المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قواعد هامة لمنع تزييف التاريخ



UNDERASH86
11-12-2005, 06:58 AM
قواعد هامة
وبما أن دراسة التاريخ في حس المسلم مرتبطة بعقيدته، والتاريخ أداة من أدواته في الدعوة إلى الله، وتحقيق عبوديته بإقامة منهجه وتحكيم شريعته؛ فإنه يتوجب عليه ملاحظة بعض القواعد في أسلوب الكتابة وطريقة العرض ومنها:
· جعل العقيدة الإسلامية المحور الأساسي في عرضه:
فإن البشرية على طول تاريخها كلما فاءت إلى هذه العقيدة وتمسكت بها حصل لها السعادة والتمكين في الأرض، وكلما بعدت عنها أصيبت بالأمراض الاجتماعية والخلقية، وفشا فيها الظلم والجور، وسلط عليها الأعداء.

· المحافظة على الوقائع التاريخية الصحيحة:
المحافظة على الوقائع التاريخية الصحيحة والتركيز على التصورات الإسلامية الصحيحة أثناء العرض الموضوعي للحادثة التاريخية، مع ملاحظة المحافظة على الوقائع التاريخية وعدم الإخلال بها؛ وعرضها كما جاءت في مصادرها الصحيحة.

· التركيز على الأهداف والغايات.
فالمؤمن له في الحياة هدف وغاية عليا يسعى دائماً لتحقيقها، وهي: عبادة الله وحده، وعند دراسته لحقبة معينة من الزمن أو حادثة من الحوادث فإنه لا ينظر إلى هذه الدراسة إلا كوسيلة من الوسائل للوصول إلى الغاية العليا، فلا ينفق كل جهده في الوسيلة ويترك الغاية، ولذلك ينبغي أن لا تشغلنا الدقائق التفصيلية في حوادث التاريخ عن العبرة من الحدث، والرؤية الشاملة له، وعن الاعتبار الذي يترك في النفس أثراً، وإنفاق الوقت والجهد في البحث عن أمور لا طائل تحتها ولا عود على البحث بفائدة وليست من هدف المسلم ولا غايته في الحياة، إلا أن يكون البحث في التفصيلات متعلق به مقصد شرعي؛ فلا بأس حينئذ من البحث ومحاولة إثباته.
وفي القرآن الكريم دلالة على هذا المقصود، فضرب الصفح عن ذكر اسم صاحب يس وبلده واسم أبيه، وكذلك مؤمن آل فرعون، وعدد أهل الكهف ولون كلبهم، فالناس عادة يتعلقون بالأمور الجانبية التي لا فائدة ترجى من وراء معرفتها؛ ويختلفون في ذلك، ثم يخوضون بالجدل فيه بغير علم ويتركون المقاصد والأمور المهمة؛ وهي أخذ العبرة من وراء سياق القصة.

· أن يكون العرض موحياً بتحبيب الخير وتبغيض الشر:
فالمؤرخ صاحب رسالة وحامل مشعل هداية للبشرية، وميزانه في معرفة الخير والشر ليس عرف الناس ولا ما تواضع عليه أهل زمن، أو قررته هيئة من الهيئات، أو زعيم من الزعماء؛ إنما ميزانه هو شرع الله، ولذلك فالمؤرخ في دراسته يجب عليه أن يفحص ويدقق وينقد المصادر والمراجع ويتثبت غاية التثبت، وأن يعرض الأحداث بأمانة وصدق، ثم عليه أن لا يظهر الباطل بمظهر الحق ولا يظهر الشر بمظهر الخير، إنما يسمي الأشياء باسمها، فالحق حق مهما كان فاعله، والباطل باطل مهما كان قائله، والميزان هو شرع الله، وهذا من أعظم غايات دراسة التاريخ وثمراته.

· إبراز دور الأنبياء .
كما أن على المؤرخ أن يبرز دور الأنبياء وأثرهم في تاريخ البشرية، وكيف جاءوا بعقيدة واحدة؛ وهي إفراد الله بالعبادة، والاستسلام له بالطاعة، والتبرؤ من الشرك وأهله وتوضيح أن الإسلام هو دين الأولين والآخرين: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ)[آل عمران:19]، (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[آل عمران:85]. وتبيين أن التاريخ البشري كله يمثل صراعاً بين الحق والباطل والإيمان والكفر، ودور الأنبياء وأتباعهم يمثل في تاريخ البشرية كلها خطًّا مستقيماً ومرتبطاً بعضه مع بعض من آدم إلى محمد صلى الله عليه وسلم، وتقف بإزائه الجاهليات على تعدد أنواعها واختلاف عصورها، فالجاهليات تشكل أمة واحدة وحزبًا واحداً، في مقابل أمة الإسلام ودعوة الحق وحزب الرحمن واتباع الرسل والأنبياء، وما من فترة سيطرت فيها الجاهليات إلا وأصيبت البشرية بالشقاء والتعاسة وسادها الظلم، ولا أظلم من الشرك بالله.

· تحري استعمال المصطلحات الإسلامية.
وتجنب المصطلحات الدخيلة؛ مثل: الوحدة العالمية، والإخاء الإنساني، والتعاون الدولي، والسلام العالمي، وزمالة الأديان، والحرية، والمساواة، والتقارب بين المؤمنين بالله في مواجهة الإلحاد والشيوعية، وأن نعلم أنه لا التقاء بين الحق والباطل، ولا بين الهدى والضلال؛ فالديمقراطية والاشتراكية والثيوقراطية والدكتاتورية والإمبراطورية واليمين واليسار والمحافظين والليبرالي والإمبريالي والأحرار والأرستقراطية؛ كلها مصطلحات أوروبية ذات مضامين ودلالات محلية وتاريخية، ولا يمكن فصلها عن ذلك الوسط الاجتماعي، والظروف التاريخية والثقافية التي لابست نشوء هذا المصطلح أو ذاك، وأن كل كلمة لها معنى ورصيد عند أهلها، ولا بد من ضبط اللفظ والمعنى بما جاء في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يصح الترويج لها في بلاد المسلمين ولا إضافة الإسلام إليها، كقولهم الديمقراطية الإسلامية ـ فهذا مما يروج للفظ الديمقراطية "بمضمونه عند أهله"، ويحببها للنفوس مع ما تحمله من خراب ودمار.

· الابتعاد عن أسلوب التعميم قبل حصول الاستقراء.
فمثلاً لا يصح أن نقول: إن أهل المدينة كلهم تخاذلوا عن نصرة عثمان بن عفان - رضي الله عنه - أو رغبوا في قتله، كما لا يجوز أن نأتي إلى مجتمع من المجتمعات أو عصر من العصور فنحكم على أخلاق أهله من خلال شعر اثنين أو ثلاثة أو حتى مائة من الشعراء الماجنين فنقول: إن هذا العصر عصر مجون وتهتك وخلاعة، أو أن نصف أسرة كأسرة بني أمية بأنها كلها ظالمة. أو نقول: إن فرقة المرجئة أو المعتزلة كلهم زنادقة ومنافقون؛ لأن كل طائفة لا تخلو من بعض الخيرين أو العوام أو المجتهدين المتأولين، غير أن الحكم يكون للغالب، فلا شك أن كتابة التاريخ أمانة، ولا بد في ذلك من المحافظة على هذه القاعد؛ لمنع تزييف الوعي.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
(منقول)