نور الدين الدمشقي
03-08-2011, 10:03 PM
انتهيت لتوي من صلاة الظهر في وقت الاستراحة في العمل. صليت مع زميلي الباكستاني الذي كانت تبرق علامات السعادة في عينيه مما أثار تساؤلي. رجل في الخمسينات من عمره تقريبا وقد هجر الشعر رأسه حتى انك ترى بريق صلعته لا يقل عن بريق السعادة الذي كان في عينيه...طويل القامة أسمر اللون...في طبعه هدوء...
بعد ان انهينا الصلاة قرأ التساؤل على وجهي فبادرني قائلا:
انا اليوم سعيد
قلت: أدام الله سعادتك...ما سرها؟
قال: لقد قطعت اليوم ال500
طارت الافكار في رأسي فلم أدر عن أية 500 يتحدث. في أقل من ثوان معدودة خطر ببالي خيارات كثيرة...لعله حصل على زيادة في راتبه الذي قطع ال500 دولار. او لعله انهى قراءة 500 كتاب...هكذا طارت الافكار في رأسي فالدنيا باتت اكبر هم الكثيرين عفا الله عنا...اللهم لا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا.
قلت: عن اية 500 تتكلم؟
قال: 500 طالب...لقد تخرج عندي 500 طالب.
تعجبت...فلا يبدوا على مظهره بأنه استاذ يدرس...فهو يعمل كبواب أمن للمبنى.
قلت: 500 طالب؟ وماذا تدرس...وماذا تقصد بتخرج؟؟ وعن اية مدرسة تتحدث؟
قال: منذ مدة...نذرت ساعة ونصف كل يوم بعد العمل من الساعة السابعة مساءا حتى الثامنة والنصف لتدريس القرآن في بيتي. ووضعت منهجا يتخرج فيه الطالب في 16 اسبوعا نقرؤ فيه القرآن كاملا مع التفسير المبسط. واليوم ختمنا القرآن وقد تجاوزت ال500 طالب.
كانت اقرب للمفاجأة بالنسبة لي...فهذا الرجل البسيط لا يبدوا عليه بأنه يحمل علما في الدين...لا اعرف سوى أنه يصلي معي هذه الصلاة منذ فترة قصيرة...ولا يصلي السنة حتى!
قلت: ومن الطلاب؟ وهل تعرف العربية اصلا؟
قال: لا اعرف العربية...الا عربية القرآن. ولا اعرف الا القليل من التجويد الذي تعلمت بعض اساسياته. اما الطلاب فينقسمون لقسمين...المسلمون ...وغير المسلمين ممن يريدون ان يتعلموا عن الاسلام!! فأما المسلمون فابدأ معهم القراءة الصحيحة باللغة العربية ثم اقرأ معهم الترجمة الى الانجليزية وارجع ان كتاب تفهيم القرآن ان اشكل علي شيء. وأما غير المسلمين فأكتفي بقراءة الترجمة الانجليزية معهم وشرح المعاني!.
زادت دهشتي لهذه الهمة والاستمرار.
قلت: كيف استطاع هؤلاء المتابعة معك.
قال: اهم شيء الالتزام....هناك الكثير جدا من الطلاب الذين لم يتابعوا. ولكن كل من تابع يعرف بأنه يجب ان يكون جالسا على الطاولة في بيتي الساعة السابعة...ولا اقبل الطالب ان يكون على باب بيتي في ذلك الوقت. كذلك الكل يعرف بأنني آكل عشائي الذي يوضع لي على الطاولة في الساعة الثامنة والنصف تماما...فالكل يذهب في ذلك الوقت ايضا.
قلت: كم مرة في الاسبوع تفعل ذلك؟
قال: كل يوم من ايام الاسبوع الا السبت والأحد.
قلت: ومنذ متى بدأت هذا؟
قال: منذ 15 سنة!! لم يكد يفتني يوم في الاسبوع.
تابع قائلا: لكني اتمنى ان اصل الى هدفي قبل ان اموت.
قلت ما هو.
قال: 1000. ان اخرج 1000 انسان يعرف كتاب الله.
ثم قام معتذرا ليعود الى عمله. تبسمت بسمة فيها تقدير لجهود ذلك الانسان البسيط...ممزوجة باحتقار لنفسي.
لعلي اعرف من القرآن اضعاف ما يعرف. واحفظ اضعاف ما يحفظ...واتقن تجويده اكثر مما يتقن....واعرف العربية اضعاف ما يعرف...لكن لعله عند الله خير مني.
هؤلاء الناس يحبون القرآن...بل يعشقونه كعشق الفاقد المشتاق لمن لا سبيل الى الوصول اليه...أحيانا اشعر بأن كثرة مساسنا تقتل احساسنا...وأن قربنا لمعرفة معاني كتاب الله...خصوصا كون لغتنا الأم العربية...تجعلنا نزهد اكثر به!! صدق الله اذ قال: قتل الانسان ما أكفره!!
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ يقول: "أحب الأعمال الى الله أدومها وان قل!!"...
لعله سر الاخلاص والصدق مع الله...وأي سر...رزقنا الله اياه والسامعين والقارئين والمؤمنين!!
بعد ان انهينا الصلاة قرأ التساؤل على وجهي فبادرني قائلا:
انا اليوم سعيد
قلت: أدام الله سعادتك...ما سرها؟
قال: لقد قطعت اليوم ال500
طارت الافكار في رأسي فلم أدر عن أية 500 يتحدث. في أقل من ثوان معدودة خطر ببالي خيارات كثيرة...لعله حصل على زيادة في راتبه الذي قطع ال500 دولار. او لعله انهى قراءة 500 كتاب...هكذا طارت الافكار في رأسي فالدنيا باتت اكبر هم الكثيرين عفا الله عنا...اللهم لا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا.
قلت: عن اية 500 تتكلم؟
قال: 500 طالب...لقد تخرج عندي 500 طالب.
تعجبت...فلا يبدوا على مظهره بأنه استاذ يدرس...فهو يعمل كبواب أمن للمبنى.
قلت: 500 طالب؟ وماذا تدرس...وماذا تقصد بتخرج؟؟ وعن اية مدرسة تتحدث؟
قال: منذ مدة...نذرت ساعة ونصف كل يوم بعد العمل من الساعة السابعة مساءا حتى الثامنة والنصف لتدريس القرآن في بيتي. ووضعت منهجا يتخرج فيه الطالب في 16 اسبوعا نقرؤ فيه القرآن كاملا مع التفسير المبسط. واليوم ختمنا القرآن وقد تجاوزت ال500 طالب.
كانت اقرب للمفاجأة بالنسبة لي...فهذا الرجل البسيط لا يبدوا عليه بأنه يحمل علما في الدين...لا اعرف سوى أنه يصلي معي هذه الصلاة منذ فترة قصيرة...ولا يصلي السنة حتى!
قلت: ومن الطلاب؟ وهل تعرف العربية اصلا؟
قال: لا اعرف العربية...الا عربية القرآن. ولا اعرف الا القليل من التجويد الذي تعلمت بعض اساسياته. اما الطلاب فينقسمون لقسمين...المسلمون ...وغير المسلمين ممن يريدون ان يتعلموا عن الاسلام!! فأما المسلمون فابدأ معهم القراءة الصحيحة باللغة العربية ثم اقرأ معهم الترجمة الى الانجليزية وارجع ان كتاب تفهيم القرآن ان اشكل علي شيء. وأما غير المسلمين فأكتفي بقراءة الترجمة الانجليزية معهم وشرح المعاني!.
زادت دهشتي لهذه الهمة والاستمرار.
قلت: كيف استطاع هؤلاء المتابعة معك.
قال: اهم شيء الالتزام....هناك الكثير جدا من الطلاب الذين لم يتابعوا. ولكن كل من تابع يعرف بأنه يجب ان يكون جالسا على الطاولة في بيتي الساعة السابعة...ولا اقبل الطالب ان يكون على باب بيتي في ذلك الوقت. كذلك الكل يعرف بأنني آكل عشائي الذي يوضع لي على الطاولة في الساعة الثامنة والنصف تماما...فالكل يذهب في ذلك الوقت ايضا.
قلت: كم مرة في الاسبوع تفعل ذلك؟
قال: كل يوم من ايام الاسبوع الا السبت والأحد.
قلت: ومنذ متى بدأت هذا؟
قال: منذ 15 سنة!! لم يكد يفتني يوم في الاسبوع.
تابع قائلا: لكني اتمنى ان اصل الى هدفي قبل ان اموت.
قلت ما هو.
قال: 1000. ان اخرج 1000 انسان يعرف كتاب الله.
ثم قام معتذرا ليعود الى عمله. تبسمت بسمة فيها تقدير لجهود ذلك الانسان البسيط...ممزوجة باحتقار لنفسي.
لعلي اعرف من القرآن اضعاف ما يعرف. واحفظ اضعاف ما يحفظ...واتقن تجويده اكثر مما يتقن....واعرف العربية اضعاف ما يعرف...لكن لعله عند الله خير مني.
هؤلاء الناس يحبون القرآن...بل يعشقونه كعشق الفاقد المشتاق لمن لا سبيل الى الوصول اليه...أحيانا اشعر بأن كثرة مساسنا تقتل احساسنا...وأن قربنا لمعرفة معاني كتاب الله...خصوصا كون لغتنا الأم العربية...تجعلنا نزهد اكثر به!! صدق الله اذ قال: قتل الانسان ما أكفره!!
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ يقول: "أحب الأعمال الى الله أدومها وان قل!!"...
لعله سر الاخلاص والصدق مع الله...وأي سر...رزقنا الله اياه والسامعين والقارئين والمؤمنين!!