المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاعتراف الأخير لسارتر ..مقال للشيخ عبدالله الهدلق .(عبرة ..)



أبو القـاسم
06-26-2011, 01:20 PM
ما أكثر ما يصرفنا صخب الحياة في سيرة علم من الأعلام عن النظر إلى ما في مآله وخاتمته من معان للبصر والنظر والتدبر .. هي أشجان تروى عن حزن كثير لهذه النفس الإنسانية حين ينقطع بها مدد الحياة، فتغالب - في ضعف بشري حائر - تلك الحقائق الكبرى التي كانت تستخف بها كثيرا..



في كتاب " مصارع الخلفاء " لكامل كيلاني ، و " ألحان الغروب"لطاهر طناحي مادة وافرة من هذه المعاني..



هذا لقاء أثر فيّ كثيرا ، وهو نصوص من الحوار الفكري الأخير الذي أجرته الأديبة سيمون دوبوفوار مع عشيقها ورفيق دربها الفيلسوف الفرنسي الوجودي الصاخب جون بول سارتر 1905 - 1980 ، وهو حوار تم تسجيله تسجيلا حيا قبل وفاة سارتر بزمن يسير ثم نشر بعد وفاته وذلك في عام 1982.



قام الدكتور محمد جابر الأنصاري بترجمة قطعة منه عن الفرنسية ، ونشرها في مجلة الدوحة الثقافية 1982 ، ثم أعاد نشرها في كتابه " انتحار المثقفين العرب.."الصادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، ط1 ، 1998 ، ص 135 ، مع مقدمة وتعقيب.



يقلل سارتر في هذا الحوار الأخير من قيمة فلسفته الوجودية ، ويعلن - في وعي مؤثر - إيمانه ، وهو الملحد العدمي الذي كان ملأ حياته كفرا وعربدة..



هذه بعض الأسئلة من ذلك الحوار ..



*************


" دوبوفوار: علام اعتمدت في تحقيق خلودك الأدبي ، على الأدب أم الفلسفة ؟ وكيف كان شعورك تجاه كل منهما ؟ وهل تفضل أن يحب الناس فلسفتك أم يحبوا أدبك ، أم تتمنى أن يفضلوا الاثنين معا ؟



سارتر:بطبيعة الحال سأجيب بأن يحبوا الاثنين معا ، ولكن ثمة أولية لدي تضع الفلسفة في المرتبة الثانية وتضع الأدب في المرتبة الأولى ، فأنا أتمنى أن أحقق الخلود الأدبي عن طريق الأدب ، أما الفلسفة فليست سوى وسيلة توصلني إلى ذلك ، ولكنها في نظري ليست بذات قيمة مطلقة في حد ذاتها لأن الظروف التاريخية تتغير وتؤدي إلى تغيرات في الفلسفة .



إن أية فلسفة كانت لا تلبي مطالب اللحظة الحاضرة ، وليست بالشيء الذي يكتبه المرء لمعاصريه ، لأنها تعالج الحقائق الأزلية ، ولذا فإن فلسفة أخرى ستأتي وتتخطاها بالتأكيد ، لأن هذه تنظر إلى الأزل أيضا وتتحدث عن أمور بعيدة جدا من وجهة نظرنا الشخصية في اللحظة الماثلة . أما الأدب فعلى النقيض من ذلك ، يمثل سجلا للعالم الماثل أمامنا ، للعالم الذي نكتشفه من خلال القراءات والمناقشات والانفعالات والرحلات ، أما الفلسفة فتذهب بعيدا، وهي تعتبر على سبيل المثال المشاعر الراهنة ليست بذات بال لأنها لم تكن موجودة منذ القدم ، والحب ..



.. دوبوفوار : ماهي علاقتك الذاتية مع أعمالك الآن في هذه السن ؟



سارتر:لست راضيا عنها تماما ، في الرواية لا أظنني بلغت الكمال ..



دوبوفوار : إنها لم تبلغ منتهاها لكنها لم تخفق .



سارتر: لقد تم تقييمها بأقل مما هي وأعتقد أن الناس على حق ، ثم تأتي أعمالي الفلسفية ..



دوبوفوار : هذه رائعة بشكل مدهش .



سارتر: نعم ، لكن إلام تؤدي ..



دوبوفوار : أجد أن كتاب " نقد العقل الجدلي " قد ساهم بشكل مدهش في تقدم الفكر.



سارتر: أليس ذلك مثاليا ؟.." .



قال الأستاذ محمد الأنصاري: "سيندهش العارفون بإلحاد سارتر المعلن عندما يقرأون اعترافه الأخير التالي الذي قاله بالحرف الواحد لسيمون دوبوفوار .. يقول سارتر : " أنا لا أشعر بأني مجرد ذرة غبار ظهرت في هذا الكون ، وإنما ككائن حساس تم التحضير لظهوره وأحسن تكوينه ، أي بإيجاز ككائن لم يستطع المجيء إلا من خالق !" ..



علق الأستاذ الأنصاري : "هذه العبارة تنسف فلسفة سارتر الإلحادية من الأساس .. هذا هو موقف سارتر في "ساعة الحقيقة" من الفلسفة ، ومن فلسفته الوجودية ، وكتبه الفلسفية التي كانت غذاء فكريا هاما لبعض مثقفينا قبل هزيمة حزيران ، والتي مازال البعض يكتب حتى الآن تحت تأثير منطلقاتها العبثية ، مع تحياتنا لكل من ساهم في نشر الوجودية ، ودعا إليها ، وصدقها! " ..



قال سارتر في لحظة تجل إنساني آسر: "أي بإيجاز ككائن لم يستطع المجيء إلا من خالق" ..



إيه يا سارتر ، حتى ذرة الغبار تلك.

أمةُ الله
06-26-2011, 05:03 PM
جزاكم الله خيرا.
والله إنه لأشبه بصاروخ القسام حين ينزل على المزعومة إسرائيل فينسف خرافاتها التي بنتها على أكاذيب وتزوير للتاريخ ويكشف هشاشة بيتها وخرابه ....
أتمنى أن أرى ردود الملحدين ، ما سيقولون ...؟بعد إقرار واعتراف أحد كبرائهم الذي تبرأ منهم في الدنيا قبل الآخرة.
بارك الله فيكم.

أبو القـاسم
07-10-2011, 01:29 AM
شكر الله لك تعليقك الكريم أختي الفاضلة مريم ..ورفع الله قدرك