المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : غريزة طلب البقاء المتأصلة في النفس البشرية دليل على أنها للبقاء خلقت!



أميرة الجلباب
06-17-2011, 02:29 AM
يقول الدكتور عبدالله دراز، رحمه الله:


لقد بلغ تقدم العلوم الطبيعية والتجارب الطبية في عصرنا هذا مبلغا بهر الناس، حتى جعل بعضهم يتساءل:
أليس من الممكن أن يجيء يوم يستطيع فيه العلم أن يكفل للناس الخلـود، ويمحو من بينهم ظاهرة المـوت؟


ولم يكن بدعا من الأمر أن يداعب الإنسان هذه الأمنية، وأن يترجم بها غريزة طلب البقـاء المتأصلة في نفسه، والتي يدل عمقها في النفوس البشرية على أنها للبقـاء خلقت؛ غير أنّ هذا الإنسان يضلّ طريق الصواب حين يلتمس تحقيق أمنيته من صنم ينحته في خياله ثم يسمي باسم العلم، والعلم بريء من نسبته إليه؛ لأنه أعلم بضعفه وعجزه من هؤلاء المخدوعين فيه!

ولكن هب الطب قد توصل يوما ما إلى إمداد الناس بالغدد والهيرمونات وسائر الأجهزة والوسائل التي تهيء لبنيتِهم صلاحية العمل المتواصل إلى غير نهاية؛ فكم يتقدم الناس بهذه المرحلة الجديدية في سبيل الخلود؟

إن كل ما سوف يقدمه لهم العلم يومئذ هو منع فصيلة واحدة من أسباب الموت هي أندرهـا وقوعا، وهي الأسباب (الفيسيولوجية) أعني أعراض الشيخوخة التي هي نتيجة إنهاك الآلات العضوية واستهلاكها. أما الأسباب الأخرى التي لا عداد لها، والتي تتحفز جيوشها في داخل الجسم وخارجه، وتتربص أخطارها للحياة في الحضر والسفر، في اليقظة والنوم، في الحركة والسكون، في العمد والخطأ، فيما يُرى وما لا يُرى، في عناصر الطبيعة العليا والدنيا، فيما يجلّ عن الوصف وما يدق على التحليل.. فإن السيطرة عليها تفترض الإحاطة بالحوادث الكونية والإنسانية التي ستقع في لحظة ما قبل وقوعها، واليقظة لها حين وقوعها، والعلم بما ستسلكه في مراحل تطورها، بعد وقوعها، والقدرة على الوقاية منها من قبل، وعلى رفعها أو محو أثرها من بعد..

وإذ لا سبيل إلى منع حادث إلا بمنع أسبابه، كانت الإحاطة الكاملة بهذه الحلقات القريبة من الأحداث لا تغني دون الإحاطة بمقدماتها، ومقدمات مقدماتها، صاعدا إلى بدء الحياة، بل إلى نشأة المادة، حتى يجتث الداء من أصوله، وحتى لا يقف في مرحلة ما أمام أمر واقع لا يستطيع له تحويلا، ولا يجد عنه مصرفا..

أفلا ترى مبلغ الخلف والإحالة والتناقض الذي يُفضي إليه هذا الافتراض العريض، وهو أن هذا الإنسان ابن الأمس يلزم أن يكون قد كان قبل أن يكون، وأنه قد شهد خلق السماوات والأرض وخلق نفسه؛ وأن هذا الإنسان المحدود القوى والملكات ليس محدود القوى والملكات، بل أحاط بكل شيء قدرة، وأحصى كل شيء علما؟..
أليس مآل هذا أن يَفرِض الإنسان كائنا آخر غير هذا الإنسان الذي يعرفه؟..
إن الذي يملك مفتاح البقاء هو واهب الحياة، لا مَن وُهبت له الحياة وهو لا يدري كيف؟.. ولا متى؟.. ولا إلى متى؟..


د. محمد عبدالله دراز، الدين، صـ 48-49.

عبدالرحمن الحنبلي
06-17-2011, 03:03 AM
جزاكي الله خيرا يااميره ....افتقدنا مواضيعك المميزه منذ زمن

الحمادي
06-17-2011, 04:48 AM
جزيت خيراً..
فغريزة الإنسان لا يبرر بها وجوده أو أفعاله ، إذ أن الغريزة خلق بها الإنسان لحكمٍ ليس هذا موضعها ، وقد قرأتُ لأحد الضلال يقول: أني أشاهد الحرام بناء على ما فطرني الله به من حب الجمال ..! نسأل الله العافية..
فهذا التقط هذا المفهوم من منظري الغرب المجيزين للدعارة بناءً على هذه الحجة ، متناسين أن الغريزة قد تدفع الإنسان للقتل والتمثيل في جثث القتلى على سبيل المثال ..
المقصود أنّ غريزة طلب البقاء هي من الدوافع ، والدافع قد يكون حجة على الواقع فحينها يصح مثل "السبيعيني الذي ختم القرآن حفظاً وهو كبير" ..!
وعندما يستحيل حصول مطلب الدافع بسبب الواقع فحينها الركض خلفه اتباع للهوى ورفض للعقل كمثل ما ذكرت من سنة الفناء والذبول والأفول ..
أرجو أن لا أكون "كثرت الكلام" (ابتسامة)