المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كل شيء مادة..أو..المادة بثوبها الجديـد.



عبدالله الشهري
03-22-2011, 03:24 PM
التقسيم الثنائي للأشياء (duality) أو مذهب الثنائية (dualism) قديم ومشهور. والذي يهمني في إسقاطات هذا التقسيم هو تقسيم الإنسان إلى جسد وروح، وهو تقسيم صحيح، فالنصوص الشرعية عاملت هذين على أنهما كينونتين مستقلتين. ولكن الغلط العظيم الذي فتح باباً كبيراً للإلحاد، هو اعتبار الجسد ممثلاً للمادة والروح (أو الوعي consciousness ) ممثلة لغير المادة أو نقيض المادة. ولست أقصد هنا بقولي "غلط" أن هذه هفوة من المؤمنين استغلها الملاحدة بذكاء فانتصروا ، وإنما أقصد أنها غلطة فادحة بالفعل في أصل المعرفة (epistemology) وكذلك غلط أعظم في تشخيص الأصل الوجودي الذي يقابل هذه المعرفة (ontology) سواء وقع هذا الغلط من المؤمنين بوجود الله أو خصومهم الملاحدة، فالكل على غلط. ومن تبعات هذا الغلط أن كثيراً من المؤمنين احتاجوا إلى تبرير موقفهم بأية طريقة ولو أدى ذلك إلى تهكم بعض الملاحدة في كثير من الأحيان. النتيجة التي أريد أن أقررها هي في غاية الأهمية وهو أن كل شيء موجود هو مادة من نوع ما، حتى الروح، حتى العقل، حتى الوعي، حتى الملائكة، حتى الله عز وجل. تمهل! لا تعجل! إنني أتفهم ردود فعل البعض، وهذا حق لهم. ولكني استمر في التوضيح: المادة إذا أطلقت فهي في العادة تنصرف إلى ما تعلمناه في الكتب الدراسية والتعليم النظامي، المادة في كتب الفيزياء والكيمياء. ولكني لي رأي مختلف، وهو رأي يحل أزمة عظيمة فيما أظن ويردم هوة هائلة في فهمنا للأشياء، سواء كانت في عالم الشهادة أو عالم الغيب. ودعوني هنا أوضح هذا الرأي: إن التصرف الذي يقضي بإطلاق وصف "المادة" كل شيء يقع في نطاق الحس والتجربة والمشاهدة والاختبار - بالمعنى العلمي الوضعي (positivistic science) – لا يوجد ما يشفع له من ضرورة عقلية أو حتى لغوية (وهنا بدأنا نوظف شيئاً من فلسفة هيوم لتقرير البرهان الذي نحن بصدده). إنني اعتبر كل شيء موجود، سواء دخل في نطاق التجربة أو الخبرة البشرية أم لم يدخل، يتصف بوجود مادي من نوع ما، ولكن هذه الرتبة من الوجود المادي قد تكون تحت نطاق حسنا وتجربتنا (عالم الشهادة) وحتى في عالم الشهادة لا زال الكثير مما لم نكتشفه أو نقع عليه، وقد لا يمكن أن يكون خاضعاً لحسنا وتجربتنا بالمفهوم العلمي الطبيعي (فتكون من مراتب الغيب) – ولكن يمكن أن يخضع لخبرتنا experience مثل فهمنا لوجود الله والملائكة - فالمادة نفسها لها بعد غيبي ولها بعد متعلق بعالم الشهادة. الله تعالى له ذات لا يشبهها ذات، ولا مشاحة عندي – من باب الجدل مع الملحد - لو قيل أن لذات الله مادة لا تشبهها مادة وذلك بالمعنى الجديد الذي اكتسبه مفهومنا للمادة. وهو كقولنا لذات الله صفات لا تشبه صفات المخلوقين، فأثبتنا اشتراكاً اسمياً فقط بين الخالق والمخلوق، ولكن ننفي أن يشترك الخالق مع المخلوق في حقيقة تلك الصفات، وكذلك بالنسبة للفظ "المادة"، لذات الله مادة – مرة أخرى أقصد بـــ "مادة" أن لذاته وجود فعلي تقوم به صفات حقيقية، ولذلك هو بائن عن خلقه مستو على عرشه سبحانه – ولكنها مادة من رتبة لا يقف على حقيقة كنهها ولا يحيط بشيء منها أحد إلا هو. أنا شخصياً – حتى أكون واضحاً لإخواني في المنتدى – مؤمن تماماً أن الألفاظ الشرعية هي التي يجب أن تراعى في مثل هذه السياقات. ولكننا نجادل قوماً لا يؤمنون إلا باصطلاحهم، كما جادل ابن تيمية رحمه الله معاصريه بلفظ "القديم" و "العرض" و "الجوهر" تنزلاً مع خصومه.
ومن هنا ندرك دقة التعبير الشرعي عن الوجود – لأنه ليس هناك إلا الوجود ! وهل يوجد غير الوجود شيء ! –بكونه ينقسم إلى عالم شهادة وعالم غيب، ولكن ارتبط في أذهان البعض مسلمة هي أن الغيب هو عالم الأشياء التي تقابل عالم المادة ، ونحن نعلم ونقرأ كل يوم أن الملائكة لها أجنحة وأنها مخلوقة من نور، وأنا اعتبر هذه مرتبة غيبية من مراتب المادة. والله سبحانه وتعالى له يد حقيقةً، وله قدم حقيقةً، وله ذات حقيقةً، ولكن – بالمعنى المصَحَّحْ للمادة – مادتها، بمعنى حقيقتها وماذا تكون في واقع الأمر، في مرتبة تتجاوز مراتب وصفات المادة في معهودنا الذهني وكل معهود معقول ممكن مادام مخلوقاً.
ولو حاورني ملحد وقال: كل شيء مادة..فلا يوجد إلا المادة (matter) ، لقلت له: نعم ! أنا أوافقك تماماً، أولاً: لأني لا أؤمن بشيء مجرد تمام التجرد عن صفات من نوع ما، فالمادة عندي منها ماهو في الشهادة ومنها ما هو في الغيب، ومنها ما هو متوافق مع ما نعهده ونعرفه ومنها (أي من المادة) ما يمكن ألا يوجد له نظير أو شبه في معهودنا الذهني والحسي، ثانياً: لأن من الأدلة على هذا أن كثيراً من العلماء الملاحدة أمكنهم أن يتصورا وجود عالم يتكون من مادة يستحيل تفسيرها بقوانين عالمنا ويستحيل أن تحيط بهيئتها التجربة البشرية في هذا العالم. فلم يستحيل عليك أيها الملحد أن تتصور مادة عاقلة – مرة أخرى تنزلاً مع الخصوم يا إخواني – لا يمكن أن يفسرها كل ما عهدناه من الأسباب والقوانين والنماذج المعرفية في عالمنا ؟
أيها الفضلاء، لا أرى مبرراً للقلق إذا ما قيل أنه حتى وعيُنا ليس إلا نتيجة توليفة مادية ، ولكن بعضها مشاهد وبعضها غير مشاهد، بعضها مفهوم وبعضها قد أو لن يُفهَمْ أبداً. وما أبلغ القرآن وما أنصع عبارته (يسألونك عن الروح قل الروح من أمر بي)، فلا يقال الروح ليست مادة، بل نقول هي مادة من نوعٍ لا تفسره معرفتنا الأرضية البشرية، ولذلك ختم الآية بقوله (وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً).

نور الدين الدمشقي
03-22-2011, 07:03 PM
حاولت الرجوع الى الأصل اللغوي لكلمة "مادة" فلم اجده...فهل وقعت عليه اخي الكريم؟
وكذلك وجدت هذا السؤال للجنة الافتاء الدائمة: (مشاركة رقم 8)
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=159185
وعلى اي حال اخي الكريم فانني ارى مشكلة فيما طرحت لمخالفته لما اصطلح عليه الناس....فان معظم الناس اصطلح عندهم بأن معنى المادة اذا اطلق هو المعنى الفيزيائي المعروف.
انا اتفهم انك تعرف المادة بتعريف مقارب جدا لمعنى "الوجود" على هيئة معينة مثلا....لكن تبقى المشكلة ليست في تعريفكم اخي الكريم وانما في اصطلاح الناس على هذه الكلمات.
ولذلك لو كنت تناقش الملحد وقال لك كل شيء مادة....فانه يعني ما هو ملموس ومشاهد...وينفي ما دونه....فاذا هو اصطلح على ذلك....كيف نقول بأنني نتنزل ونوافق على اصطلاحهم لمعنى المادة...ثم نعيد تعريفه؟ فكأني ارى تناقضا فيما ذكرت اخي... والله اعلم

د. هشام عزمي
03-23-2011, 03:51 PM
جزاك الله خيرًا على الفكرة القيمة ، وهي تدل على باع طوي في مناظرة ومحاورة الملاحدة ، ومن احتك بالقوم أدرك فعلاً أهمية ما يشير إليه الشيخ الشهري في سياقات محدودة ، وأنا اذكر محاورات شاقة مع الملاحدة يحسبون فيها أنك تدعو إلى إله هو مجرد فكرة في الذهن أو عقل مجرد حتى كنت أقول ضاغطا على حروف الكلام إن الله الذي نؤمن به كائن حقيقي واقعي متعين له ذات حقيقية واقعية حتى يفهم المعترض وجهة نظري ولا يظن أني أؤمن بإله على طراز إله فلاسفة الإغريق أو إله القرامطة . لكني والحق يقال لم يخطر في بالي مسألة المادة هذه بهذا التقرير الذي لا أرى أن يتم تعميمه أو الترويج له ، بل يكون محدودا في سياقات ضيقة معينة في الجدل والمناظرة ، والله أعلم .

أبو القـاسم
03-23-2011, 05:02 PM
شكر الله لك اجتهادك الكريم..واسمح لي بكلمة أو رأي متواضع
جانب لزوم الأدب مع الله تعالى ينبغي أن يراعى جدا حال الحديث عنه عز وجل...وأرى أن الجراءة في إطلاق اسم المادة عليه أيا كان المقصود ليس حسنا ولا هو منسجم مع عقيدة السلف المقررة ..نعم قد بينت أنك قد تضطر لذلك في حوار الملحد اضطرارا, ولكنك سقته بطريقة تقريرية في طليعة المقال ..يبقى أن هذا وإن حل إشكالاً ظاهريا من جانب فهو مسألة لفظية فحسب ..تتعلق بتحرير معنى كلمة مادة بين المتحاورين..لا أن حقيقة الإشكال ينحل به ..فحين يقال للمحد أنت مادي فالمعنى مفهوم له أنه ينسب كل شيء للطاقة والمادة أي التي هي غير الواعية ..فإذا قيل لا تكن مادياً ..وكيف تفسر الوعي ..أدى هذا لنفس المفهوم الذي تريد توصيله عبر لعبة الألفاظ
أي أن ما تراه غلطا ..هو في الواقع قوي من جانب آخر ..والمقصود أن الملحدين يفهمون كلمة مادة بمنزلة أي جماد او كتلة محسوسة كالخشب مثلاً كما تعلم فإذا نفي تفسيره المادي للوجود أمامه فَهِم بداهة أن المقصود ثبوت: وجود ذات بإرادة واعية ..وحينئذ لايكون هناك إشكال ولا غلط لأن كلا من المتحاورين يفهم مراد الآخر على التمام ويدرك الملحد هذا المعنى الوجودي الذي قررته وحيئذ لا يكون هناك إشكال لأن القضية تؤول لفظية اصطلاحية فحسب (انظر مثالا مناظرة الأستاذ الفاضل عبد الواحد مع "ملحدة عن يقين") ولكن مع هذا أقول :إن مجرى الحوار الطبيعي حين يقول الملحد مثلا إن الطبيعة تفعل ذلك وينسب للطاقة مثلا أشياء لا تتأتى إلا بوعي ويقر بالوعي كما رأيناه من بعضهم فإن المحاور بداهة حين يصل الحوار لهذا الحد لايجد مناصا من أن يقول :مادمت نسبت الوعي للطبيعة..فهذا الذي تسميه طبيعة وتنسب له التدبير والوعي هو ما نسميه :الله ! جل جلاله , فآل الخلاف بيننا وبينك لفظيا ..فما يُفرّك من الله أيها الملحد؟ ..الحاصل ليس المراد أن أستدرك سوى في تسمية هذا غلطاً أوأنه يؤدي لإشكال في الحوار ونحو ذلك..والله يرعاك وينفع بك
والله أعلم

نور الدين الدمشقي
03-23-2011, 05:34 PM
أنا شخصياً – حتى أكون واضحاً لإخواني في المنتدى – مؤمن تماماً أن الألفاظ الشرعية هي التي يجب أن تراعى في مثل هذه السياقات. ولكننا نجادل قوماً لا يؤمنون إلا باصطلاحهم، كما جادل ابن تيمية رحمه الله معاصريه بلفظ "القديم" و "العرض" و "الجوهر" تنزلاً مع خصومه
نعم اخي ولكن في اصطلاح القوم: المادة هي الفيزيائية والطاقة التي نعرفها...ولا ينسبون المادية للروح مثلا...فأنت لا تتنزل الى اصطلاحاتهم...بل تأتي باصطلاحات جديدة ليست عندنا ولا عندهم!

وهي تدل على باع طوي في مناظرة ومحاورة الملاحدة ، ومن احتك بالقوم أدرك فعلاً أهمية ما يشير إليه الشيخ الشهري في سياقات محدودة ، وأنا اذكر محاورات شاقة مع الملاحدة يحسبون فيها أنك تدعو إلى إله هو مجرد فكرة في الذهن أو عقل مجرد حتى كنت أقول ضاغطا على حروف الكلام إن الله الذي نؤمن به كائن حقيقي واقعي متعين له ذات حقيقية واقعية حتى يفهم المعترض وجهة نظري ولا يظن أني أؤمن بإله على طراز إله فلاسفة الإغريق أو إله القرامطة
نعم اوافقك في هذا اخي الحبيب...لكن كان يغني عن ذلك ان نقول ان لله سبحانه وجودا حقيقيا مستقلا بذاته...بدلا من ان نخوض في تغيير بعض المصطلحات ثم نصف الله سبحانه بها...لا سيما وأنها ستربك غيرك ممن لم يقع على تعريفك او لم يفهمه مثلا لسرعة ما يتبادر في الذهن من معنى المادة!
واضيف على ذلك بأن مثل هذه الطرق في جو من الغش أو غياب تحرير دقيق للمصطلحات (اجواء كثير من الملحدين وغيرهم)... يسهل فيها استقطاع الكلام وتقويل ما لم تقل: كأن يقول الملحد: المؤمن يقول بأن الله مادة...اذا كذا وكذا...من غير الاشارة الى ما قصدت انت من المادة.
والله اعلم

عبدالله الشهري
03-24-2011, 01:57 PM
نعم، في هذا الموضوع مجازفة ظاهرة وأتفهم ذلك، وربما وصل الحال بالبعض إلى أن تعبيري عن تفهمه لموقفه لا يغني وبالتالي لا يعنيه. ولكني أتفهم هذا أيضاً. ولا أنكر أيضاً وجود شيء من الغموض فيما كتبت نظراً للعجلة التي سطرت بها المشاركة قبل أن أنسى منها أو يحول دون كتابتها ظرف. إن أصل الموضوع كله - حتى اختصر التعليق على أبرز ما جاء من ردود - يقوم على شيء واحد: من أين للملحد (وغيره) الزعم بأن الكون نظام مغلق (closed system) ؟ وهذا الأخير من تبعات فلسفة هيوم إذ لا يقوم لها قائمة - كما بين ذلك روي باسكر رائد الفلسفة الواقعية النقدية (critical realism) - إلا بافتراض أن الكون نظام مغلق. وهذا الزعم أول ما يأتي عليه فينقضه هو فلسلفة هيوم نفسها! لأن مبناها على الاستقراء induction الذي أتت عليه فلسفة هيوم من القواعد فهدمته [1]. بناء على هذا الأصل القائل بانغلاقية الكون - إن صح التعبير - أسسوا قولهم أنه لا يوجد إلا المادة، لا سيما وأن الوجود عند هؤلاء هو هذا الكون، وهنا أيضاً نجد أساس مغالطة أخرى، لأنه لا دليل عندهم عليه، لا من ضرورة عقلية، ولا حتى من نتيجة استقرائية. ولذلك نحن نستدل عليهم بما ذكرته لكم من إمكان تصور وجود عالم يتكون من مادة يستحيل تفسيرها بقوانين عالمنا ويستحيل أن تحيط بهيئتها التجربة البشرية في هذا العالم، وهو تصور يتبجح به بعض كبار الملاحدة ولم يدروا أنهم في المقابل - أو يدرون ويسكتون - يمهدون لدليل جديد على وجود الله، لأن هذا الافتراض لوجود عالم ذا مادة غير المادة بخصائصها الفيزيائية المعروفة، هو عينه إيماننا بإمكان وجود أعيان تفارق عالمنا بكل ما عهدنا فيه وعرفنا عنه، فآل الأمر بهذا الاعتبار - كما يقول الفقهاء والأصوليون - إلى كونه خلافاً لفظياً لا حقيقياً، ولكنهم لشدة تمسكهم بموقفهم ينزلون الخلاف اللفظي منزلة الخلاف الحقيقي، فلا يرون - وربما لا يريدون أن يروا - خط الالتقاء بيننا وبينهم في هذه المسألة...في البال إضافة اتركها لوقتها.
جزاكم الله خيرا.
= = = = = = = = = = = = = = =
[1] يوجد تفصيل يستثني بعض الجزئيات هنا وليس الأمر بهذا الإطلاق وبهذه البساطة.

عبدالله الشهري
03-24-2011, 03:33 PM
عطفاً على قولي بإمكان تصور شيء أو عالم يفارق كل ما عهدناه من الخبرات والتجارب، فإنه لمن المبهر والمفيد أن نعلم أن القرآن العظيم قد قرر هذا المفهوم بوضوح تام، وكنت أود أن أفرد على اساس هذه الآية الموضوع بمقال مستقل، ولكن قد لا يتهيأ ذلك الآن. قال الله تعالى (نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين* على أن نبدل أمثالكم وننشئكم فيما لاتعلمون).
أي: فيما لا تدركه عقولكم من الهيئات والصفات والأحوال، وهو قول طائفة من السلف، وهو الأليق بقدرة الله ومعنى الآية. وهذا نص واضح على ما قررته من تصور ما يمكن أن يجافي الخبرة البشرية في كل ما عهدته.

د. هشام عزمي
03-24-2011, 05:22 PM
نعم اوافقك في هذا اخي الحبيب...لكن كان يغني عن ذلك ان نقول ان لله سبحانه وجودا حقيقيا مستقلا بذاته...بدلا من ان نخوض في تغيير بعض المصطلحات ثم نصف الله سبحانه بها...لا سيما وأنها ستربك غيرك ممن لم يقع على تعريفك او لم يفهمه مثلا لسرعة ما يتبادر في الذهن من معنى المادة!
واضيف على ذلك بأن مثل هذه الطرق في جو من الغش أو غياب تحرير دقيق للمصطلحات (اجواء كثير من الملحدين وغيرهم)... يسهل فيها استقطاع الكلام وتقويل ما لم تقل: كأن يقول الملحد: المؤمن يقول بأن الله مادة...اذا كذا وكذا...من غير الاشارة الى ما قصدت انت من المادة.
والله اعلم

نعم ، لا بأس يا أخي ، أنا متفق معك في احترازك ، وهو في موضعه . وقد أغنانا الشرع عن استعمال اللفظة فيمكن مثلاً أن نقول للملحد إن الله شيء ، وهذا مقبول شرعًا وسيفهمه الملحد على وجهه الصحيح إن شاء الله . لكن نقطة الاتفاق مع الشيخ الشهري هي استعمالها - عند الحاجة إليها فقط - في مقام المناظرة والجدل ، والله أعلم .

عياض
03-25-2011, 04:13 AM
حتى أكون واضحاً لإخواني في المنتدى – مؤمن تماماً أن الألفاظ الشرعية هي التي يجب أن تراعى في مثل هذه السياقات. ولكننا نجادل قوماً لا يؤمنون إلا باصطلاحهم، كما جادل ابن تيمية رحمه الله معاصريه بلفظ "القديم" و "العرض" و "الجوهر" تنزلاً مع خصومه.
هي نظرة قوية جدا...و اليها تصير معاني الكتاب و السنة...و احسن ما قيل هنا التنبيه الى ان نفس مذهب شيخ الملاحدة هيوم من ان لا موجود الا ما هو مادي يؤيد الكتاب و السنة و يصير فيما نحت اليه...فقديما كان غلط جهم بن صفوان هو من هذه البابة بذاتها في مناظرته مع البوذية فانقلبت شرا على كافة الصفات عند الأمة ...و قد نبه على غلطه الامام احمد بقريب من مضمون كلام الشيخ عبد الله....و ان كان الامام احمد ما عبر الا باصطلاحات الكتاب و السنة..و هنا القضية كما قال شيخنا الذكي :): هشام...ان المناظر الأقدر و الأقوى في مناظرة الملحد هو من يقدر على قطعه باصطلاحات الكتاب و السنة لشمولها للمعاني اللازمة لها...و يجتنب مصطلحات غيرهما لما فيها من اشتباه و اجمال...و ان كانت مناظرة الملحد بالاصطلاحات الحادثة قد تنفع ان فصل المقصود منها هنا و تنفع ان شاء الله كما قال الشيخ هشام ما التزم بها في مواجهة الملحد فقط..اي مقام المجادلة و التعليم له...لا مقام التعليم للمومنين...لكن يبقى كما قلت ان الأقوى هو من يقطعهم بذات الفاظ الكتاب و السنة و يعرف كيف يلجؤهم اليها و يبين تفوق الكتاب و السنة في اللفظ و المعنى معا...و لجوء المحاور الى الفاظ الملحد بدل الفاظ الكتاب و السنة يكون لنقص في علم المحاور بمعاني الألفاظ لا في نفس الفاظ الكتاب و السنة...و بهذا افترق نظار اهل السنة و الدين فكان اعلاهم كالامام الشافعي و دونه البخاري و داوود الظاهري و دونهما ابن خزيمة و الطبري و دونهما الأشعري و الباقلاني و ابي يعلى و ابن حزم و هكذا...

مالك مناع
03-27-2011, 04:36 PM
تلك الكلمات من قبيل الإخبار عن الله تبارك وتعالى، والمقصود منها مخاطبة المدعو بلغته التي يفهمها لتعريفه بالمعاني الصحيحة، مع التنبيه على أن إطلاق تلك الألفاظ من باب الإخبار لا من باب الأسماء والصفات، والقاعدة في مثل هذه الحالات: أن أسماء الله وصفاته لا تثبت إلا بدليل من الكتاب والسنة، وعلى هذا:

(1) فما ورد إثباته لله تعالى من ذلك في الكتاب والسنة وجب إثباته.
(2) وما ورد نفيه فيهما وجب نفيه مع إثبات كمال ضده.
(3) وما لم يرد إثباته ولا نفيه وجب التوقف في لفظه، فلا يُثبت ولا يُنفى لعدم ورود الإثبات والنفي فيه، وأما معناه فيفصّل فيه فإن أريد به حق يليق بالله تعالى فهو مقبول، وإن أريد به معنى لا يليق بالله عز وجل وجب ردّه.

فمثل هذه الألفاظ تنزل منزلة النوع الثالث، فيتوقف في نسبتها لله من جهة اللفظ نفيا وإثباتا، ويثبت لله المعاني الصحيحة المدلول عليها في الكتاب والسنة بألفاظ أخرى، وينفى عنه المعاني الباطلة التي ينزه الله عنها، ولا يمنع التوقف عن إطلاقها أوصافا وأسماء لله تعالى من إطلاقها على وجه الإخبار عن مخاطبة من لا يفهم الكلام بغيرها أو يعسر عليه فهم الكلام بغيرها.

أبو القـاسم
03-27-2011, 05:06 PM
الحمد لله تعالى..
الإخبار ليس كله مأذوناً فيه , حتى يكون سائغاً شرعاً لا يوهم تنقصاً ..فمثلا لو أخبر فلان عن ربه :بأن الله عقِل المعنى الفلاني أو تأثر الله بمشاعري, أو أن يصف الله بأنه جسمٌ ولو قال : لا كالأجسام ..إلخ فهذا وأشباهه لا يجوز ,وبعضه أسوء من بعض..وهذا رد على ما فهمته من تعميم الأخ مناع وفقه الله وسدده وجمعني وإياه على محابه ومراضيه وأكرمه حتى يرضى