Digital
04-28-2011, 07:10 PM
أمريكا، زنغة زنغة
15/03/2011
عبد الحكيم مفيد
ليست هناك مقولة أسوأ من مطالبة الغرب،
الولايات المتحدة،
أو حلف الشمال الأطلسي من التدخل في ليبيا.
وعلى كل ما يحدث في ليبيا، ورغم كل ما يحدث،
فإن المطالبة بالتدخل الأجنبي في ليبيا ستنهي الثورة بكل ما تحمل من معاني جميلة،
وسترجع ليبيا إلى مرحلة أسوأ بكثير من مرحلة القذافي وأبناء عائلته وقبيلته.
إذا كان هناك من لا يقرأ معنى التدخل الأجنبي في ليبيا ليخلصنا من "القذافي" كما كانت المعارضة العراقية "خلصتنا" من صدام حسين، فإن المصاب جلل.
لقد سبق وتخلصت بلادنا من الأنظمة بواسطة أمريكا، تخلصت من حالتها بواسطة حلف الشمال الأطلسي، ولدينا نتائج مريعة، ليس في العراق فحسب، فهناك البوسنة وكوسوفو، وإذا لم
تكن مواجهة ومقاومة التدخل والتواجد الأجنبي وعلى رأسه الولايات المتحدة هي من أعلى سلم أفضليات الثورة فسلام على الثورة، لأننا حينها سنستبدل على ما يبدو محمد البرادعي
بحسني مبارك, وليبياً آخر بمعمر القذافي, والنتيجة ستكون عراقية بتميز.
قديما قالوا:
ليس المهم كيف تبدأ الثورات,
المهم كيف تنتهي، المهم في العادة كيف تنتهي،
في مشهد الثورات العربية الحالي هناك الكثير من الالتباس، وعدم الوضوح،
ولعل أهمها في تقديرنا غياب الدور الأمريكي من الصورة التي تعرض يوميا على الشاشة،
يتمنى الشعب العراقي اليوم نظاما مثل نظام صدام حسين، بعد أن ذاق ويلات أمريكا،
ودعونا لا ننسى الفترة التي سبقت احتلال أمريكيا للعراق، وكيف جرى تبرير ذلك الاحتلال والتهيئة له من خلال وسائل الإعلام.
من منا لا يعرف أن القذافي دكتاتور، مثلما كنا نعرف صدام حسين؟ وماذا كانت النتيجة؟ اسألوا العراقيين، واسألوا الذين برروا "التخلص من النظام"!والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين.
الآن نحن أمام نفس المشهد في ليبيا،
وهناك من يصرخ ويطالب بالتدخل الأجنبي،
ولا ندري لماذا لا يطلب هؤلاء مثلا تدخلا عربيا، أو إسلاميا،
إذا كان الهدف هو وقف "حمامات الدم"! أليس العرب والمسلمون أحق في ذلك؟؟
في ليبيا الآن يحدث ما كنا توقعناه، الغرب ينتظر أن تتفكك ليبيا، وأن لا تكون قادرة على شئ، أن تشل،
أن تتحول إلى ركام، حتى يكون من الممكن التدخل، أو حتى يكون تدخله مبررا.
وهناك أصوات لا تتردد في المطالبة بتدخل غربي وأمريكي علانية، كما فعل أمثالهم في العراق، وكانت النكبة.
لا نريد أن تتحول ليبيا إلى نكبة جديدة، ولا نريد أن يدفعنا التخلص من النظام إلى وضع أيدينا بيد أمريكا، فهذه ستكون نكبة مضاعفة،
لأننا في الحقيقة لن نتخلص من النظام , وإن كان من الوارد أن نتخلص من القذافي، ولأننا سنقدم ليبيا على طبق من الذهب لأمريكا والغرب،
وحينها سيتمنى الليبيون لو أن القذافي بقي في الحكم، كما الحال في العراق.
ليس هناك شر خالص في بلادنا مثل أمريكا، والشر الخالص كما نعلم لا يمكن أن تجد فيه أي خير، حتى وإن "شـُبه لنا". إن البكاء الأمريكي على الشعوب العربية هو شر خالص، الآن نحن لا نحتاج إلى إثبات، فالعراق نموذج لا يمكن أن ينسينا المآسي التي حلت علينا، وعندما نتهم إيران بالتآمر على العراق مع أمريكا ، لا يمكن أن نصمت لتحالف آخرين مع أمريكا على بلادهم، مهما كان هؤلاء. فالموقف من أمريكا محسوم، وإذا كان غير ذلك فالمصيبة كبيرة.
ليس هناك تقاطع مصالح مع أمريكا، ولا يمكن أن يكون، كل من يروج لهذا الكلام يبرر لأمريكا تدخلها، وكل من يغيّب أمريكا من الصورة يتحالف مع أمريكا، وكل من يستبعد الشر الأمريكي ويضخم "كوارث النظام" يبرر لأمريكا تدخلها.
مع أمريكا ليس هناك حلول وسط، هذا كلام يجب أن يعرفه كل ثوري في العالم العربي، حتى وإن وصلت كراهيته للقذافي وأمثاله إلى حد تستحيل معه الحياة.
إن أخطر ما في الثورات التي نشاهدها الآن هو تغييب الدور الأمريكي، وتكثيف حجم التصريحات الأمريكية عبر الشاشات العربية (المناضلة والمقاتلة والمجاهدة والعميلة)، التصريحات التي تذرف فيها أمريكا "الدموع على الشعوب العربية".
إذا كانت الثورات العربية ستنتهي بلعبة ديمقراطية من النوع الذي تريد أمريكا فقد خسرت هذه الثورات المعركة، خسارة فادحة، والمصيبة أن البعض سيبلع الطعم الأمريكي، وعندها ستكون الحالة أصعب بكثير من التي كانت.
لا نريد أن تغيب العراق عن عيوننا، ولا نريد أن يعمي أبصارنا حب التخلص من الأنظمة التي ما عاد أحد قادرا على تحملها.
لا يمكن التخلص من الشيطان الأصغر بواسطة الشيطان الأكبر، وأمريكا أسوأ من أية صيغة ممكنة، صدقوني، هذا ما يجب أن يكون واضحا للجميع بدون استثناء، وما عدا ذلك فهو الطوفان.
هذه الثورة إما أن تكون أو لا تكون، إما أن تكون عربية بامتياز، وطنية بامتياز، وإما أن تكون على شاكلة العراق، والقادم فيها مخيف، والمخفي فيها ما زال أعظم.
ولعلنا هنا نؤكد مرة أخرى ما كنا قلناه في السابق، ليست الدساتير والانتخابات هي الحل، وليست الديمقراطية كذلك، السيادة على البلد هي الأهم، وهي قبل كل شئ، وبعدها بإمكان الشعوب أن تقرر ما تريد.
لن تحل الانتخابات والدساتير مشكلة مصر ولا غيرها، والذي يعتقد ذلك وبكل أسف سنقول له إن أمريكا في انتظاره، وستبقى في بلاده، بغض النظر عن النظام والسلطة والحزب والجماعة التي ستنجح في الانتخابات.
مشكلة مصر لم تكن في مرة من المرات مسألة انتخابية. صحيح أن القمع وكم الأفواه والسجون والتعذيب والقتل كان السمة الأبرز للنظام، لكن هذا جزء من الصورة وليست الصورة كلها، ونحن لا نريد أن تكون هذه الدبابة التي يدخل الغرب وأمريكا عليها.
في الصورة الحاضرة الآن على الشاشة ومنذ بداية الثورة يبدو أن هناك من يدفع باتجاه هذه القناعات، أي أنه لا يمكن حسم المسألة بدون تدخل خارجي، وهذه ستكون مأساة القرن، لأن العراق ما زالت حاضرة في وجداننا.
التركيز على جرائم النظام الآن تذكرنا بالتركيز على "جرائم صدام" عشية احتلال العراق، وحينها شرب الكثيرون منا الطـُعم، والنتيجة نكبة؛ بلد عربي مهم للغاية اختفى، وتحول إلى كنتونات طائفية.
ليس هناك تقاطع مصالح مع أمريكا، فالذين يحبون بلدهم، الثوريون بشكل خاص، يعرفون أن أمريكا يمكن أن تقطعنا إربا إربا فقط، لكن لا مكان لتقاطع المصالح معها، كل من يقول هذا الكلام يضلل، ويبيع الناس نكبة جديدة.
يخطئ من يعتقد أن أمريكا تجلس جانبا، شرها لا يسمح لها بذلك، وهي تلعب في الخفاء, ولديها قوى معارضة تصطف إلى جانبها، والشاشات التي لا تكشف الشر الأمريكي، والطابور الخامس الذي تدعمه أمريكا،هذه تتصرف كما تصرفت عشية غزو العراق وبعده. لقد شارك هؤلاء بغض النظر عن التسمية في التوطئة للغزو الأمريكي، وصمتوا عن كل أكاذيب أمريكيا بعد ذلك، والتي اعترفت هي بها على لسان رئيسها جورج بوش .
الآن يتكرر نفس المشهد, وإن كانت التفاصيل تختلف، مسرح الكراكوز عبر الشاشات العربية وفوائد ثورات الفيسبوك (واواواو!!!) تجعل من وعي أمة بأكملها تحت رحمة "الروموت كونترول".
الآن هي ساعة الثورة الحقيقية، فكل ما يدور في ليبيا محزن، وكل ما يدور حولها مخيف، هناك من ينتظر لحظات حتى ينتهي كل شئ، ومن ثم "تتكاثر الأكلة"، نخشى أن يعلن الليبيون انتصارهم حين تكون ليبيا تحت قبضة الغرب بالكامل، ونخشى أن يخرجوا إلى الشوارع يرقصون أمام الشاشات بعد أن تكون قوات المارينز وحلف الناتو تحاصر بلادهم، من جهتنا لا نريد نصرا كهذا. هذه نكبة .
يقلقنا للغاية غياب الوضوح من أمريكا، مع تقديرنا للغاية لثورة تريد إسقاط نظام مثل نظام القذافي.
أمريكا هي شر كامل، لا يمكن أن تتقاطع مصلحة أي ثوري وشريف وصادق في العالم العربي معها، والصمت الذي يبديه البعض بادعاء أن هذا ليس وقت الانشغال بأمريكا هو أخطر بكثير من الوقوف معها، ففي حالة الموقف من أمريكا لا يمكن الانتظار في المنطقة الرمادية، ولا يمكن التأتأة، ولن يسامح التاريخ أحدا يصمت عن أمريكا تحت أية حجة، لقد صمت البعض ممن احتج بالظروف"الخاصة" ووجد هؤلاء أنفسهم يقفون إلى جانب أمريكا، حتى لو لم يعلنوا علانية موقفهم منها.
أمريكا ستمزق ليبيا مثلما مزقت العراق ،زنغة زنغة.
15/03/2011
عبد الحكيم مفيد
ليست هناك مقولة أسوأ من مطالبة الغرب،
الولايات المتحدة،
أو حلف الشمال الأطلسي من التدخل في ليبيا.
وعلى كل ما يحدث في ليبيا، ورغم كل ما يحدث،
فإن المطالبة بالتدخل الأجنبي في ليبيا ستنهي الثورة بكل ما تحمل من معاني جميلة،
وسترجع ليبيا إلى مرحلة أسوأ بكثير من مرحلة القذافي وأبناء عائلته وقبيلته.
إذا كان هناك من لا يقرأ معنى التدخل الأجنبي في ليبيا ليخلصنا من "القذافي" كما كانت المعارضة العراقية "خلصتنا" من صدام حسين، فإن المصاب جلل.
لقد سبق وتخلصت بلادنا من الأنظمة بواسطة أمريكا، تخلصت من حالتها بواسطة حلف الشمال الأطلسي، ولدينا نتائج مريعة، ليس في العراق فحسب، فهناك البوسنة وكوسوفو، وإذا لم
تكن مواجهة ومقاومة التدخل والتواجد الأجنبي وعلى رأسه الولايات المتحدة هي من أعلى سلم أفضليات الثورة فسلام على الثورة، لأننا حينها سنستبدل على ما يبدو محمد البرادعي
بحسني مبارك, وليبياً آخر بمعمر القذافي, والنتيجة ستكون عراقية بتميز.
قديما قالوا:
ليس المهم كيف تبدأ الثورات,
المهم كيف تنتهي، المهم في العادة كيف تنتهي،
في مشهد الثورات العربية الحالي هناك الكثير من الالتباس، وعدم الوضوح،
ولعل أهمها في تقديرنا غياب الدور الأمريكي من الصورة التي تعرض يوميا على الشاشة،
يتمنى الشعب العراقي اليوم نظاما مثل نظام صدام حسين، بعد أن ذاق ويلات أمريكا،
ودعونا لا ننسى الفترة التي سبقت احتلال أمريكيا للعراق، وكيف جرى تبرير ذلك الاحتلال والتهيئة له من خلال وسائل الإعلام.
من منا لا يعرف أن القذافي دكتاتور، مثلما كنا نعرف صدام حسين؟ وماذا كانت النتيجة؟ اسألوا العراقيين، واسألوا الذين برروا "التخلص من النظام"!والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين.
الآن نحن أمام نفس المشهد في ليبيا،
وهناك من يصرخ ويطالب بالتدخل الأجنبي،
ولا ندري لماذا لا يطلب هؤلاء مثلا تدخلا عربيا، أو إسلاميا،
إذا كان الهدف هو وقف "حمامات الدم"! أليس العرب والمسلمون أحق في ذلك؟؟
في ليبيا الآن يحدث ما كنا توقعناه، الغرب ينتظر أن تتفكك ليبيا، وأن لا تكون قادرة على شئ، أن تشل،
أن تتحول إلى ركام، حتى يكون من الممكن التدخل، أو حتى يكون تدخله مبررا.
وهناك أصوات لا تتردد في المطالبة بتدخل غربي وأمريكي علانية، كما فعل أمثالهم في العراق، وكانت النكبة.
لا نريد أن تتحول ليبيا إلى نكبة جديدة، ولا نريد أن يدفعنا التخلص من النظام إلى وضع أيدينا بيد أمريكا، فهذه ستكون نكبة مضاعفة،
لأننا في الحقيقة لن نتخلص من النظام , وإن كان من الوارد أن نتخلص من القذافي، ولأننا سنقدم ليبيا على طبق من الذهب لأمريكا والغرب،
وحينها سيتمنى الليبيون لو أن القذافي بقي في الحكم، كما الحال في العراق.
ليس هناك شر خالص في بلادنا مثل أمريكا، والشر الخالص كما نعلم لا يمكن أن تجد فيه أي خير، حتى وإن "شـُبه لنا". إن البكاء الأمريكي على الشعوب العربية هو شر خالص، الآن نحن لا نحتاج إلى إثبات، فالعراق نموذج لا يمكن أن ينسينا المآسي التي حلت علينا، وعندما نتهم إيران بالتآمر على العراق مع أمريكا ، لا يمكن أن نصمت لتحالف آخرين مع أمريكا على بلادهم، مهما كان هؤلاء. فالموقف من أمريكا محسوم، وإذا كان غير ذلك فالمصيبة كبيرة.
ليس هناك تقاطع مصالح مع أمريكا، ولا يمكن أن يكون، كل من يروج لهذا الكلام يبرر لأمريكا تدخلها، وكل من يغيّب أمريكا من الصورة يتحالف مع أمريكا، وكل من يستبعد الشر الأمريكي ويضخم "كوارث النظام" يبرر لأمريكا تدخلها.
مع أمريكا ليس هناك حلول وسط، هذا كلام يجب أن يعرفه كل ثوري في العالم العربي، حتى وإن وصلت كراهيته للقذافي وأمثاله إلى حد تستحيل معه الحياة.
إن أخطر ما في الثورات التي نشاهدها الآن هو تغييب الدور الأمريكي، وتكثيف حجم التصريحات الأمريكية عبر الشاشات العربية (المناضلة والمقاتلة والمجاهدة والعميلة)، التصريحات التي تذرف فيها أمريكا "الدموع على الشعوب العربية".
إذا كانت الثورات العربية ستنتهي بلعبة ديمقراطية من النوع الذي تريد أمريكا فقد خسرت هذه الثورات المعركة، خسارة فادحة، والمصيبة أن البعض سيبلع الطعم الأمريكي، وعندها ستكون الحالة أصعب بكثير من التي كانت.
لا نريد أن تغيب العراق عن عيوننا، ولا نريد أن يعمي أبصارنا حب التخلص من الأنظمة التي ما عاد أحد قادرا على تحملها.
لا يمكن التخلص من الشيطان الأصغر بواسطة الشيطان الأكبر، وأمريكا أسوأ من أية صيغة ممكنة، صدقوني، هذا ما يجب أن يكون واضحا للجميع بدون استثناء، وما عدا ذلك فهو الطوفان.
هذه الثورة إما أن تكون أو لا تكون، إما أن تكون عربية بامتياز، وطنية بامتياز، وإما أن تكون على شاكلة العراق، والقادم فيها مخيف، والمخفي فيها ما زال أعظم.
ولعلنا هنا نؤكد مرة أخرى ما كنا قلناه في السابق، ليست الدساتير والانتخابات هي الحل، وليست الديمقراطية كذلك، السيادة على البلد هي الأهم، وهي قبل كل شئ، وبعدها بإمكان الشعوب أن تقرر ما تريد.
لن تحل الانتخابات والدساتير مشكلة مصر ولا غيرها، والذي يعتقد ذلك وبكل أسف سنقول له إن أمريكا في انتظاره، وستبقى في بلاده، بغض النظر عن النظام والسلطة والحزب والجماعة التي ستنجح في الانتخابات.
مشكلة مصر لم تكن في مرة من المرات مسألة انتخابية. صحيح أن القمع وكم الأفواه والسجون والتعذيب والقتل كان السمة الأبرز للنظام، لكن هذا جزء من الصورة وليست الصورة كلها، ونحن لا نريد أن تكون هذه الدبابة التي يدخل الغرب وأمريكا عليها.
في الصورة الحاضرة الآن على الشاشة ومنذ بداية الثورة يبدو أن هناك من يدفع باتجاه هذه القناعات، أي أنه لا يمكن حسم المسألة بدون تدخل خارجي، وهذه ستكون مأساة القرن، لأن العراق ما زالت حاضرة في وجداننا.
التركيز على جرائم النظام الآن تذكرنا بالتركيز على "جرائم صدام" عشية احتلال العراق، وحينها شرب الكثيرون منا الطـُعم، والنتيجة نكبة؛ بلد عربي مهم للغاية اختفى، وتحول إلى كنتونات طائفية.
ليس هناك تقاطع مصالح مع أمريكا، فالذين يحبون بلدهم، الثوريون بشكل خاص، يعرفون أن أمريكا يمكن أن تقطعنا إربا إربا فقط، لكن لا مكان لتقاطع المصالح معها، كل من يقول هذا الكلام يضلل، ويبيع الناس نكبة جديدة.
يخطئ من يعتقد أن أمريكا تجلس جانبا، شرها لا يسمح لها بذلك، وهي تلعب في الخفاء, ولديها قوى معارضة تصطف إلى جانبها، والشاشات التي لا تكشف الشر الأمريكي، والطابور الخامس الذي تدعمه أمريكا،هذه تتصرف كما تصرفت عشية غزو العراق وبعده. لقد شارك هؤلاء بغض النظر عن التسمية في التوطئة للغزو الأمريكي، وصمتوا عن كل أكاذيب أمريكيا بعد ذلك، والتي اعترفت هي بها على لسان رئيسها جورج بوش .
الآن يتكرر نفس المشهد, وإن كانت التفاصيل تختلف، مسرح الكراكوز عبر الشاشات العربية وفوائد ثورات الفيسبوك (واواواو!!!) تجعل من وعي أمة بأكملها تحت رحمة "الروموت كونترول".
الآن هي ساعة الثورة الحقيقية، فكل ما يدور في ليبيا محزن، وكل ما يدور حولها مخيف، هناك من ينتظر لحظات حتى ينتهي كل شئ، ومن ثم "تتكاثر الأكلة"، نخشى أن يعلن الليبيون انتصارهم حين تكون ليبيا تحت قبضة الغرب بالكامل، ونخشى أن يخرجوا إلى الشوارع يرقصون أمام الشاشات بعد أن تكون قوات المارينز وحلف الناتو تحاصر بلادهم، من جهتنا لا نريد نصرا كهذا. هذه نكبة .
يقلقنا للغاية غياب الوضوح من أمريكا، مع تقديرنا للغاية لثورة تريد إسقاط نظام مثل نظام القذافي.
أمريكا هي شر كامل، لا يمكن أن تتقاطع مصلحة أي ثوري وشريف وصادق في العالم العربي معها، والصمت الذي يبديه البعض بادعاء أن هذا ليس وقت الانشغال بأمريكا هو أخطر بكثير من الوقوف معها، ففي حالة الموقف من أمريكا لا يمكن الانتظار في المنطقة الرمادية، ولا يمكن التأتأة، ولن يسامح التاريخ أحدا يصمت عن أمريكا تحت أية حجة، لقد صمت البعض ممن احتج بالظروف"الخاصة" ووجد هؤلاء أنفسهم يقفون إلى جانب أمريكا، حتى لو لم يعلنوا علانية موقفهم منها.
أمريكا ستمزق ليبيا مثلما مزقت العراق ،زنغة زنغة.