المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من يصب الزيت على النار في مصر؟د. إبراهيم البيومي غانم



طارق منينة
05-22-2011, 05:56 PM
من يصب الزيت على النار في مصر؟ الأحد, 22 أيار 2011


د. إبراهيم البيومي غانم

ما الذي تحتاجه مصر في عهدها الثوري الجديد: أهي بحاجة إلى تنظيم بناء دور العبادة بقانون موحد كما يقول بعضهم؟ أم إن مصر بحاجة إلى تنظيم وتدعيم بناء مدارس ومعاهد للتربية والتعليم وورش للتدريب والتأهيل والتصنيع؟. وأين يوجد النقص الفادح والفاضح الذي يعاني منه المصريون: أفي مقاعد الدراسة وأدوات التدريب ومعامل التجريب، أم إنهم يعانون نقصاً في مساحات دور العبادة؟. سؤالنا هذا لا يعني -لا سمح الله- أننا ضد بناء دور للعبادة، ولكنه يعني فقط إثارة الانتباه والتفكير في أيهما أولى بالرعاية والاهتمام هذه الأيام: بناء دور العبادة أم بناء دور العلم ومنشآت العمل؟.
ما أثار هذا السؤال هو تعالي الأصوات المنادية بوجوب صدور قانون موحد لدور العبادة كلما وقعت حادثة من حوادث الفتنة الطائفية بين المسلمين والنصارى في مصر، حتى أصبحت العلاقة طردية بين وقوع حادثة يكون النصارى طرفا فيها، وبين المطالبة بصدور هذا القانون؛ ولو كانت الحادثة لا صلة لها من قريب أو من بعيد ببناء أو بهدم «دار عبادة»، أو بضيق مساحتها أو اتساعها.
هذه العلاقة الطردية بين تصاعد المطالبة بقانون موحد لدور العبادة، وتصاعد أعمال العنف الطائفي، باتت تثير الريبة، وتبعث على كثير من الشكوك في الجهات التي يمكن أن تغذي مثل هذه الحوادث الطائفية. ورأيي أننا لو فكرنا ملياً في هذه العلاقة الطردية سنصل إلى اكتشاف ملامح الجهات الحقيقية التي تقف خلف ما يقع من أحداث طائفية. وخاصة أن الصلة منفكة بين العلة والحل. فالعلة هنا هي الاحتقان الطائفي الذي ينفجر بين الحين والآخر في صور عنيفة، والحل يأتي دوماً بطرح قانون موحد لبناء دور العبادة!!. وبدلاً من البحث في الأسباب الحقيقية لهذا الاحتقان لدى جميع الأطراف، وعند كل الجهات؛ تسارع بعض الأصوات والجهات التي أشرنا إليها إلى اختزال أسباب المشكلة في «عدم وجود قانون موحد لبناء دور العبادة».
أوضح مثال على ما نقول هو أحداث إمبابة المؤسفة التي وقعت الأسبوع الماضي (السبت 7 مايو 2011). فما وقع كان نتيجة مسألة خاصة بأحوال شخصية ذات خلفية معقدة نظراً لاشتمالها على تغيير ديانة الزوجة من المسيحية إلى الإسلام حسبما رددته وسائل الإعلام. وسرعان ما تصاعدت الأحداث وراح ضحيتها عدد من القتلى والجرحى. وقبل أن تهدأ نيران الفتنة سارعت عدة جهات بترديد مطلب «القانون الموحد لبناء دور العبادة»؛ بما فيها الحكومة المصرية، التي عبرت عن عزمها على «المضي قدما في إصدار قانون موحد لدور العبادة». تماما كما حدث في كل المناسبات التي سبقت أحداث إمبابة الأخيرة من: نجع حمادي، إلى كنيسة القديسين في الإسكندرية، إلى كنيسة صول، إلى اختطاف، أو اختفاء بعض المسيحيات بسبب تحولهن إلى الإسلام، وكلها لا صلة لها بمسألة «بناء دور العبادة»!!.
ومع ذلك، ففي تقديري أن أغلبية المسلمين سيوافقون على صدور قانون موحد لبناء دور العبادة في مصر (مساجد وكنائس) إن كان سيحل المشكلة. وسيوافقون عليه أيضاً إن كان سيزيل أسباب الاحتقان في علاقة المسلمين بالنصارى. ولكن لكي يسهم هذا القانون في تحقيق مثل هذه الأهداف فإنه لا بد أن يصدر وفق معيار واضح، وميزان عادل.
أما المعيار الواضح فهو «المواطنة» التي تعني المساواة التامة بين المصريين كافة في الواجبات، وهي تترجم في الواقع في أداء كل مواطن ما عليه من التزامات، والمساواة في الحقوق وهي تترجم في الواقع عندما يكون المواطن قادراً على الحصول على كافة حقوقه الاقتصادية والوظيفية والسياسية دون عوائق. ثم المساواة أيضاً في المسؤولية الاجتماعية، وهي تترجم في الواقع عندما تكون الخدمات التي تقدمها مؤسسات المجتمع المدني متاحة لجميع أبناء الوطن دون تمييز.
إذا أخذنا المواطنة -بالمعنى السابق- معياراً تنبني عليه مواد مشروع القانون الموحد لبناء دور العبادة، فميزان عدالتها عندما نطبقها في مسألة بناء دور العبادة سيكون فقط هو «العدد والمساحة»؛ أي الأرقام الصماء المتساوية دون نظر إلى أي اعتبار آخر. فلو قلنا مثلاً إن الترخيص سيصدر لبناء دار عبادة بمساحة 200 متر مربع كلما توفر في المنطقة عشرة آلاف مواطن من أتباع دين معين -أكرر علي سبيل المثال- على ألا تكون هناك دار عبادة قائمة فعلاً وتستوعبهم. وما عدا ذلك فلا تمنح تراخيص بناء لدور العبادة.
وفي جميع الحالات يجب أن يحدد نصيب المواطن/الفرد بالتساوي من مساحة دار العبادة بلا زيادة أو نقصان، للمسلم وللمسيحي، وألا يتجاوزها أي منهما إعمالاً لمبدأ «المواطنة». إن تطبيق معيار المواطنة، وميزان العدد والمساحة يعني بالضرورة أن تعلن الحكومة الإحصاءات الرسمية بأعداد كل من المسلمين والمسيحيين، وأن يقبل المسيحيون ذلك ولا تكون لديهم إحصاءات كنسية خاصة بهم؛ فالكل مواطنون في دولة مدنية واحدة يحكمها قانون واحد. وعلى السلطات الرسمية أن تقوم بتحديث هذه الإحصاءات بشكل دوري كل سنة مثلاً، وأن تعلنها وتكون معروفة للرأي العام، وللجهات الرسمية التي ستكون مسؤولة عن إصدار تراخيص البناء، وألا تكون هذه الإحصاءات سراً مخفيا فهي ليست عيباً ولا عورة يجب إخفاؤها. وبذلك نقطع الطريق على الشائعات الخاصة بتعداد المسيحيين المصريين، ونتجنب المشاحنات التي تنشأ بسبب ذلك من جهة، ونحل مشكلة «دور العبادة» على أساس مبدأ المساواة التي تكفله المواطنة من جهة أخرى.
ليس هناك مبدأ سوى «المواطنة» بالمعنى الذي شرحناه، ولا هناك ميزان أدق من ميزان العدد والمساحة؛ كي نضمن قانوناً عادلاً وموحداً لبناء دور العبادة. إن القانون بحكم التعريف يتضمن قواعد عامة وموحدة ومجردة ومصحوبة بجزاء لمن يخالفها أو ينتهكها. ولكي نضمن انتقال هذه القواعد العامة والمجردة من حيز «النص القانوني» إلى حيز الواقع والممارسات الفعلية؛ يجب أن تتسم بالدقة، وأن تغطي المسائل الجوهرية في الموضوع المراد تنظيمه؛ وذلك حتى لا نترك «ثغرات» ينفذ منها الاحتراب والتشاحن الذي نرغب القضاء عليه، ونهدف لسد الذرائع المؤدية إليه. وفي تقديرنا إن أهم المسائل التي يجب أن تتضمنها مواد القانون المقترح الآتي:
1ـ تعريف المقصود بـ»دار العبادة» تعريفاً جامعاً مانعاً.
2ـ تحديد معايير إعطاء ترخيص البناء على سبيل الحصر.
3ـ تحديد الجهة الرسمية المسؤولة عن إعطاء تراخيص البناء، وهل ستكون مركزية في العاصمة فقط، أم ستكون لها فروع في كل محافظة من محافظات الجمهورية؟
4ـ تحديد مصدر تمويل بناء دار العبادة؛ وهل يجب أن يكون محلياً فقط أم يمكن أن يكون أجنبياً أيضاً؟. وإذا أجاز القانون تلقي أموال أجنبية لهذا الغرض فكيف سيتم تنظيم تلقيها؟ وما الجهة المخولة باختصاص الموافقة أو عدم الموافقة على تلقي الأموال من جهات أجنبية لهذا الغرض؟. وما الحد الأدني وما الحد الأقصى المسموح به؟؟ وما الجهة المسؤولة عن أعمال المراجعة والمحاسبة القانونية لهذه الأموال؟ ولمن تقدم تقاريرها؟ وما الجزاء الواجب توقيعه على وجود مخالفات؟
5ـ أعمال الصيانة والترميم، يجب أن ينظمها القانون المقترح أيضاً، وأن يحدد جهات الاختصاص ومصادر التمويل التي ستتكفل بتغطية نفقات هذه الأعمال.
6ـ أن ينص القانون على توحيد نظام إدارة الأوقاف تحت هيئة مصرية واحدة، بدلاً من الوضع المقسم حالياً إلى قسمين:
قسم للأوقاف المسيحية وتختص به هيئة الأوقاف القبطية بموجب قانون 264 لسنة 1960 الذي خولها إدارة أوقاف الكنائس والأديرة، واستثناها من أحكام المصادرات والتأميمات التي صدرت في الستينيات من القرن الماضي وحافظ عليها للكنائس.
والقسم الثاني تختص به «هيئة الأوقاف المصرية» بموجب القانون 80 لسنة 1971 الذي خولها مهمة استرداد أوقاف المساجد وغيرها من الأوقاف الخيرية التي كانت قد صودرت ووزعت بموجب قوانين التأميمات وقوانين الإصلاح الزراعي في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي. ولا زالت هيئة الأوقاف المصرية تناضل من أجل استرداد أوقاف المساجد بما فيها أوقاف الأزهر الشريف، ولم تتمكن حتى اليوم إلا من استرداد ما يساوي سدس الأصول الموقوفة، والباقي تم توزيعه أو طمس معالمه وحرمان المساجد من ريعها.
هذا الوضع الشائن الذي تحياه الأوقاف المصرية -إسلامية ومسيحية- يتناقض تناقضاً جذرياً مع مبدأ المواطنة، ويؤسس لانقسام طائفي خطير لا يتسق مع منطق الدولة المدنية ولا مع مبدأ المواطنة الذي يقضي بالتسوية بين جميع المواطنين ومصالحهم. ولا يجوز السكوت علي هذا التمييز المشين والمتحيز ضد أوقاف المساجد ولصالح أوقاف الكنائس. ومواد القانون الموحد المقترح لبناء دور العبادة يجب أن يعالج هذه المشكلة؛ كونه سيكون قانوناً خاصاً بتنظيم البناء وتمويل عملية البناء، والأوقاف هي المصدر الرئيسي لتمويل المساجد ولكنها محرومة منه.
يقولون إن «القانون الموحد لبناء دور العبادة» سيصدر خلال ثلاثين يوماً. ونحن نأمل ذلك، على أن يكون مشتملاً على قواعد تنظم المسائل الأساسية التي طرحناها، وبذلك يكون جزءاً من حل المشكلة، وإلا سيكون سبباً إضافياً من أسباب الفتنة. وسيكون أداة لصب الزيت على النار بيد الحزب الطائفي وفلول النظام السابق والشانئين للوطن والمواطنة في مصر.
http://www.assabeel.net/assabeel-essayists/40605-من-يصب-الزيت-على-النار-في-مصر؟.html

د. هشام عزمي
05-22-2011, 08:20 PM
هل هي ثورة من أجل المسيحيين .. وفقط؟!
صــلاح الامــام | 21-05-2011 00:33

فى فضاء الإنترنت مئات من الكليبات تسب وتلعن فى الإسلام، وفى القرآن الكريم، وفى خاتم المرسلين، وفى كل مفردات الدين الإسلامى، وآلاف المقالات تحض على احتقار شعب مصر من المسلمين، وتزعم أنهم غزاة جاءوا من البادية واحتلوا مصر، ولابد من استئصال شأفتهم، وأيضا ينتشر عبر الأثير من خلال فضائيات كثيرة ومشهورة يقوم عليها "مصريون" عشرات البرامج التى تسب فى الإسلام ورسوله وكل رموزه وأعلامه، وكل ما يدعو إليه أو ينهى عنه الإسلام، بافتراءات لم يتفوه بها أبو جهل ولا أبو لهب، ولا حتى مسيلمة الكذاب.

هناك آلاف من النداءات من منظمات مسيحية تطالب المنظمات الدولية والأنظمة الغربية الصليبية بضرورة التدخل العسكرى فى مصر لتحريرها من الغزاة المسلمين، وهناك نداءات إلى دولة اسرائيل تطالبها بالتدخل لاحتلال مصر وتطهيرها من المسلمين، ونداءات تطالب بحكم ذاتى للمسيحيين داخل مصر، وأخرى تطالب بأن يكون لهم 25% من المناصب الوزارية، ومثلهم بين المحافظين، ومثلهم فى المجالس النيابية، ونداءات تطالب بألا يقضى قاضى مسلم فى نزاع أحد طرفيه مسيحى !!.

هناك بيانات تنشر بأن نصف مليون (!!) فتاة مسيحية خطفها المسلمون فى مصر، وأرغموهن على اعتناق الإسلام، وأن المسلمين يذبحون المسيحيين فى وضح النهار عيانا بيانا كل يوم، وشوارع مصر أصبحت مجازر كبيرة تسيل فيها دماء المسيحيين أنهارا كل يوم، ويتم إحراق وهدم الكنائس ومنازل المسيحيين وأملاكهم.

هذه النداءات والبيانات تنشر على نطاق واسع جدا داخل وخارج مصر، وتصل لكافة الإعلاميين والصحافيين بشكل مباشر على بريدهم الإلكترونى، وتكتب عنها الصحف الأجنبية على أنها حقائق، لكن كل صحفيى مصر وإعلامييها عميان لا يروها، فقط كليب واحد يقول فيه شخص فى لحظة انفعال "نبقى مش رجالة لو ما حرقناش كل كنايسهم"، قال ما قال كرد فعل لما سمعه ورآه فى امبابة، حيث كان الرصاص ينهمر على الجميع من الكنيسة والمبانى الملحقة بها، وسقط من سقط سواء مسيحى أو مسلم بهذا الرصاص، لكن هذا الكليب يبدو أنه كان سبقا وانفرادا ونادرة من نوادر الزمان، فقد بثته كل فضائيات مصر بلا استثناء، وموجود على العديد من المواقع الإلكترونية لعدد من الصحف ولم يتم رفعه، ووصلنى على بريدى الإلكترونى من حوالى عشر جهات، وأصبح هذا الكليب هو المادة المفضلة للمناقشة على كل الفضائيات، واستقدم للتعليق عليه كل أذناب النظام الفاسد، وكل خُدام بطرس الناسك المصرى زاده الله قباحة على قباحتة المقززة، فهو حليف الشيطان الذى أقسم أمامه على إحراق مصر وإفنائها، رغم أن صاحب الكليب قال ـ بعد أن تم القبض عليه ـ أن ما قاله لا يعكس نوايا مبيتة ولا رغبة بداخله، إنما كان منفعلا غاضبا، والغاضب تصدر عنه أقوال وتصرفات، تسقطها عنه بعض التشريعات والقوانين، لكن الرجل بهذه الكلمات القليلة قدم للطرف الآخر ورقة مربحة حقق من ورائها ما لم يكن يحلم به.

هناك قنوات مسيحية متخصصة فقط للنيل من الدين الإسلامى، وشتم كل رموزه، وإهانة رسوله الخاتم صلوات الله وسلامه عليه، يقوم عليها فساوسة ورهبان مصريون، وعلق رأس الكنيسة على ذلك ذات مرة ـ منذ عدة شهور ـ بأن ذلك ردا على ما يقوله الطرف الآخر (!!)، كاعتراف صريح منه بأنه يبارك ذلك ويشجعه، ولم يتكلم أحد من رجال الإعلام الذين صدَعوا رؤوسنا ليل نهار بتجاوزات السلفيين وجرائم وأهوال السلفيين.

لقد جاهر رأس الكنيسة بمؤازرته للنظام الفاسد، وبقى حتى آخر ثانية قبل إسقاطه يمتدحه ويدافع عنه، وأصدر تعليماته بألا يشارك أحد من رعايا دولته فى الثورة، وبالفعل لم يساهم فيها سوى عدة مئات، وأقول عدة مئات لا يكملون ألفا، وأقسم على ذلك غير حانثا، فأنا كنت يوميا مع الثوار ليس فقط فى ميدان التحريرن بل تنقلت لعدة مناطق خارج القاهرة، وكان الغالب على الثورة الشباب المنتمى للتيارات الإسلامية النشطة، وهم الذين تصدوا للغارة البربرية يوم الأربعاء 2 فبراير، ولولاهم لقتل وأصيب نصف من بالتحرير، واعتقل الباقون، وانتهت الثورة، ليتناولها الإعلام المباركى بعد ذلك على أنها كانت انتفاضة بلطجية وحرامية.

نجحت الثورة، لكن المسيحيين "فقط" هم الذين يجنون ثمارها، الثورة التى لم يشارك فيها من النصارى سوى أقل من مئة وأعيد وأؤكد على أن من شارك فى هذه الثورة من المسيحيين أقل من مئة، ولم يسقط منهم قتيل واحد فى الميدان، ولم نسمع حتى عن جرحى منهم، قام بها الشعب المصرى المسلم لأجل أن يحصل المسيحيون على المزيد من المكاسب والإمتيازات الغير مبررة، فإذا كان مبارك على مدى 30 سنة حقق لهم دولة مستقلة ذات سيادة، يتمتع كل المنتمين لها بحصانة خاصة أقوى من الحصانات البرلمانية أو الدبلوماسية، ورغم إفراطه فى تدليلهم، وسخائه فى إجزال العطايا على مدى ثلاثين سنة، فإن المسيحيين فى مصر قد نالوا خلال 30 يوما أكثر بكثير مما أعطاه نظام مبارك لهم، أعطاهم شرف والجمل بمباركة المجلس العسكرى أكثر مما نالوه على مدى سنوات حكم مبارك بكل ما كان فيها من تراخ وخزى وانتقاص من حقوق الأغلبية المسلمة، وكأن ما حدث من أمر أشبه بالمعجزات، والدماء المسلمة التى سالت، كانت لأجل أن ينال المسيحيون المزيد من المكاسب والحقوق بدون أية حدود أو قيود !!.

فها هو قانون البناء الموحد على وشك الصدور خلال أيام، وأيضا قانون ضد التمييز، رغم أن التمييز الواقع لصالحهم فقط، والكنائس التى أغلقها نظام مبارك لأن بعضها بدون ترخيص، وبعضها أقيم فى بؤر ملتهبة، تم فتحها بالفعل، بل هناك شيئ خطير فى هذا الملف، فقد قيل على لسان "حليف الكنيسة" المدعو يحيى الجمل أثناء حادثة كنيسة صول أن عدد هذه الكنائس 95 كنيسة، ثم جاء على لسان أحد القساوسة بعدها أن عددهم 135 كنيسة، والآن يقال بأن عددهم 400 كنيسة (!!)، وهذا معناه أنه سيتم تحويل مبان قد تكون منازل أصحابها مسيحيون، أو مبان لجمعيات، أو أى مبان أخرى، سيتم اعتمادها كنيسة على أساس انها كانت "مغلقة"، ويا قلبى كفاك حزنا على حزن.

لقد تناول الإعلام قتلى المسيحيين، ونعتهم بالشهداء، وتغافل تماما عن الذين سقطوا بين قتيل وجريح من المسلمين، وهم أضعاف ما سقط من المسيحيين، وزارت الكاميرات منازل أبانوب ومينا وجرجس، وتعاطفت مع أمهاتهم وعائلاتهم، لكن لم نسمع عن محمد أو مصطفى وعلى وحسين ممن سقطوا من المسلمين، كأنهم كلاب سكك لا قيمة ولا وزن لهم !!، فأى دولة تلك التى ترفع من شأن مواطن وتدهس مواطنا آخر على أساس طائفى؟؟ أى إعلام نجس هذا الذى يصور المسيحيين فقط هم الضحايا، وغيرهم مجرمون ودمويون أشقياء لا ثمن لهم؟؟

ليس هذا فقط، بل تم العفو عن كل البلطجية الذين أدينوا فى اعتصام ماسبيروا الأول بعد حادث كنيسة صول بأطفيح، وأدانتهم المحكمة العسكرية، ورجال المهجر الذين يسبون الإسلام ليل نهار فى فضائياتهم وعلى مواقعهم وفى صحفهم، وينسجون القصص الكاذبة حول اضطهاد الأقباط وذبحهم، تم الإعتراف بهم واختيارهم أعضاء بمجالس رسمية لها حيثيتها ولها كلمة نافذة، وهناك اتجاه بأن يتم الإستجابة لهم بإلغاء نتائج الإستفتاء الذى تم يوم 19 مارس الماضى، ليكون أكبر جريمة ضد أغلبية الشعب المصرى، تفوق كل جرائم عهد مبارك، وعندها قد تقوم القارعة ولا من رشيد يفكر فى عواقب ذلك.

رجلا واحدا فقط .. جنده النظام السابق بداخل الحكومة، اختاره بدقه ووضعه فى حكومة أحمد شفيق التى أسقطها الشعب، لكنه نجح فى البقاء بمنصبه فى حكومة شرف، وهذا الرجل كان صديقا شخصيا لرأس الكنيسة ثم تحالف معه، ومع من يسمون بـ "النخبة المثقفة" حلفاء أقباط المهجر، وقاد هذا الثلاثى عملية تخريب الثورة، فلم يبق كل شىء على حاله السابق فحسب، بل ازداد معدل ضياع وانهيار الأمة بشكل رهيب، وباتت مصرنا على شفا جرف هاو، فالدولة تم تسليمها لرأس الكنيسة، وللنخبة الملعونة الذين لديهم حساسية مفرطة ضد كل ما هو إسلامى، دون أن يضعوا فى اعتبارهم ماذا يمثل الديم بالنسبة للشعب المصرى، فانتقلنا من سىء إلى أسوأ فى أحضان أخطار حارقة.

لقد بُحت أصواتنا على مدى ثلاثة عقود، مطالبين مبارك بأن يُعير الأغلبية قليلا من الرعاية والإهتمام، لكنه نكل برموز الدين الإسلامى، فسجنهم ظلما وأهانهم إعلامه، وألصق بهم تهما تجلب لأصحابها الخزى والعار، وأمم المساجد، ودهس الفضيلة تحت أقدام قاطنى زرائب اليسار ومن والاهم، وحارب الحجاب واللحية، رغم أن القساوسة والأحبار وحتى البوذيين من أصحاب اللحى، لكن المسلم إذا التحى يحرم من كل الوظائف العامة بالدولة، ويصبح رهن الإتهام والسجن فى أى لحظة، غاب الرجل وسط آلة إعلامية مضللة، وتمكن منه الصلف والغرور، وراح يتصرف وكأنه الفرعون الإله، الذى ظن أن لن يقدر عليه أحد، وكل يوم كانت درجة الغليان الشعبى تزداد حمية، كان هو يزداد طغيانا وصلفا، بل راحة وطمأنينة، فقد ظن أن الشعب مات ولم يعد له وجودا، لكن فى لحظة فارقة لم يكن ليتوقعها أبدا، هب الشعب كالمارد مزمجرا مستهزءً بالموت والأخطار، وحدث ماحدث.

الآن، يتصرف الجمل ومتبوعه المرتعش عصام شرف كما كان يتصرف مبارك، لقد ظلم شرف نفسه وظلم مصر بقبوله منصبا كهذا فى ظرف كهذا، فهو النزيه العفيف .. نعم، لكنه الضعيف المهتز، الذى ثبت بشكل قاطع أنه أقل من أن يكون ناظرا لمدرسة ابتدائية، فالقيادة موهبة قبل أن تكون علما، وقد قلت سابقا أنه خبير عالمى فى الطرق لكنه لايصلح أبدا أن يكون رئيسا لحكومة ثورة لدولة بحجم مصر، وفى ظرف زمنى شديد الحرج.

شرف بالنسبة للجمل متبوع، لكنه يعمل بإمرة تابعه، وتلك من عجائب الزمن، ولذا تفوق على مبارك، وقدم من التنازلات للمسيحيين فى الأسابيع القليلة التى تولى فيها دفة الحكم ما لم يقدمه مبارك على مدى سنوات حكمه الثلاثين، والذى كنا نرى فيه المدلل الأول لهم، والمسئول عن تمردهم، واشتداد شوكتهم كطائفة لها ميول انفصالية عن الدولة الأم، وتريد أن تكون هى التى تحكم البلد.

لقد استهان مبارك بشعبه، ولم يتخيل ولو جزء من ثانية أن يحدث له معشار ما قد حدث بالفعل، والآن يسير الجمل ومن معه بالبلاد بخطى واسعه تجاه مصير مجهول، مصير لا أحد يستطيع أن يقرأ حرفا من تفاصيله، فكل الاحتمالات قائمة، وكلها كارثية، فالرجل ربط مصير أمه فى رقبته، وحمل أحلامها فوق سنامه، ورقبته وسنامه ليست ملكا له، لأن الحقيقة أنه سلم كل شىء لبطرس الناسك المصرى، وخان الأمانة، والناسك لم يكن يوما ولا لحظة مخلصا لتلك البلد التى ولد وترعرع وملك وتسلطن فيها.

إن بطرس الناسك يقود جهازا سريا يشبه إلى حد كبير جهاز الموساد، مهمته افتعال الصدامات، فهى الأسلوب الأوحد الذى تأكد له ولحاشيته أنه يحقق أعلى المكاسب، ففى كل صدام (مفتعل) يحدث، يخرج الطرف المسيحى منتصرا، يقطف ثمار ما حدث على كافة الأصعدة، فيحقق فى أيام معدودة، ما كان يعجز عن تحقيقه فى سنوات باتباع الطرق السلمية.

بطرس الناسك استمرأ اللعب بالنار، وينسى أن النار أول ما تحرق .. تحرق من يلعب بها، والأيام بيننا.

والسؤال الذى يفرض نفسه الآن، وأرجو أن يطرحه ذو السنام الملتوى: هل ما يتم الآن بشأن الموافقة على طلبات المسيحيين الزائدة عن كل الحدود، وإغماض الطرف عن رد فعل ذلك على 95% من سكان مصر .. هل من الممكن أن يمر ذلك بسلام؟ ألا يضع هذا الرجل فى اعتباره رد فعل 95% من سكان مصر؟ هل ستؤدى هذه التنازلات إلى تحقيق الاستقرار والسلام فى مصر؟ ألا يوجد عاقل واحد بين أصحاب الأمر والنهى بمصر الآن يقول لهم أنتم تزرعون مصر بالألغام وتغرقوها بالبنزين لتشتعل عند أقرب شرارة مهما كانت صغيرة؟...

ملحوظة: بعد كتابة المقال بثلاثة أيام وإرساله (وقبل نشره) حدث ما توقعته، فقد زعم المسيحيون وجود كنيسة مغلقة فى عين شمس، وهى فى الأصل مصنعا (!!)، وحدث صدام (مساء الخميس 19 مايو) لا أعرف إلى أين سينتهى، وما حجم المكاسب التى سوف يحققوها من وراء ذلك، ولا تعليق.



وتبقى كلمة:

لم أكن اعرف أن يحي الجمل جاهل لهذه الدرجة، فقد سمعته فى التليفزيون يتغزل كعادته فى شنوده وهذا شأنه، لكن يزيف التاريخ ويدعى مثل باقى حوارييه بأن شنوده هو الذى قال: "إن مصر ليست وطنا نعيش فيه بل وطن يعيش فينا"، فصاحب هذه المقولة هو الوطنى المحترم مكرم عبيد باشا ، وشتان ما بين هذا وذاك.

والشىء بالشىء يذكر، فأحد المذيعين على قناة ساويرس، بكى بالدموع الحارة على الهواء مباشرة يوم خلع مبارك، كان يتكلم فى حلقة 15 مايو الجارى عن أحداث ذلك اليوم من خلال ما نشرته الصحف، وإذا به يقول: "الأحداث دى عشان النهارده ذكرى قرار التقسيم" !! ، فالجهول لا يعرف أن قرار الامم المتحدة رقم 181 الخاص بتقسيم فلسطين صدر فى 29 نوفمبر سنة 1947، وأن 15 مايو هى ذكرى إعلان قيام دولة اسرائيل، وهى معلومات نعرفها منذ المرحلة الابتدائية، لكن نقول إيه؟ .. هى دى مؤهلات إعلاميى هذا الزمن.

salahelemam@hotmail.com

د. هشام عزمي
05-22-2011, 08:20 PM
هل هي ثورة من أجل المسيحيين .. وفقط؟!
صــلاح الامــام | 21-05-2011 00:33

فى فضاء الإنترنت مئات من الكليبات تسب وتلعن فى الإسلام، وفى القرآن الكريم، وفى خاتم المرسلين، وفى كل مفردات الدين الإسلامى، وآلاف المقالات تحض على احتقار شعب مصر من المسلمين، وتزعم أنهم غزاة جاءوا من البادية واحتلوا مصر، ولابد من استئصال شأفتهم، وأيضا ينتشر عبر الأثير من خلال فضائيات كثيرة ومشهورة يقوم عليها "مصريون" عشرات البرامج التى تسب فى الإسلام ورسوله وكل رموزه وأعلامه، وكل ما يدعو إليه أو ينهى عنه الإسلام، بافتراءات لم يتفوه بها أبو جهل ولا أبو لهب، ولا حتى مسيلمة الكذاب.

هناك آلاف من النداءات من منظمات مسيحية تطالب المنظمات الدولية والأنظمة الغربية الصليبية بضرورة التدخل العسكرى فى مصر لتحريرها من الغزاة المسلمين، وهناك نداءات إلى دولة اسرائيل تطالبها بالتدخل لاحتلال مصر وتطهيرها من المسلمين، ونداءات تطالب بحكم ذاتى للمسيحيين داخل مصر، وأخرى تطالب بأن يكون لهم 25% من المناصب الوزارية، ومثلهم بين المحافظين، ومثلهم فى المجالس النيابية، ونداءات تطالب بألا يقضى قاضى مسلم فى نزاع أحد طرفيه مسيحى !!.

هناك بيانات تنشر بأن نصف مليون (!!) فتاة مسيحية خطفها المسلمون فى مصر، وأرغموهن على اعتناق الإسلام، وأن المسلمين يذبحون المسيحيين فى وضح النهار عيانا بيانا كل يوم، وشوارع مصر أصبحت مجازر كبيرة تسيل فيها دماء المسيحيين أنهارا كل يوم، ويتم إحراق وهدم الكنائس ومنازل المسيحيين وأملاكهم.

هذه النداءات والبيانات تنشر على نطاق واسع جدا داخل وخارج مصر، وتصل لكافة الإعلاميين والصحافيين بشكل مباشر على بريدهم الإلكترونى، وتكتب عنها الصحف الأجنبية على أنها حقائق، لكن كل صحفيى مصر وإعلامييها عميان لا يروها، فقط كليب واحد يقول فيه شخص فى لحظة انفعال "نبقى مش رجالة لو ما حرقناش كل كنايسهم"، قال ما قال كرد فعل لما سمعه ورآه فى امبابة، حيث كان الرصاص ينهمر على الجميع من الكنيسة والمبانى الملحقة بها، وسقط من سقط سواء مسيحى أو مسلم بهذا الرصاص، لكن هذا الكليب يبدو أنه كان سبقا وانفرادا ونادرة من نوادر الزمان، فقد بثته كل فضائيات مصر بلا استثناء، وموجود على العديد من المواقع الإلكترونية لعدد من الصحف ولم يتم رفعه، ووصلنى على بريدى الإلكترونى من حوالى عشر جهات، وأصبح هذا الكليب هو المادة المفضلة للمناقشة على كل الفضائيات، واستقدم للتعليق عليه كل أذناب النظام الفاسد، وكل خُدام بطرس الناسك المصرى زاده الله قباحة على قباحتة المقززة، فهو حليف الشيطان الذى أقسم أمامه على إحراق مصر وإفنائها، رغم أن صاحب الكليب قال ـ بعد أن تم القبض عليه ـ أن ما قاله لا يعكس نوايا مبيتة ولا رغبة بداخله، إنما كان منفعلا غاضبا، والغاضب تصدر عنه أقوال وتصرفات، تسقطها عنه بعض التشريعات والقوانين، لكن الرجل بهذه الكلمات القليلة قدم للطرف الآخر ورقة مربحة حقق من ورائها ما لم يكن يحلم به.

هناك قنوات مسيحية متخصصة فقط للنيل من الدين الإسلامى، وشتم كل رموزه، وإهانة رسوله الخاتم صلوات الله وسلامه عليه، يقوم عليها فساوسة ورهبان مصريون، وعلق رأس الكنيسة على ذلك ذات مرة ـ منذ عدة شهور ـ بأن ذلك ردا على ما يقوله الطرف الآخر (!!)، كاعتراف صريح منه بأنه يبارك ذلك ويشجعه، ولم يتكلم أحد من رجال الإعلام الذين صدَعوا رؤوسنا ليل نهار بتجاوزات السلفيين وجرائم وأهوال السلفيين.

لقد جاهر رأس الكنيسة بمؤازرته للنظام الفاسد، وبقى حتى آخر ثانية قبل إسقاطه يمتدحه ويدافع عنه، وأصدر تعليماته بألا يشارك أحد من رعايا دولته فى الثورة، وبالفعل لم يساهم فيها سوى عدة مئات، وأقول عدة مئات لا يكملون ألفا، وأقسم على ذلك غير حانثا، فأنا كنت يوميا مع الثوار ليس فقط فى ميدان التحريرن بل تنقلت لعدة مناطق خارج القاهرة، وكان الغالب على الثورة الشباب المنتمى للتيارات الإسلامية النشطة، وهم الذين تصدوا للغارة البربرية يوم الأربعاء 2 فبراير، ولولاهم لقتل وأصيب نصف من بالتحرير، واعتقل الباقون، وانتهت الثورة، ليتناولها الإعلام المباركى بعد ذلك على أنها كانت انتفاضة بلطجية وحرامية.

نجحت الثورة، لكن المسيحيين "فقط" هم الذين يجنون ثمارها، الثورة التى لم يشارك فيها من النصارى سوى أقل من مئة وأعيد وأؤكد على أن من شارك فى هذه الثورة من المسيحيين أقل من مئة، ولم يسقط منهم قتيل واحد فى الميدان، ولم نسمع حتى عن جرحى منهم، قام بها الشعب المصرى المسلم لأجل أن يحصل المسيحيون على المزيد من المكاسب والإمتيازات الغير مبررة، فإذا كان مبارك على مدى 30 سنة حقق لهم دولة مستقلة ذات سيادة، يتمتع كل المنتمين لها بحصانة خاصة أقوى من الحصانات البرلمانية أو الدبلوماسية، ورغم إفراطه فى تدليلهم، وسخائه فى إجزال العطايا على مدى ثلاثين سنة، فإن المسيحيين فى مصر قد نالوا خلال 30 يوما أكثر بكثير مما أعطاه نظام مبارك لهم، أعطاهم شرف والجمل بمباركة المجلس العسكرى أكثر مما نالوه على مدى سنوات حكم مبارك بكل ما كان فيها من تراخ وخزى وانتقاص من حقوق الأغلبية المسلمة، وكأن ما حدث من أمر أشبه بالمعجزات، والدماء المسلمة التى سالت، كانت لأجل أن ينال المسيحيون المزيد من المكاسب والحقوق بدون أية حدود أو قيود !!.

فها هو قانون البناء الموحد على وشك الصدور خلال أيام، وأيضا قانون ضد التمييز، رغم أن التمييز الواقع لصالحهم فقط، والكنائس التى أغلقها نظام مبارك لأن بعضها بدون ترخيص، وبعضها أقيم فى بؤر ملتهبة، تم فتحها بالفعل، بل هناك شيئ خطير فى هذا الملف، فقد قيل على لسان "حليف الكنيسة" المدعو يحيى الجمل أثناء حادثة كنيسة صول أن عدد هذه الكنائس 95 كنيسة، ثم جاء على لسان أحد القساوسة بعدها أن عددهم 135 كنيسة، والآن يقال بأن عددهم 400 كنيسة (!!)، وهذا معناه أنه سيتم تحويل مبان قد تكون منازل أصحابها مسيحيون، أو مبان لجمعيات، أو أى مبان أخرى، سيتم اعتمادها كنيسة على أساس انها كانت "مغلقة"، ويا قلبى كفاك حزنا على حزن.

لقد تناول الإعلام قتلى المسيحيين، ونعتهم بالشهداء، وتغافل تماما عن الذين سقطوا بين قتيل وجريح من المسلمين، وهم أضعاف ما سقط من المسيحيين، وزارت الكاميرات منازل أبانوب ومينا وجرجس، وتعاطفت مع أمهاتهم وعائلاتهم، لكن لم نسمع عن محمد أو مصطفى وعلى وحسين ممن سقطوا من المسلمين، كأنهم كلاب سكك لا قيمة ولا وزن لهم !!، فأى دولة تلك التى ترفع من شأن مواطن وتدهس مواطنا آخر على أساس طائفى؟؟ أى إعلام نجس هذا الذى يصور المسيحيين فقط هم الضحايا، وغيرهم مجرمون ودمويون أشقياء لا ثمن لهم؟؟

ليس هذا فقط، بل تم العفو عن كل البلطجية الذين أدينوا فى اعتصام ماسبيروا الأول بعد حادث كنيسة صول بأطفيح، وأدانتهم المحكمة العسكرية، ورجال المهجر الذين يسبون الإسلام ليل نهار فى فضائياتهم وعلى مواقعهم وفى صحفهم، وينسجون القصص الكاذبة حول اضطهاد الأقباط وذبحهم، تم الإعتراف بهم واختيارهم أعضاء بمجالس رسمية لها حيثيتها ولها كلمة نافذة، وهناك اتجاه بأن يتم الإستجابة لهم بإلغاء نتائج الإستفتاء الذى تم يوم 19 مارس الماضى، ليكون أكبر جريمة ضد أغلبية الشعب المصرى، تفوق كل جرائم عهد مبارك، وعندها قد تقوم القارعة ولا من رشيد يفكر فى عواقب ذلك.

رجلا واحدا فقط .. جنده النظام السابق بداخل الحكومة، اختاره بدقه ووضعه فى حكومة أحمد شفيق التى أسقطها الشعب، لكنه نجح فى البقاء بمنصبه فى حكومة شرف، وهذا الرجل كان صديقا شخصيا لرأس الكنيسة ثم تحالف معه، ومع من يسمون بـ "النخبة المثقفة" حلفاء أقباط المهجر، وقاد هذا الثلاثى عملية تخريب الثورة، فلم يبق كل شىء على حاله السابق فحسب، بل ازداد معدل ضياع وانهيار الأمة بشكل رهيب، وباتت مصرنا على شفا جرف هاو، فالدولة تم تسليمها لرأس الكنيسة، وللنخبة الملعونة الذين لديهم حساسية مفرطة ضد كل ما هو إسلامى، دون أن يضعوا فى اعتبارهم ماذا يمثل الديم بالنسبة للشعب المصرى، فانتقلنا من سىء إلى أسوأ فى أحضان أخطار حارقة.

لقد بُحت أصواتنا على مدى ثلاثة عقود، مطالبين مبارك بأن يُعير الأغلبية قليلا من الرعاية والإهتمام، لكنه نكل برموز الدين الإسلامى، فسجنهم ظلما وأهانهم إعلامه، وألصق بهم تهما تجلب لأصحابها الخزى والعار، وأمم المساجد، ودهس الفضيلة تحت أقدام قاطنى زرائب اليسار ومن والاهم، وحارب الحجاب واللحية، رغم أن القساوسة والأحبار وحتى البوذيين من أصحاب اللحى، لكن المسلم إذا التحى يحرم من كل الوظائف العامة بالدولة، ويصبح رهن الإتهام والسجن فى أى لحظة، غاب الرجل وسط آلة إعلامية مضللة، وتمكن منه الصلف والغرور، وراح يتصرف وكأنه الفرعون الإله، الذى ظن أن لن يقدر عليه أحد، وكل يوم كانت درجة الغليان الشعبى تزداد حمية، كان هو يزداد طغيانا وصلفا، بل راحة وطمأنينة، فقد ظن أن الشعب مات ولم يعد له وجودا، لكن فى لحظة فارقة لم يكن ليتوقعها أبدا، هب الشعب كالمارد مزمجرا مستهزءً بالموت والأخطار، وحدث ماحدث.

الآن، يتصرف الجمل ومتبوعه المرتعش عصام شرف كما كان يتصرف مبارك، لقد ظلم شرف نفسه وظلم مصر بقبوله منصبا كهذا فى ظرف كهذا، فهو النزيه العفيف .. نعم، لكنه الضعيف المهتز، الذى ثبت بشكل قاطع أنه أقل من أن يكون ناظرا لمدرسة ابتدائية، فالقيادة موهبة قبل أن تكون علما، وقد قلت سابقا أنه خبير عالمى فى الطرق لكنه لايصلح أبدا أن يكون رئيسا لحكومة ثورة لدولة بحجم مصر، وفى ظرف زمنى شديد الحرج.

شرف بالنسبة للجمل متبوع، لكنه يعمل بإمرة تابعه، وتلك من عجائب الزمن، ولذا تفوق على مبارك، وقدم من التنازلات للمسيحيين فى الأسابيع القليلة التى تولى فيها دفة الحكم ما لم يقدمه مبارك على مدى سنوات حكمه الثلاثين، والذى كنا نرى فيه المدلل الأول لهم، والمسئول عن تمردهم، واشتداد شوكتهم كطائفة لها ميول انفصالية عن الدولة الأم، وتريد أن تكون هى التى تحكم البلد.

لقد استهان مبارك بشعبه، ولم يتخيل ولو جزء من ثانية أن يحدث له معشار ما قد حدث بالفعل، والآن يسير الجمل ومن معه بالبلاد بخطى واسعه تجاه مصير مجهول، مصير لا أحد يستطيع أن يقرأ حرفا من تفاصيله، فكل الاحتمالات قائمة، وكلها كارثية، فالرجل ربط مصير أمه فى رقبته، وحمل أحلامها فوق سنامه، ورقبته وسنامه ليست ملكا له، لأن الحقيقة أنه سلم كل شىء لبطرس الناسك المصرى، وخان الأمانة، والناسك لم يكن يوما ولا لحظة مخلصا لتلك البلد التى ولد وترعرع وملك وتسلطن فيها.

إن بطرس الناسك يقود جهازا سريا يشبه إلى حد كبير جهاز الموساد، مهمته افتعال الصدامات، فهى الأسلوب الأوحد الذى تأكد له ولحاشيته أنه يحقق أعلى المكاسب، ففى كل صدام (مفتعل) يحدث، يخرج الطرف المسيحى منتصرا، يقطف ثمار ما حدث على كافة الأصعدة، فيحقق فى أيام معدودة، ما كان يعجز عن تحقيقه فى سنوات باتباع الطرق السلمية.

بطرس الناسك استمرأ اللعب بالنار، وينسى أن النار أول ما تحرق .. تحرق من يلعب بها، والأيام بيننا.

والسؤال الذى يفرض نفسه الآن، وأرجو أن يطرحه ذو السنام الملتوى: هل ما يتم الآن بشأن الموافقة على طلبات المسيحيين الزائدة عن كل الحدود، وإغماض الطرف عن رد فعل ذلك على 95% من سكان مصر .. هل من الممكن أن يمر ذلك بسلام؟ ألا يضع هذا الرجل فى اعتباره رد فعل 95% من سكان مصر؟ هل ستؤدى هذه التنازلات إلى تحقيق الاستقرار والسلام فى مصر؟ ألا يوجد عاقل واحد بين أصحاب الأمر والنهى بمصر الآن يقول لهم أنتم تزرعون مصر بالألغام وتغرقوها بالبنزين لتشتعل عند أقرب شرارة مهما كانت صغيرة؟...

ملحوظة: بعد كتابة المقال بثلاثة أيام وإرساله (وقبل نشره) حدث ما توقعته، فقد زعم المسيحيون وجود كنيسة مغلقة فى عين شمس، وهى فى الأصل مصنعا (!!)، وحدث صدام (مساء الخميس 19 مايو) لا أعرف إلى أين سينتهى، وما حجم المكاسب التى سوف يحققوها من وراء ذلك، ولا تعليق.



وتبقى كلمة:

لم أكن اعرف أن يحي الجمل جاهل لهذه الدرجة، فقد سمعته فى التليفزيون يتغزل كعادته فى شنوده وهذا شأنه، لكن يزيف التاريخ ويدعى مثل باقى حوارييه بأن شنوده هو الذى قال: "إن مصر ليست وطنا نعيش فيه بل وطن يعيش فينا"، فصاحب هذه المقولة هو الوطنى المحترم مكرم عبيد باشا ، وشتان ما بين هذا وذاك.

والشىء بالشىء يذكر، فأحد المذيعين على قناة ساويرس، بكى بالدموع الحارة على الهواء مباشرة يوم خلع مبارك، كان يتكلم فى حلقة 15 مايو الجارى عن أحداث ذلك اليوم من خلال ما نشرته الصحف، وإذا به يقول: "الأحداث دى عشان النهارده ذكرى قرار التقسيم" !! ، فالجهول لا يعرف أن قرار الامم المتحدة رقم 181 الخاص بتقسيم فلسطين صدر فى 29 نوفمبر سنة 1947، وأن 15 مايو هى ذكرى إعلان قيام دولة اسرائيل، وهى معلومات نعرفها منذ المرحلة الابتدائية، لكن نقول إيه؟ .. هى دى مؤهلات إعلاميى هذا الزمن.

salahelemam@hotmail.com