المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حول نازلة بدء تطبيق قانون حظر النقاب في فرنسا



د. هشام عزمي
04-19-2011, 05:55 PM
كتبه الأخ مهاجر حول نازلة بدء تطبيق قانون حظر النقاب في فرنسا :
فمن عجب أن المجتمع الليبرالي العلماني الذي يتبنى ثقافة التسامح مع كل شيطان مارد وزنديق مارق ، لا يتسع صدره ، حتى في مهد العلمانية لحق إنساني ضروري ، قبل أن يكون شرعيا ، فحرية اختيار الملبس مما قد تواطأ عليه العقلاء إجمالا ، ما لم يخدش حياء عاما ، بل القوم قد تواطؤا على ما يخدش الحياء العام والخاص ، فالإلزام في حقهم آكد ، فليس لهم أن يحتجوا بعرف ، فالعرف قد جوز ما يستقبح عقلا وحسا ، قبل أن يرد قبحه في الشرع ، فجوزوا العري بل قد جعلوه جزءا من ثقافتهم ، فإذا جوزوا ذلك لفساد الفطرة بل والذوق العام ، فتجويزهم لما يضاده مما يستحسنه العقل السليم أمر لا نكارة فيه ، لا سيما إن كانت المعادلة : معادلة الحرية المطلقة بمفهومها المطاط الذي يتسع لكل الأنماط حسنة كانت أو قبيحة ، إلا إن كان القبح قد عم فصار عرفا يأرز إليه المتشرع عندهم ليستدل به على حكم يرتضيه بهواه أو ذوقه فيكون قد نقض نظرية الحرية التي يتشدق بها ، فالعرف قد قيدها ، فالعرف الفاسد قد قيد حرية المنتقبة والمحجبة ولم يقيد حرية العارية ، فليس لهم إذن أن يحتجوا علينا فيصادروا حرياتنا بفرضهم أنماطهم الفكرية والسلوكية الشاذة علينا فرضا ، فلدينا نحن ، أيضا ، أعراف تلائمنا ، وإن كانت فاسدة في أعينهم ، فأعرافهم في أعيينا فاسدة ، ودعوى مقابل دعوى ، وذلك كاف في نقض نظرية الحرية المطلقة من أساسها ، دون حاجة إلى بينة يقيمها الناقض ، فكيف إن كان دليل الشرع المحفوظ وليس لهم منه حظ ، ودليل العقل فعقلاؤهم كهذا المتحدث :
http://youtu.be/enexvGNZVjg

وقد نقل كلامه بعض الفضلاء على شبكة الفصيح ومحل الشاهد فيه : في آخره ، وهو قوله : "نساؤهم أشرف من نسائكم !" ، فعقلاؤهم يقرون لنا بسلامة حجتنا من المعارضة ، ودليل الفطرة ، فالفطرة قد قضت بميل الأنثى بطبعها الهادئ إلى الاستتار وعدم الظهور ، وهو أمر ، تنادي به فئام من نساء أوروبا بعد أن ذقن طعم الحرية التي جعلتهن كلأ مباحا

ومن عجب أن هذه المجتمعات اللادينية ، كما تزعم ، فليس في الواقع أمة بلا دين فهو المعدن الرئيس للتصورات والمحرك الرئيس للهمم والإرادات ، وإن جحده من جحده من ملاحدة الأمم برسم المكابرة والسفسطة بإنكار بدائه العقل الضرورية فهم اول من ينقضون إلحادهم فــ : (إِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ) ، فيأرزون إلى الدين حال الشدائد ، ويأرزون إليه لحشد الأجناد في معارك الأبدان ، كما يحشدون به العقول في معارك الآراء والثقافات ، فمن عجب أنها في هذه المعارك ذات البعد الثقافي الديني تأرز إلى الدين الذي تزدريه بل وتقصيه عن واقع الحياة فليس إلا محض تصورات وجدانية خاصة لا أثر لها في الشأن الخاص أو العام ولكنها تظل حافزا رئيسا تستفز به بقايا الفطرة الدينية في نفوس البشر ، ولو كان الدين مبدلا ، فيحشد الرأي العام برسم الحفاظ على الهوية الدينية ، كما حشد ساركوزي الرأي العام في فرنسا دفاعا عن موروث فرنسا النصراني الكاثوليكي ، مع أنه من أصول يهودية ! ، ومع انتحاله العلمانية إلا أنه يحرص على التقاط الصور ، ولو من باب المداهنة للقوى الفاعلة في صناعة الرأي العام في فرنسا ، وهي القوى اليهودية كالعادة ! ، فهي التي أجبرت شارل ديجول بطل التحرير وزعيم فرنسا الأشهر في العصر الحديث على التنحي سنة 1969 بإثارة الاضطرابات أو استثمارها على نمط استثمارهم للثورة الفرنسية ، فيحرص على التقاط الصور مع حاخامات يهود في فرنسا ! ، وهو يمسك في يده ما يشبه الشمعدان عندنا في مصر ، وأغلب الظن ، والله أعلم ، أنه نموذج مصغر من الهيكل المزعوم ، فأي نقض لأصول العلمانية اللادينية أعظم من ذلك ، والمجتمع الفرنسي ، كما يحدثني بعض القرابة ممن يقيم الآن في فرنسا ، مجتمع يغلب عليه الإلحاد في فكره ، ويغلب عليه الانحراف في فعله ، فالمادة الثفاقية المفضلة هناك هي مادة الإلحاد والانحلال معا ، ففساد في القوة العلمية وآخر في القوة العملية ، على ما اطرد من تلازم القوتين صلاحا أو فسادا ، فالثانية : تأويل الأولى ولازمها الوثيق ، ومع ذلك يتميز هذا المجتمع الذي يفترض أنه قد تحرر من ربقة الدين والأخلاق ! من مائتي سنة أو يزيد والتحرر مئنة من عدم الاكتراث فليس عند أصحابه ما يتعصبون له من دين أو قيم ، ومع كل ذلك يتميز بعنصرية بغيضة ، ولعلها تعصب لإلحادهم وانحلالهم ، فلا يرضون عن المخالف إلا إذا شاركهم في قاذوراتهم الفكرية والحسية ، من باب : "ودت الزانية لو أن كل النساء زواني !" ، خلافا لمجتمع كالمجتمع الإنجليزي الذي يتميز رغم انحلاله ، أيضا ، بقدر أكبر من احترام الآخر لا سيما إن آنس منه تمسكا بقيمه فيحترم من يحترم دينه وخلقه وإن كان على ضد ما هو عليه ، فالإنجليز على أقل تقدير أكثر أصالة ، فماذا عند الفرنسيين الآن من الديانة التي يأرز إليها ساركوزي ليحذر المسلمين من استفزاز فرنسا ذات الجذور النصرانية الكاثوليكية ، إلا إن كان لا زال في النفوس مع فسادها بقية تعصب لديانة تمكن استثارتها وقت اللزوم لصد غارة الإسلام على القارة العجوز فكريا وماديا ، وكذلك القول في شأن الوزير الألماني :
http://www.islammemo.cc/akhbar/Africa-we-Europe/2011/04/12/121320.html

فعجبا ممن أذاقوا اليهود الويلات ، وسعوا في قتلهم وطردهم ، فعندهم من التعصب لجنسهم ما لا يخفى ، فكيف صارت اليهودية الآن جزءا من تصور ألمانيا ؟! ، مع أن الجالية الإسلامية هناك ، على الظن الراجح ، أكبر عددا ، لا سيما من تركيا فهي السواد الأعظم منها ، فلماذا تهمش جالية كبيرة كهذه صارت جزءا رئيسا من المجتمع الألماني كما هي حال الجالية الإسلامية في فرنسا فهي الأكبر في أوروبا ، ولماذا يرد الأمر في معرض التحذير والتنفير من الطرح الإسلامي إلى الدين النصراني والدين اليهودي ؟! ، لماذا لا يرد إلى العلمانية اللادينية التي يزعم القوم دوما أنها مرجعيتهم الفكرية الأولى ، أليس ذلك دليلا آخر ينقض فرية عدم تأثير الدين في الحياة ، ولو بصناعة الرأي العام ، أو اصطناعه إن شئت الدقة لمواجهة خصم قادم من الجنوب بتصور ديني صحيح وطرح فكري صريح لا تصمد أطروحات أوروبا المتهالكة أمامه ، فالدين شئنا أو أبينا هو المحرك الرئيس لنفوس البشر ، وهو أعظم ما تحشد به القوى المعقولة والمحسوسة وإن جحد ذلك من جحد من العلمانيين في الشرق والغرب .

فليس يجدي كثيرا ، والله أعلم ، ردهم إلى قاعدتهم من باب الإلزام :
http://almoslim.net/node/144610

فهو إلزام قد يحرجهم ولكنه لا يثنيهم عن عزمهم الأكيد على حرب الدين الصحيح .

والله أعلى وأعلم .