المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أطروحة الدولة المدنية بين أطماع الأقلية وجهل الأغلبية !



د. هشام عزمي
02-27-2011, 01:26 AM
أطروحة الدولة المدنية
بين أطماع الأقلية وجهل الأغلبية !
http://aljame3.net/ib/index.php?showtopic=9599


البداية : الحكم الكنسي وعصور الظلمة !

بعد عصر قسطنطين بقليل من الزمن أعد المسيحيون وثيقة مزيفة بإسمه – أي قسطنطين – أجيز فيها العنف مع الكفار والملاحدة , فقضوا خلال القرن الرابع الميلادي , تحت هذا الشعار , على أتباع الديانات الأخرى وكل من إختلف مع الكنيسة الكاثوليكية .
Rationalist encyclopedia, p442

وبعد أن انتهى المسيحيون " الأغلبية " من الكفار والملاحدة " الأقلية " , توجهوا إلى اليهود تحت شعار ثأر دم المسيح , وفي ظل هذه الذريعة قُتل اليهود وسُلبت ممتلكاتهم , وأجبروا على الخروج من بيوتهم , وقد قال البابا الشهير " هائيلد براند " مشجعًا الحكام المسيحيين على قتل الملحدين والكفار واليهود : " الذي يمنع سيفه من قتل هؤلاء فهو ملعون " !
Herbert Muller: use of the past pp.86-87; Cambridge modern history (1907), vol.10, p. 152; Rationalist encyclopedia, p.270

ويقول الدكتور/نبيل لوقا بباوي عن الإضطهادات التي مارستها الكنيسة الكاثوليكية الرومانية ضد نصارى مصر الأورثوذكس قبل الفتح الإسلامي للبلاد : ( في عام 631م حاول هرقل إمبراطور الدولة البيزنطية أن يوحد العقيدة المسيحية مرة أخرى في جميع الولايات التابعة لإمبراطوريتة حسب المذهب الأريوسي ذي الطبيعتين للسيد المسيح , وأرسل حاكم جديد هو المقوقس الذي قام بإحراقهم أحياء - أي الأرثوذكس - وانتزاع أسنانهم , لدرجة أن شقيق الأنبا بنيامين بطريرك الأقباط الأرثوذكس في الإسكندرية قام الجنود الرومان بحرق أخيه متياس وأشعلوا فيه النار حيًا لرفضه الإعتراف بقرارات الإمبراطور هرقل الجديد , ويجمع جميع المؤرخين أن هذه الحماقات من جانب المقوقس جعلت الأقباط في مصر يكرهون حكم الدولة البيزنطية وكانوا يصلون أن ينجوا من شرور الجنود الرومان , ولشدة الإضطهاد من جنود الرومان هرب البطريرك الأنبا بنيامين وترك مدينة الإسكندرية وهرب للصعيد بعد أن رأى ما حدث لأخيه وللأقباط الأرثوذكس , وفي هذا الجو المأساوي الدموي حيث تذكر كتب التاريخ القبطي أن دماء الأقباط الأرثوذكس كانت تصل إلى ركب الخيول للجنود الرومان , وفي عام 639م أتى عمرو بن العاص بجيشه إلى مصر ومعه أربعة آلاف مقاتل , وفتح مصر في هذا الجو المأساوي الذي يعيش فيه الأقباط الأرثوذكس من ويلات القتل والعذاب على الجنود الرومان ) ( إنتشار الإسلام بحد السيف بين الحقيقة والإفتراء ص 157-158 ) .

ومن الحيل التي إستغلها المسيحيون لإضطهاد المسلمين واليهود والذين إختلفوا مع الكنيسة الكاثوليكية هو ما عُرف بـ " محاكم التفتيش " . فباسم هذه الحيلة قتل كثير من الأبرياء الذين يصعب حصرهم من الرجال والنساء والأطفال ذبحًا وشنقًا وحرقًا , الأمر الذي يُعد صفحة مظلمة في تاريخ الإنسانية جمعاء !

وقد إضطر الباحثون في ضوء أمثلة الظلم والإضطهاد والتعذيب هذه إلى أن يقولوا :
" تمتاز المسيحية بين الديانات الأخرى , بأنها قتلت منكريها وشددت عليهم من حيث الكم والكيف لدرجة أنه لا يمكن أن تتنافس معها أي ديانة أخرى " .
Rationalist encyclopedia, p441

وهناك ما يعرف بـ " الإضطهاد الفكري " , والذي يتمثل في حرب فكرية ثقافية , تحجر على الفكر والإطلاع والعلم , كالذي مارسته الكنيسة الكاثوليكية ضد فلاسفتها ومفكريها وعلمائها في القرون الوسطى , إذ يعتبر عصر إزدهار المسيحية وإنتشارها ما يجمع المسيحيون كلهم تقريبًا على تسميته بـ " القرون المظلمة " . وما حادثة إضطهاد برونو وجاليليو منا ببعيد , وهم من أبرز علماء الفلك في القرون الوسطى , فالأول أحرق حيًا , والثاني لكبر سنه عُذب عذابًا شديدًا وأُكره على أن يبريء نفسه من أفكاره الكافرة, التي كان أبرزها أن الشمس تمثل مركزًا للنظام الشمسي بدلاً من الأرض , وهذا ما ثبت علميًا فيما بعد !

ولم يكن برونو وجاليليو ضحايا هذا العصر فحسب , بل إن باباوات الكنيسة وسعوا دائرة السخط على عامة الناس , فأحرقوا كل من أرادوا , زاعمين أنه " عراف " !
Rationalist encyclopedia, pp.622-623

وكذلك ما قامت به الكنيستان : الكاثوليكية والأرثوذكسية من خلال مجامع ومحاكمات كنسية لأكابر رجالها , كلما خرجوا على العالم المسيحي بأفكار وأراء تناقض الموروث العقدي لدى الكنيسة , فظهر مصطلح " الهراطقة " , ذلك المصطلح الذي كان كافيًا عند إطلاقه على أفراد أو جماعات , لحرقهم وحرق مؤلفاتهم وحذر نقلها أو تداولها , ومعاقبة كل من يمتلك هذا المؤلفات أو ينادي بما نادت به من أراء وأفكار بالقتل أو الحرق !


ونبتت نابتة !

لقد وقفت الكنيسة إبان القرون الوسطى عائقاً أمام تقدم البشرية فكان لابد من إقصائها ، ولكن صحب هذا الإقصاء روح المعاداة للدين بوجه عام , وتم اختراع قانون وضعي ينحي الدين جانبًا مهجورًا لا علاقة له بالحكم أو الدولة , وسموه بـالقانون : " المدني أو العلماني أو الديمقراطي أو الليبرالي ... إلخ " !

وإن كان للبعض أن يقول إن لأوروبا عذرها في معاداة الدولة الدينية لاستبداد الكنيسة التي حولت حياة الناس إلى جحيم لا يطاق ، لكن العجيب أن نسمع أمثال هذه الدعاوى في مجتمعاتنا الإسلامية , وما ذلك إلا إتباعًا للغرب , تلك الآفة التي أصابت مجتمعاتنا بصورة وبائية في شتى مناحى الحياة , إذ انخدع بعض السذج ممن يشار إليهم على أنهم أعلام الثقافة والفكر في مجتمعاتنا , بهذه الفكرة المستوردة من الغرب, وقد كان أجدر بهم أن يرشدوا الناس إلى الإسلام الذي ملأ الأرض بنوره وعدله، بدلاً من إرشادهم إلى أوحال المادية الملحدة التي تتبنى الرفض الدائم لكل ما يرتبط بالدين والأخلاق , فمن المعلوم أن الإسلام دين ودولة ، دولة لا تعرف العداء للعلم والعلماء والثقافة ، بل قاد الإسلام بدولته الواقعية المشهودة , البشرية إلى تقدم كبير في شتى فروع العلم المختلفة ، فبنى حضارة أضاءت مصباح الحياة , ووضع اللبنة الأولى لأسس العلوم والحضارات التي نعاينها اليوم , وكل ذلك وقت كانت أوروبا في سبات عميق في ظل دين أثبت واقعيًا عدم قابليته للحكم والقيادة وتشجيعه على الرجعية والتخلف !

ورغم ما ذكرناه ونقلناه , إلا أن حفنة من النصارى في أيامنا هذه , يرددون شعارات المطالبة بـ " دولة مدنية " . وإعتمدوا في ذلك على عدة أمور :
أولاً : جهل الرعايا المسيحيين بالتاريخ الإسلامي وشريعته وسماحة دولته بالأقليات وما كفله الإسلام لهم من ضمانات وحقوق .
ثانيًا : مطالبة بعض الكارهين لحكم الإسلام والدولة الدينية , بإقصاء الشريعة الإسلامية عن نواحي الحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية , وسيادة ما زعموه بـ"الحكم المدني" للدولة , وما ذلك إلا إتباعًا للغرب الحاقد الذي أقصى مسيحيته بعيدًا عن نواحي الحياة وتمسك بعلمانية ليبرالية تنكر الأديان ولا تعترف بوجودها إلا على أرفف المكتبات المهملة , مناقضًا بذلك مبدأ الديمقراطية العوجاء الذي يزعمه ويزعج الأسماع بضرورة تحكيمه !
ثالثًا : التزوير التاريخي لتاريخ الإسلام وشريعته الذي حدث على مر العصور على يد أعدائه اللئام .
رابعًا : الحقد الغير مبرر على الشريعة الإسلامية السمحاء !


الدولة المدنية والتعصب !

وهذه " الدولة المدنية " المزعومة تبني معاملاتها الداخلية والخارجية وفق نظرة ضيقة تتعصب للوطن ولأبناء الوطن ، وتسعى لاستعلاء هذا والوطن وأبنائه على غيرهم ، وهذه الغاية تبرر اتخاذ كافة الوسائل لتحقيقها دون ارتباط بقيم أو مراعاة لمباديء وأصول الأديان ، وهذه النظرة القومية والوطنية المتعصبة ظهرت أيضاً كرد فعل لتسلط الباباوات والقياصرة على شعوب أوروبا ، فجاءت الدعوة إلى القومية والوطنية رفضًا للخضوع للسلطة الدينية للباباوات والسلطة السياسية للأباطرة ، ليكون ولاء كل شعب لوطنه لا لغيره ، وصارت القومية والوطنية غاية تبرر الوسيلة ، والويل كل الويل للشعوب المغلوبة من استعلاء الشعوب المنتصرة ، وتحولت حياة الشعوب إلى صراع من أجل العلو في الأرض والزعامة الدنيوية . والإسلام يرفض إستعلاء جنس على جنس أو قومية على قومية ، ودعوة الإسلام دعوة عالمية ، لا تنحصر في إقليم أو حدود أرضية أو جنس !


الدولة المدنية والديمقراطية العوجاء !

كما تبنت هذه " الدولة المدنية " ما يُعرف بالنظام الديمقراطي في الحكم ، ليكون الحكم بمقتضى مصالح كل شعب ورغباته ، فالحق والصواب ما يحقق منافع الأمة الدنيوية ، والخطأ والباطل ما كان لا يحقق مصالحها ، وتقدير المنافع والمصالح تحدده رغبات الشعوب وأهواؤها ، دون إعتبار لأي أصول أو ثوابت مقدسة عند أصحاب الأديان , فما كان مرفوضاً بالأمس يقبل اليوم ، وما يقبل اليوم قد يرفض غداً ، فلا ثوابت ولا قيم ولا مباديء إلا المصلحة والمنفعة تحددها قيادات وزعامات من البشر من خلال صياغتهم لقوانين وضعية تقود الجموع إلى ما ترى !


الدولة المدنية هى دولة المؤسسات !

وهناك من يحاول أن يبين أن الدولة المدنية هي دولة المؤسسات ، وأنها لا تعارض الدين ولا تعاديه , فإذا ‏قلتم هذا فلماذا تأبون وصفها بدولة إسلامية أو شرعية أو دينية ، ولماذا التركيز على أنها دولة ‏مدنية ، وهل كانت الدولة التي أقامها رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏ دولة مدنية أو دولة إسلامية ، وكذلك الدولة التي ‏أقامها خلفاؤه من بعده أبو بكر وعمر وعثمان وعلي !


الدولة المدنية وإقصاء الدين !

وهناك من يقول أن الدولة المدنية ليست دولة علمانية تنكر الدين وتقصيه بل هى دولة مدنية ذات مرجعية دينية ، إن هذا القيد في حد ذاته يمثل اتهامًا حقيقيًا ‏للدولة المدنية من قبل دعاتها ، فإن هذا الكلام يبين أن المرجعية الدينية ليست من صفات الدولة المدنية ‏ولا من خصائصها وأركانها ، وإلا لما احتاج هذا المتكلم إلى إضافة ذلك القيد !


الدولة المدنية والأقلية النصرانية !

فهذه الدعوى إلى " الدولة المدنية " ما خرجت بداية إلا عن نصارى المهجر , خاصة الملاحدة منهم والعلمانيين ، فهم أول من يدعو للعلمانية والحكم المدني ويرفض حكم الدين بوجه عام للأسباب التي ذكرناها ، وإنما يتماحكون في " شعب الكنيسة المصرية " لأنها وإن كانت ورقة دينية إلا أنها الورقة الرابحة الوحيدة في أيديهم ، فبغيرها لن يستطيعوا رفع شعارات دعاوى الإضطهاد , لكن – وللإسف – رأينا من ردد أقوالهم وتناقلها وروج لها بين أظهرنا ممن حملوا شعارات الثقافة والتنوير والفكر , ثم تمسك بأقوالهم حفنة من الرعايا المسيحيين في البلاد العربية , وهؤلاء صنف أخر يريد من خلال نفس الغرض أن يحقق مكاسب أخرى وأن يصل إلى سلطات ونفوذ تمكنهم من السيطرة والسيادة على حساب رقاب المسلمين !

يا دعاة الدولة المدنية ... من يجيب ؟!

ونحن إبتداءً – ومن منطلق الشفقة على هؤلاء – نقول لهم : يكفينا من خلال مطالبتكم بهذه الدولة المدنية العلمانية , إقراركم التام بأن المسيحية لا تصلح لحكم البلاد والعباد , أما الإسلام فلقد أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أحقيته في القيادة والريادة والحكم !

ونزيد على ذلك فنسألكم :
1- ما هى الدولة المدنية ؟!
2- ما هو منهجها ودستورها ومن أين يُستقى ؟!
3- أين هى هذه الدولة المدنية ؟! أين نجد نموذجًا لها ندرسه ونُعاينه ؟!
4- إن وجد نموذج لهذه الدولة في عالمنا الواقعي , فهل نجح هذا النموذج أو تلك الدولة في تطبيق دستور الدولة المدنية وإجابة مطالب أفرادها على مختلف إنتماءاتهم وحققت لهم الرخاء المرجو والمساواة المزعومة ؟!

واعلم عزيزي القاريء , أننا على ثقة تامة بأن هذه الأسئلة لا إجابة لها , وأن هذه الدولة المدنية المزعومة , دولة وهمية غير واقعية , لا نموذج لها أو مثال , بل هى أسطورة تنتمي إلى عالم الخيال , وأي بلد زعمت أو زعم لها المدنية , فهى مدنية مشوهة , إذ نتحدى أن تكون هذه الدولة المدنية المزعومة قد حققت المساواة بين أقلياتها , بل على نقيض ذلك , فمهازل المدنيات تشهد لنا بفضل الله !

فهى دولة وهمية يراد منها تضييق المنافذ على دولة الإسلام الواقعية , كما يراد منها مساواة " زائفة " تمنح في النهاية سلطات ونفوذ للأقليات تمكنهم من السيطرة على الدولة تحت ذريعة "المساواة", أو قل : تغيير قانون الدولة الذي يحقق المصلحة العامة لغالبية أفرادها ليتماشى مع ما تريده الأقلية دون أدنى إعتبار لمبدأ النسبة والتناسب , فتتعطل المصلحة العامة من أجل المصلحة الخاصة , وكل دول العالم على مختلف أنظمتها الوضعية , في أي زمان كانت , تقدم المصلحة العامة على الخاصة , فهذه "الدولة المدنية" المزعومة تنفر من تطبيق دستورها , كل بلاد الأرض , فأين هى هذه "الدولة المدنية" الوهمية ؟!


الدولة المدنية , شبهات وردود !

زعم بعضهم , بعد أن أزعجتهم هذه الأسئلة أزمانًا , وأرهقت أمثالهم أبدانًا : أن الدولة المدنية هى الدولة التي يتساوى جميع أفرادها على مختلف إنتماءاتهم أمام القانون , فيكون القانون هو المهيمن على أفراد الدولة , والكل خاضع لما يفرضه عليهم !

هذا أقصى ما سمعناه عن هذه الدولة المدنية , وهذا القانون المزعوم – في حقيقته – قانون وضعي إنساني لا يعترف بالأديان وأصولها ومبادئها , بل ينكرها ولا يقرها ويخالف بأحكامه ومواده أصول وثوابت الأديان , بل يخالف حتى ما اتفقت عليه جميع الأديان !

ونحن لا ندري : من الذي أعطى الحق لفئة معينة لصياغة قانون يريدون أن يسري على مجتمع بأسره على إختلاف مذاهبهم ومللهم ؟! بل وفق ما يزعمون وما يتناسب مع التعريف السابق للدولة المدنية , يجب أن يشارك كل فرد في المجتمع بأسره في صياغة هذه القوانين , وهيهات هيهات أن يحدث مثل هذا !

فنحن نبصر هذه الحفنة التي تطالب بهذه الدولة المدنية فنقول لهم : يعيش إخوانكم من النصارى في مصر أزمة أرهقت كنيستهم ورئيسها , وهى حكم القضاء "المدني" الذي يطالب بتطبيقه حفنة من النصارى , بأحقية الزوجين المسيحيين بالطلاق والزواج الثاني, وهذا كما هو معلوم مخالف لنصوص الأناجيل المعتقد بقدسيتها عند النصارى !

والأعجب , أن هؤلاء المتبجحين بـ " الدولة المدنية " قد رجعوا " مُسَلِمِين " بضرورة الإحتكام إلى الدين الإسلامي الذي خلى بين أهل الملل الأخرى وبين محاكمهم الخاصة بهم وفق دساتيرهم المتفق على تحكيمها في حال النزاعات عندهم !

وقد نقلت أحدث إستطلاعات الرأي التي أجراها مركز البحوث الجنائية والإجتماعية في مصر على نطاق المجتمع الأرثوذكسي المصري , أن 5 % فقط من النصارى الأرثوذكس يوافقون على الحكم المدني بأحقية المطلق في الزواج الثاني , وأن 93 % من النصارى الأرثوذكس يلتزمون برأي الكنيسة المنبثق من تعاليم أناجيلها , وأن 84 % يرفضون الزواج المدني . ( جريدة الأسبوع , العدد 685 بتاريخ 11 من يونية لعام 2010م ) .

هذا , وقد صرح أحد كبار رجال الكنيسة الأرثوذكسية في مصر , وهو الأنبا موسى , أسقف الشباب , أن الديمقراطية لا تصلح لحكم الكنيسة وقراراتها ، مضيفاً: «لا ينبغى أن نطبق الديمقراطية السياسية على الحياة الكنسية ، فيتم أخذ رأى الشعب بجانب رأى الإكليروس »، مؤكداً أن الديمقراطية السياسية تكون فى الحياة المدنية فقط ، ولا تناسب العمل الدينى ! ( جريدة المصري اليوم بتاريخ 22/9/2010 ) .
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=270620

إن الذي يعاني منه النصارى في مصر من هذا القانون المدني الوضعي , يعاني منه المسلمون في بلاد أوروبا وأمريكا التي يُزعم لها " المدنية " , ففي دول أوروبا تحرم المرآة المسلمة الأوربية من إرتداء حجابها وممارسة حقوقها بزيها الإسلامي , وذلك وفقًا للقوانين الوضعية العلمانية التي تحارب الأديان وثوابتها , في حين تسمح هذه الدول بالدعارة واللواطية كحق من حقوق المواطن الأوروبي , وفي سويسرا مُنع بناء المآذن والقباب أعلى المساجد الإسلامية حقدًا وبغضًا منهم في مظاهر التوحيد والعفة والطهارة والأخلاق الحميدة , وكخطوة أولى لمنع بناء المساجد في أوروبا , في حين تسمح هذه الدولة وتشجع على بناء دور الزنا المنظم وترفع راياتها , وفي الدنمارك وهولندا وسويسرا والسويد تُهان المقدسات , ويطعن في أعراض الأنبياء صلوات ربي وسلامه عليهم من خلال مبدأ "مدني" نصت عليه هذه الدول : "حرية التعبير والفكر" !


المواطنة !

وآخرون يزعمون أن الدولة المدنية هى الدولة التي تتحق فيها المساواة الكاملة والحيادية التامة , فهى التي لا تنظر إلى الأفراد من ناحية دينية أو طائفية , بل الكل سواسية أمام القانون , إنطلاقًا من منهج صار يُعرف بنظام " المواطنة " , ذلك النظام أو المفهوم الذي يشير إلى النصراني كمواطن يعيش على أرض مصر مثله كالمسلم , له ذات الحقوق , وعليه ذات الوجبات , دون أدنى تمييز , حتى ولو كانت الدولة لا يوجد بها إلا قبطي نصراني واحد , فالعدد أو النسبة لا إعتبار لهما !

ونقول لهؤلاء – ولازلنا نشفق عليهم – هذه دعوى وهمية أسطورية , إذ التفريق حتمي في بعض الحالات ومعظمها , لخصوصية كل دين أو ملة أو حتى أحزاب وضعية بمباديء وقوانين قد تتعارض مع هذا القانون المدني المزعوم , كما أن هذا التفريق في بعض حالاته قد يصون المجتمع من ضياع الهويات , كما أنه يميز بين خصائص أفراده وأديانهم وعاداتهم وتقاليدهم , وأنا بالضرورة لا أعني بالتفريق ثوبًا أو صليبًا أو خِتمًا , بل أعني به الهوية والإنتماء الأصلي , وذلك حسب الطريقة الشرعية التي يراها المجتمع مناسبة لزمانه ومكانه, وفي النهاية الكل يمثل أهل البلد الواحد !

كما أن هذه المساواة المذكورة أعلاه , مساواة زائفة , لا يراد منها حكمًا ديمقراطيًا كما يزعمون لنا , بل هى مساواة ستعطي في النهاية ما للأغلبية للأقليات تحت ذريعة "مواطنة لا إعتبار للعدد أو النسبة فيها ", وهذا محال أن ترضى به دولة من الدول , ولا يوجد إنسان عنده مسحة من عقل يقبل أن تفرض الأقلية رغبتها على حساب رغبة الأغلبية مثلاً , على إعتبار أن هذا حق من حقوقهم كمواطنين – أي الأقلية – , وبذلك تضيع رغبات الأغلبية , والتي بضياعها تضيع المصلحة العامة للبلاد فتتعطل الدولة , ولذلك هذا التعريف السابق للدولة المدنية وتطبيقه المادي , نتحدى أن يوجد في دولة من دول هذا العالم , بل نتحدى أن يوجد في الدول التي تزعم أنها "مدنية", فكل دولة تنظر إلى هذا الأمر وفقًا لمبدأ النسبة والتناسب بين رعاياها , وتحقيق المصلحة العامة , ولا يوجد دولة واحدة أو حضارة , هلكت أم بقيت , إلا وهى تفرق بين الأغلبية والأقليات في بعض الأمور التي ترى فيها مصلحتها العامة , والأقلية في هذا تابعة للأغلبية , وعلى هذا جرى الأمر في كل بلاد الأرض , فما بال النصارى يطالبون بما ليس له وجود ولن يكون له وجود ؟!

والفارق بين ما تفعله دول العالم المعاصر التي تزعم " المدنية " وما فعله الإسلام منذ قرون عدة حول هذا المبدأ الفطري الذي نص على تحقيق المصلحة العامة , هو أن الإسلام أقام هذا المبدأ دون إجحاف أو ضياع لحقوق الأقليات , أو تهميش دورهم في بناء المجتمع , بل وازن بين الأمور وضمن لهم حقوقهم كاملة وكفل لهم حياة هنية لا يشعرون فيها بفرق بينهم وبين مخالفيهم , لأنه منهج رباني لا وضعي إنساني قد يطغى على فئة أو طائفة معينة كما هو الحال في "المدني" المزعوم , بل منهج إلهي صان الإنسان وكرامته أيًا كانت ديانته , وساوى بين أهل البلد الواحد في الحقوق والواجبات , محققًا مبدأ " المواطنة " على معناه الصحيح , ألا وهو : لهم ما لنا وعليهم ما علينا , مع الأخذ في الإعتبار بمبدأي النسبة والتناسب والمصلحة العامة !

كما أن الإسلام وقبل تقديمه للمصلحة العامة , إحترم المقدسات وأقر المخالفين على أديانهم وأصولهم وعقائدهم , وترك لهم الحرية في تطبيق شريعتهم الخاصة بهم في أمور حياتهم , وهذه هى نقطة الخلاف الرئيسية فيما بين الدولة الإسلامية الواقعية والدولة المدنية الخيالية , فهذه " المدنية " لا تنظر إلى الأصول والثوابت الدينية , ولا تضعها محل الإعتبار أو النظر , ولهذا لم نر في التاريخ المحقق أي شكوى صدرت من الأقليات التي عاشت في ظل دولة الإسلام القويمة حول هذا الأمر , بل لربما أُعطي الأقليات حقوقًالم يضمنها لهم دينهم أو دستورهم ذاته , في حين أننا – جميعًا – نرى ونسمع شكاوى وصراخ الأقليات من ظلم الدول التي تزعم هذه "المدنية" العوجاء !

ولا ننسى أيضًا أن هذه المصلحة العامة , قد تكون على حساب ما ترغب فيه الأغلبية في العديد من الحالات بل ويعود عليها بالخسارة الفادحة , كإحراق الزرع أو الحيوان أو منع السفر والخروج للعمل مثلاً لصيانة المجتمع من الأمراض والأوبئة الفتاكة , وقد تكون المصلحة العامة بيد المخالفين لدين الإسلام , كأن يحكم الإسلام بلادًا لا يوجد مسلمون بها , ووفقًا لمبدا النسبة والتناسب تصير المصلحة العامة مع المخالفين , ولا يرفض الإسلام هذا أو ينكره , بل قد حدث هذا بالفعل في بدايات الفتوحات الإسلامية للأمصار والبلاد , وهكذا نرى الأمر متكافئًا ومتوازنًا !

وهذه " المواطنة " لم تكن تثير نقاشاً أو جدلاً في التاريخ الإسلامي الماضي ، في مراحله المختلفة ، وأدواره التي عاش فيها المسلمون مع غيرهم ، عيشة هانئة مستقرة ، قائمة على الإعتراف بالأخر ، لوضوح الإعتبارات الإسلامية في معاملة المسلمين لغيرهم ، وإلتزام معاييرها وتطبيق مقتضياتها ، لأن المسلم سواء أكان حاكماً أم شخصاً عادياً يتميز بإلتزامه الدقيق بشريعة الإسلام في القضايا الحساسة ، ولرغبة المسلمين في تقديم نموذج طيب عن رسالة الإسلام ، ونشر دعوته في الآفاق الداخلية والخارجية ، ليكون التعامل طريقاً جذَّاباً لقبول عقيدة الإسلام ومناهجه وشرائعه كلها , أما اليوم في عصرنا الحاضر فقد أصبحت المواطنة من أهم المشكلات المثيرة للجدل والبحث ، في بلاد المسلمين أو في غيرها ، بإيحاءات المفاهيم الغربية ، وتعقيد المسائل ، وإرباك الموقف الإسلامي دولاً وشعوباً ، وكثرة السكان وقلة الموارد !

هذا مع العلم بأن الإسلام هو أول شرعة كبرى دعا إلى الوحدة الإنسانية الشاملة ليعيش الناس في تفاهم ومودة وتعاون وأمن واستقرار ، في نصوص كثيرة ، منها قول الله تبارك وتعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ) ( النساء 1 ) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : «أيها الناس إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد ، كلكم لآدم ، وآدم من تراب ، إن أكرمكم عند الله أتقاكم ، ليس لعربي على أعجمي فضل إلا بالتقوى »( راجع : شرح صحيح مسلم , للنووي 11/167 ) .

والناظر الخبير إلى الوضع العالمي الراهن , يرى ببصره وبصيرته أن دعاوى الحاجة إلى مفهوم "المواطنة" ما صدرت إلا لقصور المدنيات والعلمانيات في حل مشاكل الشعوب , هذا فضلاً عن وجود فئة معينة تطمح من خلال هذا المصطلح في نيل المكاسب والنفوذ !

أما المواطنة بمعنى ‏الإعتراف لكل قاطن للدولة الإسلامية سواء كان من المسلمين أو كان من غيرهم بأنه مواطن فهذا لا ‏ينازع فيه أحد ، وكل واحد من مواطني الدولة الإسلامية له حقوق وعليه واجبات فكل إنسان له حق في ‏العيش الكريم ، وله حرمة سكنه وماله وعرضه ، وله حق التكسب سواء عن طريق التجارة أو الصناعة ‏أو الزراعة ، وله الحق في أن يلقى معاملة عادلة لا ظلم فيها ، وله حق التنقل والسكن في أي مكان يشاء ، ‏وله الحق في سرية مراسلاته ، وله الحق في أن يبقى على دينه ولا يكره على تغييره ، وله الحق في العبادة ، وله ‏الحق في أن يتناول ما يبيحه له دينه وإن كان محرمًا في شريعة الإسلام شريطة عدم إظهار ذلك بين المسلمين , سدًا لزريعة الفساد وإغلاقًا لباب الفتنة .

وهذه الحقوق التي يعطاها المواطن ‏غير المسلم في الدولة الإسلامية لا يعطاها كثير من المسلمين الصادقين في بلادهم التي يزعم قادتها أن ‏دولتهم دولة مدنية ، لكن هناك بعض الأمور التي يختلف فيها غير المسلم عن المسلم وهذا أمر لا غرابة ‏فيه ، ما دام إن هذا الإختلاف مقرر بالشرع الذي يؤمن به المسلمون ، لكن الذي لا يمكن قبوله أن تختلف ‏بعض أحكامهم انطلاقًا من الهوى لا من الشرع ، ومن أراد أن لا تختلف بعض أحكامهم المقرر اختلافها ‏بالشرع ، فهو شهادة منه على أن الالتزام بالدولة المدنية معناه مخالفة الشرع والخروج على أوامره !

فالإسلام الحنيف , جعل الهداية في شرع الله -تعالى- ، واستمد قوانين الأمة من مصادر تشريعه المعصومة ، في ظل ثوابت عقائدية وأخلاقية وتعبدية لا تتغير ولا تتبدل ، واحترام لمقدسات المخالفين وصيانة أعراضهم وأموالهم وأديانهم , ومنهج لمعاملات الأمة يجمع بين القواعد العامة المنصوص عليها في الشرع الحنيف وبعض التفصيلات الدنيوية , عبَّر عنها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : " أنتم أعلم بأمر دنياكم "(صحيح مسلم برقم 2363).

فكل ذلك وغيره , ظهر منه صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان ، كما وضع الإسلام نظامًا للعقوبة يضمن للأمة الأمن والأمان ، وكذلك وضع أسس التكافل والتضامن بين أبناء المجتمع الواحد على مختلف أطيافهم وأديانهم يؤهل المجتمع للتماسك والتواد والتواصل , ونحن لا نزعم هذا كدرب من دروب الخيال , كما هو الحال مع المتشدقين بالدولة المدنية , بل نزعم هذا وفق ما شهد به التاريخ والواقع !


الدولة المدنية والإعتراف بالأخر !

ويزعم بعضهم أن الدولة المدنية هى الدولة الوحيدة التي وفق ما يقتضيه دستورها , تقر وتعترف بالأخر , ونسألهم : الإعتراف بالآخر , ما المراد بالإعتراف به ؟! الإعتراف بوجوده ، أم الإعتراف بحقوقه التي كفلتها له ‏الشريعة ؟! أم الإعتراف بواجباته التي أناطتها به الشريعة ؟! أم الإعتراف بأنه على دين يخالف دين الإسلام ؟! ‏أم الاعتراف بأن له الحق في أن يدعو بين المسلمين إلى دينه ؟! وأنه يحق له إقناعهم بالتحول إليه !

ونقول : الإعتراف بالموجود لا حاجة له ، فنفس وجوده دليل عليه وهذا من البدهيات لا يحتاج إلى ‏إعتراف ، وأما الإعتراف بحقوقه وواجباته وفق الشريعة فلم يعارض في ذلك أحد ممن يؤخذ عنه العلم ، ‏ولا ينبغي أن يعارض في ذلك أحد ، وأما الإعتراف بأنه على غير دين الإسلام فهذا من أساسيات ‏الإسلام ، فكل من لم يشهد أنه لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فهو على غير دين الإسلام ، ما بقي إلا ‏شيء واحد وهو أن يكون الإعتراف بالآخر يعني الإعتراف بحقه في أن يدعو المسلمين إلى دينه ! أو أن ‏يُمكنوا من بناء أماكن لعبادتهم‏ ‏ في أمصار المسلمين التي لم يكونوا بها من قبل ، بل مصَّرها المسلمون، ‏لكن نحن الذين نسألكم : هل هناك أدلة تدل على ذلك؟! وإذا لم تكن هناك أدلة تدل على ذلك ، بل كانت الأدلة ‏تدل على عكسه ، كانت المطالبة به على أساس أنه من مواصفات الدولة المدنية، قدحا في تلك الدولة لأنها ‏تقوم على مخالفة الشرع !

ونقول أيضًا : إذا كان بعض النصارى يرغبون في الدولة المدنية ويشجعون عليها بحجة أنها الحل في حكم طوائف مختلفة لا تؤمن أن يحكم أحدها الأخر ؟! فنحن أول من يرفض حكم الدولة المدنية ، إذ كيف تريدون من المسلمين قبول حكمها وهم لا يؤمنون بها , بل إنها تخالف شريعتهم جملة وتفصيلاً ؟!

فأي سذاجة وسخافة , تلك التي يتحلى بها بعض نصارى مصر حين يطالبون الأغلبية بالتنازل عن رغبتهم في أن تكون دولتهم إسلامية , أو أن تكون شريعتهم هى مصدر تشريعهم , أو أن تكون لغتهم ولغة بلادهم الرسمية هى العربية , أو أن يكون حاكمهم مسلمًا , فوالله الذي لا إله إلا هو ؛ ما سمعنا هذا في أي بقعة من بقاع الأرض على لسان أي أقلية !

ونذكر أن الإسلام بدولته السمحة لم يجبر أحدًا على الإنصياع لأحكامه , بل خلى السبيل بين الأقليات وبين دساتيرهم الخاصة , أما الإطار القانوني العام للدولة وعدم الخروج على النظام الإداري لها , فهذا ما أوجب الإسلام الإنصياع له على كافة الأفراد , مسلمين ومسيحيين , لما فيه مصلحتهم , وهذا ما أوجبته كل الأنظمة القائمة في بلاد الأرض على رعاياها على مختلف انتماءاتهم , بل وتحاسب هذه البلاد الخارجين على نظامها ودستورها, بتهمة إثارة الفتن وزعزعة أمن البلاد واستقراره , والوقوف ضد المصلحة العامة للدولة !


الدولة المدنية والحرية الفكرية !

ويزعم بعضهم : أن الدولة المدنية , هى تلك الدولة التي تجيز الخلاف الفكري , وتمنح الحرية الفكرية لمواطنيها , في قول أو نشر ما يحلو لهم من أفكار وأراء !

أما مسألة الخلاف الفكري في الدولة المدنية , فأتعجب منه وأتساءل : هل الدولة المدنية التي تدافعون عنها يا معشر أهلنا من النصارى هي التي تسمح لأحد بمخالفتها ؟!

إن مهازل " المدنيات " في قمع الحريات ملء السمع والبصر في العالم كله , فلا تعتذروا لنا إعتذار الملاحدة البارد المعتاد : " التطبيق فاشل لكن التنظير سليم ! " . لأننا سنقول لكم : " الفشل المستمر في التطبيق لا يعني إلا فشل التنظير ! " .

بل نسألكم : هل سمح المسيح في كتابكم لأحد بمخالفته ؟!

ورغم ما ذكرناه لكم من سماحة الشريعة الإسلامية وبطلان مفاهيم الدولة المدنية , هل تجدون المسيح في كتابكم "مدنيـًا" أم "إسلاميـًا" ؟! هل تجدونه يميل إلى النموذج المدني أم النموذج الإسلامي ؟!

الدولة "المدنية" يا معشر أهلنا من النصارى ، يا من تحسنون الظن بها , جهلاً بحالها ، تبيح - ضمن ماتبيح – في البلاد التي تزعم أنها " مدنية " , أن يجامع الإبن أمه , وأن يتزوج الرجل رجلاً , والمرأة إمرأة , هذه "حرية شخصية" عندهم ما دام الطرفان "راضيين" ! بل أجبرت هذه البلاد الكنيسة على مباركة مثل هذا الزواج !

والدولة المدنية , تبيح ضمن ما تبيح أيضًا , سب الأنبياء والصالحين وقذفهم بما لم يقذف به شرار الخلق , كما أنها تطعن في المقدسات المسلم بقدسيتها عند أهل الأديان , وكل ذلك تحت ذريعة " الحرية الفكرية " .

فأي نتن بعد هذا النتن ! أترضون أن يحكم في أهلكم ومالكم أمثال هذه الشرائع المنتنة ولا ترضون بالحكم الإسلامي النظيف الذي يرفض الخبث في كل صوره ويحترم المقدسات ويصونها ؟! أيهما أهدى سبيلاً إن كنتم من المنصفين ؟!

إن الحرية المطلقة التي ينادي بها المتشدقين بالدولة لمدنية , مفسدة لا شك فيها , ومن منافذ الخطأ في فهم وقبول النظام الإجتماعي الإسلامي , إتخاذ بعض المصطلحات الحديثة معيارًا لتقييم هذا النظام , مع تجاهل إضطراب هذه المصطلحات , وعدم الإتفاق على تحديد مدلول المصطلح , واختلاف هذا المدلول من زمان إلى زمان , ومن أمة إلى أمة , وذلك كمصطلح : الحرية !

فلسنا نعلم أمة ولاجماعة أطلقت هذا المصطلح من كل قيد , فما من أمة أو جماعة إلا قيدته بقيد أو أكثر بحسب ما ترى فلسفة نظامها الإجتماعي , وحتى تلك الدول المدنية المزعومة , لا تطبق هذه الحرية المطلقة إلا في أمور العهر والإباحية فقط !

وبالمناسبة , يا معشر النصارى المطالبين بالدولة المدنية : أين نجد في كتابكم أن المسيح يشجعكم على قبول حكم أية شريعة ولو حوت من الخبث ما حوت ؟! أرجوكم أخبرونا عن موقف المسيح أو كتابكم الذي تقدسونه من هذه القضية !

إن النصارى مضطربون جدًا في هذه القضية بسبب تناقض قساوستهم , فمن ناحية يصر قساوستهم وعلماؤهم على أن شريعة الإسلام هي شريعة الشيطان ! - قبح الله الأفاكين!- لكن من الناحية الأخرى لا يرون أية غضاضة لو اتبع النصراني شريعة "الشيطان" هذه في تشريعات المواريث مثلاً لأنهم - ببساطة - لا يملكون تشريعات في هذا الصدد !

والعجيب أن كتابهم ذاته يكفر بـ "الحكم المدني" هذا , إذ أن كتابهم ليس فيه إلا حث من الرب على إتباع شريعته ، وإنزال اللعنات والويلات الدنيوية والأخروية على من نفر عنها: " 58وإنْ لم تحفَظوا جميعَ أحكامِ هذِهِ الشَّريعةِ المكتوبةِ في هذا السِّفْرِ، وتعمَلوا بِها وتخافوا اَسْمَ الرّبِّ إلهِكُم المجيدِ الرَّهيبِ، 59يُرسِلُ الرّبُّ علَيكُم وعلى نسلِكُم ضرَباتٍ عظيمةً عجيبةً وأمراضًا خبيثةً لا شِفاءَ مِنها. 60ويُعيدُ علَيكُم جميعَ الأوبِئَةِ التي أنزَلَها بِالمِصْريِّينَ وفَزِعتُم مِنها، فتَعلَقُ بِكُم. 61وكُلُّ مرضٍ وضربةٍ مِمَّا لم يُكتَبْ في سِفْرِ هذِهِ الشَّريعةِ يُسَلِّطُهُ الرّبُّ علَيكُم حتى تُدَمَّروا. 62فتَبقونَ قِلَّةً بَعدَ ما كُنتُم كَنُجومِ السَّماءِ كثرَةً، لأنَّكُم لم تسمَعوا كلامَ الرّبِّ إلهِكُم. " ( تث 28 : 58-22 ) .

نحن جميعًا نعيش اليوم في مجتمعات تموج سفنها في بحور المدنية والعلمانية والوضعية , ورغم ذلك العالم كله يشتكي ويعاني من المدنية والعلمانية والوضعية , وكل دولة تبحث عن " خطة الإصلاح " , فهل نزعم في " المدنية " الفلاح ونحن نبحث من كثرة مفاسدها عن خطة للإصلاح ؟!

لقد كانت الدنيا تعيش في ظل وحمى الدولة الإسلامية بمفهومها الصحيح , وما علمت الدنيا دولة قويمة رشيدة عادلة أفضل من دولة الإسلام العظيم !

يقول المفكر الأسباني بلاسكوا أبانيز في كتابه "ظلال الكنيسة" (ص 64) متحدثًا عن الفتح الإسلامي للأندلس : " لقد أحسنت أسبانيا استقبال أولئك الرجال الذين قدموا إليها من القارة الإفريقية ، وأسلمتهم القرى أزمتها بغير مقاومة ولا عداء ، فما هو إلا أن تقترب كوكبة من فرسان العرب من إحدى القرى , حتى تفتح لها الأبواب وتتلقاها بالترحاب .. كانت غزوة تمدين ، ولم تكن غزوة فتح وقهر .. ولم يتخل أبناء تلك الحضارة زمنًا عن فضيلة حرية الضمير ، وهي الدعامة التي تقوم عليها كل عظمة حقة للشعوب ، فقبلوا في المدن التي ملكوها كنائس النصارى وبيع اليهود ، ولم يخشَ المسجد معابد الأديان التي سبقته ، فعرف لها حقها ، واستقر إلى جانبها ، غير حاسد لها ، ولا راغب في السيادة عليها " .

ويُنقل أيضًا عن الراهب ميشود في كتابه "رحلة دينية في الشرق" (ص 29) قوله : "ومن المؤسف أن تقتبس الشعوب النصرانية من المسلمين التسامح ، الذي هو آية الإحسان بين الأمم واحترام عقائد الآخرين وعدم فرض أي معتقد عليهم بالقوة " .

فما المدنية المزعومة ؟! أهى التي يتساوى الناس فيها في الحقوق والواجبات ؟!

وهل يتساوى المسلمون مع المسيحيين في أوروبا وأمريكا المدنيتين العلمانيتين الليبراليتين في الحقوق والواجبات ؟! أين نجد في دولة عصرية زعمت أنها " مدنية " وزيرًا مسلمًا ؟! محافظًا أو عمدة مسلمًا ؟! أين نجد في دولة عصرية زعمت " المواطنة " مساواة الأقليات بالأغلبية في كل أمور دنياهم إلا ما غلب عليه الصبغة الدينية أو رأت فيه ضياعًا لمصلحتها العامة , فوضعت هذا الشعار الذي يمزج بين الأقليات والأغلبية : " لهم ما لنا وعليهم ما علينا " ؟!

كان هذا كله وغيره في ظل دولة الإسلام منذ ألف سنة , بل يزيد !

الإسلام قدم مثالاً لدولة واقعية شهد التاريخ على نجاحها وسماحتها وأهدافها , سبقت هذه الدولة زمنها بقرون عديدة , وعرضت دستورًا عمليًا تطبيقيًا , إلى يومنا هذا هو بحق معجزة باهرة , فهى ليست دولة زُعم لها ذلك كهذه المدنية العوجاء , بل كانت – بالفعل – نموذجًا ماديًا , ملموسًا ومسموعًا ومرئيًا , أخجل جميع الملوك والشعوب , وتمنوا لو أنهم رعايا أو أقلية في هذا النموذج , ولا يزال العالم بأسره في خسارة فادحة في تخليه عن هذه الدولة الرشيدة , وإن كان الأمر منوطًا في المقام الأول بعدم تمسك المسلمين بحقهم في إقامة هذه الدولة !

أما ما زعمه البعض : بأن أوروبا ما شهدت نهضتها ونالت حريتها إلا بعد التخلص من الحكم الديني الكنسي وسلوكها طريق الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة , فنقول لهم : ونحن ما شهدنا تخلفنا وضاعت حريتنا إلا بعد أن تخلينا عن مصادر تشريعنا الإسلامي كمنهج حياة , قاد الأمة بجدارة إلى تحقيق أسمى الفضائل , وأرفع الدرجات العلمية والثقافية , فكنا منارة أرشدت البشرية إلى طرق الحق والعلم والعدل !

والإسلام العظيم ما زعم أن النهضة لا تكون إلا بتطبيق شريعته فقط , بل قد تحصل النهضة بإتباع أي منهج أخر طالما إتحدت الشعوب وسلكت طريق الجد والإجتهاد , فالله لا يضيع أجر من أحسن عملاً , سواء كان هذا العمل دينيًا شرعيًا أو دنيويًا , وهذا من وسطية الإسلام وسماحة تعاليمه , لكن الذي نزعمه ويشهد التاريخ به مؤيدًا لنا , أنك لن تجد في تاريخ الإنسانية نهضة شاملة كاملة , كتلك التي أقامها وأوجدها الإسلام في قرون تحكيمه , نهضة أخلاقية وإجتماعية في المقام الأول , ثم هى علمية وثقافية وإنسانية في المقام الثاني , فهل إستطاعت أوروبا وأمريكا إلى يومنا هذا , النهوض بأوضاعهما الأخلاقية والإجتماعية أم لازلنا نرى فيهما من المهازل والإباحيات ما يعجز القلم عن تسطيره واللسان عن وصفه وتأنف الأسماع عن سماعه ؟! وهل إستطاعت هذه النهضة العلمية معالجة الخرق الذي أوجده تدهور الأخلاقيات في هذه الشعوب أم إزداد التدهور بفضل هذه النهضة العلمية ؟!

لذا , فإن كان هناك ثمة مزاعم وهمية أسطورية بالية , دعت حفنة من النصارى للمطالبة بالدولة المدنية , ظنًا منهم أنها سبيل الرخاء والحرية , فحُق لنا أن نقول لهم ونزعج مسامع العالم : أن الدولة الإسلامية بمنهجها الواقعي المشهود , هى بلا شك , سبيل الرخاء والأمن والحرية !

فعلى النصارى أن يطالبوا بها من باب أولى , وأن يلتزموا بنظامها وقوانينها , ويعلموا أنها دولتهم , يعيشون فيها آمنين على أنفسهم وأموالهم , وكما كانت هذه الدولة سبيل النجاة والبقاء لهم وقت إضطهاد البيزنطيين والصليبيين , عليهم أن يعلموا أن هذه الدولة ستظل سبيل النجاة والبقاء لهم , طالما عرفوا لها حقها وقدرها !

وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
_____________________________
المراجع والمصادر :
1- القرآن الكريم .
2- كتب السنة .
3- الكتاب المقدس .
4- المسيحية ( النصرانية ) , دراسة وتحليل - ساجد مير .
5- إنتشار الإسلام بحد السيف بين الحقيقة والإفتراء - د/نبيل لوقا بيباوي .
6- تاريخ الأقباط ودعوى الإضطهاد بين الحقيقة والإفتراء - محمود مهران :
http://www.aljame3.net/ib/index.php?showtopic=5103
7- مقال بعنوان " حول الدولة المدنية " - علاء بكر :
http://www.islamway.com/?iw_s=Article&...article_id=4773
8- مقال بعنوان " الدولة المدنية صورة للصراع بين النظرية الغربية والمُحْكَمات الإسلامية‏ " - محمد بن شاكر الشريف :
http://www.saaid.net/Doat/alsharef/38.htm
9- جريدة الأسبوع , العدد 685 بتاريخ 11 من يونية لعام 2010م .
10- جريدة المصري اليوم , بتاريخ 22/9/2010م .
11- مقال بعنوان " مفهوم المواطنة في المنظور الإسلامي " - وهبة الزحيلي :
http://www.altasamoh.net/Article.asp?Id=324
12- ظلال الكنيسة - بلاسكو أبانيز .
13- رحلة دينية في الشرق - الراهب ميشود .
14- ماذا خسر العالم بإنحطاط المسلمين ؟! - أبو الحسن الندوي .

ابن السنة
02-27-2011, 05:47 AM
بارك الله فيك
لى بعض الاستفسارات لو سمحتَ لى

وقد تكون المصلحة العامة بيد المخالفين لدين الإسلام , كأن يحكم الإسلام بلادًا لا يوجد مسلمون بها , ووفقًا لمبدا النسبة والتناسب تصير المصلحة العامة مع المخالفين , ولا يرفض الإسلام هذا أو ينكره , بل قد حدث هذا بالفعل في بدايات الفتوحات الإسلامية للأمصار والبلاد , وهكذا نرى الأمر متكافئًا ومتوازنًا !
لم افهم هذه النقطة جيداً
ولا هذه

ما بقي إلا ‏شيء واحد وهو أن يكون الإعتراف بالآخر يعني الإعتراف بحقه في أن يدعو المسلمين إلى دينه ! أو أن ‏يُمكنوا من بناء أماكن لعبادتهم‏ ‏ في أمصار المسلمين التي لم يكونوا بها من قبل ، بل مصَّرها المسلمون، ‏لكن نحن الذين نسألكم : هل هناك أدلة تدل على ذلك؟! وإذا لم تكن هناك أدلة تدل على ذلك ، بل كانت الأدلة ‏تدل على عكسه ، كانت المطالبة به على أساس أنه من مواصفات الدولة المدنية، قدحا في تلك الدولة لأنها ‏تقوم على مخالفة الشرع !

أبو عبيدة الجامعي
03-14-2011, 11:23 AM
(( وقد تكون المصلحة العامة بيد المخالفين لدين الإسلام , كأن يحكم الإسلام بلادًا لا يوجد مسلمون بها , ووفقًا لمبدا النسبة والتناسب تصير المصلحة العامة مع المخالفين , ولا يرفض الإسلام هذا أو ينكره , بل قد حدث هذا بالفعل في بدايات الفتوحات الإسلامية للأمصار والبلاد , وهكذا نرى الأمر متكافئًا ومتوازنًا ! ))

___________________________________

الفتوحات الإسلامية إنما جاءت لتخليص رعايا الأمصار من الظلم والقهر والإضطهاد , فلما دخل الإسلام الأمصار وفتح البلاد وخلص العباد , تحققت عند ذلك الغاية من كسر الحاجز الذي كان يمنع إيصال رسالة الإسلام إلى الرعايا من أتباع الديانات الأخرى داخل البلاد , وذلك عن طريق جهاد وقتال أئمة الكفر من الحكام الطغاة والأكاسرة البغاة , لكن الإسلام وبعد توليه قيادة دفة البلاد ما أجبر أحدًا على دخول الإسلام كرهًا , فصار القائمون على شؤون البلاد في بداية الفتوحات من غير المسلمين , وهذا حدث في مصر على سبيل المثال بعد فتحها وكسر شوكة الكاثوليك الذين حكموا مصر مئات السنيين .

يقول يعقوب نخلة روفيلة , وهو أحد بل أبرز مؤرخي النصارى الأرثوذكس : ( بينما كان الخلل مستوليًا والفشل سائدًا في كل أنحاء المملكة العربية بسبب هذه المنازعات - يقصد الفتن التي دارت أيام الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين - , كان الأقباط في مصر ملازمين الهدوء والسكينة والحيادة , فلم يخطر على بالهم قط شق عصا الطاعة أو التخلص من غير العرب ... وفي الواقع أن القبط كانوا هم المسلطين في بلادهم وبيدهم كل شيء وعاشوا أمنين على أنفسهم ومالهم , ولم يكن للعرب سلطة عليهم إلا في تحصيل الخرج وجمع الجزية التي قاموا بدفعها عن طيب خاطر ) ( تاريخ الأمة القبطية ص 62, 64 ) .

ويقول المؤرخ روفيلة : ( ... وإذ كان القبط في ذلك الحين هم أهل البلاد وذوي الثروة والإقتدار على الأعمال وعليهم مدار العمران بخلاف العرب الذين كانوا معظمهم من الجند المحافظين على الأمن وسلامة البلد ) ( المصدر السابق ص 65 ) .

فالإسلام في بداية الفتوحات لم ينكر ذلك , لأنهم - أي غير المسلمين - صاروا رعايا داخل دولة الإسلام لهم من الحقوق ما قرره لهم شرعنا الحنيف , وعليهم من الواجبات ما قرره الشرع أيضًا , وبما أن الإسلام يومئذ لم يكن قد اعتنقه أحد من أهل مصر , فصارت المصالح كلها مع النصارى مع إلتزامهم ورضوخهم لحكم الإسلام للبلاد , واكتفى المسلمون يومئذ بإدارة الدولة وشؤونها والحفاظ على أمن البلاد وسلامته !

وهذا هو سلوك الفاتحين حقًا وصدقًا وقدرًا , وهذا أيضًا ما رغب الناس في إعتناق هذا الدين أفواجًا !

هذا ما قصدته من النقطة الأولى .

أبو عبيدة الجامعي
03-14-2011, 11:36 AM
(( ما بقي إلا ‏شيء واحد وهو أن يكون الإعتراف بالآخر يعني الإعتراف بحقه في أن يدعو المسلمين إلى دينه ! أو أن ‏يُمكنوا من بناء أماكن لعبادتهم‏ ‏ في أمصار المسلمين التي لم يكونوا بها من قبل ، بل مصَّرها المسلمون، ‏لكن نحن الذين نسألكم : هل هناك أدلة تدل على ذلك؟! وإذا لم تكن هناك أدلة تدل على ذلك ، بل كانت الأدلة ‏تدل على عكسه ، كانت المطالبة به على أساس أنه من مواصفات الدولة المدنية، قدحا في تلك الدولة لأنها ‏تقوم على مخالفة الشرع ! )) .

______________________________

أما النقطة الثانية , فملخصها أن الدولة المدنية تأمر بما يخالف ما جاء في شرعنا الحنيف , فيسمح دستورها على سبيل المثال بإقامة كنائس يُعبد فيها غير الله تبارك وتعالى على أرض مصرها المسلمون ونشروا فيها التوحيد على أصله وحقه , ولم يكن فيها نصارى أصلاً قبل مجيء الإسلام , فلما كان هذا - وغيره - مخالف لشرعنا الحنيف , صار ذلك قدحًا في الدولة المدنية ودستورها لمخالفته ما جاء في شرعنا الحنيف , ومن المعروف بين أهل العقل أن إلزام جماعة من الناس بدستور يخالف عقيدتهم , أمر مرفوض تمامًا , خاصة وإن كان هؤلاء الجماعة يمثلون أغلبية البلاد ويحبون أن تُحكم بلادهم وفق ما جاء في شريعتهم الرحيمة بكافة الخلائق !