المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما بين ( زنقتِه ) و ( زنقةِ ) جندِه:*** تجري دماءُ الأبرياءِ بحورا



نور الدين الدمشقي
05-15-2011, 08:34 PM
مَنْ لَمْ يَكنْ بالحادثاتِ بَصِيرَا *** فلسوفَ يَلقى الوَيلَ والتَتْبِيرا
*
*
مَا ضَيّع البَاغِينَ إلا غَفلةٌ *** أَمسى بِهَا الإثمُ الكبيرُ صغيرَا
*
*
تتَكلمُ الأحداثُ وهْيَ فَصِيحةٌ *** ونَرَى المُكابرَ يُخْطِئُ التَّقْدِيرَا
*
*
كَمْ نَامَ عَن جيشِ الحوادثِ ظَالمٌ *** فَأَتَى يُعفِّرُ وجهَهُ تَعفيرَا
*
*
للظُّلمِ مَهْمَا طالَ عاقبةٌ بِهَا *** يغدُو جليلُ الظَّالمينَ حَقِيرَا
*
*
لا تَغبِطِ القصرَ المَنِيفَ وأهلَهُ *** فلقدْ مضَى مَنْ يَملكونَ قُصُورَا
*
*
كُلُّ الَّذينَ تَطَاولُوا وتَنافسوا *** في الأرضِ باتُوا يَسكنونَ قُبورَا
*
*
رَحلُوا بِأكفانٍ هِيَ الثَّوبُ الَّذِي *** يَطوي غَنياً مُترَفاً وفَقِيرا
*
*
إسأَلْ عَنِ الأَحداثِ تُونسَ إِنَّها *** خَلَعتْ رَئِيساً جَاثِماً وَوَزِيرَا
*
*
مرَّتْ بهِ السَّنواتُ لَمْ يفهمْ كمَا *** مَرَّت بِسَائِمَةٍ تَلُوكُ شَعِيرَا
*
*
حتَّى إِذَا فاتَ الأوانُ وأقبَلَتْ *** ريحُ الحوادثِ جمرةً وسعيرَا
*
*
فَهِمَ الحِكايةَ كُلَّهَا لكنَّهُ *** فَهمُ الغَريقِ بِمَوجِهَا مغمورا
*
*
واسْألْ بِلادَ النِّيلِ مِصْرَ فِإِنَّهَا *** صَنَعتْ لَنَا حَدَثَاً هُناكَ مُثِيرَا
*
*
حَفَرَ المُكَابِرُ حفرةً مَشؤُمَةً *** فَرمَتْهُ في أعماقِها مَطمُورَا
*
*
هِيَ حفرةُ السُّوءِ الشهيرةُ أصبَحَتْ *** مَثَلاً لكلِّ العَارفينَ شَهِيرَا
*
*
وانْظُرْ إِلَى الشَّعبِ الجَريحِ مُجاهداً *** فِي لِيْبِيَا يَلقى البُغاةَ صَبورَا
*
*
وَتأمَّلِ الذِّئبَ الَّذِي لمَ يَنتَبِهْ *** إِلا عَلى مَأسَاتِهِ مَبْهُورَا
*
*
فَضَحَتْهُ بَلْ أَلقَتْهُ دونَ ثِيابِهِ *** مُتَرَنِّحاً مُتلعثِماً مَحصورَا
*
*
مُتخفياً إلا على شَاشاتِه *** يَهذي ويشتُم تَائها مَذعُورا
*
*
ما بين ( زنقتِه ) و ( زنقةِ ) جندِه:*** تجري دماءُ الأبرياءِ بحورا
*
*
وانظرْ إلى اليمنِ السعيدِ وقد أَبَى *** إلا وقوفاً صامداً وحضورا
*
*
سالت على أرض الإباء دماؤه *** فمضى يحطم في الطريق صخورا
*
*
كان الأسيرَ فهزَّ راية عزمِهِ *** فإذا بآسرهِ يعودُ أسيرا
*
*
وكذلكَ العدلُ الإلهيُّ الذي *** يُرضي الحزينَ ويُحزنُ المسرورا
*
*
عَدْلٌ تقوم به الحياة كريمةً *** ويحطِّم المتكبِّرَ المغرورا
*
*
هذا هو اليمنُ الغنيُّ بأهلِه ِ*** مهما بدا للنَّاظرين فقيرا
*
*
إنَّ الفقيرَ هو الفقيرُ فؤادُه *** مهما بدا في عيشه ميسورا
*
*
انظُرْ إلى هذي النَّوازلِ إنها *** حملت إلينا الوعظَ والتَّذكيرا
*
*
وانظُرْ إلى القرآنِ في آياتِه *** متدبراً وتأمَّلِ التَّفسيرا
*
*
فلسوفَ تبصرُ سنَّةَ اللهِ الَّتي *** لا تقبلُ التَّبديلَ والتَّغييرا
*
*
مَنْ حارب الرَّحمنَ أهلك نفسه *** ودَعا ثُبورَاً في الحياةِ كثيرا
*
*
وجميعُ من سَلبوا الحقوقَ وأسرفوا *** سَيَروْنَ يوماً للعقابِ عسيرا
*
*
إني أقول ورُبَّ قولٍ صادقٍ *** يُحيي فؤاداً غافلاً وضميرا