مالك مناع
09-21-2005, 11:25 AM
قرأت قبل فترة مقالاً طويلاً عن الفوضى والنظام أجتزأ منه ما أثار الإشكال عندي:
ثمة مشاهد كثيرة في الطبيعة تُعَدُّ مثالاً للحركة الفوضوية. ونعدد منها مساقط المياه، وتشكُّل الغيوم وحركاتها، وتبخر المحيطات، وانفجار البراكين، وتشكل السواحل والجبال، ونمو الأشجار، وتقلُّب المناخ، والدوامات النهرية، وتوزع الإلكترونات الحرة في المواد الصلبة، وانطلاق غاز ما، وانتشار حريق أو وباء. هذا ناهيك عن كل ما يتعلق بالظاهرات الاجتماعية والاقتصادية والعلاقات البشرية الطبيعية. غير أن علم الفوضى الناشئ ينحو إلى دراسة هذه الظاهرات بالذات، وإلى استخلاص قوانين لهذه الفوضى المحددة تساعد على فهمها بشكل أفضل....
ويبدو اليوم أن عدداً كبيراً من أجسام المجموعة الشمسية، بما فيها الكواكب والمذنبات والكويكبات، لها حركات فوضوية ..
وإذا انتقلنا إلى البيولوجيا، فإن الأمر الثابت لدى العلماء هو أن الأنظمة البيولوجية محكومة بآليات لاخطية. وهذا يعني أن علينا توقع سلوك فوضوي على الأقل بقدر السلوك الدوري أو الثابت ..
غير أن دراسة ظاهرات أخرى كشفت عن تنوع وتعقيد الظاهرة الفوضوية. وأمكن في بعض الحالات استنتاج قوانين عامة تحكمها، أو تحديد مراحل معينة لظهورها. ففي تجربة فريدة أجريت على حركة التدوُّم، دُرِست دوَّامة مبسَّطة إلى أقصى حد ممكن، وتبيَّن أن المظهر الخارجي الفوضوي لها ينجم عن تشكيلات متتالية فائقة التعقيد يتناوب فيها النظام والفوضى والتدوُّم! ومن جهة أخرى، سمحت طريقة التصفية، وهي النظرية التي تدرس انتشار وباء أو حريق أو مرض أو غاز، بإيجاد قوانين عالمية تحكم ظاهرات مختلفة، وقد دُعِيت بـ"قوانين وباء الفوضى". وتبين من خلال هذه الطريقة أن اتصال مجموعتين عبر حدين، كمنطقتي انتشار وباء أو حريق، لا يمكن أن يتم إلا إذا تجاوز نسبة 60% في كل منهما تقريباً. وبالمقابل، فإن التشكل العشوائي لحالات الاتصال بين الخلايا الشعرية الرئوية يخلق مجموعة من الممرات ذات الحجوم غير المتجانسة، إنما التي تبيِّن تطابقها الفراكتالي fractals، أي أن كل جزء صغير منها كان صورة مطابقة للجزء الكبير. ويسمح هذا النموذج الهندسي "الفوضوي" للعلماء بوصف دقيق لضبط تبادلات الجزيئات الكبيرة بين الدم والأنسجة.
وسمحت فيزياء الأجسام الصلبة بتطوير مناهج دراسة الانتقال الإلكتروني في جسم صلب فوضوي. وبالمقابل فإن الترموديناميكا والفوضى وعلم الدوامات موازيات تطورت كثيراً. وما بين هذين المجالين هناك مجال رحب لظهور أفكار جديدة. وكان من أهم نتائج دراسة إلكترونات المواد الصلبة الفوضوية ما يلي: كلما كانت الفوضى أكبر كانت الخصائص الماكروسكوبية لمادة أقل تعلقاً بتفاصيل بنيتها الميكروسكوبية. وإضافة لذلك تبيَّن أنه في جسم بلوري لا تشوهات فيه يكون الإلكترون، الذي يتصف بكلية الحضور في وسط فوضوي، متوضعاً على العكس من ذلك بدقة كاملة. ويمكن لهذا الحديث أن يقودنا إلى مقارنة بسيطة للفوضى في عالمي الميكانيكا الكوانتية والميكانيكا الكلاسية، وذلك تحديداً في مجال عكوسية أو لاعكوسية الحركة. فعندما ندرس توزع كرات البلياردو على الطاولة انطلاقاً من تشكيل ثابت، نجد أننا نصل بسرعة إلى توزع فوضوي. والسؤال هو: هل ضاعت في هذه الحالة ذكرى الحالة البدئية؟ بشكل مبدئي لا. فمعادلات الحركة لنظام فوضوي تكون محددة دوماً، ويمكن مبدئياً حلها بشكل عكسي. أي أن كل كرة فوضوية على طاولة البلياردو يمكن أن تعيد نظرياً مسارها بشكل عكوسي حتى النقطة البدئية. أما عملياً، فالذاكرة البدئية قد ضاعت. وينجم هذا التعارض عن إحدى النتائج الغريبة للتباعد الأسِّي للمسارات. فمن المستحيل العودة بالزمن حسابياً بشكل دقيق، ذلك أن المسارات حساسة جداً لشروط البدء. وتدوير أو تقريب بسيط جداً في الأرقام، الأمر الذي لا مفرَّ منه في الحسابات، يُتَرجم بأخطاء أكثر فأكثر كبراً كلما جربنا إرجاع المسار إلى فترة ماضية أبعد. وهكذا يميل المسار لنسيان نقطة الانطلاق ما أن يصبح زمن المسير طويلاً نسبياً. وتلكم هي بالضبط علاقة الفوضى بالزمن كما سنرى لاحقاً. لكن على المستوى الكوانتي لا نستطيع أن نأخذ بهذه العلاقة. فقوانين الفيزياء الكوانتية هي قوانين الريبة بجوهرها. ومع ذلك، فقد بيَّنت تجارب حديثة على ذرة هيدروجين متأيِّنة على الكمبيوتر إمكانية الرجوع إلى الحالة البدئية بالضبط، بينما لم يستطع الكمبيوتر تحقيق ذلك وفق الحسابات الكلاسية. وتطرح هذه التجارب دون شك جانباً دقيقاً من مفهوم الفوضى على المستوى الكوانتي لا يزال العلماء يحارون في تفسيره.
وسؤالي - بارك الله فيكم- :
1) ما مدى دقة هذا الكلام من الناحية العلمية (عادتي أني لا أثق بسهولة في أي معلومة أقرأها من النت لأنها في الغالب غير مسندة ومجهولة النسب!).
2)ويترتب على الأول، إذا كان هذا الكلام صحيحاً. فهل يمكن باعتبار ما سبق أن نسلم بوجود الفوضى في الكون ؟
3)إلى أي مدى يمكن أن يؤثر ذلك في الموقف الالحادي سلباً أو إيجاباً؟
4) وما مدى تأثير ذلك على الموقف الإيماني الذي يستدل دائماً بالتنظيم والتناسق والغائية؟
أرجو أن يتم تناول الموضوع بأبعاده المختلفة:
البعد العلمي ..
البعد الفلسفي ..
البعد الديني ..
ولعلها تكون فرصة لعودة بعض الأقلام العلمية المميزة - الغائبة الحاضرة - مثل الأخ ساهر وأحمد المنصور
:emrose: :emrose:
ثمة مشاهد كثيرة في الطبيعة تُعَدُّ مثالاً للحركة الفوضوية. ونعدد منها مساقط المياه، وتشكُّل الغيوم وحركاتها، وتبخر المحيطات، وانفجار البراكين، وتشكل السواحل والجبال، ونمو الأشجار، وتقلُّب المناخ، والدوامات النهرية، وتوزع الإلكترونات الحرة في المواد الصلبة، وانطلاق غاز ما، وانتشار حريق أو وباء. هذا ناهيك عن كل ما يتعلق بالظاهرات الاجتماعية والاقتصادية والعلاقات البشرية الطبيعية. غير أن علم الفوضى الناشئ ينحو إلى دراسة هذه الظاهرات بالذات، وإلى استخلاص قوانين لهذه الفوضى المحددة تساعد على فهمها بشكل أفضل....
ويبدو اليوم أن عدداً كبيراً من أجسام المجموعة الشمسية، بما فيها الكواكب والمذنبات والكويكبات، لها حركات فوضوية ..
وإذا انتقلنا إلى البيولوجيا، فإن الأمر الثابت لدى العلماء هو أن الأنظمة البيولوجية محكومة بآليات لاخطية. وهذا يعني أن علينا توقع سلوك فوضوي على الأقل بقدر السلوك الدوري أو الثابت ..
غير أن دراسة ظاهرات أخرى كشفت عن تنوع وتعقيد الظاهرة الفوضوية. وأمكن في بعض الحالات استنتاج قوانين عامة تحكمها، أو تحديد مراحل معينة لظهورها. ففي تجربة فريدة أجريت على حركة التدوُّم، دُرِست دوَّامة مبسَّطة إلى أقصى حد ممكن، وتبيَّن أن المظهر الخارجي الفوضوي لها ينجم عن تشكيلات متتالية فائقة التعقيد يتناوب فيها النظام والفوضى والتدوُّم! ومن جهة أخرى، سمحت طريقة التصفية، وهي النظرية التي تدرس انتشار وباء أو حريق أو مرض أو غاز، بإيجاد قوانين عالمية تحكم ظاهرات مختلفة، وقد دُعِيت بـ"قوانين وباء الفوضى". وتبين من خلال هذه الطريقة أن اتصال مجموعتين عبر حدين، كمنطقتي انتشار وباء أو حريق، لا يمكن أن يتم إلا إذا تجاوز نسبة 60% في كل منهما تقريباً. وبالمقابل، فإن التشكل العشوائي لحالات الاتصال بين الخلايا الشعرية الرئوية يخلق مجموعة من الممرات ذات الحجوم غير المتجانسة، إنما التي تبيِّن تطابقها الفراكتالي fractals، أي أن كل جزء صغير منها كان صورة مطابقة للجزء الكبير. ويسمح هذا النموذج الهندسي "الفوضوي" للعلماء بوصف دقيق لضبط تبادلات الجزيئات الكبيرة بين الدم والأنسجة.
وسمحت فيزياء الأجسام الصلبة بتطوير مناهج دراسة الانتقال الإلكتروني في جسم صلب فوضوي. وبالمقابل فإن الترموديناميكا والفوضى وعلم الدوامات موازيات تطورت كثيراً. وما بين هذين المجالين هناك مجال رحب لظهور أفكار جديدة. وكان من أهم نتائج دراسة إلكترونات المواد الصلبة الفوضوية ما يلي: كلما كانت الفوضى أكبر كانت الخصائص الماكروسكوبية لمادة أقل تعلقاً بتفاصيل بنيتها الميكروسكوبية. وإضافة لذلك تبيَّن أنه في جسم بلوري لا تشوهات فيه يكون الإلكترون، الذي يتصف بكلية الحضور في وسط فوضوي، متوضعاً على العكس من ذلك بدقة كاملة. ويمكن لهذا الحديث أن يقودنا إلى مقارنة بسيطة للفوضى في عالمي الميكانيكا الكوانتية والميكانيكا الكلاسية، وذلك تحديداً في مجال عكوسية أو لاعكوسية الحركة. فعندما ندرس توزع كرات البلياردو على الطاولة انطلاقاً من تشكيل ثابت، نجد أننا نصل بسرعة إلى توزع فوضوي. والسؤال هو: هل ضاعت في هذه الحالة ذكرى الحالة البدئية؟ بشكل مبدئي لا. فمعادلات الحركة لنظام فوضوي تكون محددة دوماً، ويمكن مبدئياً حلها بشكل عكسي. أي أن كل كرة فوضوية على طاولة البلياردو يمكن أن تعيد نظرياً مسارها بشكل عكوسي حتى النقطة البدئية. أما عملياً، فالذاكرة البدئية قد ضاعت. وينجم هذا التعارض عن إحدى النتائج الغريبة للتباعد الأسِّي للمسارات. فمن المستحيل العودة بالزمن حسابياً بشكل دقيق، ذلك أن المسارات حساسة جداً لشروط البدء. وتدوير أو تقريب بسيط جداً في الأرقام، الأمر الذي لا مفرَّ منه في الحسابات، يُتَرجم بأخطاء أكثر فأكثر كبراً كلما جربنا إرجاع المسار إلى فترة ماضية أبعد. وهكذا يميل المسار لنسيان نقطة الانطلاق ما أن يصبح زمن المسير طويلاً نسبياً. وتلكم هي بالضبط علاقة الفوضى بالزمن كما سنرى لاحقاً. لكن على المستوى الكوانتي لا نستطيع أن نأخذ بهذه العلاقة. فقوانين الفيزياء الكوانتية هي قوانين الريبة بجوهرها. ومع ذلك، فقد بيَّنت تجارب حديثة على ذرة هيدروجين متأيِّنة على الكمبيوتر إمكانية الرجوع إلى الحالة البدئية بالضبط، بينما لم يستطع الكمبيوتر تحقيق ذلك وفق الحسابات الكلاسية. وتطرح هذه التجارب دون شك جانباً دقيقاً من مفهوم الفوضى على المستوى الكوانتي لا يزال العلماء يحارون في تفسيره.
وسؤالي - بارك الله فيكم- :
1) ما مدى دقة هذا الكلام من الناحية العلمية (عادتي أني لا أثق بسهولة في أي معلومة أقرأها من النت لأنها في الغالب غير مسندة ومجهولة النسب!).
2)ويترتب على الأول، إذا كان هذا الكلام صحيحاً. فهل يمكن باعتبار ما سبق أن نسلم بوجود الفوضى في الكون ؟
3)إلى أي مدى يمكن أن يؤثر ذلك في الموقف الالحادي سلباً أو إيجاباً؟
4) وما مدى تأثير ذلك على الموقف الإيماني الذي يستدل دائماً بالتنظيم والتناسق والغائية؟
أرجو أن يتم تناول الموضوع بأبعاده المختلفة:
البعد العلمي ..
البعد الفلسفي ..
البعد الديني ..
ولعلها تكون فرصة لعودة بعض الأقلام العلمية المميزة - الغائبة الحاضرة - مثل الأخ ساهر وأحمد المنصور
:emrose: :emrose: