سـامي بركاتـي
03-19-2011, 08:57 PM
بسم الله الرحمان الرحيم.
"الإسلام هو الحل" .. "تطبيق الشريعة الإسلامية" .. "الإسلام دين ودولة"
لطالما رفعنا ومازلنا نرفع هذه الشعارات نحن المطالبين بإقامة الدولة الإسلامية.. لكن كما يرى الجميع فإن هذه الشعارات فيها من التعميم والشمولية الشيء الكثير ولطالما جالت بخاطري مسألة تفصيل الدولة الإسلامية وتجديد المفاهيم كي تتماشى هذه الدولة ومقتضيات عصرنا
بإقامة برنامج واضح نفصل فيه آليات هذه الدولة.
تبيان ماهو مقدس ؟ وماهو عادة ؟
وإعادة الاجتهاد لبناء الدولة الإسلامية المنشودة
دولة فيها المعاصرة ما يسمح لنا بمواكبة واقعنا وفيها من الأصالة ما يحفظ ديننا وهويتنا
لا أعلم كيف دخلت هذه الفكرة رأسي لكني لم أعرها اهتماما كبيرا
إلى حين قراءتي لكتابي فرج فودة فوجدت فيهما نفس الفكرة وهذا الرجل كما يعلم الجميع علماني
فكان يتحدى بها الإسلاميين وينقدهم بصفتهم أصحاب شعارات لا يرتقون إلى مواجهة صعوبات الواقع.
لذلك أردت مشارتكم بهذه الكلمات .. و الانتفاع بآراءكم في هذه المسألة.
إن تطبيق الشريعة ليس هدفا في حد ذاته، بل إنه وسيلة لغاية لا ينكرها أحد من دعاة التطبيق وأقصد بها إقامة الدولة الإسلامية
وهنا مربط الفأس ومحور النقاش..
فدعاة تطبيق الشريعة كما سبق وذكرنا يرفعون شعار أن الإسلام دين ودولة والشريعة الإسلامية -في مفهومهم- تمثل حلقة الربط بين مفهومين: الإسلام الدين والإسلام الدولة.. ليس ربط بين مفهومين مختلفين بل تأكيدا على أنهما وجهان لعملة واحدة -في رأيهم- وهي صحيح الدين.
هنا ينتقل النقاش إلى ساحة جديدة وهي ساحته الحقيقية، وهي ساحة السياسة،
وهنا يطفوا على ساحة النقاش سؤال بسيط وبديهي ومضمونه أنهم ما داموا قد رفعواشعار "الدولة الإسلامية" وانتشر أنصارهم بين الأحزاب السياسية يدعون لدولة دينية يحكمها الإسلام..
فلماذا لا يقدمون إلينا -نحن الرعية- برنامجا سياسيا واضحا ومفصلا للحكم ؟!!
يتعرضون فيه لقضايا نظام الحكم وأسلوبه، سياسته واقتصاده، مشاكله بدءا من التعليم وانتهاء بالإسكان، وحلول هذه المشاكل من منظور إسلامي.
أليست هذه نقطة ضعف جوهرية يواجههم بها من يختلفون معهم سواء بحسن نية، كما نظن، أو بسوء نية، كما يعتقدون، وما يتعين عليهم سد ذرائعه حتى لا يتركوا لأحد مجالا لنقد أو اعتراض.
د.فرج فودة .. الحقيقة الغائبة .. ص14
وأعاد هذا الرجل نفس المشكل في كتاب له آخر وبقي على نفس النغمة في مناظرته مع الشيخ محمد الغزالي حيث التصق بطلبه للبرنامج السياسي الشامل وتلخص كل كلامه حول هذا المفهوم
http://www.eltwhed.com/vb/showpost.php?p=223002&postcount=11
وشاء الله أن أكمل اليوم قراءة كتاب الجابري حيث تعرض لنفس المسألة قائلا :
لقد طرحت مسألة البرنامج السياسي على حسن البنا من قبل فكان جوابه سياسيا يمكن قبوله إذا أخذ على أنه مجرد تكتيك مرحلي:
لقد طولب بوضع برنامج لحركته فاعتذر قائلا:
نحن في البداية يجب أن نتفق على الهدف ونلتف حوله أولا، أما التفاصيل فسنعالجها فيما بعد، لأننا إذا دخلنا في مناقشة التفاصيل العملية فسنختلف ويضيع منا الهدف.
هذا الجواب يمكن قبوله إذا أخذ كتكتيك مرحلي كما قلنا.
لكن الذي حدث هو أن حركة حين البنا بقيت من دون البرنامج المطلوب، وعندما طرح السؤال نفسه على سيد قطب، بعد ذلك بعقدين من السنين، كان جوابه نوعا من الهروب من المشكل.. قال:
إن "المجتمع الإسلامي" الذي نريده سيبدأ في النشوء عندما يصبح الحكم قائما على "لا حكم إلّا لله" مثلما حصل زمن النبوة والخلافة الراشدة.
إن هذا يعني أنه لا يهتم بمعالجة القضايا المطروحة، لا يهتم بتقديم حلول للمشاكل القائمة بل يرى أن الهدف الأول هو استلام الحكم لانه باستلام الحكم سيتم الشروع في بناء "المجتمع الإسلامي" لبنة لبنة وخطوة خطوة كما حدث زمن النبوة.
في نظري، هذه المماثلة غير صحيحة: فزمن النبوة شيء وزمننا نحن شيء آخر.
إن الأمر لا يتعلق بدين يبدأ من الصفر مثلما بدأ الدين الإسلامي مثلما بدأت الدعوة المحمدية.
بل الأمر غير ذلك تماما، هناك واقع قائم ومشاكل مطروحة في مجتمع هو تاريخيا وواقعيا وروحيا مجتمع إسلامية.
والمطلوب هو "التجديد" في هذا المجتمع وليس القفز عليه إلى مجتمع آخر خيالي، قفزا لا يقبله الدين ولا العقل:
لا يقبله الدين لأن خاتم النبيين محمد ( ص ) وضع حدا لكل دعوة دينية جديدة تتدعي الانطلاق من الصفر..
ولا يقبه العقل لأنه لا يمكن بناء مجتمع جديد داخل المجتمع القائم إلّا بنقد هذا الأخير وتقديم حلول بمشاكله.
إن الأمر يتعلق بإصلاح مجتمع قائم وليس بإنشاء مجتمع من الصفر.. وهل يمكن ذلك
د.محمد عابد الجابري .. إشكاليات الفكر العربي .. الفصل العاشر: الفكر العربي وعالم الغد .. ص178
آرءكم في هذه الكلمات ؟؟ :):
"الإسلام هو الحل" .. "تطبيق الشريعة الإسلامية" .. "الإسلام دين ودولة"
لطالما رفعنا ومازلنا نرفع هذه الشعارات نحن المطالبين بإقامة الدولة الإسلامية.. لكن كما يرى الجميع فإن هذه الشعارات فيها من التعميم والشمولية الشيء الكثير ولطالما جالت بخاطري مسألة تفصيل الدولة الإسلامية وتجديد المفاهيم كي تتماشى هذه الدولة ومقتضيات عصرنا
بإقامة برنامج واضح نفصل فيه آليات هذه الدولة.
تبيان ماهو مقدس ؟ وماهو عادة ؟
وإعادة الاجتهاد لبناء الدولة الإسلامية المنشودة
دولة فيها المعاصرة ما يسمح لنا بمواكبة واقعنا وفيها من الأصالة ما يحفظ ديننا وهويتنا
لا أعلم كيف دخلت هذه الفكرة رأسي لكني لم أعرها اهتماما كبيرا
إلى حين قراءتي لكتابي فرج فودة فوجدت فيهما نفس الفكرة وهذا الرجل كما يعلم الجميع علماني
فكان يتحدى بها الإسلاميين وينقدهم بصفتهم أصحاب شعارات لا يرتقون إلى مواجهة صعوبات الواقع.
لذلك أردت مشارتكم بهذه الكلمات .. و الانتفاع بآراءكم في هذه المسألة.
إن تطبيق الشريعة ليس هدفا في حد ذاته، بل إنه وسيلة لغاية لا ينكرها أحد من دعاة التطبيق وأقصد بها إقامة الدولة الإسلامية
وهنا مربط الفأس ومحور النقاش..
فدعاة تطبيق الشريعة كما سبق وذكرنا يرفعون شعار أن الإسلام دين ودولة والشريعة الإسلامية -في مفهومهم- تمثل حلقة الربط بين مفهومين: الإسلام الدين والإسلام الدولة.. ليس ربط بين مفهومين مختلفين بل تأكيدا على أنهما وجهان لعملة واحدة -في رأيهم- وهي صحيح الدين.
هنا ينتقل النقاش إلى ساحة جديدة وهي ساحته الحقيقية، وهي ساحة السياسة،
وهنا يطفوا على ساحة النقاش سؤال بسيط وبديهي ومضمونه أنهم ما داموا قد رفعواشعار "الدولة الإسلامية" وانتشر أنصارهم بين الأحزاب السياسية يدعون لدولة دينية يحكمها الإسلام..
فلماذا لا يقدمون إلينا -نحن الرعية- برنامجا سياسيا واضحا ومفصلا للحكم ؟!!
يتعرضون فيه لقضايا نظام الحكم وأسلوبه، سياسته واقتصاده، مشاكله بدءا من التعليم وانتهاء بالإسكان، وحلول هذه المشاكل من منظور إسلامي.
أليست هذه نقطة ضعف جوهرية يواجههم بها من يختلفون معهم سواء بحسن نية، كما نظن، أو بسوء نية، كما يعتقدون، وما يتعين عليهم سد ذرائعه حتى لا يتركوا لأحد مجالا لنقد أو اعتراض.
د.فرج فودة .. الحقيقة الغائبة .. ص14
وأعاد هذا الرجل نفس المشكل في كتاب له آخر وبقي على نفس النغمة في مناظرته مع الشيخ محمد الغزالي حيث التصق بطلبه للبرنامج السياسي الشامل وتلخص كل كلامه حول هذا المفهوم
http://www.eltwhed.com/vb/showpost.php?p=223002&postcount=11
وشاء الله أن أكمل اليوم قراءة كتاب الجابري حيث تعرض لنفس المسألة قائلا :
لقد طرحت مسألة البرنامج السياسي على حسن البنا من قبل فكان جوابه سياسيا يمكن قبوله إذا أخذ على أنه مجرد تكتيك مرحلي:
لقد طولب بوضع برنامج لحركته فاعتذر قائلا:
نحن في البداية يجب أن نتفق على الهدف ونلتف حوله أولا، أما التفاصيل فسنعالجها فيما بعد، لأننا إذا دخلنا في مناقشة التفاصيل العملية فسنختلف ويضيع منا الهدف.
هذا الجواب يمكن قبوله إذا أخذ كتكتيك مرحلي كما قلنا.
لكن الذي حدث هو أن حركة حين البنا بقيت من دون البرنامج المطلوب، وعندما طرح السؤال نفسه على سيد قطب، بعد ذلك بعقدين من السنين، كان جوابه نوعا من الهروب من المشكل.. قال:
إن "المجتمع الإسلامي" الذي نريده سيبدأ في النشوء عندما يصبح الحكم قائما على "لا حكم إلّا لله" مثلما حصل زمن النبوة والخلافة الراشدة.
إن هذا يعني أنه لا يهتم بمعالجة القضايا المطروحة، لا يهتم بتقديم حلول للمشاكل القائمة بل يرى أن الهدف الأول هو استلام الحكم لانه باستلام الحكم سيتم الشروع في بناء "المجتمع الإسلامي" لبنة لبنة وخطوة خطوة كما حدث زمن النبوة.
في نظري، هذه المماثلة غير صحيحة: فزمن النبوة شيء وزمننا نحن شيء آخر.
إن الأمر لا يتعلق بدين يبدأ من الصفر مثلما بدأ الدين الإسلامي مثلما بدأت الدعوة المحمدية.
بل الأمر غير ذلك تماما، هناك واقع قائم ومشاكل مطروحة في مجتمع هو تاريخيا وواقعيا وروحيا مجتمع إسلامية.
والمطلوب هو "التجديد" في هذا المجتمع وليس القفز عليه إلى مجتمع آخر خيالي، قفزا لا يقبله الدين ولا العقل:
لا يقبله الدين لأن خاتم النبيين محمد ( ص ) وضع حدا لكل دعوة دينية جديدة تتدعي الانطلاق من الصفر..
ولا يقبه العقل لأنه لا يمكن بناء مجتمع جديد داخل المجتمع القائم إلّا بنقد هذا الأخير وتقديم حلول بمشاكله.
إن الأمر يتعلق بإصلاح مجتمع قائم وليس بإنشاء مجتمع من الصفر.. وهل يمكن ذلك
د.محمد عابد الجابري .. إشكاليات الفكر العربي .. الفصل العاشر: الفكر العربي وعالم الغد .. ص178
آرءكم في هذه الكلمات ؟؟ :):