المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل من دراسة عقدية لهذا الموضوع



الحياة حلوة
05-11-2011, 08:55 PM
هل هناك دراسة عقدية لحديث النبي صلى الله عليه وسلم : [ من تَردَّى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يَتردّى فيها خالداً مُخلَّداً فيها أبداً ، ومن تَحسَّى سُماً فقتل نفسه فَسُمُّه في يده يتحسَّاهُ في نار جهنم خالداً مُخلّداً فيها أبداً ، ومن قتلَ نفسَه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في نار جهنم خالداً مُخلّداً فيها أبدا ] رواه البخاري
اهم المسائل المهمة في الحديث :
1. مسائل الانتحار وقتل النفس .
2. القول في مرتكب الكبيرة .
في ظني هذه اهم مسائل الحديث , الذي اريد من اخواني في المنتدى ارشادي إلى اهم المراجع في هاتين المسألتين, واذا كان لاحدكم استنباط لبعض المسائل المهمة التي لم تذكر فانني ارحب باستخراجها من الحديث بشرط أن تكون مسائل في العقيدة .
الله يرعاكم .

اخت مسلمة
05-11-2011, 10:21 PM
حفظ النفس من الكليات الخمس التي زخرت كتب عديدة بالحديث حولها وتفصيل مسائلها بأدلتها , وهناك فتاوى في نفس الحديث تالمذكور وحوله وتفصيل مسألة قتل النفس لأئمة معتبرين سأورد لك بعضها :

فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز:


إذا انتحر شخص لظروف حياتية وما يلاقيه من ضيق في المعيشة والإنفاق على أسرته، هل هذا يعني أنه سوف يخلد في جهنم؟

الانتحار منكر عظيم، وكبيرة من كبائر الذنوب، لا يجوز للمسلم أن ينتحر، يقول الله عز وجل: ..وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) سورة النساء، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: (من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة)، فالواجب على المؤمن التصبر والتحمل إذا حصل عليه نكبة ومشقة في دنياه، أن لا يعجل في قتل نفسه، بل يحذر ذلك ويتقي الله ويتصبر ويأخذ بالأسباب، ومن يتق الله يجعل له مخرجاً. وإذا قتل نفسه فقد تعرض لغضب الله وعقابه، وهو تحت مشيئة الله؛ لأن قتل النفس دون الشرك، والله يقول سبحانه: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء.. (48) سورة النساء، فما دون الشرك فهو تحت مشيئة الله، وقتل النفس دون الشرك، وهكذا الزنا وهكذا السرقة وهكذا شرب المسكر، كلها معاصٍ دون الشرك، وصاحبها تحت مشيئة الله، إذا مات على معصيته إن شاء الله سبحانه غفر له؛ لأعمال صالحة ولإسلامه الذي معه، وإن شاء عذبه في النار على قدر معصيته، ثم بعد ما يطهر ويمحص يخرج من النار، ولا يخلد عند أهل السنة والجماعة، العاصي لا يخلد في النار لا القاتل ولا غيره لا يخلد في النار، ولكنه يعذب إذا شاء الله تعذيبه، يعذب ما شاء الله في النار على قدر معاصيه، ثم يخرجه الله من النار إلى نهر يقال له (نهر الحياة) فينبتون فيه كما تنبت الحبة في حميل السيل، فإذا تم خلقهم أدخلهم الله الجنة بإسلامهم وإيمانهم الذي ماتوا عليه، ولا يخلد في النار إلا الكفرة، لا يخلد في النار إلا الكفرة المشركون الذين كفروا بالله ورسوله، أو كذبوا رسله، أو أنكروا ما جاءت به رسله، أو ما أشبه ذلك من أنواع المكفرات، وأما العاصي فلا يخلد عند أهل السنة والجماعة، خلافاً للخوارج والمعتزلة، فإن طائفة الخوارج وطائفة المعتزلة -وهما طائفتان ضالتان- تقولان: إن العاصي يخلد في النار إذا دخلها! وهذا غلط كبير. أما أهل السنة والجماعة وهم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأتباعهم بإحسان فإنهم يقولون: لا يخلد العاصي في النار إذا لم يستحل المعصية، إذا مات وهو يعلم أنها معصية، لكن حمله الشيطان عليها، فهذا لا يخلد ولكنه تحت مشيئة الله، إن شاء الله عفا عنه وأدخله الجنة بإسلامه وإيمانه، وإن شاء عذبه في النار على قدر معاصيه، ثم بعد التطهير والتمحيص يخرجه الله من النار إلى الجنة. وقد تواترت الأحاديث عن رسول - صلى الله عليه وسلم – بذلك، أن بعض الناس يدخل النار بمعاصيه ثم يخرجه الله من النار بشفاعة الشفعاء، أو برحمته سبحانه من دون شفاعة أحد جل وعلا، كل هذا ثبت عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام-.

هل يعد قاتل نفسه من المخلدين في النار، وإذا كان كذلك فهل يصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين، ويعزى أهله فيه، ويستغفر له؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فقتل النفس من أكبر الكبائر ومن أعظم الجرائم، فقد حرم الله على العبد أن يقتل نفسه، قال الله جل وعلا: ..وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) سورة النساء، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة)، هكذا يقول صلى الله عليه وسلم: (من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة)، حديدة أو سيف أو بندق أو غير ذلك، فالواجب الحذر، ولو أصابه شدة ولو أصابه مرض شديد، أو قلق أو غير ذلك، فيجب عليه أن يتقي الله وأن يحذر قتل نفسه، لكن لا يخلد في النار خلود الكفار، من جنس بقية أهل المعاصي تحت مشيئة الله جل وعلا، قال الله جل وعلا في كتابه العظيم: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء.. (48) سورة النساء، فقتل النفس من جملة المعاصي التي دون الشرك، فهو تحت مشيئة الله إن شاء الله عفا عنه وإن شاء عذبه على قدر الجريمة التي فعلها، ثم بعد التطهير والتمحيص يخرجه الله من النار إلى الجنة؛ بسبب توحيده وإيمانه وإسلامه الذي مات عليه، وهذا هو قول أهل السنة والجماعة خلافاً للخوارج والمعتزلة، فالخوارج يكفرون بالمعاصي والمعتزلة يجعلونه مخلداً في النار، أما أهل السنة والجماعة فيقولون: لا، لا يخلد، ولكنه متوعد بالنار قد يعفى عنه، وقد يدخل النار فإن دخلها فإنه لا يخلد خلود الكفار، وإن خلد خلوداً خاصاً طال مكثه، لكن لا يخلد خلود الكفار، لا يخلد في النار أبد الآباد إلا الكفار خاصة، أما العاصي فقد تطول مدته وقد تقصر، ولكنه يخرج من النار، المآل والمصير الخروج من النار إلى الجنة؛ لأنه مات على الإسلام، والقاتل المسلم من هؤلاء.

وجدنا شخص ميت معلق في شجرة وفي عنقه حبل، ولا ندري هل قتل نفسه بالخنق أم علقه أحد بعد أن قتله، فإذا كان هو الذي علق نفسه بالحبل في الشجرة لكي يموت، فهل يصلي عليه المسلمون أم لا؟

هذا إذا كان مسلماً فإنه يصلى عليه، سواء كان قتل نفسه أو قتله غيره، يصلى عليه، وإن كان قد أتى جريمة عظيمة إذا كان قتل نفسه بالخنق، فهذه جريمة عظيمة، لأن المسلم ليس له أن يقتل نفسه، والله -جل وعلا- حرم على الناس أن يقتلوا أنفسهم، قال - سبحانه وتعالى -: وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا [(29) سورة النساء]. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: (من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة). لكن لو علم أنه قتل نفسه فإنه آثم يكون أخطى وأتى جريمة، وأما الصلاة فيصلى عليه، لأنها مع خلاف من الصلاة عليه، يصلي عليه بعض المسلمين ويغسلونه أولاً ويكفنونه ثم يصلى عليه ثم يدفن في مقابر المسلمين، وهكذا لو عُلم أنه مقتول قتله غيره ظلماً، فإنه يغسل ويصلى عليه، يغسل ويكفن ويصلى عليه، ويدفن في مقابر المسلمين، والله المستعان، لا حول ولا قوة إلا بالله.

أحياناً تحدث وفاة شخص إما متعمداً للانتحار أو شخص سكير، شرب مسكراً يحتوي على كمية كبيرة من السكر أو المسكرات المؤدية للوفاة، أو شخص اعتدي عليه بالقتل للخلاص من شره، فهل يجوز مواساة والدة المتوفى بسبب من هذه الأسباب، أو من يمت إليه بصلة، حيث أنني أتردد كثيراً، هل أذهب أم لا، فتوجهت إليكم لترشدوني إلى ما يرضي الله سبحانه وتعالى،

نعم لا بأس بالتعزية بل تستحب التعزية وإن كان بهذه الحالة، وإن كان عاصياً، إذا انتحر أو قتله من اعتدى عليه، أو قتل قصاصاً أو قتل حداً كالزاني المحصن لنفسه، وهكذا من شرب الخمر حتى مات بسبب ذلك إذا كان لم يستحل ذلك، ولم يوجد به ما يوجب ردة من الأعمال أو الأقوال فهذا عاصي ولا مانع من تعزية أهله في ذالك، ولا مانع من الدعاء له بالمغفرة والرحمة، ويغسل ويصلى عليه لكن لا يصلي عليه أعيان المسلمين كالسلطان والقاضي ونحو ذلك ويصلي عليه بعض الناس من باب الزجر عن عمله السيئ، إذا كان قتل نفسه، أو مات بسبب تعاطيه المسكرات، أما إذا مات بعدوان غيره عليه بظلم اعتدي عليه ظلماً هذا مظلوم يصلى عليه ويدعا له، وكذلك إذا مات بالقصاص بأن قتل قصاصاً؛ لأنه قتل فقتل قصاصاً هذا يصلى عليه أيضاً، ويدعا له ويعزا أهله في ذلك إذا كان مسلماً إذا كان ليس عنده ما يوجب ردة.
إذن المنتحر يصلى عليه لكن تصلي عليه فئة من الناس غير فئة الأعيان؟
نعم؛ لأنه أتى منكراً عظيماً، والنبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر عن رجل قتل نفسه قال : (أما أنا فلا أصلي عليه)، عليه الصلاة والسلام. وترك البقية يصلوا عليه؟ لم يمنع الناس.

محمد بن صالح بن محمد العثيمين:

قوله: «ولا على قاتل نفسه» ، أي: لا يصلي الإمام على قاتل نفسه نكالاً لمن بقي بعده؛ لأن قاتل نفسه ـ والعياذ بالله ـ أتى كبيرة من كبائر الذنوب، وسوف يعذب في جهنم بما قتل به نفسه. فإن قتلها بخنجر ففي يده خنجر في نار جهنم يطعن به نفسه. وإن قتلها بسُم ففي فمه سم يتحسَّاه في النار، وإن قتلها بالتردي من أعلى جبل، أو جدار، أو ما أشبه ذلك فكذلك يعذب به في نار جهنم، كما جاء ذلك عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم .
وكثير من الناس غير المسلمين إذا ضاقت به الدنيا قتل نفسه والعياذ بالله ـ فيكون كالمستجير من الرمضاء بالنار؛ عجل العقوبة لنفسه ـ والعياذ بالله ـ؛ لأنه يعذب من حين أن يموت.
ودليل ذلك: «أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أتي برجل قد قتل نفسه بمشاقص فلم يصل عليه» (3) .
ولكن هل يصلي عليه بقية الناس؟
الجواب: نعم، يصلي عليه بقية الناس؛ لأنه مسلم لا يكفر، وإن كان يخلد في النار إلى أن يشاء الله.
ولو قال قائل: أفلا ينبغي أن يعدى هذا الحكم إلى أمير كل قرية أو قاضيها أو مفتيها، أي من يحصل بامتناعه النكال، هل يتعدى الحكم إليهم؟
فالجواب: نعم يتعدى الحكم إليهم، فكل من في امتناعه عن الصلاة نكال فإنه يسن له أن لا يصلي على الغال، ولا على قاتل نفسه.
"...من قتل نفسه بالنار عُذِّب بها في نار جهنم؛ لأن كل من قتل نفسه بشيء فإنه يعذب به في نار جهنم ، فلو قتل نفسه بخنجر فإنه يوم القيامة يعذب بهذا الخنجر في نار جهنم، ولو قتل نفسه بالتردي من شاهق فإنه يخلق له في النار شاهق فيتردى منه يعذب به في نار جهنم، ومن قتل نفسه بسُمٍّ بأن تحسَّى هذا السم عُذب به في نار جهنم..."

المهم أنه إذا نزل بك ضر فلا تتمن الموت وإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام نهى أن يتمنى الإنسان الموت للضر الذي نزل به فكيف بمن يقتل نفسه إذا نزل به الضر كما يوجد من بعض الحمقى الذين إذا نزلت بهم المضائق خنقوا أنفسهم أو نحروها أو أكلوا سما وما أشبه ذلك فإن هؤلاء ارتحلوا من عذاب إلى أشد منه فلم يستريحوا، انتقلوا من عذاب إلى أشد لأن الذي يقتل نفسه يعذب بما قتل به نفسه في نار جهنم خالداً فيها أبداً كما جاء ذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم إن قتل نفسه بحديدة - خنجر أو سكين أو مسمار أو غيره - فإنه يوم القيامة في جهنم يطعن نفسه بهذه الحديدة التي قتل بها نفسه .
إن قتل نفسه بسم فإنه يتحساه في نار جهنم إن قتل نفسه بالتردي من جبل فإنه ينصب له جبل في جهنم يتردى منه أبد الآبدين وهلم جراً فأقول إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتمنى الإنسان الموت لضر نزل به فإن أعظم من ذلك أن يقتل الإنسان نفسه ويبادر الله بنفسه نسأل الله العافية .
- عن أبي زيد ثابت بن الضحاك الأنصاري رضي الله عنه، وهو من أهل بيعة الرضوان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين بمله غير الإسلام كاذبا متعمدا فهو كما قال، ومن قتل نفسه بشيء، عذب به يوم القيامة، وليس على رجل نذر فيما لا يملكه، ولعن المؤمن كقتله.متفق عليه .
الشَّرْحُ: سبق الكلام على أول هذا الحديث، حديث أبي زيد بن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه، وهو أن من حلف بملة غير الإسلام كاذبا متعمدا فهو كما قال: والثاني أن من قتل نفسه بشيء عذب به في جهنم يعني إذا قتل الإنسان نفسه بشيء فإنه يعذب به في جهنم رجل أكل سما ليموت فمات فإنه يتحسى هذا السم في جهنم خالدا مخلدا فيها والعياذ بالله صعد إلى السقف فأسقط نفسه حتى هلك فإنه يعذب بمثل ذلك في جهنم قتل نفسه بسكين فإنه يعذب بها في جهنم قتل نفسه بعصاة فإنه يعذب بها في جهنم قتل نفسه بقنابل فإنه يعذب بها في جهنم ومن ذلك فعل بعض الناس الذين ينتحرون يلبس الإنسان قنابل يحزمها على بطنه ثم يذهب إلي فئة من العدو ويطلقها فيكون هو أول من يموت هذا يعتبر قاتلا لنفسه ويعذب بما قتل به نفسه في جهنم والعياذ بالله وهؤلاء يطلقون على أنفسهم الفدائيين ولكنهم قتلوا أنفسهم فيعذبون في نار جهنم بما قتلوا به أنفسهم وليسوا بشهداء لأنهم فعلوا فعلا محرما والشهيد هو الذي يتقرب إلى الله تعالى بفعل ما أمره الله به لا بفعل ما نهاه عنه والله عز وجل يقول: ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ويقول: { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين } لكننا نقول هؤلاء الذين نسمع عنهم يفعلون ذلك نرجو ألا يعذبوا لأنهم جاهلون متأولون لكنهم ليس لهم أجر وليسوا بشهداء لأنهم فعلوا ما لم يأذن به الله بل ما نهى الله عنه فإن قال قائل: أليس الصحابة يغامرون فيدخلون صف الأعداء من الروم وغير الروم، قلنا بلى لكن هل هذا قتل لأنفسهم؟ ليس بقتل. صحيح أنهم على خطر، لكن فيه احتمال النجاة ولهذا يدخلون صفوف الروم فيقتلون من شاء الله ثم يرجعون إلى الجيش وكذلك ما فعله البراء بن مالك رضي الله عنه في وقعة اليمامة فإنهم لما وصلوا إلى حائط مسيلمة الكذاب وجدوا الباب مغلقا ولم يتمكنوا من دخوله وكان البراء بن مالك رضي الله عنه أخا أنس بن مالك كان شجاعا فطلب من الجيش أن يلقوه من وراء الجدار ليفتح لهم الباب فألقوه من وراء الجدار من أجل أن يفتح لهم الباب ففعلوا حتى يدخلوا على مسيلمة الكذاب وفعلا فتح لهم الباب ونجا فلا يمكن أن نستدل بمثل هذه الوقائع على جواز الانتحار الذي يفعله هؤلاء من سلطان ولكن نقول نرجو من الله عز وجل أن لا يأخذهم بما صنعوا لأنهم صنعوا ذلك عن جهل وحسن نية فمن قتل نفسه بشيء فإنه يعذب به في نار جهنم واعلم أنه قد ورد فيمن قتل نفسه بشيء أنه يعذب به في جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا فذكر التأبيد فهل يعني ذلك أنه كافر ? لأنه لا يستحق الخلود المؤبد إلا الكفار الجواب: لا ليس بكافر. بل يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدعى له بالمغفرة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي قتل نفسه بمشاقص ? فقدم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه لكنه لم يصل عليه وقال صلوا عليه فصلوا عليه بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا يدل على أنه ليس بكافر وحينئذ لا يستحق الخلود المؤبد فما ذكر في الحديث من ذكر التأبيد وإن كانت اللفظة محفوظة عن النبي صلى الله عليه وسلم فالمراد شدة التهديد والتنفير من هذا العمل وإلا فليس بكافر.

بارك الله فيكم هل يصلى على المنتحر ويغسل أم لا؟

الجواب: المنتحر والعياذ بالله قتل نفسه عمداً بغير حق وانتحاره من سفاهته لأنه بانتحاره يظن أنه يتخلص مما هو فيه من المحنة والضيق لكنه يتخلص إلى شئٍ أضيق وأشد محنة فهو كالمستجير من الرمضاء بالنار وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (أن من قتل نفسه بشيء فإنه يعذب به في نار جهنم خالداً مخلداً أبداً فيها) والعياذ بالله من قتل نفسه بحديدة فهو في جهنم ينحر نفسه بهذه الحديدة وكذلك أيضاً من تحسى سماً حتى مات فإنه يتحساه في نار جهنم من تردى من جبل أو من أسقط نفسه من جدار فإنه يفعل به ذلك في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً فالانتحار ليس فيه فكٌ من مشكلة ولا إزالة للغم ولا للهم بل فيه زيادة في السوء على المنتحر وإذا انتحر إنسان فإنه إذا كان مسلماً يصلى عليه فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه لكن إذا رأى أمير القبيلة أو قاضي البلد أو الكبير في البلد الذي له قيمته في المجتمع أن لا يصلي عليه فإن ذلك خير لأن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجلٍ قتل نفسه بمشاقص فلم يصل عليه أما غيره من الناس فيصلون عليه ويدعون له بالرحمة لأنه لا يكون مرتداً بانتحاره ولكنه فعل كبيرةً عظيمةً من الذنوب نسأل الله العافية والخلاصة أن المنتحر يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين إذا كان مسلماً ولكن إذا رأى كبير القوم أن لا يصلي عليه ردعاً لغيره فهذا حسن اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

المستمعة عائشة عبد القادر الأردن عمان تقول هل يخلد القاتل في النار وما الجواب فيمن قتل نفسه؟

الجواب: القاتل للمؤمن عمداً قال الله فيه (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) فذكر الله له خمس عقوبات جزاءه جهنم خالداً فيها غضب الله عليه لعنه أعد له عذاباً عظيماً وأما من قتل نفسه فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه يعذب في جهنم بما قتل به نفسه خالداً فيها مخلداً نسأل الله العافية وعلى هذا فيجب الحذر من قتل الإنسان نفسه وقتله غيره من المؤمنين فإن في ذلك هذا الوعيد الشديد الذي سمعته السائلة وليعلم أن من الشر والبلاء ما يفعله بعض الناس إذا ضاقت عليه الأمور في الدنيا ذهب يقتل نفسه يظن أنه ينجو بذلك من هذا الضيق وما علم المسكين أنه ينتقل من ضيق إلى ضيق أعظم فيكون كالمستجير من الرمضاء بالنار فهو إذا قتل نفسه عمداً أعد الله له هذه العقوبة العظيمة بأن يعذب بما قتل به نفسه في جهنم خالداً فيها مخلدا وهذا القتل لا ينجيه أبداً مما وقع فيه من الشدة بل ينتقل من شدة إلى أشد ومن عذاب إلى أعظم نسأل الله العافية والسلامة.

ما الجواب عن قوله صلّى الله عليه وسلّم فيمن قتل نفسه: «خالداً مخلداً فيها أبداً»؟
الجواب: هذا الحديث نظير الآية من بعض الوجوه: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا *} [النساء] ، وقد أجاب العلماء عن هذا بأجوبة كثيرة منها:
أن هذا فيمن كان مستحلاً للقتل، وعرض هذا الجواب على الإمام أحمد فضحك وقال: سبحان الله، إذا استحل القتل فهو كافر سواء قتل أو لم يقتل.
ومنهم من قال: إنه على شرط، أي هذا جزاؤه إن جازاه الله.
ومنهم من قال: إن هذا سبب، والسبب قد وجد فيه مانع وهو الإيمان.
ومنهم من قال: إن هذا على ظاهره أن من فعل هذا فإنه يختم له بسوء الخاتمة فإن تاب تاب الله عليه، ويؤيده قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يزال الرجل في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً» (1) ، وهذا والذي قبله أحسن الأجوبة.

و قال عند فصل: فَصْلٌ "مَنْ قَتَلَ نَفْساً مُحَرَّمَةً خَطَأً مُبَاشَرَةً، أَوْ تَسَبُّباً بِغَيْرِ حَقٍّ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ" من زاد المستقنع:
... وقوله: «نفساً» هذه نكرة في سياق الشرط فتكون عامة، لكنها خصصت بأوصاف تمنع القول بالعموم.
وقوله: «من قتل نفساً» هذا يشمل حتى لو قتل نفسه، فلو أن شخصاً كان يعبث بسلاح ثم ثار به وقتله فإنّ عليه الكفارة، وليس عليه الدية، لعموم قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً} وهو مؤمن ويسمَّى قاتلاً؛ لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قال: «من قتل نفسه بحديدة عذب بها» (1) فهو قاتل لنفس مؤمنة فيلزمه الكفارة، وهذا هو المشهور من المذهب، وجزموا به، وقالوا: إنه يجب أن تؤدَّى الكفارة مِنْ تَرِكَتِه، لعموم الآية.
والقول الثاني: أن الكفارة لا تجب على من قتل نفسه، واستدلوا بقصة عامر بن الأكوع ـ رضي الله عنه ـ في غزوة خيبر حين تقدم عامر ليبارز مَرْحَبا اليهودي، فلما أراد عامر أن يطعنه من الأسفل، كان سيفه قصيراً فعاد السيف وضرب عين ركبة عامر فنزف الدم ومات، فلما مات شك الناس فيه، وقالوا: بطل أجر عامر، حتى إن بعضهم توقف عن الدعاء له، قال سلمة بن الأكوع ـ رضي الله عنه ـ: فبينما أنا مع الرسول صلّى الله عليه وسلّم وجدني ساكتاً، شاحباً ـ كأنه مغموم ـ فقال له: ما لَكَ؟ قال: قلت: يا رسول الله، إنهم يقولون: بطل أجر عامر، قتل نفسه! فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «كذب من قاله، إن له الأجر مرتين، إنه لجَاهِدٌ مجاهد، قلَّ عربي مشى بها مثله» (1) .
فالرسول صلّى الله عليه وسلّم ذكر في هذا الحديث ثلاثة أمور:
أولاً: كذب من قال: إنه بطل أجره، قال العلماء: والكذب هنا بمعنى الخطأ؛ لأن قولهم لم يطابق الواقع؛ لأنهم لم يخبروا عن شيء حدث، إنما قالوا شيئاً ظنُّوه، فكلامهم هذا إنشاء وليس خبراً، وهذا أحد المواضع التي يستشهد بها على أن الكذب يأتي بمعنى الخطأ.
ثانياً: قوله: «إنه لجاهد مجاهد» قيل: إن الكلمتين من باب التوكيد، كما يقال: شعرٌ شاعر، أي: شعر جيد جداً، وجاهد مجاهد، يعني أنه جاهد جداً.
وقيل: بل معنى «الجاهد» الجاد في الأمور، و«المجاهد» أي في سبيل الله، وهذا التفسير أحسن؛ لأنه إذا دار الأمر بين كون الكلام ثالثاً: قوله: «له الأجر مرتين» ، لأن الرجل بارز، وهذا أجر، وقتل نفسه في سبيل الله، وهذا أجر آخر.
ودعا له الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ولم يقل: إن عليه الكفارة، ولو كانت الكفارة واجبة عليه لبيَّنها النبي صلّى الله عليه وسلّم لدعاء الحاجة إلى بيانها.
ثم إنك إذا قرأت الآية ظهر لك أنَّ المراد غير قاتل نفسه؛ لأن الله تعالى قال: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا}، ولا تجتمع الدية مع الكفارة إلا فيما إذا كان المقتول غير نفسه، أما إذا قتل نفسه فإنه لا تجب الدية بالاتفاق، فسياق الآية يدل على أن المراد من قتل غيره، وهذا القول أرجح، لكن ليس من جهة الآية؛ لأن الآية قد ينازع فيها منازع، ولكن من جهة قصة عامر بن الأكوع ـ رضي الله عنه ـ.

سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى : عن رجل قتل زوجته ثم قتل نفسه فهل يصلى عليه؟
فأجاب فضيلته بقوله: نعم يصلى عليه، لأن قتل النفس لا يخرج من الإسلام، والدليل على أنه لا يخرج من الإسلام قول الله تبارك وتعالى: {ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالاُْنثَى بِالاُْنْثَى فَمَنْ عُفِىَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَىْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَآءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَالِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَالِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ } فجعل القاتل أخاً للمقتول، ولو كان يخرج من الإسلام لم يكن أخاً له، ولكن الأمر شديد وإن لم يخرج من الإسلام، وكذلك العقوبة شديدة، يقول الله عز وجل: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً } خمس عقوبات: جهنم، والخلود فيها، وغضب الله عليه، ولعنه، وأعد له عذاباً عظيماً. فالأمر ليس بالهين، لكن لا يخرج من الإسلام، ويصلى عليه، ويدعى له بالمغفرة، وفضل الله واسع.

سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى : ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده، يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بسمٍّ، فسمه بيده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تردَّى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً أبداً". ماذا يُقصد بهذه الأبدية؟ هل هي خاصة بقاتل نفسه؟ وهل يجوز الترحم على من فعل ذلك بنفسه؟

فأجاب فضيلته بقوله: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. هذا سؤال مهم جداً؛ وذلك أنه يأتي في الكتاب والسنة نصوص فيها فتح باب الرجاء والأمل الواسع؛ مثل أن يذكر الشارع بعض الأعمال الصالحة، ويرتب عليها تكفير السيئات، أو يرتب عليها دخول الجنة وما أشبه ذلك، فيأتي بعض الناس ويغلب جانب الرجاء على جانب الخوف، فيفرح ويستبشر بذلك ويقول: إذن فلا تضرني معصية، مادام هذا العمل اليسير يكفِّر عني السيئات، أو يكون سبباً في دخولي الجنة، وهذا فهم خاطىء لنصوص الرجاء.
تخرج العبد من الإسلام، فتجد بعض الناس يتحسَّر وييأس، ويتمادى في ضلاله، وهذا فهم خاطىء أيضاً لنصوص الوعيد.
ولذلك انقسم أهل القبلة يعني الذين ينتسبون للإسلام انقسموا في هذه النصوص إلى ثلاثة أقسام: قسم غلَّب جانب نصوص الرجاء، وقال: لا تضر مع الإسلام معصية، وهؤلاء هم المرجئة، يغلبون جانب الرجاء على جانب الخوف، ويقولون: أنت مؤمن، اعمل ما شئت فلا يضرك مع الإيمان معصية.
وطائفة أخرى: غلبوا نصوص التخويف والزجر، وقالوا: إن فاعل الكبائر، مخلد في نار جهنم أبداً، ولو كان مؤمناً، ولو كان يصلي، ولو كان يزكي ويصوم ويحج، وهؤلاء هم (الوعيدية) من المعتزلة والخوارج، قالوا: إن الإنسان لو فعل كبيرة، كقتل نفسه مثلاً، أو قتل نفس غيره، أو زنى أو سرق، فهو خالد مخلد في نار جهنم.
وكل هؤلاء جانبوا الصواب، سواء الذين غلَّبوا نصوص الرجاء والرحمة، أو الذين غلبوا نصوص التخويف والوعيد.
وأهل السنة والجماعة وسط بين هذه الفرق، قالوا: نأخذ بالنصوص كلها؛ لأن الشريعة شريعة واحدة، صادرة عن مصدر واحد وهو الله عز وجل، إما في كتابه، أو على لسان رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإذا كان الأمر كذلك، فإنه يكمل بعضها بعضاً، ويُقيد بعضها بعضاً، ويخصص بعضها بعضاً، فيأتي نص عام، ونص خاص، فيجب أن نحمل العام على الخاص، ويأتي نص مطلق، ونص مقيد، فيجب أن نحمل المطلق على المقيد؛ لأن الشريعة واحدة،والمشرع واحد، فإذا كان كذلك فلا يمكن أن نأخذ بجانب دون الآخر.
وبهذا يسلم الإنسان من إشكالات كثيرة، فقد ورد في القرآن قوله تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً عَذَاباً عَظِيماً }. هذه خمس عقوبات؛ جزاؤه جهنم، خالداً فيها، وغضب الله عليه، ولعنه، وأعد له عذاباً عظيماً. عندما تقرأ هذه الآية تقول: إن قاتل المؤمن عمداً مخلدٌ في النار، ولا يمكن أن يخرج منها، لأن الله قال: {وغضب الله عليه ولعنه}. ومن لعنه الله فقد طرده وأبعده عن رحمته، وهذا يقتضي أنه لا يمكن أن يخرج من النار إلى الجنة أبداً.
وكذلك ما أشار إليه السائل فيمن قتل نفسه، أنه خالدٌ مخلدٌ أبداً، صرح في الحديث بالتأبيد، وهذا يقتضي ألا يخرج منها، لأن هذا خبر من الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وخبر الرسول صدق، ولا يمكن أن يعتريه الكذب، ولا يمكن أن يتخلف مدلوله، ولهذا نقول: هذه الأشياء تكون سبباً لذلك، فقتل النفس سبب للخلود المؤبد في نار جهنم، كما قال الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولكن هناك موانع من الخلود، دلَّت عليها النصوص الشرعية؛ منها أن يكون الإنسان معه شيء من الإيمان، ولو أدنى أدنى أدنى مثقال ذرة من الإيمان، فإنه لا يخلد في النار، فنحمل هذه النصوص على هذه النصوص، ونقول: نصوص الوعيد جاءت عامة من أجل التنفير من هذا العمل والهروب منه، ولكن ليس هناك خلود مؤبد إلا للكافرين، هذا وجه.
الوجه الثاني: أن بعض العلماء يقول: هذه النصوص على ظاهرها، وذلك أنه قد يصاب الذي يقتل نفسه بالانسلاخ من الإيمان، فيكون حين قتل نفسه غير مؤمن، وإذا كان غير مؤمن فهو كافر خالد في النار، لأنه إذا نحر نفسه فإن كان مجنوناً فلا شيء عليه، وإن كان عاقلاً، فلابد أنه فعل ذلك لسبب، وهذا السبب في الغالب لكي يستريح من النكبة أو الضائقة التي حلت به على زعمه.
الوجه الثالث: يرى بعض العلماء أن قوله: "خالداً مخلداً" وهم من الراوي. والمهم أنه يجب أن نعلم أن نصوص الكتاب والسنة يقيد بعضها بعضاً، ويخصص بعضها بعضاً، ولا تناقض بين نصوص الكتاب والسنة أبداً.
وأما مسألة الترحُّم عليه، فيجوز الترحُّم عليه، لأنه ليس بكافر وإن كان يخلد في النار إلى أن يشاء الله.

سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله-: إذا هُدِّدَ السجين بأن تفعل الفاحشة معه أو مع أحد أقاربه، فهل يجوز له الانتحار، وهل يجوز له الإضراب عن الطعام إذا ضُرِبَ ضَربًا شديدًا أو خشي إفشاء أسرار المسلمين، وهل يُعدُّ منتحرًا إذا مات على هذه الحالة؟
فأجاب بقوله: لا يجوز أبدًا أن يقتل نفسه بأي حال من الأحوال، لأنَّ قتل النفس من كبائر الذنوب، ومن قتل نفسه بشيء فإنه يُعذَّبُ به في جهنم فليصبر على الابتلاء، فربما يُفرِّج الله عنه ما هُدِّدَ به.
ومن زعم أنه إذا قتل نفسه نجا من الضائقة التي ألمت به فقد أنكر البعث، وأنكر عقوبة الاآخرة، وإذا أنكر البعث، وعقوبة الآخرة، كان بذلك كافراً، فيكون مستحقًّا للخلود المؤبد في النار، لأنه ليس من المعقول أن شخصاً يقتل نفسه ليستريح مما هو فيه، إلا لظنه أنه ينتقل إلى ما فيه الراحة له، ولا يمكن ذلك وقد قتل نفسه، فيكون شاكًّا في البعث أو جاحداً لعذاب الآخرة، وبذلك يكون كافراً. هكذا قال بعض أهل العلم.

أحسن الله إليكم يا شيخ يقول: عندنا شخص وجد معلقا على مروحة، وقيل: إنه شنق نفسه، أي أنه منتحر، مع العلم أنه كان صاحب معاص وخمر، وقيل مات سكرانا، فهل يغسل، وهل يصلى عليه، وهل يدفن في مقابر المسلمين، وهل يعزى أهله، ويقام له عزاء وما مصيره ؟ إلى الجنة أو إلى النار ؟
هذا هو الآن لم يفعل به شيء أو قد انتهى ؟. انتهى يا شيخ انتهى. لأن هذه الأفعال وهو قتل نفسه، وشرب الخمر والزنا مثلا، وأكل الربا كل هذا لا نخرجه من الإسلام، لكنه صاحب معصية بلا شك، وإذا كانت هذه الأفعال لا تخرجه من الإسلام، فإنه يجب أن يغسل، ويكفن، ويصلى عليه، ويدفن مع المسلمين، إلا أنه يجب أن نعلم أن من قتل نفسه بشيء، فإنه يعذب به في نار جهنم خالدا مخلدا فيها، والعياذ بالله كما قال كما قال الله تعالى فيمن قتل مؤمنا متعمدا : { فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93) } نعم شيخ. وهذا الرجل العاصي عندما مات بهذه المعاصي العظيمة، ولكن لم تصل إلى الكفر يدعى له بالمغفرة والرحمة؛ لأنه مؤمن، بل لأنه مسلم . نعم .

فضيلة الشيخ: أشكلت علينا مسألة وهي: هل صاحب الكبيرة من أمة محمد كالذي يقتل نفسه يخلد في النار؟

الجواب:أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن ( من قتل نفسه بحديدة أو سم فإنه يعذب به في نار جهنم خالداً مخلداً ) نسأل الله العافية، وهذا قاله على سبيل الزجر؛ لأن قتله نفسه أعظم قتلٍ يكون، إذ أن الإنسان يجب عليه أن يدافع عن نفسه أكثر مما يدافع عن غيره، فكيف إذا انتهك حرمتها هو بنفسه؟!! فإنه يكون أشد إثماً، ويكون المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: ( خالداً مخلداً ) المبالغة في زجره، وهي تشبه قول الله تعالى: { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً } [النساء:93].
ومن هنا يتبين أن ما يفعله الانتحاريون في بعض الجهات من كونه يلبس أشياء مهلكة قنابل أو غيرها، ويكون هو أول من يموت بها يدخل في هذا الوعيد، وأنهم آثمون ومخطئون خطأً عظيماً، لكن نظراً لكونهم جهالاً وكونهم متأولين نرجو ألا يشملهم هذا الوعيد، إنما يجب علينا أن نبين للناس أن هذا عملٌ غير صالح بل هو محرم.
والعجب أن بعض الناس يستدل على هذا الأمر المحرم الذي هو من كبائر الذنوب بحديث البراء بن مالك -رضي الله عنه- حينما حاصروا حديقة مسيلمة الكذاب ، وكان الباب مغلقاً، فطلب من أصحابه أن يلقوه من وراء الجدار ليفتح لهم، ففعلوا، ففتح لهم ودخلوا الحديقة.
استدل بهذه القصة على جواز الانتحار، فهل في هذا دليل؟ ليس فيه دليل؛ لأن البراء بن مالك بقي حياً، وهذا الذي ينتحر يكون ميتاً مائة بالمائة، أما البراء بن مالك فهو لم يقتل نفسه، صحيحٌ أنه خاطر لكن هناك احتمال ألا يقتل، وهذا هو الواقع لم يقتل.
ونظير قصة البراء بن مالك أن يدخل أحدٌ بشجاعة بين صفوف الكفار ويقتل ما على يمينه وشماله لكن هناك احتمال أن ينجو، أما المنتحر فإنه لا احتمال لنجاته، ولهذا يجب علينا ألا نشجع هذا بل نحذر منه.

من المعلوم أن عقيدة أهل السنة والجماعة : أن العاصي إذا دخل النار لا يخلد, لكن ما الجواب عن ما ورد في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً )؟

الجواب
هذا إشكال, من المعلوم أن من عقيدة أهل السنة والجماعة أن من دخل النار بذنب دون الكفر فإنه لا يخلد فيها, وقتل النفس ذنب دون الكفر, فما الجواب عما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( أن من قتل نفسه بشيء فإنه يعذب به في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ) حيث ذكر الرسول عليه الصلاة والسلام التأبيد, والجواب على هذا من أحد وجهين: إما ألا تصح كلمة أبداً عن النبي عليه الصلاة والسلام وأن تكون كلفظ الآية: { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا } [النساء:93] وليس فيها التأبيد, ويكون المراد بالخلود هنا: المكث الطويل.
وإما أن يقال: إن هذا مستثنى ممن يخلد في النار وليس من أهل الكفر, هذا إذا صحت هذه الكلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ولا يبعد لأن الإنسان الذي يقتل نفسه -والعياذ بالله- قد يكون قلبه منسلخاً من الإيمان, أي: لا يقتل نفسه إلا فراراً من قدر الله, وعدم الصبر على قدر الله عز وجل فقد يكون قلبه في تلك اللحظة منسلخاً من الإيمان, كما جاء في الحديث: ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ).
فالجواب عندي على أحد وجهين:
1- إما أن يقال: إن كلمة أبداًَ لم تصح, فيكون لفظ الحديث خالداً مطابقاً للفظ الآية.
2- وإما أن يقال إن هذا مستثنى.
لكن ظاهر مذهب أهل السنة : أن الأبدية هنا لا تصح عن النبي عليه الصلاة والسلام.

من المعلوم أنه لا يخلد في النار إلا أهل الشرك، ولكن في قوله تعالى: { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا } [النساء:93] فكيف تفسر هذه الآية خاصة أن الخوارج يستدلون بها على كفر صاحب الكبيرة؟

الجواب
يمكن أن يجاب عن هذا الإشكال من خمسة أوجه:
الوجه الأول: هذه الآية من الآيات المتشابهة، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم فيمن قتل نفسه بحديدة: (أنه يعذب بها في جنهم خالداً مخلداً فيها أبداً) -فهو من النصوص المتشابهة- والقاعدة عند أهل الإيمان: أن النصوص المتشابهة تحمل على النصوص المحكمة، والنصوص المحكمة دلت على أن قتل النفس لا يخرج به الإنسان من الإيمان، قال الله تعالى: { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى } [البقرة:178] إلى أن قال: { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ } [البقرة:178]؛ فإذا كان كذلك فإن الواجب أن تحمل آية الوعيد والحديث على معنى لا يتنافى مع النصوص الأخرى، فتقول: قتل المؤمن عمداً وقتل النفس عمداً سبب للخلود في النار، والسبب قد يعارضه مانع، يمنع من حصول المسبب.
أرأيت مثلاً في باب الفرائض، القرابة سبب من أسباب الإرث، لكن قد يوجد مانع يبطل هذا السبب، لو كان الأب كافراً والابن مؤمناً فمات الإبن فإن الأب لا يرثه، ولو مات الأب لم يرثه الإبن، لوجود اختلاف الدين، فهكذا هذه الآيات والأحاديث التي فيها الوعيد، نقول: هذه الأفعال التي رتب عليها هذا الوعيد وهو الخلود في النار سبب من الأسباب، وإذا كان سبباً فمقتضى ذلك أن يحترز الإنسان منها؛ لأنه قد يكون هذا السبب لا مانع له كما جاء في الحديث: ( لا يزال الرجل في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً ) أي: أن من أصاب دماً حراماً فإنه يوشك أن يزيغ فيموت على الكفر، فنقول: هذا الفعل أي: قتل النفس المؤمنة عمداً سبب للخلود في النار، وهذا السبب قد يوجد مانع يمنع منه وهو الإيمان، فإن من كان في قلبه أدنى من مثقال حبة خردل من إيمان فإنه لا يخلد في النار، هذا وجه.
الوجه الثاني: أن هذا فيمن استحل القتل فإنه يخلد في النار، لكن هذا الوجه لما ذكر للإمام أحمد رحمه الله تعالى أن فلاناً قال: يخلد في النار من قتل المؤمن عمداً مستحلاً له ضحك، وقال: إذا استحل قتل المؤمن فإنه كافر سواء قتله أم لم يقتله، فهذا جواب ليس بشيء.
الوجه الثالث: قال بعض العلماء في جواب آخر: { فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا } [النساء:93] إن جازاه الله تعالى، فجعل الآية على تقدير شرط يعني إن جازاه فهذا جزاؤه، وإن لم يجازه بل عفا عنه؛ فإنه لا يحصل له هذا العذاب، قالوا: لأن الله تعالى يقول: { إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ } [النساء:48].
الوجه الرابع: قال بعض أهل العلم: إن هذا خرج مخرج الزجر والتنفير، وما خرج مخرج الزجر والتنفير فإنه لا يقصد به هذا الحكم بعينه، وإنما يقصد تنفير الناس منه، كما تقول لابنك: والله إن فعلت ذلك لأقتلنك، وأنت لو فعله هل تقتله؟ لا.
بل قد لا تضربه، مع أنك قلت لأقتلنك هددته بالقتل لكنك لم تقتله، ولكن من شدة التنفير عبرت بذلك، فقالوا: إن الله عبر بالخلود في النار فيمن قتل مؤمناً عمداً تنفيراً منه وزجراً، وليس المراد إيقاع حقيقة ذلك.
الوجه الخامس: قال بعض العلماء: إن الخلود لا يقتضي التأبيد؛ لأن الخلود يأتي في اللغة العربية بمعنى المكث الطويل لا الدائم، وهذا الوجه يمكن أن يجاب به عن الآية الكريمة؛ لأن الله لم يذكر فيها التأبيد، لكن لا يمكن أن يجاب به عن الحديث أن من قتل نفسه بشيء فإنه يعذب به في جهنم خالداً فيها مخلداً أبداً.
وعلى كل حال فيما أرى أن أحسن الأجوبة الوجه الأول: أن القتل عمداً للمؤمن سبب للخلود في النار، ولكن هذا السبب قد يوجد فيه ما يمنعه فيكون في ذلك تحذير شديد أن يفعل الإنسان هذا الفعل؛ لأنه سبب للخلود في النار، فإذا فعله كان السبب موجوداً محققاً والمانع غير محقق، قد لا يحصل مانع.

اللجنة الدائمة للإفتاء ( المملكة العربية السعودية )

أستفتيكم بإذن الله في موضوع قد عرض لي في برنامج طبي كنت أستمع إليه ، وهو : هل يجوز للمريض الذي لا يرجى أمل في شفائه أن يطلب الموت ، وهل يلبى طلبه تخفيفا من الألم الذي يتعرض له ؟ وقد قال المتحدث : إن مريض السرطان مثلا الذي لا يرجى شفاؤه من الأفضل له أن يموت ، فهل يجوز أن يلبى طلب المريض ونقتله تخفيفا من ألمه وعذابه المستمر ؟ وقد تكلم المتحدث عن كتاب يسمى : (الحقوق) ، فقال : إن من حق الإنسان أن يحدد متى تنتهي حياته إذا كان في حياته تعذيب وألم له ولغيره ، فما رأي الدين في هذا الأمر ؟ جزاكم الله خيرا .

ج : يحرم على المريض أن يستعجل موته سواء بطريق الانتحار أو بتعاطي أدوية لقتل نفسه ، كما يحرم على الطبيب أو الممرض أو غيره أن يلبي طلبه ، ولو كان مرضه لا يرجى برؤه ، ومن أعانه على ذلك فقد اشترك معه في الإثم ؛ لأنه تسبـب في قتل نفس معصومة عمدا بلا حق ، وقد دلت النصوص الصريحة على تحريم قتل النفس بغير حـق ، قـال الله تعالى : ( وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ ) وقـال تعـالى : (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) (وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ) وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( من قتل نفسه بحديدة فحديدته بيده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ، ومن شرب سما فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ) متفق عليه .
وعن أبي قلابة عن ثابت بن الضحاك - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة ) رواه الجماعة ، وعن جندب بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سكينا فحز بها يده فما رقأ الدم حتى مات ، قال الله تعالى : بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة )متفق عليه ، وهذا لفظ البخاري .
ولهذا نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتمنى الإنسان الموت لضر أصابه ، في حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه ، فإن كان لا بد فاعلا فليقل : اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي ) أخرجه البخاري ومسلم ، وهذا لفظ البخـاري ، وأخرج البخاري أيضا بلفظ آخر من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( لا يتمنين أحدكم الموت إما محسنا فلعله أن يزداد خيرا ، وإما مسيئا فلعله أن يستعتب ) . فإذا كان الإنسان منهيا عن مجرد تمني الموت وسؤال الله ذلك ، فإن إقدام الإنسان على قتل نفسه أو المشاركة في ذلك تعد لحـدود الله وانتهاك لحرماته ؛ لأن فعل ذلك ينافي الصبر على أقدار الله ، وفيهاعتراض على قضاء الله وقدره ، وجزع من ذلك الذي اقتضت حكمته أن يبتلي عباده بالخير والشر امتحانا واختبارا لعباده ، قـال تعالى : (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ ) وقد يبتلي الله بعض عباده بالمرض ، وهو الحكيم فيما يفعل ، العليم بما يصلح عباده ، ويكون في ذلك خـير له وزيادة في حسناته وقوة في إيمانه ، وقـرب من الله سبحانه باستكانته وتضرعه وخضوعه لله سبحانه وتوكله عليه ودعائه له ، فينبغي للإنسان إذا أصيب بأحد الأمراض : أن يحتسب الأجر في ذلك ويصبر على ما أصابه من البلاء ، فـإن من أنواع الصبر ، الصبر على البلاء حتى يفوز برضا الله سبحانه عنه ، وزيادة حسناته ورفـع درجاته في الآخرة ، ويـدل لذلك ما رواه صهيب - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( عجبت من أمر المؤمن ، إن أمر المؤمن كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان ذلك له خير ، وإن أصابته ضراء فصبر فكان ذلك له خير ) . أخرجـه الإمام مسلم في (صحيحه) ، والإمام أحمد في (المسند) ، وهذا لفظ الإمام أحمد .
وقولـه تعـالى : (وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ ) وقولـه تعـالى : (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ) (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) وقوله تعالى : (وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ ) إلى قولـه تعـالى : (أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) وما رواه أنس - رضي الله عنه - قـال : قـال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن عظم الجزاء مع عظم البلاء ، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط ) أخرجـه الإمـام الترمذي في (جامعه) ، وقال : حسن غريب من هذا الوجه . وما رواه مصعب بن سعد عن أبيه - رضي الله عنهما - قـال : ( قلت : يا رسول الله : أي الناس أشد بلاء ؟ قـال : الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ، يبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان في دينه صلابة شدد عليه في البلاء ، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه ، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة ) أخرجه الترمذي وقال : هذا حديث حسن صحيح .
وما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - قـال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة ) أخرجه الترمذي . وعلى ذلك يحرم على الإنسـان المبتلى بأحد الأمراض أن يسعى في قتل نفسه ؛ لأن حياته ليست ملكا له ، وإنما هي ملك لله الذي قدر الأقدار والآجال ؛ ولأن العبد . بموته تنقطع أعماله ، وحياة المؤمن التي يعيشها يرجـى له خير منها ، فلعله أن يتوب إلى الله سبحانه مما مضى من ذنوبه ، ويتزود من الأعمال الصالحات من صلاة وصيام وزكاة وحج وذكر ودعاء لله سبحانه وقراءة قرآن ، فيرتقي بذلك أعلى الدرجات عند الله ، كما أن المريض يكتب لـه أجر ما كان يعمله في زمن صـحته ، كما ثبتت بذلك الأحاديث الصحيحة .
أما أولئك الذين يرون أن يلبى طلب المريض في قتل نفسه ويعينونه على ذلك من أطباء وغيرهم - فإنهم آثمون بذلك ، ونظرتهم قاصرة ، ويدل ذلك على جهلهم ؛ لأنهم ينظرون إلى حياة الإنسان وبقائه من جهة أن يكون ذا قوة حيوانية ذا سلطة وأشر وبطر ، ولا ينظرون من حياته أن يكون متصلا بربه متزودا بالأعمال الصالحة ، قد رق قلبه لله وخضع واستكان وتضرع بين يديه سبحانه وتعالى ، فكان أحب وأقرب إلى الله ممن تجبر وطغى واستغل قوته الحيوانية فيما يغضب الله . كما أن الله سبحانه قادر على شفائه ومـا يكون اليوم مستحيلا في نظر البشر قد يكون ميسورا علاجه مستقبلا بقدرة الله الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

ما حكم الدين فيمن تناول سمًا بقصد الانتحار ، ولكنه لم يمت وبعد مدة توفي وفاة طبيعية ؟ وهل يدخل ضمن من قال فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة ) ؟

ج 2 : تناوله السم بقصد الانتحار من كبائر الذنوب ، وإن لم يمت منه ، ولكنه لا يدخل في عموم حديث : ( من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة ) ؟ لأنه لم يقتل نفسه بالفعل .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

قرأت في عديد من المراجع وسمعت من كثير من الناس : أن عباد القصور المشيدة ، والفروج الفتية ، والمناصب الزائلة ، أعداء الدين والعدل والإنصاف ، عذبوا بعض المسلمين أو بعض السياسيين بالنار الموقدة حتى ماتوا ، وبعضهم بالكهرباء وغيرها حتى ماتوا بالتقطيع والتقسيط ، فهل يجوز لمن امتحنه الله أو انتقم منه بمثل هذا التعذيب أن يقتل نفسه؛ ليستريح من الموت المقطع والتمثيل بحواسه وأجزائه وهو حي ، أم يشمله الوعيد المذكور في (صحيح البخاري ) وهذا نصه : ( من تردى من جبل فمات بعث وهو يتردى في نار جهنم ، ومن طعن نفسه بمدية فمات بعث وهو يطعن بطنه أو رأسه ) . . إلخ ، أمليته من ذاكرتي ؛ ولذا فلعلها خانتني في بعض مفرداته . لا يجوز لمن ابتلي بمرض أو شدة إيذاء عدو أو نحو ذلك أن يقتل نفسه ؛ لقوله تعالى : (
وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا )(وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا )
وقوله عليه الصلاة والسلام : ( كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح ، فجزع فأخذ سكينًا فحز بها يده ، فما رقأ الدم حتى مات ، قال الله عز وجل : بادرني عبدي بنفسه ؛ حرمت عليه الجنة ) متفق عليه ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة ) متفق عليه من حديث ثابت بن الضحاك الأنصاري ، وإنما الواجب عليه الصبر والتحمل واللجوء إلى الله سبحانه ، وسؤاله الفرج ، وهو القائل سبحانه : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ) والقائل : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا )(إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا )
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم

أحيانا تحدث وفاة شخص إما متعمدا للانتحار ، أو شخص سكير شرب مسكرا يحتوي على كمية كبيرة من المسكر ، أو المسكرات المؤدية للوفاة ، أو شخص اعتدى عليه بالقتل للخلاص من شره ، فهل يجوز مواساة والدة المتوفى لسبب من هذه الأسباب ، أو لمن يمت إليه بصلة ؟ حيث إنني أتردد كثيرا ، هل أذهب أم لا ، فتوجهت إليكم لترشدوني إلى ما يرضي الله سبحانه وتعالى ، جزاكم الله خيرا .
نعم ، لا بأس بالتعزية ، بل تستحب التعزية ، ولو كان بهذه المثابة ، وإن كان عاصيا ، إذا انتحر أو قتله من اعتدى عليه ، أو قتل قصاصا ، أو قتل حدا كالزاني المحصن لنفسه ، وهكذا من شرب الخمر حتى مات بسبب ذلك إذا كان لم يستحل ذلك ، ولم يبد منه ما يوجب ردة في الأقوال أو الأعمال فهذا عاص ، ولا مانع من تعزية أهله في ذلك ، ولا مانع من الدعاء له بالمغفرة والرحمة ، ويغسل ويصلى عليه ، لكن لا يصلي عليه أعيان المسلمين مثل السلطان والقاضي ونحو ذلك ، يصلي عليه بعض الناس من باب الزجر عن عمله السيئ إذا كان قتل نفسه ، أو مات بسبب تعاطيه المسكرات ، أما إذا مات بالعدوان عليه بظلم فهذا مظلوم يصلى عليه ، ويدعى له ، أو كالذي مات بالقصاص بأن قتل قصاصا ؛ لأنه قتل فقتل قصصا ، هذا يصلى عليه أيضا ، ويدعى له و يعزى أهله في ذلك إذا كان مسلما ، إذا كان ليس عنده ما يوجب ردته .

القاتل نفسه غضبانا هل يمكن أن يصلى عليه أم لا؟

ج2: القاتل نفسه يصلى عليه، ولكن لا يصلي عليه السلطان العام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل على قاتل نفسه تعظيمًا لهذه الجريمة، وتحذيرًا منها. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
"حرم الله على الإنسان أن يقتل نفسه لأي دافع قال تعالى: (تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً* وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً) وصح في الحديث أن من قتل نفسه فقد أوجب الله له النار وأن من قتل نفسه بالسم فسمه في يده يتحساه في نار جهنم ومن قتل نفسه بحديده فحديدته في يده يجأ بها نفسه في نار جهنم ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم ومن ذلك قتل النفس بما يسمونه الانتحار أو قتل النفس في التفجيرات التي يسمونها الجهاد في سبيل الله ويزعمون حصول الشهادة لمن يفعل ذلك وهو قاتل لنفسه يستحق النار والعذاب والجهاد بريء من هذا العمل".

نص السؤال أحسن الله إليكم صاحب الفضيلة، وهذا سائل يقول: هل من أصيب بأمراض نفسية أدت به إلى قتل نفسه أو انتحاره، هل يؤاخذ بذلك أو أنه أصبح مخبولا فلا يؤاخذ بهذا الفعل؟

الذي قتل نفسه من غير فكر و لا عقل لا يؤاخذ، لكن لو كان تعاطى السبب مثل شرب المسكر و أصبح مخبولا و قتل نفسه و تعاطى المخدرات هذا هو المتسبب فيؤاخذ أما إذا جاءه شيء أخل بعقله بدون تدخل منه أو تسبب منه مرض اصاب عقله فأدى أنه فتل نفسه ما عليه حرج.
لا يجوز للإنسان أن يقتل نفسه ولا يقدم على شيء فيه قتل نفسه؛ إلا إذا كان ذلك في حال الجهاد مع ولي أمر المسلمين وكانت المصلحة راجحة على مفسدة تعريض نفسه للقتل .

الشيخ عبد العزيز الراجحي
حكم تكفير من قتل نفسه

السؤال: ما الفائدة من الصلاة على قاتل نفسه، وقد ثبت بنص الشارع خلوده في النار؟

الجواب: هو ليس بكافر, فالقتل لا يخرج من الملة, ولا يخرج الإنسان من الملة إلا بالشرك, والقتل ليس بشرك إلا إذا استحله, ورأى أن قتل نفسه أو قتل غيره حلال، فهذا كفر؛ لأنه استحل أمراً معلوماً من الدين بالضرورة، أما إذا لم يستحله فهو ضعيف الإيمان ويصلى عليه, فالذي لا يصلى عليه هو الكافر, قال الله تعالى: وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ [التوبة:84] ثم جاءت العلة إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ [التوبة:84] فمن كفر بالله ورسوله ومن ثبت كفره فلا يصلى عليه، ومن لم يثبت كفره يصلى عليه, والقاتل ما ثبت كفره، إنما هو ضعيف الإيمان, وقد سمى الله القاتل أخاً للمقتول بقوله: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ [البقرة:178], وهذه أخوة الدين والإيمان. والخوارج هم الذين يكفرون بالمعاصي, ويقولون: القاتل كافر، والزاني كافر، والسارق كافر, ونحن لا نكفر القاتل إلا إذا استحله, والزاني إذا استحل الزنى وقال إن الزنى حلال، أو الربا حلال كفر, أما إذا اعتقد أن الربا حرام لكن الجشع والطمع غلباه فهذا ضعيف الإيمان.

وهنا بحث في ذات المسألة :

http://sh.rewayat2.com/fkh_3am/Web/2971/077.htm

الحياة حلوة
05-12-2011, 12:19 AM
اشكرك اختى المسلمة على هذه المساعدة ولك الجنة

أبو القـاسم
05-15-2011, 12:52 AM
لفظة التأبيد شاذة على الصحيح ,والمنتحر ليس كافراً...بل له تفصيلاته
-قد يكون شهيداً كما في العمليات الاستشهادية في فلسطين
-وقد يكون مرتبكا لكبيرة من الكبائر كالقانط من الحياة
-وقد يكون معذورا غير مؤاخذ إن كان انتحر اضطرارا لما يلقاه من تعذيب رهيب لا يطيقه
-وقد يكون كافرا إن كان انتحر اعتراضا على الله وكفرا به
وبين هذه المراتب منازل كثيرة جدا لايعلم بها إلا الله تعالى

ابووسيم
06-05-2011, 03:04 PM
قال رسول صلى الله عليه وسلم: (كان برجل جراح فقتل نفسه فقال الله بدرني عبدي بنفسه فحرمت عليه الجنة). وفي رواية: (كان فيمن قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سكينا فحز بها يده فما رقأ الدم حتى مات فقال الله: بادرني عبدي بنفسه). وكذلك ورد فيهما أيضا قصة الرجل الذي قاتل قتلا شديدا فأعجب الناس به فأخبر النبي أنه من أهل النار فتبعه رجل ليتبين حاله فقال: (فجرح الرجل جرحا شديدا فاستعجل الموت فوضع سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه فخرج الرجل إلى رسول الله فقال: أشهد أنك رسول الله). فهذه النصوص تدل صراحة على أنه لا يباح للمسلم أن يقتل نفسه تحت تأثير التعذيب ليرتاح من هذا الجحيم بل الواجب عليه في مثل هذه الحال الصبر حتى يلقى ربه وهو راض عنه. ولذلك لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رخص لأصحابه حين عذبوا في مكة بقتل النفس فلو كان جائزا لرخص لهم رفعا للحرج عنهم