المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خالد حربي يكتب ... مليونية الهوية ..ثم ماذا؟



وليد المسلم
08-15-2011, 08:36 AM
مليونية الهوية ..ثم ماذا ؟
http://cdn.tanseerel.com/upload/home_pictures/2011-05-14_064304_4.jpg

خالد حربي
رغم أني أسعد الناس بمليونية الهوية والشريعة التي جيشت أبناء الصحوة الإسلامية في ميدان التحرير، إلا هذا ليس مانعًا من الاعتراف ببعض الأخطاء التي حدثت فيها ،بل من الضروري أن نستوعب هذه الأخطاء جيدا حتى نتمكن من قراءة الواقع واستشراف المستقبل
لكن ما ينبغي أيضًاحه جيدًا قبل الحديث عن هذه الأخطاء أنها في مجملها أخطاء طبيعية، في ظل وضع السكون الذي كانت تعيشه التيارات الإسلامية من قبل؛ فعندما يصاب إنسان بالشلل ويجلس ساكنًا هامدًا لفترة طويلة، ثم تعاوده الحركة، فإنه يتخبط في مشيته الأولى، فهذا بلا شك طبيعي ومقبول طالما كانت هناك نية وعزيمة للاستفادة من العثرات وتجاوزها.
لذلك دعوني أبدأ حديثي من إظهار هذه العثرات -باختصار شديد- علَّ هذا أن يكون بداية العلاج..
- أول العثرات كان غياب البرنامج الموحد واستقلال الكثيرين بمنصات وبرامج خاصة بهم، وهذا ما أفقد المليونية الكثير من قوتها؛ فقد كان الناس بين قادم ومغادر للميدان على مدار الساعة، وهو ما منع الجميع من الاحتشاد الكلي لفترة زمنية تسمح بتقييم العدد الحقيقي للحشد.
- للأسف اعتبر الكثيرون أن الحشد هدف في ذاته وليس وسيلة موصلة للهدف الحقيقي، وهو التأكيد أيضًا على هوية مصر المسلمةورفض تمرد ثلة العلمانيين و ألاعيب عصام شرف ، التي يمررها دائمًا عبر نوابه ومساعده،وتهدف إلى تصعيد التيار العلماني فوق أكتاف الأمة، وآخر هذه الألاعيب كان هو خدعة "المواد فوق الدستورية".
أقول: إن اعتبار الحشد هدفًا في ذاته قد غيَّم على رسالة المليونية التي ظلت ضبابية شيئًا ما، فبينما فسرها البعض بمليونية الشريعة، فسرها الآخرون بمليونية رفض المبادئ فوق الدستورية، وفسرها البعض بأنها مليونية لم الشمل(!!)
حتى لا تكون مليونية المجلس العسكري

لاشك أن المجلس العسكري ربح كثيرًا من مليونية الإسلاميين، فقد أثبت وجود منافس قوي لحركات الثورة التي تشاغب المجلس وتحتكر الحديث باسم الثورة، فجاءت مليونية الإسلاميين لتؤكد ضعف هذه الحركات وتكشف فقرها الشعبي، والغريب والمؤسف أن يرى البعض هذا المنافس –الإسلاميين- غير مهتم بقضايا الثورة الجوهرية، وهو ما استغله بعض الخبثاء بوضع الإسلاميين في خانة المجلس العسكري، واعتبارهم أنصارًا واتباعًا له، يتبنون نفس آراء ومواقف المجلس العسكري من قضايا الثورة!! - أيضًا الاختراقات الغبية –نعم.. اختراقات، وليست أخطاء- تلك التي حدثت في المليونية، مثل رفع علم السعودية مثلاً، أو الدعوة لمبايعة المشير، أو الدعوة للصدام مع العلمانيين والليبراليين، كل هذا عزز من وضع المجلس العسكري الذي استثمر هذه الاختراقات جيدًا، باعتباره الضمان الوحيد لمدنية الدولة، وهو ما أجبر القوى الثورية على مراجعة مواقفها ولهجتها من الجيش، باعتباره القوة القادرة على تلجيم الإسلاميين، وإحداث توازن معها.
إشكالية تطبيق الشرعية
للأسف أقول: إنها إشكالية، مع إيماني الصارم والجازم بوجوب تطبيق الشريعة، لكن دعونا ندرك أن كل دعوة طيبة لا تحمل بالضرورة نوايا طيبة، فالدعوة لتطبيق الشرعية كانت أول مطرقة لتفيت السودان الحبيب، ورغم انفصال الجنوب رسميًّا مازالت الشريعة أبعد عن الشمال من الجنوب المنفصل، وهذا يدعونا للتريث وعدم الانسياق وراء العواطف، فالشريعة ستطبق حين نتخذ الوسائل اللازمة والضرورية لهذا، وليس حين يرفع بها القوم عقيرتهم في ميدان التحرير؛ فيستغلها الأعداء في تخويف وتجييش الدنيا ضدنا، ونحن ما زالنا نضمد جراح سنوات القهر والعذاب والاضطهاد، ونبحث لنا عن مكان تحت الشمس، وليس ورائها!!
ثم ماذا؟
حتى لا نصبح بعبعًا نائمًا يوقظه الخبثاء في ظلمة الليل لتخويف خصومهم ثم يعاود النوم مسرورًا بصرخته المرعبة فحسب، بعيدا عن أية مكاسب حقيقة يحصلها.
لابد من استثمار المليونية في نقلة سياسية إسلامية، ترتكز بالأساس على إكمال الثورة وتحقيق متطلباتها جميعًا، وحماية الإرادة الشعبية من خصومها جميعًا، سواء كانوا من المحظوظين الذين استطاعوا القفز فوق المشهد ليتحدثوا باسم الثورة، وهو ما يجعل همهم الأول هو استمرار الوضع الثوري؛ ليستمروا هم في وضعهم الإعلامي، أو من متطرفي العلمانية والليبرالية الذين يريدون تجريد الشعب من هويته وتاريخه ودينه؛ ليحلو لهم العيش على أنقاض أمتنا المسلمة.
وكذلك حماية الإرادة الشعبية مِن مَن يحلم بوضع جديد، يصنع فيه من الجيش إلهًا فوق إرادة المصريين لا يُسأل عما يفعل.
وحين سألني أحد الصحفيين ليلة المليونية عن رأيي في جمعة "لم الشمل"، قلت له: إنها لن تكون أبدًا هذه الجمعة، ولكنها ربما ستكون الجمعة بعد القادمة .. سكت الرجل ولم يفهم مقصدي، فقد كنت أرى أن لم الشمل لن يحدث حقيقة إلا بعد أن تفيق القوي الليبرالية والعلمانية من سكرتها المعيبة التي سولت لها أن بمقدورها أن تفرض إرادتها على الشعب المصري، مستقوية بالدعم والتمويل الغربي، ولن تفيق إلا بعد مليونية إسلامية مزلزلة، تنسيهم وساوس الشيطان، وتجبرهم على العودة لميدان التحرير قبل تنحي مبارك، حيث كان هدف الجميع الحرية والكرامة والثورة وحسب.
وأعترف لكم أن ظني كان خاطئًا؛ فلم تزد مليونية الإسلاميين القوم إلا شططًا وجنونًا.
وبينما ظن الكثير من الإسلاميين أنهم أكملوا المسعى، وأتموا المهمة، وفعلوا ما عليهم بالوقوف ساعة تحت شمس الميدان، ثم رجعوا لقواعدهم سالمين، أتت تصريحات الحكومة والمجلس العسكري بالتأكيد على وضع مبادئ فوق دستورية رغم أنف غالبية الشعب المصري، وخاصة الإسلاميين؛ ليوضح من جديد معالم طريق شاق وصعب، لن يجنى فيه النصر من مهادنة الأقوياء، أو تملق الأعداء، وهو ما يستوجب منا جميعًا انتفاضة قوية، وثورة إسلامية، تأبى أن تستعبد من جديد، وأن تعبث القلة بمقدرات ومصير الأمة.
كلمة أخيرة أقولها لمشايخنا وقادتنا الكرام:
السفن تنعم بالأمان في الموانيء، ولكنها -صدقوني- لم تُصنع من أجل ذلك..!
فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله