عندما أحيطت به شدة ، وكم من مشرك أخلص دينه لله لضرّ نزل به قال تعالى : ﴿ حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصفٌ وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئنِ أنجيتنا من هذه لنكوننَّ من الشاكرين ﴾[1] .


و لا يصح لنا أن نستنتج من توجه البشر إلى اللّه في الشدائد بأنّ الإيمان وليد الخوف والرهبة من الطبيعة الغاضبة كما يدعي الملاحدة بل الخوف مجرد وسيلة تكشف الغطاء عن ذلك الإيمان المغروس في أعماق البشر ، المودوع في الفطرة وكذلك تكون فطرة الإيمان باللّه و التدين و حب الجمال واكتناز الثروة وطلب العلم رغم أنّها أُمور مجبولة مع فطرتنا ومعجونة مع خلقتنا فهي لا تظهر ولا تتفتّح ولا تبرز في كل الأوقات والظروف ، ولا تتجلّى في عالم الذهن في كل الأزمنة والأحوال ما لم تتهيّأ الظروف المناسبة لها في وجودنا .

و غاية قول الملاحدة لو كان التوجه إلى الله أمراً فطرياً لما عبد النّاس آلهة شتى الدلالة على انتكاس ما أودع الله في الناس من فطرتهم على الإيمان به و توحيده لا نفي فطرة وجود الخالق .

و قد ثبت وجود إله خالق فالكل مفطور على وجود خالق ،و لا دليل على وجود أكثر من إله خالق ، فلا يصح ادعاء أكثر من إله و لو كان هناك خالق غير الله لادعى الخلق ، و لم يدع أحد غير الله لنفسه الخلق إلا خذله الله في الدنيا و افتضح أمره ، أما الله سبحانه فقد دعا لنفسه بالخلق عن طريق رسله و أنبيائه و لم ينازعه أحد و الكون يشهد بوحدانية الخالق للنظام و التناسق الذي في الكون .

قال اليافعي : (( لَا يعرف الله سُبْحَانَهُ إِلَّا بِصِفَات الْكَمَال الْمُطلق وَإِلَّا لَكَانَ نَاقِصا وَالنَّقْص محَال عَلَيْهِ تَعَالَى وَمن جملَة الْكَمَال كَونه وَاحِدًا متوحدا بِالْملكِ مُنْفَردا بتدبير المملكة غير مشارك فِي الْخلقَة وَالْأَمر لِأَن الشّركَة يلْزم مِنْهَا الْمحَال أَو النَّقْص الْمُؤَدِّي إِلَيْهِ لأَنا إِذا فَرضنَا إِلَهَيْنِ وفرضنا إِرَادَة أَحدهمَا شَيْئا وَإِرَادَة الآخر نقيضه كإيجاد شَيْء وَعدم إيجاده أَو تحريكه وتسكينه فإمَّا أَن يحصل مرادهما فيجتمع النقيضان أَو لَا يحصل مُرَاد وَاحِد مِنْهُمَا فيرتفعان وَالْكل محَال أَو يحصل مُرَاد أَحدهمَا دون الآخر فَيلْزم عجز من لم يحصل مُرَاده فَلَا يكون إِلَهًا لنقصه فَلَزِمَ أَن لَا يكون الْإِلَه إِلَّا وَاحِدًا ))[2] .


و قال الشيخ الهراس : (( إذا تعددت الآلهة فلا بد أن يكون لكل منهم خلق و فعل ، و لا سبيل إلى التعاون فيما بينهم ؛ فإن الاختلاف بينهم ضروري، كما أن التعاون بينهم في الخلق يقتضي عجز كل منهم عند الانفراد .

والعاجز لا يصلح إلها، فلا بد أن يستقل كل منهم بخلقه وفعله، وحينئذ؛ فإما أن يكونوا متكافئين في القدرة، لا يستطيع كل منهم أن يقهر الآخرين ويغلبهم، فيذهب كل منهم بما خلق، ويختص بملكه؛ كما يفعل ملوك الدنيا من انفراد كل بمملكته إذا لم يجد سبيلا لقهر الآخرين، وإما أن يكون أحدهم أقوى من الآخرين، فيغلبهم، ويقهرهم، وينفرد دونهم بالخلق والتدبير، فلا بد إذا مع تعدد الآلهة من أحد هذين الأمرين : إما ذهاب كل بما خلق، أو علو بعضهم على بعض .

و ذهاب كل بما خلق غير واقع؛ لأنه يقتضي التنافر والانفصال بين أجزاء العالم، مع أن المشاهدة تثبت أن العالم كله كجسم واحد مترابط الأجزاء، متسق الأنحاء، فلا يمكن أن يكون إلا أثرا لإله واحد و علو بعضهم على بعض يقتضي أن يكون الإله هو العالي وحده ))[3].

و ليس تعدد الآلهة ذريعة لترك عبادة الإله الحق فلو كنت قاضيا و أمامك أشخاص و كل منهم يدعي أيحق لك أن تقول لا يوجد حق ، بسبب تعدد مدعي الحق و البينة على المدعي و الحق له .


هذا والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات







[1]- يونس الآية 22
[2]- مرهم العلل المعضلة في الرد على أئمة المعتزلة لليافعي ص 57
[3] - شرح العقيدة الواسطية للهراس ص 135

د.ربيع أحمد
02-19-2011, 02:09 AM
فساد قول بعض الملاحدة أنه لا ديني بالفطرة





إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .

أما بعد :


فنجد بعض الملاحدة يخبر أنه لا ديني بالفطرة و إن العاقل ليتعجب كيف تكون الفطرة عدم التدين و عدم الإيمان بخالق و عدم الإيمان بمعبود و التاريخ يشهد بعكس ذلك ؟!!


و جميع الأمم التي درس العلماء تاريخها تجدها اتخذت معبودات تتجه إليها وتقدَّسها، وما يحصل من ضلال أو انحراف أمر طارئ على هذه الفطرة السليمة فالإنسان قد تحيط به مؤثرات كثيرة تجعله ينحرف عن المعبود الحق .


ولا يوجد عَلَى الإطلاق في أي عصر من العصور، و لا في أي أمة من الأمم مجتمع بلا دين و لا بلا إله معبود، حقاً كَانَ أو باطلاً فهناك اتجاه فطري إِلَى أن يكون هناك دين ، و إله معبود حتى قال بعضهم : " لقد وجدت وتوجد جماعات إنسانية من غير علوم وفنون وفلسفات ، لم توجد جماعة بغير ديانة " و ذكر بعضهم أن فكرة التدين لم تخل منها أمة من الأمم في القديم و الحديث فكيف يكون الشخص لا ديني بالفطرة ؟!!! .


و قد وجد العلماء أن التدين وعبادة إله معبود من الأمور الثابتة بشكل من الأشكال، في كل العصور على امتداد التاريخ، وهذا الثبات والشمولية للدين دليل على فطريته .


ولم توجد لغة في العالم خالية من اسم الله أو من هو في مقام الله عند الناس يعبد و بما أن اللغة تعبّر عن أفكار الإنسان واحاسيسه يكون ذلك دليلاً على أن شعور الإنسان بوجود الله عميق في قلبه و وجود دين يعتنقه الإنسان شيء عميق فيه ولا ينقض ذلك أن البعض ينكرون وجود الله و ينكرون الدين ، لأن الإنسان يقدر أن يناقض طبيعته إذا أراد لشبهات عنده أو هوى ،و كل إنسان يتجه إِلَى ما يظن أنه نافع له، وإلى ما يعتقد أن فيه مصلحته، ما لم يأت صارف فيصرفه عن ذلك


والإنسان لو نشأ في مكان ليس فيه أحد و لم يسمع بالدين ولم يعرف شيئاً عنه فإنه يعرف أنه مخلوق له خالق ، لكن يخفى عليه أشياء من تفاصيل العبادة، فيقول -مثلاً-: أنا مخلوق ولي خالق، وخالقي له حقوق علي ، ولكن ما هي ؟ وكيف أؤدي هذه الحقوق ؟ وما الذي يحبه حتى أفعله؟ و ما الذي يكرهه حتى أتركه ؟ و كل هذه الأسئلة يجيب عنها الدين .


و إذا لم يهتد الإنسان إلى الله تعالى فإنه يُعبِّد نفسه لأي معبود آخر ليشبع في ذلك نهمته إلى التدين ، وذلك كمن استبد به الجوع فإنه إذا لم يجد الطعام الطيب الذي يناسبه فإنه يتناول كل ما يمكن أكله ولو كان خبيثا ليسد به جوعته .


و قد يسأل البعض لماذا يهمل بعض الناس البحث عن الدين مع أن التدين فطرة و الجواب أن من الممكن أن يتجنب البعض البحث عن الدين بسبب الكسل وحب الارتخاء والراحة، أو بسبب أن الإيمان بالدين يفرض عليهم الكثير من الضوابط و الحدود و يمنعهم من بعض الممارسات التي ترغب بها نفوسهم فعلى هؤلاء اللادينيين تقبل الآثار السيئة لهذا الكسل والغرور و ما يعقبها بعد ذلك من العذاب الأبدي في جهنم و و يمكن أن يكون سبب إفساد هذه الفطرة البيئات والمجتمعات، و الآباء والأجداد والأمهات والجدات، و المربين والمعلمين والمنشئين .


و الناس جميعهم في كل العصور والأزمان ، وفي كل البقاع والأماكن ذكورهم وإناثهم ، كبيرهم وصغيرهم ،عالمهم وجاهلهم ، فقيرهم وغنيهم ، رئيسهم ومرؤسهم ، كل أصناف البشر إذا ما تعرضوا لشدائد يعجز البشر عن إخراجهم منها .هنالك تستيقظ الفطرة ، وتنفض ما بها من غبار وما علق فيها من شوائب فتلجأ إلى خالقها ذليلة صاغرة تستنجد بربها وحده لا تلتفت إلى أحد سواه .


هذا والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

د.ربيع أحمد
02-19-2011, 02:17 AM
الرد على سؤال الملاحدة كيف تخصصون قاعدة كل شيء له سبب ؟





إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .

أما بعد :

فقد قال الملاحدة هداهم الله إن الله عند المؤمنين شيء بلا سبب ، و هذا يستلزم تخصيص القاعدة العقلية القائلة بأن الشيء لا يتحقق بلا سبب فكيف تخصصون قاعدة كل شيء له سبب ؟.


و الجواب أن الإشكال الموجّه إلى المؤمنين يتوجه أيضا إلى الملحدين ؛ لأن كل من المؤمنين و الملحدين يعترفان بموجود قديم تنتهي إليه كل الممكنات ، أما الملحدون فهم يرون أن ذلك الموجود المتحقق بلا سبب هو المادة الأولى التي تتحول و تتشكل إلى صور و حالات و لذلك يجب على المؤمنين و الملحدين الإجابة على هذا السؤال على حدّ سواء ، و لا يتوجه الإشكال إلى المؤمنين وحدهم .

و الفرق كبير بين توقيف وجود الممكنات عند سبب عاقل و هو الله ، و توقيف وجود الممكنات عند سبب مادي غير عاقل و هو المادة .

و غير صحيح أن نوقف وجود الممكنات على المادة لأسباب منها :

السبب الأول : أن المادة تخضع لقوانين فمن الذي فرض عليها القوانين ؟

و الجواب إما المادة نفسها أو القوانين نفسها أو شيء خارج عن المادة و إن قلتم الذي فرض على المادة القوانين هو المادة نفسها فهذا يستلزم أن الشيء يكون قبل نفسه لأن الفاعل قبل المفعول و هذا باطل و إن قلتم قوانين المادة هي التي فرضت القوانين على المادة فهذا باطل لأن القوانين مجرد وصف سلوك للمادة يفرض عليها من خارجها و نحن نكتشف ذلك باستقراء أحوال المادة و الوصف لا يكون ذاتا فاعلة فلا يبقى إلا فاعل خارج عن المادة هو الذي فرض القوانين عليها و هو الله .

السبب الثاني : أن المادة غير حية فكيف تهب الحياة للممكنات الأحياء فمن الذي وهب الحياة للممكنات الأحياء و واهب الحياة لا بد أن يكون حيا ؟!!

السبب الثالث : أن المادة غير عاقلة فكيف تهب العقل لذوي العقول من الأحياء ؟!!

السبب الرابع : أن المادة غير حكيمة فكيف تهب الحكمة لذوي الحكمة من الأحياء ؟!!

السبب الخامس : أن المادة عمياء فكيف تهب البصر لذوي الأبصار من الممكنات ؟!!

السبب السادس : أن المادة صماء فكيف تهب السمع لمن يسمع من الممكنات ؟!!


و قاعدة كل شيء له سبب تخُص الموجودات الممكنة و الظواهر المادية المسبوقة بالعدم و التي تحتاج في وجودها إلى سبب فالقاعدة كل شيء معلول له سبب أو كل شيء حادث له سبب ، إذ لولا السبب للزم وجود الممكن بلا سبب ، و هو محال و الله واجب الوجود لذاته فكيف نسأل عن سبب وجود واجب الوجود لذاته ؟!! و لفظ " الشيء " أعمّ من واجب الوجود الأزلي و الممكن الحادث ..
و الله عند المؤمنين غني عن السبب و الإيجاد ؛ لأنه أزلي قديم غير مسبوق بالعدم ، و الحاجة إلى الإيجاد من خصائص الشيء المسبوق بالعدم ، أما لو كان موجودا في الأزل فلا يحتاج إلى الجعل و الإيجاد .

و لعل الملاحدة تصوروا أن الحاجة إلى السبب من خصائص كل الموجودات ، و السبب من خصائص الموجود الممكِن المسبوق بالعدم ، و واجب الوجود لذاته خارج عن هذه القاعدة ، إذ القاعدة لا تشمل واجب الوجود .

و الله ليس له بداية فكيف نسأل عن سبب في بدايته و السؤال عن سبب وجود الله كسؤال ما سبب الشيء الذي لا سبب له ؟!!

و لو فرضنا جدلا أن الله له سبب – تعالى الله عن ذلك – و سبب الله له سب و هكذا سينتهي بنا الأمر إلى الدور و التسلسل .

أما الدور فباطل لما يترتب عليه من التناقض مثل قولك زيد سبب أحمد و أحمد سبب زيد فزيد توقف سببه على أحمد و أحمد توقف سببه على زيد و بهذا يكون زيدا سابقا لأنه سبب و يكون مسبوقا لأن له سبب و الشيء الواحد لا يكون سابقا و مسبوقا في وقت واحد و إذا اتفق صديقان على إمضاء وثيقة و اشترط كل واحد منهما لإمضائها إمضاء الآخر ، فتكون النتيجة توقف إمضاء كلٍ على إمضاء الآخر ، و عند ذلك لن تكون تلك الورقة ممضاة .

و أما التسلسل فباطل أيضا لأنه يقتضي ألا يكون هناك سبب لتوقف وجود السبب على السبب الذي قبله و الذي قبله على الذي قبله إلى ما لا نهاية فيلزم من هذا التسلسل اللانهائي أن لا سبب للكون ، و هذا مستحيل للظواهر الكونية الدالة على وجود الله مسبب الأسباب و علة العلل .

و الخلاصة ليس كل شيء محتاج إلى سبب ، بل كل ما هو حادث يحتاج إلى سبب ، و الله عند المؤمنين ليس بحادث فلا يحتاج إلى سبب ، لأنه تعالى لا ينفكُّ عن الوجود أصلاً و قولنا الممكنات تنتهي إلى مسبب سبب كل شيء ، وليس له سبب، بل هو سبب ما سواه فهذا هو الموافق للعقل و المنطق .

هذا والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات يتبع

د.ربيع أحمد
02-25-2011, 12:36 AM
الرد على زعم بعض الملاحدة أن العلة يجب أن تكون من جنس المعلول




إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .


أما بعد :

فيزعم بعض الملاحدة أن العلة لا بد أن تكون من جنس المعلول و عليه فعلة الكون المادي لا يمكن أن تكون إلا علة مادية ؛ لأنه يجب أن يكون هناك تناسب بين العلة و المعلول و إلا لصدر أي شيء من كل أي شيء .


والجواب أن هذا الكلام فيه خلط بين العلة الفاعلة و العلة المادية و العلة المادية هي الأجزاء المادية التي يتكون و يتركب منها المعلول و العلة الفاعلية و هي التي تفعل الفعل، و سبب وجود الفعل فمثلا صناعة السرير و صانع السرير صناعة سرير من خشب تتوقف على وجود نجّار يصنعه ، فيعدّ النجّار، علة فاعلية في صنع السرير ، و السرير لا يوجد بلا خشب، فالخشب علة مادية لوجود السرير و مثال آخر كتابة رسالة و كاتب الرسالة العلّة الماديّة للكتابة المواد التي يلزم توفّرها لكتابة الرسالة: الورق ، القلم ، الحبر ... فهذه أمور ماديّة للكتابة و العلّة الفاعليّة للكتابةالمراد منها القوّة و الفاعل الذي سيقوم بفعل الكتابة أي كاتب الرسالة .

و قولهم يجب أن تكون العلة من جنس المعلول لا يصح و الواجب يجب أن تكون العلة المادية من جنس المعلول .

و العلة الفاعلة قد تكون من جنس المعلول و قد لا تكون من جنس المعلول و مادام هناك فعل و فاعل فهناك علة و معلول ، و مادام هناك سبب و نتيجة فهناك علة و معلول فالكتابة ليست من جنس الكاتب و الصنعة ليست من جنس الإنسان الصانع و الأكل ليس من جنس الإنسان الآكل .

و اشتراط المناسبة بين العلة و المعلول معناه أن أحدهما يناسب الآخر و يصلح له دون غيره ، كما في مناسبة الاذن للسمع ، و العين للبصر ، و الخشب للسرير ، و الماء للبرودة ، و النار للحرارة و الحرارة لا تصدر عن الثلج ، و البرودة لا تنبعث من الحرارة، و الجاهل لايكون مصدراً للعلم كما أن العلم لايصدر عن جاهل، لأن فاقد الشيء لا يعطيه ، و العطاء لا يصدر من لاشيء .

و اشتراط المناسبة بين العلة و المعلوللا يستلزم أن تكون العلة من جنس المعلول فهناك تناسب بين الكتابة و الإنسان الكاتب لكن ليست الكتابة من جنس الإنسان و هناك تناسب بين الأكل و الإنسان الآكل لكن ليس الأكل من جنس الإنسان .


و الملاحدة فهموا من قاعدة التناسب بين العلة و المعلول أن العلة يجب أن تكون من جنس المعلول بدل أن يفهموا أن قاعدة التناسب بين العلة و المعلول أفادت أن كل مجموعة من الأشياء إذا كانت متفقة فى حقيقتها، يلزم انسجامها فى أسبابها و نتائجها و عللها و معلولاتها فكل حكم يستحيل تعميمه كقانون علمى شامل لجميع موارده المفترضة إلاّ بالاعتماد على قاعدة التناسب بين العلة و المعلول .
و قاعدة التناسب بين العلة و المعلول تنفي أن تكون علة الكون الفاعلة علة مادية و تثبت أن علة الكون علة عالمة حكيمة قادرة حية سميعة بصيرة... لأن وجود مخلوقات عالمة في هذا الكون ينفي أن يكون موجودها فاعل غير عالم ؛ لأن من ليس عنده علم لا يهب العلم ففاقد الشيء لا يعطيه .

ووجود مخلوقات حكيمة في هذا الكون ينفي أن يكون موجودها فاعل غير حكيم ؛ لأن من ليس عنده حكمة لا يهب الحكمة ففاقد الشيء لا يعطيه .

و الكون منتظم لأنه يظهر فيه حسن النظام والتركيب والقصد في كل شيء، فيستلزم وجود كائن ذي علم و إرادة قد نظمه وهو الله لا الطبيعة غير العاقلة و غير العالمة و غير الحكيمة .

و زعم الملاحدة أن الطبيعة هي التي خلقت الكون غير صحيح فالطبيعة هي حقيقة هذه الأشياء المخلوقة الموجودة ، فهم بهذا ينسبون هذا الشيء إِلَى نفسه مثل الذي يقول: الإِنسَان خلق الإِنسَان، والطبيعة خلقت الطبيعة و كيف يكون الشيء خالق و مخلوق في نفس الوقت و إنما هي اسم يطلق عَلَى المخلوقات، فمن الذي يخلق المخلوقات؟ .

و لا تناسب بين خلق الطبيعة نفسها و لا تناسب بين خلق الطبيعة الميتة الأحياء و لا تناسب بين خلق الطبيعة البكماء لذوي السمع و لا تناسب بين خلق الطبيعة العمياء لذوي البصر .

و كيف يأتي من الميت الذي يسمونه الطبيعة ، و هي الجبال و الأشجار و ما إِلَى ذلك إيجاد الحياة ، و كيف يتأتي منها الفعل أو التدبير؟[1]



هذاو الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات










[1]- شرح العقيدة الطحاوية لسفر الحوالي

د.ربيع أحمد
02-25-2011, 01:23 AM
الرد على زعم الملاحدة وجود الكون لا يقوم دليلا على وجود الله لأننا لم نر الله يخلق الكون





إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .


أما بعد :

فيزعم الملاحدة هداهم الله أن وجود الكون لا يقوم دليلا على وجود الله لأننا لم نر الله يخلق الكون و يقولون إننا لا نعلم عن العلةشيئا إلا أنها الحادثة السابقة التي نشاهدها قبل حدوث معلولها, وإذن لا بد منمشاهدة الحادثتين معا السابقة واللاحقة على السواء, إننا نستدل بوجود الساعة علىوجود صانعها ؛ لأننا رأينا الساعة و الصانع كليهما و إذن فوجود الكون لا يقوم دليلاعلى وجود صانعه إلا إذا رأينا الصانع و المصنوع جميعا .

والجواب أن دلالة الفعل على الفاعل و دلالة الأثر على المؤثر و دلالة المعلول على العلة من البديهيات و لا تحتاج مشاهدة الفعل و الفاعل معا أو مشاهدة الأثر و المؤثر معا أو مشاهدة العلة و المعلول معا ومجرد أن ترى المعلول تعتقد بداهة أن له علة و لو لم تشاهد العلة و مجرد أن ترى الفعل تعتقد بداهة بأن له فاعل و لو لم تشاهد الفاعل و مجرد أن تشاهد الأثر تعتقد بأن له مؤثر و لو لم تر المؤثر .

و الفعل يدل على الفاعل و الأثر يدل على المؤثر و المعلول يدل على العلة بدلالة اللزوم أو دلالة العقل أي يحكم العقل بوجود هذه الدلالة بين الدال و المدلول و هذه الدلالة تنشأ من الملازمة بين الشيئين ملازمةً ذاتية في وجودهما الخارجي كالأثر والمؤثِّر و كالفعل و الفاعل و كالعلة و المعلول و كضوء الصبح الدال على طلوع الشمس. و تتميَّز هذه الدلالة : بأنَّها لا تختلف باختلاف الأشخاص والأمصار، فهي تحصل لأيِّ إنسانٍ مهما كان سواء العالم أو الجاهل ، القروي أو الحضري .

و نعترف عند رؤية البناءبوجود الباني و لو لم نره و نعترف عند رؤية الصنعة بوجود صانع و لو لم نره و نعترف عند رؤية الكتابة بوجود كاتب و لو لم نره .

و إذا كان أصغر شيء مصنوع في الكون لم نر صانعه يستحيل أن يكون بلا صانع فكيف يصح أن يقال هذا الكون بأكمله بلا خالق لأننا لم نر الله يخلق الكون ؟!!!

و من هنا يتبين فساد زعم الملاحدة أن وجود الكون لا يقوم دليلا على وجود الله لعدم رؤيتنا خلق الله للكون .



هذاو الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

د.ربيع أحمد
02-25-2011, 01:43 AM
الرد على زعم الملاحدة بعدم صحة دليل النظام كدليل على وجود الله




إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .


أما بعد :

فقد زعم الملاحدة هداهم الله أن دليل النظام لا يصح أن يكون دليلا على وجود الله ؛ لأن الاستدلال به قائم على التشابه بين الكائنات الطبيعية و المصنوعات البشرية ، فلأننا شاهدنا أن جميع المصنوعات البشرية لاتخلو من صانع ، فلابد أن يكون للكون المنظَّم من صانع خالق أيضا ، لشباهته بتلك المصنوعات البشرية و قال الملاحدة : هذا التشابه بمجرده لا يكفي لسحب و تعْدِيَة حكم أحدهما إلى الآخر لاختلافهما ، فإن مصنوعات البشر موجودات صناعية ، بينما الكون موجود طبيعي ، فهما صنفان لا تناسب بينهما ، فكيف يمكن أن نستكشف من أحدهما حكم الآخر وصحيح أننا جربنا مصنوعات البشر فوجدناها لا توجد الا بصانع عاقل، ولكننا لم نجربذلك في الكون ؟


والجواب أن برهان النَّظم ليس مبنياً على التشابه و التماثل بين مصنوعات البشر والموجود الطبيعي حتى يقال بالفرق بين الصنفين ، و يقال هذا صناعي و ذاك طبيعي و يقال إِنَّا جربنا ذلك في المصنوعات البشرية و لم نجرّبه في الكون لعدم تكرر وقوعه وعدم وقوفنا على تواجده مراراً و لا يمكن إِسراء حكم الأَول إلى الثاني .


وبرهان النظم قائم على إدراك الحس بوجود النظام في الكون بملاحظة العقل للنَّظم و التناسق و الانضباط بين أَجزاء الوجود أي ملاحظة نفس ماهية النظام من دون تنظيرها بشيء ،فيحكم بما هو هو، من دون دخالة لأَية تجربة و مشابهة ، بأَنَّ موجد النَّظم لا محالة يكون موجوداً حكيما قديرا .


و برهان النظام قائم أيضا على البديهة العقلية القاضية بأن النظام لا يكون إلا من منظم ذي إرادةو قدرة وحكمة و ما ذكروه من أن هذا مصنوع وهذا طبيعي لا يلغي وجود النظام فيكليهما ، ولا يلغي البديهة العقلية القاضية بوجود منظم للكون .

و الفارق الذي ذكروه بين الأحداث التي تكون في الطبيعة و التي يفعلها الانسان غير مؤثر إذ لا فارق بين الأحداث التي تكون في الطبيعة و التي يفعلها الانسان من حيث السببو العلة .



و محل دليل النظام هو وجود النظام و النظام يفتقر إلى منظم و هو متحقق في جميع المخلوقات كما أنه متحقق في المصنوعات البشرية فلا يجوز التفريق بينهما وهما متماثلان في هذه الوجهة و إنما اختلفا فيغير محل الدليل بأن هذا طبيعي و هذا صناعي .

و العقل إذا رفض الإِذعان بأَنَّ الساعة وجدت بلا صانع أَو أنَّ السيارة وجدت بلا علة، فإِنما هو لأَجل ملاحظة نفس الظاهرة (الساعة والسيارة) حيثيرى أَنَّها تحققت بعد ما لم تكن، فيحكم من فوره بأَنَّ لها موجداً. وليس هذا الحكم إِلا لأَجل الإِرتباط المنطقي بين وجود الشيء بعد عدمه، ولزوم وجود فاعل له، وإِنْشئت قلت لأَجل قانون العلية والمعلولية الذي يعترف به العقل في جميع المجالات .

و إذا كان الشيء الأقل نظاما في الكون محتاجـًا لمريد حكيم ذي قدرة ، فكيف بالنظام الأحكم والأشمل للكون فهو أولى بالاحتياج إلى مريد حكيم .

و الاعتقاد بوجود علامات النظام التي تدل بالضرورة على منظم عاقل قادر من أوليات العقل[1] .

و زعمهم بعدم صحة دليل النظام ؛ لأنه قائم على التشابه بين الكائنات الطبيعية و المصنوعات البشرية رغم أنه خطأ فهو أيضا القول بعدم صحة أمر حسي ضروري بأمر متوهم إذ انتظام الكون أمر مشاهد و حاجة النظام إلى منظم من البديهات[2] ، و الأمور الحسية الضرورية لاتحتاج إلى أدلة تثبت صحتها فكيف يقال أنها لا تصح ؟!!!

هذاو الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات


[1] - العقل يميّز بعض الحقائق دون حاجةٍ إلى براهين تثبتها أو لشهادة إنسان لتصدّقها. وتُسمى تلك الحقائق أوليات وبديهيات وضروريات
[2] - البدهيات هي حقائق ضرورية لا تحتاج إلى برهان، أي أنها تفرض نفسها على الذهن بحيث لا يحتاج إلى برهان لإثباتها. ويجمع العقلاء على صحتها واعتمادها كأصول ضرورية لازمة، وهي تعتبر أسسا وقواعد أولية ومقاييس تبنى عليها باقي الأفكار، وبراهين لإثبات صدق غيرها من الأفكار

د.ربيع أحمد
02-25-2011, 01:52 AM
الرد على زعم الملاحدة باستحالة الحياة الآخرة و بقاء الروح بعد الموت







إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .

أما بعد :
فيزعم الملاحدة هداهم الله باستحالة الحياة الآخرة و بقاء الروح بعد الموت و برروا ذلك أن الخلود لو كان هو المصير الذي تنتصر فيه النفس بعد الموت ، فما السبب في عجز النفس عن أن تشغل لها حيزاً إلى جانب الجسد في هذه الحياة الدنيا ؟

و الجواب أن لا علاقة بين استقلال الروح عن الجسد في الحياة الدنيا و بين بقاء الروح بعد الموت و قد اقتضت حكمة الله أن تكون الروح بداخل الجسد لا مفارقة له في الحياة الدنيا ، وليس معنى عدم وجود الروح منفصلة عن الجسد في الحياة الدنيا أن الروح لا يمكن أن توجد بعد موت الشخص فالذي خلق الروح في الجسد قادر أن يبقي الروح بعد موت الجسد .

و إن قالوا لا نتصور بقاء الروح بعد الموت و الحكم على الشيء فرع عن تصوره فالجواب عدم تصوركم بقاء الروح بعد الموتلا يعني امتناعه في نفسه، فقد تعجز العقول عن تصور أمور كثيرة كعجزها عن تصور حقيقة العقل رغم أنه داخلنا ولا يمكن أن نفكر بلا عقل و عجزها عن تصور حقيقة الروح رغم أنها بداخلنا ، فإذا كان هذا الشأن في معرفة أقرب الأشياء من الإنسان وألصقها به، فهل يطمع الإنسان أن يخضع بعقله أفعال الله سبحانه لقوانين البشر وقدراتهمو الشيء الذي لا نشاهده في الواقع الحسي لا يلزم عقلاً أن يكون غير ممكن الوجود ، فعدم الوجود لا يدل على استحالة الوجود .




و إنكارهم الحياة الآخرة و البعث باطل فمن بدأ الخلق من العدم فهو قادر على إعادة الخلق بعد أن يكونوا ترابا و بداهة من قدر على الإبداء قدر على الإعادة من باب أولى ، و لو كان الله عاجزاً عن الإعادة بعد الموت لكان عن الإبداء أعجز وأعجزقال تعالى : ﴿ و َضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ﴾[1]فاحتج تعالى بالإبداء على الإعادة ، و بالنشأة الأولى على النشأة الآخرة .

و قال تعالى : ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ﴾[2] و قوله : (أهون) هذا بالنسبة للبشرفالآية متوجهة لجميع المخاطبين على حسب فهمهم ، فيكون الهون بالنسبة للبشر لا لله ؛ لأن الإعادة أسهل عندهم من الإبتداء أما بالنسبة لله تعالى فإن كلا الأمرين هين عليه تعالىلا؛ فلا فرق بين الأمرين .

و من أدلة البعث أن من يقدر على إحياء الأرض بعد موتها , يقدر أيضاً على بعث الأجساد بعد موتها قال تعالى : ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير﴾[3] أي : ومن علامات وحدانية الله وقدرته : أنك ترى الأرض يابسة لا نبات فيها، فإذا أنزلنا عليها المطر دبَّت فيها الحياة , و تحركت بالنبات, و انتفخت و علت , إن الذي أحيا هذه الأرض بعد همودها, قادر على إحياء الخلق بعد موتهم, إنه على كل شيء قدير, فكما لا تعجز قدرته عن إحياء الأرض بعد موتها, فكذلك لا تعجز عن إحياء الموتى[4] .

و من أدلة البعث أن من قدر على خلق السموات و الأرض و هما في غاية العظم قادر من باب أولى على إعادة خلق الإنسان قال تعالى :﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾[5]فمن قدر أن يخلق هذه السموات على ارتفاعها وعظمتها, وهذه الأرض على اتساعهاو تنوعها كانأقدر على أن يحيي عظاماً قد صارت رميماً ، فيردها إلى حالتها الأولى.

و إن قال الملاحدة كيف يحيى الله الإنسان من جديد بعد أن يضمحل و يتلاشى بدنه فيستحيل إعادة الإنسان بعد أن يصير عدما ؟ و الجواب أن الملاحدة هداهم الله يعتقدون بأن حقيقة الإنسان هي عبارة عنهذا البدن المادي الذي يتلاشى وينعدم بالموت، وإذا ردت له الحياة من جديد بعدالموت، فهو إنسان آخر لا هو عين الأول ، لأن إعادة المعدوم أمر محال .

و هذا لجهل الملاحدة أن المعاد ليس من باب إعادة للمعدوم ، بل عودة الروحالموجودة إلى الجسد المادي مره أخرى فالبعث إعادة و ليس تجديدًا إعادة لما زال و تحول ؛ فإن الجسد يتحول إلى تراب ، و العظام تكون رميما ؛ يجمع الله تعالى هذا المتفرق ، حتى يتكون الجسد ، فتعاد الأرواح إلى أجسادها ، و أما من زعم بأن الأجساد تخلق من جديد ؛ فإن هذا زعم باطل بنص القرآن قال تعالى : ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ﴾[6].

الملاحدة جهلوا حقيقة الإنسان أنها من روح وبدن , و أن الروح باقية لا تنعدم , و إنما كانت متلبسة بالبدن ثم تفارقه عند الموت , و أما البدن فأنه لا ينعدم و إنما يتحلل إلى عناصره بعد أن كان مركباً والتحلل إلى العناصر الأصلية لا يسمى عدماً. فلو فرضنا أن هناك مهندس فكك السيارة بصورة تامة إلى أجزائها الأولية ثم أعاد تركيبها فهل هذا يسمى عدماً للسيارة ؟! فتحصل لدينا أن الموت لا يعني عدم الإنسان أما الروح فهي باقية,وأما البدن فهو يتحلل إلى عناصره ولا تنعدم هذه العناصر.

و إذا قيل : ربما تأكل السباع الإنسان ، و يتحول جسمه الذي أكله السبع إلى تغذية لهذا الآكل تختلط بدمه ولحمه وعظمه وتخرج في روثه وبوله فكيف يعاد هذا الجسد ؟ و الجواب : أن الأمر هين على الله ؛ يقول للشيء كن فيكون ، و يتخلص هذا الجسم الذي سيبعث من كل هذه الأشياء التي اختلط بها ، وقدرة الله عز وجل فوق ما نتصوره ؛ فالله على كل شيء قدير .

و إذا قيل البدن الذي يتلاشى و يضمحل يفقد قابليته و استعداده للحياة و وقوع العودة فعلا و خارجا مشروط بقابلية البدن لتلك العودةو الجواب أن النظام الذي نشاهده في عالم الدنيا، ليس هو النظامالوحيد الممكن ، والشروط والأسباب التي نعرفها من خلال مشاهداتنا وتجاربنا ليست هيالأسباب والعلل الوحيدة و الإيمان بالبعث إيمان بأمر غيبي و الأمور الغيبية لا تخضع للتجارب التي نخضع لها ظواهر هذا الكون المادّية .

و سر إنكار الملاحدة البعث الجهل و القول بغير علم مما أوقعهم في قياس عالم الغيب على عالم الشهادة و إخضاع عالم الغيب للتجارب و قياس فعل رب الخلق على فعل الخلق و قد قال تعالى : ﴿ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ﴾[7] .

هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات









[1] - يس الآية 78 - 79
[2]- الروم من الآية 27
[3]- فصلت الآية 39
[4]- التفسير الميسر
[5] - الأحقاف الآية 33
[6]- الروم من الآية 27
[7]- الإسراء الآية 36

د.ربيع أحمد
02-25-2011, 02:06 AM
الرد على زعم الملاحدة باستحالة إثبات وجود الله




إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :

فيزعم الملاحدة هداهم الله أن وجود الله حتى يثبت واقعاً لابد أن يثبت بدليل تركيبي ،و القضايا التركيبية فقط هي التي تصف الحقيقة و القضايا التركيبية تحتاجإلى معرفة بالعالم و تعتمد علي المشاهدة و التجربة فقط و لأنه لايوجد ظاهرةفوق طبيعية أو غير مادية في العالم تثبت وجود الله فإن إثبات وجود الله مستحيل هكذا سولت لهم عقولهم المريضة .


و القضايا التركيبية عبارة عن قـضـايـا يـضـيـف مـحـمـولـهـا ( ما نخبر به عن الشيء ) إلـى مـوضـوعـهـا ( الشيء الذي نخبر عنه ) شـيـئـا جـديـدا غـيـر مـتـضـمـن فـيـه مثل (طـول الـسـبـورة أربـعـة أمـتـار) و ( الـكـتـاب قـديـم ) ... فـالأربـعـة أمـتـار فـي الـمـثـال الأول لـيـسـت صـفـة جـوهـريـة لـلـسـبـورة، بـل هـي صـفـة زائـدة إذ قـد تـكـون الـسـبـورة أقّـل أو أكـثـر طـولا و مـع ذلـك تـبـقـى سـبـورة و قديم في المثال الثاني ليست صفة جوهرية للكتاب فقد يكون الكتاب جديدا و مع ذلك يبقى كتابا .

و الجواب وجود الله أمر بديهي لا يحتاج إلى إثبات و أوضح من أن يُبَرهن كما أن دلالة الفعل على الفاعل لا تحتاج أن تبرهن أو يدلل عليها و كما أن دلالة الأثر على المؤثر لا تحتاج أن تبرهن أو يدلل عليها .

و الدليل يُطلب في المسائل التي لا تدرك بداهة، أمّا الأمور التي تدرك بداهة فلا نحتاج فيها إلى دليل، بل الدليل ينتهي عند الأمور البدهية، ولولا البدهيات لما أمكن تقديم الدليل، لأنّ الدليل يتسلسل حتى يستقرّ مستنداً إلى بدهية .

و هذا الكون وجد بعد أن لم يكن فلابد أن يكون له موجد أوجده .

و الحياة في المخلوقات الحية دليل على وجود خالق لها فمن الذي وهب الحياة للمخلوقات الحية ؟

و العقل في المخلوقات العاقلة دليل على وجود خالق له فمن الذي وهب العقل لهذه المخلوقات ؟

و الحكمة في المخلوقات الحكيمة دليل على وجود خالق لها فمن الذي وهب الحكمة لهذه المخلوقات ؟

و البصر في المخلوقات ذي البصر دليل على وجود خالق له فمن الذي وهب البصر لهذه المخلوقات ؟

و السمع في المخلوقات التي تسمع دليل على وجود خالق له فمن الذي وهب السمع لهذه المخلوقات ؟

و الضحك في المخلوقات التي تضحك و تبكي دليل على وجود خالق له فمن الذي وهبه لهذه المخلوقات ؟

و لا يصح القول بأن المادة أو الطبيعة هي الخالقة فهي ليست حية و ليست عاقلة و ليست حكيمة و ليست سميعة و ليست بصيرة .

و كل أثر فهو بحاجة إلى مؤثر و احتياج الأثر إلى مؤثر يمثل محمول قضية : كل أثر فهو بحاجة إلى مؤثر و هذا المحمول يدركه العقل بنحو تلقائي من تحليل مفهوم الموضوع وهو كلمة ( الأثر). فالأثر يعني الشيء الذي يحتاج الى مؤثر و احتياج الكون لخالق من هذا الباب .

و إن قيل هذا الكلام مبني على التشابه بين الكائنات الطبيعية و المصنوعات البشرية ، لكن هذا التشابه بمجرده لا يكفي لسحب و تعْدِيَة حكم أحدهما إلى الآخرلاختلافهما ، فإن مصنوعات البشر موجودات صناعية ، بينما الكون موجود طبيعي ، فهما صنفان لا تناسب بينهما ، فكيف يمكن أن نستكشف من أحدهما حكم الآخر وصحيح أننا جربنا مصنوعات البشر فوجدناها لا توجد الا بصانع عاقل، ولكننا لم نجرب ذلك في الكون ؟ والجواب أن لا فارق بين الأحداث التي تكون في الطبيعة أو التي يفعلها الانسان من حيث السببو العلة .


و دليل السببية دليل عقلي لا يخضع للتجربة و عليه فيصح فيه قياس الشاهد على الغائب .

و محل الدليل هو وجود أثر و الأثر يفتقر إلى مؤثر و هو متحقق في جميع المخلوقات كما أنه متحقق في المصنوعات البشرية فلا يجوز التفريق بينهما وهما متماثلان في هذه الوجهة و إنما اختلفا فيغير محل الدليل أي وجه التشابه أو الربط الذي سوغ القياس بين الكائنات الطبيعية و المصنوعات البشرية هو البديهة العقلية القاضية بأن الأثر لا بد أن يكون له مؤثر و الفعل لا بد له من فاعل و لا يلغي البديهة العقلية التي بيناها أن هذا طبيعي و هذا صناعي ، فالفارق الذي ذكر غير مؤثر في الحكم .

و إذا كان أصغر شيء مصنوع في الكون يستحيل أن يكون بلا صانع فكيف يصح أن يقال هذا الكون بأكمله بلا خالق ؟!!!


و هناك أسئلة تدور في ذهن الإنسان و تلح على الإنسان في داخله لا يستطيع دفعها عن أصل الوجود و نهايته وسببه، وعن الموت وأسراره، وعن الروح وأسرارها مما يدل على وجود فطرة كافية في النفوس تبرز هذه الأسئلة عن الإله والوجود فمن الذي فطر النفوس على إبراز هذه الأسئلة عن الإله ؟!

وقد لاحظ العلماء أن جميع الأمم التي درس علماء تاريخ الأديان تاريخها اتخذت معبودات تتجه إليها وتقدَّسها، و لا يوجد عَلَى الإطلاق في أي عصر من العصور ، و لا في أي أمة من الأمم مجتمع بلا دين و لا بلا إله معبود ، حقاً كَانَ أو باطلاً فهناك اتجاه فطري إِلَى أن يكون هناك دين ، و إله معبود فمن الذي فطر البشر على الإيمان بوجود إله ؟!

و كم من شخص دعى الله فاستجيبت دعوته و هذا الأمر مشهود في كل الأزمان و كل العصور فمن الذي استجاب دعاء الشخص ؟!!

و كم من شخص مريض شفي من مرضه و آخر مريض بنفس المرض لم يشف من مرضه رغم أنه أخف من الأول فمن الذي شفى هذا و لم يشف هذا ؟!!

و قولنا الله موجود لا تدل على أكثر من الإخبار عن أمر بديهي و إنكار وجود الله يؤدي إلى تناقض لذلك فهي من جنس القضايا التحليلية لا القضايا التركيبية و القضايا التحليلية هـي الـتـي يـكـون مـحـمـولـهـا ( ما يخبر به ) تـكـرارًا أو تـحـلـيـلا لـموضـوعـهـا ( ما يخبر عنه ) ، ولا يـضـيـف إلـيـه شـيـئـا جـديـدا كـقـولـنـا :
(الأب رجـل لـه ابـن ) أو ( الـمـثـلـث شـكـل هـنـدسـي ) أو (الـجـسـم مــتـدّ ) أو( 5 = 3 + 2 ) أو = ( أ + ب ) ( أ - ب ) .

و القرءان الكريمالذي بين أيدينا يثبت وبدون شك عند تفحصه و مقارنته بكلام البشر أنه ليس من كلامهم و في الوقت ذاته فهو رسالة من خالق هذا الكون لنا يبلغنا فيه أنه خالقنا ويبلغنا فيهعن صفاته فإن لم يكن هناك خالق فمن أرسل بهذه الرسالة ؟ وإذا كان هناك خالق آخرفلماذا لم يتفضل بإبلاغنا عن وجوده؟!


و إن قيل لو كان وجود الله بديهيا لما أنكر وجوده أحد ؟
و الجواب رغم أن وجود الله أمرا بديهيا إلا أن البعض أنكر وجوده بسبب شبهات و مؤثرات خارجية تجعله يغفل أو ينكر هذه البديهة فقد تختلج شبهة في الذهن تسبب مشكلة للإنسان، فيظن أنَّ هذا الضروري الواضح ليس بضروريٍ ، مثلاً استحالة اجتماع النقيضين من البديهيات الأوليَّة، بل هي أساس جميع البديهيّات - كما سيتَّضح - ولكن ربَّ شبهة تشكك في هذا البديهي، فيتصوَّر البعض أنّه من الممكن اجتماع النقيضين كما لو توهَّم أنَّ بين النور والظلمة حالةً ليست من الظلمة وليست من النور! و و البديهي بديهيٌ على أي حال .

و من أثر عنه إنكار و جود الله في البشر قليلون جداً على مرّ التاريخ مقارنة مع من يثبت وجوده ، و هذه القلة على قسمين :
أحدهما : قسم ينكر وجود الله ظاهراً فقط ، مع إيمانه بخلاف ذلك في قرارة قلبه و أشهر هؤلاء : فرعون موسى وأمثاله .
قال الله تعالى في حقهم : ﴿وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً ﴾[1] .
الثاني : قسم آخر هو في الحقيقة معترف بوجود صانع مدبر خالق ظاهراً و باطناً ، غير أنه يحيل ذلك إلى الطبيعة أو غيرها، مما يدل على وجود علوم أولية بديهية مشوبة بالشبهات و المؤثرات الخارجية .

و إن قيل نفوس العقلاء تتطلع إلى الاستدلال على وجود الله فلو كان أمرا بديهيا لما تطلع للاستدلال عليه :
و الجواب الاستدلال على وجود الله رغم بداهته من باب تعدد الأدلة ،وتعدد الأدلةيزيد في التصديق، واليقين، والمعرفة .
.

و الإقرار والاعتراف بالخالق فطري و ضروري في نفوس الناس، وإن كان بعض الناس قد يحصل له ما يفسد فطرته و ما يجعله يغفل عن الأمور البديهة حتى يحتاج إلى نظر تحصل له به المعرفة .

و زعم الملاحدة أن وجود الله حتى يثبت واقعاً لابد أن يثبت بدليل تركيبي و القضايا التركيبية هي فقط التي تصف الحقائق نتيجة عدم اعترافهم بمعارف عقلية ضرورية سابقة على التجربة و اعتبارهم التجربة الأساس الوحيد للحكم الصحيح و لذلك حددوا طاقة الفكر البشري بحدود الميدان التجريبي ، و أصبح من العبث كلّ بحث ميتافيزيقي أو دراسة لمسائل ما وراء الطبيعة ، على عكس المذهب العقلي تماماً .

و الجواب عن هذه الشبه أن مقولتكم : أن أساس المعرفة القضايا التركيبية و للحكم على الأشياء لابد من التجربة إن كانت خطأ سقط المذهب التجريبي بانهيار قاعدته الرئيسية ، وإن كانت صواباً صحّ لنا أن نتساءل عن السبب الذي جعلكم تؤمنون بصواب هذه القاعدة ، فإن كنتم قد تأكّدتم من صوابها بلا تجربة فهذا يعني : أنّها قضية بديهية وأنّ الإنسان يملك حقائق وراء عالم التجربة ، وإن كنتم قد تأكّدتم من صوابها بتجربة سابقة فهو أمر مستحيل ; لأنّ التجربة لا تؤكّد قيمة نفسها .

و بمقولتكم : أن أساس المعرفة القضايا التركيبية و للحكم على الأشياء لابد من التجربة لن تستطيعوا الحكم باستحالة شيء أو بالضرورة شيء آخر ومع سقوط مفهوم الإستحالة يكون التناقض ممكناً ومع إمكانه تنهار العلوم .

و هناك عدّة أشياء لم تكشف التجربة عن وجودها ، بل دلّت على عدمها في نطاقها الخاصّ ، ومع ذلك فنحن لا نعتبرها مستحيلة ، ولا نسلب عنها إمكان الوجود كما نسلبه عن الأشياء المستحيلة ، فكم يبدو الفرق جليّاً بين اصطدام القمر بالأرض ، أو وجود بشر في المرّيخ ، أو وجود إنسان يتمكّن من الطيران لمرونة خاصّة في عضلاته من ناحية ، وبين وجود مثلّث له أربعة أضلاع ، ووجود جزء أكبر من الكلّ ، ووجود القمر حال انعدامه من ناحية اُخرى . فإنّ هذه القضايا جميعاً لم تتحقّق ولم تقم عليها تجربة ، فلو كانت التجربة هي المصدر الرئيسي الوحيد للمعارف لماصحّ لنا أن نفرّق بين الطائفتين ; لأنّ كلمة التجربة فيهما معاً على حدّ سواء ، وبالرغم من ذلك فنحن جميعاً نجد الفرق الواضح بين الطائفتين : فالطائفة الاُولى لم تقع ولكنّها جائزة ذاتياً ، وأمّا الطائفة الثانية فهي ليست معدومة فحسب ، بل لا يمكن أن توجد مطلقاً ، فالمثلّث لا يمكن أن يكون له أضلاع أربعة سواءٌ اصطدم القمر بالأرض أم لا . وهذا الحكم بالاستحالة لا يمكن تفسيره إلاّ على ضوء المذهب العقلي بأن يكون من المعارف العقلية المستقلّة عن التجربة .

و مبدأ العلّية لا يمكن إثباته عن طريق التجربة ، و التجربة لا يمكنها أن توضّح لنا إلاّ التعاقب بين ظواهر معيّنة ، فنعرف عن طريقها أنّ الماء يغلي إذا صار حارّاً بدرجة مئة ، أو أّنه يتجمّد حين تنخفض درجة حرارته إلى الصفر ، وأمّا سببية إحدى الظاهرتين للاُخرى والضرورة القائمة بينهما فهي ممّا لا تكشفها وسائل التجربة مهما كانت دقيقة ومهما كرّرنا استعمالها و إذا انهار مبدأ العلّية انهارت جميع العلوم الطبيعية .

و الخلاصة أن زعم الملاحدة باستحالة إثبات وجود الله لأن الله لا يثبت إلا بالقضايا التركيبية و القضايا التركيبية تقوم على التجربة والمشاهدة و هذا غير ممكن زعم باطل مبني على أساس أن أساس العلوم هو التجربة و هذا قول فاسد لا أساس له من الصحة و وجود الله أمر بديهي لا يحتاج إلى إثبات .

هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات






[1]- النمل الآية 14

د.ربيع أحمد
02-25-2011, 02:23 AM
الرد على زعم الملاحدة أن قانون السببية يؤدي بنا أن نبحث عن سبب وجود الله




إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .


أما بعد :

فيزعم الملاحدة هداهم أن التمسك بقانون السببية , و أن كل موجود له سبب يستلزم السير في القانون إلى نهايته وهو البحث عن سبب لوجود اللهو يقولون إذا كان لا بد لنا من البحث عن علة لكل شيء لوجب إذن أن نبحث عن علة للإله نفسه .


و الجواب ليس كل شيء محتاج إلى سبب ، بل كل ما هو حادث يحتاج إلى سبب، و لا يحتاج الله إلى سبب ، لأنه تعالىلا ينفكُّ عن الوجود أصلاً ، و لأنهأزلي قديم غير مسبوق بالعدم ، و الحاجة إلى الإيجاد من خصائص الشيء المسبوقبالعدم ، أما لو كان الشيء موجودا في الأزل فلا يحتاج إلى الإيجاد .


و زعمهم أن البحث عن علة لكل شيء في هذا الكون ، يجرّ إلى البحث عن علة لله نفسه زعم باطل فهو قائم على قياس الله على الكون و الله أزلي و الكون حادث فالقياس فاسد أي هم قاسوا الأبدي واجب الوجود لذاته ، ويستحيل في العقل عدمه ، على الكون الحادث الممكن في العقل عدمه و الممكن في العقل عدمه ووجد بعد أن لم يكن لا بد من البحثِ عن علة انتقاله من العدم إلى الوجود .

و قاعدة الشيء لا يتحقق بلا علّة تختص بالموجودات الإمكانية التي لا تقتضي في ذاتها وجوداً ولا عدماً؛ إذ الحاجة إلى العلّة، ليس من خصائص الموجود بما هو موجود، بل هي من خصائص الموجود الممكن، فإنه حيث لا يقتضي في حدِّ ذاته الوجود ولا العدم، لا بدّ من علّة توجده، ويجب إنتهاء أمر الإيجاد إلى ما يكون الوجود عين ذاته ولا يحتاج إلى غيره، لامتناع التسلسل إذ التسلسل يقتضي ألا يكون هناك سبب إذ عند التسلسل يتوقف وجود السبب على السبب الذي قبله و الذي قبله على الذي قبله إلى ما لا نهاية فيلزم من هذا التسلسل اللانهائي أن لا سبب للكون ، و هذا مستحيل للظواهر الكونية الدالة على وجود الله مسبب الأسباب و علة العلل ، و الإشتباه نشأ من الغفلة عن وجه الحاجة إلى العلّة وهو الإمكان لا الوجود .

و كون الله سبب الموجودات لا يستلزم أن يكون له سبب إذ كما لا يتطلّب المعلول دائماً معلولا ينشأ منه فقد تتولّد ظاهرة من سبب ولا يتولّد عن الظاهرة شيء جديد كذلك العلّة لا تتطلّب علّة فوقها ، وإنّما تتطلّب معلولا لها ، و قياس رب الخلق على الخلق قياس فاسد .

و إذا كان الموجود فى ذاته غنياً عن غيره فى الوجود، فلا معني لإحتياجهِ الى علة تفيضعليه الوجود ما دام غنياً عما سواه فى ذلك إذ الوجود بالنسبة اليه متحقق، و هذا من قبيل عدم احتياج الملح الى ملح حتى يكونمالحاً فما دام هو مالحاً لا معنى لاحتياجه الى الملح، اذ ان امراً كهذا يكون لغواً .

هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات


__________________

د.ربيع أحمد
02-25-2011, 02:31 AM
الرد على زعم الملاحدة أن المؤمنين بالله هم المطالبون بإثبات وجود الله لا النفاة لوجوده





إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .

أما بعد :

فيزعم الملاحدة أن المؤمنين بالله هم المطالبون بإثبات وجود الله لا النفاة لوجوده و يعتبرون أن المؤمنين مسئولون عن التدليل على معتقدهم ; لأنّ المؤمنين هم أصحاب الموقف الإيجابي ، أي : يدعون الثبوت ، فيجب عليهم أن يبرّروا موقفهم ويبرهنوا على وجود ما يدّعوه .

و الجواب أننا لا نسلم أن وجود الله دعوى بل هو أمر فطري و بديهي ، و الله قد فطر الناس على الإيمان بوجوده و لا ينكر وجوده إلا من تدنست فطرته و قد شهد التاريخ على أن الإنسان مخلوق متديّن، ذو ميول طبيعية دينية، حتى أنه لم يوجد شعب في عصر أو مكان بدون ديانة ما، ولا وُجدت لغة في العالم خالية من اسم الله أو ممَّن هو في مقام الله . و بما أن اللغة تعبّر عن أفكار الإنسان وإحساساته يكون ذلك دليلاً على أن شعور الإنسان بوجود الله عميق في قلب الجميع ولا ينقض ذلك أن البعض ينكرون وجود الله، لأن الإنسان يقدر أن يناقض طبيعته إذا أراد ، و ينكر ما هو مغروس فيه من الله لشبهات عنده أو هوى .


و لو افترضنا إنساناً يولد في الصحراءبعيداً عن تعليم الأهل والمجتمع، ثُمّ يكبر هذا الإنسان حتى يبلغ سنّ الرشد ، فإنّهكما يعرف غرائزه وأحاسيسه، فسيعرف أنّ له ربّاً وخالقاً، خلقه وأوجده من العدم . وكما يعرف أنّه يحتاج إلى الطعام لسدّ جوعه ، وإلى الشراب لإرواء عطشه ، وإلى الجنسلإطفاء شهوته ، وغيرها من الغرائز في ذاته، فإنّه ليعرف كذلك من خلال فطرته بأنّهبحاجة إلى خالق لخلقه، وموجد له يوجده من العدم. أنّه يبحث بذاته ويتساءل: من أينجاء؟ والى أين سيذهب ؟ ، ولماذا هو في هذه الدنيا؟ ولابدّ أن يكون له خالقاً خلقهوكوّنه وأبدعه. فهو يؤمن بوجود خالق يتوجه إليه في حاجاته- وخصوصاًعند الشدائد- بدون حاجة إلى من يعلمه ذلك .

و فطرية الإيمان باللّه لا تعني بالضرورة أن يكون الإنسان متوجهاً إلى اللّه دائماً ملتفتاً إليه مرتكزاً إيّاه في جميع حالاته وآونة حياته اليومية ، إذ رب عوامل تتسبب في إخفاء هذا الإحساس في خبايا النفس وحناياها وتمنع من تجليه ، وظهوره على سطح الذهن ، وفي مجال الوعي والشعور. و أمّا عند ما يرتفع ذلك الحجاب المانع عن الفطرة فالإنسان يسمع نداء فطرته بوضوح .

و الإنسان إذا وقع في محنة شديدة لا يبقى في ظنه رجاء المعاونة من أحد ، فهو بأصل خلقته يتضرع إلى من يخلصهمنها ، وما ذاك إلا شهادة الفطرة بالافتقار إلى الصانع المدبر .

و من أوضح الأدلة على فطرية المعرفةب الله عز وجل والإيمان بوجوده ذلك الدافع القوي الذي يُلجئ الإنسان عند المصائب والمخاطر إلى نداء الله تعالى ، والاستغاثة به كائناً من كان ذلك الإنسان مؤمناً أوغير مؤمن
ففي الشدة تبدو فطرة الناس جميعاً كما هي في أصلها الذي خلقها اللهعليه ، وعندما تمر المحنة وتأتي العافية والنعمة يعودون إلى مخالفة فطرتهم من جديد، ويندر أن لا يذكر إنسان أمثلة من حياته عاش فيها هذا المعنىقال تعالى :﴿وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلْضُّرُّ فِى ٱلْبَحْرِ ضَلَّمَن تَدْعُونَ إِلا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّـٰكُمْ إِلَى ٱلْبَرّ أَعْرَضْتُمْوَكَانَ ٱلإِنْسَـانُ كَفُورًا﴾ .


ووجود الله أمر بديهي لا يحتاج إلى إثبات و أوضح من أن يُبَرهن كما أن دلالة الفعل على الفاعل لا تحتاج أن تبرهن أو يدلل عليها و كما أن دلالة الأثر على المؤثر لا تحتاج أن تبرهن أو يدلل عليها .

و الدليل يُطلب في المسائل التي لا تدرك بداهة، أمّا الأمور التي تدرك بداهة فلا نحتاج فيها إلى دليل، بل الدليل ينتهي عند الأمور البدهية، ولولا البدهيات لما أمكن تقديم الدليل، لأنّ الدليل يتسلسل حتى يستقرّ مستنداً إلى بدهية .

و هذا الكون وجد بعد أن لم يكن فلابد أن يكون له موجد أوجده .
و الحياة في المخلوقات الحية دليل على وجود خالق لها فمن الذي وهب الحياة للمخلوقات الحية ؟
و العقل في المخلوقات العاقلة دليل على وجود خالق له فمن الذي وهب العقل لهذه المخلوقات ؟
و الحكمة في المخلوقات الحكيمة دليل على وجود خالق لها فمن الذي وهب الحكمة لهذه المخلوقات ؟
و البصر في المخلوقات ذي البصر دليل على وجود خالق له فمن الذي وهب البصر لهذه المخلوقات ؟
و السمع في المخلوقات التي تسمع دليل على وجود خالق له فمن الذي وهب السمع لهذه المخلوقات ؟
و الضحك في المخلوقات التي تضحك و تبكي دليل على وجود خالق له فمن الذي وهبه لهذه المخلوقات ؟
و لا يصح القول بأن المادة أو الطبيعة هي الخالقة فهي ليست حية و ليست عاقلة و ليست حكيمة و ليست سميعة و ليست بصيرة .

و بما أن وجود الله فطريا فلا يحتاج وجود الله إلى دليل فضلا عن إنكار و هل نحتاج دليل على وجود حياتنا ؟!! و هل نحتاج دليل إلى حاجتنا إلى الطعام أو الشراب ؟!! و هل نحتاج دليل على حب العدل و بغض الظالم ؟!!

و بما أن وجود الله بديهيا فلا يحتاج وجود الله إلى دليل فضلا عن إنكار و هل نحتاج دليل لإثبات أن للقصر باني و لو لم الباني و أن للكتابة كاتب و لو لم نر الكتب و أن للفعل فاعل و لو لم نر الفاعل و أن للصورة مصور و لو لم نر المصور ؟!!

و على هذا فالملحد غير محق في إنكاره لوجود الله ؛ لأنه يخالف المعلوم بداهة و المعلوم فطرة فكيف يعترض على عدم وجود الله وهو مخالف المعلوم بداهة و المعلوم فطرة ؟!!

و البينة على المدعي ادعاء يستوجب الدليل إذ الواجب البقاء على الأصل حتى يرد الناقل و من ينقلنا عن الأصل المتقرر بديهة أو عقلا أو فطرة فهو المطالب بالدليل على هذا النقل ولا يحق له مطالبتنا بالدليل المبقي على الأصل ، ولذلك القاعدة : ( الأصل أن الدليل يطلب من الناقل عن الأصل لا من الثابت عليه ) ، فلو لم نعرف الأصل لما عرفنا من الذي يطالب بالدليل ، فإن جاء الناقل ببينة قبلنا قوله وإلا فقوله مردود عليه وهذه من أعظم الفوائد .

و الملحد خالف الدليل البديهي على وجود الله و الدليل الفطري على وجود الله فهو المطالب بالدليل و ليس من آمن بالله .

و لو سلمنا جدلا بأن المؤمن بالله مطالب بالدليل على وجود الله ؛ لأنه مثبت فالنافي لوجود الله في الوجود مطالب بالدليل على نفيه من باب أولى ؛ لأنّه لم يجعل وجود الله عنده موضع شكّ ، و إنّما نفى وجود الله نفياً قاطعاً ، والنفي القاطع كالإثبات القاطع يفتقر إلى الدليل و الملحد حين زعم أنّ الله لا وجود له ، ادّعى في هذا الزعم ضمناً أنّه أحاط بالوجود كلّه ، ولم يجد فيه موضعاً لوجود الله ، فلابدّ أن يقدّم دليلا على هذه الإحاطة العامّة ، وتبريراً للنفي المطلق .

و كيف للملاحدة أن يثبوا خلو الوجود من إله فمن هذا الباب الملاحدة مطالبون ببرهنة صدق نفيهم الذي هو في الحقيقة إثباتٌ وفقالمعاييرهم التي تعتمد على الحواس و لا ترى في الوجود إلا الوجودالحسي المادي .

و مَثَل الذي يقول أن ليس في الكون إله كمَثَل الذي يقول – بمعايير الملاحدة -: "لا يوجد فيالمدينة المجاورة لنا رجل اسمه فلان " فقوله هذا يثبت في الحقيقة أنه فتشتلك المدينة ركنا ركنا ودخلها بيتا بيتا وجاب كل شوارعها مستفسرا عن أسماء كل منفيها فعرف حينها أنه لا يوجد فيها رجل اسمه فلان و إذا زعم أحد مثل هذاالزعم فإنه بلا شك مطالب بإثبات دعواه .

و إن قال الملحد لا يوجد شيء فوق الزمان و المكان و فوق الكون و الجواب عدم الوجدان لا يعني بالضرورة عدم الوجود و الجزم بعدم وجود شيء فوق الزمان و المكان و فوق الكون لابد له من دليل و أنى له ذلك و هل لو لم تجد شيء في المكان الفلاني معناه يقينا أن هذا الشيء غير موجود أم قد يكون موجودا و أنت لم تجده ؟ .

و إذا أراد الملحد أن ينفي وجود الله و أنى له فيجب أن يكون دليله هو العقل ، لا التجربة المباشرة ، خلافاً للمادّية التي درجت على اعتبار التجربة دليلا على مفهومها الخاصّ ، زاعمة أنّ القضايا الغيبية بصورة عامّة لا يمكن إثباتها بالتجربة ، وأنّ التجربة هي التي تردّ على تلك المزاعم ; لأنّها تحلّل الإنسان و الطبيعة ، و تدلّل على عدم وجود أشياء مجرّدة فيهما ; ذلك أنّ التجارب و الحقائق العلمية إذا صحّ للمادّية ما تزعمه : من أنّها لا تقوم دليلا على الاعتقاد الغيبي فهي أيضاً لا تصلح دليلا للنفي المطلق الذي يحدّد الاتّجاه المادّي ومن الواضح : أنّ التجربة لا يمكن أن تعتبر برهاناً على نفي حقيقة خارج حدودها . فالعالِم الطبيعي إذا لم يجد السبب المجرّد في مختبره ، لم يكن هذا دليلا إلاّ على عدم وجوده في ميدان التجربة ، وأمّا نفي وجوده في مجال فوق مجالات التجربة ، فلا يمكن أن يستنتج من التجربة ذاتها .

نخلص من هذا أن الملاحدة يخالفون الأصل المعلوم بداهة و فطرة بوجود خالق إله و هم المطالبون بالدليل لا غيرهم و قد جزموا بعدم وجود الله وهم لم يحيطوا علما بأنفسهم فضلا عن الكون فضلا عمن فوق الكون و قد قال تعالى :﴿ و َلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ﴾[1] .

هذاو الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات




[1] - الإسراء الآية 36
__________________

د.ربيع أحمد
02-25-2011, 02:48 AM
الرد على زعم الملاحدة أن العلة الأولى فاعل بالطبع




إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .


أما بعد :
يزعم الملاحدة أن العلة الأولى لايمكن أن تكون إلا فاعل بالطبع و هو ما يعبر عنه العلماء في الوقت الحاضر بأنه الطبيعة أو قوى الطبيعة .

و الجواب أن وجود مخلوقات عالمة في هذا الكون ينفي أن يكون موجودها فاعل غير عالم ؛ لأن من ليس عنده علم لا يهب العلم ففاقد الشيء لا يعطيه .

ووجود مخلوقات حكيمة في هذا الكون ينفي أن يكون موجودها فاعل غير حكيم ؛ لأن من ليس عنده حكمة لا يهب الحكمة ففاقد الشيء لا يعطيه .

و الكون منتظم لأنه يظهر فيه حسن النظام والتركيب والقصد في كل شيء، فيستلزم وجود كائن ذي علم و إرادة قد نظمه وهو الله لا الطبيعة غير العاقلة و غير العالمة و غير الحكيمة .

و زعم الملاحدة أن الطبيعة هي التي خلقت الكون غير صحيح فالطبيعة هي حقيقة هذه الأشياء المخلوقة الموجودة ، فهم بهذا ينسبون هذا الشيء إِلَى نفسه مثل الذي يقول: الإِنسَان خلق الإِنسَان، والطبيعة خلقت الطبيعة و كيف يكون الشيء خالق و مخلوق في نفس الوقت و إنما هي اسم يطلق عَلَى المخلوقات، فمن الذي يخلق المخلوقات؟ .

و كيف يأتي من الميت الذي يسمونه الطبيعة ، و هي الجبال و الأشجار و ما إِلَى ذلك إيجاد الحياة ، و كيف يتأتي منها الفعل أو التدبير؟[1]

و الشيء الحادث لا يخلق نفسه؛ لأنه قبل وجوده معدوم، فكيف يكون خالقاً ؟

و الشيء المرئي لا يكون منه إلا شيئاً مرئياً لذا المادة لا يمكنها أن تخلق الشيء اللامرئي ، و لا يجوز أن نجعل اللامرئي انعكاساً إلى الشيء المرئي إذ شتان بينهما. و عليه فإن المادة تكون ناقصة قاصرة وعاجزة عن الخلق، و بما أن اللامرئي من الأشياء الحادثة لا يمكنه أن يخلق المرئيات من الأشياء إذن و وفق الاستدلال المنطقي نصل إلى أن الشيء اللامرئي برهان قاطع على وجود الخالق .

والشيء لا يخلق شيئاً أرقى منه ، فالطبيعة من سماء وأرض ونجوم وشموس وأقمار لا تملك عقلاً ولا سمعاً ولا بصراً، فكيف تخلق إنساناً سميعاً عليماً بصيراً! هذا لا يكون [2].

سبحان ربي هل الطبيعة اللاعاقلة و اللامريدة أوجدت هذا الانسان العاقلو المريد ؟!!

هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات



[1]- شرح العقيدة الطحاوية لسفر الحوالي
[2]- العقيدة في الله ص 29

د.ربيع أحمد
02-25-2011, 02:54 AM
الرد على زعم الملاحدة أن السببية لا تطبق على الوجود ككل لكن تطبق داخله فقط




إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .


أما بعد :

فقد زعم الملاحدة هداهم الله أن السببية لا تطبق على الوجود ككل لكن تطبق داخله فقط فلا يمكن استقراء أن لكل حادث علة و الجواب إن قصدوا بالوجود الوجود المحسوس و هو الكون الذي نعيش فيه فهذا باطل فإذا كان أصغر جزء في الكون يستحيل أن يكون بلا صانع فكيف يصح أن يقال هذا الكون بأكمله بلا خالق ؟!!!

و إن قصدوا بالوجود الوجود المطلق فالوجود المطلق يوجد في الأذهان لا في الأعيان ،و لم يعين الوجود المطلق ولم يخصص، و يتحول هذا الوجود المطلق إلى الحقيقة إذا عين بآحاده فنقول وجود الله ووجود الكون ووجود الإنسان ووجود الطبيعة و مثل لفظ الوجود لفظ الإنسان من الألفاظ المطلقة و لا يوجد هذا اللفظ مطلقا إلا في الذهن أما خارجه فلا يوجد مسمى الإنسان إلا معينا و مقيدا مثلا خالد , محمد ، عمر , عثمان إلخ .

و قانون العلية قانون عقلي لا قانون حسي نابع من الاستقراء و ليس قانون العلية قاصرا على الكون فحسب فما مادام هناك فعل لابد أن يكون له فاعل سواء في عالمنا أو في غير عالمنا و تخصيص العلية بالكون الذي نعيش فيه فقط تخصيص بلا مخصص و تشذ العوالم الأخرى غير المادية عن قانون العلية، ويبقى هذا القانون سارياً في جميع العوالم .

هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

د.ربيع أحمد
02-25-2011, 03:04 AM
الرد على زعم الملاحدة أن السببية لا تصح دليلا على وجود الله لعدم وجودها في الحقيقة


إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .

أما بعد :

فيزعم الملاحدة أن السببية لا تصح دليلا على وجود الله لعدم وجودها في الحقيقة فالسببية عندهم عادة ذهنية ترسخت في الذهن عن طريق التكرار ، و ليس لها أصل حسي ، و لا تثبتها التجربة الحسية و ما نسميه بالعلية ماهو إلا اقتران ظاهرتين زمانا ومكانا و هذا الكلام يغني فساده عن إفساده و بطلانه عن إبطاله و الناس منذ أن خلقوا على خلافه حتى الحيوانات على خلافه و القوانين الفيزيائية على خلافه .


و السببية قانون عقلي لا قانون تجريبي يزاوله الناس في حياتهم أي هذا القانون يطبقه الناس في دنيا الواقع فالناس عندهم الأكل سبب للشبع و شرب الماء سب للإرتواء و النكاح و الجماع سبب لإنجاب الولد و العمل سبب في الحصول على المال و تناول الدواء سبب في حصول الشفاء بإذن الله و النار سبب للحرارة و لو لم يكن هناك ضرورة بين الأكل و الشبع ما أكل الناس ليشبعوا و لو لم يكن هناك ضرورة بين الشرب و الإرتواء ما شرب الناس ليرتووا و من ينكر علاقة الضرورة و السببية بين الأكل و الشبع و الشرب و الإرتواء و غير ذلك عد من المجانيين .

و جميع العلوم الكونية مبنية على السببية و لذلك لا يمكن للعلوم الاستغناء عن السببية ، و بسقوط السببية تنهار جميع العلوم .

و عدم اعتبار أصل السببية يؤدي الى عدم الاستدلال، لأن الإثبات والدليل عامل مهم من عوامل قبول النتائج، واذا لم يرتبط الإثبات بالنتائج ، فلا يؤدي الإثبات إلى نتيجة .

و مبدأ العلية مبدأ ضروري لا يمكن الاستدلال على رده، وذلك لأن الدليل علة للعلم بالشيء المستدل عليه ، و إذن محاولة الاستدلال على رد مبدأ العلية تنطوي على الاعتراف بمبدأ العلية و تطبيقه .

و لو لم تكن السببية موجودة في الواقع لما أمكن التفكير، ولا تناول الطعام، ولا المشي أيضا و لا الشرب و غير ذلك من أمور الحياة .

و لو لم تكن السببية موجودة في الواقع لما تمكن العلماء من تفسير الظواهر الكونية .

و لو لم تكن السببية وجودة في الواقع لما تمكن الأطباء من علاج الأمراض و الوقاية منها .

و قولهم السببية عادة ذهنية ترسخت في الذهن عن طريق التكرار يبطله الواقع فمن يرى كتابة يعرف أن لها كاتب و لو كانت أول كتابة يراها و من يرى كرسي يعرف أن له صانع و لو كان أول كرسي يراه و لو من يرى لوحة فنية يعرف أن لها فنان و كانت أول لوحة فنية يراها في حياته و حتى الطفل الصغير إذا سمع صوتا انتبه إلي مكانه ليعرف سببه و إذا جاع طلب الطعام .

و إن قالوا ما نسميه بالعلية ماهو إلا اقتران ظاهرتين زمانا ومكانا فالجواب أن هذا الاقتران لظاهرتين اقتران واقعي فعلي ضروري و ليس مجرد عادة ذهنية فهناك ترابط و عدم انفكاك بين السبب و النتيجة و العلة و المعلول و كلما حدث السبب حدثت النتجة و كلما حدثت العلة حدث المعلول و دون حدوث السبب لا تحدث النتيجة .

ووجود هذا الكون بعد أن لم يكن لدليل بديهي على وجود مسببه موجده ولا ينكر هذا إلا عديم العقل و منتكس الفطرة هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

د.ربيع أحمد
02-25-2011, 03:40 AM
الرد على زعم الملاحدة أن الإلتزام بالدين يجعل الإنسان لا يستطيع أن ينظم حياته



إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .

أما بعد :

فيزعم الملاحدة أن الإلتزام بالدين يجعل الإنسان لا يستطيع أن ينظم حياته ،و إن قصدوا بهذه المقولة كل الأديان ما عدا الإسلام فحق أما إن قصدوا كل الأديان بما فيها دين الإسلام فقد كذبوا و ضلوا و كل من يعرف الإسلام حق المعرفة يعرف أن الإسلام دين النظام و الصلاح و الإصلاح ، وقد نظم حياة المسلم في جميع جوانبها .

و المسلم الحق يسلم كيانه كله لله و يسلم جميع أموره لخالقه و يجعل حياته كلها لله قال تعالى :﴿ قلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾[1] أي كل أعمالي ومقاصدي محصورة في طاعة الله ورضوانه، ، و بينت الآية أن المسلم يجب أن يكون قصده وعمله وكل ما يقدمه من عمل هو لوجه الله تعالى، سواء في أثناء حياته، أو ما يعقبه من عمل صالح بعد مماته، هو لله، وإلى الله، وفي سبيل الله، ولطاعة الله تعالى مما يجعل المسلم لا يعمل إلا العمل النافع .



والمسلم يمكنه أن يجعل كل حياته لله حتى الأمور الدنيوية البحتة؛ من طعام وشراب وملبس، ولعب ومزاح، وعمل وزواج، وما يلحق به من تعلُّمٍ وغيره من أمور الحياة بأن يحول العادة إلى عبادة؛ بابتغاء وجه الله - تعالى - في كل عمل، على أن يكون هذا العمل مشروعًا، فهو يأكل بنيَّة التقوِّي على عبادة الله، ويلعب بنيَّة الترويح المشروع عن النفس، ويتزوَّج بنيَّة تكوين ذريَّة صالحة تعبد الله من بعده ويعمل، بل يجتهد ويكد في العمل بنيَّة تقدُّم ورقي أُّمَّته، وبناء وطنه، ويتعلم ويعلم الناس، ويفقههم بنيَّة أن يعبدوا الله على بصيرة، فينجوا من عذاب الله يوم القيامة، ويتصدق وينفق قربة إلى الله - تعالى - ويلتزم بحُسن الأخلاق وجميلها، ويبتعد عن المذموم منها بنيَّة الاقتداء بسيِّد البشرية محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو إذا نظر في أي جانب من جوانب حياته، يجد الإسلام قد نظم له هذا الجانب بما يتلاءم مع الشرع الحكيم، فها هو أحد النصارى يتعجب قائلاً لسلمان الفارسي - رضي الله عنه -: عجبت من نبيِّكم هذا! يعلمكم كل شيء حتى الخراءة، كما يعلمكم الآية من القرآن[2].


و قد نظم الإسلام العلاقات بين الأفراد بعضهم بعضًا، وبين الأفراد وحكوماتهم، وبين الحكومات والحكومات الأخرى، وبين الدول والدول الأخرى حتى آداب ذبح الحيوان و آداب قضاء الحاجة .


و قد جاء الإسلام ليحكم الحياة من جميع نواحيها دينا و دنيا لا يزيد في جانبٍ على حساب آخر و كما أمر بتزكية الروح و إصلاحها و تهذيبها أمر بنظافة البدن و تجميله و الحفاظ عليه و كما نظم حياة المسلم الدينية نظم له حياته الدنيوية .

و كما أمر الإسلام بالالتزام بالدين أمر بعدم نسيان الإنسان حظه من الدنيا قال تعالى : ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ﴾[3] أي : ولا تترك حظك من لذات الدنيا فى مآكلها، ومشاربها وملابسها فإن لربك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا[4] و من هداية الآية : حلّية الأكل من الطيب والشرب من الطيب واللبس والركوب والسكن من غير إسراف ولا خيلاء ولا كبر[5]

وليس من الدين الزهد في الدنيا حتى تتركها وتعيش عالة على غيرك، بل الدين يطالبك بالعمل والجد والغنى من طريق الحلال، فإذا جمعت المال فأعط حق الله فيه، ولا تنس نصيبك من الدنيا، أى: تمتع ببعضه بلا إسراف ولا تقتير[6] .

و قد مر أبو بكر الصديق رضي الله عنه بحنظلة رضي الله عنه فوجده يجلس جنبحائط يبكي .. قال ما يبكيك؟ قال نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فيذكرناالجنة والنار فكأنا رأي عين فإذا خرجنا من عنده عافسنا الزوجات[7] وعالجنا الضيعات[8] ولاعبنا الأولاد ونسيناكثيرا ثم قال نافق حنظلة فبكي أبو بكر وقال والله إني لأجد الذي تجد انطلق بنا إلىرسول الله صلي الله عليه وسلم أكبر مصيبة أصبنا بها هي فقد رسول الله بابي أنت وأمييا رسول الله لكن عزاؤوك أن بين يديك سنته قال فأتينا رسول الله صلي الله عليه وسلم: فقلنا : نكون عندك يا رسول الله، نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة كأنا رأي عين، فإذاخرجنا من عندك عافَسْنا الأزواج والأولاد والضيعات ونسينا كثيرا .. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «و الذي نفسي بيده لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكرلصافحتكم الملائكة على فرشكم و في طرقكم ولكن يا حنظلة ساعة و ساعة – وكررها ثلاثا »[9] أي هذه ساعة طاعة و هذه ساعة لترويح عن النفس بفعل شيء من المباحات .




وفي نظام الأسرة بيَّن الإسلام الأسس التي بها تختار بها المرأة زوجة، وهي: المال والجمال والحسب والدين، ومن يظفر بذات الدين، يكون قد ربح؛ لأن الدين يبقى وينتفع منه المؤمن بالعمل الصالح في الآخرة، أما الأمور الأخرى فتفنى، بل إن الدنيا كلها ستفنى، وبيَّن الإسلام كيف يفرح المسلم بزواجه؛ من لهوٍ مباح وغيره، بعيدًا عن الصخب ولهو الحديث، وبعيدًا عن المظاهر الخليعة والماجنة.

وحتى لا يظلم الرجل زوجته، ولا تقصِّر المرأة تجاه زوجها، بيَّن الإسلام حقوق كل منهما تجاه الآخر، ولكي يخرج النشء المسلم ذا تربية عالية، وأخلاق رفيعة ورجولة، وضَّح الإسلام وسائل التربية الإسلامية التي يجب اتباعها مع النشء من حين إتيان الرجل زوجته إلى خروج المولود إلى الحياة، ثم كيفية تربيته إلى أن يبلغ أشده بالرعاية والنصيحة، واهتم بالفرد اهتمامًا واسعًا، فبيَّن كيفية إعداد رجال الغد والمستقبل أبناء الأمة الإسلامية، ومن سيحملون لواء الدعوة والجهاد في سبيل الله؛ من خلال المنهج النبوي الذي اتبعه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - مع هذا الصنف، وفي مجال التعامل مع غير المسلمين أرشدنا الإسلام إلى كيفية التعامل مع الذميين والمعاهدين وغيرهم، ومالهم من حقوق وما عليهم من واجبات، وما هو النظام الذي يطبق عليهم إذا أخل أحدهم بأحد الواجبات المفروضة عليه، أو ارتكب جريمة ما؟ وما هي الحدود الشرعية في المعاملات بينهم وبين المسلمين في مجال الزواج، والبيع والشراء، والطعام والشراب، وغير ذلك؟[10]



و‌ في مجال العمل قال تعالى : ﴿ و َقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ﴾[11] أي : فسيرى الله عملكم خيرا كان أو شرا ، فيجب عليكم أن تراقبوه تعالى في أعمالكم ، و تتذكروا أنه ناظر إليكم ، عليم بمقاصدكم ونياتكم لا تخفى عليه منكم خافية، وجدير بمن يؤمن برؤية الله لعمله أن يتقنه، وأن يخلص له النية فيه، فيقف فيه عند حدود شرعه، ويتحرى به تزكية نفسه والخير لخلقه، ولا يكتفي فيه بترك معاصيه، واجتناب مناهيه[12] و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : « إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه »[13] .

و في استغلال الوقت في المفيد النافع قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : « نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة، والفراغ »[14] و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : « لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع خصال : عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، و عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه»[15] .

و في مجال الاقتصاد يقوم النظام الاقتصادي الإسلامي على منهج عقائدي أخلاقي مبعثه الحلال والطيبات و الأمانة و الصدق و الطهارة و التكافل و التعاون و المحبة و الأخوة مع الإيمان بأن العمل ( و منه المعاملات الاقتصادية) عبادة ، و أساس ذلك قول الله عز وجل : ﴿ فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالاً طَيِّباًوَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ ﴾[16][17] , و حث الإسلام على العمل قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : « ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده »[18] ، و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : « لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي الجبل فيجيء بحزمة الحطب على ظهره فيبيعها فيكف الله بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه »[19] .

و عندما طبق المسلمون الشريعة في صدر الإسلام ، تقدم المجتمع باتباع شرعالله و أحكامه بما فيها التعاليم الاقتصادية و خير دليل على ذلك ما شهدته الدولةالإسلامية من رخاء اقتصادي في عهد الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز ، حيث بلغتالدولة الإسلامية من الغنى ما زاد عن حاجات المسلمين حتى أعطوا منه أهل الذمة .

و في المجال الاجتماعي فالنظام الاجتماعي في الإسلام يقوم على التكامل بين الأفراد الذكر و الأنثى كل له رسالة محددة يكمل بعضهم بعضاً. و الناس بمجموعهم تقوم حياتهم على التكامل لا على الصراع ، تقوم على أن يحب الفرد المسلم لأخيه ما يحب لنفسه فهم كالبنيان وكالجسد الواحد يكمل بعضهم بعضاً. الغني مع الفقير تقوم حياتهم على التكامل والتكافل لا على الحسد والتباغض والصراع الطبقي المقيت. الذي يظهر في المجتمعات الرأسمالية المعاصرة. وأيضاً التكامل في المهمات المتعددة والمناشط والمواهب الإنسانية التي يكمل بعضها بعضاً، فلا يمكن للفرد أن يصنع لنفسه كل حاجاته ولكن الجماعة في الإسلام يتحقق في رحابها جميع معاني التكامل في الحياة والتكافل الذي يحقق مصالح الدنيا والآخرة.

و التكامل في هذا الجانب يميز النظام الاجتماعي في الإسلام ويحقق قوة الترابط بين أفراد المجتمع على أساس من التقوى التي تزكى علاقة المسلم بربه وتنمى علاقة المسلم بأخيه المسلم وبمجتمعه و أمته.

ومن هذه الخاصية تتحقق الأخوة التي هي رابطة المؤمنين الوثيقة كما قال جل وعلا: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾[20] وفضل الأخوة و التفصيل فيه مبسوط في كتاب "فقه الأخوة في الإسلام" للدكتور علي عبد الحليم محمود ، و الأخوة في الله هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في تأسيس المجتمع المسلم في المدينة المنورة، وهي الطريق الواضح لبناء المجتمع المسلم في المدينة المنورة وهي الطريق الواضح لبناء المجتمع المسلم في كل وقت وحين، الإخوة الإيمانية التي لا يعرف لذاتها إلا من عايشها ولا يعرف أبعادها إلا من سابق فيها كيف لا وهي تقوم على الحب في الله بجماله وعاطفته وبهائه مع سمو القصد فيه، الحب القائم على الإيمان بالله ما أجمله وما أصفاه [21]

و في المجال السياسي يحدد النظام الإسلامي العلاقة بين الإمام والرعية من ناحية تحديد سلطة ولي الأمر وبيان حقوقه وواجباته، وحقوق الرعية وواجباتها، و علاقة الدولة المسلمة بغيرها من الدول فيحالتي السلم والحرب، و تنظيم موارد الدولة ونفقاتها وكيفية استثمارالمال ,و نظم الإسلام القضاء ، والعقوبات ، والجنايات .

و الكلمة العليا في النظام السياسي في الإسلام إنما هي لله تبارك وتعالى فالله وحده هو الذي له حق التشريع، وحق تنظيم أمور عبادهقال تعالى :﴿أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾[22]،ومظهر ذلك و دليله في الواقع : القبول و الإقرار و التقيد بالشرع المنزل كتاباً وسنة ،والانصياع له ، والدوران في فلكه، وعدم الخروج عليه. قال تعالى : ﴿وَمَاكَانَ لِـمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنيَكُونَ لَهُمُ الْـخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾[23] .

و النظام السياسي في الإسلام قائم على العدل والمساواة والشورى و النصيحة و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر .


و من كمال نظام الإسلام وتمام تناسقه وعظمة شموله شرع الإحسان في ذبح الحيوان حتى لا يتألم الحيوان و هو يذبح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ ، وَ إِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ »[24] .


و من كمال نظام الإسلام و تمام تناسقه وعظمة شموله أن الإسلام وضع آدابا لقضاء الحاجة ومنها قضاء الحاجة والتبول في المكان المخصص فيجتنب المسلم قضاء الحاجة و التبول في موارد الماء، أو في مكان تجمع الناس أو في ظلهم، أو في الطرقات أو الشوارع على مرأى من الناس و قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتقوا اللَّعَّانين ». قالوا: وما اللعانان يا رسول الله؟ قال: « الذي يتخلَّى[25] في طريق الناس أو في ظلهم »[26] .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذهب لقضاء حاجته يسير حتى لا يكاد يُرىابتعاداً عن أعين الناس، وهذا هو المقصود من قول المغيرة بن شعبة رضي الله عنه : « كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذهب المذهب أبعد » [27] ، ولذلك لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يرفع ثوبه إلا بعد الدنو من الأرض .


و آداب تمنع من تعلّق النجاسة بالثياب أوالجسم، وتسهم في الحماية من وسوسة الطهارةكالأمر بالتبوّل جلوساً كي لا تتلوث الملابس، و كان أغلب حال النبي صلى اللهعليه وسلم أن يقضي حاجته وهو جالس .

وجاء النهي عن مس الذكر باليد اليمنى حال قضاء الحاجة، أو استخدامها في إزالة الأذىصيانةً وإكراماً لها، لحديث : «إذا بال أحدكم فلا يأخذنّ ذكره بيمينه، ولا يستنجبيمين»[28] ، فإن الشريعة قد جعلت لليمين كل الأعمال الحميدة، وجعلت مباشرةالأذى والنجاسات باليد الأخرى .

و من كمال نظام الإسلام و تمام تناسقه وعظمة شموله أن الإسلام وضع آدابا للجماع و منها الجماع في القبل موضع الحرث قال تعالى : ﴿ نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ ﴾[29] أي : نساؤكم موضع زرع لكم, تضعون النطفة في أرحامهن, فَيَخْرج منها الأولاد بمشيئة الله, فجامعوهن في محل الجماع فقط, وهو القبل بأي كيفية شئتم, وقَدِّموا لأنفسكم أعمالا صالحة بمراعاة أوامر الله[30] .

و على المسلم أن يقدِّم بين يدي الجماع بالملاطفة والمداعبة والملاعبة والتقبيل، فقدكانالنبي
صلى الله عليه وسلم يلاعب أهله و يقبلها و المداعبات التى تتم قبل المعاشرة الزوجية مفيدة و هي أهم عملية تتم قبل الشروع بالوصال الجنسي إذ يوجد بعض الغددالتناسلية التى تفرز سائلأ مخاطيأ لزجا يساعد على إتمام اللقاء الجنسى بلاألم بترطيب مهبل الزوجة ، و لتحسين الرغبة الجنسية عند المرأة لابد من المداعبه قبل المباشرة .

و نهى الإسلام عن الجماع وقت الحيض فقد قال تعالى :﴿َيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾[31] و جماعه المرأة وقت الحيض يؤدي إلى اشتداد النزف الطمثي، لأن عروق الرحم تكون محتقنة وسهلة التمزق، وجدار المهبل سهل الخدش، وتصبح إمكانية حدوث الالتهابات كبيرةمما يؤدي إلى التهاب الرحم أيضاً أو يحدث التهاب في عضو الرجل بسبب الخدوش التيتحصل أثناء الانتصاب والاحتكاك، كما أن جماع الحائض يسبب اشتمئزازاً لدى الرجلوزوجه على السواء بسبب وجود الدم ورائحته، وبالتالي قد يؤثر على الزوج فيصاب بالبرود الجنسي و مقاومة المهبل لغزو البكتيريا تكون في أدنى مستواها أثناءالحيض، إذ يقل إفراز المهبل للحامض الذي يقتل الميكروبات، ويصبح الإفراز أقل حموضةإن لم يكن قلوي التفاعل، كما تقل المواد المطهرة الموجودة بالمهبل أثناء الحيض إلىأدنى مستوى لها،و جدار المهبل المكون من عدة طبقات من الخلايايرق أثناء الحيض، ويصبح رقيقاً ومكوناً من طبقة من الخلايا بدلاً من الطبقاتالعديدة التي نراها في أوقات الطهر، وخاصة في وسط الدورة الشهرية حيث يستعد الجسمبأكمله للقاء الزوج.
لهذا فإن إدخال القضيب إلى الفرج والمهبل في أثناء الحيضليس إلا إدخالاً للميكروبات في وقت لا تستطيع فيه أجهزة الدفاع أن تقاوم، كما أنوجود الدم في المهبل والرحم يساعد على نمو تلك الميكروبات وتكاثرها ..


و قد شرع الإسلام الصلاة خمس مرات و في ذلك تمرين على النظام فى الحياة العامة، بما فيها من ضبط لأوقات الصلاة وتنسيق لأداء أركانها ، وترتيب الإنسان لمواعيد نومه ، ويقظته واعماله الأخرى .

و الفرق شاسع بين نظم الإسلام و النظم الوضعية فنظم الإسلام مصدرها الله الخالق سبحانه وتعالى، علَّمَها البشر عن طريق الوحي الإلهي و الوحي لا يخطيء لأن صاحبه هو خالق البشر فشريعة الإسلام صالحة لكل زمانومكانأما النظم الوضعية فمصدرها الفكر البشري و هي عرضة للخطأ إذ ليست المصلحة هي كل ما يراه الناس مصلحة بل المصلحة ما رآها الشرع مصلحة فالإنسان قد يرى الشيء الضار نافعا ، ويرى النافع ضارا متأثرا بشهواته و تتطلعه للنفع العاجل اليسير دون النظر للضرر الآجل الجسيم و لذلك تعجز النظم الوضعية عن حل كثير من القضايا العصرية و المستجدات التي تحدث في المجتمع ، بل و يفاجأالواضعون لها بظهور أنواع من الخلل فيها ، و لذلك نجدها دائماً تتغير في كل بضعسنوات ، و شريعة الإسلام فيها من المرونة و الحيوية ما يجعلها دائماً صالحة لكل زمانو مكان .

و نظم الإسلام حكمت بها دول وشعوب مختلفة على مدى ثلاثة عشر قرنا ، فكان فيها لكل مشكلة حل ،حتى في عهد التقليد والجمود أما النظم الوضعية رغم أنها لم تطل في البلاد الإسلامية إلا قرنا ، ومعهذا فقد ضاقت بها النفوس ، ولم يبق متعلقا به إلا شرذمة ترى أن حياتها مرتبطة بحياتها، وسعة أرزاقها منوطة ببقائها . ولكن الله سيظهر دينه ولو كره المشركون .


و نظم الإسلامتربط دائما بين الجزاءالدنيوي والجزاء الأخروي . فليس معنى انفلات الشخص من الجزاء الدنيوي انفلاته منالجزاء الأخروي . ولذا رأينا المتدينين لايهمهم أن يكسبوا قضية أمام القضاء إلا إذا ارتاحت ضمائرهم أن هذا الحق الذي أثبتهلهم القضاء حق مشروع ، بينما المشتغلون بالفقه الوضعي لا يهمهم إلا الحكم لدنيويحتى ولو رفضه الشرع ، ولذا يتفننون في الحيل التي يكسبون بها هذا الحق الدنيوي فالقوانيين الوضعية عرضة للخرقة و التحايل بخلاف القوانيين و النظم الإلهية .


و نظم الإسلام تهتم بالجانب الجسدس والروحي معا بخلافالنظم الوضعية إذ النظم الوضعية لا تهتم بالجانب الروحي للإنسان ولا تعامله كآدمي لهروح، ولذلك لا نجد أي عناية للآداب والأخلاق والمكارم في هذهالقوانين.

و نظم الإسلام تهتم بالحقوق والواجبات التي على الإنسان لغيره مثل بر الوالدين وتربيةالأبناء وصلة الأرحام و النظم الوضعية لا تهتم بالحقوق والواجبات التي على الإنسان لغيره .

و من هنا نخلص أن الالتزام بالإسلام تمام الالتزام يجعل المسلم منظما في جميع جوانب حياته الدينية و الدنيوية بخلاف الالتزام بالقوانيين البشرية و الأعراف البشرية .

هذاو الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات





[1] - الأنعام الآية 162
[2]- من مقال الإسلام هو الحياة للدكتور . عبدالله بن محمد الطيار
[3]- القصص من الآية 77
[4]- تفسير المراغي 20/94
[5]- أيسر التفاسير لأبي بكر الجزائري 4/100
[6]- التفسير الواضح للحجازي 2/889
[7] - عاسف الزوجة يداعب أو يجامعزوجته
[8] - عالجنا الضيعات أي أصلحنا أموالنا كأن يباشر عمله أو وظيفته مثلا
[9] - رواه مسلم
[10]- من مقال الإسلام هو الحياة للدكتور . عبدالله بن محمد الطيار
[11] - التوبة من الآية 105
[12] - تفسير المنار 11/98
[13] - حديث حسن كما في صحيح الجامع الصغير للألباني حديث رقم 1880
[14] - رواه البخاري
[15] - رواه الترمذي وحسنه الألباني
[16] - المائدة من الآية 88
[17] - الفروق الأساسية بين النظام الاقتصادي الإسلامي والنظم الاقتصادية الوضعية للدكتور حسين شحاتة
[18] - حديث صحيح كما في صحيح الجامع الصغير للألباني حديث رقم 5546
[19] - حديث صحيح كما في صحيح الجامع الصغير للألباني حديث رقم 5041
[20]- الحجرات من الآية 10
[21] - من مقال خصائص وأهداف النظام الاجتماعي في الإسلام للدكتور عبد المحسن الصويِّغ شبكة الألوكة
[22] - الأعراف 54
[23]- الأحزاب من الآية 36
[24] - رَوَاهُ مُسْلِمٌ في صحيحه رقم 1955
[25] - يتخلَّى أي يقضي حاجته
[26] - رَوَاهُ مُسْلِمٌ في صحيحه
[27]- رواه النسائي في سننه
[28] - رواه البخاري
[29] - البقرة من الآية 223
[30] - التفسير الميسر
[31] - البقرة الآية 222

د.ربيع أحمد
02-25-2011, 03:51 AM
الرد على زعم الملاحدة أن الاعتقاد بوجود الله يجمّد مبدأ العلّية في دنيا الطبيعة ، ويلغي قوانينها







إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .

أما بعد :

فيزعم الملاحدة هداهم الله أن الاعتقاد بوجود الله و أنه مسبب الأسباب يجمّد مبدأ العلّية في دنيا الطبيعة ، و يلغي قوانينها ونواميسها التي يكتشفها العلم ، و يربط كلّ ظاهرة وكلّ وجود بالإله و يضع السبب المعقول لما يشاهده الإنسان من ظواهر الطبيعة وحوادثها ، ومحاولة لتبرير وجودها ، فتزول الحاجة إلي اكتشاف أسباب الظواهر الطبيعية .

و الجواب ليس مسألة الاعتقاد بوجود الله و أنه مسبب الأسباب مسألة أصابع تمتدّ من وراء الغيب ، فتقطر الماء في الفضاء تقطيراً ، أو تحجب الشمس عنّا ، أو تحول بيننا وبين القمر ، فيوجد بذلك المطر والكسوف والخسوف ، فإذا كشف العلم عن أسباب المطر وعوامل التبخير فيه ، وإذا كشف عن سبب الكسوف ، و الخسوف يخيّل لهؤلاء الملاحدة أنّ الإيمان بوجود الله لم يبقَ له موضوع ، وأنّ الأصابع الغيبية التي تحجب الشمس أو القمر عنّا ، عوَّض عنها العلم بالتعليلات الطبيعية ، وليس هذا إلاّ لسوء فهم الإيمان بالله ، وعدم تمييز لموضع السبب الإلهي من سلسلة الأسباب .



و الاعتقاد بوجود الله و أنه مسبب الأسباب لا يعني الاستغناء عن الأسباب الطبيعية ، أو التمرّد على شيء من حقائق العلم الصحيح ، وإنّما هو اعتقاد بأن الله هو المسبب لهذه الأسباب الطبيعية ، ويحتّم على تسلسل العلل والأسباب أن يتصاعد إلى قوّة فوق الطبيعة و فوق الكون. و بهذا يزول التعارض بينه وبين كلّ حقيقة علمية تماماً .
و العلم إنما يفسر كيف تحدث الظواهر الطبيعية و لكن لا يفسر لماذا تحدث هذه الظواهر و لا يفسر السر ورء حدوث هذه الظواهر ، والمؤمنون يؤمنون بأن كل الظواهر الكونية ترجع في النهاية إلى سبب خارج عنها فوق الكون و فوق الطبيعة ألا وهو الله سبحانه .
هذاو الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات



__________________

د.ربيع أحمد
02-25-2011, 04:04 AM
الرد على زعم اللادينيين بعدم الحاجة إلى تشريعات أخلاقية بدعوى أن إرادة الإنسان تغنيه عنها






إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .


أما بعد :

فيزعم اللادينيون بعدم الحاجة إلى تشريعات أخلاقية لأن الإنسان عنده إرادة حرة تدفعه إلى أن يقيم لنفسه في الحياة مثلاً عليا ، يطمح بها إلى تحقيق حياة خيرة ، تسير على هدى المعرفة والمحبة الإنسانية ، ومن شأن حرية الاختيار هذه أن تغني الإنسان عن البحث عن نظريات أخلاقية لا طائل وراءها .


و الجواب أن الناس قد ترى بهواها النافع ضارا والضار نافعا متأثرين بشهواتهم وتطلعهم للنفع العاجل اليسير دون التفات إلى الضرر الآجل الجسيم و لذلك حرية الاختيار لا تغني عن الحاجة إلى تشريعات أخلاقية .

و العقول متفاوتة فقد يكون الحسن عند أحدهم قبيح عند الآخر ، و القبيح عند أحدهم حسن عند الآخر و لذلك لو فعل كل شخص ما يراه من حسن لأدى ذلك إلى فوضى مما يدل أنحرية الاختيار لا تغني عن الحاجة إلى تشريعات أخلاقية تلزم الجميع .

و القوانيين البشرية عرضة لأن تخترق فلا سبيل لتهذيب البشر بالعلوم المادية الكسبية وحدها بل لابد من الإيمان بالغيب ليكون باعث على اتباع الحق وترك الظلم و إقامة العدل ففرق بين قانون بشري يمكن أن يخترقه الشخص سرا و بين قانون سماوي ، و شرع إلهي يعرف الإنسان أن هناك خالق بصير به سميع له رقيب عليه يراه في السر والعلن ،و هناك آخرة و جنة و نار فيعمل الإنسان الصالحات كي يدخل الجنة و يجتنب المعاصي كي لا يدخل النار و بهذا تهذب النفس ، ويصلح المجتمع ، وهذا يدل أنحرية الاختيار لا تغني عن الحاجة إلى تشريعات أخلاقية .

والمشهور أن أرقى البشر عقلا و رأيا في شئون العالم رجال السياسة الدولية في الغرب و إنك لتجد غاية سياستهم أن يسخروا ثروة شعوبهم ونتائج علومها و فنونها لعداوة بعضهم لبعض و إعدادها للتقتيل و التدمير [1] فهل صلحة البشرية بعقول البشر أم صلاح البشرية باتباع تعاليم خالق السماء والأرض فهو الذي يعلم ما يصلحها و ما يفسدها ،و صدق الله القائل في القرآن : ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾[2] .

هذاو الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات




[1] - الوحي المحمدي لمحمد رشيد رضا ص 45
[2] - الملك الآية 14 يتبع بإذن الله

د.ربيع أحمد
03-05-2011, 11:16 PM
الرد على زعم الملاحدة أن الطبيعة هي التي خلقت الإنسان





إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :

فيزعم الملاحدة أن الطبيعة هي من خلق الإنسان ، و أن الطبيعة خلقت خلية واحدة حيّة بالصدفة و تطورت هذه الخلية وتكاثرت عبر مليارات السنين لتصل إلى مرحلة الحيوان والإنسان و استدلوا على ذلك بأدلة لا علاقة لها بالتطور فضلا عن إثباتها صحة التطور و هي :
اختلاف الأعراق . إذا كان أصل البشر هو آدم، فكيف استطاع أولاده الهنود الحمر الوصول إلى القارة الأميركية ؟ ولادة أطفال مشوهين ، معاقين ، أو غير محددي الجنس . اجتياح طوفان زمن النبي نوح عليه السلام الأرض و يستحيل أن يضع نوح عليه السلام جميع الحيوانات و الطيور و الأفاعي فيها فإذا لم يكن على زمن النبي نوح هذا العدد الهائل من الحيوانات فهذا يدل على ظهور أنواع جديدة من الحيوانات بعد زمن النبي نوح مما يثبت صحة نظرية التطور . الإنسان البدائي كان يعيش في الأدغال ويتواصل بالإشارات والرموز والأصوات تماماً مثل الحيوانات وقبل إختراع الكلام واللغة، بينما الإنسان المعاصر يعيش في المباني الشاهقة ويركب الطائرات ويتواصل بملايين اللغات منها التواصل عبر الإنترنت مما يدل على تطور عقل الإنسان وعاداته وتقاليده وسلوكه عبر الزمن . وجود بعض الحيوانات الذكية مثل الدولفين والشيمبانزي، وحيوانات ناطقة مثل الببغاء، وحيوانات تملك أجسام و أعضاء مشابهة للإنسان مثل الشيمبانزي، وحيوانات تملك الحواس الخمسة للإنسان كالنظر واللمس والشم والسمع والتذوق، مما يدل على تقارب كبير بين الإنسان والحيوان . استطاع العلماء خلق خلية حية باستخدام مواد أولية طبيعية وتركيبها باستخدام الكمبيوتر وفعلاً بدأت هذه الخلية بالتكاثر إلى ملايين الخلايا مما حل معضلة خلق الكائنات الحية وأثبت العلماء إمكانية أن الطبيعة تستطيع أن تخلق خلية حيّة بالصدفة .

و الجواب أن قولهم دعوى بلا برهان و رجم بالغيب فهل شهدوا خلق الإنسان على الأرض حتى يتسنى لهم الحديث عن كيفية نشأته و هل شهدوا خلق الكائنات الحية على الأرض حتى يتسنى لهم الحديث عن كيفية نشأة الكائنات الحية على الأرض ، و لا يوجد أي دليل قاطع يحوي ظروف الأرض قديماً قبل الحياة فكلامهم مبني على ظنون و تخمينات .


و الحياة شيء غير مادي لا ترى و لا تحس و لا تشم و لا تتذوق و لا تسمع بل فقط نلاحظ آثارها من حركة للكائن الحي و تكاثر و تغذية و إخراج و نمو و غير ذلك فكيف يدعى أن بعض عناصر الطبيعة و هي شيء مادي كان سببا في نشأة الحياة و هي شيء غير مادي ؟!!!

و القائلون بأن الطبيعة هي التي خلقت الإنسان يفترضون أن مركبات عضوية قد تكونت مع الزمن من مركبات غير عضوية ، و كونت مراحل ما قبل حياتية ،و لأن بعض العلماء قاموا بتكوين سلسلة من جزيء الـ آر إن ايه rna تمكنت بنفسها من إعادة استنساخ ذاتها مما جعل البعض يزعم أن الـ آر إن ايه rna الاحتمال الافضل لبداية الحياة ., و أن جزيء rna آر إن آيه هو الذي قام بلعب دور نشط في الخلية الحية ، فكان بداية النسخ أو التكاثر الذاتي ، و أدى التكاثر الذاتي لجزيء آر إن آي rna إلى وجود اختلافات في الأجناس، و إن جزيء الـ دي إن آيه dna لم يظهر إلا بعد نشأة الحياة ، لأنه حتى يكون قادرا على التكاثر أو النسخ لا بد من وجود ميكنة خاصة تمكنه من ذلك.


و هذه الميكنة لا توجد إلا في الخلية الحية التي لا بد من وجودها قبل تكاثر أي كائن حي و لهذا جزيء دي إن آيه dna لا بد من أنه وجد مع نشأة الحياة، و مع نشأة الحياة خلقت الأجناس والأنواع ، و تأقلمت على الظروف البيئية المحيطة بها .

و افتراضهم أن جزيئات غير dna تكونت بالصدفة قامت بعملية التكاثر أو النسخ ، و أنتجت بواسطة الخيار الطبيعي جماعة من جنس ما ، أو نتيجة أخطاء عشوائية في النسخ أجناس أخرى لا يكفي أن يفسر مسيرة حياة منظمة و دورات حياة طبيعية لكل هذه التشكيلات العديدة و المختلفة من الكائنات الحية الموجودة على سطح الأرض التي يوجد منها حوالي 30 مليون جنس حي تقريبا .




و لا يوجد علاقة بين اختلاف الأعراق و بين التطور إذ اختلاف الأعراق إنما هو اختلاف الإنسان الواحد حسب اختلاف البيئة و المناخ ، و هو كاختلاف النبات الواحد و الحيوان الواحد حسب اختلاف البيئة و المناخ ، مع دخول جميع الأفراد تحت نوعية واحدة ،و ليس تطور نوع من نوع و تعدد الألوان في "بني آدم" لا يتعلق بالضرورة بأبنائه المباشرين بل قد يعنى سلالته التالية بعد تفرقها إلى أجناس عدة .

و المناخ له علاقة بتطور السمات الرئيسية بعد آلاف السنين من العزلة و عدم الاختلاط ؛ ففي أفريقيا مثلا تساعد الأنوف العريضة على تبريد و سحب أكبر قدر من الهواء الحار و الخفيف بطبعه أما الشعر المجعد فيعمل كعنصر (تكييف) يساعد على تغلغل الهواء و تبخر العرق و انطلاق الحرارة.. و في المقابل يعيش شعب الاسكيمو و سكان روسيا في ظروف باردة تجعل أجسادهم مكتنزة وقصيرة نسبيا للحد من فقد الحرارة.. كما تبدو وجوههم منتفخة وجفونهم ممتلئة بسبب غطاء شحمي يحمي الوجه والعينين من البرودة القارصة ... و هكذا...

و القول أن اختلاف الأعراق دليل على التطور كالقول أن الطين كما يمكن أن يُصنع منه الآجر و الخزف و الطوب، كذلك يمكن أن يُصنع منه الحديد و العاج و الماء .

و سؤال الملاحدة إذا كان أصل البشر هو آدم، فكيف استطاع أولاده الهنود الحمر الوصول إلى القارة الأميركية ؟ سؤال لا علاقة له بالتطور و ينم عن عدم معرفة بالعلوم الكونية فالأرض كانت موصولة فيما بينها وفصلت على مر الزمن بالمحيطات والبحار و مما يدل على ذلك تطابق حواف القارات شكلا كأنها مكملة لبعضها كأرض واحدة منبسطة منذ ملايين السنين و لذا التنقل بينها كان سهلا ،و لقد وجد العالم فاجنر أن هناك تطابقاً كاملاً تقريباً في حواف القارات الحالية وقد حاول تركيب القارات على بعضها بناءً على ما سبق وقد تطابقت أمريكا الجنوبية على أفريقيا مثلاً تطابقا ً كاملاً وفي نهاية الأمر حصل على قارة واحدة اسماها بنجايا وكان هذا قبل 200 مليون سنة ثم حصل بعد ذلك الانجراف القاري .

ووجد العلماء أن القارتين أمريكا الجنوبية و أفريقيا بعيدتان عن بعضهما و يوجد بينهما المحيط الأطلسي و مياه عميقة مالحة و أحفورة الحيوان الميزوسورس موجودة في أفريقيا وفي أمريكا الجنوبية و من المعروف أن هذا الحيوان يعيش في بيئة انتقالية ( أي يعيش في المياه الحلوة ) و هو زاحف لا يستطيع عبور مياه المحيط الأطلسي المالحة سباحة ولهذا فلا يوجد تفسير لوجوده و انتشاره في القارتين معاً إلا تفسير واحد وهو أن القارتان كانتا في السابق قارة واحدة متصلتان معاً ولم يكن يوجد بينهما المحيط ولا البحر وقد كان هذا قبل 200 مليون سنة ثم يعد ذلك انجراف قارة أفريقيا باتجاه الشرق وانجراف أمريكا الجنوبية باتجاه الغرب وتكون المحيط الأطلسي بينهما .
و قولهم أن ولادة أطفال مشوهين أو غير محددي الجنس تدل على تطور و تغير الصفات الوراثية و الجينية عبر الأجيال غير صحيح ، و لا علاقة بين ولادة أطفال مشوهين أو معاقين أو غير محددي الجنس بالتطور فولادة أطفال مشوهين ما هو إلا تشوه في بعض أفراد النوع الواحد ، و ليس تشوه بتحول بعض أفراد الإنسان إلى نوع آخر ، و تشوهات الجنين ليست فقط بسبب العوامل الوراثية فلها أسباب عديدة أخرى مثل : إصابة الطفل بالداء السكري ، و إدمان الأم الحامل للكحول أو التبغ ، و اختلاف فئات الدم بين الأب و الأم ، و الاضطرابات الصبغية و إصابة الحامل ببعض الأمراض المعدية كالحصبة الألمانية و التوكسوبلازما و تعرض الأم للأشعة السينية قبل الشهر السادس من الحمل و تناول الحامل بعض الأدوية .

و معنى قولنا أن مرض من الأمراض مرض وراثي أي مرض تنتقل صفاته من الأب أو الأم أو كليهما , عن طريق مورثات مصابة ( جينات مصابة ) بخللٍ ما بحيث يؤدي هذا الخلل الى حدوث تظاهرات المرض , و بعض الأمراض الوراثية التي تورث بصفة جسمية متنحية قد تغيب لأجيال , ثم تظهر عند زواج أم و أب حاملين للمورثات المسببة .

و قولهم أن الطوفان الذي حدث في زمن النبي نوح عليه السلام اجتاح كل الأرض غير مسلم ؛ لأن العذاب وقع على من كذب نوح عليه السلام فقط ، و ليس كل من عاصره ممن ليس من قومه قال تعالى : ﴿ فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِيْنَ مَعَهُ فِي الفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِيْنَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً عَمِيْنَ ﴾[1] ، و لاشك أن الطوفان الذي حدث عم منطقة كبيرة من الأرض بدليل أمر الله لنوح عليه السلام أن يحمل من كل زوجين اثنين من الحيوانات و أمره بصنع السفينة ، و ليس معنى هذا أن الطوفان عم جميع الأرض .

و نوح عليه السلام أرسل إلى قومه فقط و ليس إلى جميع الناس قال تعالى : ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴾[2] و الله لا يهلك قوماً لم يبعث فيهم رسولاً قال تعالى : ﴿ و َمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ﴾[3] ، ونوح عليه السلام جاء إلى قومه نذيراً ، لذلك لم يهلك الله الأقوام الأخرى التي لم يُبْعَثْ فيها نذير في زمن نوح عليه السلام .

و لا نسلم لهم أن نوحا عليه السلام وضع جميع الحيوانات و الطيور و الأفاعي في السفينة و عليه فلا دليل على ظهور أنواع جديدة من الحيوانات بعد زمن النبي نوح .

و قوله تعالى : ﴿ حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ ﴾[4] يدل أن الله أمر نوح عليه السلام أن يأخذ مما كان موجودا في المنطقة التي كان بها من كل زوجين اثنين و ليس المراد أن يأخذ زوجين اثنين من كل بقاع الأرض لاستحالة ذلك و لأن ذلك فوق طاقته فالآية مخصصة بالعقل كقوله تعالى : ﴿ ُتدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا ﴾[5] أي تدمِّر كل شيء تمر به مما أُرسلت بهلاكه بأمر ربها ومشيئته أو تدمر كل شيء قابل للتدمير مما أُرسلت بهلاكه ,و كقوله تعالى : ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾[6] أي خالق كل ما سواه و قوله تعالى :﴿ أُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ ﴾[7] أي أوتيت من كل شيء من أسباب الدنيا .

و التخصيص بالعقل وارد في القرآن و السنة ووارد في كلام البشر بعضهم لبعض كقول الأستاذ لتلميذه ذاكر كل شيء أي ذاكر كل شيء في منهجك الداراسي و مقررك الدراسي ، و كقول الأم لابنتها اعملي كل شيء أي اعملي كل شيء أمرتك بها .

و على التسليم باصطحاب نوح عليه السلام جميع الحيوانات من كل بقاع الأرض فلم يصطحب نوح عليه السلام سوى الكائنات البرية و الطيور التي لا تستطيع النجاة من الطوفان و لم يصطحب النباتات و الكائنات البحرية و التي تشكل قطاعا كبيرا من إجمالي الأنواع في العالم و كذلك لم يصطحب كل الكائنات المعروفة بقدرتها على النجاة من الطوفان مثل الحشرات و الديدان .

و الظاهر أن نوح عليه السلام اصطحب من كل زوجين اثنين من الكائنات التي بالبقعة من الأرض التي كان يسكنها قومه أما الكائنات التي توجد في بقاع أخرى من الأرض فلا ضرورة لحملها لعدم احتمال انقراضها بالطوفان .

و على التسليم بظهور أنواع جديدة من الحيوانات بعد زمن النبي نوح فهذا لا دليل فيه على التطور بل دليل على أن الله خلق كائنات جديدة لاستحالة إيجاد هذه الكائنات بدون موجد و استحالة أن تكون هذه الكائنات متولدة من كائنات ليست من نوعها ، و لم يشاهد أحد أن نوع من الكائنات نشأ من نوع بخلاف نوعه ، و المشاهد أن أي كائن حي ينشأ من كائن حي يماثله في النوع و القول بالتطور مخالف للحس و المشاهدة .

و لا دليل معتبر على أن الإنسان في الماضي بخلاف الإنسان الحالي و كل ما يقولونه من أن الإنسان في الماضي كان شبه عاري و كان لا يعرف الكتابة و كان و كان لا أثارة عليه من علم إن يتبعون إلا الظن الخالي من دليل يرجحه فهل شاهدوا الإنسان البدائي و هل كانوا معه و هل عاشروه و لو سلمنا جدلا بمشاهدتهم بعض الناس القدامى فهذا البعض ليس دليلا جازما أنه ينطبق على الكل .

و لو سلمنا جدلا بوجود إنسان في الماضي يخالف الإنسان الحالي في بعض الأمور فهذا لا يستلزم أن يكون الإنسان الحالي متطورا عن الإنسان في الماضي .

و التشابه بين الكائنات الحية لا دليل فيه على التطور إذ من البدهي أن التشابه في الأنواع المختلفة لا يقتضي النسب بينها، ولا يستلزمه عقلا و التشابه لا يستلزم أن يكون أحد المتشابهين أصلاً والآخر فرعاً. فلو كان إنسان يشبه إنساناً أو طير يشبه طيراً، فهل يدل ذلك على أن أحدهما أصل، والآخر فرع؟
و التشابه التشريحي لبعض الكائنات لا ينفي خروج كل نوع من بداية خاصة , وإنما يدل هذا التشابه التشريحي في الجميع على أن خالقها جميعا واحد و خروجها كلها من أب واحد ليس نتيجة محتمة لتشابهها التشريحي .

و هل وجود العجلة في الدراجة وفي السيارة وفي الطائرة وفي القطار وفي الحاصدة الزراعية وفي آلات وأجهزة أخرى كثيرة يدل على أن السيارة تطورت آليًّا من الدراجة ثم تطورت إلى الطائرة أو إلى القطار. ولكن يدل على أن هذه الماكينات كلها من تصميم الإنسان، أي يرجع إلى مصمم واحد هو الإنسان. والأبنية بمختلف أشكالها وأنواعها ووظائفها ترجع إلى وحدات أساسية في الأصل هي "الطوب" أو الخرسانة ولا يمكن لأحد الادعاء بأن بعضها تطور عن البعض الآخر استنادًا إلى تشابه لَبِنَات البناء .

و زعمهم أن العلماء استطاعوا خلق خلية حية زعم باطل فكل ما قام به العلماء هو تخليق ( و ليس خلق ) خليّة صناعيّة من خليّة حيّة فالعلماء لم يوجدوا شيئاً أصلاً ؛ لأنّ الخلية أصلاً حيّة و الحياة ليست بشيء مادي يمكن أن يخلق في المعمل و مازال العلماء غير قادرين على خلق الخلية نفسها، و الخلية هي الوعاء الذى تتم داخله جميع العمليات الحيوية ؛ لأنه لا يمكن وضع الجينوم الجديد فى طبق و انتظار أن يصنع خلية مخلقة .


و فكرة عمل الخلية المصنعة كالتالي :
انتقى فريق من العلماء - مكون من 19 عالما من جنسيات مختلفة برئاسة د فينتر - كائنا بكتيريا وحيد الخلية و هو المايكوبلازما، و انتزعوا تركيبة الحمض النووي الخاصة به خارجا، وتم حفظ ما تبقى من الخلية بكامل تكوينها الداخلي جانبا ثم ركبوا نسخة مطابقة للحمض النووي صناعيا، وأخيرا زراعوا هذا الحمض النووي المصنع داخل الخلية البكتيرية، حيث كانت النتيجة عودة الخلية البكتيرية إلى العمل والتناسخ بشكل طبيعي. ورغم بساطة الفكرة لكن تطبيقها استهلك ما يقارب 40 مليونا من الدولارات .

و الخلاصة أن الذي تم فى التجربة هو إدخال الجينوم الاصطناعى فى خلية جرثومة من نوع آخر بعد تفريغ محتواها الوراثى ، لتشكل بذلك مجرد وعاء استقبال للجينوم الاصطناعى ، المكون من نحو مليون زوج من القواعد الوراثية ،و هذه التجربة يمكن تشبيهها بزرع الأعضاء ولكنها لا تشابه خلق خلية إذ الخلية الجديدة ببساطة تحمل مادة وراثية صناعية، ولكن كل مكوناتها الأخرى نشأت من الخلية الأصلية الطبيعية .

و د. فنتر نفسه بعد انتقاد صياغة خبر هذا الإنجاز قال : لقد خلقنا أول خلية صناعية قطعا نحن لم نخلق حياة من العدم ؛ لأننا استخدمنا خلية طبيعية لتشغيل المادة الوراثية الصناعية .



و من هنا ندرك أن زعم الملاحدة أن الطبيعة هي التي خلقت الإنسان زعم باطل لا أثارة عليه من علم هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات




[1] - الأعراف الآية 64
[2] - هود الآية 25
[3] - الإسراء من الآية 15
[4] - هود الآية 40
[5] - الأحقاف الآية 25
[6] - الزمر الآية 62
[7] - النمل من الآية 23

د.ربيع أحمد
03-05-2011, 11:28 PM
الرد على زعم الملاحدة أن العلماء استطاعوا خلق خلية حية



إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :

فيزعم الملاحدة أن العلماء استطاعوا خلق خلية حية و هذا باطل فهم قد جهلوا أن الحياة شيء غير مادي لا ترى و لا تحس و لا تشم و لا تتذوق و لا تسمع بل فقط نلاحظ آثارها من حركة للكائن الحي و تكاثر و تغذية و إخراج و نمو و غير ذلك فكيف يدعون أن العلماء أستطاعوا صنع الحياة من مواد مادية ؟!!

و كل ما قام به العلماء هو تخليق ( و ليس خلق ) خليّة صناعيّة من خليّة حيّة فالعلماء لم يوجدوا شيئاً أصلاً ؛ لأنّ الخلية أصلاً حيّة و الحياة ليست بشيء مادي يمكن أن يخلق في المعمل و مازال العلماء غير قادرين على خلق الخلية نفسها، و الخلية هي الوعاء الذى تتم داخله جميع العمليات الحيوية ؛ لأنه لا يمكن وضع الجينوم الجديد فى طبق و انتظار أن يصنع خلية مخلقة .


و فكرة عمل الخلية المصنعة كالتالي :
انتقى فريق من العلماء - مكون من 19 عالما من جنسيات مختلفة برئاسة فينتر - كائنا بكتيريا وحيد الخلية و هو المايكوبلازما، و انتزعوا تركيبة الحمض النووي[1] الخاصة به خارجا، وتم حفظ ما تبقى من الخلية بكامل تكوينها الداخلي جانبا ثم ركبوا نسخة مطابقة للحمض النووي صناعيا، وأخيرا زراعوا هذا الحمض النووي المصنع داخل الخلية البكتيرية ، حيث كانت النتيجة عودة الخلية البكتيرية إلى العمل والتناسخ بشكل طبيعي. ورغم بساطة الفكرة لكن تطبيقها استهلك ما يقارب 40 مليونا من الدولارات .

والخلاصة أن الذي تم فى التجربة هو إدخال الجينوم الاصطناعى[2] فى خلية جرثومة من نوع آخر بعد تفريغ محتواها الوراثى ، لتشكل بذلك مجرد وعاء استقبال للجينوم الاصطناعى ، المكون من نحو مليون زوج من القواعد الوراثية ،و هذه التجربة يمكن تشبيهها بزرع الأعضاء ولكنها لا تشابه خلق خلية إذ الخلية الجديدة ببساطة تحمل مادة وراثية صناعية، ولكن كل مكوناتها الأخرى نشأت من الخلية الأصلية الطبيعية .

و د. فنتر نفسه بعد انتقاد صياغة خبر هذا الإنجاز قال : لقد خلقنا أول خلية صناعية قطعا نحن لم نخلق حياة من العدم ؛ لأننا استخدمنا خلية طبيعية لتشغيل المادة الوراثية الصناعية .



و من هنا يتبين أن زعم الملاحدة أن العلماء خلقوا خلية حية زعم غير صحيح ؛لأن ما فعله العلماء ليس خلقا ، إذ إن الخلق هو الإيجاد من العدم. والتجربة قائمة على محاكاة ونسخ تركيب داخلي في خلية ما زالت حية و ليس خلية ليس فيها حياة ، و عمل فنتر إنجاز كبير ، و لكنه ليس خلقا لحياة صناعية إذ خلق حياة صناعية يتطلب تصنيع خلية كاملة من مواد كيمائية و هذا مستحيل ؛ لأن الحياة ليست بشيء مادي يخلق من مواد مادية هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
.



[1] - الحمض النووي أي الحمض الريبوزي النووي المنزوع الأوكسجين , و هو مركب من سلسلة متارصة من الأحماض النووية المسماه النيوكليدات( (Nucleotides ، و كل نيوكليديت يتركب من ثلاث قطع :فسفات( Phosphate) و سكر ( Sugar ) و قاعدة نيتروجينية (Nitrogenous base) و هذه النيوكليدات تصطف جنبا الى جنب لتكون سلك طويل و مترابط و ذلك عن طريق رابطة فوسفاتية تربط السكر الذي قبلها بالسطر الذي بعدها و بالتحديد تربط الكربون رقم 5 في السكر الاول بالكربون رقم 3 في السكر الذي يليها و هكذا يستمر هذا الخيط الطويل من النيوكليدات. و ال دي ان ايه هو عبارة عن خيطين من تلك النيوكليدات متلاصقين و مجدولين كما تجدل ضفيرة الشعر و ذلك بشكل محكم و دقيق و يحافظ على ذلك النظام الروابط التي بين هذه المركبات خاصة الروابط الفسفورية و الروابط التي بين القواعد النيتروجينية.و لذلك فانه يطلق على ال دي ان ايه سلسلة ال دي ان ايه(DNA CHAIN ) كما هو شائع بين المختصين.و و يتواجد ال دي ان ايه أ في النواة بشكل رئيسي و قسم ضئيل منه في جزء من الخلية يسمى الميتوكوندريا , و كل خلية من خلايا الإنسان تحتوي على نفس الحمض النووي الريبي , و اختلاف ترتيب الأحماض النووية يعطي كل من الأحماض النووية الريبوزية ميزاتها الخاصة .

[2] - مصطلح جينوم genome هو مصطلح جديد في علم الوراثة يجمع بين جزئي كلمتين إنجليزيتين هما gen وهي الأحرف الثلاثة الأولى لكلمة gene التي تعني باللغة العربية المورث (الجين)، والجزء الثاني هو الأحرف الثلاثة الأخيرة من كلمة chromosome وهي ome وهي تعني باللغة العربية الصبغيات (الكروموزومات)،و الجينوم هو كامل المعلومات الوراثية المشفرة ضمن ال دي إن آيه DNA و أحيانا ضمن الـ آر إن آيه RNA كما في حالة الفيروسات و يحوي الجينوم مجموعة جينات أو ما يدعى أيضا بالمورثات إضافة لتسلسلات غير مكودة من الدنا نفسه و تم صياغة هذا المصطلح عام 1920 من قبل هانس وينكلر Hans Winkler بروفسور علم النبات في جامعة هامبورغ ، ألمانيا كدمج لكلمتي gene و chromosome .

د.ربيع أحمد
03-05-2011, 11:34 PM
الرد على زعم الملاحدة أن الحياة على الأرض نشأة صدفة




إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :

فيزعم الملاحدة أن الحياة نشأة على الأرض صدفة حيث الذرات التي لا حياة فيها و غير الواعية قد تجمعت مع بعضها البعض لتكوّن الخلية ، و من ثم و بطريقة ما شكلت الذرات أشياء حية أخرى ، بما فيها الإنسان و قد ظهرت الحية أولا في الماء ثم تدرجت منها إلي اليابس فالكائنات الحية الأولى أخذت غذاءها من البحار من ما يسمى الحساء البدائي التي يعتقد أن عناصر كيميائية كونتها ، و عندما استهلكت هذه الكائنات الأولية الطاقة نتج عن ذلك أزمة حقيقية في الطاقة ، مما أدى إلى ظهور كائنات حية جديدة أخذت طاقتها من الشمس وذلك قبل حوالي 4 بليون سنة تقريبا .

و الجواب أن قولهم دعوى بلا برهان و رجم بالغيب فهل شهدوا خلق الكائنات الحية على الأرض حتى يتسنى لهم الحديث عن كيفية نشأة الكائنات الحية على الأرض ،و لا يوجد أي دليل قاطع يحوي ظروف الأرض قديماً قبل الحياة ، و كلامهم مبني على ظنون و تخمينات .


و إذا استحال أن يتكون قصر في غاية الجمال صدفة فكيف بمئات القصور و القصر من الجمادات لا حياة فيه فكيف بالكائنات الحية في غاية الجمال و الروعة يقال أنها نشأة صدفة فإن استحال هذا الأمر في الجماد فيستحيل بالنسبة للكائن الحي من باب أولى .

و من صفات الحياة للكائنات الحية القدرة على الحركة و التكاثر و الحصول على الغذاء و النمو فهل تستطيع الصدفة أن تخلق الحركة في كائن لا حركة به ؟!! و هل تستطيع الصدفة أن تخلق القدرة على التكاثر في كائن لا يتكاثر ؟!! و هل تستطيع الصدفة أن تخلق القدرة على الغذاء في كائن لا يتغذى ؟!! و هل تستطيع الصدفة أن تخلق القدرة على النمو في كائن لا ينمو ؟!!

و القائلون بالصدفة يفترضون أن مركبات عضوية قد تكونت مع الزمن من مركبات غير عضوية ، و كونت مراحل ما قبل حياتية ،و لأن بعض العلماء قاموا بتكوين سلسلة من جزيء الـ آر إن ايه rna تمكنت بنفسها من إعادة استنساخ ذاتها مما جعل البعض يزعم أن الـ آر إن ايه rna الاحتمال الافضل لبداية الحياة ., و أن جزيء rna آر إن آيه هو الذي قام بلعب دور نشط في الخلية الحية ، فكان بداية النسخ أو التكاثر الذاتي ، و أدى التكاثر الذاتي لجزيء آر إن آي rna إلى وجود اختلافات في الأجناس، و إن جزيء الـ دي إن آيه dna لم يظهر إلا بعد نشأة الحياة ، لأنه حتى يكون قادرا على التكاثر أو النسخ لا بد من وجود ميكنة خاصة تمكنه من ذلك.

و هذه الميكنة لا توجد إلا في الخلية الحية التي لا بد من وجودها قبل تكاثر أي كائن حي و لهذا جزيء دي إن آيه dna لا بد من أنه وجد مع نشأة الحياة، و مع نشأة الحياة خلقت الأجناس والأنواع ، و تأقلمت على الظروف البيئية المحيطة بها .

و افتراضهم أن جزيئات غير dna تكونت بالصدفة قامت بعملية التكاثر أو النسخ ، و أنتجت بواسطة الخيار الطبيعي جماعة من جنس ما ، أو نتيجة أخطاء عشوائية في النسخ أجناس أخرى لا يكفي أن يفسر مسيرة حياة منظمة و دورات حياة طبيعية لكل هذه التشكيلات العديدة و المختلفة من الكائنات الحية الموجودة على سطح الأرض التي يوجد منها حوالي 30 مليون جنس حي تقريبا .
أضف إلى ذلك أن العلامة المميزة للمصادفة هي الفوضى وعدم الإطراد و عدم النظام بينما الذي يسود في الكائنات الحية نظام مطرد متنوع لا توجد فوضى فيه إذ لكل كائن حي نظامه الخاص و لكل كائن حي تكوينه الخاص و لكل كائن حي طريقة حصول على الغذاء خاصة و لكل كائن حي غذاء معين و لكل كائن حي طريقة تكاثر خاصة و لكل كائن حي طريقة نمو خاصة و لكل كائن حي طريقة إخراج خاصة و لكل كائن حي ظروف حياتية خاصة .

و على التسليم أن بلايين من السنين تكون كافية لإنتاج مركبات كيميائية قادرة على أن تكوَن أجسام فقرية أو أجسام حشرية ، غير أنه من المستحيل إنتاج أجسام حية من عناصر كيميائية لا حياة فيها ، حتى لو أنها كانت قادرة على مضاعفة نفسها ، غير أن هذه الأجسام غير قادرة على مضاعفة نفسها لأنها تنقصها الحياة .

أضف إلى ذلك أن جزيء ال دي إن آيه dna خارج الخلية الحية غير قادر على الحفاظ على مركبه الكيميائي، وخاصة تحت تأثير عوامل طبيعية قاسية كعوامل البرق والرعد والإشعاعات فوق البنفسجية (uv ) كالتي كانت تسيطر على الكرة الأرضية في ذلك الوقت الذي يفترض فيه نشأة الحياة .

و لا يمكن للعلماء البرهنة أن جزيء dna قد أوجد الحياة ، و جزيء dna لا يوجد إلا في خلية حية ولا يتكاثر إلا في خلية حية ، و الحياة شيء غير مادي لا ترى و لا تحس و لا تشم و لا تتذوق و لا تسمع بل فقط نلاحظ آثارها من حركة للكائن الحي و تكاثر و تغذية و إخراج و نمو و غير ذلك فكيف يدعى أن شيء مادي كان سببا في نشأة شيء غير مادي ؟!!!


و إذا كان شيء مادي لا حياة فيه أنشأ الحياة مصادفة كما يزعمون فكيف تخلق المصادفة كل نوع و أنثاه تخلق مثلا الحمار و أنثى الحمار و الرجل و أنثى الرجل و الكلب و أنثى الكلب ؟!!!!

و إذا كان شيء مادي لا حياة فيه أنشأ الحياة مصادفة كما يزعمون فكيف تخلق المصادفة كل هذه الحيوانات و النباتات على اختلافها و جمالها و روعتها كيف تخلق المصادفة النمور و الأسود و الحشرات و الورود و الطيور على أشكالها المعروفة و الحيتان و الخيول و شجر الموز والزيتون و الليمون و جميع الكائنات الحية الأخرى ؟!!!! .

و اعتقادهم أن الكائنات الحية الأولى التي تكونت بالصدفة كما يزعمون أخذت غذاءها من البحار من ما يسمى الحساء البدائي التي يعتقد أن عناصر كيميائية كونتها ، و عندما استهلكت هذه الكائنات الأولية الطاقة نتج عن ذلك أزمة حقيقية في الطاقة ، مما أدى إلى ظهور كائنات حية جديدة أخذت طاقتها من الشمس و ذلك قبل حوالي 4 بليون سنة تقريبا ، و هذا رجم بالغيب و قول بلا برهان صحيح ،و عمر الأرض كما قدره الفلكيون لا يربو على ثلاثة بلايين سنة ، بينما يُقدر علماء الحياة أن المدة اللازمة لتطور الأحياء على الأرض إلى حين عصور الحياة القديمة تزيد على سبعة بلايين سنة ، بمعنى أن عمر الأرض لا بد أن يكون عشرة بلايين سنة أي ضعف عمر الشمس ، و هذا باطل .


و زعمهم بأن الكائنات الحية جاءت من البحر و استقرت في اليابسة رجم بالغيب ، و لا يصح علميا إذ من المستحيل لكائن بحري أن يخرج من البحر ليعيش على اليابسة لأن الكائن لا يمكنه تغيير مواصفاته من تلقاء نفسه إلى كائن مختلف تماما بتغيير وزن جسمه ودرجة حرارته وطريقة جسمه في استخدام الماء و عملية الإخراج و التنفس و نظام الحياة بشكل عام .


و الكائنات الحية الوحيدة التي تستطيع نقل وتحويل الطاقة من شكل إلى آخر هي النباتات، فبواسطة التمثيل الضوئي تتحول أشعة الشمس إلى طاقة تنتقل إلى كل ما هو حي ، لهذا فإن النباتات مصدر الغذاء الأول لكل الكائنات الحية الأخرى ، حيث لا بد و أن يسبق وجود النباتات وجود أي كائن حي آخر ، وهذا مما يتنافى مع زعمهم أن الحياة تكونت في البحار و من عناصر كيميائية مجردة .

و بعض المعادن التي يرجع عمرها إلى حوالي 4 بليون سنة ، وهو الوقت الفرضي لظهور الحياة على الأرض ذكر الجولوجيون أن هذه المعادن تحتوي على بعض الأكاسيد مثل أكسيد الحديد و هذا معناه أن الغلاف الجوي للأرض في هذا الوقت كان يحتوي على نسبة كبيرة من الأكسجين و هذا يدمر جميع الفرضيات التي تقول أنّ الحياة أنشأت نفسها من مركبات غير حية ؛ لأن وجود الأوكسجين على الأرض قبل نشوء الحياة يمنع بصورة قطعية تكوين أي مركبات عضوية و يمنع وجود أي مركبات عضوية ففي وجود الأوكسجين يحدث للمركبات العضوية عملية أكسدة و بذلك تتكسر جميع المركبات العضوية .

و على التسليم بوجود مركبات عضوية في هذا الوقت فهذا لا يستلزم خلق الحياة وخلق الكائنات الحية فالحياة ليست مادة حتى تتكون من مادة .

و على التسليم بخلق خلية حية - رغم أن ذلك مستحيل - فهذا لا يفسر أن تقوم خلية حية بتكوين كل الأنسجة و الأعضاء المختلفة التي يتكون منها الكائن الحي مصادفة و من الذي يبرمج الخلايا على أن تقوم بأعمالها المتخصصة وتتحول إلى أعضاء وأنسجة ؟ و كيف تقوم خلية حية بخلق القدرة على الحصول على الغذاء و القدرة على الإخراج و القدرة التنفس في الكائن الحي من الذي خلق هذه القدرات في الكائن الحي ؟ ، و كيف تقوم خلية حية بخلق أنثى للكائن الحي الذكر من الذي خلق لكل ذكر أنثى تناسبه ؟!!

و على التسليم بخلق خلية حية فمن الذي حافظ على الخلية الحية حتى تكونت و من الذي أعد هذا الكون لها .

و الخلاصة أن الحياة لا يمكن أن تنشأ صدفة و على التسليم بنشأة الحياة صدفة فهذا لا يغني عن وجود خالق مدبر خلق الذكر و الأنثى خلق لكل كائن ما يناسبه خلق أعضاء الكائنات الحية خلق أنسجة الكائنات الحية خلق السمع خلق البصر خلق العقل .

هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

د.ربيع أحمد
03-05-2011, 11:59 PM
الرد على سؤال الملاحدة لما انقرضت بعض المخلوقات قبل ظهور الإنسان







إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :

فيتسائل الملاحدة هداهم الله إذا كان هذا الكون معد للإنسان و هذه المخلوقات معدة للإنسان فلما وجدت بعض المخلوقات و انقرضت .

و الجواب أن الله هو الخالق و الخالق يفعل في خلقه ما يشاء و لا يصح أن نقول لما لم يفعل الله كذا فالله عز وجل ﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾[1] و الخلق خلقه و الكون ملكه وَ بِيَدِهِ ملكوت كل شَيْء وَلَا شريك مَعَه فِي ملكه فلا يعترض أحد عليه بتصرفه في ملكه .

و الله حكيم في أفعاله فكل فعل يفعله له حكمة و الله لا يخلق شيئا عبثا حتى الذبابة يذل الله بها أنوف الجبابرة و كل أمر يأمر به له حكمة و كل نهي ينهي عنه له حكمة عرفناها أو لم نعرفها قال تعالى : ﴿ و َاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [2] و قال تعالى : ﴿ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴾[3] و قال تعالى : ﴿ و َإِنَّ اللّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾[4] .

و من حكم انقراض بعض الحيوانات أن يكون في انقراضها أمان لباقي الكائنات الحية فاقتضت حكمة الله أن تنقرض هذه الحيوانات حتى لا تضر غيرها من الكائنات الحية .

و من حكم انقراض بعض الحيوانات أن يكون في انقراضها عبرة للطغاة فرغم عظم هذه الحيوانات و ضخامتها و قوتها إلا أنها لم تصمد أمام مشيئة الله بانقراضها و رغم ضعف كائنات أخرى و صغرها إلا أنها بقيت لأن الله أراد لها البقاء .

و من حكم انقراض بعض الحيوانات انتفاع الإنسان بانقراضها كتكوين طبقة بترولية يستعمله الإنسان في أغراض كثيرة و البترول يعتبر مصدر هام للطاقة , و يدخل في العديد من الصناعات مثل الصناعات الكيماوية والأسمدة والمطاط والألياف الصناعية , و يكرر فنحصل على مشتقات عديدة مثل البنزين والمازوت والكيروسين و تدار به مصانع الأسلحة والمعدات الحربية .

هذه بعض الحكم من انقراض بعض الحيوانات قبل خلق الإنسان هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات







[1] - الأنبياء الآية 23
[2] - النساء من الآية 26
[3] - الأنعام الآية 18
[4] - العمران الآية 62

د.ربيع أحمد
03-15-2011, 05:47 PM
الرد على زعم بعض الملاحدة أن ميلاد النعجة دوللي أعظم من ميلاد المسيح





إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :

فيزعم بعض الملاحدة أن البشر استطاعوا خلق نعجة من غير أب ، و هذا أعظم من خلق المسيح عليه السلام عند المؤمنين و هذا الكلام ينم عن عدم معرفة بمعنى الاستنساخ في لغة العلم فالاستنساخ هو الحصول على عدد من النسخ طبق الأصل من نبات أو حيوان أو إنسان بدون حاجة إلى تلاقح خلايا جنسية ذكرية أو أنثوية باستخدام خلايا جسمية[1] , و هذا الكائن المتكون يكون مطابقا من حيث الجينات للحيوان المأخوذ منه الخلية الجسمية أو الاستنساخ هو استعمال لمواد خلقها الله بوجه مخالف لما سنه الله من اتخاذ الجماع بين الذكر و الأنثى طريقةً للتناسل البشريّ أو الحيواني أو الاستنساخ عبارة عن توليد كائن حي بنقل النواة من خلية جسدية إلى بييضة منزوعة النواة ، و من التعريف يتضح أن الاستنساخ ليس إخراج حي من ميت ، فضلاً أن يكون إحياء من عدم و أصل الخلق الإيجاد من العدم ،و إذا بنيت على موجود لا يقال خلقت .

و بالنسبة للنعجة دوللي فهي أول حيوان ثدي يتم استنساخه بنجاح من خلية جسمية. تم استنساخها في مؤسسة أدنبره Edinburgh في أسكتلندا ،و النعجة دولي ولدت عام 1996ميلاديا نفقت النعجة دولي التي اشتهرت بكونها أول حيوان ثديي يتم استنساخه من خلايا حيوان آخر بالغ , و قد أكد النبأ معهد الأبحاث الاسكتلندي الذي قام بعملية الاستنساخ .
وقد مرضت هذه النعجة و اتخذ المعهد قرار إنهاء حياة النعجة المريضة، التي بلغ عمرها ست سنوات، بأسلوب القتل الرحيم بعد أن أظهرت الفحوص البيطرية أنها مصابة بمرض صدري في حالة متدهورة ، و هذا المرض عادة ما يصيب النعاج المتقدمة في العمر، و بعدها بدأ جدال آخر حول كيفية قياس العمر الحقيقي للنعجة ، و مخاطر الإصابة بالشيخوخة المبكرة لدى الكائنات المستنسخة .

و عن استنساخ النعجة دوللي بإيجاز أنه تم أخذ خلية من ثدي شاة عمرها ست سنوات. ثم نزعت نواة هذه الخلية. ثم غرسوا هذه النواة في بييضة من شاة أخرى مفرغة من نواتها. وبعد ذلك زرعت هذه البييضة بالنواة الجديدة في رحم شاة ثالثة بعد أن مرت بعملية حضانة مخبرية .


و مما سبق يتضح أن استنساخ النعجة دوللي ليس خلقا جديدا ، و العالم الاسكتلندي لم يخلق خلية. ولكن هذا العالم وفريقه، عرفوا كيف يدخلون على الخلية عوامل من خلق الله وصنعه ، والاستنساخ ما هو إلا نقل الصفات و المميزات من مخلوق إلى آخر فهو عملية إنتاج نسخ مطابقة وراثياً للخلية أو المخلوق الأصلي و ما عملية الاستنساخ إلا صورة فوتوغرافية للأصل فهل نستطيع الحصول على هذه الصورة بدون الأصل ؟

أما ميلاد المسيح عليه السلام فلم يكن للمسيح أب و لم تكن ولادة المسيح بالاستنساخ بل كانت ولادة المسيح من غير تناسل أو استنساخ فقد نفخ جبريل عليه السلام في السيدة مريم - حين تمثل لها بشراً سوياً ليهب لها غلاماً زكياً - فوصل النفخ إلى فرجها فوقع الحمل بسبب ذلك، كما قال: ﴿ و َمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ﴾[2] أي : وضرب الله مثلا للذين آمنوا مريم بنت عمران التي حفظت فرجها, وصانته عن الزنى, فأمر الله تعالى جبريل عليه السلام أن ينفخ في جيب قميصها , فوصلت النفخة إلى رحمها, فحملت بعيسى عليه السلام [3] ، و قد أضاف الروح إِليه تعلى على جهة التشريف [4]

و قبل الختام نعقد مقارنة بسيطة بين ولادة المسيح عليه السلام وولادة النعجة دوللي التي تشدق بها بعض الملاحدة لنرى البون الشاسع بينهما إذ المسيح عليه السلام ولد من غير أب بأن نفخ الملك في السيدة مريم بينما النعجة دوللي ولدت من غير أب بالاستنساخ فما فعله العلماء ما هو إلا نسخ صورة طبق الأصل من الخلية الأم و لولا وجود هذه الخلية لما استطاع العلماء استنساخ هذه النعجة ، و المسيح عليه السلام عاش أكثر من ثلاثين عاما قويا فتيا ثم رفع إلى السماء أما النعجة دوللي فلم تعش إلا عدت سنوات ، و تم إعدامها لإصابتها بالعديد من الأمراض قبل أن يتم إعدامها و الكائنات المستنسخة تكون مصابة بالضعف و المرض في الغالب و من هنا يتضح أن ولادة السيد المسيح أعظم من ولادة النعجة دوللي التي تشدق بها هؤلاء الملاحدة لقلة علمهم و عظم جهلهم هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات








[1] - الجسم يحتوي على خلايا جسمية وجنسية الخلايا الجسمية لبناء الجسم أما الجنسية فهي إما حيوانات منوية عند الذكر أو بويضات عند الأنثى
[2] - التحريم الآية 12
[3] - التفسير الميسر
[4] - صفوة التفاسير 2/251

د.ربيع أحمد
03-15-2011, 06:40 PM
الرد على زعم الملاحدة بصحة نظرية التطور





إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :

فيزعم الملاحدة أن نظرية التطور هي التفسير العلمي الأمثل للحياة و أنها تبطل عقيدة الخلق عند المؤمنين و أخذوا يستدلون على دعواهم بأدلة أوهى من بيت العنكبوت فانخدع بها من لا يفقه في العلم و لا الدين شيئا و قد حان وقت بيان فساد هذه النظرية التي بنيت على أوهام .

و باديء ذي بدء نعلم القاريء أن نظرية التطور قامت على فرض باطل ، فنطرية التطور قامت على فرض أن الطبيعة خلقت خلية واحدة بالصدفة ،و هذه الخلية تطورت و تكاثرت عبر مليارات السنين لتصل إلى مرحلة الحيوان و الإنسان و هذا الفرض باطل إذ يستحيل خلق الحياة من مواد مادية لأن الحياة شيء غير مادي لا ترى و لا تحس و لا تشم و لا تتذوق و لا تسمع بل فقط نلاحظ آثارها من حركة للكائن الحي و تكاثر و تغذية و إخراج و نمو و غير ذلك فكيف يدعى أن بعض عناصر الطبيعة ، و هي شيء مادي كان سببا في نشأة الحياة ، و هي شيء غير مادي ؟!!! و ما بني على باطل فهو باطل فنظرية التطور باطلة .

و قد يستند دعاة التطور إلى تخليق العلماء خليّة صناعيّة من خليّة حيّة فتوهموا أن مادام العلماء قد قاموا بتخليق خليّة صناعيّة من خليّة حيّة فبإمكان الطبيعة خلق خلية حية و تتطور هذه الخلية و تتكاثر عبر مليارات السنين لتصل إلى مرحلة الحيوان والإنسان و الملاحدة قد جهلوا أن ما فعله العلماء ليس خلقا بل استخدام خلية طبيعية لتشغيل المادة الوراثية الصناعية ، و الذي تم فى تجربة العلماء هو إدخال المادة الوراثية الصناعية فى خلية جرثومة من نوع آخر بعد تفريغ محتواها الوراثى ، لتكون وعاء استقبال للمادة الوراثية الصناعية ،و هذه التجربة يمكن تشبيهها بزرع الأعضاء و لكنها لا تشابه خلق خلية إذ الخلية الجديدة ببساطة تحمل مادة وراثية صناعية ، و لكن كل مكوناتها الأخرى نشأت من الخلية الأصلية الطبيعية .

و قد جهل الملاحدة أن تخليق العلماء خليّة صناعيّة من خليّة حيّة دليل عليهم و ليس لهم فإذا كانت هذه التجربة استغرقت العديد من السنين و الذي أجرى التجربة العديد من العلماء في أرقى المعامل في العالم و تكلفت التجربة ملايين الدولارات و كل ما فعله العلماء فقط هو صنع مادة وراثية توضع بدل المادة الوراثية التي في الخلية فهل تستطيع الطبيعة غير العاقلة أن تنشيء مادة وراثية صناعية فضلا عن أن تنشيء خلية حية مع العلم أن ظروف الماضي ليست مثل ظروف الحاضر و تخليق المادة الوراثية العضوية يحتاج عدم وجود أكسجين و الغلاف الجوي في الماضي كان يحتوي على الأكسجين بدليل وجود بعض المواد المؤكسدة و المادة الوراثية كي يمكن وضعها في خلية حية تحتاج ترتيب الجينات بطريقة معينة و عدم عقل الطبيعة يستلزم عدم قدرتها على صنع هذا الترتيب ؟!!!

و استند دعاة التطور إلى علم الحفريات فقالوا مادام الحيوان الأرقى جاء و ظهر إلى الوجود بعد الحيوان الأدنى فهذا يدل أن الحيوان الأرقى تطور من الحيوان الأدنى ، و علم الحفريات على التسليم بصحة وثبات الترتيب الذي فيه لا دلالة فيه على التطور فلا تلازم بين ظهور الحيوان الأرقى بعد الحيوان الأدنى و بين تطور الحيوان الأرقى من الحيوان الأدنى و ظهور الحيوان الأرقى بعد الحيوان الأدنى دليل على ترتيب وجود هذه الكائنات فقط عند ملاءمة البيئة لوجودها على أي صورة كان هذا الوجود .

و ما استند إليه دعاة التطور دليل عليهم لا لهم فكون الإنسان أرقى الكائنات الحية وجد متأخرًا ، و الكائنات الأدنى كالنبات وجدت أولًا فهذا دليل على أن هناك قوة و إرادة نظمت و أعدت هذا الكون لهذا الإنسان فخلقت كل ما يحتاجه الإنسان ليحيي على هذه الأرض ثم بعد ذلك خلقت الإنسان ، و تستحيل أن تكون هذه القوة هي الطبيعة مما يؤيد عقيدة الخلق لا نظرية التطور .


و سجل الحفريات بالذات يحوى هزيمة ساحقة لنظرية التطور فلم يوجد في كل الحفريات التي اكتشفت أي أثر لأي كائنات انتقالية (أشكال وسيطة ) لا بد من توافرها لو كانت الكائنات الحية قد تطورت من طور إلى آخر من أنواع بسيطة إلى كائنات أكثر تعقيدا، كما تدعي نظرية التطور ، و لو كانت هذه الكائنات قد وُجدت في الحقيقة لكانت هناك الملايين منها .

إن سجل الحفريات يدل على أن الأنواع المختلفة وُجِدَت فجأة بتراكيب مختلفة تماما, و ظلت كما هي تماما على مدار الفترات الجيولوجية المختلفة و لم تتطور من أشكال بدائية إلى أشكال متقدمة كما تدعي نظرية التطور ، و هذا ما يعترف به ستيفنجاي جولد Stephen Jay Gould عالم الحفريات المؤيد للتطور في جامعة هارفارد في أواخر السبعينات: إن تاريخ معظم الحفريات يحتوي على صفتين لا تتماشيان مع التدرج في إيجاد الكائنات الحية :
الأولى هي الاتزان و الاستقرار, حيث لا تتغير طبيعة الكائنات طوال مدة بقائها على الأرض. فالكائنات الموجودة في سِجِلّ الحفريات تظهر و تختفي كما هي دون حدوث تغيرات عليها, و إن حدثت تغيرات فإنها تكون تغيرات طفيفة و في الشكل الخارجي و ليست باتجاه أي تطور .
الصفة الثانية هي الظهور المفاجئ, ففي أي منطقة لا تنشأ الأنواع الجديدة تدريجيا منحدرة من كائنات أخرى, و إنما تظهر فجأة و بتركيب مكتمل تماما .

وقال روبرتكارول Robert Carroll العالم المؤيد للدارونية في سنة 1997 قال : ( إن معظم المجموعات الكبيرة من الكائنات تنشأ و تتنوع في مدة جيولوجية قصيرة جدا , و بعد ذلك تستقر على ما هي عليه بدون أي تغير كبير شكليّ أو غذائي يعني في نمط الحياة . (


و زعم دعاة التطور أن تطور الحصان قد أثبتته آثار الحفريات فمنذ عشرات السنين وصف تطور الحصان على أنه من الدلائل الأكثر إبرازا لنظرية التطور. ثدييات ذوات أربع قوائم قد عاشت في عصور مختلفة، تصف صفا واحدا من الأصغر إلى الأكبر. و"سلالة الحصان" هذه معروضة في متاحف العلوم الطبيعية. ولكن البحث العلمي قد بين هذه السنين الأخيرة أن المخلوقات المذكورة في هذه السلالة ليست بعضها لبعض وأن الترتيب هذا مغلوط جدا وأن هذه المخلوقات المذكورة على أنها أسلاف للحصان قد ظهرت في الحقيقة بعد الحصان[1] .




و إن قالوا عدم اكتمال السجل الأحفوري لا ينقض نظرية التطور وإن كان اكتماله قد يدعمها فالجواب أن نظرية التطور منقوضة من حيث الأصل فقد قامت على أدلة باطلة و اكتمال سجل الحفريات لا يثبتها لأن غاية ما سوف يقدمه ظهور كائن أرقى بعد كائن أدنى و ليس نشوء كائن أرقى من كائن أدنى و شتان بينهما .

و هذه الكائنات الانتقالية ( الحلقات المفقودة ) لا تظهر في سجل الحفريات و عدم وجودها رغم أن وجودها المفترض أن يكون بالملايين و وجود الكائنات الأسبق لها وعدم وجودها لدليل واضح على عدم وجودها أصلا لكن الملاحدة ينكرون الأمور الواضحة لشبه أوهي من بيت العنكبوت .

إنّ الحلقات المفقودة ناقصة بين طبقات الأحياء، وليست بالناقصة بين الإنسان وما دونه فقط ، فلا توجد حلقات بين الحيوانات الأولية ذات الخلية الوحيدة والحيوانات ذوات الخلايا المتعددة، ولا بين الحيوانات الرخوية وبين الحيوانات المفصلية ، و لا بين الحيوانات اللافقرية و بين الأسماك و الحيوانات البرمائية ، و لا بين الأخير و بين الزحافات و الطيور .

و من أحدث الأدلة الحفرية التي ساهمت في نسف نظرية التطور بشأن أصل الإنسان حفرية ساحلنثروباس تشادينسيز Sahelanthropus tchadensisالتي اكتشفت في التشاد بوسط إفريقيا في صيف 2002 ميلاديا إذ هذه الحفرية عمرها 7 ملايين سنة، و لها بنية تشبه بنية الإنسان أكثر من بنية قردة الأوسترالوبثيكوس Australopithecus التي يبلغ عمرها 5 ملايين سنة و التي يُزعم دعاة التطور أنها أقدم سلف للبشرية .

إن دعاة التطور يعتمدون على بعض الحفريات و يدعون أنها حلقات انتقالية بين الإنسان و القرد و هذا لا يصح إذ كيف يعتمد على البقايا الصلبة من الجسم لتشييد و تشكيل الجسم الأصلي دون مشاهدة الجسم الأصلى نفسه ، و إذا أعطينا جمجمة واحدة وقدمناها لعدة باحثين لا يرى بعضهم بعضاً، فإن تصورهم لتشكيل وتغليف الجمجمة سيختلف حتماً الواحد عن الآخر و قد كان الشكل النظري المقترح لسمكة السيلاكانت بعيد كل البعد عن حقيقة أمرها و يستحيل معرفة أن للكنغر كيس بطني فقط من خلال هيكله العظمي، وأن المشاهدة المباشرة هي الوحيدة الكفيلة بإعطاء معالم الجسم التامة، فالهيكل العظمي للكنغر يشابه الهيكل عند الديناصور أو الكومودو .

و كان Dart أول من اكتشف ما أطلق عليه اسم Australopithecus أسترالوبيثكس سنة 1924 وأشار إلى عدة أوجه شبه لهذه الجمجمة مع هيئة وقسمات القرود، وسجل في الوقت نفسه اعتقاده أن أسنان هذه الجمجمة تشبه أسنان الإنسان، كان حجم الدماغ يبلغ ثلث حجم دماغ الإنسان المعاصر، أما طول هذا المخلوق فقد يبلغ 4 أقدام فقط.

وقد قام Rchard leaky بنشر مقالة تشير إلى أن Australopithecus لم يكن سوى قرداً بأيد طويلة وأرجل قصيرة مشابهة للقرود الإفريقية: أي أن هذا المخلوق لم يكن سوى قرداً كبيراً Ape.

و بالنسبة لإنسان (جاوا) فقد استدل عليه عند العثور على عظمة فخذ مع قحف وثلاثة أضراس، وقد اكتشفت هذه العظام ضمن مسافة 50 قدم وفي فترة امتداد سنة كاملة، وقد كتم Dr.Dobois لمدة ثلاثين عاماً حقيقة هامة وهي أنه وجد بالقرب من هذه العظام وفي نفس المستوى من الطبقة الأرضية جماجم بشرية عادية، وقبيل وفاته أعلن عن الحقيقة وقرر أن إنسان (جاوا) ربما كان قرد Gibbon وليس مخلوقاً شبيهاً للإنسان على الإطلاق.

أما ما يسمى (بإنسان بيكن) فيعتبره العلماء الأنتروبولوجيون البارزون أنه لم يكن إلا قرداً ضخما .

و قد زعم دعاة التطور أن الأركيوبتيريكس Archéoptéryx هو السلسلة المفقودة بين الزواحف والطيور
فمنذ القرن التاسع عشر، اعتبرت بقايا طير يعود تاريخه إلى 150 مليون سنة والمعروف باسم أركيوبتيريكس Archéoptéryx على أنه "المستحث ( الحفرية ) الأقوى دليلا على نظرية التطور" وهذا المستحث على حسب هذا الزعم يملك خصائص الزواحف مما يجعله "الرابطة المفقودة" بين الزواحف والطيور. ولكن يفند هذا القول اكتشافات حديثة تبين أن الأركيوبتريكسArchéoptéryx قد كان طائرا يطير تماما، وكذلك ما يزعمونه كزواحف أسلاف للطيور وهم الديناصوراتذوات الأقدام théropodes قد وجدوا أحدث من الأركيوبتيريكسArchéoptéryx على حسب تواريخ ظهورهم في سجل المستحثات، الأمر الذي يريد القائلون بنظرية التطور إخفاءه. [2]



و نظرية التطور تفترض أن الحياة قد نشأت عن سلف واحد مشترك ، و من ثم إتخذت كل أشكالها المتنوعة من خلال سلسلة من التغييرات الطفيفة ، و عليه فالمفترض أن تكون الحياة قد نشأت أولا في أشكال متشابهة و بسيطة للغاية وفقا لنظرية التطور ، لا بد أن تكون الإختلافات بين الكائنات الحية و التعقيدات المتزايدة فيها قد حدثت بالتوازي مع مرور الوقت كأن الكائنات الحية مثل الشجرة لها جذر مشترك يتفرع إلى فروع مختلفة .

و قد كانت الكائنات الحية شديدة الإختلاف و التعقيد منذ اللحظة الأولى لنشأتها إذ ظهرت كل شعب الكائنات الحية في نفس الوقت في منتصف العصر الكمبري و قبل ذلك لم يكن هناك أي أثر في سجل الحفريات لأي شيء باستثناء الكائنات وحيدة الخلية و بضع كائنات بدائية للغاية من متعددات الخلايا ، و من ثم نشأت كل الشعب الحيوانية في أكمل شكل ، و على نحو فجائي خلال فترة زمنية قصيرة للغاية تعرف بالانفجار الكمبري ، و هذا النشوء المفاجئ للكائنات الحية الشديدة الاختلاف و هي في أكمل شكل إنما يعني الخلق لا التطور المزعوم .

و التشابه بين الكائنات الحية لا دليل فيه على التطور إذ من البدهي أن التشابه في الأنواع المختلفة لا يقتضي النسب بينها، ولا يستلزمه عقلا و التشابه لا يستلزم أن يكون أحد المتشابهين أصلاً والآخر فرعاً. فلو كان إنسان يشبه إنساناً أو طير يشبه طيراً، فهل يدل ذلك على أن أحدهما أصل ، و الآخر فرع ؟ و التشابه التشريحي لبعض الكائنات لا ينفي خروج كل نوع من بداية خاصة , و إنما يدل هذا التشابه التشريحي في الجميع على أن خالقها جميعا واحد و خروجها كلها من أب واحد ليس نتيجة محتمة لتشابهها التشريحي .

و هل وجود العجلة في الدراجة وفي السيارة وفي الطائرة وفي القطار وفي الحاصدة الزراعية وفي آلات وأجهزة أخرى كثيرة يدل على أن السيارة تطورت آليًّا من الدراجة ثم تطورت إلى الطائرة أو إلى القطار. ولكن يدل على أن هذه الماكينات كلها من تصميم الإنسان، أي يرجع إلى مصمم واحد هو الإنسان. والأبنية بمختلف أشكالها وأنواعها ووظائفها ترجع إلى وحدات أساسية في الأصل هي "الطوب" أو الخرسانة ولا يمكن لأحد الأدعاء بأن بعضها تطور عن البعض الآخر استنادًا إلى تشابه لَبِنَات البناء .

ووجود التشابهات بين مختلف أنواع الكائنات الحية يدل على مصمم مشترك، لا أصل مشترك. فلو نظرنا مثلا للغواصة و الطائرة البرمائية و طائرة الركاب .. كل هذه الوسائط تمتلك عناصر مشتركة من محركات و ما شابه .. لكننا لن نستنتج أبدا من ذلك، أن للوسائط الثلاثة أصلا مشتركا .

و ما يدعيه حماة التطور من أن التماثل في الجزيئات (Molecular Homology) دليل على صحة نظريتهم هو زعم باطل لا على مستوى الأعضاء فحسب، ولكن على مستوى الجزيئات أيضا. فهم يقولون إن شفرات الـ DNA أو بِنى وتراكيب البروتين لدى مختلف أجناس الكائنات الحية متماثلة، وإن هذا التماثل دليل على أنها قد ارتقت من جدود مشتركة عُليا أو ارتقت من بعضها البعچ. فعلى سبيل المثال، كثيراً ما تنشر وسائل إعلامهم ما يلي: يوجد تشابه كبير بين شفرة الـ DNA الخاصة بالإنسان وشفرة الـ DNA الخاصة بالقردة، ويتم تقديم هذا التشابه بوصفه دليلاً على ما يزعمونه من وجود علاقة ارتقاء بين الإنسان والقردة.
وأكثر الأمثلة الفجة لهذا النمط من الجدل يتعلق بوجود ستة و أربعين كرموزوماً لدى الإنسان وثمانية و أربعين كرموزوماً لدى بعچ أنواع القرود مثل الشمبانزي . و يعتبِر دعاة التطور أن التقارب في عدد الكرموزومات بين الأجناپ المختلفة دليل على علاقة ارتقائية. ولكن إذا صح هذا المنطق، فإن هناك مَن هو أكثر قرباً للإنسان من القردة: وهو البطاطا! ذلك أن عدد كرموزومات البطاطا أقرب إلى عددها في الإنسان من الشمبانزي والغوريلا؛ فهو ستة وأربعون! وبعبارة أخرى، فإن لكل من الإنسان والبطاطا نفچ عدد الكرموزومات. وهذا مثال صارخ (وإن كان مضحكاً) يبين أن التشابه في شفرات الـ DNA لا يمكن أن يعتبر دليلاً على علاقة ارتقائية [3].

و لا دليل معتبر على أن الإنسان في الماضي بخلاف الإنسان الحالي كما يدعي بعض دعاة التطور و كل ما يقولونه من أن الإنسان في الماضي كان شبه عاري و كان لا يعرف الكتابة و كان و كان لا أثارة عليه من علم إن يتبعون إلا الظن الخالي من دليل يرجحه فهل شاهدوا الإنسان البدائي و هل كانوا معه و هل عاشروه و لو سلمنا جدلا بمشاهدتهم بعض الناس القدامى فهذا البعض ليس دليلا جازما أنه ينطبق على الكل .

و لو سلمنا جدلا بوجود إنسان في الماضي يخالف الإنسان الحالي في بعض الأمور فهذا لا يستلزم أن يكون الإنسان الحالي متطورا عن الإنسان في الماضي .

و يستدل دعاة التطور بوجود أجناس بشريّة مختلفة فيقولون إذا كان أصل البشر هو آدم فكيف وجدت هذه الأجناس ؟ و سؤالهم لا علاقة له بالتطور ، و اختلاف الأجناس إنما هو اختلاف الإنسان الواحد حسب اختلاف البيئة و المناخ ، و هو كاختلاف النبات الواحد و الحيوان الواحد حسب اختلاف البيئة و المناخ ، مع دخول جميع الأفراد تحت نوعية واحدة ،و ليس تطور نوع من نوع و تعدد الألوان في "بني آدم" لا يتعلق بالضرورة بأبنائه المباشرين بل قد يعنى سلالته التالية بعد تفرقها إلى أجناس عدة .

و المناخ له علاقة بتطور السمات الرئيسية بعد آلاف السنين من العزلة و عدم الاختلاط ؛ ففي أفريقيا مثلا تساعد الأنوف العريضة على تبريد و سحب أكبر قدر من الهواء الحار و الخفيف بطبعه أما الشعر المجعد فيعمل كعنصر (تكييف) يساعد على تغلغل الهواء و تبخر العرق و انطلاق الحرارة.. و في المقابل يعيش شعب الاسكيمو و سكان روسيا في ظروف باردة تجعل أجسادهم مكتنزة وقصيرة نسبيا للحد من فقد الحرارة.. كما تبدو وجوههم منتفخة وجفونهم ممتلئة بسبب غطاء شحمي يحمي الوجه والعينين من البرودة القارصة ... و هكذا...
و القول أن اختلاف الأجناس دليل على التطور كالقول أن الطين كما يمكن أن يُصنع منه الآجر و الخزف و الطوب، كذلك يمكن أن يُصنع منه الحديد و العاج و الماء .
و يستدل دعاة التطور بولادة أطفال مشوهين أو غير محددي الجنس ، و لا علاقة بين ولادة أطفال مشوهين أو معاقين أو غير محددي الجنس بالتطور فولادة أطفال مشوهين ما هو إلا تشوه في بعض أفراد النوع الواحد ، و ليس تشوه بتحول بعض أفراد الإنسان إلى نوع آخر ، و تشوهات الجنين ليست فقط بسبب العوامل الوراثية فلها أسباب عديدة أخرى مثل : إصابة الطفل بالداء السكري ، و إدمان الأم الحامل للكحول أو التبغ ، و اختلاف فئات الدم بين الأب و الأم ، و الاضطرابات الصبغية و إصابة الحامل ببعض الأمراض المعدية كالحصبة الألمانية و التوكسوبلازما و تعرض الأم للأشعة السينية قبل الشهر السادس من الحمل و تناول الحامل بعض الأدوية .

و معنى قولنا أن مرض من الأمراض مرض وراثي أي مرض تنتقل صفاته من الأب أو الأم أو كليهما , عن طريق مورثات مصابة ( جينات مصابة ) بخللٍ ما بحيث يؤدي هذا الخلل الى حدوث تظاهرات المرض , و بعض الأمراض الوراثية التي تورث بصفة جسمية متنحية قد تغيب لأجيال , ثم تظهر عند زواج أم و أب حاملين للمورثات المسببة .

و يستدل دعاة التطور بالانتخاب الطبيعي أو البقاء للأصلح ، و هو على قولهم عبارة عن قيام عوامل الفناء بإهلاك الكائنات الضعيفة الهزيلة ، و الإبقاء على الكائنات القوية ، فيبقى الكائن القوي السليم الذي يورث صفاته القوية لذريته، و تنقرض الأحياء الضعيفة التي لا تستطيع أن تواجه ظروف البيئة و عدم توارث صفاتها و الأحياء ذات الصفات الملائمة لظروف البيئة تبقى و تزدهر و تورث صفاتها لأجيالها و استمرار الانتخاب الطبيعي فتنشأ أنواع مختلفة عن الأنواع القديمة تمتاز بقدرتها الكبيرة على التكيف و الملاءمة لظروف البيئة المتغيرة أي يبقى في صراع الحياة أصلح الأفراد فالبقاء للأصلح و استدلال دعاة التطوربالانتخاب الطبيعي غير كاف لزوال الأنواع و لا
يعم كل الكائنات و لو تغذى حيوان مفترس على حيوان يؤدي ذلك إلى قلة الحيوان لا انقراض هذا الحيوان ؛ لأن الحيوان المفترس سيبحث على نوع آخر من الحيوانات مما يتيح للنوع الأول فرصة للتكاثر و العودة إلى الوضع الطبيعي فيما يسمى بالتوازن الحيوي .

و لو كان البقاء للأصلح ، فلماذا بقيت النباتات والحيوانات البدائية؟ ولماذا بقيت القرود؟ ولِمَ لم تبدّل إلى الأفضل؟و لماذا نرى غير الأصلح يسطو على الأصلح فنجد الأسد يفترس الإنسان ، و نجد الحيوانات السامة كالعقرب والحية تلدغ الإنسان أو الحيوان الأفضل فتقتله ؟ و نجد الميكروبات تفتك بالإنسان الذي هو أصلح و تفتك بالحيوانات النافعة و التي هي أصلح منها ؟

و تنازع البقاء لا يفسر الاختفاء الفجائي للزواحف الضخمة التي سادت في العصر الترياسي في حقب الحياة الوسطى و بقاء الخنفساء والنمل والبراغيث وما أشبهها فالواقع الذي نشاهده يتنافى مع ما دعواهم بالبقاء للأصلح فالأرض على مر العصور تعج بالأصلح وغير الصالح من شتى أصناف الحيوانات .

و لو سلمنا جدلا أنّ الظروف الطبيعية و الانتخاب الطبيعي ؛ قد طورت قرداً إلى رجل – مثلاً – فإنّا لن نسلم أبداً بأن هذه الظروف قد قرّرت أيضاً أن تكون امرأة لذلك الرجل ، ليستمرا في التناسل و البقاء مع الموازنة بينهما لأن ذلك الرجل – مثلاً – الذي تطور إلى قرد سيموت ولن يكون له نسل لأنه لا يمكن أن يتزوج قردة، ولو تزوج قردة لما أنجبت له و هكذا يموت ولا يبقى و الألفة بين الذكور والإناث تنقص بقدر التباعد والاختلاف بينهما في الشكل .

و إذا كان التطور يتجه دائماً نحو الأصلح، فلماذا لا نجد القوى العاقلة في كثير من الحيوانات أكثر تطوراً وارتقاءً من غيرها، ما دام هذا الارتقاء ذا فائدة لمجموعها ؟ ولماذا لم تكتسب القردة العليا من القوى العاقلة بمقدار ما اكتسبه الإنسان مثلاً ؟ فالحمار منذ أن عرف إلى الآن ما زال حماراً .

و من المستحيل تصور أي عملية تطورية تؤدي إلى تكاثر جنسي. فالأجهزة التناسلية للذكر و الأنثى، لابد أن تتطور في نفس التوقيت و نفس المكان، في كل مرحلة من مراحل التطور. و لابد لملايين العمليات الكيميائية و الميكانيكية، بالإضافة إلى الخصائص الفيزيائية و السلوكية لدى الطرفين، أن تتطور في كل مرحلة بما يلائم الطرف الآخر لذا نرى أنه حتى أكبر أنصار التطور قد اعترفوا بعجزهم عن تفسير الكيفية التى حدث بها ذلك.


و على التسليم بالإنتخاب الطبيعي الذي يكون به الميل في التناسل بين الأفراد القوية مما يسبب اندثار الأفراد الضعاف و بقاء الأقوى فهذا ليس بدليل على حدوث تطور في النوع ، بل يُفهم منه بقاء النوع الأقوى من نفس النوع و اندثار النوع الضعيف .

وقد حاول بعض علماء الأجنة مجاراة نظرية التطور فزعموا أن جنين الإنسان مزود بفتحات خياشيمية زائدة و أنها تمثل مرحلة تطور الإنسان من الحيوانات المائية مثل الأسماك ـ إلا أنه أخيرًا في عام 1959م استطاع العالم 'راندل شورت' Rendle short الذي قضى حياته في دراسة تشريح جسم الإنسان ـ أن يثبت خطأ هذا التفسير وأثبت أن ما يسمى بفتحات خياشيمية ليست زائدة بل هي عبارة عن ثنيات في الأنسجة لازمة لتثبيت الأوعية الدموية في جنين الإنسان، وقد كان هذا التفنيد قاطعًا حتى إن 'جوليان هاكسلي' في كتابه عن التطور في صورته الجديدة قد اضطر للتسليم بما أثبته عالم التشريح 'راندل شورت' .

و من المعروف الآن أن ما كان يُعتقد أنه خياشيم تظهر في المراحل الأولى من تكون الجنين البشري ليس في الحقيقة سوى المراحل الأولية لتكون قناة الأذن الوسطى والغدة الجاردرقية وغدة التيموپ، كما اتضح أن ذلك الجزء من الجنين الذي كان يشبه كيچ المح هو كيس يُنتج ما يحتاجه الجنين من الدم، أما الجزء الذي أطلق عليه هيكل وأتباعه اسم الذيل فهو في الحقيقة العمود الفقري في الإنسان، الذي يبدو كالذيل لا لشيء إلا لأن تكوينه يسبق تكوين الساقين[4] .

و إرنست هيكل الذي زعم أن نمو الجنين في الرحم يمثل عملية تطورية ، قد تعمد تزوير رسوماته ليصل إلى هذا الاستنتاج المزيف و قد اعترف هيكل بذلك بعد انتقاد علماء الأجنة له ، و قال فى أحد المجلات الألمانية :( لست وحدى , فمئات من علماء الحيوان قد ارتكبوا نفس الخطيئة ) ،و على الرغم من ذلك لم تزل مراجع الأحياء تستخدم نفس الرسومات .


و بعض دعاة التطور قدم الطفرة[5] كآلية للتطور و قال دي فريز أن الطفرة سبب حدوث تغيرات كبيرة خلال العصور الجولوجية بين أفراد قليلة حيث تمكنت من البقاء و إنتاج النوع الجديد و مثال لذلك تراكم الطفرات في الزراف العادي على مر الأجيال و ظهرت أفراد من الزراف طويلة العنق فاستطاعت الوصول إلى أوراق الأشجار العالية و تمكنت من التناسل و البقاء بينما هلكت الزراف العادية قصيرة العنق بسبب الجوع فانقرضت و نظرية الطفرة لا تفسر التنوع الكبير في الأحياء و معنى جعلهم الطفرة آلية للتطور أنه قد حدث بلايين الطفرات و هذا لادليل عليه علميا و معظم الطفرات ضارة و القليل منها نافع فعملية التطفر دائما عملية هدم و ليست عملية بناء و معظم الطفرات متنحية و النادر منها هو السائد ،و لم يحدث من قبل أن قام العلماء بتسجيل أي حالة تطفر أدت لظهور صفة مفيدة قادرة على الاستمرار ، و كل الطفرات المعروفة تؤدي إلى كائنات مريضة أو ضعيفة أو مُشَوَّهة أو حتى تؤدي مباشرة إلى موت هذا الكائن الحي ... و هذا مثبت علميا.



و الطفرة ما هي إلا تغير عشوائي في جسد الكائن الحي ، و مثل هذا التغير العشوائي في النظام الكيمائي للكائن الحي ، لابد و أن يفسده حتما كما أن تلاعبا عشوائيا في الوصلات داخل جهاز التليفزيون ، لا نتوقع منه أن يؤدي إلى تحسن في الصورة .


و إذا كانت الطفرة هي التي تتحكم فيما يطرأ على الكائن الحي من تغير وتطور، فأي موجب يبقى لافتراض نشأة الكائنات الحية من أصل واحد، إذ من المعلوم أن هذا الافتراض إنما لاقى القبول من أصحابه بناء على ما لاحظوه من التشابه التصاعدي الملموس بين أصناف الأحياء، وعندئذ لا يبقى لافتراض وحدة الأصل الحيواني أي وجه مقبول وهكذا فإن القول بالطفرة يحمل في طواياه عوامل التدمير لفكرة التطور من أساسها.


و لكل نوع من الكائنات الحية نباتية أو حيوانية عدد ثابت من الصبغيات[6] مثلا عند الإنسان
46 صبغ كرموسومي ، أما في القرد 48 صبغ كرموسومي ولا يعتمد عدد الصبغيات على حجم الكائن الحي، فالفيل مثلا عنده 56 صبغيا في كل خلية جسمية بينما تمتلك الفراشة 380 صبغيا في كل خلية جسمية ، و في البصل 16 وفي الذبابة 12 ، و في البعوض 6صبغ كرموسومي و هذا العدد الثابت للصبغيات عند جميع الأحياء لا يسمح بأي تطور من كائن حي إلى آخر و أي تغيير في المادة الوراثية ( الصبغيات) يؤدي إلى تغيير الملايين من البروتينات المتدخلة في تكوين الجسم ، و الجسم لا يتطور إلى جسم آخر بل يتعرض للتشوه .


و استدل دعاة التطور بوجود الزائدة الدودية في الإنسان و غيره ،و قالوا الزائدة الدودية ليس لها الآن عمل في الإنسان مما يوحي بأنّها أثر بقي من القرود لم يتطور ، وهذا غير صحيح إذ لا علاقة بين وجود الزائدة الدودية و بين التطور ، و عدم معرفة فائدة الشيء لا تستلزم عدم وجود فائدة له وهل وجود الثدي عند الرجل يجعل أصل الذكور إناثاً ؟ وإن كان شعر الصدر عن الرجل من بقايا الحيوان، فلماذا لم يوجد عند الإناث ؟ لعل أنصاره يقولون بخروج الرجل إلى الصيد، وبقاء المرأة في الكهف، ويعود الرد من جديد: ولماذا بقي الشعر في الرأس والعانة عند المرأة؟

ووجود الزائدة الدودية في الإنسان ليس دليلاً على تطور الإنسان من القرد، فسبب وجودها هو وراثتها من الإنسان الجدّ الذي كان اعتماده على النباتات، فخلقت لمساعدته في هضم تلك النباتات و الدراسات الحديثة أثبتت أن الزائدة الدودية ماهي الإ مكان تعيش فيه أنواع من البكتيريا المفيدة في عملية الهضم ، و إن لها وظيفة مرتبطة بمكانها و بتنظيم كم البكتيريا التي يجب أن تكون في جهاز هضم الإنسان، و كونها تمد جهاز الهضم بهذه البكتيريا بعد الإصابة بالأمراض الطفيلية والكوليرا والزحار والإسهالات ، بعد أن تكون هذه الإصابات ومعالجتها قد قلًصت أعداد البكتيريا في الأمعاء[7] .

و على التسليم الجدلي بعدم توصل العلم في الوقت الحالي إلى معرفة أهمية الزائدة الدودية فهذا ليس دليلا على عدم وجود فائدة فيها، فلعل فيها فوائد عظيمة تُكتشف في المستقبل ،و الجزم بعد وجود فائدة لها لمجرد عدم معرفة العلماء في الوقت الحالي لأهميتها كمثل أن يرى شخص ساعة، ثم يعرف جميع آلاتها وأجهزتها ولا يعرف فائدة آلة وحكمتها، فيدعي أن هذه الآلة التي لا يعرف فائدتها زائدة و لا أهمية لها .

و يدّعي دعاة التطور أن ما تبديه بعض أنواع البكتيريا من مقاومة ضد المضادات الحيوية و المناعة التي تكتسبها بعض الحشرات ضد مادة الـDDT دليل على الارتقاء ، و يزعمون أنها أمثلة للمقاومة و المناعة المكتسبة أتت بها طفرات تمّت في الكائنات الحية التي تعرضت لهذه المواد.

هذه الخواص التي تتمتع بها البكتيريا و الحشرات ليست مميزات تم اكتسابها لاحقاً عن طريق التحور ضد هذه المادة و ضد المضادات الحيوية ؛ فقد كانت بعض تنوعات هذه الكائنات الحية لديها هذه الخواص قبل تعرض البكتيريا كلها للمضاد الحيوي و قبل تعرض الحشرات كلها للمبيدات الحشرية . و ها هي مجلة المعرفة الأمريكية (Scientific American) في عدد آذار (مارس) 1998 تعترف بهذا الموضوع رغم كونها من المنشورات الداعية للتطور و تقول: كثير من البكتيريا كانت لديها معلومات وراثية للمقاومة قبل استخدام المضادات الحيوية التجارية . و لا يعرف العلماء سبب وجود هذه المعلومات الوراثية ، كما لا يعرفون لماذا تم الحفاظ عليها وإبقاؤها!

... و وجود البكتيريا المقاوِمة قبل اكتشاف المضاد الحيوي بسنين طويلة تصفه مجلة Medical Tribune ( و هي من المطبوعات العلمية المرموقة ) في عدد 29 كانون الأول ( ديسمبر ) , 1988 ، و المقال يتناول حدثاً مثيراً : ففي دراسة أُجريت عام 1986 تم العثور على جثث بعض البحّارة ( الذين أصابهم المرض وماتوا أثناء رحلة قطبية استكشافية عام 1845 محفوظة في حالة تجمد ، كما عُثر في أجسامهم على نوع من البكتيريا كان منتشراً في القرن التاسع عشر ، و عندما أُجريت على هذه البكتيريا فحوص معملية وُجِد أنها تحمل خواص مقاومة ضد كثير من المضادات الحيوية التي لم يتم إنتاجها إلا في القرن العشرين !

ووجود مثل هذه الأنواع من المقاومة قبل اكتشاف البنسلين حقيقة معروفة في الدوائر الطبية، وبالتالي فإن تقديم مثل هذه المقاومة على أنها إحدى المراحل الارتقائية هو زعم خادع إلى أبعد الحدود [8].

و من المعلوم أن النظرية العلمية تظل مقبولة طالما استطاعت تفسير جميع الظواهر القائمة و المستجدة المتعلقة بموضوعها ، و إذا عجزت عن تفسير بعض الظواهر تسقط أو على الأقل تعدل و نظرية التطور لا تفسر نشوء الحياة على الأرض تفسيرا صحيحا فكيف تقبل ؟!! .

و كيف يمكن لنظرية التطور أن تشرح وجود أعضاء معقدة مثل : العين , الأذن, أو حتى الأجنحة ؟ كيف يمكن التصديق بأن هذه الأعضاء تكونت بالتدريج على مدى أجيال من الكائنات المتوسطة حيث يزيد جزء جزء من تركيبها بالتدريج , مع العلم بأن كل عضو من هذه الأعضاء يفشل في أداء مهمته لو نقص منه جزء صغير جدا ،و تحول خليه بسيطه الى اخرى أكثر تعقيداً منها و بحساب الاحتمالات يحتاج الى ملايين السنين هذا هو حال خليه واحدة فكيف حال تحول حيوان الى آخر ؟!! فانه يحتاج الى مليارات السنين .

و نظرية التطور تعجز عن تفسير الانتقالات الفجائية في بعض الكائنات في كل طور من أطوار حياتها فما العلاقة بين دودة القز التي تكون على الأرض و بين انتقالها الفجائي إلى فراشة تطير بأجنحتها محلقة في الهواء فهذا الانتقال الفجائي يدل على أنها خلقت ابتداءا هكذا ، و ليس في البيئة دور في خلقها .

و نظرية التطور تعجز عن تفسير وسائل الدفاع عند الكائنات بل تحرم الكائنات من وسائل الدفاع عندها فالمعروف أن لكل حيوان حتى الحيوان الضعيف له وسيلة دفاع عن النفس و وسيلة الدفاع عند الطيور مثلا الأجنحة و لولا هذه الوسيلة لتمكنت أغلب الحيوانات المتوحشة من القضاء على الطيور فإذا أرادت نظرية التطور أن تطور الحيوان الزاحف إلى طير أو تطور الطير إلى حيوان زاحف بصورة تدريجية فمعنى ذلك أنها تحرمه من وسيلة الدفاع عن نفسه و في هذا هلاكه .

و نظرية التطور تعجز عن تفسير وجود كل هذه الأنواع المتباينة من الكائنات الحية فكل هذه الحيوانات و النباتات على اختلافها و جمالها و روعتها و كل هذه النمور و الأسود و الحشرات و الورود و الطيور على أشكالها المعروفة و الحيتان و الخيول و شجر الموز والزيتون و الليمون و جميع الكائنات الحية الأخرى يستحيل أن تكون قد نشأت من خلية حية واحدة بل كل كائن من هذه الكائنات نشأ على حدة و لو كانت نظرية التطور صحيحة لما شاهدنا هذه الأنواع المتباينة من الكائنات ؟!!!! .

و نظرية التطور تعجز عن تفسير الأنظمة الفسيولوجية المعقدة في الكائنات الحية إذ هناك الكثير من الكائنات الحية تمتلك من "الامكانيات" المتقدمة ما لا يمكن استنساخه بأعقد النظم التقنية كنظم السونار الدقيق الذي تمتلكه الدلافين و الحيتان و خنازير البحر و نظم الرادار و التمييز عند الوطاويط و امكانيات الديناميكا الهوائية و كفاءة الطائر الطنان و نظم التحكم و المقذوفات الداخلية و غرفة الاحتراق عند الخنفساء القاذفة (الفاسية) و نظم الملاحة الدقيقة و المتعددة عند خطاف البحر القطبي و نظام الصيانة الذاتية عند جميع الكائنات الحية .

و نظرية التطور تعجز عن تفسير كيفية التكاثر جنسي بين الكائنات فالأجهزة التناسلية للذكر و الأنثى، لابد أن تتطور في نفس التوقيت و نفس المكان، في كل مرحلة من مراحل التطور. و لابد لملايين العمليات الكيميائية و الميكانيكية ، بالإضافة إلى الخصائص الفيزيائية و السلوكية لدى الطرفين، أن تتطور في كل مرحلة بما يلائم الطرف الآخر .


هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات





[1]- عشرة أكذوبات داروينية كبرى لهارون يحيي
[2]- عشرة أكذوبات داروينية كبرى لهارون يحيي
[3] - خديعة التطور لهارون يحيي
[4] - خديعة التطور لهارون يحيي
[5] - الطفرة هي حدوث خطأ في نسخ المورثات عند قيام الخلية بإعادة استنساخ نفسها و بصيغة أخرى هي أي تغيير مفاجئ يصيب المادة الوراثية أو الطفرة هي حدوث خلل في ترتيب الأحماض النووية في المورث .
[6]- الصبغيات هي خيوط رفيعة توجد في أنوية الخلايا ، و هي قابلة للتلوين لذا تدعى الصبغيات
[7]- The function of the appendix seems related to the massive amount of bacteria populating the human digestive system, according to the study in the Journal of Theoretical Biology.
[8] - خديعة التطور لهارون يحيي

د.ربيع أحمد
03-19-2011, 01:10 PM
الرد على سؤال اللادينين لماذا حد الردة فهذا تضييق لحرية الاعتقاد ؟



إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :

فيتسائل اللادينيين لماذا حد الردة فهذا تضييق لحرية الاعتقاد و مادام الإسلام صحيحا فلما يرتد الناس بعد دخولهم فيه ، و الجواب أن الاتداد عن الدين بعد الدخول فيه خيانة عظمى للدين و للدولة الإسلامية لذلك شرع الله قتل المرتد فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : « من بدل دينه فاقتلوه »[1] .

و ما شرعه الإسلام في شأن المرتد ما هو إلا تحقيق لأهم مقاصد الشريعة ، و هو حفظ الدين و صيانة الدين و لتعظيم شعائر الله وللتفريق بين الإسلام و الكفر و الحق و الباطل ، و إذا كانت قوانين البشر رغم ما فيها من القصور و التناقض و الاضطراب يوجب أصحابها عند مخالفتها الجزاءات و العقوبات ؛ فكيف بمناقضة شرع الله تعالى و الله خير الحاكمين ؟!!


و من اختار الضلالة بعد الهدى ، و ارتد بعد إسلام و كان قدوة سيئة في مجتمعه في الاتداد - سواء قصد ذلك أو لم يقصد - كان القصاص منه بالقتل درءا لمفسدته إذ تحول الإنسان من دين إلى دين كفيل بفتنة عظيمة لا يعلم مداها إلا الله ،و إذا كانت أي دولة من الدول توجب القتل لمن يخونها حماية لها و لأبنائها فلما يشنعون على الإسلام أنه يأمر بقتل من خانه و ارتد عنه فكل نظام في العالم يُعَاقِبُ مَن خَرَجَ على قوانينه بالإعدام ، أوِ السّجْن المؤبَّد ،و يعتبرونه خيانة عظمى فكيف يُحْتَجُّ على الإسلام بقَتْل المُرْتَدِّ عنه ، و هو دِين الله الخاتم ؟!!!

و في قتل المرتد كف شره ، وقطع أذاه، فالمرتد لا يكتفي بردته وحده في الغالب بل يبث شره و سمومه على الآخرين ، فكان في قتله قطعاً لإفساده في الأرض .

و في قتل المرتد تعظيم للدين الذي هو أغلي ما يملك ، و عدم اتخاذ الارتداد مطية لتحقيق بعض المآرب الدنيوية فبعض ضعاف النفوس قد تحمله المغريات المادية و المصالح المادية و الشخصية على ترك دينه استجابة لداعي الإغراء و المصلحة الذاتية ، و في ظِلِّ امتلاك الكفار المال، فإنهم من الممكن أَن يَستَغِلُّوا ضِعافَ النفوس منَ الفُقَراءِ المسلمين، وَيَتِمّ إغراؤُهُم بالمال لتَغييرِ دينهم و كم حدث هذا في البلاد الفقيرة .

و في قتل المرتدحماية لجناب الدين من التلاعب به فحتى لا يفكر أي منافق بالدخول في الإسلام ثم الخروج منه تشجيعا لحركة الاتداد و إثارة للفتنة في الدولة الإسلامية .

و في قتل المرتدحماية للدولة الإسلامية فحتى لا تقوى شوكة الكفر و الإلحاد في الدول الإسلامية فتشكل الخطر الأكبر على عقيدة المسلمين فالكفار عندما تقوى شوكتهم يعملون على إبادة المسلمين و التاريخ خير شاهد على ذلك و ما خبر التتار و ما فعلوه ببلاد المسلمين منا ببعيد فقد عملوا على إبادة المسلمين و الشيوعيون عندما تمكنوا من المسلمين في يوغوسلافيا عملوا على إبادتهم .

و في قتل المرتدحفظ دين المسلم الذي هو أعز ما يملك ، والإنسان قد تعتريه الغفلة في بعض الأحيان فإذا لم يكن هناك وازع يردعه فقد ينجرف وراء الشبهات التي يقذفها الشيطان في قلبه فيخسر دنياه وأخراه و حد الردة يجعل الشخص يفكر كثيرا قبل الإقدام على الاتداد .

و ما يروج له البعض من حرية الارتداد عن الدين غير صحيح للفارق بين الكافر الأصلي و الذي كفر بعد إسلام فالذي كفر بعد إسلام قد فارق جماعة المسلمين أما الكافر الأصلي فلم يدخل في جماعة المسلمين في الأصل ، و قد قال النبي صلى الله عليه وسلم : « لا يحل دم امرىء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني و النفس بالنفس و التارك لدينه المفارق للجماعة »[2] ،و فرق بين حرية اختيار الدِّين و حرية الارتداد عن الدين فالارتداد عن الدين فيه إهانة للدين و تشجيع الخروج عليه و خيانة الدولة الإسلامية و إثارة الفتنة في الدولة الإسلامية أما عدم الدخول في الدين من الأصل فلا تضير الدين شيئا .

و المسلم الحق قد اجتَمعت فيه أسبابُ الهِدايَة ودَوَاعيها من وِلادَتِه على الفِطْرَة، ونَشْأَتِه بين المسلمين، ومعرفتِه بعظمةِ الإسلام؛ فلا يَرتد عن الإسلام إلا لِخُبْثِ نفسِه، و سفه عقله ؛ فهو نبتة فاسدة ، لا خيرَ في بقائها,و بقائها يثير البلبة و يشجع على الفساد و يقلل من هيبة الدين و يكون سببا للتلاعب بالدين .

و الردة بعد إسلام ليست عيب في الإسلام بل عيب في من ضل بعد هدى و عمي بعد إبصار و كفر بعد إسلام و العين العمياء لا تبصر الضوء ، و العين المغمضة لا تبصر الضوء فهل المشكلة في الضوء أم المشكلة في العين التي لا تبصر الضوء ؟ و الأذن التي أصيبت بالصمم لاتسمع مع أن الصوت موجود فهل المشكلة في الأذن أم المشكلة في الأذن التي لا تسمع ؟

و سبب انتشار الردة سوء فهم الإسلام و عدم تعلمه و ضعف الإيمان و خبث النفس و ما انتشار الردة إلا كانتشار السرقة و الزنا و غير ذلك من الفواحش و سبب هذه الشرور خبث النفس و عدم الوازع الديني ، و الناس تهوى التحرر و الانفلات ، سواء كان في الأخلاق ، أو الأفكار ، لذلك شرع الإسلام حدودا منيعة ضد هذه الشرور إذ الحدود حائلة بين الناس وبين انفلاتهم ، ومانعة لهم من التمرد على القيم والفضائل .

و الخلاصة أن أمن المسلمين فكريا بقتل المرتدين أولى بالتشريع و المحافظة ، من المحافظة على أملاكهم العامة
و كل أمة من الأمم، وكل حضارة من الحضارات، لها مرجعها الذي تقدسه وتحترمه، وتعاقب من يخالف تعاليمه بالقتل أو التعذيب فلما يعترض على الإسلام و هو يحافظ على جنابه و أبنائه و دولته بقتل المرتد ؟!!هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات










[1] - رواه البخاري في صحيحه رقم 6411
[2] - رواه البخاري في صحيحه رقم 6270 و رواه مسلم في صحيحه رقم 3175

د.ربيع أحمد
03-19-2011, 01:42 PM
الرد على سؤال اللادينين لماذا نعبد الله و هو غني عن عبادتنا ؟



إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :

فيتسائل اللادينيين في عجب إذا كان الله غني عن عبادتنا فلماذا نعبده ؟!! و الجواب أن الله غني عنا و ليس بحاجة لعبادتنا قال تعالى : ﴿ وَقَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾[1] أي : إن تكفروا بالله أنتم وجميع أهل الأرض فلن تضروا الله شيئًا; فإن الله لغني عن خلقه, مستحق للحمد والثناء, محمود في كل حال[2] ،و قال تعالى : ﴿ َإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ غَنِيّاً حَمِيداً ﴾[3] أي : إن تجحدوا وحدانية الله تعالى وشرعه فإنه سبحانه غني عنكم; لأن له جميع ما في السموات والأرض. وكان الله غنيّاً عن خلقه, حميدًا في صفاته وأفعاله[4] .

و قال تعالى : ﴿ إِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنكُمْ ﴾ أي إنه تعالى ما كلف المكلفين ليجرّ إلى نفسه منفعةً أو ليَدْفَع عن نفسه مضرَّة لأنه تعالى غني على الإطلاق فيمتنع في حقه جر المنفعة ودفع المضرة، لأنه واجب الوجود لذاته وواجب الودود لذاته في جميع صفاته يكون غنياَ على الإطلاق و أيضاً فالقادر على خلق السموات والأرض والشمس والقمر والنجوم والعرش والكرسيّ والعناصر الأربعة والمواليد الثلاثة ممتنع أن ينتفع بصلاة «زَيْدٍ» وصيامِ «عَمْرٍو» وأن يستضر بعدم صلاة هذا وعدم صيام ذلك[5].

وفي الحديث القدسي قال الله عز وجل : « يا عبادي ، إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني يا عبادي ، لو أن أولكم وآخركم و إنسكم و جنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً يا عبادي ، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئاً. يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم و جنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان منهم مسألته؛ ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر »[6] .


و ليس معنى أن الله غني عن عبادة البشر ألا يعبده البشر فالله قد خلق الإنس و الجن لعبادته سبحانه قال تعالى : ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[7] فهذه الغاية ، التي خلق الله الجن والإنس لها ، و بعث جميع الرسل يدعون إليها ، و هي عبادته ، المتضمنة لمعرفته ومحبته ، و الإنابة إليه و الإقبال عليه ، و الإعراض عما سواه ، وذلك يتضمن معرفة الله تعالى ، فإن تمام العبادة ، متوقف على المعرفة بالله ، بل كلما ازداد العبد معرفة لربه ، كانت عبادته أكمل ، فهذا الذي خلق الله المكلفين لأجله ، فما خلقهم لحاجة منه إليهم[8] .

و قال ابن عثيمين في قوله تعالى : ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[9] أي : ما أوجدتهم بعد العدم إلا لهذه الحكمة العظيمة، وهي عبادة الله تبارك وتعالى، وحده لا شريك له، واللام في قوله ﴿ ليعبدون ﴾ للتعليل ، لكن هذا التعليل تعليل شرعي، أي لأجل أن يعبدون ، حيث آمرهم فيمتثلوا أمري، وليست اللام هنا تعليلاً قدريا ، لأنه لو كان تعليلاً قدرياً للزم أن يعبده جميع الجن والإنس[10] .

وقال أبو بكر الجزائري :قوله تعالى : ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[11] أي لم يخلقهما للهو ،و لا للعب و لا لشيء وإنهما خلقهما ليعبدوه بالإذعان له والتسليم لأمره و نهيه[12] .

و ليس معنى أن الله خلقنا لنعبده أن الله تعالى يحتاج لعبادتنا بل نحن الذين نحتاج أن نعبده لنشكره على نعمه التي لا تعد ولا تحصى قال تعالى : ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ ﴾[13] فإذا فعل شخص فيك العديد من الخير ينبغي عليك أن تشكره فكيف بالله الذي وهبك كل خير ألا تشكره قال تعالى : ﴿ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴾[14] و شكر الله لا يكون إلا بعبادته سبحانه دون من سواه ؟!!! و ما يعمله الإنسان من الصالحات إنما هو شكر لله عز وجل على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، وقد قال تعالى : ﴿ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴾[15] أي : ومن شكر ففائدة الشكر إليه، لأنه يجلب دوام النعمة، ومن جحد ولم يشكر فإن الله غنى عن العباد وعبادتهم، كريم بالإنعام عليهم وإن لم يعبدوه [16].

و الأعمال الصالحة التي يعملها الإنسان إنما تنفع صاحبها، وكذلك الأعمال السيئة لا تضر إلا صاحبها، وأما الله تعالى فغني عن العالمين فالخلق هم المستفيدون من الطاعة والمتضررون من المعصية قال تعالى : ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾[17]

و نحن نحتاج أن نعبد الله لأننا فقراء إليه نحتاج إليه في كل أمورنا فالله بيده كل الأمور قال تعالى : ﴿ أمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ أمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾[18] .

و في هذه الآيات ما يتعلق عموما باحتياج الخلق إلى الله تعالى : ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ، وَيَكْشِفُ السُّوءَ، وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ، أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ، قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ ﴾ أي أتلك الآلهة الجمادات الصماء خير أم من يجيب المضطر إذا دعاه وهو الذي أحوجه المرض أو الفقر أو المحنة إلى التضرع إلى الله تعالى، ويرفع عنه السوء أو الضرر الذي أصابه من فقر أو مرض أو خوف أو غيره ، و يجعلكم ورثة من قبلكم من الأمم في سكنى الأرض والديار والتصرف فيها، فيخلف قرنا لقرن وخلفا لسلف، كما قال: ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ ﴾[19] أيعقل وجود إله مع الله بعد هذا؟ وهل يقدر أحد على ذلك غير الله المتفرد بهذه الأفعال؟ ولكن ما أقل تذكركم نعم الله عليكم، ومن يرشدكم إلى الحق ويهديكم إلى الصراط المستقيم .

و في هذه الآيات ما يتصل باحتياج الخلق إلى الله تعالى في وقت خاص: ﴿ أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ، أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ، تَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ أي أتلك الآلهة التائهة خير أم من يرشدكم في أثناء الظلمات البرية أو البحرية إذا ضللتم الطريق بما خلق من الدلائل السماوية والأرضية، كما قال تعالى: ﴿وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ﴾[20] ، و قال سبحانه: ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ﴾[21] و من يرسل الرياح مبشرات أمام نزول الغيث الذي يحيي به الأرض بعد موتها، أيكون هناك إله مع الله فعل هذا ؟ تنزه الله المتفرد بالألوهية المتصف بصفات الكمال عن شرك المشركين الذين يعبدون مع الله إلها آخر ؟! [22]
إن ما نراه في هذا الخلق من الحكم و الإبداع لدليل ساطع على أن الله حكيم و الله الحكيم لا يخلق الإنسان إلا لحكمة و عبادته سبحانه من أعظم حكم خلق الإنسان و من حكم خلق الإنسان أيضا ابتلاء الناس قال تعالى : ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ﴾[23].

و من حكم خلق الإنسان تشريف الإنسان وتكريمه بإظهار كمال عبوديته لله تعالى، فلا شيء أشرف للإنسان من أن يكون عبدا محضاً لله تعالى وحده، يأتمر بأمره، وينتهي بنهيه، ويتوجه بتوجيهاته، ويسير على صراطه المستقيم، لا نصيب لغير الله تعالى فيه قال تعالى : ﴿ و َلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ﴾[24] .

و من حكم خلق الإنسان إظهار أسماء الله الحسنى وصفاته العلا ، فمن عمل لما خلق له جازاه الله بالحسنى ، وتفضل عليه، وغفر له زلاته، وعفا عن هفواته ، و أسكنه فسيح جناته بعد مماته، فيظهر بذلك أثر كرم الله تعالى وتفضله وإحسانه وعفوه ومغفرته سبحانه وتعالى ، و من أعرض عما خلق له استحق عقاب الله تعالى، وانتقامه منه، لتنكره لخالقه ورازقه، والمنعم عليه، ولإعراضه عما خلقه له، فإذا انتقم منه لذلك وعاقبه، ظهر أنه الجبار المنتقم شديد العقاب .

و من فضل الله علينا و رحمته بنا أن أمرنا بعبادته و نهانا عن معصيته و لا يرضى لنا الكفر و يرضى لنا العبادة و الشكر قال تعالى : ﴿ِ إن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ﴾[25] ، و قوله تعالى : ﴿ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ ﴾ أي : لا يضره كفركم ، كما لا ينتفع بطاعتكم ، و لكن أمره و نهيه لكم محض فضله و إحسانه عليكم و قوله تعالى : ﴿ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْر َ﴾ لكمال إحسانه بهم ، و علمه أن الكفر يشقيهم شقاوة لا يسعدون بعدها ، و لأنه خلقهم لعبادته ، فهي الغاية التي خلق لها الخلق ، فلا يرضى أن يدعوا ما خلقهم لأجله[26] ، و الله سبحانه و تعالى لرحمته بعباده لا يرضى لهم الكفر لما يسببه لهم من شقاء وخسران ، كما أنهم إن آمنوا وشكروا يرضه لهم فيثيبهم أحسن ثواب ويجزيهم أحسن جزاء[27].

و نختم بقول قتادة و غيره من السلف: « إنَّ الله سبحانه لم يأمر العباد بما أمرهم به لحاجته إليه، ولا نهاهم عنه بخلاً منه ، بل أمرهم بما فيه صلاحهم، ونهاهم عما فيه فسادهم »[28].

هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات






[1] - إبراهيم الآية 8
[2] - التفسير الميسر
[3] - النساء الآية 131
[4] - التفسير الميسر
[5] - اللباب في تفسير الكتاب 16/477
[6]- رواه مسلم في كتاب البر والصلة رقم (2577) .
[7] - الذاريات الآية 56
[8] - تفسير السعدي ص 813
[9] - الذاريات الآية 56
[10] - تفسير الحجرات – الحديد لابن عثيمين ص 166
[11] - الذاريات الآية 56
[12] - أيسر التفاسير لأبي بكر الجزائري 5/17
[13] - إبراهيم من الآية 34
[14] - النحل الآية 53
[15] - النمل الآية 40
[16] - تفسير المراغي 19/141
[17] - فصلت الآية 46
[18] - النمل الآية 62 -64
[19] - الأنعام الآية 165
[20] - النحل الآية 16
[21] - الأنعام من الآية 97
[22] - التفسير المنير 20/14
[23] - العنكبوت الآية 2
[24]- الإسراء الآية 70
[25] - الزمر من الآية 7
[26] - تفسير السعدي ص 719
[27] - أيسر التفاسير لأبي بكر الجزائري 4/469
[28]- قاعدة في المحبة لابن تيمية ص 255

د.ربيع أحمد
03-22-2011, 12:09 AM
الرد على سؤال الملاحدة كيف يسعد المؤمن في الجنة و أسرته تعذب في النار ؟





إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :

فيتسائل الملاحدة كيف يسعد المؤمن في الجنة و أسرته تعذب في النار ؟ و الجواب أن الله لا يسوي بين من يعبده و من يعبد غيره فقد قال سبحانه : ﴿ أم حسب الَّذين اجترحوا السَّيِّئَات أَن نجعلهم كَالَّذِين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات﴾[1] أي : أظنَّ الذين اكتسبوا السيئات , و كذَّبوا رسل الله , و خالفوا أمر ربهم , و عبدوا غيره , أن نجعلهم كالذين آمنوا بالله , و صدقوا رسله و عملوا الصالحات , و أخلصوا له العبادة دون سواه, ونساويَهم بهم في الدنيا والآخرة؟ ساء حكمهم بالمساواة بين الفجار والأبرار في الآخرة[2] ، و قال بن جبرين في صدد هذه الآية : هل حسبوا ذلك؟ فهذا حسبان باطل! كيف يعتقدون و يحسبون أن نجعلهم – و هم قد اجترحوا السيئات- أن نجعلهم مثل أهل الحسنات؟! ومثل أهل الأعمال الصالحة؟! لقد أخطئوا في هذا الحسبان[3] .


وَ قال سبحانه : ﴿ أم نجْعَل الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات كالمفسدين فِي الأَرْض أم نجْعَل الْمُتَّقِينَ كالفجار ﴾[4] وَ هَذَا الاستفهام الذي في الآية استفهام إِنْكَاري على من يظنّ ذَلِك ، و هذا يدل أَن التَّسْوِيَة بَين أهل الطَّاعَة وَ أهل الْكفْر مِمَّا يعلم بُطْلَانه وَإِن ذَلِك من الحكم السيء الَّذِي تنزه الله عَنهُ .

و الله سبحانه لا يسوي بين العاصي المسلم و الكافر إذ التسوية بين المؤمن و المنافق و المسلم و الكافر ليست من العدل ،وإن الكفرة الضالين هم الذين يظنون أن الكون خُلق عبثاً وباطلاً لا لحكمة، وأنه لا فرق بين مصير المؤمن المصلح والكافر المفسد[5]، وَ قد قَالَ تَعَالَى : ﴿ أفنجعل الْمُسلمين كالمجرمين مَا لكم كَيفَ تحكمون ﴾[6] ، و قَالَ تَعَالَى : ﴿ أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَّا يَسْتَوُونَ ﴾[7] وَوجه التَّفْرِقَة أَن العَاصِي قَلما يَخْلُو عَن خوف عِقَاب ورجاء رَحْمَة وَغير ذَلِك من خيرات تقَابل مَا ارْتكب من الْمعْصِيَة اتبَاعا للهوى بِخِلَاف الْكَافِر و َأَيْضًا الْكفْر مَذْهَب وَالْمذهب يعْتَقد لِلْأَبَد وحرمته لَا تحْتَمل الِارْتفَاع أصلا فَكَذَلِك عُقُوبَته بِخِلَاف الْمعْصِيَة فَإِنَّهَا لوقت الْهوى والشهوة [8] .

و تأبى حكمة الله سبحانه وتعالى أن يُضيع أعمال العباد سُدى، وأن يسوِّي بين المؤمن والكافر والمطيع والعاصي ، تأبى حكمة أحكم الحاكمين أن تتّصف بذلك، فلولا أنّ هناك بعثاً يحاسَب فيه العباد ويجزى كلُّ عامل بعمله للزم العبث وللزم الجور والظُّلم من الله، تعالى الله عن ذلك[9] .

و من سمع بالإسلام و بلغته الحجة ولم يسلم فقد ظلم نفسه ظلما كبيرا لا يغفره الله إلا بالتوبة والإسلام، فإذا مات على ذلك استحق الخلود في نار جهنم قَالَ تَعَالَى : ﴿ ِإنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً ﴾[10] ، و قَالَ تَعَالَى : ﴿ وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ﴾[11] .


و إن كان الأب كافرا وله زوجة مؤمنة وأولاد فلن يجمع الله بينهم ، إذ ليس من العدل الجمع بين من آمن وأطاع، وبين من كفر وعاند قَالَ تَعَالَى : ﴿ أفنجعل الْمُسلمين كالمجرمين مَا لكم كَيفَ تحكمون ﴾[12] ،و قَالَ تَعَالَى : ﴿ أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَّا يَسْتَوُونَ ﴾[13] و قَالَ تَعَالَى : ﴿ أم نجْعَل الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات كالمفسدين فِي الأَرْض أم نجْعَل الْمُتَّقِينَ كالفجار ﴾[14] ،و هذه الآيات تستلزم عدم التسوية بين المؤمنين و الكافرين و عدم التسوية بين أهل الجنة وأهل النار في الدنيا و في الآخرة .


و ليس في الجنة حزن قال تعالى : ﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ﴾[15] أي ويقولون حينئذ: الحمد لله الذي أذهب عنا الخوف من كل ما نحذر، وأراحنا مما كنا نتخوف من هموم الدنيا والآخرة[16] ،و قال الزجاج: أَذْهَبَ الله عن أهل الجنة كُلَّ الأحزان ما كان منها لمعاشٍ أو معادٍ[17] و قال السعدي : وهذا يشمل كل حزن، فلا حزن يعرض لهم بسبب نقص في جمالهم، ولا في طعامهم وشرابهم، ولا في لذاتهم ولا في أجسادهم، ولا في دوام لبثهم، فهم في نعيم ما يرون عليه مزيدا، وهو في تزايد أبد الآباد[18] و قال الطنطاوي : والحزن: غم يعترى الإنسان لخوفه من زوال نعمة هو فيها. و المراد به هنا: جنس الحزن الشامل لجميع أحزان الدين والدنيا والآخرة أى: وقالوا عند دخولهم الجنات الدائمة، وشعورهم بالأمان والسعادة والاطمئنان : الحمد لله الذي أذهب عنا جميع ما يحزننا من أمور الدنيا أو الآخرة[19] و قال أبو بكر الجزائري : قوله تعالى : ﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ﴾[20] أي كل الحزن فلا حزن يصيبهم إذ لا موت في الجنة ولا فراق ولا خوف ولا همَّ ولا كرب فمِن أين يأتي الحزن[21] .

و لا يقاس أحوال الناس يوم القيامة على أحوال الناس في الدنيا ، ففي الدنيا يتألم المسلم إذا رأى أمه أو أباه يرفضون الإسلام لعلمه بعاقبتهم عند الله، ولكنه يسلم لأمر الله ولا يضره هذا في الآخرة ولا يحزنه إذا دخل الجنة ، فأهل الجنة لا يحزنون قال تعالى : ﴿ ِإنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾[22].

هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات





[1] - الجاثية من الآية 21
[2] - التفسير الميسر
[3] - شرح الطحاوية لابن جبرين
[4] - ص الآية 28
[5] - القيامة الكبرى لعمر الشقر ص 86
[6] - القلم الآية 35 - 36
[7] - السجدة الآية 18
[8] - شرح المقاصد في علم الكلام للتلفازاني 2/23
[9] - إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد للفوزان 2/172
[10] - النساء الآية 48
[11] - التوبة الآية 68
[12] - القلم الآية 35 - 36
[13] - السجدة الآية 18
[14] - ص الآية 28
[15] - فاطر الآية 34
[16] - تفسير المراغي 22/131
[17] - اللباب في علوم الكتاب 16/143
[18] - تفسير السعدي ص 689
[19] - التفسير الوسيط للطنطاوي 11/350
[20] - فاطر الآية 34
[21] - أيسر التفاسير 4/356

د.ربيع أحمد
03-22-2011, 12:29 AM
الرد على سؤال الملاحدة كيف يكون الله عادلا ، وقد قدر أن من يزني يزنى بأهله فما ذنب الأهل ؟






إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :

فيتسائل بعض الملاحدة كيف يكون الله عادلا ، وقد قدر أن من يزني يزنى بأهله فما ذنب الأهل ؟ ، و مقتضى العدل أن الله لا يعاقب امرأة عفيفة صالحة بفساد و جرم أحد محارمها إذ كيف يبتلي الله المجرم بأن ينتهك عرض أحد محارمه التي لا علاقة لها بالزنى ،و الجواب أن الله عدل يأمر بالعدل قال تعالى : ﴿ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون ﴾[1] ، و قال تعالى : ﴿ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ﴾[2] ، و قال النبي صلى الله عليه وسلم : « فمَن يعدل إذا لم يَعْدِل الله ورسوله »[3] .


و مقولة من يزني لا بد أن يزنى بأحد محارمه لا دليل عليها بل يتنافى مع الأصل المقرر في القرآن أن لا أحد يؤخذ بذنب غيره قال تعالى : ﴿ و َلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾[4] و عليه فلم يقدر الله أن من يزني يزنى بأهله .

و لعل الملاحدة أخذوا بحديث : « من زنى زني به و لو بحيطان داره » ، و هذا الحديث لا يصح فقد ذكره السيوطي في جامع الأحاديث ، و قال : ( أخرجه الديلمي ، و ابن النجار ، ووهاه عن أنس ، و فيه الحارث بن عبد المختلط واه )[5] و قال الألباني : موضوع[6] ، و على التسليم بصحته تنزلا معهم فيكون الحديث معناه أن الرجل الذي يقع في الزنا ويصر عليه يكون من أهل الفسق والفساد ، فيسري هذا الفساد إلى أهله ، لأن المخالطة تؤثر فالمرء على دين صاحبه و على هذا يكون لا تعارض بين الحديث و الآية ﴿ و َلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ .

و حتى لو سلمنا جدلا و تنزلا بأن الزاني يزنى بأهله عقابا فيكون زنى أهله ابتلاءا لهم و اختبارا فلا ظلم لهم و عليه يحمل الحديث الضعيف : « عُفوا تعف نساؤكم »[7] و الدنيا ليست دار سعادة و فرح بل دار ابتلاء و اختبار ،و للرب أن يمتحن عباده بما يشاء و هو ليس ظالما لهم هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات









[1] - النحل الآية 90
[2] - الكهف من الآية 49
[3] - متفق عليه
[4] - الأنعام من الآية 164
[5] - جامع الأحاديث للسيوطي حديث رقم 22319
[6] - السلسة الضعيفة 2 / 154
[7]- رواه الحاكم في المستدرك و ضعفه الذهبي و أبو حاتم العلل 1/412

د.ربيع أحمد
03-24-2011, 04:03 AM
الرد على سؤال الملاحدة لماذا يخلد الكافر في النار رغم أن كفره كان مدة قليلة ؟





إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :

فيتسائل الملاحدة لماذا يخلد الكافر في النار ؟ و يقولون أن خلود الكافر في النار - رغم أن كفره كان مدة قليلة - كفيل بأن يجعل أي إنسان لادينيا لو تفكر به بصدق و تعمق ،و كيف يكون العدل في الإسلام أن يخلد الكافر في النار لأنه عصى الله لمدة قصيرة وهي عمره (60 عاما مثلا)؟ و هذا الكلام ناجم عن عدم تقدير الملاحدة لله حق قدره و سوء أدبهم مع الله قال تعالى : ﴿ و َمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾[1] .

و هؤلاء الكفار قد اقترفوا ظلما عظيما قال تعالى : ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾[2] وقد دلت الآية، وشهد به الشرع والعقل السليم، أن الشرك أقبح العيوب، وما زال الناس يعتبرون إساءة الأدب مع كبرائهم وسادتهم أكبر عيب وأعظم خرق، فلما كان تبارك وتعالى أكبر من كل كبير، كانت إساءة الأدب إليه، والإشراك معه عيبا ليس فوقه عيب، وخرقا لا يفوقه خرق[3] .
و الله الذي خلق الإنسان وأعده إعدادا كاملا بكل مصالحه وأمده بما يحتاج إليه ورغم ذلك يترك الشخص عبادته أليس هذا ظلما عظيما و إساءة أدب ليس فوقها إساءة ؟!! ، و قد قال تعالى : ﴿ وَ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً ﴾[4] ،و عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أكبر عند الله ؟ قال : « أن تدعو لله نداً وهو خلقك »[5] و لا فرق بين من كفر بالله و من أشرك مع الله أحدا .


وفي الكفر بالله و الشرك بالله تنقص من الله و القدح في ألوهيته و ربوبيته و مناقضة للمقصود بالخلق فقد خلق الله الإنس و الجن لعبادته سبحانه قال تعالى : ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[6] فهذه الغاية ، التي خلق الله الجن والإنس لها ، و بعث جميع الرسل يدعون إليها ، و هي عبادته ، المتضمنة لمعرفته ومحبته ، و الإنابة إليه و الإقبال عليه ، و الإعراض عما سواه ، وذلك يتضمن معرفة الله تعالى ، فإن تمام العبادة ، متوقف على المعرفة بالله ، بل كلما ازداد العبد معرفة لربه ، كانت عبادته أكمل ، فهذا الذي خلق الله المكلفين لأجله ، فما خلقهم لحاجة منه إليهم[7] .


و الله سبحانه لا يسوي بين العاصي المسلم و الكافر إذ التسوية بين المؤمن و المنافق و المسلم و الكافر ليست من العدل ،وإن الكفرة الضالين هم الذين يظنون أن الكون خُلق عبثاً وباطلاً لا لحكمة، وأنه لا فرق بين مصير المؤمن المصلح والكافر المفسد[8]، وَ قد قَالَ تَعَالَى : ﴿ أفنجعل الْمُسلمين كالمجرمين مَا لكم كَيفَ تحكمون ﴾[9] ، و قَالَ تَعَالَى : ﴿ أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَّا يَسْتَوُونَ ﴾[10] وَوجه التَّفْرِقَة أَن العَاصِي قَلما يَخْلُو عَن خوف عِقَاب ورجاء رَحْمَة وَغير ذَلِك من خيرات تقَابل مَا ارْتكب من الْمعْصِيَة اتبَاعا للهوى بِخِلَاف الْكَافِر و َأَيْضًا الْكفْر مَذْهَب وَالْمذهب يعْتَقد لِلْأَبَد وحرمته لَا تحْتَمل الِارْتفَاع أصلا فَكَذَلِك عُقُوبَته بِخِلَاف الْمعْصِيَة فَإِنَّهَا لوقت الْهوى والشهوة[11] .


و قد أخبر الله أن من مات على الشرك -و يقاس عليه الكفر - يكون مخلدا في نار جهنم، فقال تعالى: ﴿ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾[12] ، و فائدة ذكر الله خُلُود أهل النَّار فِي النَّار كفهم عَن الْكفْر وَالْفساد والعناد والشقاق والنفاق[13] ، و من لم يعبأ بوعيد الله فلا يلومن إلا نفسه .

و قد غفل الملاحدة أن استمرار العذاب و انقطاعه يرجع إلى المعصية نفسها لا إلى زمن المعصية فكم رأينا معصية قد وقعت في مدة قصيرة، كانت عقوبتها تحتاج إلى أضعاف تلك المدة كعبد شتم سيده، فاستحق من الاَدب على ذلك أضعاف ما يستحقه إذا شتم عبداً مثله، وإن كان زمان الشتمين متماثلاً ،و كم رأينا الأب يعاقب أياما كثيرة ولده على فعل وقع في ساعة واحدة منه و المشركون و الكفار قد عصوا الملك الجبار و لم يعبدوه و في هذا استهانة بالله و سوء أدب مع الله و قد أرسل اللهم لهم الرسل و أنزل عليهم الكتب فأبوا الهداية فلا يليق بهم إلا العذاب السرمدي .


و إِنَّمَا خُلِّدَ أَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ ؛ لِأَنَّ نِيَّاتِهِمْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَوْ خُلِّدُوا فِيهَا أَنْ يَعْصُوا اللَّهَ أَبَداً ، وَ إِنَّمَا خُلِّدَ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ لِأَنَّ نِيَّاتِهِمْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَوْ بَقُوا فِيهَا أَنْ يُطِيعُوا اللَّهَ أَبَداً ، فَبِالنِّيَّاتِ خُلِّدَ هَؤُلَاءِ وَ هَؤُلَاءِ و أيضا خلد الكفار لأن صفة الكفر ملازمة لهم فلو رجعوا لدنيا لعادوا لكفرهم قال تعالى : ﴿ بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُون ﴾[14] أي :بل ظهر لهم يوم القيامة ما كانوا يعلمونه من أنفسهم من صدق ما جاءت به الرسل في الدنيا, وإن كانوا يظهرون لأتباعه خلافه. ولو فرض أن أعيدوا إلى الدنيا فأمهلوا لرجعوا إلى العناد بالكفر والتكذيب. وإنهم لكاذبون في قولهم: لو رددنا إلى الدنيا لم نكذب بآيات ربنا , وكنا من المؤمنين[15] فالله يعلم أن هؤلاء المكذبين الذين يتمنون في يوم القيامة الرجعة إلى الدنيا أنهم لو عادوا إليها لرجعوا إلى تكذيبهم وضلالهم[16] .

قال الشيخ محمد رشيد رضا : ﴿ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ ﴾ من الشرك والكفر والنفاق والكيد والمكر والمعاصي، لأن مقتضى ذلك من أنفسهم ثابت فيها، وما دامت العلة ثابتة فإن أثرها وهو المعلول لا يتخلف عنها (وإنهم لكاذبون) فيما تضمنه تمنيهم من الوعد بترك التكذيب بآيات الله، وبالكون من المؤمنين بالله ورسوله سواء علموا حين تمنوا ووعدوا أنهم كاذبون في هذا الوعد أم لم يعلموا، فلو ردوا إلى الدنيا لرد المعاند المستكبر منهم مشتملا بكبره وعناده، وكل من الماكر والمنافق مرتديا بمكره ونفاقه، والمقلد مقيدا بتقليده لغيره وعدم ثقته بفهمه وعلمه، والشهواني ملوثا بشهواته المالكة لرقه [17].

و قال أيضا سبب التعذيب لا يزول إلا إذا كان السبب عارضا كمعاصي الموحدين، أما إذا كان لازما كالكفر والشرك فإن أثره لا يزول كما لا يزول السبب، وقد أشار سبحانه إلى هذا المعنى بعينه في مواضع من كتابه، منها قوله تعالى : ﴿ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ ﴾ فهذا إخبار بأن نفوسهم وطبائعهم لا تقتضي غير الكفر والشرك وأنها غير قابلة للإيمان أصلا. ومنها قوله تعالى : ﴿ وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً ﴾ فأخبر سبحانه أن ضلالهم وعماهم عن الهدى دائم لا يزول حتى مع معاينة الحقائق التي أخبرت بها الرسل، وإذا كان العمى والضلال لا يفارقهم فإن موجبه وأثره، ومقتضاه لا يفارقهم ، و منها قوله تعالى : ﴿ وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ ﴾ وهذا يدل على أنه ليس فيهم خير يقتضي الرحمة، ولو كان فيهم خير لما ضيع عليهم أثره، ويدل على أنهم لا خير فيهم هناك أيضا قوله : « أخرجوا من النار كل من كان في قلبه أدنى مثقال ذرة من خير » فلو كان عند هؤلاء أدنى مثقال ذرة من خير لخرجوا منها مع الخارجين[18] .

و قال المراغي : لو ردوا – أي الكفار - لعادوا لما كانوا فيه لفقد استعدادهم للإيمان، وأن حالهم بلغ مبلغا لا يؤثّر فيه كشف الغطاء و رؤية الفزع و الأهوال[19] ، و قال أيضا : ﴿ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ ﴾ من الكفر والنفاق والكيد والمكر والمعاصي فإن ذلك من أنفسهم، ثابت فيها لخبث طينتهم وسوء استعدادهم، ومن ثم لا ينفعهم مشاهدة ما شاهدوا ولا سوء ما رأوا [20] .

و قال الحجازي : ولو ردوا – أي الكفار - إلى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه من الكفر والعناد وعدم الإيمان، وإنهم لقوم طبعهم الكذب وديدنهم العناد، ولو ردوا إلى الدنيا لقالوا: ما هي إلا حياتنا الدنيا فقط وليست لنا حياة أخروية أبدا، وما نحن بمبعوثين وهكذا القوم الماديون لا يؤمنون بالغيب، ولا يرجى منهم خير أبدا [21].

و قال الشنقيطي في شأن استمرار الكافر في النار : سبب هذا الاستمرار هو ملازمة الخبث لذلك الكافر دائما ، وعدم مفارقته له في أيّ حال من الأحوال؛ فهو منطو عليه لا يزول، وباستمرار السبب الذي هو الخبث استمر المسبب الذي هو العذاب. والدليل على استمرار خبثه: قوله تعالى: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾؛ فبديمومة السبب الذي هو الكفر دام المسبب الذي هو العذاب[22] .

هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات




[1] - الزمر الآية 67
[2] - لقمان من الآية 13
[3] - رسالة التوحيد المسمى بـ تقوية الإيمان للدهلوي ص 90
[4] - النساء من الآية 48
[5] - متفق عليه
[6] - الذاريات الآية 56
[7] - تفسير السعدي ص 813
[8] - القيامة الكبرى لعمر الشقر ص 86
[9] - القلم الآية 35 - 36
[10] - السجدة الآية 18
[11] - شرح المقاصد في علم الكلام للتلفازاني 2/238
[12] - المائدة من الآية 72
[13] - غاية المرام في علم الكلام للآمدي ص 231
[14] - الأنعام الآية 28
[15] - التفسير الميسر
[16] - القضاء والقدر لعمر الأشقر ص 27
[17] - تفسير المنار 7/296
[18] - تفسير المنار 8/72
[19] - تفسير المراغي 7/100
[20] - تفسير المراغي 7/102
[21] - التفسير الواضح ص 602
[22] - معارج الصعود للشنقيطي ص258

د.ربيع أحمد
03-29-2011, 04:24 PM
الرد على سؤال الملاحدة لماذا يخلد الكافر في النار رغم أن كفره كان مدة قليلة ؟




إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :

فيتسائل الملاحدة لماذا يخلد الكافر في النار ؟ و يقولون أن خلود الكافر في النار - رغم أن كفره كان مدة قليلة - كفيل بأن يجعل أي إنسان لادينيا لو تفكر به بصدق و تعمق ،و كيف يكون العدل في الإسلام أن يخلد الكافر في النار لأنه عصى الله لمدة قصيرة وهي عمره (60 عاما مثلا)؟ و هذا الكلام ناجم عن عدم تقدير الملاحدة لله حق قدره و سوء أدبهم مع الله قال تعالى : ﴿ و َمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾[1] .

و هؤلاء الكفار قد اقترفوا ظلما عظيما قال تعالى : ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾[2] وقد دلت الآية، وشهد به الشرع والعقل السليم، أن الشرك أقبح العيوب، وما زال الناس يعتبرون إساءة الأدب مع كبرائهم وسادتهم أكبر عيب وأعظم خرق، فلما كان تبارك وتعالى أكبر من كل كبير، كانت إساءة الأدب إليه، والإشراك معه عيبا ليس فوقه عيب، وخرقا لا يفوقه خرق[3] .
و الله الذي خلق الإنسان وأعده إعدادا كاملا بكل مصالحه وأمده بما يحتاج إليه ورغم ذلك يترك الشخص عبادته أليس هذا ظلما عظيما و إساءة أدب ليس فوقها إساءة ؟!! ، و قد قال تعالى : ﴿ وَ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً ﴾[4] ،و عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أكبر عند الله ؟ قال : « أن تدعو لله نداً وهو خلقك »[5] و لا فرق بين من كفر بالله و من أشرك مع الله أحدا .


وفي الكفر بالله و الشرك بالله تنقص من الله و القدح في ألوهيته و ربوبيته و مناقضة للمقصود بالخلق فقد خلق الله الإنس و الجن لعبادته سبحانه قال تعالى : ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[6] فهذه الغاية ، التي خلق الله الجن والإنس لها ، و بعث جميع الرسل يدعون إليها ، و هي عبادته ، المتضمنة لمعرفته ومحبته ، و الإنابة إليه و الإقبال عليه ، و الإعراض عما سواه ، وذلك يتضمن معرفة الله تعالى ، فإن تمام العبادة ، متوقف على المعرفة بالله ، بل كلما ازداد العبد معرفة لربه ، كانت عبادته أكمل ، فهذا الذي خلق الله المكلفين لأجله ، فما خلقهم لحاجة منه إليهم[7] .


و الله سبحانه لا يسوي بين العاصي المسلم و الكافر إذ التسوية بين المؤمن و المنافق و المسلم و الكافر ليست من العدل ،وإن الكفرة الضالين هم الذين يظنون أن الكون خُلق عبثاً وباطلاً لا لحكمة، وأنه لا فرق بين مصير المؤمن المصلح والكافر المفسد[8]، وَ قد قَالَ تَعَالَى : ﴿ أفنجعل الْمُسلمين كالمجرمين مَا لكم كَيفَ تحكمون ﴾[9] ، و قَالَ تَعَالَى : ﴿ أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَّا يَسْتَوُونَ ﴾[10] وَوجه التَّفْرِقَة أَن العَاصِي قَلما يَخْلُو عَن خوف عِقَاب ورجاء رَحْمَة وَغير ذَلِك من خيرات تقَابل مَا ارْتكب من الْمعْصِيَة اتبَاعا للهوى بِخِلَاف الْكَافِر و َأَيْضًا الْكفْر مَذْهَب وَالْمذهب يعْتَقد لِلْأَبَد وحرمته لَا تحْتَمل الِارْتفَاع أصلا فَكَذَلِك عُقُوبَته بِخِلَاف الْمعْصِيَة فَإِنَّهَا لوقت الْهوى والشهوة[11] .


و قد أخبر الله أن من مات على الشرك -و يقاس عليه الكفر - يكون مخلدا في نار جهنم، فقال تعالى: ﴿ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾[12] ، و فائدة ذكر الله خُلُود أهل النَّار فِي النَّار كفهم عَن الْكفْر وَالْفساد والعناد والشقاق والنفاق[13] ، و من لم يعبأ بوعيد الله فلا يلومن إلا نفسه .

و قد غفل الملاحدة أن استمرار العذاب و انقطاعه يرجع إلى المعصية نفسها لا إلى زمن المعصية فكم رأينا معصية قد وقعت في مدة قصيرة، كانت عقوبتها تحتاج إلى أضعاف تلك المدة كعبد شتم سيده، فاستحق من الاَدب على ذلك أضعاف ما يستحقه إذا شتم عبداً مثله، وإن كان زمان الشتمين متماثلاً ،و كم رأينا الأب يعاقب أياما كثيرة ولده على فعل وقع في ساعة واحدة منه و المشركون و الكفار قد عصوا الملك الجبار و لم يعبدوه و في هذا استهانة بالله و سوء أدب مع الله و قد أرسل اللهم لهم الرسل و أنزل عليهم الكتب فأبوا الهداية فلا يليق بهم إلا العذاب السرمدي .


و إِنَّمَا خُلِّدَ أَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ ؛ لِأَنَّ نِيَّاتِهِمْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَوْ خُلِّدُوا فِيهَا أَنْ يَعْصُوا اللَّهَ أَبَداً ، وَ إِنَّمَا خُلِّدَ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ لِأَنَّ نِيَّاتِهِمْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَوْ بَقُوا فِيهَا أَنْ يُطِيعُوا اللَّهَ أَبَداً ، فَبِالنِّيَّاتِ خُلِّدَ هَؤُلَاءِ وَ هَؤُلَاءِ و أيضا خلد الكفار لأن صفة الكفر ملازمة لهم فلو رجعوا لدنيا لعادوا لكفرهم قال تعالى : ﴿ بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُون ﴾[14] أي :بل ظهر لهم يوم القيامة ما كانوا يعلمونه من أنفسهم من صدق ما جاءت به الرسل في الدنيا, وإن كانوا يظهرون لأتباعه خلافه. ولو فرض أن أعيدوا إلى الدنيا فأمهلوا لرجعوا إلى العناد بالكفر والتكذيب. وإنهم لكاذبون في قولهم: لو رددنا إلى الدنيا لم نكذب بآيات ربنا , وكنا من المؤمنين[15] فالله يعلم أن هؤلاء المكذبين الذين يتمنون في يوم القيامة الرجعة إلى الدنيا أنهم لو عادوا إليها لرجعوا إلى تكذيبهم وضلالهم[16] .

قال الشيخ محمد رشيد رضا : ﴿ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ ﴾ من الشرك والكفر والنفاق والكيد والمكر والمعاصي، لأن مقتضى ذلك من أنفسهم ثابت فيها، وما دامت العلة ثابتة فإن أثرها وهو المعلول لا يتخلف عنها (وإنهم لكاذبون) فيما تضمنه تمنيهم من الوعد بترك التكذيب بآيات الله، وبالكون من المؤمنين بالله ورسوله سواء علموا حين تمنوا ووعدوا أنهم كاذبون في هذا الوعد أم لم يعلموا، فلو ردوا إلى الدنيا لرد المعاند المستكبر منهم مشتملا بكبره وعناده، وكل من الماكر والمنافق مرتديا بمكره ونفاقه، والمقلد مقيدا بتقليده لغيره وعدم ثقته بفهمه وعلمه، والشهواني ملوثا بشهواته المالكة لرقه [17].

و قال أيضا سبب التعذيب لا يزول إلا إذا كان السبب عارضا كمعاصي الموحدين، أما إذا كان لازما كالكفر والشرك فإن أثره لا يزول كما لا يزول السبب، وقد أشار سبحانه إلى هذا المعنى بعينه في مواضع من كتابه، منها قوله تعالى : ﴿ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ ﴾ فهذا إخبار بأن نفوسهم وطبائعهم لا تقتضي غير الكفر والشرك وأنها غير قابلة للإيمان أصلا. ومنها قوله تعالى : ﴿ وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً ﴾ فأخبر سبحانه أن ضلالهم وعماهم عن الهدى دائم لا يزول حتى مع معاينة الحقائق التي أخبرت بها الرسل، وإذا كان العمى والضلال لا يفارقهم فإن موجبه وأثره، ومقتضاه لا يفارقهم ، و منها قوله تعالى : ﴿ وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ ﴾ وهذا يدل على أنه ليس فيهم خير يقتضي الرحمة، ولو كان فيهم خير لما ضيع عليهم أثره، ويدل على أنهم لا خير فيهم هناك أيضا قوله : « أخرجوا من النار كل من كان في قلبه أدنى مثقال ذرة من خير » فلو كان عند هؤلاء أدنى مثقال ذرة من خير لخرجوا منها مع الخارجين[18] .

و قال المراغي : لو ردوا – أي الكفار - لعادوا لما كانوا فيه لفقد استعدادهم للإيمان، وأن حالهم بلغ مبلغا لا يؤثّر فيه كشف الغطاء و رؤية الفزع و الأهوال[19] ، و قال أيضا : ﴿ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ ﴾ من الكفر والنفاق والكيد والمكر والمعاصي فإن ذلك من أنفسهم، ثابت فيها لخبث طينتهم وسوء استعدادهم، ومن ثم لا ينفعهم مشاهدة ما شاهدوا ولا سوء ما رأوا [20] .

و قال الحجازي : ولو ردوا – أي الكفار - إلى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه من الكفر والعناد وعدم الإيمان، وإنهم لقوم طبعهم الكذب وديدنهم العناد، ولو ردوا إلى الدنيا لقالوا: ما هي إلا حياتنا الدنيا فقط وليست لنا حياة أخروية أبدا، وما نحن بمبعوثين وهكذا القوم الماديون لا يؤمنون بالغيب، ولا يرجى منهم خير أبدا [21].

و قال الشنقيطي في شأن استمرار الكافر في النار : سبب هذا الاستمرار هو ملازمة الخبث لذلك الكافر دائما ، وعدم مفارقته له في أيّ حال من الأحوال؛ فهو منطو عليه لا يزول، وباستمرار السبب الذي هو الخبث استمر المسبب الذي هو العذاب. والدليل على استمرار خبثه: قوله تعالى: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾؛ فبديمومة السبب الذي هو الكفر دام المسبب الذي هو العذاب[22] .

هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات


[1] - الزمر الآية 67
[2] - لقمان من الآية 13
[3] - رسالة التوحيد المسمى بـ تقوية الإيمان للدهلوي ص 90
[4] - النساء من الآية 48
[5] - متفق عليه
[6] - الذاريات الآية 56
[7] - تفسير السعدي ص 813
[8] - القيامة الكبرى لعمر الشقر ص 86
[9] - القلم الآية 35 -6 3
[10] - السجدة الآية 18
[11] - شرح المقاصد في علم الكلام للتلفازاني 2/238
[12] - المائدة من الآية 72
[13] - غاية المرام في علم الكلام للآمدي ص 231
[14] - الأنعام الآية 28
[15] - التفسير الميسر
[16] - القضاء والقدر لعمر الأشقر ص 27
[17] - تفسير المنار 7/296
[18] - تفسير المنار 8/72
[19] - تفسير المراغي 7/100
[20] - تفسير المراغي 7/102
[21] - التفسير الواضح ص 602
[22] - معارج الصعود للشنقيطي ص258

د.ربيع أحمد
03-29-2011, 04:33 PM
الرد على زعم الملاحدة أن الجنة بيت دعارة إلهي





إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :

فيزعم الملاحدة أن الجنة بيت دعارة إلهي فيها من الملذات الجنسية و الخمور و الحور مالم يخطر على قلب بشر ، و هذا الكلام فيه سوء أدب مع الله و ليس بعد الكفر ذنب و إذا لم يستح العبد فإنه يفعل ما يشاء ، و لسوء فهم الملاحدة للنصوص الواردة في نعيم أهل الجنة توهموا أن العلاقة بين من دخل الجنة من الرجال و بين الحور العين علاقة محرمة لعدم تفريقهم بين ما أباحه الله من الزواج و بين ما حرمه من الزنا .

و كل من يدخل الجنة من الرجال يزوجه الله تعالى من الحور العين ، قال تعالى : ﴿ َكذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ ﴾[1] ، و قال تعالى : ﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ ﴾[2] .


و قال النبي صلى الله عليه وسلم : « إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والتي تليها على أضواء كوكب دري في السماء ، لكل امرئ منهم زوجتان اثنتان ، يرى مخ سوقهما من وراء اللحم ، و ما في الجنة أعزب ؟ »[3] ، و قد بين الحديث بعدم وجود أعزب في الجنة فلا يوجد رجل أو امرأة في الجنة لم يتزوج مما يبعد شبهة الوقوع في العلاقات المحرمة تمام البعد .

و ليس نعيم الجنة قاصرا على المتع الجنسية كما يدعي الملاحدة فالجنة فيها كل ما تشتهي الأنفس و تلذ الأعين قال تعالى : ﴿ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ ﴾[4] ، و قال تعالى : ﴿ و َلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ﴾[5] أى : و في الجنة التي دخلوها كل ما تشتهيه الأنفس من أنواع المشتهيات ، و كل ما تتلذذ بين الأعين وتسر برؤيته[6] .

و المشتهيات ليست قاصرة على النكاح بل هناك مشتهيات أخرى كالذهب و الفضة و الأنعام و الخيل و الزرع و البحار و الأنهار و الطيور ، و عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله هل في الجنة من خيل ؟ قال : إنِ اللهُ أدخلك الجنة فلا تشاء أن تحمل فيها على فرس من ياقوتة حمراء يطير بك في الجنة حيث شئت ، قال : و سأله رجل فقال يا رسول الله هل في الجنة من إبل ؟ قال : فلم يقل له مثل ما قال لصاحبه ، قال : إن يدخلك الله الجنة يكن لك فيها ما اشتهت نفسك و لذت عينك[7] .

و ليس المقصد من الزواج قضاء الوتر وحسب كما يصور الملاحدة فالزوجة بها يحصل الأنس و السكن ، و تحصل المودة و الفرحة ، و يكون التمتع الروحي بالإضافة إلى التمتع الجنسي .

و ليس في الجنة شيء محرم كما يدعي الملاحدة بل كل ما فيها حلال و كل ما يريده المؤمن في الجنة يعطى قال تعالى : ﴿ لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾[8] أي : لهؤلاء المؤمنين في الجنة ما يريدون, ولدينا على ما أعطيناهم زيادة نعيم, أعظَمُه النظر إلى وجه الله الكريم[9] ، و أكل الجنة و شرب الجنة بعيدا عن كل أذى قال تعالى : ﴿ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ﴾[10] أي : يقال لهم : كلوا أكلا و اشربوا شربًا بعيدًا عن كل أذى, سالمين من كل مكروه؛ بسبب ما قدَّمتم من الأعمال الصالحة في أيام الدنيا الماضية[11] .

أما تحريم الخمر في الدنيا و تحليلها في الآخرة فلأن الآخرة دار جزاء و ليست دار تكليف و لأن خمر الآخرة ليست كخمر الدنيا و الله سبحانه و تعالى حرم الخمر في الدنيا ؛ لأن خمر الدنيا رجس من عمل الشيطان ، تذهب عقل شاربها، فتشغله عن طاعة الله تعالى ، و توقعه في معصيته ، و تورث العداوات و البغضاء في قلوب المؤمنين، قال الله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ ﴾[12] .

و خمر الآخرة لونها مشرق حسن بهيّ لا كخمر الدنيا ذات المنظر البشع ، و خمر الآخرة لذيذة الطعم كما هى طيبة اللون و طيبة الريح بخلاف خمر الدنيا خبيثة الطعم و خمر الآخرة لا تؤثر في الأجسام كما تؤثر خمور الدنيا ، فلا تصدّع الرأس ، و لا تفسد العقل بالسكر كما يكون في خمر الدنيا[13] قال تعالى : ﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ ﴾[14] قال السعدي : و تلك الخمر تخالف خمر الدنيا من كل وجه، فإنها في لونها ﴿ بَيْضَاءَ﴾ من أحسن الألوان، وفي طعمها ﴿ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ ﴾ يتلذذ شاربها بها وقت شربها وبعده، وأنها سالمة من غول العقل وذهابه، ونزفه، ونزف مال صاحبها، وليس فيها صداع ولا كدر [15] .

و كون الله وعد المؤمنين بالزواج من الحور عين فهذا فيه احترام للمتع الجسدية لدى الإنسان ،و الإنسان جسد و روح و ليس روح فقط و بالتالي فالمنطق يقتضي أن يكون النعيم للروح و للجسد أيضا و من أبلغ ما تشتهيه النفوس الزواج و عليه فلا إشكال في وعد المؤمنين بالحور العين و لكن الإشكال عند الملاحدة الذين أباحوا التبرج و السفور و الزنا و العلاقات اللا أخلاقية ،و لماذا لا يشنعوا على من يخرج لرؤية ملكات الجمال و المغنيات و عارضات الأزياء ينظرون إليهن و يمتعون أنظارهم بالنظرات المحرمة!! ،و لماذا لا يشنعوا على من يعري جسده و يمشي في الشارع عاريا كيوم ولدته أمه ، و لماذا لا يشنعون على الزناة و من يمارس البغاء و لماذا لا يشنعون على شاربي الخمر هدى الله الملاحدة هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات




[1] - الدخان الآية 54
[2] - الطور الآية 20
[3] - رواه مسلم في صحيحه رقم 2834
[4] - الزخرف من الآية 71
[5] - فصلت من الآية 31
[6] - التفسير الوسيط للطنطاوي 13/99
[7] - حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب
[8] - قـ الآية 35
[9] - التفسير الميسر
[10] - الحاقة الآية 24
[11] - التفسير الميسر
[12] - المائدة الآية 90 - 91
[13] - تفسير المراغي 23/57 بتصرف
[14] - الصافات الآيات 45- 47
[15] - تفسير السعدي ص 702

د.ربيع أحمد
04-02-2011, 08:06 PM
الرد على زعم الملاحدة أن عقيدة اليوم الآخر تعكس طبيعة العرب العنيفة و ازدرائهم للمرأة



إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :

فيقول الملاحدة هداهم الله أن عقيدة اليوم الآخر عند المسلمين تعكس طبيعة العرب العنيفة و ازدرائهم للمرأة و هذا الكلام دعوى بلا برهان و يغني فساده عن إفساده إذ عقيدة اليوم الآخر مستمدة من الشرع لا من العرب ، و لو كانت عقيدة اليوم الآخر تعكس طبيعة العرب لوافقت ما كان عليه العرب و هذا ظاهر البطلان .



و قد كان العرب قبل الاسلام أمة بدوية أمية ، لايهمهم إلا تربية الابل و الشاة و شاع فيهم ، القتل و الزنا و شرب الخمر والكبر، والتجبر و المفاخرة بالأنساب و قد نهى الإسلام عن هذه الأفعال الجاهلية .

و كانت السمة العامة للعرب قبل الإسلام الفوضى و الاضطراب في جميع نواحي الحياة سواء الدينية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو غير ذلك و قد بددت العصبيات القبلية العرب قبل الإسلام، فلم يكن لهم شريعة تجمعهم ولا نظام يحكمهم، فنالوا بالإسلام العزة و السيادة ، و السعادة .

و كانت الوثنية هي الديانة السائدة في بلاد العرب قبل الإسلام و فشى عقوق الوالدين و سوء الجوار و الكبر و التفاخر فنهى الإسلام عن ذلك قال تعالى : ﴿ وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً ﴾[1] و حول الإسلام العرب من وثنيين يعبدون الأصنام إلى مؤمنين و صديقين يعبدون رب الأصنام و رب الناس و رب الأرباب و تحولوا إلى رهبان بالليل و فرسان بالنهار .

و قد فشى في العرب قبل الإسلام القمار، والميسر و الخمر و قد نهى الإسلام عن ذلك قال تعالى : ﴿ َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾[2] .

و كان العرب يتشأمون بالأيام أو الشهور، أو ببعض الأشخاص، أو الحيوانات، أو الأحداث، أو غير ذلك من المسموعات أو المرئيات، و قد نهى الإسلام عن ذلك و جعله من الشرك الذي يذهب الإيمان قال النبي صلى الله عليه وسلم : « الطيرة شرك الطيرة شرك »[3] ، و ‏قال النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏: « ‏لا ‏ ‏طيرة ‏ ‏وخيرها الفأل قال وما الفأل يا رسول الله قال الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم »[4] وفي هذا إبطال ما يعتقده أهل الجاهلية من التطير بالمرئيات والمسموعات مما يكرهون وتردهم عن حاجتهم ، و ضد الطيرة الفأل هو أن يسمع الإنسان الكلمة الطيبة ، فتسره، ولكن لا ترده عن حاجته، وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الفأل بذلك فقال صلى الله عليه وسلم: «و يعجبني الفأل » قالوا: يا رسول الله و ما الفأل ؟ قال : « الكلمة الطيبة » .

و كانت المراة قبل الإسلام ، لا ترث و ليس لها حق المطالبة بالإرث ؛ لأنها لا تذود عن الحمى في الحرب ، و زواجها يرجع إلى أمر وليها ، و ليس لها حق الاعتراض على من يتزوجها ، و الولد كان يمنع أرملة أبيه من الزواج حتى تعطيه جميع ما أخذت من ميراث أبيه ، و قد يضع ثوبه عليها قائلاً : ورثتها كما ورثت مال أبي ، وكان الرجل العربي قبل الإسلام يصاب بضيق صدر ، وهمّ بالغ ، إذا قيل له إن زوجته وضعت أنثىبل يؤدي الحال إلى وأدها ، أي دفنها حية أو قذفها في بئر بصورة تذيب القلوب الميتة ، و هذه العادة القبيحة ، اللإنسانية ، كانت واسعة الانتشار في أيام الجاهلية ، في الجزيرة العربية عند أهل البادية في الصحراء و في المدن المتحضرة .

و عندما جاء الإسلام جعل للمرأة مكانة عظيمة و مرتبة جليلة ، و جعلها في منزلة واحدة مع الرجل من حيث قبول الأعمال الصالحة قال تعالى : ﴿ و َمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً ﴾[5] ، و قال تعالى : ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾[6] .

و حرم الإسلام وأد البنات قال تعالى : ﴿ و َإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْبِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ ﴾[7] .

و حث الإسلام على الإحسان إلى البنات قال النبي صلى الله عليه وسلم : « ‏من ابتلي بشيء من البنات فصبر عليهن كن له حجابا من النار »[8] ، و عن عائشة رضي الله عنها قالت جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها فأطعمتها ثلاث تمرات فأعطت كل واحدة منهن تمرة ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها فاستطعمتها ابنتاها فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما فأعجبني شأنها فذكرت الذي صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « إن الله قد أوجب لها بها الجنة أو أعتقها بها من النار »[9] ، و عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو , وضم أصابعه »[10] ، و ‏عن ‏ ‏أبي سعيد الخدري ‏ ‏قال ‏ : ‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم : « ‏ ‏من عال ثلاث ‏ بنات ‏ فأدبهن و زوجهن و أحسن إليهن فله الجنة »[11] .

و أمر الإسلام بحسن عشرة الزوجة و عدم الإساءة إليها أو إلى أبويها قال تعالى : ﴿ و عَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾[12] ، و نهى الإسلام عن ضرب الوجه أو التقبيح قالت عائشة رضي الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي »[13] ، و عن عمرو بن الأحوص أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في حجة الوداع : « أَلاَ وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ»[14]، و عن حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في حق الزوجة: « وَلاَ تَضْرِبِ الْوَجْهَ وَلاَ تُقَبِّحْ وَلاَ تَهْجُرْ إِلاَّ فِي الْبَيْتِ»[15].

و الخلاصة أن الإسلام صاحبه هو الله و غير مستمد من العرب و قد نهى عن أفعال العرب الجاهلية و كرم المرأة أحسن تكريم بخلاف ما كان عليه العرب قبل الإسلام من إزدراء المرأة .

و الجنة ونعيمها لكل من عمل صالحا من ذكر أو أنثى و ليست حكرا على الرجال دون النساء كما يزعم الملاحدة قال تعالى : ﴿ و َمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً ﴾[16] .

و لا يوجد في الجنة امرأة لم تتزوج إذ لا يوجد في الجنة أعزب قال النبي صلى الله عليه وسلم : « إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والتي تليها على أضواء كوكب دري في السماء ، لكل امرئ منهم زوجتان اثنتان ، يرى مخ سوقهما من وراء اللحم ، و ما في الجنة أعزب ؟ »[17] .

و للمرأة في الجنة ما ترغب من النعيم : ﴿ لهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَ لَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾[18] ، و قال تعالى : ﴿ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ﴾[19] .
و من طبيعة المرأة الحياء لذا لم يذكر الله للنساء نعيما جسديا أو متع جسدية فالله لا يشوق النساء للجنة بما يستحين منه .

و المرأة المؤمنة في الجنة خير في الجمال و المنزلة من الحور العين ؛ لأن الحور العين لم تعِش في الدنيا لتعاني من الفتن ووساوس الشيطان ورفقاء السوء وأجهزة الإعلام و غير ذلك فإذا كانت الحور العين أجمل من أجمل امرأة في الدنيا فكيف بالمرأة المؤمنة في الجنة ؟!!

و عليه فلا إذدراء للمرأة في الإسلام بل التكريم و الاحترام هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات




[1] - النساء الآية 36
[2] - المائدة الآية 90
[3] - رواه أحمد في مسنده و أبو داود في سننه
[4] - رواه البخاري في صحيحه
[5] - النساء الآية 124
[6] - النحل الآية 97
[7] - التكوير 8 - 9
[8] - رواه الترمذي في سنننه
[9] -رواه مسلم في صحيحه
[10] -رواه مسلم في صحيحه
[11] - رواه أبو داود في سننه
[12] - النساء الآية 19
[13]- رواه الترمذي، وصححه الألباني
[14]#- رواه الترمذي وابن ماجه، وحسنه الألباني
[15]- رواه أحمد وأبو داود، وحسنه الألباني
[16] - النساء الآية 124
[17] - رواه مسلم في صحيحه رقم 2834
[18] - قـ الآية 35
[19] - فصلت من الآية 31

د.ربيع أحمد
04-07-2011, 07:08 PM
الرد على سؤال الملاحدة كيف يكون الله عادلا و يحاسب الإنسان على المعاصى و قد قدرها عليه ؟






الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعـده ، وعلى آله وصحبه ، أما بعد : فيتسائل بعض الملاحدة كيف يكون الله عادلا ، و يحاسب الإنسان على المعاصى و قد قدرها عليه ؟ و هذا الكلام ناجم عن عدم تقدير الملاحدة لله حق قدره و سوء أدبهم مع الله قال تعالى : ﴿ و َمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾[1] .


و الله عدل يأمر بالعدل قال تعالى : ﴿ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون ﴾[2] ، و قال تعالى : ﴿ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ﴾[3] ، و قال النبي صلى الله عليه وسلم : « فمَن يعدل إذا لم يَعْدِل الله ورسوله »[4] ..


و بالنسبة لسؤالهم كيف يحاسب الله الإنسان على المعاصى و قد قدرها عليه فهذا لجهلهم بعقيدة القضاء و القدر ، و تقدير الله المعصية على الإنسان لا يستلزم جبر الإنسان على المعصية فتقدير الله المعصية على الإنسان بمعنى أن الله علم في الأزل أن هذا الإنسان الذي سيخلقه سيقع منه هذه المعصية التي صدرت عن إرادته فكتب ذلك في اللوح المحفوظ و شاء أن تقع من هذا الإنسان هذه المعصية فلما خلق الله هذا الإنسان وقعت هذه المعصية كما علم الله و شاء فلا يكون في ملك الله إلا ما أراد الله و شاء .

و ليس في تقدير الله المعصية على الإنسان جبر الإنسان على فعل المعصية إذ تقدير الله المعصية بمعنى أن الله علم علم غيب بوقوع المعصية من الإنسان فكتب ذلك و أراد ذلك ففعل هذا الإنسان المعصية باختياره و إرادته و لم يجبره أحد على فعلها ؛ لأن الله قد خلق فيه القدرة على فعل الطاعة و على فعل المعصية و بين له طريق الطاعة و طريق المعصية قال تعالى : ﴿ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ﴾[5] ، و قال تعالى : ﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ﴾[6] ، و قال تعالى : ﴿ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾[7] و هذا الإنسان قد اختار المعصية و ترك الطاعة .


و الله لم يظلم هذا الإنسان حين قدر عليه المعصية ، بل أعطى الإنسان المهلة والقدرة والاختيار ، و أرسل له الرسل وأنزل معهم الكتب ، وذكّره وأنذره بأنواع من المذكّرات ، كالمصائب والابتلاءات ، ليتوب إليه ، ويقبل عليه ، فاختار طريق المعصية ، وسلك سبيل المجرمين خلافا لما أمره الله و قد قال تعالى : ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا . وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾[8] أي قد أفلح من زكى نَفسه بِطَاعَة الله وطهرها من الْأَخْلَاق الدنيئة والرذائل القبيحة و خاب من قذرها بِالْجَهْلِ والغفلة، و الْمعْاصي وَلم يحملهَا و يجاهدها على طَاعَة الله فالله قد أمر الإنسان أن يتبع أوامره و ينتهي عن معاصيه لا أن يعلق الأمور على مشيئته لأنه لا يعرفها .


و الإنسان حين أقدم على المعصية لم يكن لديه العلم بأنها مقدرة عليه ؛ لأن الإنسان لا يعلم بالمقدر إلا بعد وقوع الشيء ، فلماذا لم يقدر هذا الشخص قبل أن يفعل المعصية أن الله قدر له الطاعة فيقوم بطاعته ؟!


و مما يدل على فساد زعمهم بالجبر أن الله قد قدر على أناس أخر الطاعة و أثابهم عليها و أخبر أن من يطيعه يدخل الجنة و من يعصه يدخل النار و لو كان الناس مجبورون على ما يفعلونه لما أثاب هؤلاء و عذب هؤء و كيف يكلف الله المجبر ؟!! و قال تعالى : ﴿ وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾[9] و قال تعالى : ﴿ وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ ﴾[10] و قال تعالى : ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾[11] .

و مما يدل على فساد زعمهم بالجبر أن الله قد أرسل الرسل و أنزل الكتب ليفعل الناس الخير و يجتنب الناس الشر ، و لو كان الناس مجبورون على أفعالهم لكان إرسال الرسل و إنزال الكتب عبث لا فائدة منه و هذا باطل قال تعالى : ﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾[12].


و مما يدل على فساد زعمهم بالجبر أن الإنسان في الدنيا يفعل السبب ليحصل على النتيجة فيأكل ليدفع الجوع و يشرب ليدفع الظمأ و ينكح ليقضى و تره و ينجب الولد فلما لا يفعل الطاعة ليدخل الجنة و يترك المعصية ليجتنب النار فالتفريق بين الأسباب الدنيوية - لتحصيل الأغراض البشرية - و الأسباب الموصلة للآخرة تفريق بلا مفرق إذ لما في أمور الدنيا لا يحتج بالقدر و في أسباب الآخرة يحتج بالقدر ؟!! و لما يفرق بين السعي للدنيا و السعي في طاعة الله ؟!! لماذا يجعل القدر حجة له على ترك الطاعة ؛ و لا يجعله حجة له على ترك العمل للدنيا ؟.


و من المعلوم أن الإنسان لو عرض عليه من أعمال الدنيا مشروعان أحدهما يرى لنفسه الخير فيه ، والثاني يرى لنفسه الشر فيه ، من المعلوم أنه يختار المشروع الأول الذي هو مشروع الخير و لا يمكن أبداً بأي حال من الأحوال أن يختار المشروع الثاني ، و هو مشروع الشر ، فلماذا لا يعامل الإنسان نفسه هذه المعاملة في عمل الآخرة ؟


و مما يدل على فساد زعمهم بالجبر أن كل إنسان يعلم من نفسه أن عمله من خير وشر ، وطاعة ومعصية يفعلها باختياره ، ولا يشعر بسلطة تجبره على فعلها ، فيستطيع الإنسان أن يضرب بيده ، ويسرق ويزوّر ويخون ، ويستطيع أن يساعد المحتاج ، ويبذل الخير ، ويقدم المعروف بيده . وكل إنسان يؤدي شيئا من هذه الأعمال ، لا يشعر بالجبر ولا بالقهر ، بل يفعلها باختياره وإرادته ، ومن ثم فإنه سيحاسب عليها ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر .


و مما يدل على فساد زعمهم بالجبر أن الإنسان إذا أكره على الفعل ولو كان كفراً أو على القول ولو كان كفراً فإنه لا يعاقب عليه لأنه بغير اختيارٍ منه كما أن النائم قد يتكلم وهو نائم بالكفر وقد يرى نفسه ساجداً لصنم وهو نائم ولا يؤاخذ بهذا لأن ذلك بغير اختياره و القول بالجبر يجعل التفريق بين فعل المعصية طوعا و كرها و فعلها اختيارا لا معنى له و هذا باطل .

و اختم بما اعترض به سارق عَلَى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فقال السارق: كيف تقطع يدي يا أمير المؤمنين وما سرقت إلا بقدر الله وقضاءه؟! واحتج بالقدر عَلَى فعل المعاصي فأجاب أمير المؤمنين بجواب الموحدين. فقَالَ: أنت سرقت بقدر الله وأنا أقطع يدك بقدر الله فقطع يده فعلمنا أن الله قدر أن تقطع يده، ولو لم يشأ الله أن تقطع يده ، لما قطعها عُمَر .


هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات





[1] - الزمر الآية 67
[2] - النحل الآية 90
[3] - الكهف من الآية 49
[4] - متفق عليه
[5] - البلد الآية10
[6] - الإنسان الآية 3
[7] - الشمس الآية 8
[8] - الشمس الآية 9 - 10
[9] - البقرة الآية 25
[10] - النساء الآية 14
[11] - البقرة الآية 39
[12] - الكهف من الآية 29

د.ربيع أحمد
04-19-2011, 03:23 AM
جامع الردود على شبه الملاحدة ج1 فيه رد على أكثر من ستين شبهة (http://www.mediafire.com/?bg22cpcab6g30c5)

د.ربيع أحمد
04-22-2011, 02:36 AM
الرد على سؤال الملاحدة ما فائدة أن يباهي الرب ببعض خلقه أمام الملائكة و هم من خلقه ؟



إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :

فيتسائل الملاحدة إذا كان الله هو الخالق فما فائدة أن يباهي ببعض خلقه أمام الملائكة ، وهم من خلقه ؟! فكيف يتباهى الخالق أمام خلقه وهو خالقهم ؟ !!!و سر هذا الكلام جهلهم بحكمة الله و سوء أدبهم مع الله و الجهل بحكمة الشيء لا تستلزم عدم حكمة الشيء .


و إذا سلمنا بأن الله هو الخالق فالخالق يفعل ما يشاء قال تعالى : ﴿ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَ الأَمْرُ ﴾[1] ، و قال تعالى : ﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾[2] فلا يحق لأحد أن يعترض ، و يقول لما يفعل الله كذا فهذا سوء أدب مع الله و إن كان سائلا فليقل ما الحكمة من فعل الله كذا فأفعال الله لا تخلوا من حكمة .

وقد ثبتت مباهاة الله بأهل عرفة أمام الملائكة فعن عَائِشَةُ أِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ »[3]
و ثبتت مباهاة الله بأهل الذكر أمام الملائكة فعن أبي سعيد الخدري قال: خرج معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما على حلقة في المسجد، فقال: ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله، قال: آلله ما أجلسكم إلا ذاك؟ قالوا: والله ما أجلسنا إلا ذاك، قال: أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم، وما كان أحد بمنزلتي من رسول الله أقل حديثا مني وإن رسول الله خرج على حلقة من أصحابه فقال: ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله، ونحمده على ما هدانا للإسلام، ومنّ به علينا، قال: آلله ما أجلسكم إلا ذاك؟ قالوا: والله ما أجلسنا إلا ذاك، قال : « أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم، ولكنه أتاني جبريل فأخبرني أن الله عز وجل يباهي بكم الملائكة »[4] .

و الحكمة من مباهاة الله بأهل الطاعة أمام الملائكة ما يلي :
- إظهار فضل بني آدم ، و بيان استحقاقهم للمدح حيث غلبت همتهم في العبادة دواعي الأهواء والنفوس و الشياطين وجنودهم إلى الكسل والبطالة والولوغ في الشهوات .
- شهادة الملائكة لبني آدم بالخير .
- أن يبين للملائكة أن هذا الإنسان الذي استخلفه الله في الأرض يذكر الله و يسبحه و يحمده فهم قد قالوا مستفهمين : ﴿ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ﴾[5] .


هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات






[1] - الأعراف من الآية 54
[2]- الأنبياء الآية 23
[3] - رواه مسلم في صحيحه
[4] - رواه مسلم في صحيحه
[5] - البقرة من الآية 30 __________________

د.ربيع أحمد
06-01-2011, 03:28 AM
الرد على زعم الملاحدة بظلم الله للمرأة في الجنة و نسيانه لحقها ( تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا )





الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعـده ، وعلى آله وصحبه ، أما بعد :


فيزعم الملاحدة هداهم الله أن الله ظلم المرأة في الجنة ، و نسي حقها - تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا - و يستدلون على ذلك بأن الرجل يتزوج في الجنة بأكثر من حورية علي زوجاته في الدنيا‏ ,‏ و المرأة تظل متزوجة من رجل واحد ، وإن لم يكن لديها زوج فإن الله يزوجها بأحد الصالحين و هذا الزوج – كما يزعمون - له حق في خيانتها مع عدد لانهائي من الحور و من هذا الغلط يستنج الملاحدة احتقار الإسلام للمرأة ،و هذا الكلام فيه سوء أدب مع الله و سوء فهم للإسلام و هذا دأب الملاحدة .


و كلام الملاحدة يغني فساده عن إفساده إذ الظلم محال على الله قال تعالى : ﴿ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ﴾[1] ، و الله أعلم بخلقه من علم الخلق بأنفسهم قال تعالى : ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِير ُ﴾[2] .


و اختلاف الجنس البشري إلى ذكر و أنثى ترتب عليه اختلاف في الطبائع ، و طبيعة المرأة غير طبيعة الرجل ، و من طبيعة المرأة الحياء لذا لم يذكر الله للنساء نعيما جسديا أو متع جسدية ،و لم يشوق النساء للجنة بما يستحين منه .


و لم يشوق الله النساء بالأزواج بينما شوق الرجال بالزوجات ؛ لأن الرجل هو الطالب و هو الراغب في المرأة فلذلك ذكرت الزوجات للرجال في الجنة ، و لم يذكر الأزواج للنساء لأنهن مطلوبات لا طالبات .


و شهوة المرأة للرجل ليست كشهوة الرجل للمرأة فالرجل أعلى شهوة من المرأة ، و مما يدل على هذا أن الرجل إذا جامع امرأته أمكنه أن يجامع غيرها في الحال ، و المرأة إذا قضى الرجل وطره فترت شهوتها ، ولم تطلب قضاءها من غيره في ذلك الحين[3] .


و المرأة العفيفة لا تقبل الجماع مع أكثر من رجل و طبيعة المرأة تأبى الانكشاف على أكثر من رجل ، و الرجل قد يقبل الجماع مع أكثر من امرأة حتى الخيانة الزوجية عند الرجال أكثر منها عند النساء في المجتمعات المنحلة .


و للمرأة في الجنة ما ترغب من النعيم : ﴿ لهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَ لَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾[4] ، و قال تعالى : ﴿ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ﴾[5] .


و المرأة المؤمنة في الجنة خير في الجمال و المنزلة من الحور العين ؛ لأن الحور العين لم تعِش في الدنيا لتعاني من الفتن ووساوس الشيطان ورفقاء السوء وأجهزة الإعلام و غير ذلك فإذا كانت الحور العين أجمل من أجمل امرأة في الدنيا فكيف بالمرأة المؤمنة في الجنة ؟!!


و قياس حال المرأة في الآخرة على حال المرأة في الدنيا من كرهها لتعدد زوجات زوجها قياس عالم الغيب على عالم الشهادة و شتان بينهما فهناك أمور في الدنيا لا توجد في الآخرة فنساء الدنيا تتغوط و تحيض و غير ذلك من المنفرات و نساء الآخرة لا تتغوط و لا تحيض .



و المرأة في الجنة تتزوج من زوجها في الدنيا إن كان من أهل الجنة ،و إذا لم يكُن للمرأة زوجٌ من أهل الدنيا في حياتها أو لم يكن من أهل الجنة فإنّ الله تعالى يزوّجها بمن تقرُّ به عينُها في الجنّة ، لأنّ الزواج من جملة النعيم الذي وُعد به أهل الجنّة ، وهو ممّا تشتهيه النفوس ، و تتطلّع إليه قال تعالى : ﴿ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ﴾[6] .


و المرأة في الجنة مقصورة على حب زوجها لا تتطلع إلى غيره، ولا تجد في نفسها حزناً من مشاركة غيرها له ، بخلاف ما عليه نساء الدنيا ؛ لأن الجنة لا حزن فيها ولا هم ولا غم و لا حقد و لا حسد قال تعالى : ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ ﴾[7] أي: نخرج من قلوبهم أسباب الحقد والحسد والعداوة، أو نطهّرها منها، حتى لا يكون بينهم إلا التوادّ والتعاطف. وصيغة الماضي للإيذان بتحققه وتقرره[8] أو و نزعنا ما كان في قلوبهم من حقد وضغن مما يكون من عداوة أو حسد في الدنيا، فلا يدخلون الجنة وفي قلوبهم أدنى لوثة مما لا يليق بتلك الدار وأهلها ، ويكون من أسباب تنغيص النعيم فيها[9] .


هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات





[1] - الكهف الآية 49
[2] - الملك الآية 1
[3] - انظر إعلام الموقعين عن رب العالمين 2/66
[4] - قـ الآية 35
[5] - فصلت من الآية 31
[6] - فصلت من الآية 31
[7] - الأعراف من الآية 43
[8] - تفسير القاسمي 5/59
[9] - تفسير المنار 8/374

عبدالرحمن الحنبلي
06-01-2011, 12:56 PM
جهد تشكر عليه ..اخي ربيع ....وجزاك الله خيرا في جمع هذه الردود في موضوع واحد حتى يسهل الرجوع اليها ....انا اطالب بتثبيت هذا الموضوع

د.ربيع أحمد
06-04-2011, 06:54 PM
جهد تشكر عليه ..اخي ربيع ....وجزاك الله خيرا في جمع هذه الردود في موضوع واحد حتى يسهل الرجوع اليها ....انا اطالب بتثبيت هذا الموضوع

وجزاكم الله مثله أخي الكريم

د.ربيع أحمد
06-04-2011, 07:05 PM
الرد على شبهة الملاحدة إذا كان الله على كل شيء قدير فلما خلق السماوات و الأرض في ستة أيام




إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :


فلا يزال الملاحدة هداهم الله يشككون في البديهيات بحجج واهية متوهمين أنهم على دراية و صواب و قد جعلوا من خلق السماوات و الأرض في ستة أيام مبررا لطعن في قدرة الله و لما جهلوا حكمة خلق السماوات و الأرض في ستة أيام طعنوا في قدرة الله بل طعنوا في خلق الله للسماوات و الأرض ، و تسائلوا ألم يكن ربكم أيها المؤمنون يستطيع أن يخلق السماوات والأرض في لحظة فلماذا خلقهن في ستة أيام إذن هذا دليل على عدم قدرة ربكم و على عدم وجوده تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .


و بداية الجهل بالحكمة من فعل الشيء ليس دليلا على عدم فعل الشيء كما أنه ليس دليلا على عدم حكمة فعل الشيء ،و الله عند المؤمنين هو الخالق و الخالق يفعل في خلقه ما يشاء و لا يصح أن نقول لما لم يفعل الله كذا فالله عز وجل ﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾[1] و الخلق خلقه و الكون ملكه وَ بِيَدِهِ ملكوت كل شَيْء وَلَا شريك مَعَه فِي ملكه فلا يعترض أحد عليه بتصرفه في ملكه ، و قال تعالى : ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾[2] ,و قال تعالى : ﴿ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾[3] .


و علماء الإسلام قد ذكروا الحكم من خلق السماوات و الأرض في ستة أيام بدلا من خلقها في لحظة بما يقطع كل شبهة ،و بما يفحم كل مشكك ، و قد قالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَادِرًا على خلق السموات وَالْأَرْضِ فِي لَمْحَةٍ وَلَحْظَةٍ، فَخَلَقَهُنَّ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ تَعْلِيمًا لِخَلْقِهِ التَّثَبُّتَ وَالتَّأَنِّي فِي الْأُمُورِ[4] .


و قال ابن الجوزي : فان قيل: فهلاَّ خلقها في لحظة، فإنه قادر؟ فعنه خمسة أجوبة: أحدها: أنه أراد أن يوقع في كل يوم أمراً تستعظمه الملائكة ومن يشاهده، ذكره ابن الانباري. والثاني: أن التثبُّت في تمهيد ما خُلق لآدم وذرّيّته قبل وجوده، أبلغُ في تعظيمه عند الملائكة. والثالث: أن التعجيل أبلغ في القدرة، والتثبيت أبلغ في الحكمة، فأراد إظهار حكمته في ذلك، كما يظهر قدرته في قول: كُنْ فَيَكُونُ. والرابع: انه علّم عباده التثبُّت، فاذا تثبت من لا يزلُّ، كان ذو الزّلل أولى بالتثبُّت. والخامس: أن ذلك الإمهال في خلق شيء بعد شيء، أبعد من أن يُظن أن ذلك وقع بالطبع أو بالاتفاق[5].



و قال الرازي : الْمَقْصُودَ مِنْهُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى إِيجَادِ جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ دُفْعَةً وَاحِدَةً لَكِنَّهُ جَعَلَ لِكُلِّ شَيْءٍ حَدًّا مَحْدُودًا وَوَقْتًا مُقَدَّرًا فَلَا يُدْخِلُهُ فِي الْوُجُودِ إِلَّا عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ فَهُوَ وَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى إِيصَالِ الثَّوَابِ إِلَى الْمُطِيعِينَ فِي الْحَالِ وَعَلَى إِيصَالِ الْعِقَابِ إِلَى الْمُذْنِبِينَ فِي الْحَالِ إِلَّا انه يؤخر هما إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ مُقَدَّرٍ فَهَذَا التَّأْخِيرُ لَيْسَ لِأَجْلِ أَنَّهُ تَعَالَى أَهْمَلَ الْعِبَادَ بَلْ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ خَصَّ كُلَّ شَيْءٍ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ لِسَابِقِ مَشِيئَتِهِ فَلَا يَفْتُرُ عَنْهُ [6] .


و قال القرطبي : وَذَكَرَ هَذِهِ الْمُدَّةَ وَلَوْ أَرَادَ خَلْقَهَا فِي لَحْظَةٍ لَفَعَلَ، إِذْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَقُولَ لَهَا كُونِي فَتَكُونُ. وَلَكِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُعَلِّمَ الْعِبَادَ الرِّفْقَ وَالتَّثَبُّتَ فِي الْأُمُورِ، وَلِتَظْهَرَ قُدْرَتُهُ لِلْمَلَائِكَةِ شَيْئًا بَعْدَ شيء. وَهَذَا عِنْدَ مَنْ يَقُولُ: خَلَقَ الْمَلَائِكَةَ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ. وَحِكْمَةٌ أُخْرَى- خَلَقَهَا فِي ستة أيام لأن لكل شي عِنْدَهُ أَجَلًا. وَبَيَّنَ بِهَذَا تَرْكَ مُعَاجَلَةِ الْعُصَاةِ بالعقاب، لأن لكل شي عنده أجلا[7].


و في تفسير الخازن : قيل إن الشيء إذا أحدث دفعة واحدة فلعله أن يخطر ببال بعضهم أن ذلك الشيء إنما وقع على سبيل الاتفاق فإذا أحدث شيئا بعد شيء على سبيل المصلحة والحكمة كان ذلك أبلغ في القدرة وأقوى في الدلالة و قيل: إن الله تعالى أراد أن يوقع في كل يوم أمرا من أمره حتى تستعظمه الملائكة وغيرهم ممن شاهده ، و قيل إن التعجيل في الخلق أبلغ في القدرة و أقوى في الدلالة و التثبت أبلغ في الحكمة فأراد الله تعالى إظهار حكمته في خلق الأشياء بالتثبت كما أظهر قدرته في خلق الأشياء بكن فيكون[8] .


نخلص من هذا أن خلق الله السماوات و الأرض في ستة أيام كان لحكم بالغة منها : أن تترتب هذه المخلوقات بعضها على بعض و أن يكون هناك سبب و نتيجة و لتعليم عباده التؤدة والتأني, وأن الأهم إحكام الشيء لا الفراغ منه, حتى يتأنى الإنسان فيما يصنعه ، و لأن لكل شيء عند الله وقت معين ووقت خلق السماوات و الأرض قدر أن يكون في ستة أيام و لأن خلق السماوات و الأرض في ستة أيام أبلغ في الحكمة من خلقها في لحظة هذا و الله أعلم والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات




[1] - الأنبياء الآية 23
[2] - آل عمران الآية 26
[3] - الأعراف من الآية 54
[4] - تفسير البغوي 3/235
[5] - زاد المسير 2/197
[6] - تفسير الرازي 14/527
[7] - تفسير القرطبي 7/219
[8] - تفسير الخازن 2/207

محمد موافى
06-23-2011, 11:01 PM
أثبات العناية الالهية

فى القرن التاسع عشر عندما ظهرت نظرية الجاذبية أتخاذها الملحدين دليلا على نفى العناية الالهية وقالو أن الكون مثل الساعة صنعها صانعها
و تركها تعمل أعتمادا على الاسباب0 ثم ظهرت بعد ذلك نظرية الكم وهى مؤيدة للدين وسأذكر هنا ادلة أعتقد أثباتها للعناية ألالهية
وهى مطروحة للرد و النقاش حيث أنها أجتهاد منى0

سلوك العلل نحو هدف رغم امكان سلوك غيرها
الحفاظ على السنن الكونية رغم وجود أخطار عليها
عدم القدرة على تعيين النتيجة قبل حدوثها و عدم القدرة على معرفة السبب الذى أنشاء تلك النتيجة كما فى الذرة
مخالفة النتيجة السبب ومخالفة السبب النتيجة
لو أننا سلمنا جدلا بمثال الساعة لوجدنا أن أى الة من يقومم عليها بعد تشغيلهاو لو كانت تعمل بالكمبيوتر فنجده يمدها بالطاقة اللازمة عوضا
عن التى فقدت و ايضا يقوم على صيانتها و استبدال المستهلك منها
ايجاد بداية لسلسلة العلة و المعلول و ايجاد شىء يعجز ألانسان أن يرده الى سبب فلا يجد ألا الله هو الذى خلقه 0
فسبحان الله أن يخلق هذا الكون عباثا فبأثبات الغاية من الخلق و نفى العباثية تثبت العناية الالهية 0

محمد موافى
06-23-2011, 11:04 PM
الرد على شبه العلمانيين
- أن العقل قادر على تشريع وضعى يغنى عن الشرع ( الوحى )
الرد: أن العقل لا يستطيع الأنفراد بالتشريع دون الوحى لأن العقل يخطىء فى المسائل النسبية التى لابد من ترجيح من الوحى
فالتحسين و التقبيح فى العقل نسبى
و ايضا العقل لا يستطيع الأحاطة الكلية والجزئية بموضوع معين و ما يمكن أن يطرأ عليه من عوامل خارجية تغير
ما أعد للتعامل معه.
- أن الشريعة الأسلامية غير ملاءمة للعصر الحديث ( بالاحتجاج بأن القرأن ثابت والحياة متطورة )
الرد: أنه يوجد فى الشريعة الأسلامية أصول ثابتة و فروع متغيرة تتحمل أراء المجتهدين و تعدد فهمهم للنص
و تتحمل أختلاف الظروف المستجدة.
- أن الدين ضد العلم
الرد: أن الدين ألاسلامى قد حدد مسار العلم تحديدا واضحا فلو فرضنا أننا بصدد تفسير ظاهرة كونية فيكون دور العلم
هو تفسيرها تفسير وصفى يشرح الأسباب و السنن الكونية التى وضعها الله على أن يرد هذه الأسباب ألى مسببها
الا و هو الله ايضا يجب أن تفسر هذه الظاهرة الكونية من حيث الحكمة الشرعية فأنما ينزل الله بالايات عقابا للكافرين
و تذكيرا للغافلين و عظة و عبرة للمؤمنين و العلم فى الأسلام يحض على ما ينفع الناس و لا يضرهم .


https://sites.google.com/site/sapilallh/

د.ربيع أحمد
06-24-2011, 03:30 AM
أثبات العناية الالهية

فى القرن التاسع عشر عندما ظهرت نظرية الجاذبية أتخاذها الملحدين دليلا على نفى العناية الالهية وقالو أن الكون مثل الساعة صنعها صانعها
و تركها تعمل أعتمادا على الاسباب0 ثم ظهرت بعد ذلك نظرية الكم وهى مؤيدة للدين وسأذكر هنا ادلة أعتقد أثباتها للعناية ألالهية
وهى مطروحة للرد و النقاش حيث أنها أجتهاد منى0

سلوك العلل نحو هدف رغم امكان سلوك غيرها
الحفاظ على السنن الكونية رغم وجود أخطار عليها
عدم القدرة على تعيين النتيجة قبل حدوثها و عدم القدرة على معرفة السبب الذى أنشاء تلك النتيجة كما فى الذرة
مخالفة النتيجة السبب ومخالفة السبب النتيجة
لو أننا سلمنا جدلا بمثال الساعة لوجدنا أن أى الة من يقومم عليها بعد تشغيلهاو لو كانت تعمل بالكمبيوتر فنجده يمدها بالطاقة اللازمة عوضا
عن التى فقدت و ايضا يقوم على صيانتها و استبدال المستهلك منها
ايجاد بداية لسلسلة العلة و المعلول و ايجاد شىء يعجز ألانسان أن يرده الى سبب فلا يجد ألا الله هو الذى خلقه 0
فسبحان الله أن يخلق هذا الكون عباثا فبأثبات الغاية من الخلق و نفى العباثية تثبت العناية الالهية 0

جزاكم الله خيرا أخي الكريم على هذه الإضافة و الدارس لعلوم الطبيعة يدرك أن الكون الذي نعيش فيه نظام بيئي متزن و اتزانه في الدقة و كلاما ازاد الشيء تعقيدا و دقة قل احتمال الصدفة فيه حتى تنعدم تماما و هذا التعقيد الذي في الكون و أنظمته الدقيقة يبين بما لا يدع مكان للشك أن هذا الكون لم يوجد مصادفة و انتفاء الصدفية يثبت الغائية و الحمد لله رب العالمين

د.ربيع أحمد
06-24-2011, 03:39 AM
الرد على قول الملاحدة أن إجابة دعاء السائلين ليس دليلا على وجود الله



إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .


أما بعد :


فرغم أن إجابة دعاء السائلين دليل واضح على وجود الله إلا أن الملاحدة يشككون في وضوحه و يقولون لا دليل على وجود الله حتى بوقوع عين المدعو به مدعين أنه كما قد يحصل الشفاء بدعاء بوذا كذلك يحدث الشفاء بدعاء الله فيكون دعاء الله كدعاء بوذا ، و يقولون هب أنه قد حصل عين المدعو به فما الدليل على أن حصول عين المدعو به كان بسبب الله ،ويقولون لا دليل على أن وقوع عين المدعو به كان لسبب فلا سبيل إلى نُعَمِّم وجوب وجود سبب لكل تأثير , فنحن لا نستدل على هذا إلا بالإستقراء , أي ملاحظة بعض الأمثلة و تعميمها , و يبقى إحتمال وجود ما يشذ عن ما لاحظناه قائما .


و الجواب على هذه الشبهات أن وجود الله لا شك فيه فهو أمر فطري بديهي و لكن هؤلاء الملاحدة قد تغيرت فطرتهم و انحرفت عن الحق بفعل مؤثرات خارجية ، وهذا الانحراف كان هو السبب في وجود الوثنيات و الشرك في الأمم السابقة ، وهو أيضا سبب الشرك و الضلال و الإلحاد في زمننا الحاضر ،و قد تختلج شبهة في الذهن تسبب مشكلة للإنسان، فيظن أنَّ هذا الضروري الواضح ليس بضروريٍ ، مثلاً استحالة اجتماع النقيضين من البديهيات الأوليَّة، بل هي أساس جميع البديهيّات ، و لكن ربَّ شبهة تشكك في هذا البديهي، فيتصوَّر البعض أنّه من الممكن اجتماع النقيضين كما لو توهَّم أنَّ بين النور والظلمة حالةً ليست من الظلمة و ليست من النور! و البديهي بديهيٌ على أي حال .


و لا يصح اعتراضهم على أن إجابة الداعيين دليل على وجود الله فاعتراضهم لا يخلو من اعتراض خال من معارض معتبر فقولهم : ( لا دليل على وجود الله بوقوع عين المدعو به فكما قد يحصل الشفاء بدعاء بوذا كذلك يحدث الشفاء بدعاء الله فيكون دعاء الله كدعاء بوذا ) قول لايصح فشتان بين دعاء الله و دعاء بوذا فالأدلة قد قامت على ألوهية و ربوبية الله أما بوذا فلا يصح أن يكون إلها أو ربا فهو بشر و الخالق خلاف المخلوق ،و بوذا قد وجد بعد خلق الكون فكيف يكون خالقا ؟!! و بوذا كان ينام ويأكل و يتبول و الإله لاينبغي له أن ينام و بوذا كان في الأرض و الإله فوق خلقه ،و بوذا كان له مثيل فهناك ملايين البشر مثله و بوذا لم يرسل رسلا للناس ليعرفهم به و كل هذا ينافي أن يكون بوذا إلها و ربا فكيف يطلب من بوذا الشفا ؟!! و من الذي كان يستجيب دعاء الناس قبل بوذا و بعد وفاة بوذا ؟!!! و كيف يهب من يمرض ( بوذا ) الشفاء لمريض ؟!! و لم نسمع أن بوذا كان يسمع صوت من ليس في المكان الذي هو فيه في نفس المنطقة فضلا عن سماعه صوت من في بلد أخرى فكيف يقال بعد ذلك أن دعاء الله كدعاء بوذا ؟!!!


و الله ليس فقط يستجيب دعاء المرضى بل يستجيب دعاء المظلومين و دعاء المضطرين و دعاء السائلين و هذا أمر مشاهد و محسوس أما استجابة بوذا للدعاء فهي استجابة موهومة لايشهد الحس عليها فلم نسمع و لم نشاهد أن فلانا دعا بوذا أن ينتقم من فلان فانتقم بوذا منه ، و لم نسمع أن الناس دعوا بوذا أن ينزل عليهم المطر فنزل المطر , و لم نسمع أن شخصا كان مكروبا فدعا بوذا ففرج بوذا كربته ، و لم نسمع و لم نر أن شخصا دعا بوذا قائلا لو فعلت كذا احرقني فحرق بخلاف استجابة الله للدعاء فهي متكررة سمعناها عن كثير من الأشخاص في كثير من الأماكن في كثير من البلدان في كل الأزمان و ما تقرر قر فكيف يقال بعد ذلك أن دعاء الله كدعاء بوذا ؟!!!
.

و لا مقارنة بين عدد من يحصل لهم الشفاء بدعاء الله و عدد من يصادفهم الشفاء إذا دعوا بوذا فكيف يقال بعد ذلك أن دعاء الله كدعاء بوذا ؟!!!



و قول الملاحدة هب أنه قد حصل عين المدعو به فما الدليل على أن حصول عين المدعو به كان بسبب الله و الجواب أن لا أحد غير الله له القدرة على استجابة دعاء الداعيين مع اختلاف أماكنهم و تعدد مطالبهم ، و حصول عين المدعو به لكثير من الأشخاص في كثير من الأماكن في كثير من البلدان عبر التاريخ لدليل على وجود خالق مجيب للدعاء تجتمع فيه صفات الإله الحق و كل ما سوى الله لا يمكن أن يكون مجيبا للدعاء فمن الذي يستطيع أن يسمع دعاء جميع البشر - رغم اختلاف أماكنهم و اختلاف دعائهم – غير الله ؟!! و من الذي لا تأخذه سنة و لا نوم غير الله ؟!! و من الذي له ما في السماوات و الأرض غير الله ؟!! و من الذي يحيي و يميت غير الله ؟!!! و من الذي يشفي المرضى غير الله ؟!! و من الذي يقوم بنفسه و لا يحتاج لأحد غير الله ؟!!! و الله وحده هو الذي أرسل الرسل لتعريف الخلق به و لتعريف الخلق كيفية عبادته و ما يحب أن يفعلوه و ما يكره أن يفعلوه و قد أيد الله رسله بالمعجزات كأمارة على صدقهم فهل وجد إله غير الله فعل مثلما فعل الله ؟!!


و قول الملاحدة : ( و لا دليل على أن وقوع عين المدعو به كان لسبب فلا سبيل إلى نُعَمِّم وجوب وجود سبب لكل تأثير , فنحن لا نستدل على هذا إلا بالإستقراء , أي ملاحظة بعض الأمثلة و تعميمها , و يبقى إحتمال وجود ما يشذ عن ما لاحظناه قائما ) قول لا يصح فهو قول يصادم العقل و يخالف الفطرة فعقلا و بداهة أن لكل أثر مؤثر و لكل مسبب سبب و قانون السببية قانون عقلي بديهي واقعي ضروري يزاوله الناس في حياتهم أي هذا القانون يطبقه الناس في دنيا الواقع فالناس عندهم الأكل سبب للشبع و شرب الماء سب للإرتواء و النكاح و الجماع سبب لإنجاب الولد ،و إذا وقع أي شيء يحاولون أن يعرفوا سببه .


و لا يمكن رد قانون السببية على جزئية من جزئياته وفرع من فروعه و فرد من أفراده بدعوى أننا لم نلاحظ كل الأمثلة على السببية فمعرفة أن لكل معلول علة لا تحتاج استقراء كل الأمثلة بل هي أمر بديهي عقلي يفرض نفسه على الذهن بحيث لا يحتاج إلى برهان لإثباته ، و يجمع العقلاء على صحته و اعتماده كأصول ضرورية لازمة ، و يعتبر برهانا يبنى عليه باقي الأفكار ، و لو أن طفلا رمي بقطعة خشب فإنه يلتفت لينظر من الذي رماها عليه و من الذي فعل ذلك ،و لو لم يحدث له مثل هذا الأمر قبل ذلك .


و لا يجوز القدح في البديهيات بالنظريات ، لأن البديهيات أصل للنظريات ، فلو جاز القدح بالنظريات في البديهيات ، و النظريات لا تصح إلا بصحة البديهيات ، كان ذلك قدحاً في أصل النظريات ، فلزم من القدح في البديهيات بالنظريات فساد النظريات ، و إذا فسدت لم يصح القدح بها ، و القدح في البديهيات بالنظريات يستلزم فساد النظريات و فساد العلوم .


و إجابة دعاء كثير من الأشخاص في كثير من الأماكن في كثير من البلدان في كل الأزمان دليل بديهي على وجود مجيب لهذه الدعوات , و لا ينكر هذا إلا عديم العقل ، و لو رأي شخص كتابة فقال لابد لها من كاتب و لابد لها من سبب فاعترض عليه آخر قائلا : ( أثبت لي أن هذه الكتابة تحتاج لكاتب ، و هل اختبرت كل الكتابات لتعرف هل تحتاج إلى كاتب أم لا ) لعده الناس مجنونا ، و لو رأى شخص نارا فقال أنها حارة لا تقترب منها حتى لا تحرقك فرددت عليه قائلا : أثبت لي أن النار حارة و من يقترب منها تحرقه ، و هل استقرأت كل النار التي في العالم حتى تقول لي أنها حارة و تحرق ؟!!! لاعتبرك الناس من المجانين .


هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

د.ربيع أحمد
07-09-2011, 07:29 PM
نقض شبهات عقيمة لملحد حول دليل الدعاء





إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .



أما بعد :



فقد قرأت كلاما عقيما لأحد الملاحدة هداهم الله يتوهم فيه أن من السهل الاقتناع أن الله لا وجود له و من ضمن ما استدل به على عدم وجود الله هو عدم استجابة الله لدعاء المسلمين في أمور كثيرة فآلاف المسلمين يدعون الله ليلا نهارا بزوال إسرائيل و هي ما زالت موجودة ، و آلاف المسلمين يدعون الله ليلا نهارا بالانتصار على أمريكا و لم يحدث النصر بعد ، و آلاف المسلمين يدعون الله ليلا نهارا بتحرير فلسطين من دنس يهود و مازالت فلسطين محتلة ، و يدعي هذا الملحد أن شروط إجابة الدعاء شروط تعجيزية و يتوهم أنها و إن حقهها الشخص فلن يتقبلها الله بدليل أن فلسطين لم تتحرر و العرب مازالوا في هزيمة و من يدعو الله بانقاذ الجوعى في الصومال و غيرها لا يستجاب له بدليل وجود المجاعات في الصومال حتى الآن و من ثم فالله غير موجود على حد زعمه .


و على نقيض كلام هذا الملحد هداه الله فإن وجود الله لا شك فيه بل هو وجود بديهي و ووجود منطقي عقلي ووجود فطري إذ هذا الكون دال عليه دلالة الصنعة على الصانع و هي دلالة فطرية بديهية فمن الذي أوجد هذه الجبال و هذه الأنهار و هذه البحار و هذه المحيطات و هذه الشمس و هذا القمر و هذه النجوم و هذه السماء من الذي أوجد هذه الطبيعة غير الله ؟!! الملحد لو رأى كومة من التراب ملقاه في جنب الطريق يعلم أن لها مسبب و عندما ينظر للطبيعة ينكر أن لها مسبب سبحان ربي لهذا الفكر المعكوس !


و الحياة في كل كائن حي لابد أنها خلقت من إله حي و لا يمكن أن تنشأ حياة من لا حياة ، و الحياة ليست بشيء مادي يصنع[1] بل هي شيء يقوم بالكائن الحي ، و إذا انتزع من بالكائن الحي مات فمن الذي يقدر أن يخلق الحياة غير الله ؟!! و كل كائن حي دليل على وجود الخالق لذا دليل الحياة على وجود الخالق يشتمل على ملايين الأدلة على وجود الخالق و دلالة الحياة على وجود الله من دلالة الحادث على المحدِث و هي دلالة عقلية بديهية لكن الملحد يغفل عن الواضح الجلي بتأويلات ما أنزل الله بها من سلطان فقد عميت عينه عن رؤية الحق و صمت أذنه عن سماع الحق و شل لسانه عن قول الحق و تحقق فيه قوله تعالى : ﴿ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ ﴾[2] .


قال المراغي : ﴿ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ ﴾ وصفهم الله بهذه الصفات مع سلامة مشاعرهم، من قبل أنهم فقدوا منفعة السمع، فلا يصغون لعظة واعظ ولا إرشاد مرشد، بل هم لا يفقهون إن سمعوا فكأنهم صمّ لا يسمعون، كما فقدوا منفعة الاسترشاد وطلب الحكمة، فلا يطلبون برهانا على قضية، ولا بيانا عن مسألة تخفى عليهم، فكأنهم بكم لا يتكلمون وفقدوا منافع الإبصار من النظر والاعتبار، فلا يرون ما يحلّ بهم من الفتن فينزجروا ، و لا يبصرون ما تتقلّب به أحوال الأمم فيعتبروا ﴿ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ ﴾ أي فهم لا يعودون من الضلالة إلى الهدى الذي تركوه وأضاعوه، إذ من فقد حواسه لا يسمع صوتا يهتدى به، ولا يصيح لينقذ نفسه، ولا يرى بارقا من النور يتجه إليه ويقصده، ولا تزال هذه حاله، ظلمات بعضها فوق بعض حتى يتردّى فى مهاوى الهلاك [3].


و جميع الأمم التي درس العلماء تاريخها تجدها اتخذت معبودات تتجه إليها وتقدَّسها، وما يحصل من ضلال أو انحراف أمر طارئ على هذه الفطرة السليمة فالإنسان قد تحيط به مؤثرات كثيرة تجعله ينحرف عن المعبود الحق ،و الإنسان لو ترك وذاته دون أن يلوث فطرته أحد ، فإنّه يشعر في أعماق نفسه ، وبما أودعه الله في خلقته بأنّ لهذا الكون خالقا خلقه ، ومكوناً كونه ، ومبدعاً أبدعه ، ومدبراً دبره. هذا الشعور نابع من فطرته وذاته وليس مما تعلمه من والديه وأهله. يولد معه، وينمو معه، ويبقى معه فمن الذي أودع هذا الشعور فيه غير الله ؟!!!!


و عدم فعل الشيء في بعض الحالات لا تنفي فعل الشيء في حالات أخرى ،و لو لم يكلم شخص آخر يوما أو يومين أو شهرا لا يقال عليه أنه لا يتكلم بل يقال أنه لا يكلم فلان و لا نعمم أنه لا يكلم أحدا ، و لو أن رئيسا قبل طلب بعض العمال و لم يقبل طلب باقي العمال لا يقال أنه لا يقبل طلب العمال بل يقال أنه لم يقبل طلب البعض و لا نعمم أنه لا يقبل طلب العمال ، و كم من شخص دعا الله فاستجاب الله دعائه ، و كم من مضطر دعا الله فاستجاب الله له ،و كم من مكروب دعا الله فكشف الله كربته ، و هذا دليل واضح على وجود الله لكن الملحد يشكك في هذا الدليل الحسي و يدعي أن الدعاء دليل على عدم وجود الله بحجة أن الله إن كان موجودا لاستجاب دعاء المسلمين لتحرير فلسطين و هذا لم يحدث و من ثم فالله غير موجود على حد زعمه ، و تغافل عن استجابة الله لدعاء الآف الناس في آلاف الأماكن و هذا ليس من الأمانة في شيء .


و كان من الأولى لهذا الملحد أن يتسائل لما لم يستجب الله لدعاء المسلمين بالنصر في زماننا مع أن النصر كان ملازما للمسلمين قرونا عديدة و السبب هو أن غالب المسلمين في زماننا لم يحققوا أسباب النصر و ركنوا إلى الدنيا و تفرقوا بعد أن كانوا يدا واحدة و ضيعوا دينهم لحطام الدنيا فخذلهم الله قال تعالى : ﴿ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ﴾[4] فهذه المصائب التي حلت بالمسلمين إنما هي من أنفسهم و قال تعالى : ﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِين ﴾[5] إذ طاعة الكافرين لا تقضي بمن أطاعهم إلا إلى الخيبة والخسران في الدنيا و الآخرة و المسلمون اليوم قد أطاعوا أهل الكفر فخذلهم الله و سلط عليهم عدوهم ،و قال تعالى : ﴿ إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾[6] و كم انتصر المسلمون و هم قلة فالعبرة ليست بالكثرة و العدة لكن العبرة بالتقوى و التمسك بالشرع في المقام الأول و إذا رجع المسلمين لدينهم ستجد النصر حليفهم و لن تجد مجاعات و لن تجد فقراء و إذا وجدت فستجد الشذر اليسير .


ألم يقرأ هذا الملحد ما حققه النبي صلى الله عليه وسلم من انتصارات ؟!!! ألم يقرأ هذا الملحد ما حققه الصحابة من انتصارات ؟!! ألم يقرأ هذا الملحد ما حققه أمراء المسلمين - عندما كانوا يلتزمون بشرع الله – من انتصارات ؟!! ألم يهزم المسلمون الفرس ؟! ألم يهزم المسلمون الروم ؟! ألم يهزم المسلمون الصليبيين ؟! ألم يهزم المسلمون التتار ؟!! هناك الكثير من الانتصارات التي حققها المسلمون عندما كانوا يلتزمون بشرع الله و يعظمون شعائره لكن الملحد ضرب عنها الصفح و ذكر صورا من خذلان الله للمسلمين عندما فرطوا في دين الله ليؤيد باطله و أنى له ذلك .


و التاريخ يذكر عن غزوات سعد بن أبي وقاص رضي الله أنه كان يغزو الفرس فيفتح الله عليه بلادهم بلداً بعد بلد حتى وصل إلى نهر دجلة فلما وصل إلى النهر وجد أن الفرس قد أغرقوا السفن وكسروا الجسور وهربوا إلى الجانب الشرقي من النهر فتوقف سعد رضي الله عنه ماذا يصنع فدعا سلمان الفارسي رضي الله عنه وكان ذا خبرة في أحوال الفرس وما يصنعونه عند القتال فاستشاره أي أن سعداً استشار سلمان الفارسي ماذا يصنع فقال له يا سعد ليس هناك شيء يمكن أن نصنعه إلا أن ننظر في الجيش هل عندهم من الإيمان والتقوى ما يؤهلهم للنصر أو لا, فدعني أسبر القوم وأنظر حالهم فأمهله سعد فجعل يذهب إلى الجيش ويتفقد أحوالهم وينظر أعمالهم فوجدهم رضي الله عنهم بالليل يبيتون لربهم سجداً وقياماً وفي النهار يصلحون أحوالهم ويستعدون للقتال فرجع بعد ثلاثٍ إلى سعد بن أبي وقاص وأخبره الخبر وقال إن قوم موسى ليسوا أحق بالنصر منا فقد فلق الله لهم البحر وأنجاهم من فرعون وقومه ونحن سوف نعبر هذا النهر بإذن الله فأذّن سعدٌ رضي الله عنه بالرحيل والتقدم إلى النهر وقال إني مكبرٌ ثلاثاً فإذا كبرت الثالثة فسموا واعبروا ففعلوا فجعلوا يدخلون الماء كأنما يمشون على الصفا خيلهم ورجلهم وإبلهم حتى عبروا النهر وهو يجري يقذف بزبده فلما رآهم الفرس قال بعضهم لبعض إنكم لا تقاتلون إنساً وإنما تقاتلون جناً فهربوا من المدائن وهي عاصمتهم حتى دخلها المسلمون .

و لو أعطى المسلمون ما عليهم من زكاة لما وجدت فقيرا بين المسلمين و ما وجدت مجاعات و ما وجدت فقراء و في زمن الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز كان الرجل يعرض المال للصدقة فلا يجد من يقبله منه فلا مجاعات كما في زماننا ، و لا تفشي الفقر كما في زماننا لأن الأمة وقتها كانت تحكم بشرع الله و تؤدي فرائض الله .

و قد أعطى النبي صلى الله عليه وسلم جوابا شافيا لما أثاره هذا الملحد فقال : « والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف وتنهون عن المنكر أو ليوشك الله أن يبعث عليكم عقابا منه، ثم تدعون فلا يستجاب لكم »[7] ، و قال صلى الله عليه وسلم : « وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ، أَوْ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْكُمْ قَوْمًا، ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلَا يُسْتَجَابُ لَكُمْ »[8] و ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث هو ما حصل للأمة الإسلامية فلما بعدت الأمة عن شرع ربها سلط الله عليها المستعمرين فمن استعمار إلى استعمار و من تحرر من هذه البلاد من الاستعمار العسكري لم يتحرر من الاستعمار الاقتصادي ولا الاستعمار الفكري ولا الاستعمار السياسي .

و دعوى هذا الملحد أن شروط إجابة الدعاء شروط تعجيزية دعوى بلا برهان و يغني فسادها عن إفسادها و هذه الشروط ما هي إلا آداب يرجى لمن جمعها أن يستجيب الله له ، و من هذه الآداب :
1 - رد المظالم مع التوبة و البعد عن المعاصي[9] .
2 - الوضوء قبل الدعاء إن تيسر .[10]
3 - استقبال القبلة ورفع الأيدي حال الدعاء[11] .
4- الإخلاص في الدعاء فلا يدعو إلا الله سبحانه و تعالى[12] .
5 - افتتاح الدعاء بحمد الله تعالى والثناء عليه، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم[13] .
6- الصبر وعدم الاستعجال[14] .
7 - الإلحاح في الدعاء والعزم في المسألة[15] .
8 - خفض الصوت والإسرار بالدعاء [16].
9 - عدم تكلف السجع[17] .
10 - تحري الأوقات المستحبة للدعاء كأدبار الصلوات الخمس ، و عند الأذان ، و بين الأذان و الإقامة ، و الثلث الأخير من الليل ، و يوم الجمعة ، و يوم عرفة ، و حال نزول المطر ، و حال السجود ، و حال زحف الجيوش في سبيل الله ، و غير ذلك .
11 - تجنب الدعاء على النفس والأهل والمال. [18]

و إني أسأل أي عاقل هل في آداب الدعاء شرط تعجيزي أم هي آداب سهلة و ميسورة يمكن للصغير فعلها فضلا عن الكبير لكن الملاحدة دأبهم تشويه الحق .

و كون هناك بلاد إسلامية لم تتحر بعد فهذا لا يقدح في كون نصر الله آتي فالحرب سجال يوم لك و يوم عليك و سنة الله في الأرض الصراع بين الحق و الباطل و الصراع بين الكفر و الإيمان و العبرة بالنهاية قال تعالى : ﴿ أمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ ﴾[19]
هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات



[1] - و إن قال الملاحدة لقد استطاع العلماء تخليق خلية حية خلال محاولات استغرقت عشرين عاما فلا نستبعد أن تخلق الصدفة خلية حية ،و الجواب أن العلماء لم يخلقوا خلية حية و أنى لهم ذلك بل كل ما فعلوه نزع المادة الوراثية لخلية حية ،و إدخال مادة وراثية صناعية بدلا منها فالخلية الحية كانت وعاء استقبال للمادة الوراثية الصناعية و الخلية الجديدة المصنعة ببساطة تحمل مادة وراثية صناعية، ولكن كل مكوناتها الأخرى من الخلية الأصلية الطبيعية و هذا يمكن تشبيهه بزرع الأعضاء فهل يسمى زرع العضو خلق العضو ؟!! و لولا وجود الحياة في الخلية الأصلية لما كان للمادة الوراثية الصناعية عمل ، و الحياة ليست مادة يمكن أن تصنع .
[2] - البقرة الآية 18
[3] - تفسير المراغي 1/59
[4] - الشورى من الآية 30
[5] - آل عمران الآية 149
[6] - آل عمران الآية 160
[7]- رواه الترمذي في سننه حديث رقم 2169 و حسنه الألباني
[8] - رواه أحمد في مسنده حديث رقم 23328 و قال شعيب الأرناؤوط : حسن لغيره
[9] - إذ كيف ترجو من تعصيه
[10] - لأن الوضوء مستحب عند ذكر الله و الدعاء من الذكر
[11] - فقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي فاستقبل القبلة ودعا ، و الله تعالى حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردّهما صفرا
[12] - لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله » رواه الترمذي في سننه حديث رقم 2516 و حسنه الألباني
[13] - لأن الله يحب أن يشكره عبده لذا كان المستحب في الدعاء أن يبدأ الداعي بحمد الله تعالى والثناء عليه بين يدي حاجته ثم يسأل حاجته ، و قد أرشدنا إلى ذلك ربنا سبحانه وتعالى في سورة الفاتحة، حيث بدأ بالحمد والثناء والتمجيد، ثم أتبعه بالدعاء والسؤال.
[14] - لقوله صلى الله عليه وسلم: « يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي » متفق عليه رواه البخاري في صحيحه رقم 6340 و رواه مسلم في صحيحه رقم 2735
[15] - لقوله صلى الله عليه وسلم : « ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ » رواه الترمذي في سننه حديث رقم 3479 و حسنه الألباني
[16] - لقوله تعالى : ﴿ ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ﴾ سورة الأعراف من الآية 55
[17] - لأن حال الداعي حال متضرع, والتكلف في السجع لا يناسب التضرع
[18] -لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاءً فيستجيب لكم » رواه مسلم في صحيحه رقم 920
[19]- البقرة الآية 214

د.ربيع أحمد
07-22-2011, 01:36 AM
فساد تشكيك الملاحدة في إعجاز القرآن بدعوى أنه احتجاج بالجهل





الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعـده، وعلى آله و صحبه ، أما بعد :





فيشكك الملاحدة هداهم الله في إعجاز القرآن بدعوى أن إعجاز القرآن ما هو إلا تحدي يقوم على عجز الناس عن إثبات خطأ كلام الله عن طريق الإتيان بشيء بمثل بلاغته يريدون أن يقولوا أن دليل إعجاز القرآن ليس أن القرآن معجز و لكن لعدم إثبات الناس أنه غير معجز عن طريق الإتيان بشيء يماثله بمعنى أن دليل إعجاز القرآن هو الجهل بأن أحد يمكن أن يماثل القرآن بمعنى أن دليل إعجاز القرآن هو الاحتجاج بالجهل بمعنى أن دليل إعجاز القرآن هو الاحتجاج بعدم قدرة المتحدين على إثبات نقيض الإعجاز و من ثم فالقرآن غير معجز على حد زعمهم .


و الجواب على هذا الكلام السقيم الذي يغني فساده عن إفساده و بطلانه عن إبطاله و ينم عن سطحية فكر قائله و عدم تفريقه بين التحدي بشيء معجز خارق للعادة و بين التحدي بشيء يعجز المتحدى عنه و ليس خارقا للعادة فالتحدي بشيء خارق للعادة أو خارق لقوانين الطبيعة السائدة مع الصلاح و دعوى النبوة لدليل ساطع على صدق الدعوى فلا يستطيع خرق العادة إلا من أيده خالق العادة المتحكم فيها ، و من عظيم حكمة الخالق أن جعل معجزات رسله من جنس ما أبدع فيه القوم المرسلإليهم ، إمعاناً في الحجة ، و قطعاً للعذر ، فلو جعلت معجزة الرسول في أمر يجهله منأرسل إليهم ، لكان لهم عذر في عدم إحسان ما يجهلونه أما التحدي بشيء يعجز المتحدى عنه و ليس خارقا للعادة فليس دليلا على النبوة إذ عجز المتحدى عنه لا يستلزم عجز غيره عنه و معجزات الأنبياء من قبيل الاحتجاج بأمور خارقة للعادة من جنس ما أبدع فيه القوم المرسلإليهم .
و القرآن الكريم رغم أنه كلام عربي من جنس ما تكلم به العرب أهل الفصاحةوالبلاغـة، والشعر إلا أنه لم يستطع أي أحد من العرب أو غيرهم أن يؤلف كلاماً مثله في البيانو الحلاوة و الحسن و الكمال و العذوبة و أداء المعنى المرادقال تعالى : ﴿ أمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [1] ، و عجز العرب عن معارضة القرآن مع توفر الدواعي عجز للغة العربية في ريعان شبابها، وعنفوان قوتها والإعجاز لسائر الأمم على مر العصور ظل ولا يزال في موقف التحدي شامخ الأنف ، فأسرار الكون التي يكشف عنها العلم الحديث ما هي إلا مظاهر للحقائق العليا التي ينطوي عليها سر هذا الوجود في خالقه ومدبره، وهذا ما أجمله القرآن، أو أشار إليه فصار القرآن بهذا معجزاً للإنسانية كافة[2] .


و من لدن النبي صلى الله عليه و سلم إلى زماننا هذا لم يستطع أحد أن يأتيبسورة من مثل القرآن ، ومن عارض القرآن و أتى بما يدعي أنه مثل القرآن افتضح أمره وبان سخفه وجهله و أصبح أضحوكة بين العالمين مثل مسليمة الكذاب ، فمما قال مسليمة و يتوهم أنه يشبه سور القرآن : يا ضِفدع، نُقي كما تنُقين، لا الماء تدركين، ولا الشراب تمنعين ،و قال أيضا : والطاحنات طحنا , والعاجنات عجنا , والخابزات خبزا , و الثاردات ثردا ، و اللاقمات لقما , أهالة وسمنا .. لقد فضلتم على أهل الوبر , و ما سبقكم أهل المدر ، و قال أيضا : الفيل ما الفيل , وما أدراك ما الفيل , له ذنب وبيل وخرطوم طويل و قال أيضا : إنا أعطيناك الجماهر , فصل لربك وجاهر , إن شانئك هو الكافر .


و الله قد تحدى كفار العرب أن يأتوا بسورة مثل سور القرآن فلم تخرجهم أنفة التحدي، وصبروا على نغص العجز مع شدة حميتهم ، وقوة أنفتهم وقد سفه أحلامهم وسبَّ أصنامهم، ولو وجدوا إلى المعارضة سبيلاً و كان في مقدورهم داخلاً، وقد جعله حجة لهم في رد رسالته لعارضوه، ولما عدلوا عنـه إلى بذل نفوسهـم في قتاله وسفك دمائهم في محاربته[3] .
و من هنا يتبين أن معارضة القرآن فوق قدرة البشر إذا الله قد تحدى العرب وهم أهل البلاغة والفصاحة والبيان وقد عجزوا عن الإتيان بمثله و لذلك فغير العرب من أهل الأجناس الأخرى و من أتوا بعدهم أشد عجزاً من باب أولى ، و ليس هذا من باب الاحتجاج بالجهل بل من باب الاحتجاج بالأولى و الاحتجاج بالاستدلال العقلي إذ علمنا بعجز أهل اللغة و البلاغة و الشعر و النثر عن معارضة القرآن مع توفر الدواعي لذلك أدى إلى علمنا أنه ليس بمقدور أي إنسان آخر أن يأتي بمثل القرآن ، فالقرآن إذن من خالق البشر الذي هو على كل شيء قدير ، و أيضا الاحتجاج على أن القرآن معجز ؛ لأنه خارق للعادة السائدة فالعمل البشري عرضة للمحاكاة و المعارضة والتقليد فلو كان القرآن جهدا بشريا من محمد صلى الله عليه وسلم لأمكن أن يأتي أحد في زمانه أو بعد زمانه بما أتى به أو خيراً منه ، بحكم طبيعة البشر وسنن الحياة ، و هذا لم يحدث مع أرباب اللغة و البلاغة ، و لو حدث لنقل إلينا لتوافر الدواعي لنقله فلما لم يحدث مع أرباب اللغة و البلاغة دل ذلك على عجز غيرهم لا محالة .


و إن قيل إذا كان القرآن معجزا في بيانه و أسلوبه و بلاغته وحسنه فكيف يكون معجزا لمن لا يدرك اللغة العربية فمن لا يدرك اللغة العربية لا يدرك أوجه الإعجاز في القرآن و الجواب أن القرآن معجز في بيانه و أسلوبه و بلاغته وحسنه و لا يلزم من عدم إدراك بعض الناس بيانه و أسلوبه و بلاغته وحسنه أنه غير معجز في بيانه و أسلوبه و بلاغته وحسنه إذ لا يلزم من عدم إدراك الشيء والإحساس به عدم وجوده فالكثير من الناس لا تدرك الجاذبية رغم أنها موجودة ، و كان الناس منذ زمن ليس ببعيد لا يدركون الاتصال من بعيد عبر الهاتف و أصبح الاتصال عبر الهاتف حقيقة و الذي يدرك حجة على من لم يدرك ، ولو اعتمادنا على إدراك جميع الأشخاص لشيء ليصح لما صح كثير من الأشياء .


و الدلالة على أن القرآن معجز ليست بسبب الجهل بوجود من يستطيع الإتيان بمثله بل لعلمنا أن مشركي العرب رغم ما لديهم من فصاحة و بلاغة و بيان لم يستطيعوا الإتيان بمثل القرآن ، و لو استطاعوا الإتيان بمثل القرآن لفعلوا إذ هذا أوفر من القتل و التعذيب لصد الناس عن الإسلام و لو فعلوا لنقل إلينا لتوافر الهمم على نقله و لا يقال أن العرب لم يهتموا بالإتيان بمثل القرآن و لو اهتموا لفعلوا إذ الناظر لتاريخ مشركي العرب نجد أنهم كانوا يتربصون بالإسلام الدوائر و كانوا يحاربون الإسلام بكل وسيلة ممكنة لديهم و جزم الله أنهم لن يستطيعوا أن يأتوا بمثل القرآن و النبي صلى الله عليه وسلم يتلوا آيات التحدى و هم يسمعون منه أو من غيره و رغم ذلك لم يأتوا بمثل القرآن بل حاربوا الإسلام بوسائل أخرى رغم أن معارضة القرآن أبلغ في صد الناس عن الإسلام لدليل واضح على عجزهم عن معارضة القرآن و ليس عدم اهتمامهم بمعارضة القرآن .



و إعجاز القرآن ليس قاصرا على أسلوبه البلاغي و إيقاعه الجميل و نظمه الفريد فالإعجاز البلاغي و البياني و النظمي إنما هو أحد صور إعجاز القرآن فهناك الإعجاز التشريعي و هناك الإعجاز العلمي و هناك الإعجاز العددي و هناك الإعجاز الغيبي و غير ذلك



هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات





[1] - يونس الآية 38
[2] - مباحث في علوم القرآن ص 261
[3] - أعلام النبوة ص 71 بتصرف يسير

التواضع سيصون العالم
07-22-2011, 02:47 AM
بارك الله فيك وجعله في ميزان اعمالك
والله عمل جبار و استغرب قلة الردود
حقا موضوع يستحق التثبيت
واصل وصلك الله برحمته

د.ربيع أحمد
07-24-2011, 05:50 AM
بارك الله فيك وجعله في ميزان اعمالك
واصل وصلك الله برحمته

اللهم آمين جزاكم الله خيرا

د.ربيع أحمد
07-24-2011, 05:57 AM
الرد على زعم الملاحدة أن الله لا يستطيع أن يثبت أن القران كلامه تعالى الله عن قول الملاحدة






إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين


أما بعد :



فقد زعم الملاحدة هداهم الله أن الله لا يستطيع أن يثبت أن القرآن كلامه ولا يستطيع أن يثبت للناس أنه بالفعل أرسل رسول ،و أن القران صادر منه تعالى الله عن قول الملاحدة و هذا كلام باطل يصادم الواقع و يغني فساده عن إفساده إذ القرآن نفسه مليء بالآيات الدالة على أنه كلام الله و أن محمد صلى الله عليه وسلم رسول من رسله و قد أيده الله بمعجزات كثيرة و على رأس هذه المعجزات معجزة القرآن .

و الدلالة على أن القرآن كلام الله أنه معجز فلا يستطيع أحد أن يأتي بمثله إذ رغم أن القرآن من جنس ما تكلم به العرب و هم كانوا من أهل البلاغة و الفصاحة و الشعر و النثر إلا أنه لم يستطع أحد منهم أن يأتي بمثله في البيان و الحلاوة و الحسن و الكمال و العذوبة و أداء المعنى المراد رغم حرص العرب ، و غير العرب على معارضته فلما عجز العرب عن الإتيان بمثله ، و هم كانوا في قمة الفصاحة و البلاغة و كانوا يتربصون بالإسلام الدوائر و كانوا يحاربون الإسلام بشتى الطرق علم أن غيرهم أعجز عن معارضة القرآن و لا يستطيع بشر معارضته فهو ليس من قول البشر بل قول خالق البشر قال تعالى : ﴿ أمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾[1] يقول تعالى ذكره: أم يقول هؤلاء المشركون: افترى محمد هذا القرآن من نفسه فاختلقه وافتعله؟ قل يا محمد لهم: إن كان كما تقولون إني اختلقته وافتريته، فإنكم مثلي من العَرب، ولساني مثل لسانكم، وكلامي [مثل كلامكم] ، فجيئوا بسورة مثل هذا القرآن [2].

و قد احتج الله علي مشركي العرب فِي إثبات نبوة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما قطع عذرهم فقال: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا ﴾[3] أي: فِي شك من صدق هذا الكتاب الذي أنزلناه على محمد، وقلتم: لا ندري هل هو من عند الله أم لا؟ ﴿ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ﴾[4] أي : من مثل القرآن ، كقوله : ﴿ فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ ﴾[5] ، و قوله : ﴿ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ ﴾[6] ، و قوله : ﴿ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِه ِ﴾[7] كل ذلك يريد به مثل القرآن فالمعنى: فأتوا بمثل ما أتى به محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الإعجاز وحسن النظم والإخبار عما كان وعما يكون دون تعلم الكتاب و دراسة الأخبار [8] .

و معنى الْآيَة : هُوَ الِاحْتِجَاج على الْكفَّار بمعجزة الْقُرْآن ؛ فَإِنَّهُم كَانُوا يَقُولُونَ : إِن مُحَمَّدًا قد افتراه ، فَقَالَ لَهُم : إِن كَانَ افتراه و أتى بِهِ من عِنْد نَفسه فَأتوا أَنْتُم بِمثلِهِ[9].

و يقول تعالى : ﴿ أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ ﴾[10] أي : يقول : جلّ ثناؤه : فليأت قائلو ذلك له من المشركين بقرآن مثله، فإنهم من أهل لسان محمد صلى الله عليه وسلم ، ولن يتعذر عليهم أن يأتوا من ذلك بمثل الذي أتى به محمد صلى الله عليه وسلم إن كانوا صادقين في أن محمدا صلى الله عليه وسلم تقوّله وتخلَّقه [11] و يقول السمرقندي : يعني إن قلتم إن محمداً صلّى الله عليه وسلم يقول: من ذات نفسه، فأتوا بمثل هذا القرآن كما جاء به إِنْ كانُوا صادِقِينَ في قولهم [12].

و القرآن مليء بالآيات الدالة على أن محمد صلى الله عليه و سلم رسول من رسل الله قال تعالى : ﴿ وَ مَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ﴾[13] ، و قال تعالى : ﴿ ّمَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ﴾[14] و قال تعالى : ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ﴾[15]

و الدلالة على أن محمد صلى الله عليه و سلم رسول من رسل الله تأييد الله له بالمعجزات الدالة على صدقه و على رأس هذه المعجزات معجزة القرآن .

و من معجزات النبي صلى الله عليه و سلم غير القرآن الإخبار ببعض الغيبيات و تحققها فقد سمح الله لهذه الأخبار أن تقع ، تصديقاً وتأييداً لنبوة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، و لا سبيل إلى معرفة هـذه الغيوب إلا ممن هي في يده، وهو الله جل وعلا عالم الغيب والشهادة، مثل الإخبار عن أويس بن عامر فقد قال صلى الله عليه وسلم : (( إن خير التابعين رجل يقال له أويس . وله والدة . وكان به بياض . فمروه فليستغفر لكم ))[16] .

و كان عمر بن الخطاب ، إذا أتى عليه أمداد أهل اليمن ، سألهم : أفيكم أويس بن عامر ؟ حتى أتى على أويس . فقال : أنت أويس بن عامر ؟ قال : نعم . قال : من مراد ثم من قرن ؟ قال : نعم . قال : فكان بك برص فبرأت منه إلا موضع درهم ؟ قال : نعم . قال : لك والدة ؟ قال : نعم . قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ، ثم من قرن . كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم . له والدة هو بها بر . لو أقسم على الله لأبره . فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل " . فاستغفر لي . فاستغفر له . فقال له عمر : أين تريد ؟ قال : الكوفة . قال : ألا أكتب لك إلى عاملها ؟ قال : أكون في غبراء الناس أحب إلي . قال : فلما كان من العام المقبل حج رجل من أشرافهم . فوافق عمر . فسأله عن أويس . قال : تركته رث البيت قليل المتاع . قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن . كان به برص فبرأ منه . إلا موضع درهم . له والدة هو بها بر . لو أقسم على الله لأبره . فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل " فأتى أويسا فقال : استغفر لي . قال : أنت أحدث عهدا بسفر صالح . فاستغفر لي . قال : استغفر لي . قال : أنت أحدث عهدا بسفر صالح . فاستغفر لي . قال : لقيت عمر ؟ قال : نعم . فاستغفر له . ففطن له الناس . فانطلق على وجهه . قال أسير : وكسوته بردة . فكان كلما رآه إنسان قال : من أين لأويس هذه البردة ؟[17] .

و من الإخبار بالغيب الإخبار عن قتال التتار فقد قال صلى الله عليه وسلم : (( ‏بين يدي الساعة تقاتلون قوماً ينتعلون الشعر وتقاتلون قوما كأن وجوههم ‏‏ المجان المطرقة ))[18] ووجوه التتار كالمجان المطرقة أي وُجُوههمْ كالتُّرْسِ لِبَسْطِهَا وَتَدْوِيرهَا وَكالْمِطْرَقَةِ لِغِلَظِهَا وَكَثْرَة لَحْمهَا .

و من الإخبار بالغيب الإخبار عن شهادة عمر وعثمان رضي الله عنهما فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أحداً، ومعه أبو بكر، وعمر، وعثمان، فرجف بهم، فضربه برجله، وقال : (( أثبت أحد، فإنما عليك نبي، وصِدّيق، وشهيدان)) [19] ، وقد قتل عمر و عثمان ، و من الإخبار بالغيب الإخبار بمقتل علي رضي الله عنه فعن أبي سنان الدؤلي رحمه الله تعالى، أنه عاد علياً رضي الله عنه في شكوى له شكاها، قال: فقلت له : لقد تخوّفنا عليك يا أمير المؤمنين في شكواك هذه، فقال: لكني ـ والله ـ ما تخوّفت على نفسي منه، لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادق المصدوق يقول: (( إنك ستُضرب ضربةً ههنا، ويكون صاحبها أشقاها، كما كان عاقرُ الناقة أشقى ثمود ))[20] .

ومن الإخبار بالغيب إخباره عن مشاركة أم حرام فى أول غزو للبحر و وفاتها قبل غزو مدينة قيصر ففى خبر أم حرام بنت ملحان ، سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول: (( أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا )). قالت أم حرام: قلتُ: يا رسول الله أنا فيهم؟ قال: (( أنتِ فيهم )). ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم )). فقلتُ: أنا فيهم يا رسول الله؟ قال: (( لا )) [21].

و إن قيل الإخبار بالغيب ليس دليل على النبوة لاحتمال الكهانة فالجواب الإخبار بالغيب إذا اقترن بدعوى النبوة فهو دليل على النبوة لا الكهانة إذ الكهانة ليس فيها دعوى النبوة و شخصية النبي الصادق تختلف عن شخصية الكاهن الكاذاب ، والنبي الصادق خبره يطابق ما سيحدث أما الكاهن فخبره قد يوافق بعض الذي سيحدث أو لا يوافق الذي سيحدث ، و ما هدف النبي محمد –صلى الله عليه وسلم- من إدعاء النبوة ؟فمن يقرأ سيرته يجده لا يرغب في سلطة ولا مال ولا جاه ،و لما يجازف النبي صلى الله عليه وسلم و يقول سيحدث كذا .

و من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم أيضا سماع تسبيح الطعام بين يدى رسول الله صلى الله عليه و سلم فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: كنا نعد الآيات بركة، وأنتم تعدونها تخويفاً، كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ، فقل الماء، فقال: اطلبوا فضلة من ماء، فجاءوا بإناءٍ فيه ماء قليل، فأدخل يده في الإناء، ثم قال: حي على الطهور المبارك، والبركة من الله، فلقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل [22] .

و من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم أيضا سماع الصحابة بكاء جذع النخلة و صراخها لما فارقها رسول الله إلى المنبر فعن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة، فقالت امرأة من الأنصار- أو رجل- يا رسول الله، ألا نجعل لك منبراً؟ قال: إن شئتم.فجعلوا له منبراً فلما كان يوم الجمعة دفع إلى المنبر، فصاحت النخلة صياح الصبي، ثم نزل النبي صلى الله عليه و سلم فضمه إليه، يئن أنين الصبي الذي يسكن قال: "كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها[23] .

و من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم أيضا انقياد الشجرة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم فعن جابر ابن عبدالله قال : سرنا مع رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏حتى نزلنا واديا ‏ ‏أفيح ‏ ‏فذهب رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقضي حاجته فاتبعته ‏ ‏بإداوة ‏ ‏من ماء فنظر رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فلم ير شيئا يستتر به فإذا شجرتان بشاطئ الوادي فانطلق رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏إلى إحداهما فأخذ بغصن من أغصانها فقال انقادي علي بإذن الله فانقادت معه كالبعير ‏ ‏المخشوش ‏ ‏الذي ‏ ‏يصانع قائده ‏ ‏حتى أتى الشجرة الأخرى فأخذ بغصن من أغصانها فقال انقادي علي بإذن الله فانقادت معه كذلك حتى إذا كان ‏ ‏بالمنصف ‏ ‏مما بينهما لأم بينهما ‏ ‏يعني جمعهما فقال ‏ ‏التئما ‏ ‏علي بإذن الله فالتأمتا قال ‏ ‏جابر ‏ ‏فخرجت ‏ ‏أحضر ‏ ‏مخافة أن يحس رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏بقربي فيبتعد وقال ‏ ‏محمد بن عباد ‏ ‏فيتبعد فجلست أحدث نفسي فحانت مني لفتة فإذا أنا برسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏مقبلا وإذا الشجرتان قد افترقتا فقامت كل واحدة منهما على ساق فرأيت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وقف وقفة فقال برأسه هكذا وأشار ‏ ‏أبو إسمعيل ‏ ‏برأسه يمينا وشمالا [24] .

و كل هذه المعجزات لدليل ساطع على صدق النبوة فكيف إذا اجتمعت مع حسن سيرته و اتصافه بالصدق والأمانة و دعواه النبوة في وقت البشرية بحاجة لنبي و تأييد الله له ونصره على أعدائه و إخباره بالغيب .

و إن قيل هذه المعجزات ليست دليلا على صدق النبوة إذ هي من نقل المسلمين لا غيرهم فالجواب أن هذا القول غير صحيح فلكل قوم عربا وعجما أخبار يتناقلونها عبر الأزمنة و أحداث تنتقل من جيل إلى جيل، فهل يصح أن يقول أحد ما الدليل على صحة هذه الأخبار دون أن يدرسها ويناقشها بعد أن يلم بها إلمامًا واسعًا، فإذا كان كذلك مع أخبار الأمم والأقوام والتي لا يهتم عامة الناس بضبط أحداثها ودقة تفاصيلها، فما الشأن بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي أرسله الله إلى قوم عرفوا بقوة الحافظة وسعة الذاكرة ودقة الملاحظة، فإن هذه الأخبار والوقائع التي ذكرنها منها ما هو في القرآن ومنها ما هو متواتر يعلمه العامة والخاصة ؛ والمتواتر هو ما نقله العدد الكثير من الناس الذين يستحيل تواطؤهم على الكذب، وهو ما تناقلته الأمة المسلمة جيلاً بعد جيل وخلفًا عن سلف من أخبار معجزات النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم ، وليس لأحد أن يشكك في شهادة هؤلاء الأخيار الأفاضل، أو يزعم أن هؤلاء الأفاضل إنما شهدوا لنبيهم فشهادتهم غير مقبولة، فإن هذا الزعم من شأنه أن يلغى جميع معجزات الأنبياء وجميع ما ورد عن أخبار السابقين لأنه يمكننا أن نقول أن ما ورد عن عيسي عليه السلام أو ورد عن موسي عليه السلام إنما ذكره أصحابهما والمقربون منهما، وكذلك الشأن مع بقية أخبار الأمم السابقة و المعاصرة ، و من البديهيات أن المروي بالتواتر لا يستطيع أحد إنكاره، ،و من المحال لدى أي عقل اتفاق رواة التواتر على كذب ، ومن ينكر وجود شخصية من الشخصيات كملك أو وزير كان موجودا يكذبه المؤرخون و يأتون له بكل سهولة بأكثر من نقل ورواية بأن هذه الشخصية كانت موجودة بالفعل وأن الأحداث التي حصلت لها مروية بأكثر من رواية وكذلك نبوة النبي صلى الله عليه وسلم ثابتة و مروية بالتواتر من آلاف الصحابة و التابعين وحتى عصرنا هذا .



و إن قيل القرآن من تأليف محمد ، و ليس من عند الله و لأنه أبلغ العرب فلا يستطيع أحد من العرب أن يماثل كلامه فالجواب هذه فرية يغني فسادها عن إفسادها فالقران بشكله وعباراته وحروفه وما احتوى عليه من علوم ومعارف وأسرار وجمال بلاغى ودقة لغوية هو مما لا يدخل فى قدرة بشر أن يؤلفه إذ عجز فصحاء اللغة عن الإتيان بمثله بالإضافة إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أميا، لا يقرأ ولا يكتب و لم يتعلم فى مدرسة و لم يختلط بحضارة، ولم يبرح شبه الجزيرة العربية، و كيف برجل أمي لا يستطيع القراءة ولا الكتابة ، وقد عرف عنه هذا في قومه واشتهر به ثم مع هذا الوصف إذا به يأتينا بهذا القرآن الذي يحوي من العلوم والمعارف ما لم يعلم به جميع البشر عبر كل الأزمنة ، فمن أين لـه ذلك إذا لم يكن نبياً مرسلاً من عند الله ؟ و صدق الله القائل في القرآن : ﴿وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ﴾[25] أي : من معجزاتك البينة -أيها الرسول- أنك لم تقرأ كتابًا و لم تكتب حروفًا بيمينك قبل نزول القرآن عليك, وهم يعرفون ذلك, ولو كنت قارئًا أو كاتبًا من قبل أن يوحى إليك لشك في ذلك المبطلون, وقالوا: تعلَّمه من الكتب السابقة أو استنسخه منها[26]. ثم يؤكد الله جل وعلا على هذا المعنى ، فيأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يذكّر قومه بأنه أمي ، وهم يعرفون عنه ذلك ويعرفون نشأته بينهم في محيط البيئة الأمية وأنه قد لبث فيهم أربعين عاماً ما كان يأتيهم بمثل هذا وما كان يستطيع، فأنى له الآن معرفة هذا العلم العظيم من تلقاء نفسه قال تعالى : ﴿ قُل لَّوْ شَاء اللّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾[27] أي : قل لهم -أيها الرسول-: لو شاء الله ما تلوت هذا القرآن عليكم, ولا أعلمكم الله به, فاعلموا أنه الحق من الله فإنكم تعلمون أنني مكثت فيكم زمنًا طويلا من قبل أن يوحيه إليَّ ربي, ومن قبل أن أتلوه عليكم, أفلا تستعملون عقولكم بالتدبر والتفكر ؟[28] .


و لو كان القرآن تأليف محمد صلى الله عليه وسلم و أنه شاعر أو كاهن أو تقول القرآن فالناس أمام أمرين إما أن يأتوا بمثله و من هنا جاء التحدي و إما أن يعجزوا عن ذلك ، وفي هذه الحالة يجب أن يعقلوا أنه معجز وأنه وحي من عند الله وأنه دليل على صدق النبوة .

ولو كان القرآن من عند محمد صلى الله عليه وسلم لوجدنا في القرآن حضورا لشخصيته و مشاعره فالقرآن ليس نص فيزياء و لا نص رياضيات يغرق فيالرموز بل هو نص يتحدث عن مشاعر و اعتقادات و حوادث و نظم مجتمعية . و مثل هذا النوع منالنصوص لابد أن نجد فيها ملامح مؤلفها خاصة اللحظات الصعبة التي مر بها في حياته كلحظة موت زوجته خديجة . حيث لا نجد أي ذكرلهذا الحدث في القرآن ، ولا حتى بضع كلمات يبث فيها محمد حزنه عليها ، وهو الذي كانمرهف الحس ، وهو الذي حتى بعد سنوات طوال بعد موتها كان يذكرها فتدمع عيناه!!! فلما لم نجد حضورا لشخصيته و مشاعره في أحلك الظروف دل على أنه ليس من تأليفه.

وكيف يكون القرآن من عند محمد صلى الله عليه وسلم، هناك آيات فيه معاتبة له قال تعالى : ﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى أَن جَاءهُ الْأَعْمَىوَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ﴾[29] .

و كيف يكون القرآن من عند محمد صلى الله عليه وسلم و قد تنزل الآية فتنقض عملا من أعمال النبي صلى الله عليه وسلم قال تعالى : ﴿ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾[30] أي : لا ينبغي لنبي أن يكون له أسرى مِن أعدائه حتى يبالغ في القتل; لإدخال الرعب في قلوبهم ويوطد دعائم الدين, تريدون -يا معشر المسلمين- بأخذكم الفداء من أسرى "بدر" متاع الدنيا, والله يريد إظهار دينه الذي به تدرك الآخرة. والله عزيز لا يُقْهر, حكيم في شرعه[31] .

و مما ينفي أن القرآن من كلام محمد صلى الله عليه وسلم أن هناك آيات من القرآن يأمر الله فيها النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقول لأتباعه ما لا يمكن أن يقوله لو أنه كان يؤلف القرآن من عند نفسه قال تعالى : ﴿ قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴾[32] .


و مما ينفي أن القرآن من كلام محمد صلى الله عليه وسلم أن هناك آيات من القرآن نزلت بعد طول انتظار ، ،و لو كان القرآن كلام محمد صلى الله عليه وسلم لما كان هذا الانتظار فعندما اتهم المنافقين عائشة رضي الله عنها بصفوان بن المعطل طال تأخر نزول الوحي ،و قال النبي صلى الله عليه وسلم لأم المؤمنين عائشة : إنه قد بلغني عنك كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيبرئك الله وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه و نزلت الآيات التي تبرئ السيدة عائشة بعدها بشهر قال تعالى : ﴿ إنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ ﴾ إلى آخر الآيات.

و مما ينفي أن القرآن من كلام محمد صلى الله عليه وسلم لما تصدُّرت الكثير من الآيات بفعل الأمر (قل) إشارةٌ إلى أن القرآن الكريم متلقى من عند الله تعالى وليس من عند النبي صلى الله عليه وسلم .


و إن قيل إن القرآن ليس معجزا رغم عجز جميع البشر عن الإتيان بمثله ؛ لأن المعجزة يجب أن تكون صالحة ؛ لأن يتعرف جميع الناس علي جوانب التحدي فيها ؛ لأنّها دليل النبوة التي يراد بواسطتها إثبات النبوة لهم و الجواب أن هذا الكلام يتضمن الاعتراف بأن القرآن معجز إلا إنه يحاول التهرب من ذلك بإعطاء شرط للمعجزة ليس بلازم لها فلا يشترط فهم جميع الناس للشيء المعجز و إدراك جميع الناس للشيء المعجز كي يقال أنه معجز إذ لا يلزم من عدم إدراك الشيء والإحساس به عدم وجوده فالكثير من الناس لا تدرك الجاذبية رغم أنها موجودة ، و كان الناس منذ زمن ليس ببعيد لا يدركون الاتصال من بعيد عبر الهاتف و أصبح الاتصال عبر الهاتف حقيقة و الذي يدرك حجة على من لم يدرك ، و لو اعتمادنا على إدراك جميع الأشخاص لشيء ليصح لما صح كثير من الأشياء و يمكن أن نقول أن طريق إيمان الشخص بالمعجزة كطريق معرفة الشخص بحقائق الكون و سائر العلوم فلا تتوقف علي معرفة الشخص المباشرة بها بل يمكن أن يتحقق عن طريق معرفة ذوي الاختصاص والخبرة من الناس و حين يعجز كبار علماء اللغة عن معارضة القرآن فغيرهم أعجز .


و إن قيل لا يوجد من هو أبلغ من محمد صلى الله عليه وسلم فيكون عدم وجود من يرد القرآن بلاغيّا راجع لكون القائل و هو محمد صلى الله عليه وسلم أبلغ العرب وليس لكون القرآن من الله تعالى و الجواب أن القرآن لو كان من كلامه صلى الله عليه وسلم لما وجدت آيات كثيرة تنص على أنه رسول و لما وجدت آيات كثيرة تتصدر بفعل الأمر قل و لما نزلت آيات كثيرة بعد طول انتظار و لما وجدت آيات كثيرة تعاتبه و عند مقارنة كلام النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن نجد اختلافا كبيرا و كلام النبي صلى الله عليه وسلم استطاع بعض الناس معارضة بعضه أما القرآن فلم يستطع أحد معارضته .


و إن قيل لو كان الإتيان بكتاب ما معجزا لعجز البشر عن الإتيان بمثله لكان كتاب إقليدس معجزا و دليلا على نبوته و الجواب أن كتاب إقليدس لا يعجز البشر عن الإتيان بمثله ، ولا يصح فيه هذا التوهم و قد ألف غيره كتبا مثل كتابه أما القرآن فلم يؤلف أحدا كتابا مثله و كتاب إقليدس ليس كتابا خارقا للعادة و ليس المقصود من تأليفه التحدى و دعوى النبوة و عليه فليس كتاب إقليدس معجزا و ليس دليلا على نبوة إقليدس .


هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات


[1] - يونس الآية 38
[2] - تفسير الطبري 15/91
[3] - البقرة من الآية 23
[4] - البقرة من الآية 23
[5] - الطور من الآية 34
[6] - يونس من الآية 38
[7] - الإسراء من الآية 88
[8] - تفسير الواحدي 1/102 بتصرف يسير
[9] - تفسير السمعاني 2/384
[10] - الطور الآيات 33 – 34 وَ التَّقَوُّلُ يُرَادُ بِهِ الْكَذِبُ. وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى مَعْنًى لَطِيفٍ وَهُوَ أَنَّ التَّفَعُّلَ لِلتَّكَلُّفِ وِإِرَاءَةِ الشَّيْءِ وَهُوَ لَيْسَ عَلَى مَا يُرَى يُقَالُ تَمَرَّضَ فُلَانٌ أَيْ لَمْ يَكُنْ مَرِيضًا وَأَرَى مِنْ نَفْسِهِ الْمَرَضَ وَحِينَئِذٍ كَأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ كَذِبٌ تفسير الرازي 28/214
[11] - تفسير الطبري 22/481
[12] - بحر العلوم 3/354
[13] - ال عمران من الآية 144
[14] - الأحزاب الآية 40
[15] - محمد الآية 2
[16] - رواه مسلم في صحيحه رقم 2542
[17] - رواه مسلم في صحيحه رقم2542
[18] - رواه البخاري في صحيحه
[19] - رواه البخاري في صحيحه
[20] - رواه أبو يعلى في مسنده و الطبراني في التاريخ الكبير و حسنه الهيثمي
[21] - رواه البخاري في صحيحه
[22] - رواه مسلم في صحيحه
[23] - رواه البخاري في صحيحه
[24] - رواه مسلم في صحيحه
[25] - العنكبوت الآية 48
[26] - التفسير الميسر
[27] - يونس الآية 16
[28] - التفسير الميسر
[29] - عبس الآية 1 - 3
[30] - الأنفال الآية 67
[31] - التفسير الميسر
[32] - الأحقاف الآية 9

عبد الرحمن الموحد
07-24-2011, 02:42 PM
بارك الله فيك ,,, ورفع من قدرك في عليين

وحقاً موضوعك قمة في الفائدة العلمية .

د.ربيع أحمد
08-09-2011, 03:47 AM
بارك الله فيك ,,, ورفع من قدرك في عليين

وحقاً موضوعك قمة في الفائدة العلمية .

وفيكم بارك الله اللهم آمين

د.ربيع أحمد
08-09-2011, 03:49 AM
فساد قول الملاحدة لا دليل على صدق الرسل




إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .


أما بعد :



فيقول الملاحدة هداهم الله لا دليل على صدق الرسل فالمعجزات التي أتوا بها لا تستلزم أن تكون بتأييد من الله فشأنها شأن خوارق النفس البشرية كالقدرة على الرؤية من وراء حجاب أو من وراء حاجز، و الإخبار بما هو مكتوب في مكان ما دون علم سابق و خوارق التنويم المغناطسي .


و كلام الملاحدة ينم عن جهلهم الفرق بين المعجزة و الأمر الخارق للعادة فالمعجزة هي أمر خارق لعادة غير الأنبياء سالم من المعارضة يظهر على يد مدعي النبوة على وجه يعجز المنكرون عن الإتيان بمثله ، و قلنا أمر خارق لعادة غير الأنبياء أي لم يعتد البشر أن يأتي مثله على يد رجل ليس بنبي[1] ، و قلنا سالم من المعارضة أي لا يستطيع أحد أن يعارضه بأن يأتي بمثله ولا تكون المعجزة مما يقدر أحد على معارضتها و قلنا على يد مدعي النبوة؛ لأن المعجزات لا تكون إلاّ للأنبياء ، فاختصاصها بالنبي وسلامتها عن المعارضة شرط فيها بل وفي كل دليل فإنه لا يكون دليلا حتى يكون مختصا بالمدلول عليه ولا يكون مختصا إلا إذا سلم عن المعارضة .


و أي أمر خارق للعادة و يمكن أن يعارض و أن يؤتي بمثله فليس بمعجزة و أي أمر خارق للعادة يظهر على غير نبي فليس بمعجزة إذ يستحيل ظهور أمر خارق للعادة مع دعوى النبوة ،و يكون مدعيها كاذب فالتأييد بالمعجزة مع دعوى الرسالة إن لم يكن مدعيها نبي فهذا تأييد من الله لمدعيها الكاذب و هذا لايجوز في حق الله ،فتحتم أن يكون ظهور المعجزة مع دعوى الرسالة دليل على صدق النبوة .


و جنس معجزات الأنبياء خارجة عن مقدور البشر وعن مقدور جنس الحيوان وأما خوارق غير الأنبياء فإنها من جنس أفعال البشر و الحيوان و الجن و يقدر بعض البشر على فعلها و على الإتيان بمثلها فسحر الساحر يمكن لغيره من السحرة أن يأتي بمثله و الطير في الهواء يمكن لكثير من الطيور فضلا عن أن بعض السحرة بالاستعانة بالجن يمكن أن يفعلوا ذلك[2] و التنويم المغناطيسي يمارسه كثير من الأشخاص فيمكن للممارس أن يأتي بمثل ما أتى به ممارس آخر و الإخبار بشيء من الغيب قد يكون من الكهانة و إلقاء الشياطين[3] أو يكون من الفراسة و التخمين فهناك أشخاص يخبرون بالكائنات قبل وقوعها فراسة و تخمينا و ليس إطلاعا على الغيب .


و الدليل على صدق النبوة ليس محصورا في المعجزات فقط فمن أدلة صدق النبوة نصر الله مدعي النبوة فالله لا يؤيد مدعي الكذب و قد اتفقت الكتب والشرائع على أنّ الله جل وعلا لا يؤيّد الكذّاب عليه، بل لا بُدّ أن يظهر كذبه، وأن ينتقم منه، و لو أن حاجب الأمير قال للناس :إن الأمير قد أمركم بفعل كذا وكذا . فإن الناس يعلمون أنه لا يتعمد الكذب في مثل هذا وإن لم يكن بحضرته ، فكيف إذا كان بحضرته ، والله لا يغيب عنه شيء .


و من أدلة صدق النبوة سيرة مدعي النبوة فشتان بين سيرة الصالح و سيرة الطالح و سيرة العابد و سيرة الفاسق و كل إناء بما فيه ينضح و مهما أخفى الشخص شخصيته في أوقات فلن يخفيها في أوقات أخرى و أخلاق الإنسان شاهدة عليه إذ الخُلق هيئة راسخة بالإنسان لا تنفك عنه فلا يستطيع من شيمته الكذب أن يكذب تارة ويصدق تارة، ومن اعتاد الصدق حتى اشتهر به بين الناس وصار علمًا عليه فلا يكذب على الله سبحانه وتعالى إذ كيف لا يكذب على الناس و يكذب على رب الناس، و الأخلاق الحسنة والفضائل العليا مع دعوى الرسالة لدليل على صدقها فالكاذب تفضحه أخلاقه وتكشفه جرائمه، أما النبي الصادق فتلوح عليه علامات الصدق وتزينه الأخلاق الحسنة ويجافيه سيئها،ومن المعلوم ضرورة أنه لا يمكن لرجل كاذب، مداوم على الكذب، ويدعي كل يوم أنه أتاه وحي جديد من الله تعالى، ومع هذا لم يستطع أحد أن يلاحظ ذلك عليه ويعرف حقيقته ، فإنه من كان في قلبه خلاف ما يبطن فلا بد أن يزل، وأن تعرف حقيقته بفلتات لسانه ولحن قوله والنبوة إنما يدعيها أصدق الصادقين، أو أكذب الكاذبين، ولا يلتبس هذا بهذا إلا على أجهل الجاهلين، بل قرائن أحوالهما تعرب عنهما، وتعرف بهما، والتمييز بين الصادق والكاذب له طرق كثيرة فيما دون دعوى النبوة، فكيف بدعوى النبوة .

و من أدلة صدق النبوة و الرسالة ما جاء به النبي و الرسول من شرع شامل لكل جوانب الحياة يهذب النفس و البدن ، و من عرف ما جاء به الرسل من الشرائع وتفاصيل أحوالها، تبين له أنهم أعلم الخلق، وأنه لا يحصل مثل ذلك من كذاب جاهل، وأن فيما جاؤوا به من الرحمة والمصلحة والهدى والخير، ودلالة الخلق على ما ينفعهم ومنع ما يضرّهم، ما يبين أنه لا يصدر إلا عن راحم بر يقصد غاية الخير والمنفعة للخلق .

و من أدلة صدق النبوة و الرسالة التبشير بالنبي و التبشير برسالته في الكتب السماوية السابقة لرسالته فالله كما يؤيد الرسل بالآيات و المعجزات يؤيدهم بالتبشير بهم بالبشارات السابقة على النبوة و تلك البشارات وحي من الله تعالى أنزله على الأنبياء السابقين لهم، بأوصاف محددة لتكون حجة على الناس أن يتبعوهم إذا بعثوا .

و نخلص من هذا الكلام أن ظهور بعض الخوارق لبعض الناس ليس دليلا على عدم دلالة معجزات الأنبياء على صدق نبوتهم للفارق بين معجزات الأنبياء و خوارق العادات لغير الأنبياء فمعجزات الأنبياء لا تعارض و لا يمكن أن يأتي بها غير نبي أما خوارق العادات لغير الأنبياء فتعارض و ظهورها على يدي شخص لا يمنع أن تظهر على يد غيره أضف إلى ذلك أن أدلة صدق النبوة ليست محصورة في المعجزات فتأييد الله للرسل ليست فقط بظهور المعجزات على أيديهم فالله كما يؤيدهم بظهور المعجزات يؤيدهم بالنصر و يعينهم على نشر دينهم و حال الأنبياء و أتباعهم مخالف لحال غيرهم فشتان بين سيرة الأنبياء و أتباعهم و سيرة غيرهم و شتان بين ما يأمر به الأنبياء و أتباعهم و غيرهم ممن ليس نبيا و لا متبعا و الأنبياء و أتباعهم لا يأمرون إلا بالعدل وطلب الآخرة وعبادة الله وحده وأعمالهم البر والتقوى بخلاف غيرهم يأمرون بالشرك والظلم ويعظمون الدنيا وفي أعمالهم الإثم والعدوان و الأنبياء و الرسل تبشر بهم الكتب السماوية السابقة لهم .


هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات




[1] - و إن كانت المعجزات معتادة للأنبياء فهي لا توجد لغيرهم فمعجزات الأنبياء غير معتادة لغيرهم، بل خاصة بهم, لأن ما يؤيد الله به رسله من المعجزات خارج عن السنن الكونية ومقدور الثقلين، والسحر والكهانة لا تخرج عن كونها مقدورة لهم، لأنها لا تخرج عن السنن الكونية، فلا يمكن أن يكون المقدور عليه من جنس غير المقدور عليه .
[2] - الساحر يأتي بخوارق، لكن هل يعجز عنها مثله؟ لا، بل قد يأتي شخص آخر متعلم للسحر ويفعل أكثر مما فعل، فالسحرة يعرفون طرائق بعضهم، ويستطيع الساحر أن يبطل فعل الساحر أو أن يأتي بما يضاهيه، ولهذا ظن السحرة أن ما جاء به موسى -صلى الله عليه وسلم- من السحر فجاءوا بسحرٍ عظيم لإبطال معجزة موسى -صلى الله عليه وسلم- ( الإعجاز العلمي و العددي في القرآن للشخ خالد السبت )
[3] - بأن يسترق الجني الكلمة من كلام الملائكة فيلقيها في أذن الكاهن ، فيكذب معها مائة كذبه ، فيصدقه الناس بسبب تلك الكلمة

د.ربيع أحمد
08-10-2011, 07:47 AM
فساد قول الملاحدة نسبة المعجزة ليست محصورة بين الله و الإنسان







إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .


أما بعد :



فيحاول الملاحدة هداهم الله التشكيك في دلالة معجزات الأنبياء على وجود الخالق بحجة واهية ألا و هي أن نسبة المعجزة ليست محصورة بين الله و الإنسان فليس معنى عجز البشر عن الإتيان بمثل معجزات الأنبياء أن معجزات الأنبياء من عند الله فقد تكون هذه الأمور الخارقة للعادة ،و التي لا يستطيع البشر الإتيان بمثلها من جهة تمتلك إمكانيات لا يمتلكها البشر ، و ليس بالضرورة أن تكون هي الله .


و الجواب أن ما دام الأنبياء قد أتوا بأمور فوق قدرة أي بشر فهذا دليل على أن الأنبياء مؤيدون بقدرة خارقة فوق قدرات البشر و هي قدرة خالق هذا العالم فالعمل البشري عرضة للمحاكاة و المعارضة والتقليد فلو كانت هذه الأمور الخارقة من بشر لأمكن أن يأتي أحد في زمان النبي أو بعد زمانه بما أتى به النبي أو أن يأتي بخير مما جاء به النبي بحكم طبيعة البشر وسنن الحياة .


و فرق شاسع بين الإعجاز الرباني و العمل الإنساني و القدرة الإلهية و القدرة البشرية و الصنعة دالة على صانعها و على بعض صفات صانعها و خرق قوانين الطبيعة لا يكون إلا من خالق قوانين الطبيعة و خالق قوانين الطبيعة هو الله .


و قول الملاحدة أن الأمور الخارقة للعادة و التي لا يستطيع البشر الإتيان بمثلها ليس بالضرورة أن تكون من الله قول باطل يخالف المنطق و العقل السليم إذ خرق قوانين الطبيعة لا يكون إلا من قوة فوق قوة الطبيعة فنحن أمام أربع احتمالات لا خامس لها لهذا الأمر الخارق للعادة فإما أن يكون من فعل بشر أو من فعل الطبيعة أو من فعل قوانين الطبيعة أو من فعل خالق الطبيعة أو قوة تفوق الطبيعة فإن قلنا من فعل بشر فهذا باطل بداهة ؛ لأنه لو كان من فعل بشر لأمكن معارضته و تقليده فضلا عن الإتيان بما يفوقه و هذا شأن الأعمال البشرية ، و إن قلنا خرق قوانين الطبيعة من فعل الطبيعة نفسها فهذا باطل إذ الطبيعة محكومة بقوانين مفروضة عليها فرضا لا يمكنها تغييرها أو الخروج عنها و إن قلنا خرق قوانين الطبيعة من فعل قوانين الطبيعة فهذا باطل ؛ لأن القوانين مجرد وصف سلوك شبه دائم للطبيعة يفرض عليها من خارجها ،و نحن نكتشف ذلك باستقراء أحوالها و القوانين ليس ذوات ولا هي قائمة بذاتها و لذلك ليست قوانين الطبيعة فاعلا أما إذا قلنا خرق قوانين الطبيعة من فعل خالق الطبيعة فهذا هو الموافق للمنطق و العقل .


و ربما يسأل سائل عن الفرق بين دلائل النبوة وخوارق السحرة و الكهان و عجائب المخترعات التي ظهرت اليوم ؟
و الجواب : أن هناك فوارق كثيرة بين دلائل النبوة وخوارق السحرة والكهان والمخترعات الصناعية :
منها : أن أخبار الأنبياء لا يقع فيها تخلف ولا غلط، بخلاف أخبار الكهنة والمنجمين، فالغالب عليها الكذب ، وإن صدقوا أحيانا في بعض الأشياء بسبب ما يحصل عليه الكهان من استراق شياطينهم للسمع .
ومنها : أن السحر والكهانة والاختراع أمور معتادة معروفة ينالها الإنسان بكسبه وتعلمه، فهي لا تخرج عن كونها مقدرة للجن والإنس ، ويمكن معارضتها بمثلها، بخلاف آيات الأنبياء، فإنها لا يقدر عليها جن ولا إنس ، كما قال تعالى : قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا [1] ، فآيات الأنبياء لا يقدر عليها الخلق ، بل الله هو الذي يفعلها آية وعلامة على صدقهم، كانشقاق القمر وقلب العصا حية وتسبيح الحصا بصوت يسمع وحنين الجذع وتكثير الماء والطعام القليل . . . فهذا لا يقدر عليه إلا الله .
ومنها : أن الأنبياء مؤمنون مسلمون يعبدون الله وحده بما أمر ويصدقون جميع ما جاءت به الأنبياء ، وأما السحرة والكهان والمتنبئون الكذبة، فلا يكونون إلا مشركين مكذبين ببعض ما أنزل الله .
ومنها : أن الفطر والعقول توافق ما جاء به الأنبياء عليهم السلام ، وأما السحرة والكهان والدجالون الكذابون، فإنهم يخالفون الأدلة السمعية والعقلية والفطرية .
ومنها : أن الأنبياء جاءوا بما يكمل الفطر والعقول ، والسحرة والكهان والكذبة يجيئون بما يفسد العقول والفطر .
ومنها : أن معجزات الأنبياء لا تحصل بأفعالهم هم ، وإنما يفعلها الله عز وجل آية وعلامة لهم، كانشقاق القمر وقلب العصا حية والإتيان بالقرآن والإخبار بالغيب الذي يختص الله به ، فأمر الآيات إلى الله لا إلى اختيار المخلوق، كما قال الله لنبيه عندما طلبوا منه أن يأتي بآية ، قال : قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ [2] ، وأما خوارق السحرة والكهان والمخترعات الصناعية، فإنها تحصل بأفعال الخلق [3].


هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات








[1]- الإسراء الآية 88
[2]- العنكبوت الآية 50
[3] - الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد للشيخ الفوزان ص 150 - 151

د.ربيع أحمد
09-06-2011, 10:48 PM
فساد قول الملاحدة أن علم الحديث مبني على مغالطات



إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .


أما بعد :

فيدعي الملاحدة هداهم الله أن علم الحديث مبني على مغالطات ففيه تصديق إدعاءات الأشخاص مادام العلماء قد وثقوهم ورد أقوال آخرين مادام العلماء لم يوثقوهم يعني يقولون لو كان الشخص ثقة فقوله مصدق عند المسلمين لو قال أي شيء حتى لو كان خطئا لصدقه المسلمون و لو لم يكن الشخص ثقة فقوله غير مصدق عند المسلمين و لو قال أي شيء حتى لو كان صحيحا لا يصدقه المسلمون و يزعم الملاحدة أن علم الحديث مبني على أراء العجائز المتحيزة بمجموعة من الرجال يصححون بعضهم ويكذبون آخرين و يقول أحد الملاحدة هداه الله : أنا لا أصدق اينشتاين لأنه اينشتاين بل أرى أن كلامه صحيح لأنه أثبت إدعاءه وأما ما يقوله اينشتاين كشخص فلا يهمني يريد أن يقول أن الإدعاء يثبت فقط عن طريق البرهان ولا شيء أخر .

و كلام هؤلاء الملاحدة ينم عن جهلهم الفادح باختصاصات علم الحديث فعلم الحديث يختص بالحكم على الأخبار الدينية المنسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالإضافة إلى الحكم على الأخبار الدينية المنسوبة إلى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم و الأخبار الدينية المنسوبة إلى التابعين و لا شأن لعلم الحديث بالأخبار الدنيوية .

و من يقرأ تعريف العلماء لعلم الحديث يعرف أن هذا العلم لا شأن له بالحكم على الأخبار الدنيوية و الأخبار الشخصية فعلم الحديث هو علم يشتمل على أقوال النبى صلى الله عليه وسلم وأفعاله و تقريراته وصفاته وروايتها وضبطها وتحرير ألفاظها ، ويُبْحَث فى هذا العلم عن رواية الأحاديث وضبطها ودراسة أسانيدها ومعرفة حال كل حديث من حيث القبول والرد ومعرفة شرحه ومعناه وما يُستنبط منه من فوائد .

و العلماء فرقوا بين رواية الحديث النبوي و رواية الأخبار الأخرى ، فعلى الحديث النبوي تبنى الكثير من الأحكامو تقام الحدود لذا تحرز العلماء في شروط من تأخذ عنه رواية الأحاديث النبوية لأن عليها مدار فهم الشريعة أما روايةالأخبار الأخرى ، فهي وإن كانت مهمة خاصة إذا كان مجالها الإخبار عن حياة الصحابة مثلا إلاأنها لا تمحص كما يمحص الحديث .
و لما كان الكثير من الأحكام الدينية لا سبيل إلى معرفتها إلا من جهة النقل عن النبي صلى الله عليه وسلم و أصحابه و أتباعهم - رضي الله عنهم جميعا - لزم النظر في حال الناقلين عنهم ، و البحث عن عدالة الراوين لأحاديثهم ، فمن ثبتت عدالته جازت روايته ، و إلا عدل عنه و التمس معرفة الحكم من جهة غيره ؛ لأن الأخبار حكمها حكم الشهادات في أنها لا تقبل إلا عن الثقات.

يقول أبو نعيم الأصبهاني : (( فلما وجب طاعته ومتابعته- قلت أي النبي صلى الله عليه وسلم - لزم كل عاقل ومخاطب الاجتهاد في التمييز بين صحيح أخباره وسقيم آثاره و أن يبذل مجهوده في معرفة ذلك واقتباس سنته وشريعته من الطرق المرضية والأئمة المهدية وكان الوصول إلى ذلك متعذر إلا بمعرفة الرواة والفحص عن أحوالهم وأديانهم والكشف والبحث عن صدقهم وكذبهم وإتقانهم وضبطهم وضعفهم وهائهم وخطئهم وذلك أن الله عز وجل جعل أهل العلم درجات ورفع بعضهم على بعض ولم يرفع بعضهم إلا وخص من رفعه من دونه بمنزلة سنية ومرتبة بهية فالمراتب والمنازل منه مواهب اختصهم بها دون الآخرين فلذلك وجب التمييز بينهم والبحث عن أحوالهم ليعطى كل ذي فضل فضله وينزل كل واحد منهم منزلة التي أنزله بها الممتن عليه والمنعم لديه ))[1]

و دعوى الملاحدة أن علم الحديث مبني على أراء العجائز المتحيزة بمجموعة من الرجال يصححون بعضهم ويكذبون آخرين دعوى بلا برهان و قول بلا أثارة من علم فالعلماء رأوا أن أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم و أصحابه تصلنا عن طريق الرواة ووجدوا أن الرواة منهم الصالح ومنهم الطالح و منهم الصادق و منهم الكاذب فاهتموا بالرواة ،وشرطوا لقبولروايتهم شروطاً في غاية تدل على بعد نظرهم وسداد تفكيرهم حتى لا يدخل أهل الزيغ في الدين ما ليس منه لا كما يزعم الملاحدة .


و لضمان صحة الروايات و الأخبار الدينية عن النبي صلى الله عليه وسلم و أصحابه و تابعيهم قد شرط العلماء لمن يقبل خبره عنهم أربعة شروط و هي الإسلام و التكليف و الضبط والعدالة و هذه الشروط إذا وجدت في الراوي ترجح اعتقاد صدقه وعدم وقوعه فيالخطأ في الرواية .

و الشرط الأول الإسلام فلا تقبل رواية كافر؛ لأن الكافر عدو للإسلامو أهله فالغالب ألا يتحرج من الكذب على الله ورسوله وتحريف دينه .


و الشرط الثاني لقبول حديث الراوي التكليف حالة أداء الحديث للغير أي حالة إبلاغ الحديث إلى الغير، فلا يقبل أداء الحديث من الصغير؛ لأن الصغير لا يدرك أثر الكذبولا عقوبته. لكن لوتحملشخص الحديث وهو صغير أي لو سمع الحديث و هو صغير ورواه بعد بلوغه جاز، لإجماع السلف على قبول خبر ابن عباس رضي اللهعنهما مع أن سِنَّه عند وفاة الرسول صلّى الله عليه وسلّم ثلاث عشرة سنة .

و الشرط الثالث الضبط بأن يؤدي الشخص ما تحمله على الوجه الذي تحمله من غير زيادة ولا نقص،ولا يضر الخطأ اليسير؛ لأنه لا يسلم منه أحد، ويعرف ضبط الراوي بموافقته الثقاتالمتقنين في الرواية، فإن وافقهم في روايتهم غالباً فهو ضابط، ولا تضر مخالفتهالنادرة لهم، فإن كثرت فليس بضابط، كما يعرف بالنص عليه ممن يعتبر قوله في ذلك، وهمأئمة الجرح والتعديل و لا تقبل الرواية من مخالف للثقات أو سيء الحفظ أو فاحش الغلط أو المغفل أو كثير الأوهام .



والشرط الرابع العدالة و هي استقامة الدين والمروءة ، بأن يكون الراوي مؤدياًالواجبات ، سليماً مما يوجب الفسق من المحرمات، فاعلاً ما يحمده الناس عليه من الأدبوالأخلاق، سليماً من خوارم المروءة التي يذمه الناس عليها ،و تعرف العدالة إمَّابالاستفاضة والشهرة، فمن اشتهرت عدالته بين أهل العلم كفى، كالأئمة الأربعةوالبخاري ومسلم، وغيرهم، أو بتنصيص عليها ممن يعتبر قوله في ذلك من علماءالتعديل و لا تقبل الرواية من فاسق لأن الخبر أمانة، والفسق قرينةتبطلها فلابد أن يكون الراوي صادق في الحديث، وغير متهم بالكذب، أو موصوف بالكذب، أو الوضع، أو سرقة الحديث: فإن الوصف بالكذب مما ينافي ثبوت العدالة؛ و لذا كان المتهم ، أو الموصوف بالكذب ، متروكاً من جهة عدالته .

ومجهول العين وهو من لم يرو عنه غير واحد، ولم يوثق، ولم يجرح و لم ينسب إلى الضعف الشديد، فإنه في حكم المبهم الذي لا يعرف. وأما مجهول الحال، فهذا قد عرفت عينه، ولم يتعرض له أحد بجرح، ولا تعديل، فضعفه من قبيل ضعف المحتمل، وحديثه يكتب للاعتبار .


و تصحيح و تضعيف العلماء لمن يرووا الأحاديث النبوية مبني على هذه الشروط الأربعة الإسلام و التكليف و الضبط والعدالة و ليس على انحياز أو اتباع هوى بلى على علم بالرواة و بصيرة بأحوالهم قال ابن تيمية : (( إن الحكم على أي طائفة أو قوم ، يقوم على أصلين ، أحدهما : المعرفة بحالهم ، والثاني : معرفة حكم الله في أمثالهم ))[2] و قال أيضا : (( والكلام في الناس يجب أن يكون بعلم وعدل ، لا بجهل وظلم كحال أهل البدع ))[3] ، و قد قال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾[4] و معنى الآية: كونوا قوامين لله بالحق، ولا يحملنَّكم بغض قوم على ترك العدل اعْدِلُوا في الولي والعدو هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى أي: إِلى التقوى. والمعنى: أقرب إِلى أن تكونوا متقين، وقيل: هو أقرب إلى اتّقاء النّار [5] و قال القرطبي : (( وَاشْهَدُوا بِالْحَقِّ مِنْ غَيْرِ مَيْلٍ إِلَى أَقَارِبِكُمْ، وَحَيْفٍ عَلَى أَعْدَائِكُمْ ﴿ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ ﴾ عَلَى تَرْكِ الْعَدْلِ وَإِيثَارِ الْعُدْوَانِ عَلَى الْحَقِّ ))[6] و قال عطاءُ: (( لا تُحاب من شهادتِكَ أهْل وُدِّك وقَرابتِك، ولا تمنع شهادتك أعداءَك وأضْدَادَك ))[7] .


و التزم العلماء العدل و الإنصاف في الحكم على الرواة في ذكر مساوئهم ومحاسنهم والموازنة بينهما .
فكل إنسان لا يسلم من الخطأ ، لكن من قل خطؤه وكثر صوابه فهو على خير كثير ،والإنصاف يقتضي أن يغتفر للمرء الخطأ القليل في كثير صوابه .


و لم يكن توثيق الرجال و تضعيفهم دون قواعدَ و لا ضوابط فقد تتبع علماء الحديث تواريخَ رواة الأحاديث ، ووقفوا على أخبارهم بدقَّة ، وللتأكد مِن سيرة وعدالة كل واحدٍ مِن الرواة قام علماء الحديث بترجمة كل رواة الأحاديث من حيث تاريخهم و مكان ميلادهم ووفاتهم و الأماكن التي عاشوه فيه و الأماكن التي سافروا إليها ومتى سافروا وأسماء مَنالتقى بهم في السفر و أسماء من التقوا بهم في سفرهم و في بلدهم و أسماء من سمع منهم و سمعوا منه و قد ذكروا صفات الرواة و أخلاقهم و علمهم و مدى ضبطهم و حفظهم للأحاديث التي سمعوها و رووها .



و كان علماء الحديث متجرِّدين للحقّ فمن وجدوه عدلاً عدَّلوه ، و مَن ثبت لهم أنه مجروح جرحوه ، و لم يراعوا في ذلك أيَّة اعتبارات شخصية عملا بقوله تعالى : ﴿ وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى ﴾[8] أي و عليكم أن تعدلوا فى القول إذا قلتم قولا في شهادة أو حكم على أحد ، و لو كان المقول له أو عليه ذا قرابة منكم ، إذ بالعدل تصلح شئون الأمم و الأفراد ، فهو ركن ركين فى العمران، وأساس فى الأمور الاجتماعية، فلا يحل لمؤمن أن يحابى فيه أحدا لقرابة ولا غيرها، فالعدل كما يكون فى الأفعال كالوزن والكيل يكون فى الأقوال[9] .


و لولا علم الحديث و رجاله ، وطلب هذه الأمة له، وكثرة مواظبتهم على حفظه لدرس منار الإسلام، و لتمكن أهل الإلحاد من الإسلام بوضع الأحاديث، وقلب الأسانيد، فإن الأخبار إذا تعرت عن وجود الأسانيد فيها كانت مقطوعة يسهل الزيادة عليها و النقصان منها و قلبها .

و هؤلاء الملاحدة يريدون أن يسبوا الإسلام بما هو مدح فيه فنقل الثقة عن الثقة يبلغ به النبي صلى الله عليه و سلم مع الاتصال ، خص الله به المسلمين دون سائر الملل و لو راعى علماء التاريخ و غيرهم من العلماء منهج علماء الحديث في التوثيق و التضعيف و القبول و الرد لخلى التاريخ و غيره من الأخبار الموضوعة و الأخبار المكذوبة و الشائعات إذ الرواية أمر ضروري للكثير من علوم الدنيا فلا يمكن لكل إنسان أن يكون حاضراً في كل الحوادث العلمية و التاريخية و الأدبية و الاجتماعية و لايُتصور علم الوقائع للغائبين عنها إلا بطريق الرواية سواء كانت بالكتابة أو الكلام و غير ذلك كذلك من ولد بعد تلك الحوادث لا يمكنهم العلم بالحوادث الماضية إلا بالرواية عمن قبلهم و قد تكون هذه الروايات صحيحة أو ضعيفة زائدة أو ناقصة أو بلا زيادة و نقصان فلابد أن نستعمل في تمييز صحيحها من سقيمها أصول نقد الروايات و قواعد التوثيق و التضعيف و الترجيح و هذا ما يتميز به علم الحديث و رجاله لكن الملاحدة يجهلون أو يتجاهلون .



و لو نظرنا في كلام الملاحدة لوجدناه عاريا عن أسلوب التحقيق العلمي فلا إسناد في كلامهم بعضهم عن بعض و لا تحقيق و لا تدقيق و يحملون الكلام ما لا يحتمله و يشككون في الواضحات و ينكرون بديهيات ثم يدعون أنهم على شيء و أنهم يتبعون الأسلوب العلمي هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات







[1] - الضعفاء لأبي نعيم الأصبهاني ص 45
[2] - مجموع الفتاوى لابن تيمية 28 / 510
[3] - منهاج السنة لابن تيمية 4/337
[4]- المائدة الآية 8
[5]- زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي 1/524
[6]- تفسير القرطبي 6/109
[7]- اللباب في علوم الكتاب لابن عادل 7/ 242
[8]- الأنعام من الآية 152
[9]-تفسير المراغي 8/71

معتزز
09-30-2011, 11:21 AM
عجبا ً لما لايُثبّت هذا المعين الذي هو بمقام الربيع في فصول الردود

معتزز
09-30-2011, 11:31 AM
جزيت يادكتور ربيع بكل حرف درجة في الجنة لتكون في أعلاها إن شاء الله واقبل مني هذا السؤال
هل يوجد لهذا المعين بعد الله كتاب يُباع في المكتبات ؟ إن لم يكن فهل يوجد له كتاب إلكتروني ؟
والشكر لك من قبل وبعد مُعلمّنا

noname
10-03-2011, 09:39 PM
مجهود عظيم دكتور ربيع
بارك الله فيك