هشام بن الزبير
03-29-2011, 08:13 PM
ثالثة الأثافي في ذم القذافي
حدثنا أبو النوادر السوسي قال:
مررت يوما بحلقة, توسطها شيخ من برقة, يقول أنا أبو شادي, يا أولي الرشاد, ابن عمر المصراتي, سالت من غم عبراتي, وضاقت علي نفسي, واشتكى جهري من همسي, أشكو جور جُرَذٍ جبان, خَبٍّ سفيه ألعبان, خبرته ثلاثين حولا, فأنا ببيان حاله أولى, فإن شئتم جلّيت لكم خبره, حتى تعلموا أنه أذل من بعرة, وأن ما نشر في الأخبار, نزر كنشارة الأشجار, وهو الحق لكن المستور أشنع, وفيه غنية لمن به يقنع, قلت لكني عما خفي مستفسر, من أمر بغاثكم المستنسر, فأجابني وقال أصخ السمع, وبدأ الحديث يستقبل الجمع:
حدثتني في المنام أرضي, أرض العز يا أيها المرضي, قالت ليبيا: أنا حرة حَصان, بالدم الغالي عزها يصان, لبثت دهرا أحْطم الغزاة, وأتخطفهم تخطف البزاة, مهر خُطّابي من الرجال, ليس كمثل مهور ربات الحجال, بل بذل النفوس وسكب الدماء, فأنا حرة لم أرتكس لدرك الإماء, امتدت إلي يوما أعين الكفار, فذاذهم عني عمر المختار, فارتد العلوج عني بخفي حُنين, وزحفوا صغارا زحف أم حُبين, فبقيت كعهدي في الحرائر, وخاب حسادي أولوا الجرائر, حتى أظلمت سمائي ليلة ليلاء, ودهتني بائقة وداهية دهياء, إذ تعلّقني جُرَذ ماكر مجنون, نتِن الريح وكفره مكنون, أتاني يوما يمتطي دبابة, يتيه مختالا يرفع السبابة, يقول أنا لك أنا الزعيم, أنا الفاتح أنا القائد العظيم, سباني وقد أحاطت به العساكر, يتمايل كأنه سكران أو متساكر, فأشحت عنه أبغي نجاتي, فغازلني عسى تلين قناتي, فزجرته عني فما ارعوى, وكلما خاطبني قلت كلب عوى, رقيع ما زلت أترقب موته, يدمن الحديث كمن يعشق صوته, كأنك إذ تراه في السيرك تتفرج, وتقول قد جاء البهلوان المهرج, في ثوبه تراقص الألوانُ, كالح الوجه كأنه الشيطانُ, وهل سمعت يوما ببهلوان فيلسوف, يُعَلّم الناس وعقله ذو كسوف؟ فإن المجنون خربش كراسا, جعله لسفاسف عقله كاسا, وأسمى بنات حمقه كتابا أخضر, فلا تسل عما فيه أحضر, كتاب يزدريه صبية المكاتب, ضحضاح فكر في أحط المراتب, تلقب الفاجر بملك ملوك إفريقيا, فأجدبت أرجائي فهي ترجو السقيا, بدد مالي كدأب السفهاء, وملّكني بنيه وغلمته البلهاء, دُعيت ليبيا حتى ابتليت بأحمق الزعماء, فخلع علي سيلا هجينا من الأسماء, فصرت أدعى جماهيرية عظمى, وهزلت حتى غدوت جلدا كسا عظما, فاستجرت بربي فقام فتياني, بأيدهم نفوسهم وألبستهم أكفاني, من الزاوية ومصراتة وأجدابيا, كل أتى يفدي عرض ليبيا, فجاء البهلوان بجيش الزنج, إذ لم يبق له سوى الأوباش منج, فهب إليهم بنيّ كأنهم أسود, يبغون موتا كريما أو يسودوا, فسرعان ما اضطروا الضب إلى جحر, وبطل ما كان يأتيه من سحر, فأطل من بنيانه الخرب, لينبئ أوباشه أنه قد حرِب, مرغيا سليط اللسان مزبدا, مزمجرا لبني قومه متوعدا, ونادى في فلول أوباشه مهلوسا, غنوا وارقصوا خاب سعيه وسا, وقال لأعطين السلاح مرتزقة الصحراء, حتى يحيلوا ليبيا جمرة حمراء, فعلمت أن زوال ليلي بزوال رأسه, وأني لن أحيا حتى يوارى في رمسه, فهب أبنائي من قِبل بن غازي, ليطهروا أرضي من كل مجرم جلواز, فهم اليوم على مشارف العاصمة, ليقذفوا المأفون بضربة قاصمة, وقد شهدت كتيبة حمراء ترفل في الحديد, تمشي إلى النصر بالعُدد والعديد, شعارها التكبير والتهليل, وزادها الذكر والترتيل, ولما دنوت من فتى مجاهد بسام, شاكي السلاح بلا درع ولا وسام, رأيته يمضي واثقا مترنما, جسورا ولذرى المجد متسنما, وسمعته يتمثل بذي الأبيات, يتوق لنصر يوشك أن ياتي:
غير منج من ذلتي وانكســـــــــــــــــــــــــــــاري خوف باغ ولا تزلف عاد
وبليغ صوت السيف إذا قيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــس بعي الحليم في كل واد
أغدت تلكم الكتيبة أم راحـــــــــــــــــــــــــــــــــــــت على جرْس قدها الفيّاد
يا صحابي قلوبنا تمقت الظلـــــــــــــــــــــــــــــــم فأين الخيول من أهل ضاد
ولما أن قد فرغ الراوي, دعونا على الفاجر الغاوي, ومن يومها وأنا أترقب الأخبار, وأقنت في الصلاة أستنصر الجبار, حتى يَخزى المجنون وتُحرق الخيمة, وتنقشع عن سماء ليبيا هذه الغيمة.
حدثنا أبو النوادر السوسي قال:
مررت يوما بحلقة, توسطها شيخ من برقة, يقول أنا أبو شادي, يا أولي الرشاد, ابن عمر المصراتي, سالت من غم عبراتي, وضاقت علي نفسي, واشتكى جهري من همسي, أشكو جور جُرَذٍ جبان, خَبٍّ سفيه ألعبان, خبرته ثلاثين حولا, فأنا ببيان حاله أولى, فإن شئتم جلّيت لكم خبره, حتى تعلموا أنه أذل من بعرة, وأن ما نشر في الأخبار, نزر كنشارة الأشجار, وهو الحق لكن المستور أشنع, وفيه غنية لمن به يقنع, قلت لكني عما خفي مستفسر, من أمر بغاثكم المستنسر, فأجابني وقال أصخ السمع, وبدأ الحديث يستقبل الجمع:
حدثتني في المنام أرضي, أرض العز يا أيها المرضي, قالت ليبيا: أنا حرة حَصان, بالدم الغالي عزها يصان, لبثت دهرا أحْطم الغزاة, وأتخطفهم تخطف البزاة, مهر خُطّابي من الرجال, ليس كمثل مهور ربات الحجال, بل بذل النفوس وسكب الدماء, فأنا حرة لم أرتكس لدرك الإماء, امتدت إلي يوما أعين الكفار, فذاذهم عني عمر المختار, فارتد العلوج عني بخفي حُنين, وزحفوا صغارا زحف أم حُبين, فبقيت كعهدي في الحرائر, وخاب حسادي أولوا الجرائر, حتى أظلمت سمائي ليلة ليلاء, ودهتني بائقة وداهية دهياء, إذ تعلّقني جُرَذ ماكر مجنون, نتِن الريح وكفره مكنون, أتاني يوما يمتطي دبابة, يتيه مختالا يرفع السبابة, يقول أنا لك أنا الزعيم, أنا الفاتح أنا القائد العظيم, سباني وقد أحاطت به العساكر, يتمايل كأنه سكران أو متساكر, فأشحت عنه أبغي نجاتي, فغازلني عسى تلين قناتي, فزجرته عني فما ارعوى, وكلما خاطبني قلت كلب عوى, رقيع ما زلت أترقب موته, يدمن الحديث كمن يعشق صوته, كأنك إذ تراه في السيرك تتفرج, وتقول قد جاء البهلوان المهرج, في ثوبه تراقص الألوانُ, كالح الوجه كأنه الشيطانُ, وهل سمعت يوما ببهلوان فيلسوف, يُعَلّم الناس وعقله ذو كسوف؟ فإن المجنون خربش كراسا, جعله لسفاسف عقله كاسا, وأسمى بنات حمقه كتابا أخضر, فلا تسل عما فيه أحضر, كتاب يزدريه صبية المكاتب, ضحضاح فكر في أحط المراتب, تلقب الفاجر بملك ملوك إفريقيا, فأجدبت أرجائي فهي ترجو السقيا, بدد مالي كدأب السفهاء, وملّكني بنيه وغلمته البلهاء, دُعيت ليبيا حتى ابتليت بأحمق الزعماء, فخلع علي سيلا هجينا من الأسماء, فصرت أدعى جماهيرية عظمى, وهزلت حتى غدوت جلدا كسا عظما, فاستجرت بربي فقام فتياني, بأيدهم نفوسهم وألبستهم أكفاني, من الزاوية ومصراتة وأجدابيا, كل أتى يفدي عرض ليبيا, فجاء البهلوان بجيش الزنج, إذ لم يبق له سوى الأوباش منج, فهب إليهم بنيّ كأنهم أسود, يبغون موتا كريما أو يسودوا, فسرعان ما اضطروا الضب إلى جحر, وبطل ما كان يأتيه من سحر, فأطل من بنيانه الخرب, لينبئ أوباشه أنه قد حرِب, مرغيا سليط اللسان مزبدا, مزمجرا لبني قومه متوعدا, ونادى في فلول أوباشه مهلوسا, غنوا وارقصوا خاب سعيه وسا, وقال لأعطين السلاح مرتزقة الصحراء, حتى يحيلوا ليبيا جمرة حمراء, فعلمت أن زوال ليلي بزوال رأسه, وأني لن أحيا حتى يوارى في رمسه, فهب أبنائي من قِبل بن غازي, ليطهروا أرضي من كل مجرم جلواز, فهم اليوم على مشارف العاصمة, ليقذفوا المأفون بضربة قاصمة, وقد شهدت كتيبة حمراء ترفل في الحديد, تمشي إلى النصر بالعُدد والعديد, شعارها التكبير والتهليل, وزادها الذكر والترتيل, ولما دنوت من فتى مجاهد بسام, شاكي السلاح بلا درع ولا وسام, رأيته يمضي واثقا مترنما, جسورا ولذرى المجد متسنما, وسمعته يتمثل بذي الأبيات, يتوق لنصر يوشك أن ياتي:
غير منج من ذلتي وانكســـــــــــــــــــــــــــــاري خوف باغ ولا تزلف عاد
وبليغ صوت السيف إذا قيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــس بعي الحليم في كل واد
أغدت تلكم الكتيبة أم راحـــــــــــــــــــــــــــــــــــــت على جرْس قدها الفيّاد
يا صحابي قلوبنا تمقت الظلـــــــــــــــــــــــــــــــم فأين الخيول من أهل ضاد
ولما أن قد فرغ الراوي, دعونا على الفاجر الغاوي, ومن يومها وأنا أترقب الأخبار, وأقنت في الصلاة أستنصر الجبار, حتى يَخزى المجنون وتُحرق الخيمة, وتنقشع عن سماء ليبيا هذه الغيمة.