ظاهرة الفساد في الأطباء...

[عياض]

كثيرا ما سمعنا عن الفساد في القطاع الصحي...بداية من وزارة الصحة و تصدرها المراكز الأولى في قائمة الوزارات الفاسدة و استنزاف ميزانياتها ...مع كون هذه الميزانيات أصلا هي من اضعف الميزانيات في دولنا بجانب ميزانية التعليم لصالح ميزانيات وزارات السيادة...و أقلها لجان مراقبة و محاسبة...و اضعفها تنظيما و بعدا عن تجديد الهيكلة..كيف لا و المجتمع العالمي ينصح بكل وقاحة دولنا ان لا تركز عليها لبعدها عن المردودية الناجعة...و كأن وزارات الدفاع هي اكثرها مردودية باستيلاءها على ثلثي مقدرات هذه الأمم المذلولة الخائفة ...حتى صار اعلى طلب الضعيف من هذه الأمم ان يترك القطاع على حاله هكذا...مع كل الازدحام و النهب للأدوية و المقدرات الخاصة بالمستشفيات و مع غياب الأطر غيابا يكاد يكون تاما...و انعدام فعالية التأمين الصحي الى ادنى مستوى جراء احتكار شركات معينة عليه ...و مع ذلك لا يطلب الضعيف حتى ان يضعوا هذا القطاع في بورة ضوء السنة المالية...بل فقط ان يدعوه على حاله تحسبا للأسوء من تفويته لكلاب القطاع الخاص بكل قذاراته ...

مع كل هذا لست أسوق الكلام عن هذا القطاع الميت اكلينيكيا و المفقود منه الرجا...و انما اسوقه للكلام في نفس الأطباء...هؤلاء الأطباء الذين نراهم في كل البلدان تقوم مهنتهم على الرحمة و الهم الوسواسي لانقاذ الحياة...أي حياة....هؤلاء الذين كان يعطيهم الناس في كثير من بلداننا نفس قدر التعظيم الذي كانوا يعطونه للفقهاء...انتشر فيهم الفساد الشخصي بشكل مهول و ما عاد مسـالة استثناءات هنا و هناك....حتى أصبحوا أشبه بمصاصي الدماء...بدأت حالات النصب و الاحتيال فيهم تترى الى درجة اصبحت هي القاعدة ...فكم من طبيب سمعنا به لا يحترم تخصصه مقابل ان يجمع كل ما قدر عليه من المرضى...و كم من طبيب سمعنا عنه قد فاقم مرض المريض بشهادة اطباء آخرين حتى يتكرر مرضه...و كم من طبيب سمعنا به ينصح بالجراحة دون ان يكون لها لازم حتى يزداد دخل مستوصفه ...حالات تعم بها البلوى بشكل لم يسبق من قبل...قد يحتج لها البعض بغياب دور قوي للجان المراقبة من وزارات الصحة و من النقابات المهنية و جمعيات حماية المستهلك و النسبة المهولة لكثافة الأطباء بحسب عدد السكان او حتى بعد قوانين المحاسبة الطبية عن الواقعية بين تحديد الاهمال و الخطأ و ضعف الثقافة الصحية و الاعلام الطبي ...
لكن الشأن في نفس هذا الطبيب...فالمخالط للأطباء الأجانب يجد فيهم هذا الضمير الحي ما زال متيقظا و منتشرا بكيفية كبيرة و يلمس فيهم ذلك الحس لانقاذ الحياة البشرية .أي حياة...و رؤي العديد منهم يعملون في بلداننا كما في بلدانهم يعلمون في نفس ظروف أطباءنا و مع ذلك لمس الناس فيهم هذا الحس...و منهم من رؤي في بلدان اخرى يعملون في ظروف قاسية و تحت ضغط قوي...و مع ذلك عرف عنهم هذا.. لاأقصد الالتزام الطبي بما يسمونه شرف المهنة ...لكن اقصد عدم الاستهانة بقيمة الحياة الانسانية...أي حياة....بينما رؤي من أطبائنا من يذهب للسهر و الرقص مباشرة بعد ان يموت له مريض لم يزره منذ أيام ...لأنه أصلا منشغل بمشاريعه الغير طبية...هذا دون الحديث كما قلت عن جنس الأطباء الذين تسببوا عمدا فيما يبدو لمرضاهم في تفاقم مرضهم..هذا مع ان الأطباء في بلادنا هم من الطبقة الميسورة و اجر الفحص في ازدياد قد يكلف المواطن العادي في اقل الأحوال 20% من دخله...أي ليست قضية تحصيل الضروري بالنسبة لهم و انما هي قضية تحصيل لما فوق الطمع المشروع...و بعد ان كنا ننعي الفساد في نفوس الفقهاء اصبحنا الآن في فساد أشد منه في نفوس الأطباء
أحد الأطباء الأجانب قال لي مرة : قد أفهم أن اقوم كطبيب بزيادة في اجري او في التعمية على اطباء غيري...لكن لا أفهم ان يقوم طبيب بالنقيض التام للذي ينتظر منه...

[هشام بن الزبير]

أستاذي الحبيب, دلني على هذا الطبيب الذي كدر صفوك اليوم لعلي أشفي غليلك منه , لكن لا تقل لي إنه طبيب أسنان, فلا قبل لي بهؤلاء, وأنصحك إن لقيت أحدهم أن تفر منه فرارك من الأسد :):

ذكرت أن الأطباء من غير بني جلدتنا في الجملة أرحم من أطبائنا, وهي ملاحظة أوافقك عليها, وربما كان مرد ذلك إلى فشو الاستبداد في بلادنا, فترى الحاكم المتغلب ينشئ نظاما هرميا يحمل فيه أهل كل طبقة على من دونهم, فيتدرج الاستبداد من أعلى الهرم إلى سفحه, فيتحقق نوع غريب من النظام, حيث يظل كل فرد مترقبا من أين تأتيه البلايا, فويل للضعيف المسكين الذي لا حول له ولا قوة ولا سلطان ولا مال ولا شفيع ولا واسطة ممن هم فوقه, ثم ويل له إنه احتاج لوثيقة رسمية, ثم ويل له إن مرض, وما للمسكين والمرض؟ عليه أن يجتهد ألا يمرض, فإن أبى فليهيئ نفسه لأنواع الضرر النفسي والمادي, إلا أن يتداركه الله فيرحمه ببعض من يتقون الله من الأطباء والممرضين.
وقد كان لي ابن عم أصيب بشلل تام تقريبا بعد حادث أليم, فقضيت معه بضعة ليال في قسم المستعجلات, وصمت أذناي إن لم أسمع رجلا يئن طوال الليل ويستغيث, ولا يغيثه أحد, يتألم ولا أملك له شيئا, لكن الممرضين لم يأبهوا له, بل كانوا ينهرونه ويسكتونه ليناموا... وفي الصبح سألت أحدهم, ماذا كان من أمر الرجل, فقال لي: لقد مات... إننا نحتاج لا نحتاج لتغيير, فالتغيير كلمة لا تفي بمعنى ما نفتقر إليه...

[احمد الدهشورى]

أنا طبيب !! (ابتسامة)

[متروي]

ربما يقصد الأخ عياض أطباء المنتدى (....) ؟؟
لكن الحقيقة هي أن كل مهنة لها مساوئها و الطبيب من كثرة رؤيته للمرضى و المتألمين يفقد تدريجيا الإحساس بشعور الأخرين بالألم فإذا زاد على هذه الحالة الطبيعية التي لا يسلم منها سوى من كان منهم يراقب الله عز وجل و قليل ما هم الحالة الفوضوية للعمل في بلادنا بحيث لا رقابة ولا قوانين محترمة فيفقد أطباؤنا تدريجيا صفة أخرى و هي إتقان العمل بحيث يصبح هؤلاء يؤدون عملهم حسب ساعات العمل فما إن ينتهي الدوام حتى تنتهي كل صلة لهم بالمريض و لو كان في ساعة حرجة فالمرضى لا يعنون شيئا و كم من أخطاء خطيرة ترتكب يتكتمون عليها داخليا دون مراعاة للضوابط الشرعية لما قد يترتب عليها من خطر على المستقبل المهني للطبيب أو لأدارة المستشفى ..

[أحمد زكي]

الأطباء جزء من المجتمع يصيبهم ما يصيبه . .
و أظن انه في أي بلد لو نظرت إلى نسبة الفاسدين من بين أطباء لوجدتها قريبة جدا منها في أي مجال آخر في هذا البلد . .

[عياض]

سيدي هشام...بدأت أشك أنك تمتلك أزمة سحر البيان فقط ففعلا انا عائد من عند طبيب الاسنان..ربما المقالة كان فيها بعض الغيظ ...و لكن أبدعت في الذهاب مباشرة الى رأس الأمر...و الأمر سيدي متروي ليس متعلقا بفئة او بمطلق الجنس...لكن ممكن ان تجد فسادا في المهندسين و في الزراع و التجار و غيرهم...لكن لهذه الفئة مع فئة الفقهاء اختصاص بأمر الحياة يكثر تقديسه لعظم الأمانة التي يحملونها...و لهذا ترى الناس يعظمونهما ما لا يعظمون الفئات الأخرى.... و لهذا كان الفساد فيهما أكثر استبشاعا من الفساد في غيرهما...لأن هذا يميت الروح و ذلك يميت البدن..و هما اعلى الحقوق الانسانية قيمة...و الفساد المنتشر الآن في اطبائنا قد عم و طم حتى صار عند الناس هو القاعدة بعد ان كان منذ عقدين فقط على النقيض تماما...و انت حين تخالط اطباء من البلدان الأخرى قد تجد فيهم ما في الناس جميعا من الطمع و الهلع...لكن لا يصل الى الاستهزاء بهذا الحق الانساني المقدس كما يستهزئ بها القذافي الآن ...و من هنا حسنت اشارة سيدي هشام...فليس لي ابن عم شل...و لكن حضرت ليلة في هذا القسم من المستعجلات و انا ايضا- و يا للمصادفة- حضرت موت مريض بقرحة في المعدة و لم يمر عليه الطبيب منذ أسبوع لأنه ببساطة يفضل الثرثرة في الخارج بدل قضاء وقته يعود المرضى الذين يتقاضى الأجر منهم...و الممرض لم يرد حتى الخروج من غرفته و قطع نومه حين طرقنا بابه ليخرج للرجل ما يمكن ان يسد به جوعه...يا راجل...أفهم الفساد في كل الحقوق لكن ان تقسو القلوب في هذا الحق بالذات؟؟...فماذا نعيب بعدها على المستبدين في استهانتهم بقيمة الحياة؟؟ ووالله لأني رأيت اطباء آخرين من بلدان اخرى فقيرة مثل فقرنا...و ربما اجر الطبيب هناك لا يصل الى اجر بعض الدول العربية ...و مع ذلك لديهم من الاحترام لقيمة الحياة الانسانية ما نفتقده في كثير من اطبائنا...و تجده حين ينقذ حياة انسانية و كأنه استعاد امرا قيما جدا...و هو ايضا طبيب
...و لكن اكاد اجزم مع سيدي هشام انه ما ذكره الشيخ الكواكبي من ان طبائع المستبد لا تقتصر عليه بل تمتد حتى تستبد بافراد شعبه ايضا

[د. هشام عزمي]

كلامك سليم وفي محله أخي عياض ، لكن هناك من يرحمون ويرأفون ويحفظون مرضاهم كذلك ويسعون لتغيير هذا الواقع المرير بكل سبيل . وربما أحكي قصتي في هذا المجال ، وإن لم تبلغ نهايتها بعد !

[عياض]

و أظن انه في أي بلد لو نظرت إلى نسبة الفاسدين من بين أطباء لوجدتها قريبة جدا منها في أي مجال آخر في هذا البلد . .
اذن انصحك بالسفر و المقام الكثير في بلدان اخرى أخي الكريم...ثم احكم بنفسك من المعاملة الى جودة العلاج...و انصح بدول قريبة من مستوى المعيشة في دولنا حتى تلاحظ الفرق بنفسك

[عياض]

كلامك سليم وفي محله أخي عياض ، لكن هناك من يرحمون ويرأفون ويحفظون مرضاهم كذلك ويسعون لتغيير هذا الواقع المرير بكل سبيل . وربما أحكي قصتي في هذا المجال ، وإن لم تبلغ نهايتها بعد !
اذن أخبرنا شيخنا الكريم ...هؤلاء الأعضاء الرحماء ..ألا يرون ما يفعله هؤلاء الجزارون بمهنة الطب؟؟ ألا يخافون ان ينزل قطاع الطرق هؤلاء بمنزلة الطبيب الى الحضيض عند الناس؟؟ فو الله ان لي زمنا قريبا ما كنت املأ عيني من الطبيب و الآن ....أخبرنا شيخنا الفاضل عما يحدث داخل النقابة؟؟؟ هل هؤلاء الطيبون مكتوفو الأيدي لهذه الدرجة في هذه النقابة التي تعد من اقوى النقابات..حتى يتركوا هؤلاء الجراثيم يتكاثرون حتى يصبحوا الأغلبية؟؟؟ أم انهم هم المتحكمون بها و النقابة اصلا لا يمكن ان تخرج عن انعكاسات الفساد في الأمة؟؟؟

[حسن المرسى]

لكن هناك يا إخوانى جزء كبير يتعلق بالثقافة التى ينتهجها الطبيب
كمثال هنا فى مصر ما يهم الطبيب خاصة إذا كان فى مستشفى عام هو أن لا يموت المريض
وفى بعض الاحيان تملى الظروف والواقع على الطبيب الا يهتم بالالم الذى يشعر به المريض اطلاقا إذا كان لا يمثل خطورة على حياته
الجانب المادى موجود فالطبيب الذى لا يتقاضى أجرا لن يهتم بشكوى المريض الذى يصبح عبئاً عليه فى هذه الحالة
ملحوظة
الطبيب صاحب الخلق الدمث والتربية الصحيحة يلازمه الرفق بالمريض طبعا لا تطبعاً
الممرضات والممرضين غالبا ما يصبح آلام المرضى بالنسبة لهم روتينا
إذا طالبت الطبيب بالتعاطف مع كل مريض والجزع على كل ميت ... فهذا لن يبقى طبيبا فى مهنته
خاصة إذا كان تخصصه يحتم عليه العيش المستمر فى مثل هذه الظروف ...
ملحوظة أخيرة :: الأطباء مساكين والله .. إنظروا إليهم بعين الشفقه

[عياض]

دكتور مرسي...كان ليكون كلامك وافيا لو كنت تتكلم عن الحال قبل عقدين...آنذاك كنا نتكلم فقط عن القطاع العام و كان فعلا كما تقول اصحابه بسبب الأجر المنخفض و بسبب الكثافة العالية للمرضى لكل طبيب و ممرض...حتى لم يكن اي طبيب يعمل في العام و كان هناك عجز حقيقي للدولة لتوفير اطباء لهذا القطاع...لكن المشكلة الآن ان الظاهرة عمت حتى الأطباء في القطاع الخاص...و ليته كان لتحقيق الضروريات للطبيب...بل هو غالبا للمنافسة في تكديس الثروة مع غيره من الأطباء....بشكل أصبح من المسلمات عند الناس بعد ان لم يكن...و صدقني في مناطق كثيرة اصبح اطباء القطاع العام ارحم..لأنهم على الأقل لن يكذبوا عليك اذ لا مصلحة لهم في ذلك...و ان عاملوك كمأمور السجن...
ثم الكلام ليس عن الجزع و الألم...لكن عن تقدير قيمة الحياة ...و هو امر مختلف تماما...فليس القصد العيب على جراح ذو وجه بارد او يقص ما جرى له في مباراة او حتى يحكي نكتة و هو يجري الجراحة...لكن القصد عمن انعدم في داخله ذلك الحس بالمسؤولية ..او بالأحرى ذلك الحب للحياة الانسانية و كأنها معنى وجود الطبيب ان فقدها فقد...لو وجد فيه اثناء الجراحة فليرقص او يضحك او يفعل ما يشاء ...

[احمد الدهشورى]

نعم انظروا إلينا بعين الشفقة فنحن ضحايا النظام !!
والله مما رأيت من فساد وجهل فى المستشفيات حتى الجامعية منها جعلنى أرغب بالهجرة للخارج للتعلم والتدريب ، والكلمة التى أوجهها لأهلى دائمًا: ( نفسى حد يشوطنى إيد ورجل بره البلد دى !!)
فمعكم حق وأكثر فيما ترونه ، والأمل فى القادم إن شاء الله.

[حسن المرسى]

الله المستعان ....
الأمر يحتاج الى توبة ومراجعة ..
... لعل إنعدام الضمير موجود فعلا .. لكن أخى أبشر فهناك الكثير من الخيرين فى هذا المجال ...

[د. هشام عزمي]

لا شك أن الطبيب الجديد يدخل عالم الطب والمرضى بمثاليات تشربها من نظرة المجتمع إلى الطبيب ، لكنه رويدًا رويدًا يتشرب قيم أخرى تمتزج فيها اللامبالاة بالانتهازية في مزيج مرعب ! ولا ريب أن كل طبيب جديد يحلم باللحظة التي يجري فيها في ممرات المستشفى بالبالطو الأبيض المفتوح الذي تسري فيه الريح لينقذ هذا ويسعف هذا ويشفي هذا .. إلخ .. لكن بعد فترة يصبح العمل بالمستشفى ثقيلاً مضجرًا كئيبًا لا يرجو فيه شيئًا إلا أن تمر الوردية أو النوباتجية أو الدوام بسلام دون قلاقل .
كيف يحدث هذا التحول ؟ وكيف يصبح كل طبيب مشرق نظيف واحدًا من المتحولين ؟ هذا في الواقع يرجع لأسباب عدة ، منها: كمية العمل المهولة مع عدد ساعات العمل غير الآدمية ، ومنها وأخطرها: فساد الرؤوس التي يتعلم منها الطبيب الجديد ، ومنها وهو سبب له دور كبير: الجهل والقصور العلمي .

[عياض]

كيف يحدث هذا التحول ؟ وكيف يصبح كل طبيب مشرق نظيف واحدًا من المتحولين ؟ هذا في الواقع يرجع لأسباب عدة ، منها: كمية العمل المهولة مع عدد ساعات العمل غير الآدمية ، ومنها وأخطرها: فساد الرؤوس التي يتعلم منها الطبيب الجديد ، ومنها وهو سبب له دور كبير: الجهل والقصور العلمي .
لكن شيخنا هذا في القطاع العام...فكيف تفسر انتشارها في القطاع الخاص بشكل اطم و اكبر؟؟؟ خاصة ان عامة الأطباء يفضلون عدم البقاء في القطاع العام و انشاء عياداتهم الخاصة لما يرونه من الأرباح...و المدة الاجبارية التي يقضونها في هذا القطاع لا تبدو انها تكفي لكي تمرضهم جميعا بهذا المزيج الذي ذكرتموه...و لا أدري ا الحال هناك كما هنا...لكن الأدهى ان كلية الطب كانت بجانبي و لاحظت ان عامة من اعرفهم من الطلبة يملكون من الآن نظرة رأسمالية بحتة لمستقبلهم المهني...يعني حتى تلك النظرة الوردية الساذجة لم تعد ملموسة و المهنة كلها و معها صحة الناس في طريق الله يعلم بآخره

[طارق منينة]

في هولندا يشترك كل فرد من الشعب في مؤسسة تأمينات صحية-مؤسسات متوفرة وسهل الوصول اليها ولها مقرات معينة ويمكن الاتصال بها واخذ موعد- ويدفع كل شهر مبلغ معين ، تتنافس عليه كل تلك المؤسسات
وللمواطن اختيار اي طبيب خاص-وكل الاطباء موزعون على المناطق والاحياء- وعندما يمرض المواطن يتصل لاخذ موعد او يطلب استشارة او يطلب من سكرتير الطبيب نوع الدواء الذي يداوم عليه او يذهب بنفسه الى العيادة- ولايدفع في كل ذلك اي مليم احمر او اصفر
وهناك الصيدليات في كل مكان من الاحياء ويمكن لاي مواطن الذهاب لاخذ العلاج الذي كتبه الطبيب او اتصل بالطبيب-او السكرتير لاعادة استعماله، يمكن لهذا المواطن ان يحصل على الدواء من الصيدلية
وكله بدون مليم احمر او اصفر
وعندما يذهب المريض الى المستشفى بامر الطبيب او في اي حالة طوارى بسيطة او غليظة فان الدواء الذي يكتب له ايضا يمكنه اخذه من اي صيدلية بدون مليم احمر او اصفر
وكذلك اي عملية زرع قلب او وضع طفل او اي عملية ايا كانت لايدفع المريض اي مال احمر او اصفر
اتصلت بالامس بسكرتير الطبيب والخط مفتوح في ساعات الصباح فقال لي ماهو تاريخ ميلادك ومنه وصل لاسمي في ثانية وعرف الدواء وارسل رسالة سريعة الى الصيدلية القريبة من بيتي وفي اخر النهار ذهبت فوجدت الدواء جاهز فاخذته وذهبت.
هل يمكن تطبيق هكذا نظام وهو نظام عادل جدا ومناسب جدا وكان يطبق في عالم العواصم الاسلامية في الاندلس وغرناطة وصقلية وغيرها من العوالم.
هناك استثناءت مثل مثلا طبيب تنظيف الاسنان فالتامين يدفع لك في السنة مثلا 500 جنية فان زاد العلاج فانت الذي تدفع ولذلك يحاول الطبيب المنظف ان لايزيد المبلغ على هذا وطبيب التنظيف هو الذي يعتني باللثة والاسنان وكده وليس هو طبيب الاسنان العادي
ايضا نتيجة الازمة المالية قد تتغير امور وتتنافس الاحزاب على امور وهي عملية شد وجذب مهمة ولذلك يصوت الناس على الحزب الفلاني لانه سيوفر له هذا الامر او ذاك!
وهذا كله يعني ان لاوجود لطبيب له عيادة خاصة يتربح منها ولا وحوش لاستنزاف اموال البشر والمرضى ولا عمليات في عيادات او مستشفيات يدفع المريض فيها مال 500 سنة عمل
هذا النظام الظالم الفاجر يجب اسقاطه تماما كما سقط الرئيس
كيف
الطرق كثيرة برلمانية وغيرها
والغاء هذه العيادات واعادة بناء المشروع الصحي من جديد -بما فيه عيادات جديدة باطباء يعملون بتركيبة نفسية ومادية ووطنية جديدة -بحيث لايدفع المواطن مليما واحد احمر او اصفر!

[د. هشام عزمي]

تجري فعلاً في مصر محاولات لتطبيق هذا النظام المتبع في أوروبا وأمريكا للتأمين الصحي ، وهو موجود فعلاً في مصر في قطاعات عديدة لكن هناك مساع لتعميمه وتوسيع نطاقه .
لكن المشكلة ليست في النظام وآلياته ، إنما المشكلة التي يشير إليها الأخ عياض هي انعدام الضمير المهني ، وهي مشكلة لا يمكن حلها باستخدام النظم الإدارية كنظام الجودة الذي تسعى وزارة الصحة المصرية على تطبيقه ، وقطعت فيه شوطًا كبيرًا أدى إلى تحسن ملحوظ في الخدمة الصحية بالقطاع العام ، وقد انعكس هذا التحسن تلقائيًا على القطاع الخاص والحق يقال . لكن الضمائر الفاسدة لا يمكن إصلاحها إلا بترسيخ معاني الشرف والأمانة في نفوس الأطباء الجدد حتى لا يصيروا كأسلافهم الموجودين في الساحة الآن ، كما يكون كذلك بالوعظ والتذكير المستمر لأفراد الطاقم الفني المعاون للطبيب كالممرض والتمرجي والفني الصحي ؛ لأنه إذا صلح الطبيب ، صلح الممرض والعامل والفني وغيرهم ، أما إذا فسد الطبيب ، فسوف يفسد كل هؤلاء بالضرورة إلا من رحم ربك .
لكن الصورة ليست بهذه القتامة ، ولا زلنا نجد في كل مجال الكثيرين من الشرفاء الذين يرعون الأمانة حق رعايتها . كما لا ننسى أن المرضى وذويهم يبالغون كثيرًا فيما يتعلق بالمرض ، ولا ينكر المرء أنه يصيبه الضجر والغضب من كثير من المرضى اللحوحين أو عديمي الذوق . حكى لي أخ طبيب أخصائي نساء وتوليد عن مريضة هاتفته في الثالثة صباحًا لتسأله هل السفر بالسيارة فيه خطورة على الحمل أم لا ، فتعجب الطبيب من كونها ستسافر في هذا الموعد ، فأجابته بأنها كانت تتناقش مع زوجها في احتمال السفر وهل فيه خطورة أم لا وأرادت أن تعرف من الطبيب المتخصص !! في الثالثة صباحًا تصور !! والحكايات في هذا لا تعد ولا تحصى وكل طبيب عنده منها ما يقصه في جلسات السمر حتى مطلع الفجر .

[عياض]

أستاذي طارق النظام الذي تذكره هو المطبق عندنا في المغرب هنا كما تقول..وان كانت لا تصل نسبة التعويض الا الى 80 % و المستوى الأعلى 300 أورو اعتقد ...لكن المشكلة ان شركات التأمين منحصرة عندنا في شركة واحدة ذات مصالح مع الحكومة ...و لهذا فالناس و الأطباء لا يعولون عليها للبيروقراطية فيها...و لكن كما قال الشيخ هشام...رغم ان هذا النظام مطبق لكن هي قضية تربية ووعي...المفترض ان الأطباء في بلادي كما قلت هم طبقة النخبة ماديا ...من علية القوم...مداخيلهم جيدة جدا...لكن لا ترى فيهم الحرص الذي تراه في غيرهم ...قد يهون كل الجلف من الأطباء كما المرضى.فمثله موجود في بلدان اخرى..لكن أن يصل الى حد الاستهانة بالحياة نفسها ..أي حياة....هذه فعلا دالة على مأزق...اذ لا شيء يبررها...اطلاقا لا شيء...لأن حق الحياة مع حق الايمان و الرأي هما اللذان يبرران اي شيء في الدنيا ...و لهذا كان مستبشعا من الأطباء اكثر من اي صنف آخر...
من جهة أخرى نعم هناك بقايا المحاربين الذين يقاتلون ...لكني أتساءل لم هم ساكتون ؟؟؟ لم لم نسمع أبدا بحملة منهم داخل نقابتهم او خارجها للكر على زملائهم...؟؟ ليس بأشخاصهم لكن للهجوم على مثل هذا النموذج المستبد المباركي....أخاف انهم محجمون خوفا من سقوط منزلة الأطباء بين الناس....لكن ألا يدرون ان سكوتهم هذا نفسه هو الذي سيذهب بهذه المنزلة في ستين داهية؟؟

[طارق منينة]

اظن ان تناغم الاصلاح الصحي مع الاستفادة من الخبرات العملية الغربية في هذا المجال-كما قدمت- تناغم هذا الاصلاح مع الاصلاح في مجالات الحياة والادارات والمؤسسات ورمي البيروقراطية السلبية في البحر الابيض المتوسط وفرض نظام واضح تتدخل فيه الاحزاب دائما وتتنافس عليه سينتج عنه وضعا كريما مريحا للشعب اما الاخلاق والرحمة وتعليم البر وبذل الخير فهو لاشك امر في غاية الاهمية ولكن نظام التنظيم والرعاية المفروض على الجميع والمتنافس حوله سياسيا هو الحل حتى لو كانت اخلاق كثير من الدكاترة سيئة ذلك ان نظام المراقبة داخل المجال المعين سيلفظ بسرعة اي طبيب فاسد او جشع او مستغل او ضعيف الوعي الطبي حتى تتطهر الادارة مع الوقت ويدخل البديل الاخلاقي النظيف
وان الله ليزغ بالسلطان مالايزغ بالقرآن
لابد من تطبيق كلمة القذافي: زنقة زنقة-ابتسامة