المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خبر مقالان أعجبني ما فيهما عن ذبول الفساد في مصر



إلى حب الله
04-28-2011, 12:16 PM
رغم أني قرأتهما على عجالة اليوم لضيق الوقت ..
إلا أني أرى فيهما فضحا ًدقيقا ًلذيول الفساد في مصر ..
بل ورؤوسه السابقة أيضا ً!!!..
وأعتذر مقدما ًإن كان في المقالين أي تجاوز أو خطأ لم أنتبه إليه ..
وأترككم مع القراءة لمَن شاء ..
-----
الجيش.. والاستفتاء .. والمحللون .. وهيكل.. وأرامل أمن الدولة
د محمد عباس
4/27/2011

أمران..
يومان..
انكساران..
هزيمتان..
أولاهما هي الحزن الأكبر في حياة الأمة..
وثانيتهما هي الفرحة الكبرى في حياة الأمة!!..
أما الأمر الأول.. اليوم الأول.. الانكسار الأول.. فهو هزيمة جيشنا الحبيب الغالي في يونيو 67 تحت وطأة عدم كفاءة قيادته وحماقة رئاسته وغطرسة سياسته ودهاء فيلسوفه ومنظره الأول-هيكل- الذي انقلب دهاؤه ليصير وبالا علينا، حيث اجتاح طوفان الألم الأمة وابتلعت الدوامة الهائلة نفوسنا الكسيرة المذهولة الحزينة المصعوقة ليصبح ذلك الألم – ألم الهزيمة- أكبر ألم شخصي في حياة كل من عاشه منا. كانت الهزيمة هزيمة كل شخص. وفي نفس الوقت كان كل شخص كأنه هو وحده الذي يحمل كل عار الهزيمة وذلها وألمها. ألم ما زلت أحس بلهيب حريقه في قلبي ومرارته في حلقي ودموعه في عيني وأنا أستعيده الآن وأكتب عنه.
أما الأمر الثاني.. اليوم الثاني.. الانكسار الثاني.. الهزيمة الثانية.. فقد كانت فرحتنا العارمة الكبرى.. وتحولت هي الأخرى إلى طوفان من السعادة الغامرة والنشوة العارمة حتى أصبحت أسعد يوم في حياة كل من عاشه.. كان ذلك يوم انهيار الشرطة المكلفة بكبح المظاهرات ومباحث أمن الدولة أمام الشعب.
كان الأول صوت ضمير الأمة ووجيب قلبها ومحط أملها وبؤرة ألمها فاستحق حبها واحترامها وفرحتها بانتصاره..
وكانت الثانية سوط الطاغوت على ظهر الأمة وجمر النار في قلبها فاستحق بغضها وازدراءها واحتفالها بتمزقه وانكساره
الجيش شرفنا وعزتنا وكبرياؤنا وسويداء قلوبنا وفلذة أكبادنا ( ولكن ذلك لا يعني أي حصانة له من انتقادنا).
أما الشرطة السياسية –خاصة- فقد كانت انتهاك شرفنا وذلنا وامتهاننا وأعدى أعدائنا حتى نشأ مصطلح جديد في علم السياسة اسمه الاحتلال الداخلي.. وهو أمر وأقسى وأخطر من الاحتلال الخارجي. وستظل صرخة أحمد من العريش تدمي قلبي وهو يقارن بين بطش وإجرام وقسوة أمن الدولة مقارنة بجهاز الأمن الإسرائيلي. لن تذهب من أذني أبدا نار صرخته: لولا الولاء والبراء لفضلنا إسرائيل (ولكن ذلك لا يعني استمرار مشاعرنا ضد من لم يدن منه رجال الشرطة بعد محاكمة عادلة).
أقول الشرطة السياسية لكنني لا أبرئ الباقين. مع احتجاجات أمناء الشرطة قال صديق في مرارة:
- معهم حق إذ يتمردون ويعترضون.. إذ كيف يعيشون بعد الآن.. أعرف بعضهم.. كان دخله يزيد عن عشرة آلاف جنيه شهريا من الإتاوات والبلطجة.. فكيف يتواءمون مع واقع جديد يحرمهم من ذلك.
نتكلم عن الشرطة غير السياسية..
فقط نضيف أن هؤلاء كانوا ملائكة أطهارا وزاهدين أخيارا بالنسبة للشرطة السياسية!.
وكما قلنا أن حبنا وتقديرنا للجيش لا يمنحه حصانة من الانتقاد.. فإن كراهيتنا واحتقارنا للدور الشرير الذي قامت به الشرطة عامة وشقها السياسي خاصة لا يمنعنا من تقدير كبير لمن يقوم بالعمل الحقيقى للشرطة. بالمفهوم الذي لا يبيح لأي شخص أن يقول أنه كان عبد المأمور لينزلق بعدها إلى ممارسات تعافها العصابات ويترفع عنها المجرمون.
***
يقتلني الرعب ويذهلني الفزع ويروعني الهول كلما تخيلت أن المؤامرات التي تدبرها الثورة المضادة بقيادة أمن الدولة قد تؤدي إلى فشل الجيش في مهمته. فالأمر ليس سهلا حتى لو خلا الطريق من العوائق والعقبات. فكيف يكون إذا لغمه ذلك الجهاز الإرهابي الخائن المجرم بالشراك والألغام والمتفجرات.
يقتلني الرعب..
أخشى أن أقول للقارئ المنهك مثلي أن الفجر قد لاحت تباشيره لكن النهار لم يجيء بعد..
إنني واثق أن الأمة إذا ما سارت في الطريق القويم ستتعافى بأسرع مما نظن جميعا.. لكن هذا لا ينبغي أن ينسينا أن التخريب الذي أصاب المجتمع أشد مما نظن جميعا. أو على الأقل فليس من رأى كمن سمع.. وليس من تخيل كمن باشر وعاين واكتشف. على أن أقسى وأشد درجات التخريب هي ما سحقت الإنسان نفسه. هي التي حولت المفكر إلى دجال.. والمثقف إلى عبد انتهازي يلعق حذاء سيده والطبيب إلى سمسار والقاضي إلى عادل عبد السلام والرئيس إلى رئيس عصابة والوزير إلى لص وضابط الشرطة إلى رجل عصابة وأمين الشرطة إلى بلطجي.
يظل الجيش هو القوة المتماسكة الوحيدة.. هو العمود الفقري.. وهو الدعامة الباقية لبناء بدونها ينهار كله. لذلك فإن خشيتنا عليه هي حرص على الأمة والدولة والحاضر والمستقبل. أما من يهاجمونه فهم أعداء الأمة والدولة والحاضر والمستقبل. ونستطيع أن نحصرهم في عدة فئات تتسم بعدم وضوح الحدود بينها:

1- الفئة الآولى: وتتركز في الجهاز المجرم: جهاز أمن الدولة، لا أقول فلوله، لأنني أظن أن هذا الجهاز المجرم ما يزال متماسكا وقادرا على تغيير اسمه ومظهره دون حقيقته وجوهره. وأنه يكمن كالسرطان كي يعاود الانتشار بعد حين.
2- الفئة الثانية: بقايا العصابة الحاكمة.. ولا أقول الحزب الوطني.. بل أقول عصابة على أعلى مستوى من الإجرام والخيانة.
3- فئة أولئك الذين دفعهم الأستاذ نظير جيد إلى مكان كنا نود ألا يكونوا فيه. ويضاف إليهم تلك النخبة الخائنة المنحرفة من أقباط المهجر مع قيادات داخلية تتمرغ في ملايين الفساد دون أن تطالها يد القانون.
4- فئة النخبة المثقفة: وهي لا نخبة ولا مثقفة، بل هي فئة مصطنعة بالكامل اصطنعتها مباحث أمن الدولة وعصابة الحزب الحاكم. وهي تذكرنا بإقطاع أوروبا في القرون الوسطى، حين كان للأمير الذي يملك الأرض ومن عليها يملك حق الليلة الأولى.. ويعني بها حق فض بكارة كل زوجة وقضاء الليلة الأولى معها. لقد قامت مباحث أمن الدولة بدور الإقطاعي.. وكانت جل النخبة المثقفة هي العروس.. مع اختلاف واحد فيما أظن وأحسب.. هو أن عروس الإقطاع كانت تبكي وتنتحب من أجل شرفها المثلوم.. بينما عرائس المثقفين كانوا يندفعون إلى الليلة الأولى في مباحث أمن الدولة في نشوة عارمة وهم يشعرون أن مستقبلهم الحقيقي بدأ. كان شرفهم مجرد بضاعة وكان بيعه صفقة وكان هدفهم دائما الحصول على أعلى ثمن في هذه الصفقة.. مقابل الشرف. كان اعتراف مباحث أمن الدولة بكاتب هو شهادة ميلاده وشهادة تخرجه وشهادة خبرته وشهادة سيره وسلوكه(لم أقل حسن سيره وسلوكه). كانت هي مسوغ التعيين الوحيد المطلوب.. فغيرها يمكن أن يصطنع أو يزور أو يدبر..
ولنستدعي هنا شهادة كاتب يساري اسمه أسامة عرابي في كتابه "فئران البراميل" و يقول الكاتب في مقدمته :
" في مصرنا المحروسة باللصوص والأفاكين الآن، نمطان لا ثالث لهما من الكتاب والصحفيين : أحدهما لا بد يعمل مع أجهزة الأمن التي تنهض بمهمة تعيينهم ودفعهم دفعا في سلم الصعود والترقي، بعد أن امحت تماما الحدود الفاصلة بين عمل المخبر الصحفي والمخبر السري. والنمط الثاني يستمد نفوذه وقوته من علاقاته المشبوهة بقوى كونية مهيمنة على مقدرات البلاد والعباد وهى - بلا ريب - أمريكا ومن ورائها إسرائيل. أما من ارتضى لنفسه الاختيار الصعب، وهو أن يعيش شريفا عفيفا، صاحب مبدأ وموقف، فمكانه الأوحد الانزواء في غياهب النسيان، أو الملاحقة والمطاردة في لقمة عيشه، والمقامرة بمستقبل أبنائه."
انتهى الاستشهاد.. ولو شئتم لأضفتم مئات الاستشهادات على رأسها شهادة الشيخ محمد حسان وشهادة أحمد بهجت-دريم- واللذان أقرا بأنه لم تكن تتم كبيرة ولا صغيرة في مجال الفكر والإعلام دون تخطيط وتدبير واصطناع أو على الأقل موافقة مباحث أمن الدولة.
كانت الدولة مسرحا وكانت مباحث أمن الدولة المخرج والمنتج والممول والقائمة بالمونتاج والتوزيع.
لم ينج منها أحد إلا أقل القليلين ممن رحم الله ووقى.
الكاتب الشريف من النخبة ليس هو –إذن- من نجا من أن تسمه أمن الدولة بميسمها.. بل هو من استطاع أن يحافظ على جزء من استقلاله فلم يتحول بالكامل إلى عميل مباشر مأجور لا يكتب إلا ما يؤمر به.
وليسمح لي القارئ أن أروي له طرفة توضح ما أريد أن أقول: إذ يذكر أن سائحا ذهب إلى تل أبيب.. وبدأ يتجول في المدينة في المساء.. وكلما مر بشارع تجمع حوله القوادون يعرضون عليه فتيات الهوى من كل الأعمار والألوان والجنسيات. ودهش السائح فسأل أحد القوادين:
- ألا توجد في هذه البلاد امرأة شريفة.
وأجابه القواد على الفور:
- يوجد يا سيدي بالطبع.. لكنك ستدفع فيها ثمنا أعلى بكثير!.
انتهت الطرفة..
لكننا نقول أنه يوجد في النخبة المثقة بعض الكتاب الشرفاء.. وثمنهم أعلى بكثير!!
أتحدث عن النخبة المثقفة التي تحتل –بكل معاني الاحتلال والاستيلاء والاغتصاب والخطف والابتزاز والغصب والفرض والإجبار- واجهة الثقافة في بلادنا من فضائيات وصحافة..
أما آلاف المثقفين المهمشين فإنهم هم الشرفاء حقا.
ولقد تحدثت في مقالات سابقة عن العبقرية الشيطانية لجهاز أمن الدولة في انتقاء أحط حثالات المجتمع وأدناها لكي يبوئها المناصب الثقافية الكبرى بل وجوائز الدولة التقديرية.. وأولئك ليسوا مثقفين أصلا.. دعنا من تواضع وظائفهم فإن ذلك لا يشين أبدا. المشكلة ليست في ذلك. المشكلة أنك حين تأتي بجندي وتعينه جنرالا فهو يدرك أنه جنرال عند من عينه فقط. أما عند باقي الناس فهو مجرد جندي بسيط. لذلك فإن ولاءه كله يكون لمن عينه. وليس للناس أو الأمة. إنه يدرك أن ولي نعمته لو تخلى عنه فإنه يعود جنديا كما كان ولا يأبه له أحد. أتساءل على سبيل المثال عن شخصين كمجرد نموذج أو مثل: أتساءل عن عبد الله كمال وسيد القمني.. هل كان يمكن أن يكون لهم أي مكان خارج مقاهي الصعاليك لولا دعم الجهاز الشيطاني لهم.
النخبة إذن ليست نخبة .. والمثقفون إذن ليسوا مثقفين.. بل إن معظمهم يتسم بقدر هائل من الجهل والسطحية.. وليس الجهل والسطحية فقط.. بل القدرة الهائلة على الكذب وارتكاب كل الجرائم دون أي تأنيب للضمير. لا يوجد في الأصل ضمير. وهم يعلمون أنهم صنيعة الجهاز الشيطاني.. لذلك لا يخرجون عن خطه أو حطته أبدا. إن مثقف أمن الدولة أكثر خطورة بكثير من ضابط أمن الدولة.
***
تنقسم النخبة المثقفة إلى طوائف منها:
1 - العلمانيون وقليل جدا منهم من يمكن اعتباره علمانيا فلسفيا أو فكريا.وأغلبهم ينتمي للفئة الثالثة.
2 - الليبراليون: وأقل القليل منهم من هم كذلك. وأغلبهم يصدق عليهم أكثر وصف المتحللين.
3 - الفوضويون الحداثيون وما بعد الحداثيون والصعاليك : وهم قلة قائدة تحمل المعنى الفلسفي للحداثة وما بعد الحداثة: وهي فلسفات مدمرة وشيطانية تماما ولا تحمل من اسمها أي معنى بل إن الإسم خادع جدا، وهي فئة أسقطت كل قيود الدين والعقل- وضع ألف خط تحت العقل- وهي تفوق البراجماتية في عفنها بمراحل كثيرة.
هذه الفئات عالية الصوت جدا.. وقد قدر المحامي الشهير عصام سلطان- وهو على خلاف شديد مع معظم التيارات الإسلامية.. وعلى علاقة حميمة باليساريين- عددهم بما لا يتجاوز مائتي فرد لكنهم لا يكفون عن التواجد المستمر في الفضائيات فتحسبهم كثير وهم قليل. أما الكاتب المتميز العميق محمد إبراهيم مبروك – وهو من أعمق الباحثين وأوسعهم اجتهادا .. أقول ذلك رغم ظلمه الشديد لتيار الإخوان المسلمين- إلا أنه يقدر عدد النخبة المنحرفة التي يسمونها مثقفة بما لا يتجاوز عشرة آلاف شخص.. بقضها وقضيضها.. بقياداتها وأفرادها وصعاليكها.
هذه النخبة هي التي تدير الآن معركة الثورة المضادة.. لقد اختفى الجهاز المجرم الباطش الجبار ليدير – من خلف ستار- المعركة بتحريك عرائسه, واختفت عصابة الحزب وراء أقنعة تنكرية.. وتصدت النخبة للثورة وهي تزعم أنها تقودها بينما هي تهدمها تماما.
وفي هذا الصدد توجد ملاحظتان هامتان وخطيرتان.. وأكرر كلمة خطيرتان مائة مرة.. ففيهما توجد ثغرات كثيرة للشيطان حتى عند المتقين.. كما أنهما قد يحملان تفسيرات لبعض ما يلتبس علينا وحلولا محتملة لألغاز لا نعرف لها حلا:
الملاحظة الأولى : لماذا ارتضت القيادة العليا متمثلة في المجلس الأعلى ورئاسة الوزراء أن تعيش وسط وكر الثعابين والحيات والأفاعي؟ ألا يدركون خطورتها على الثورة وعليهم؟ هل نظرهم أبعد منا؟ هل قرروا تركها لكشفها أملا في تجفيف منابع قوتهم بمنع المدد الشيطاني عنهم كي يسقطوا الواحد بعد الآخر كثمار عفنة؟ أم أن الأمر على النقيض: سذاجة المثاليات أو غرور القوة الذي قد يخيل للواحد منا أنه قادر على المواجهة وعلى الانتصار فلا ينتبه إلا بعد أن تلدغه الحية الرقطاء فيسرى السم في عروقه.. لماذا؟ بل ألف لماذا؟!.. لماذا جاءوا بواحد كيحيى الجمل كي يبث سموم الثورة المضادة في كل مجال يباشره. لماذا تبدو الضوضاء والشغب التي يثيرها هؤلاء الغوغاء والصعاليك مؤثرة على مراكز اتخاذ القرار. ألم تفطن الأجهزة الأمنية الحقيقية- وليست مباحث أمن الشيطان- إلى الروابط العضوية التي تربط هؤلاء بالخارج.. بالتحديد أمريكا وإسرائيل بالأصالة وأوروبا بالإنابة؟.. هل تم تعقب مصادر تمويلهم. ألم تخش مصادر اتخاذ القرار أن هذه الفئات ليس لديها مانع من تدمير الوطن كله في سبيل الاحتفاظ بمصالحها. وأنها لن تمانع من مذابح يموت فيها مئات الآلاف كي لا تكون الكلمة الأولى للشعب في صندوق الانتخابات. من تلك العصابة المجرمة ذلك الداعر الخسيس الذي ينشر الفاحشة بين المؤمنين الذي صرخ في عصام سلطان "لابد أن نظبط البلد أولا" وهو يعني حرمان الشعب من حكم نفسه ومنع الإسلام ونشر الفاحشة. وليس ذلك غريبا عليه فهو التلميذ النجيب لأستاذه المخرج الأشهر مورد الفتيات لأبناء الحكام.
يقول عزمي بشارة : أخشي أن مسار الثورة في مصر ينحرف ليصير مثلما حدث في الجزائر ،، النظام خرج من الباب و التف ليدخل من الشباك .
النظام القديم هم هذه الفئة المنحرفة التي تزعم أنها نخبة ومثقفة.. ولا هي نخبة ولا هي مثقفة.. هم مجرد عملاء وخونة وتعساء وصعاليك. دعكم من انحرافهم السياسي.. ابحثوا عن ملفاتهم في نيابة الأموال العامة ومباحث الآداب!.
الملاحظة الثانية وهي لا تقل خطورة عن الأولى: هو أن الثورة المضادة.. وإن بدت تهاجم الجيش هجوما سافلا ظالما منحطا بذيئا.. إلا أن أملها كله ينحصر فيه.. إذ أن ما يرعب هذه النخبة الضائعة الخائنة أن تؤول الأمور إلى شعب لم ينجحوا أبدا في التواصل معه ولا في الحصول على إعجابه أو حتى احترامه. فلو آل الأمر إلى الشعب حقيقة وامتلك ناصيته بيده لانتقل جل هؤلاء من مقاعد النخبة إلى أقذر سلال قمامة التاريخ. الأمل الوحيد لهؤلاء أن يستمر الحكم العسكري بشكل مقنّع. فالحكم العسكري هو الذي يحميهم من الهزيمة الساحقة في صناديق الانتخاب. لذلك فهم يريدونه بشرط أن يكونوا هم الواجهة والقناع. أن يكونوا هم المرأة الشريفة ذات السعر الأغلى.
يقول الكاتب القبطي الرائع د. رفيق حبيب:
"والحقيقة أننا بصدد بعض النخب التي تصور الدولة المدنية تصورا يجعلها دولة الحكم بالوصاية على الناس، أي دولة دينية ثيوقراطية، دينها العلمانية، وتريد هذه النخب من الجيش أن يحمي مشروعها. وتلك مفارقة، فبعد ثورة شعبية رائعة، يريد البعض بناء ديكتاتورية جديدة، تحت عناوين مضللة، مثل عنوان الدولة المدنية، الذي يراد به عكس ما يفهم من معناه، فكيف تكون الدولة مدنية، ويفرض فيها الوصاية على الشعب، ويحمي الجيش هذه الوصاية المفروضة على الناس؟" راجع المقال في الرابط التالي:
http://www.almesryoon.com/news.aspx?id=54928
***
أظن أن نصيحة جاءت من الشيطان تنصح الثورة المضادة بعدم التهور والتورط بمواجهة الثورة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة وعصام شرف:
- لا تحاربوهم ولا تجادلوهم كثيرا.. فقط عليكم أن تتيحوا الحرية للنخبة العفنة الطافية على مجرى نهر الثقافة والسياسة الآسن.. تلك النماذج العفنة التي يربيها الشياطين منذ أكثر من ستين عاما..أطلقوا العنان لتلك النخبة العفنة وهي ستتكفل بتمييع كل شيء وبتضييع كل شيء.. لقد انهزمت الشرطة بكل جحافلها وبطشها وقسوتها في يوم أو بعض يوم.. أما هؤلاء المثقفون فهم صامدون منذ ستين عاما..وسيظلون صامدين طالما يواجهون بالفكر وبالجدال.. لن تخرسهم حجة.. ولن يهزمهم منطق.. لن يهزمهم إلا بوليس الآداب ونيابة الأموال العامة ثم التحري الدقيق عن علاقاتهم بالأجانب..
هذه النخبة السافلة ترفض الديمقراطية التي تتشدق بها..
إنها تطلب ديمقراطية تأتي بها.. فإن أتت بسواها فهم أول أعدائها
***
لقد خطر ببالي بعد ما سقت من أدلة على ضابط أمن الدولة ومثقف أمن الدولة وحق الليلة الأولى للإقطاعي أن مثقف أمن الدولة الآن كأرملة مات زوجها ..
قلت لنفسي-جادا- أنهم ظلوا طوال العقود الماضية يمثلون ديكور المعارضة الذي صنعه النظام وحدد مواصفاته. كانوا هم من أهم أعمدة النظام. والآن بعد الثورة.. يقفزون كالجرذان.. كلما سددت ثغرة اندفعوا من حفرة أخرى وامحت الفواصل بين شاشات الفضائيات وصفحات الصحف التي يطلعون عليها وبين حفر المجاري التي يقفزون منها. يتدفعون ليزعموا أنهم هم الذين قاموا بالثورة.. ( هل رأيتم من قبل في التاريخ كله ثائرا يتقاضى 11 مليون جنيه مرتبا سنويا من النظام الذي ثار عليه.. وما خفي كان أعظم) .. نعم ظلوا يمثلون ديكور المعارضة والآن يندفعون ليزعموا أنهم هم الثوار.
قلت لنفسي- ساخرا- أن القياس من مصادر الفقه.. وأن المسألة وإن كانت غير فقهية إلا أنه يمكن القياس عليها.. فكيف تحول أرامل أمن الدولة في يوم وليلة إلى أمهات للثورة.. ألا يوجد موعد للحمل وللجنين وللولادة..
ثم كيف انتقلوا فجأة من أرامل أمن دولة إلى أمهات للثورة دون قضاء فترة العدة.
ألم يكن عليهم أن ينتظروا ثلاثة قروء حتى ينقلوا ولاءهم من هذا لذاك.. عشقهم من هذا لذاك.. انبطاحهم أمام هذا لانبطاحهم أمام ذاك؟
لقد انتقلوا فجأة من تمثيل دور المعارضة لنظام مبارك إلى محاولة تمثيل دور المعارضة للجيش..
فماذا إذن عن الحمل المستكن في أحشائهم من النظام السابق؟.
إنهم يزايدون على الجميع حتى لتحسب أنهم هم الذين قاموا بالثورة.
لا أيتها الطفيليات العفنة التي اقتاتت على فضلات وفتات الطاغوت حتى أوشك على التلاشي فاندفعت بحرصها العارم على الحياة الدنيئة تبحث عن طاغوت جديد تتطفل عليه.
وفي مزايدتهم تلك .. وفي نفس السياق تصنعوا أنهم يهاجمون الجيش.. تماما كما كانوا يمثلون دور المعارضة للطاغوت بينما كانوا من أهم أركانه.
إلا أن الأمر لم يكن بهذه البساطة.. كانوا يريدون إرغام الجيش على السير في الطريق الذي يرسمونه له.. وإلا أطلقوا عليه ألسنتهم القاذفة المسعورة.. إما أن تفعل ما نريد أو نشعل النار حولك من كل مكان.
إنهم يتصنعون ويزعمون أنهم لا يريدون السياسة الحالية للجيش. وأنهم يريدون أن يستمر عامين بشرط عدم اللجوء إلى صندوق الانتخاب قبل أن "يظبطوا البلد"!!.
وهم لا يريدون ذلك حقا.. بل إنهم يريدون أن يلغى الجيش الديمقراطية الحقيقية وحكم الشعب.. وأن يقدم لهم مجرما آخر كمبارك وأن يكونوا هم الحاشية الجديدة وأن يكون الأمر مجرد استبدال لص بلص على أن يستمروا هم في حاشية اللص الجديد.
قلت لنفسي-ساخرا- أنهم يقومون بدور المحللين.
ولا أقصد بلفظ المحللين هنا الاسم المشتق من الفعل: حلل يحلل تحليلا فهو محلل وهي محللة وهم محللون وهن محللات وحلل الشيء أي جزأه وفك معانيه ومغازيه وجعله بسيطا . لا أقصد هذا المعنى للتحليل. بل أقصد المعنى الآخر. المعنى القذر النجس لكلمة المحلل. معنى الديوث. الديوث الذي يقوم بارتكاب الفاحشة بقناع الشهامة والبراءة وتقصى الحلال بينما هو يزني ويسوغ للزنا!. قلت لنفسي أنهم يدركون أن الأمة طلقت نظام الطاغوت الجبار طلاقا بائنا لا تجوز بعده لطاغوت آخر إلا أذا أسلمت زمامها لآخر يذوق عسيلتها.. فئة المحللين تريد أن تقوم بهذا الدور الآن. دور المحلل الذي يسوغ انتقال السلطة بعد مبارك إلى طاغوت آخر.
إن ثقتنا في الجيش والمجلس الأعلى هائلة- ولكنها ليست مطلقة-.. ولكن ذلك لا يطمئننا.. إذ ما يدرينا.. أن هؤلاء المحللين.. بما يملكون من دعم أجنبي وخطط أمريكية إسرائيلية يرتبون لشخص خائن- كما رتبت من قبل كثيرا ونجحت غالبا- في تحديد من هو الرئيس القادم.
هذا هو حلم النخبة المثقفة التي تقود من أجله الثورة المضادة الآن.
ليس مجرد العداء للإسلام ما يحركهم.. وإنما العداء للأمة كلها.. وهو ما تبدى منهم بعد أن خذلتهم الأمة في الاستفتاء فانكشف ما كانت تخفي صدورهم من غل وحقد واحتقار لأمة تحتقرهم.. والاستكبار على أمة تحتقرهم.
ولكم كان محزنا أن رئيس الحزب الوطني الجديد- قبل أن تلغيه المحكمة- شارك في محاولات الغواية تلك عندما طالب بأن يكون الرئيس القادم عسكريا.
لم يختلف الأمر إذن عما نتوقع..
سوف يقود الحزب الوطني الجديد الثورة المضادة تحت توجيه كامل من أمن الدولة تحت غطاء كامل من الموساد والسي آي إيه.. سوف تتركز المحاولات في إقناع الجيش أن يحكم.. هم يعلمون أن المجلس الأعلى أعقل وأحكم.. لكنهم- وهذا خطير- يقدمون الغواية لمن ينقلب من داخل الجيش على المجلس العسكري ذاته.
هذه الغاية هي المطلب الحقيقي للثورة المضادة التي تهاجم الجيش وتشهر به.
ليس أنها ضد الإسلام فقط.. ولا لأنها ضد الإخوان المسلمين أو السلفيين. بل لأنها ضد صندوق انتخاب يفضحها ويخزيها ويكشف حجمها الهزيل.
لن تتورع الثورة المضادة بكل أحاييل الشيطان على إثارة كل أنواع الفوضى والتخريب حتى ترغم الجيش أن يحكم.
لن تتورع عن ذلك.. ليس لمجرد أطماعها الخاصة.. بل لأن هذا بالضبط هو ما كلفوا به من رعاتهم ومموليهم من الخارج. وليت القارئ يراجع بروتوكولات حكماء صهيون ليعرف تفاصيل ما تقوم به هذه الفئة الضالة المضلة. هذه الفئة التي فضحها الاستفتاء الأخير.
***
مرة أخرى.. وأرجو ألا أضطر إلى تكرار ذلك كل مرة.. فإنني أحترم الحق الإنساني في الخطأ وأضرب عليه الأمثال بالقرآن والحديث والتراث الإسلامي والإنساني.. ولا تثريب أبدا على من يجتهد فيخطئ. وأنني لا أهاجم أبدا أحدا من هؤلاء. هجومي كله منصب على غالبيتهم العظمى الذين لا يتورعون عن أحط أنواع الكذب وأخس أنواع الخداع وصولا إلى مآربهم.
احتقاري أيضا منصب على أولئك المرتبطين بالخارج ينفذون مهمة محددة. وللأسف على رأس هؤلاء: اليساريون والليبراليون والعلمانيون.. كانوا قد ملئوا العالم ضجيجا أنهم الأغلبية حتى جاء الاستفتاء الكاشف الفاضح المذل.
لا أهاجم أي مخلص مهما كان خطؤه..
وأواجه كل خائن كذاب مهما كان بريق الهالات المصنوعة حوله.
***
سوف أضرب لكم مثلا واحدا كي أوضح لكم خطورة هذه العصابة التي لو أفلحت أجهزة أمننا لضبطتها متلبسة بما يستوجب محاكمتها بالخيانة العظمى. نعم هي عصابة. وتنظيم سري بالغ الدقة والحسم والتنظيم والسيطرة على أعضائه. وهي متصلة بالخارج. وهي تنفذ مخططا أجنبيا. ومقابل مال ومنصب. وهي تتأمر على الأمة وعلى الدولة وعلى الجيش وتريد "تضبيط الدولة" كي تكون على مقاس أمريكا وإسرائيل.
مثل واحد: عندما انهارت مقرات أمن الدولة وأخرجت أوكارهم أثقالها من الملفات.. وكان فيما وجدوه قسم هائل للفضائح المشينة من شذوذ وانحلال وفسوق وعلاقة مفتوحة مع زوجات الأصدقاء والعكس صحيح. هنا أعمل التنظيم قبضته الحديدية فلم يُكشف عن علاقة وحيدة رغم أن من عيوب مجتمعنا ولعه بالفضائح. ولا علاقة واحدة انكشفت. ولا فضيحة واحدة انفجرت. فهل تعلمون لماذا؟
لأن هذه الفضائح كانت مقصورة على هذه النخبة..
..هذه هي النخبة المتحكمة في الإعلام!!.
***
لقد كانت نتيجة الاستفتاء كارثة سحقت المحللين وكشفت أمرهم أمام الداخل والخارج.. لقد فقدوا أمام الخارج الذي يجزل لبعضهم العطاء كعملاء قادرين على حماية مصالحه وتنفيذ أغراضه. كما فقدوا قيمتهم بعد افتضاح وزنهم الحقيقي بعد الاستفتاء. إن نسبتهم ليست 22% كما قالت نتائج الاستفتاء بل هي 11% فقط. ذلك أن الـ11% الباقية تخص إخوتنا النصارى خاصة أتباع الأستاذ نظير جيد والأنبا ساويرس. لأنه إذا كان عدد الأقباط في مصر يقل عن خمسة ملايين –تبعا لكل التقديرات العالمية- فإن كتلتهم التصويتية تكون في حدود مليونين. المليونان الآخران لا يمثلون كتلة النخبة أو الثورة المضادة. بل يمثلون كل من استطاعت النخبة خداعهم وغسيل مخهم بعد السيطرة الكاملة على كل وسائل الإعلام لأكثر من نصف قرن. جلهم أبرياء تم خداعهم. ولو امتلكت الثورة والثوار ربع أجهزة الإعلام التي تملكها الثورة المضادة لما ظفروا بهذه النتيجة أبدا.. ولظلوا في حجمهم المعلوم.. بضع مئات أو بضعة آلاف. فقط. لا غير. لا يزيدون بل ينقصون.
كان الاستفتاء الأخير كارثة فقدوا بعدها عقولهم واشتد سعارهم وسقطت أقنعتهم وتخلوا عن حيطتهم في تغطية أغراضهم.. وبدت المعركة التي يخوضونها يائسة تماما لكنهم يرفضون الاعتراف بذلك.
لقد كانوا هم الأعمدة الراسخة للفساد فلما قامت الثورة ركبوا الموجة وزعموا أنهم أعمدة الثورة .. هؤلاء الذين وصفهم الدكتور أحمد عكاشة بقوله: الشباب ضحوا بأنفسهم في الثورة والذين لم يفعلوا شيئًا خلال 30 عامًا ركبوا الموجة.
تخيلت هذه العصابة المنحرفة وهي تتكالب على مسكين سقطت منه أموال محفظته في الزحام .. فتكالبوا عليها كل منهم يدعي أنها تخصه حتى عجز صاحب المحفظة المسكين عن الحصول على حقه. هكذا تفعل هذه الفئة المنحطة بالثوار. يسرقون ثورتهم.
قلت لنفسي أنه من المؤكد أنه بعد إلغاء دور البغاء في مصر فإن العاملات في هذه الدور رفضن لوقت طويل الاعتراف بأن زمانهن انتهى.. تماما كما تفعل النخبة الآن.
إن الثورة المضادة تخوض معركتها التاريخية الأخيرة. المعركة التي بدأها المعلم يعقوب الخائن وما زالت مستمرة منذ أكثر من قرنين. المعركة بين الوطنيين والخونة. بين الأصالة والعمالة. بين التعريب والتغريب والتخريب. بين بناء الأمة وهدمها وبيعها. لقد فشلوا في القضاء على الإسلام بقوتهم كاملة: التدخل الأجنبي وأمن الدولة والأمن المركزي وعصابات الحكم.. فكيف يأملون في تحقيق انتصار بعد أن فقدوا جل قوتهم. ذلك هو المأزق الذي دفعهم إلى السعار الذي هم فيه الآن..
معركة أخيرة..
والانتصار فيها مستحيل..
لكنها معركة حياة أو موت..
لذلك لن يكفوا أبدا.
***
نعم.. كانت نتائج الاستفتاء الأخيركارثة عليهم.. نجح فيه من نجح ورسب من رسب واستحق الفصل النهائي آخرون..
***
الناجحون:
1- نجح الشعب المصري في جميع المواد بامتياز مع مراتب التضحية والشرف والاستشهاد.
2- نجح المجلس الأعلى للقوات المسلحة في معظم المواد بامتياز مع مرتبة الجدية والنزاهة والاحترام، إلا أنه لم يختبر في بعض المواد لأسباب لا نعرفها.
3- نجح الدكتور عصام شرف بامتياز مع بعض القلق لقدرته –صحيا وعصبيا وليس ذهنيا- على اجتياز الامتحانات التالية.
4- نجح الدكتور طارق البشري بامتياز مع درجة الوقار والكبرياء النبيل. ونجح المستشار صبحي صالح مع مرتبة الذكاء الحاد لدرجة الإبهار. كما نجح أعضاء اللجنة جميعا بامتياز.
5- نجح الدكتور صفوت حجازي نجاحا مزدوجا مذهلا في براءته وبراعته وعمقه وصدقه.
6- نجح الإخوان المسلمون في معظم المواد بامتياز وفي الباقي بدرجة جيد جدا، لكنهم أخفقوا في مادة مواجهة وقاحة العلمانيين ودنس المحللين بما تستحق من زجر وتسفيه وتنكيل.
7- نجح السلفيون في بعض المواد ولهم ملحق في مادة الخبرة السياسية ورسبوا في مادة الدهاء.
8- نجح موقع العرب نيوز بامتياز في عرض وجهة النظر الرصينة الشاملة الحاسمة.
9- نجحت صحيفة المصريون الإليكترونية بدرجة جيد جدا وعوضت بعض إخفاقاتها السابقة.
10- تعرض حزب العمل لنكسة نرجو أن يتجاوزها.
11- نجح بعض النصارى بامتياز.. خاصة الذين لا يتبعون الأستاذ نظير جيد والأنبا ساويرس(...) .
12- نجح جل القضاة والجيش.
***
الراسبون
1- جميع المرشحين لرئاسة الجمهورية الذين الذين أثبتوا أنهم منفصلون عن الأغلبية الكاسحة ولا يجوز أن يرأس واحد من الأقلية ضد رغبة الأغلبية ولا أن يقود شعبا وهو يسير في الاتجاه المعاكس.
2- عمرو موسى يرسب مرة ثانية. لقد فضحت وثائق أمن الشيطان أن أمرا وجه إليه أن يذهب إلى ميدان التحرير ليقنع شباب الثورة بالانصراف. ولقد ذهب بالفعل. لكنه عند انفجار الفضيحة دافع عن نفسه بالسلاح الذي لم يجد استعمال غيره طول عمره: بالمناورات اللفظية. فقد قال أنه وصلته معلومات أن الشباب سيتعرض لهجوم كهجوم 2 فبراير. فأصر على النزول للميدان لأن وجوده سيمنع ذلك الهجوم. لو أنه اعتذر بضعفه الإنساني لكان أفضل له. كانت المناورة اللفظية كريهة جدا.. واسعة جدا.. كاذبة جدا. كشفت لنا.. أو لي على الأقل.. أنني لو انتخبته فسوف أنتخب رجلا لا يجيد إلا تجارة الكلام. وهي تجارة توهمنا أنها ربحت عندما كان وزيرا للخارجية. لكننا اكتشفنا خسائرها الفادحة عندما أصبح أمينا للجامعة العربية. فهل نأمل منه إلا الأسوأ؟..
3- رسب التليفزيون المصري في جميع المواد مع وصمة الفضيحة من الدرجة الأولى ووشاح الدعار والداعرات على دعارته الفكرية والإعلامية.
4- رسبت الصحافة كلها.
5- عمرو خالد: راسب مع مرتبة الأسى والرثاء والدهشة مع حرمانه من مرتبة المجتهد المخطئ ومنحه وصام(كلمة منحوتة من وصمة) البحث عن ترخيص من العلمانيين.
6- معز مسعود: راسب دون ذكر أسباب الرسوب. كذلك رسب وائل غنيم.
7- الدكتور حسن نافعة: جاءت إجاباته من خارج المقرر واتسم بقدر مذهل من السذاجة. فشل في توقع أي شيء صحيح. مذهول من البديهيات مشدوه من الواقع محلق زاده الخيال والأفكار الخاطئة . بدا في أحيان كثيرة مصرا على الفشل. مثل دون كيشوت. كنا نتمنى أن ينجح.. لكنه أبى.. مع سبق الإصرار والترصد.
8- أسامة سرايا.. مجدي الجلاد.. عبد الله كمال.. مجرد وجودهم ولو في قوائم الراسبين إهانة للقائمة كلها.
9- يحيى الجمل: بكى كثيرا على أحمد شفيق.. والأولى –رحمة به- أن يذهب معه. لم يكتف بالرسوب وإنما يقود الثورة المضادة. حتى بعد أن أمر شنودة أتباعه بعدم إثارة موضوع المادة الثانية فإنه مايزال يثيرها. هل يتعمد إثارة الفوضى وإشعال النار ووضع العقبات أمام الجيش؟ هل يقدم قريانا لسيد له لا نراه؟ هل يسدد دينا قديما؟.. أو يقدم عربونا لوضع قادم؟!.
10- معظم الصحافيين والكتاب من النخبة الطافحة على سطح المجتمع كما يطفو السمك الفاسد على سطح الماء ينطبق عليهم قول صاحب قناة دريم: أحمد بهجت الذي اعترف بأنه لا يوجد صحافي ولا برنامج ولا معد ويمكن أن نضيف إليهم ولا كاتب كان يمكن استمراره دون موافقة إيجابية أو سلبية من أمن الدولة ( صحيفة الشعب دليل على ذلك.. والتي أغلقت لأنها أبت أن تحصل على ترخيص بكتابة لا تختلف عن الدعارة). ما نواجهه إذن ليس فكرا.. وإنما صراعا بين اللصوص.. احترقت مباحث أمن الدولة واختفى وجودها الظاهر فكان على مثقفي أمن الدولة استلام الراية المدنسة.
11- عمر حمزاوي.. علاء الأسواني.. وائل قنديل: حرمان بسبب الغباء السياسي..
12- عمرو حمزاوي مرة أخرى.. شن حملة كاسحة على المساجد دون أن يدرك أنه كمن ينظر إلى أعلى ويبصق. سوف تعود البصقة إليه!. ولكن ذاكرته الضعيفة جدا جعلته في اليوم التالي يكتب مقالا جياشا بعاطفة ملتهبة متحدثا عن لقاء سياسي عقد في الكنيسة!.
13- محمد حسنين هيكل: ضبط متلبسا- كالمتوقع-بالغش والتزوير.. ففي سبيل ثأره وثأر صاحبه الذي غوى من الإسلام زعم كذبا أن المادة الثانية للدستور هي المصدر الوحيد (وأغفل الكلمة الحقيقية وهي الرئيسي وليس الوحيد) وذلك كي يبرر مطالبته بتعديلها أو بإلغائها. ترى هل يقدم قربانا هو الآخر؟ . هيكل.. المغرم بالبلاغة.. والذي قطع بالفعل فيها شوطا بعيدا.. لكن في الفترة الأخيرة جفت ينابيعه.. أصبحت تشبيهاته فجة جدا ومسطحة جدا.. في تشبيه أخير له لشباب الثورة قال أنهم كرائد فضاء وصل إلى القمر فلما سألوهم ماذا تريدون ؟ أجابوا: نريد كيلو كباب. هذا التشبيه جدير بعادل إمام.. بل هو بالضبط ما ورد في فيلمه الإرهاب والكباب.. يا للانحدار يا هيكل.. سوف أرد عليك بتشبيه قديم لك قبل أن تجف ينابيعك.. في تشبيه مماثل قلت أن الانحدار في مصر بين عبد الناصر والسادات كان يشبه السقوط من قمة سيمفونية لبيتهوفن إلى رقصة على (واحدة ونص!).. يا هيكل: أنت الذي ترقص الآن على (واحدة ونص)! ربما لأنها معركتك الأخيرة التي تعلم علم اليقين أن الانتصار فيها مستحيل وأن أقصى آمالك هو أن تؤجل الهزيمة الكاملة الشاملة لمشروعك الفكري الذي ظللت عمرك كله تروج له خمسة أعوام تزيد قليلا أو تنقص قليلا. كنت تتحدث طوال الفترة الماضية عن بحر السياسة الذي جف في مصر .. الآن نكتشف أن البحر الذي جف هو بحرك يا هيكل! في حديثه أيضا قال هيكل عن المجتمع المصري أنه مجتمع ربعه أو خمسه مسيحي! ولم أعد أهتم بدرجة الدقة أو الصدق في أحاديث هيكل.. لقد اكتشفت –بل أصبحت أستمتع- عندما أقرأ أو أستمع له بأشد درجات الكذب أناقة وتماسكا.. لكن المشكلة أن ذاكرته ضعفت.. فبناء على إحصائيته الحالية وباعتبار تعداد السكان حوالي 85 مليونا فإن تعداد النصارى يتراوح بين 17 مليونا و22 مليونا.. ! لا بأس يا لورد هيكل!.. لا بأس.. رغم إحصائيلت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وتقديرات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أن عددهم لا يتجاوز أربعة ملايين فلا بأس.. ورغم يقيني أنك يا لورد هيكل .. يامن تملك من وثائق الدولة أكثر مما تملك الدولة نفسها.. وأنك تستطيع.. وأنك تعلم علم اليقين العدد تماما.. حتى أنني أظن أنك لو أردت لقلت أن تعدادهم أربعة ملايين ومائة وسبعة وستون وخمسمائة وأربعة وثلاثون نصرانيا.. لكن دعنا من ذلك كله.. لقد قلت منذ عام واحد فقط أن تعداد النصارى في مصر هو بين عشرة ملايين وخمسة عشر مليونا.. ثم استدركت بسرعة مضيفا كلمة عجيبة هي : (على الأقل).. ويومها علقت على حديثك بدهشة.. وذكرتك بدرس بدائي في علم الإحصاء لا بد أنك تعرفه.. فإنك تستطيع أن تقول على الأقل لو ذكرت رقما واحدا أنه يمثل الحد الأدنى.. أما إذا ذكرت متوسطا أو مدًى فإنك لا تستطيع أن تقول بعده: على الأقل!.. ثم أن الفارق بين الرقمين مضحك.. إنه يساوي عدد سكان الخليج العربي كله! لكن دعنا من هذا أيضا.. لأن حديث هيكل لو صدق يعني كارثة هائلة.. لقد كان إحصاؤه منذ عام أن عدد النصارى من 10-15 مليون (على الأقل) .. أما إحصاؤه هذا العام فهو أن عددهم من 17- 22 مليونا.. وهذا يعني أن عدد النصارى قد زاد سبعة ملايين في خلال عام واحد.. أي أن عددهم يزيد بمعدل الثلث سنويا –بل أكثر من الثلث- .. أي أنهم يتضاعفون كل ثلاثة أعوام.. فإن كانوا هذا العام –طبقا لتقديرات الكاتب الكبير الشهير – 22 مليونا فسوف يكونون عام 2014 أربعة وأربعين مليونا.. وفي عام 2017 ثمانية وثمانون مليونا وفي عام 2023 328 مليونا وفي عام 2029 656 مليونا وفي عام 2035 أكثر من مليار وثلاثمائة مليون!! يا إلهي.. هل يعي هيكل ما يقول؟ أو هل أعي أنا ما يقول أسطورة الكذب الأنيق وفنان تلوين الباطل بألوان الحق والحق بألوان الباطل؟ .. هل هو كما هو.. ألا يحتمل أن يكون قد تحول إلى إرهابي وأنه يتآمر على النصارى فمثل هذه الأرقام لو صحت لاستلزمت أن تقوم الأمم المتحدة بعمليات إخصاء وتعقيم شاملة للنصارى!.. أو أن تفرض عليهم الحظر الجنسي بموجب الباب السابع!.. فمثل هذه القدرة على التكاثر لا تهدد المسلمين فقط.. ولا مصر فقط.. بل تهدد العالم.. وعلى من لا يصدقني أن يواصل حساب عدد النصارى بهذا المعدل للتكاثر حتى يصل إلى عام 2100!!
المشكلة أن عددا كبيرا من النخبة يتصرف تصرف الحكام العملاء الذين يعرفون أن الطريق إلى قلب أمريكا يمر بإسرائيل. هذه النخبة تعرف أن الطريق إلى إرضاء المجتمع الصليبي الصهيوني يمر عبر نفاق النصارى وتضخيم عددهم.. فذلك هو سبيلهم للمجد والشهرة والجوائز..أو على الأقل للاستقرار. تتنافس النخبة والصحف والفضائيات في نفاق النصارى إذن.. لكن هيكل يثبت مرة أخرى أنه الكاتب الأول!! منذ قديم ألف هيكل مذهبا جديدا في الديمقراطية لم يأت بها أحد قبله ولن يأتي بها بعده أحد. ديمقراطية الموافقة! ديمقراطية أن يتخذ عبد الناصر القرار منفردا لكن الشعب يوافق عليه!! الكاتب الأول يبتكر شيئا جديدا لإعداد الدستور. الكاتب الأول الذي ظل طوال عمره يفزع من صندوق الانتخاب ويولي منه فرارا وقد امتلأ رعبا . هيكل يخشى من دستور تعده لجنة منتخبة فتبدع قريحته عجيبة من عجائبه.. إذ يطالب بـ: "لجنة توافقية" .. لكن من الذي سيعين اللجنة التوافقية وقد مات جمال عبد الناصر وشبع موتا. هل سيعينها هيكل نفسه؟!.. هيكل –الذكي جدا- في محاولته للتخلص من محنة صندوق الانتخاب أبدا يبتكر بدعة اللجنة التوافقية . وهو يعني باللجنة التوافقية –مهما تجمل واستتر وتقنّع- تصنيع طاغية آخر واتحاد اشتراكي آخر وتنظيم سري آخر.. المهم أن تدار الأمور بعيدا عن صندوق الانتخاب. بعيدا عن الشعب.
رغم أي هجوم على هيكل لابد أن نعترف أن ذمته المالية لم يثر حولها غبار كثير.. وأنه رد بقوة على كل ما أثير. لكنني في الوقت نفسه كنت أتساءل في دهشة عن كيفية تحول بعض أبنائه إلى فئة المليارديرات.. كان عندي دائما يقين بارتباط هذا الحجم الهائل من الثروة بالفساد ارتباطا لا يقبل الانفصام. وكنت أقول لنفسي دائما: سواء اشترك هيكل أم لم يشترك فهو مسئول .. على الأقل بوجوب الاعتراض العلني.. كما أن مسئوليته عن أبنائه توازي مسئولية مبارك عن أبنائه. كان عليه أن يمنعهم من استغلال أنهم أبناؤه.
منذ أيام حول النائب العام أحد أبناء هيكل إلى محكمة الجنايات بتهمة الفساد والتواطؤ للاستيلاء على المال العام.
أظن أن انتشار الفساد بصورة هائلة قد جعل هجوم الطاغوت على هيكل غير ممكن.. فلو أنه اتهم هيكل بدينار لفضح هيكل استيلاءه- أي الطاغوت- على ألف دينار..
كان الأمر توازنا يعتمد على الفساد..
فلما جاءت حكومة شريفة.. ومجلس أعلى شريف.. لا يخشون من أن يفضحهم لسان هيكل الذرب وقلمه المدمر.. عندما حدث هذا أمكن اتهام بعض أبناء هيكل.
في مقال سابق قلت أنني أظن أن عمر هيكل لم يطل ويمتد عبثا..
وأنني أخاف أن يكون الله قد مد له في عمره ليمنحه أوسع فرصة للتوبة. فإن لم يتب فلا يلومن إلا نفسه.. سيفضح أمره على الأشهاد. حتى ليطلب الموت فلا يجده.
تماما تماما..
كما حدث مع فرعون..
ومع حسني مبارك..

***
***
***


حاشية 1
متى يحاكم فؤاد علام؟
ومتى يتم القبض على المجرم الآثيم السفاح قاتل الشهيد كمال السنانيري ومعذب المئات والألوف.
متى تعاد إجراءات قضية التعذيب الكبرى ليمثل الجلادون الذين أفلتوا من القصاص بين أيدي العدالة..
***
حاشية 2

نهى الزيني.. المستشارة نهى الزينى.. العظيمة القوية الشريفة المناضلة الشاهدة بالحق.. يا لها من مأساة أن تسقط في غوايات اليسار وبراثن الثورة المضادة.. يا لها من كارثة أن تفقد كنزا وتأخذ وباء.. أفهم ضعف نهى الزيني إزاء مديح عصابات النخبة في قصصها متوسطة القيمة ورغبتها في الحصول على شهادة اعتراف بها كمثقفة وأديبة وهي شهادات تحتكر العصابات المدنسة حق إصدارها.. ويا لها من كارثة أن تسقط فريسة لشهادة اعتراف مزورة من فئة كاذبة شهاداتها تشين ولا تشرف. نهى الزيني تقول أن المادة الثانية من الدستور سنة أنور السادات وليست سنة الإسلام.. ولو صح قولك يا نهى لكان الإسلام اختراعا لحسن البنا وليس أعظم الأديان وخاتمها الذي أنزل من السماء- يا نهى- على خاتم المرسلين وسيد البشر صلى الله عليه وسلم.
او صح ما تقولين يا نهى لوجب استبدال المادة الثانية لتصبح: ساويرس هو المصدر الرئيسي للتشريع..

***
حاشية 3

شكر مستحق للكاتب الكبير صلاح عيسى ..
أشكرك يا صلاح ..
منذ الثورة لم أرك على شاشات الفضائيات سوى مرة واحدة.. أما كتاباتك الصحافية فلا أدرى عنها شيئا بعد أن توقفت عن القراءة لك منذ كتابك الوحيد الحقيقي:" مثقفون وعسكر"
.. لم أرك ولم أقرأ لك.. ولقد خفف هذا كثيرا من عتمة الغيوم في الشتاء وظلمة الغروب في المساء.. كما قلل من تسمم الهواء ومن التلوث الفكري ورفع جرعة الأمل في مستقبل أنظف..
يا صلاح: قم بخدمتك الأخيرة- وربما الوحيدة – للأمة: واصل الاختفاء!.
***

حاشية 4
جمال الغيطاني
لست أدرى لماذا غفلوا عن منحه جائزة في التمثيل..
إنه من جنرالات المعارضة المصنوعة سابقا ومن رؤوس الثورة المضادة حاليا.. رأيته بالصدفة الكئيبة منذ أيام يتحدث في إحدى الفضائيات.. يبدو دائما مسكينا يثير الرثاء وهو يتناول أمورا تبدو بالنسبة له بديهية .. ويبدو على وشك البكاء وهو يحاول إقناع الناس ببديهياته.. آخر بديهياته محاولة تنزيه المجلس العسكري عن الحكم وأن يتركه لشباب الثورة.. كان يقول ذلك بيقين من يمتلك قائمة شاملة كاملة لكل شباب الثورة اسما اسما ورجلا رجلا وامرأة امرأة وطفلا طفلا.. وعنوان كل واحد منهم من شارع إلى حارة إلى زنقة زنقة!.. لكنني وائق أنه لو سئل عن شباب الثورة لما تجاوز عصابة الأربعة التي شوهت الثقافة في مصر تحت رئاسته وقيادته!.. وهي العصابة التي منعت نور الشمس وسدت منافذ الهواء عن الثقافة الحقيقية في مصر ونشرت التغريب والتخريب والانحلال والشذوذ.
ومع ذلك كله يبدو مسكينا يثير الشفقة والرثاء لا حول له ولا قوة حتى أنني قلت لنفسي أنني لو التقيته دون أن أعرفه لبادرت بالتصدق عليه!
***
ملحق للحاشية السابقة:
في اليوم التالي مباشرة.. برعب كرعب الدكتور شوقي في رائعة يوسف إدريس العسكرى الأسود.. انقلب جمال الغيطاني على نفسه ليطالب الجيش بالاستمرار في الحكم لمدة ثلاثة أعوام!

حاشية 5:

عادل إمام.. ازدرى الأمة فازدرته.. ونظرا لأنه لا يمكن أن يشغل مكانه فرد واحد فإنني أقترح تكوين مجموعة تضحك الناس بدلا منه.. أقترح أن يكون من بين النجوم الذين يحلون مكانه: على عبد الرحيم.. سيد القمني.. سيد على .. هناء السمري .. توفيق عكاشة .. بالإضافة إلى رؤساء التحرير السابقين مثل كرم جبر وعبد الله كمال ومحمد على إبراهيم ونجيب جبرائيل.. آسف.. نسيت أسماء الآخرين.. فالقائمة طويلة.. ولذلك سنضحك طويلا.. ..
***
حاشية6
لماذا لم يطالب النصارى- الذي صدعوا رؤوسنا في مطالبات مزورة بالمساواة- بأن يكون لهم نصيب يوازي نسبتهم العددية في ليمان طرة؟!
***
حاشية7

علاء الأسواني.. رئيسا للجمهورية

لعل القراء يذكرون مقالا لي كتبته منذ أعوام عن الدكتور علاء الأسواني بعنوان: "صناعة نجم" حيث أبديت اندهاشي من الضجة الإعلامية الصاخبة التى قدمته للعالم كظاهرة فذة. وهي حملة لم يظفر بها نجيب محفوظ وماركيز وحتى شكسبير إلا بعد عشرات الأعمال الكبرى. بينما ظفر بها الأسواني بعد رواية شكك معظم النقاد المحترمين في قيمتها الحقيقية. لقد كانت الضجة الكبرى التي أثيرت حول الرواية مقارنة بالموهبة المحدودة للأسواني إنذار خطر جعلتني أكتب للقراء ساخرا وجادا : انتظروا حصوله على نوبل.
من وجهة نظري كان الأسواني يعد –منذ البداية- لكي يكون نجما سياسيا لا أدبيا كي يقوم بأدوار معينة..
وقد صنعوه على عجل لأن كل وجوههم كانت قد احترقت أو انكشفت أو أصبحت بالغة السوء والقبح ومثيرة للاشمئزاز. وكان لابد لهم أن يتعجلوا.. ويكتفوا برواية واحدة بدلا من عشرة أعمال مثلا.. رواية توزع ملايين النسخ( الميديا تحرك العالم وليس مصر فقط.. ومركزها الرئيسي أمريكا).
وهاهو ذا الأسواني يمارس السياسة- لا الأدب.
ولقد تحققت هواجسي بأسرع مما توقعت.
لن أندهش إذا ما رشحوه لرئاسة الجمهورية.. أو كلفوه لقيادة حملة شرسة ضد المادة الثانية من الدستور..
لكنني لا أظنه سيقدم لهم كثيرا.. لقد تم تصنيعه لبحار مختلفة عن بحار ثورة 25 يناير.. ورغم زعمه أنه من صناع الثورة إلا أنه سيختنق في بحار الثورة النقية..
لقد تم تصنيعه تحت حملة قصف إعلانية عالمية..
لكنه كما أفل في الأدب أفل في السياسة..
***

حاشية أخيرة
الآستاذ الكبير عادل حمودة:
صحيفة الفجر.. : طلب مخجل: أرجوكم.. لا تنسوا تشكيل حروف اسم الصحيفة فالأمر يلتبس على كثير من القراء!!
------------------------
-------------------
من السادات إلى شنودة : هوَ قرار من سطرين
صــلاح الامــام
28-04-2011

قبيل أيام من اغتيال الدكتور فرج فودة الذى وقع فى 8 يناير 1992، كنت أجلس مع صديقين، أحدهما محامى كبير، والآخر كان عضوا بمجلس الشعب، والإثنان توفاهما الله، قلت لهما خلال حديثى: هل قرأتما آخر مقال لفرج فودة فى مجلة أكتوبر؟ وقبل أن أسمع إجابة استرسلت قائلا: "الراجل ده مش ها يعيش .. ها يتقتل ها يتقتل"، وبعد ثلاثة أيام تم اغتياله، فقال لى أحدهما فى أول لقاء جمعنى به بعد الحادث بشىء من المزاح الممزوج بالذهول والدهشة: انت اللى قتلته يا صلاح، أنا هبلغ عنك، وكان مذهولا جدا من ملابسات الموقف، ويسألنى وكأننى كنت شريكا للجناة: كيف عرفت أنه سيقتل؟، والحقيقة أنا لم أقل ما قلته لأننى عرَاف، أو منجم، أو أعرف القاتل وما قد عزم عليه، أو وصلتنى أى معلومات بذلك، لكنى توقعت ذلك تأسيسا على معطيات تلك الأيام التى كانت جماعات العنف تصول وتجول فى مصر، ترتكب جرائمها ضد أهداف مختارة وفقا لمنهج هؤلاء، وكان فودة قد وصل بكتاباته حدا فاجرا فى التهكم من الدين وكل رموزه، وفى مقاله الأخير كان يسخر بشدة من الرموز الإسلامية بتونس، وألصق بهم تهما كاذبة نقلا عن إعلام زين الفاسدين بن على الكاذب، الذى أذل المسلمين فى بلاده، وعليه رأيت أن فودة سيكون هدفا حالا لعملية اغتيال مؤكدة، وهو ما حدث يوم 8 يونيو 1992.

قبيل اندلاع ثورة 25 يناير بأسبوع، ولم يكن أحد يتخيل أن يحدث كل ماحدث، كنت أجلس مع صديقى العزيز الأستاذ رامى ابراهيم مدير مكتب جريدة "الجريدة" الكويتية بالقاهرة، وكنا نتكلم سويا فى أحوال مصر بعد هروب الطاغية التونسى زين العابدين بن على، فاندهش رامى ابراهيم مما قلته له وأبدى تعجبه بل واستنكاره، لقد أسررت إليه بأمر قد فعلته، قلت له أننى اشتريت سلعا تموينية كثيرة كمخزون لحاجات بيتى تكفيه سنة، من الأرز والمكرونة والبقوليات والحبوب والسمن والزيت والسكر والشاى ...إلخ، والشىء الوحيد الذى عجزت عن تخزين كميات منه هو الخبز لصعوبة ذلك، وكذا البنزين لصوبة وخطورة تخزينه فى المنزل.

سألنى رامى عن علة ذلك، فأكدت له أن البلد مقبلة على طوفان سوف يقلب كل شىء فيها، وفى مثل هذه الظروف تختفى السلع التموينية، وتنشأ السوق السوداء، وقد تحدث مجاعة، وكان تعليقه: "مش لدرجة المجاعة .. ها نلاقى أكلنا"، لكنى قلت له مؤكدا أن الأيام بيننا وسيرى ذلك قريبا جدا جدا، وهو ما قد حدث بالفعل بدءً من يوم 29 يناير، إذ نفذت كل السلع التموينية من الأسواق بالقاهرة، وأصبح الحصول على لبن العصفور أيسر من الحصول على رغيف خبز، وأغلقت محطات البنزين أبوابها لعدم وجود أى نوع من الوقود.

وفى يوم الخميس 20 يناير 2011، نشرت هنا فى المصريون مقالا بعنوان: "احذروا غضبة الفقراء والمقهورين"، والمقال متاح لكل من يريد إعادة قراءته، قلت فى مقدمته:

"الحرية لا تمنح بل تنتزع، والحرية كل لا يتجزأ، والثابت تاريخيا أن شجرة الحرية لا تروى إلا بالدماء، وعندما تئن البطون تغيب العقول، وإن تعض قلبى فلا تعض رغيفى، ومع ذلك فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان.

غضبة الفقراء ليس كمثلها غضبة، هى لحظة من الزمن تأتى كالحلم، يخطفها الغاضبون، ويشعلها الأحياء الأموات، فالجائع المتعطل الذى لا يجد مأوى هو أقرب للميت منه للحى، حتى إذا ما جاءت تلك اللحظة، يلقى بنفسه فى أتونها، ليحسم وجوده، فإما أن يحيا، وإما أن يموت بحق فيرتاح من ذل الحاجة والهوان".

ثم عرضت فى مقالى مختصرا لما حدث فى أوربا خلال القرن التاسع عشر، حتى حصلت تلك الشعوب على حريتها بأيديها، وبدماء أبنائها، وهى التى كانت تعانى قهرا أشد مما تعانيه شعوب المنطقة العربية حاليا، وفى نهاية ذلك المقال قلت:

"الأيام القادمة مغلفة بدخان الغضب، فليت من عليه العين "يفهم" قبل فوات الأوان".

وفى يوم الأحد 23 يناير، أرسلت لكثير من أصدقائى برسالة عبر الهاتف المحمول ـ مازالت على جهازى بذات التاريخ ـ لها دلالات خاصة، ومن الذين أرسلتها إليهم الصديق الكاتب القدير الأستاذ محمود سلطان رئيس تحرير هذه الصحيفة، وكانت الرسالة تقول: "علمت من مصادر موثوقة أن هناك كميات من الذهب والأموال يتم تهريبها عبر المطارات والموانىء، والبورصة فى النازل، والانفجار بات وشيكا".

لم أقل ذلك تأسيسا على الدعوة التى أطلقها شبابنا الرائع على الفيس بوك، للتظاهر يوم 25 يناير، فهى لم تكن أول دعوة من هذا النوع، بل سبقتها عشرات ومئات الدعوات، وآلاف التظاهرات، وكان كل المراقبين للمشهد السياسى المصرى وقتها ظنوا أنها مجرد مظاهرة تضاف لمئات قبلها، وكذا اعتقدت الطغمة الحاكمة فى مصر، فناموا قريرى العين مرتاحى البال، يسخرون من عبث هؤلاء الصبية، فإذا بهذا العبث يتحول على غير كل التوقعات إلى بركان زلزل نظاما عتيا وأسقطه، فكان كالجبل الذى صار دكا فى لمح البصر، وهى فى النهاية كانت إرادة الله عندما حلت مشيئته.

أذكر ما ذكرته لا لادعاء قدرة خاصة على قراءة الغيب، فإن ادعيت ذلك أكون خارجا عن الملة، لكن لأن القادم يولد من الحالى، مثلما ولد الحالى من السابق، وبنفس هذه القدرة على قراءة أحداث الغد من خلال تحليل معطيات اليوم، أقول أن مصر مقبلة على اندلاع حوادث طائفية قد تتسع لتشمل كل مصر، وقد تتطور لتكون حربا أهلية مسلحة، تعود بمصر لعدة قرون للخلف، وإليكم حيثيات ما أزعم أنه قد بات وشيكا.

إن رأس الفتنة فى مصر، والكل يعرفه، والذى تعامل معه المرحوم السادات بما يستحق، لن يهدأ له جفن حتى يرى مصر رمادا تذروه الرياح، فهو رجل واحد، لكن أعظم كوارث التاريخ كان وراءها رجلا واحدا، منذ النمرود وفرعون، ونيرون وجنكيز خان، حتى هتلر وموسولينى، ثم صدام حسين.

مازال الرجل يتحدى سلطة الدولة، ولا يعيرها أى اهتمام، مازال يحتجز النساء فى سجونه السرية بالأديرة المحصنة، مازال يسكب الزيت فى كل أركان مصر، تحسبا لاندلاع الشرارة المحدد وقتها ومكانها ومناسبتها، فتشتعل مصر كلها، ويصور له شيطانه أنه سيجلس مثلما جلس نيرون فى شرفة قصره، يراقب النار وهو يرتعد فرحا وسعادة .. وجنونا.

إن رأس الفتنة ومهندسها، ومزودها بالوقود، وداعمها وممولها، ينسى أن النار ستبدأ من تحت أقدامه ومن فوق راسه، ولن يمهله القدر لكى يسعد لمدة فيمتو ثانية بمشهد مصر وهى تحترق، هو وحاشيته الفاسدة، ينسى أنه لو حدث لمصر أى ضرر من خلال عقوبات دولية، سيتم نسفه هو ومن والاه، ومن أشعل قضيته المزعومة فى وسائل الإعلام، وهم معروفون على سبيل الحصر.

كانت تداعيات حادث كنيسة صول بأطفيح غريبة جدا، ورغم وجود مبررات مقنعة جدا لدى مسلمى قرية صول دفعتهم لفعل ما قد حدث، إلا أننا استنكرنا جميعا ما قد أقدموا عليه، وهو هدم أجزاء من الكنيسة، ولم نشغل أنفسنا بالحديث عن الدوافع، بل استنكرت كل الرموز الإسلامية، وكل رموز الدولة الحادث، وأعلنت القوات المسلحة أنا ستعيد بناء الكنيسة بأفضل مما كانت عليه، خلال وقت قياسى ـ وهو ما قد حدث بالفعل ـ لكن رد الفعل المسيحى كان مثيرا للعجب والدهشة، وكان مستفزا لأقصى درجة، فقد قاموا بالاعتصام فى منطقة حيوية بالقاهرة، أمام مبنى التليفزيون، وقطعوا طريق الكورنيش الذى يربط القاهرة بجميع محافظات الوجه البحرى، ورفعوا لافتات وشعارات ورسومات مستفزة جدا جدا، وكان هذا هو الهدف الأساسى من ذلك التجمع أمام مبنى التليفزيون، وهو استفزاز الأغلبية المسلمة، لحدوث صدام هو قادم قادم.

ذهبت أكثر من مرة وتغلغلت بين هؤلاء، لم أجد فيهم ولو شخصا واحدا متعلما ومؤهلا لأن تدير معه حوارا، كانوا مجموعة من الفقراء الذين لا يعرفون حتى اسم المنطقة المتواجدين فيها، تسألهم ماذا يريدون يقولون عايزين تعديل المادة الثانية من الدستور (!!!)، تسألهم المادة الثانية بتقول ايه فيتلعثمون، لا تخطىء الأذن لهجاتهم الصعيدية والبدائية، جىء بهم إلى مكان الإعتصام فى حافلات خاصة من مناطق الزرائب فى منشية ناصر وأرض اللواء، وغالبيتهم كان من خارج القاهرة ويراها لأول مرة فى حياته، ومع ذلك كانوا يرددون شعارات وهتافات بعيدة عن موضوع القضية التى من المفروض أنهم اعتصموا بسببها، بل كانوا لا يعرفون مضمون ما يرددونه.

كان مهندسو القوات المسلحة ورجالها يعملون فى إصلاح ماتم هدمه بالكنيسة، لكن هؤلاء مصممون على البقاء فى أماكنهم، تأتيهم وجبات طعام ومشروبات ونقود، رغم مناظرهم الرثة، واستمروا قرابة ثلاثة أسابيع قاطعين طريق الكورنيش، محولين المنطقة إلى زريبة كتلك التى يعيش فيها الخنازير، وتنبعث منها روائح عفنة، حتى تقرر إخلاء المنطقة بكثير من الإلحاح وقليل من التلويح باستخدام القوة.

كان الظرف الذى خرج فيه هؤلاء حرجا للغاية، ولو كان ثمة مسئولية وطنية لدى رأس الفتنة فى مصر، لكان أصدر توجيهاته فورا بوقف هذا العبث النارى، مقدما مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، لكنه كان هو نفسه الذى يخطط ويعطى التعليمات بالاستمرار فى الضغط لإحراج المجلس العسكرى أمام العالم رغم بعده المثير لكل التكهنات عن مصر وقتها، وكأنه كان يعطى رسالة للعالم بأن مبارك كان هو صمام الأمن والإستقرار فى مصر، أليس هو الذى ظل حتى آخر ثانية يعلن صراحة تاييده لمبارك ونظامه الفاسد، لذا أراد أن يؤكد للعالم أن رحيله سوف يجلب لمصر الفوضى، وسوف تهب الأغلبية المسلمة لقتل الأقلية المسيحية، وتدمير وإحراق كنائسهم وممتلكاتهم.

كان تفكير الرجل شيطانيا، فحدوث هذا الحدث فى ذلك التوقيت الحرج، ربما يوحى للعالم الخارجى صدق ما كان يريد الرجل بثه لهم، ماحدث كان مجرد حادث فردي يعبر عن قصد مرتكبيه فقط، وربما هناك مبررات قوية دفعت من ارتكبوه لذلك، لكن الرجل بتفكيره الشيطانى لم يضيع الفرصة، واستغلها كورقة ضغط، وحقق من خلالها مكاسب كثيرة، أبرزها الإفراج عن أحد القساوسة المدان فى جناية تزوير.

لقد قرر رئيس الحكومة الإفراج عن ذلك القس الذى كان مسجونا بتهمة تزوير، ويقضى عقوبة مقيدة للحرية مدتها خمس سنوات، لكنه فشل فى الإفراج عن سجينات الأديرة، ثم ذهب رئيس الحكومة إلى رأس الفتنة يستعطفه أن يفرج عمن يحتجزهم فى سجونه، لكنه رفض طلبه، وبعدها زاره وفد من المجلس العسكرى الحاكم لنفس الطلب، لكى يجنب البلاد نيران حرب أهلية، فلم يستجب.

إن احتجاز مواطن وتقييد حريته، حتى لو كان محبوسا فى قصر، جريمة طبقا لقانون العقوبات المصرى، الذى أفرد الباب الخامس من الكتاب الثالث، لهذه الجرائم، بدءً من المادة 280 حتى المادة 293، وخصت المادة 290 جريمة خطف الأنثى، وتصل عقوبتها للإعدام شنقا.

إن ضابط الشرطة ـ وهو من رجال الضبطية القضائية ـ مهما كانت رتبته، ومهما كان مركزه، ليس من حقه احتجاز إنسان ولو ساعات، ولو فعل هذا يتعرض للمساءلة، لأن ذلك من اختصاص السلطات القضائية فقط، فما بالنا بشخص ليست له أدنى سلطة من أى نوع تبيح له خطف النساء وحبسهن، وتعذيبهن، وإكراههن على أفعال بدون رضائهن؟.

هل لو قام إمام مسجد ـ مع الفارق الشديد جدا جدا فى التشبيه طبعا ـ بخطف مسلم تنصر، وحبسه فى المسجد، ثم أخفاه وعزله عن العالم كله، يكون فعله مقبولا؟؟، وإذا فعل إمام مسجد ذلك، هل ستتغاضى الدولة عن هذه الفعلة؟ وهل يكون من العدل أن نحاكمه ونترك شخص آخر خطف العشرات بل المئات وحبسهن، وعزلهن عن العالم، ولا يسمح لأى مسئول فى الدولة بمساءلته؟ .. إن من يفعل ذلك ـ بصرف النظر عن كونه إرهابيا ـ ليس له سوى هدف واحد، وهو استفزاز الأغلبية الساحقة للشعب، ليشعل النار التى مازال يحلم برؤيتها قبل أن ينتقل إلى ما يسمى بالأمجاد السماوية.

هناك سبق إصرار، على إشعال حرب أهلية فى مصر، وطبقا لتوقعاتى التى دائما تصيب ـ وأتمنى أن تخيب هذه المرة ـ فإننا أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من تلك الكارثة، إذا لم يحترم رأس الكنيسة قانون البلد، ويخضع لسلطة الدولة، ويترك الدولة تمارس سلطاتها فى تفتيش الأديرة، ومراجعة ميزانيات المؤسسات الكنسية، والأهم تحرير النسوة المخطوفات.

إن مئات الأديرة المنتشرة على أرض مصر شمالا وجنوبا، شرقا وغربا، هى مؤسسات خاضعة لسلطة الدولة، وللدولة عليها كامل السلطان، بمعنى أن رجال السلطة من حقهم دخولها فى أى وقت، وتفتيشها، وتسجيل كل ما بداخلها من أفراد وعتاد، وكشف ما بداخلها من سراديب وأنفاق، ومن أسلحة ومتفجرات، وحينما تعجز سلطات الدولة عن ذلك، فهى دعوة صريحة لا ندلاع حرب أهلية، سيكون الخاسر الأكبر فيها رأس الفتنة ذاته

كان تعامل السادات مع رأس الفتنة مثلا يحتذى، وسابقة تفرض الأوضاع الراهنة إعادة تطبيقها، وسوف نعيد فتح هذا الملف من جديد خلال المقالات القادمة، إذا كتب الله لنا فى العمر زيادة، لكنى سأذكر واقعة واحدة فقط، حدثت فى سبتمبر عام 1977، حيث نشرت بعض الصحف أخبارا عن مشروع قانون يعد بتطبيق الشريعة الإسلامية .. على اثرها أعلى سلطة دينية في الكنيسة الصوم والصلاة فى جميع الكنائس، وإعلان الرفض حتى تلغى الحكومة هذا المشروع.

قام ممدوح سالم رئيس وزراء مصر وقتها بزيارته، وأكد له أن ما نشر لا يعبر عن رأى الحكومة، لكنه أوعز للأقباط المقيمين فى أمريكا بالتظاهر والإحتجاج، والقيام بمظاهرة أمام البيت الأبيض، أثناء لقاء كان قد أعلن عنه بين الرئيس الأمريكى جيمى كارتر، والسيد اسماعيل فهمى وزير الخارجية المصرى حينذاك، فماذا كان رد فعل الرئيس أنور السادات؟

اتصل السادات بالكاتب موسى صبرى، وقال له بما يشبه الأمر: "أبلغ شنوده بأى طريق تشاءه .. إذا لم يرجع عن مثل هذه التصرفات .. فإننى سأصدر قرارا فوريا من سطرين .. بإلغاء القرار الجمهورى بتعيينه .."