المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يوم "السّبوع".. والمولودةُ أنثى!.. > حقيقي!



أميرة الجلباب
10-04-2011, 02:01 AM
يوم "السّبوع".. والمولودةُ أنثى!

في صبيحة ذلك اليوم كانت إحدى السورتين الزهراوتين (آل عمران) هي المقرَّر عليَّ ضمن ورديَّ اليوميَّ من القرآن الذي ألزمتُ نفسي به..
جلستُ أقرأ..
استوقفتني آيات قصة النذرٍ العجيب.. ثم مولِد مريم عليها السلام وصور من حياتها وصلاحها ورزقها.. أخذتُ أتدبَّر..
سبحان ربي.. هذا القرآن كلمَّا تدبرتَه ازددتَ علما.. وأنت مع تأمُّلِه تعيش في بستان تحوطُه الأفنان تُلقي عليكَ كلمَّا رددت آياته في صدرك من أزهارها وثمارها الشيء المدهش البديع.. كتابٌ لا تخلَق عجائبه من كثرة الترديد.. وتأتيك مع تدبرك المعاني والحِكم فتقول هل من مزيد..

مضى النهار.. وفي المساء كان علينا أن نزور منزل إحدى القريبات للتهنئة بالمولود الجديد..

كان المولود أنثى.. واليوم عقيقتها!..
مناسبة سعيدة لا أفوِّتُها..!

ذهبتُ مبكرة.. وكنَّا كأهل الدار.. نحبهم ويحبوننا..

قال نسوة منهن: ستأتي الآن فلانة.. وهي الحاذقة من بيننا في صنع "المُغات" (1) ونحن ننتظرها..!
هذا مشروبٌ لذيذ.. لا يصنع عندنا عادة إلا في هذه المناسبة..
أعلم أنه ينبغي أن أوليّ هذه الفنون مزيدا من الاهتمام.. عليَّ أن أذكّر نفسي بهذه الحقيقة!.. حسنًا هذه فرصة لأتقن هذا المشروب وأعرف من فلانة سر الصنعة.. سأراقبها في المطبخ!

بدأ الأهل يتوافدون.. وجاءت فلانة.. ودخلت المطبخ.. فقمت ودخلت معها.. وشمرتُ عن ساعدِ الملاحظة!.. ووقفت بجانبي امرأتان أخرتان تراقبان معي..
لكن ملاحظتي التي استحضرتها.. ما لبثت على القِدر لحظات حتى اتجهت نحو الأرض.. نحو قدم إحداهن.. وجدتُها تلبس نعلا واحدة!!..
فأشرتُ بعيني نحوها وقلتُ: ما هذا؟!..
قالت: لم أجد أختها..!
(وكان المكان قد بدأ يزدحم بالحاضرين وفهمتُ أنها فقدتها في الزحام وهي تؤمِّل أن تجدها بينما تخشى على ضياع الأخرى).
قلتُ لها: انزعيها وضعيها جانبا فإذا وجدتي أختها فالبسيهما معا.. فهناك نهيٌ في الحديث عن هذا.. وإن الشيطان هو الذي يمشي في النعل الواحد .. ويحب المخالفة!(2)
جال التردد في عينيها لحظات.. فقالت لها الأخرى-ولم أتوقع منها-: "انزعيها يا فلانة طالما عرفتِ"!
فنزعتها..
فسرَّني صنيعهما..

- عدتُ أرقُب.. وكانت صاحبة سر الصنعة قد اختارت قِدرا من الحجم الكبير ووضعته على النار.. وجاءت بالسمن ووضعته فيه وجعلت تقلّب..

فما انتهيتُ من حديثي عن النعل الواحدة.. حتى بادرتني صاحبتنا.. صاحبة سر الصنعة -وكأنها تذكرت شيئا فور ما جاء ذكرُ الشيطان- فقالت لي: يا فلانة عندي ولدي فلان هذه الأيام فيه شيء غريب وليس على ما يرام وأنا أعرف ما فيه.. وأريدك أن تقرأي له رقية في ماء ليغتسل منه..
تأملتها قليلا أستزيدها فلم تزد.. فقلتُ لها: حسنًا لا بأس عليه.. ولكن هل قرأ هو على نفسه أولا؟.. لعلكِ تعلمين أن الإنسان كلمّا رقى نفسه بنفسه فهذا أفضل وأقرب للتعلق بالله تعالى والتوكل عليه.. ولكني سأفعل إن شاء الله.

- ها قد انقدح السمن وبدأت تصب في القدر من "المغات" رويدا رويدا مع التقليب..
كنت أتشوف إلى الوصول إلى نهاية هذه العملية.. وتميل نفسي غالبا في مثل هذه الأمور إلى العَجَل!.. ولكن بدت لي الخطوات تسير على مَهَل لا يستعجلها شيء وبطريقة محنّكة.. هل هذا هو سر الصنعة؟!.. ربما!
حسنا لا بأس.. يبدو أن الأمر يستحق..!

كان الضيوف لازالوا يتوافدون في الخارج.. وأنا في المطبخ.. بعد لحظات.. نادتني أمي.. فجئتُها.. فوجدتُها تقترح عليَّ أمرا..
قالت: ما رأيكِ أن تلقي عليهنَّ كلمة!!
نظرتُ إليها.. ثم نظرتُ في الصالة فإذا المكان قد امتلأ -ما شاء الله- عن آخره!
- ألقي كلمة!!..ماذا أقول؟.. لم أجهِّز شيئا.. ما الذي حدث؟
قالت: بعض النسوة من العائلة الأخرى يردن أن يحتفلن على عادتهن "بدق الهون ورش الملح والغربال"!!(3).. وصاحبة الدار لا تريد هذا وتحبُ أن ترضيهن في هذا اليوم.. فاقترحتُ عليها بدلا من ذلك هذا الاقتراح فوافقت.. وإذا دعوتِ للمولودة وهنّ يؤمنَّ أفضل.. وهنَّ لا شك يسعدهنَّ الدعاء ويستبشرنَّ به خيرا!
ولكن ماذا أقول؟.. تركتني وذهبت، وهي تقول: هيا بسرعة.

كلمة مرتجلة!!.. عن ماذا أتحدث وماذا أقول؟.. لم أتكلم في مناسبة كهذه من قبل!
ليس في ذهني شيء حاضر الآن!

- هيا .. هيا..

لكن أحتاج بعض الوقت لأجمّع في ذهني بعض الأفكار..
حتى أفكاري للتو كانت في عالم آخر.. مع المغات!.. تبّا سيفوتني سر الصنعة.. عليَّ الآن أن أدير الدّفة.. وبسرعة!!..

اندفعتُ للصالة ..
حسنا.. سأحاول أن أستحضر بعض النقاط الرئيسية أو أي مفتاح للبدء ريثما أصل..

كان المجلس كبيرا والحضور كثير وكان عليّ أن أسلِّم على الضيوف أولا.. فكرت أن أستغل الوقت الذي سأقضيه في مصافحة الجلوس وأنا أدور عليهن في تدبير أي شيء يصلح أن يقال في هذه المناسبة..!

كان عليَّ أن أتذكّر ما قرأته يوما تحت عنوان: ماذا عليك أن تفعل إذا دُعيت لإلقاء كلمة مرتجلة!.. لكن حتى هذا لم يخطر على بالي..!
يبدو أن المفاجأة والجو الصاخب المزدحم وسرعة التنفيذ المطلوبة قد ألجموا الموقف.. يبدو أن البعض يحسن الظن بي..!

ولكن هذا موقف دعوة إلى الله تعالى وفرصة ذهبية ينبغى ألا أضيعها!.. بل ينبغي أن أُحسن فيها بأفضل ما عندي.. وإلا!.. فلن أرحم نفسي من اللوم والتقريع.. هكذا هددتها!

ولقد قرأت أن الداعية هو من يستغل المواقف لخدمة دعوته بل عليه أن يُفتِّق المواقف من تحت الحجر!!.. فكيف إذا جائه موقف كهذا يسعى إليه..

الداعية حقا هو الذي اتخذ الدعوة منهج حياة وأمرا لازما لا ينفك عنه.. فتراه ينتهز الفرص من أبسط الأشياء وينتقيها.. ويستخلص المعاني من الألفاظ.. ويصطاد العبر من الأحداث.. ولا يترك فرصة للدعوة إلا الله دون أن يستغلها.. بل هو من يبحث عنها ابتداءً ويسعى لها.. مستعد متيقظ.. ولا يصير ذهنه خالٍ مثلي!

تبّا.. لقد انتهت حلقة الوجوه التى أصافحها ولم يقفز إلى ذهني مفتاحٌ واحد.. ولا جملة واحدة..
ماذا أفعل؟!
وجدتُ نفسي أخيرا قد وصلتُ إلى صدر المجلس وجلست.. ثم جاءوا بالمولودة الصغيرة.. ووضعوها أمامي في سرير مزركش صغير..

أخذت أنظر إلى هذه المولودة الصغيرة التى أمامي لعلي أستلهم منها شيئا من الفِكَر..!
أحتاج أن يصفو ذهني قليلا لأتمكن من عرض شيء جيد يستحق هذه المناسبة.. ياله من موقف!

- اجلسوا سكوت.. نرجوا السكوت.. هكذا قالت عمتها التى جلست بجانبي..!

يا إلهي!.. ماذا أقول؟!.. على الأقل أرسم على وجهي ابتسامة.. فالأنظار بدأت تتجه نحوي مستكشفة.. لقد كان الموقف غريبا عليهنَّ.. وغير مألوف.. لقد كنّ ينتظرن "دق الهون والغربال"!.. فما الذي يحدث؟!
وأنا لازال الصفر يرنُّ في رأسي!.. لم تقفز إليه فكرة واحدة حتى أدندن حولها..!
يارب ألهمني!
حسنا.. لابد أن أبدأ الآن.. فإذا سكت الجميع لابد أن أتكلم أنا!
ينبغي أن أستعين بالله في سري وأطلب منه المدد والتوفيق..
أسماع مرهفة تحت دهشة الموقف وبغتته والحضور كثير هنا وهناك.. نساء وأطفال وبنات.. جلس البعض والبعض الآخر يقف.. سكت البعض والبعض الآخر يأبى إلا أن يثرثر.. وتحلق البعض حلقا.. وبيني وبينهن مولودة صغيرة.. هي محور الحديث!
محور الحديث!.. هذا صحيح!

ربِّ افتح عليّ بفتح من عندك..!

سمعتُ أمي تقول: هيا ابدأي!
- الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا..

حتى هذه اللحظة لم أكن أدرِ ماذا أقول..
حدثتُ نفسي وأنا أنظر نحو الصغيرة: هوّني عليكِ وابدأي فقط.. أنا على يقين أن الله تعالى سيفتح عليّ.. فهذه المولودة الرائعة هي حقا نعمة كبيرة تستحق الشكر!

وجدتها..!
وبدأت..

نعم.. هذه المولودة يا قومي نعمة كبيرة من الله تعالى تستحق الشكر..
فكم من أناسٍ حُرموا هذه النعمة.. وكم من أناسٍ آخرين رُزقوها فلم يشكروها..
أتدرون ما شكر النعمة؟
شكر النعمة يكون بالقول والعمل..
قولٌ باللسان.. ولكنَّ هذا وحده لا يكفي.. لابد أن يصحبه العمل.. كيف ذاك؟
بتربية هذه المولودة وكل مولود تربية صالحة ليكون عبدا صالحا لله عز وجل..
انظري إلى ابنتك هذه.. انظري إلى أولادك.. هؤلاء سوف تسألين عنهم يوم القيامة.. كل أمٍّ سوف تُسأل يوم القيامة عمّا استرعاها الله تعالى من رعية.. "فكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته".. "والمرأة راعيةٌ في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها"!
سوف تُسألين عن ولدك هذا يوم القيامة.. هل ربيتِهِ على الإسلام.. هل علمتِه القرآن.. هل حرصتِ أن ينشأ في طاعة الله.. فلتنظر كل واحدةٍ ولِتُعِدّ للسؤال جوابا!
انظري إلى المرأة الصالحة أمِّ مريم عليها السلام.. ماذا قالت في سورة آل عمران..
قالت: ((رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)).. تنذر جنينها الذي في بطنها وأعز ما تملك عبدا خالصا لله تعالى..
((فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى)).. نعم الذكر ليس كالأنثى.. ((وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ))..
انظري إلى الأم الصالحة كيف تدعو لابنتها ولذرية ابنتها بالصلاح والحفظ من الشيطان من أول يومٍ تضعها فيه!!
تأملي كيف تحمل هذا الهم.. وكيف يكون الاهتمام.. إنها لا تحرص على الصلاح في ذريتها الحاضرة أمامها وحسب بل تحرص على أن يمتد هذا الصلاح إلى ما بعد سنين طويلة حتى يشمل أبناء هذه المولودة الجديدة .. تحرص على هذا وتعمل له منذ أول يوم تضعها فيه..
بل ومن قبل أن تضعها..
فاستجاب الله تعالى دعائها.. وتقبل عملها.. وبارك في سعيها وسهرها وحُسن تربيتها
((فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا))
ثم تأملي كيف كان حال هذه الذرية الصالحة ابنة الأم الصالحة..
تأملي حال مريم عندما كبرت وكيف نبتت..
(( كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً))..!!
تأملي كيف كان صلاح الولد هو مفتاح لرزقه..
كلما دخل عليها زكريا المحراب وهي تتعبد وجد عندها من أصناف الرزق ما يتعجب له الإنسان.. كيف هذا.. وكيف جاء؟!
((قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا))
يسألها من فرط عجبه مما يرى.. فيكون الجواب..
((قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ))!
هو من عند الله قد جاء.. هو من عند الله يأتيها دون أن تشغل بالها بجمعه وتحصيله.. بل انشغلت بخالقها ولم تشتت همها فيما سواه.. لأنها تعلم أن الله تعالى هو الرزاق وأن رزقها في السماء وأنه هو حسبها ونعم الوكيل وأنه على كل شيء قدير!
تأملي كيف يكون صلاح الولد سبب في رزقه.. فالصلاح هو سبب للرزق وليس كونه ذكرا أو أنثى هو السبب!

فإذا رزقكَ الله البنت.. فلا تحمل هم رزقها.. فالله هو رازقها.. واحمل هم صلاحها وتربيتها.. فإذا فعلتَ فإن الله تعالى يكفيك..

فالرزق مع الصلاح يكون.. وليس مع كون المولود ذكرا أو أنثى!

وإني لأعجب من أقوام يظنون أن المولود الذكر هو أنفع لهم هكذا بإطلاق لأنه إذا كبر صار يكد ويعمل ويكسب وينهض غالبا بما لا تنهض به الإناث..
ويتناسون أن نفع الولد لا يقاس بهذا المقياس الضيق بكونه ذكرا أو أنثى.. بل هو بمقياس أوسع وأكمل من ذلك بكثير.. قال تعالى: ((وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا)).

فكم من ولدٍ ذكر ولكنه أدخل الهمّ والغمّ على قلب أبويه وأدخل الفقر على البيت.. وكم من مولودة أنثى ولكنها أدخلت الفرح والسرور على قلب أبويها وأدخلت البركة والخير على البيت..
فنفع الولد لوالديه يكون بصلاحه أولا وقبل كل شيء..

وهذا هو النفع الذي يبقى في الأرض ويحمل اسمه ويأتيه من الأجر من بعد موته ولا ينقطع عمله إلى ما شاء الله..

تأمل كيف كان ابن نوح عليه السلام "عملٌ غيرُ صالح".. وكيف كانت ابنة امرأة عمران وهي أنثى طيبة مباركةً إلى يوم الدين!
كيف كان ابن نوحٍ عليه السلام يتعلق بحجر ويؤمل أن يرزق النجاة به حين قال: (سآوي إلى جبل يعصمني من الماء).. ثم كيف كان تعلق مريم عليها السلام وتوكلها في رزقها على الحي الذي لا يموت!
تأمل كيف كان يقين هذه الفتاة الصالحة وهي تقول لنبي من أنبياء الله تعالى قولا حرك فيه الإيمان: ((إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ))

- كنتُ أتحدث وأنا أراقب العيون حذرا أن يتخللها السأم.. ورأيت أن أنهي حديثي الآن بالدعاء..
فأقبلنّ عليَّ.. وأخذنّ في التأمين بحرارة..
أسأل الله تعالى أن يبارك في هذه المولودة وأن يتقبلها بقبول حسن وأن ينبتها نباتا حسنا.. اللهم اجعلها من عبادك الصالحين الأبرار ومن المصطفين الأخيار ومن المستغفرين بالأسحار ومن أولي الأيدي والأبصار.. اللهم اجعلها من حفظة كتابك ومن الدعاة إليك بإذنك وسراجا منيرا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

سارعت بالانصراف من المجلس.. أخشى أن أكون قد أثقلتُ عليهن..!

سمعتُ بعض الألسنة من حولي ارتفعت بالدعاء والشكر..
بنت صغيرة أخذت تقفز أمامي وهي تقول: حلوة الكلمة..!

عدتُ إلى نفسي.. تعجبت مما حدث وما قلت!..

تذكرتُ وردي..

حمدًا لله.. ما رأيتُ كاليوم بركة كبركة "آل عمران"!



أميرة الجلباب.
__________________________
1- http://sheikhperfumery.com/39.htm
2- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((لا يَمْشِ أحَدُكُمْ في نَـعْلٍ واحِدَةٍ ، لِيَنْعَلهُما جَميعًا ، أو لِيَخْلَعْهُما جَميعًا)). رواه مسلم { 2097 / 68 }
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الشيطان يمشي في النعل الواحدة)). صححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 616
وللفائدة:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=168248

3- هل رش الملح والسبوع عامة حرام أم مكروه؟
http://www.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&lang=A&Id=32494
عادة الدق للأطفال من البدع المحرمة.
http://www.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&lang=A&Id=47354&Option=FatwaId

إلى حب الله
10-04-2011, 10:19 AM
موضوع تمت كتابته بطريقة طيبة بارك الله فيك أختي الفاضلة ..

وما أجمل أن يقوم المسلم الملتزم الداعية في نفسه : بتحويل عادات الناس
المخالفة للشرع : والتي لا تعود عليهم بالحسنات (ناهيكم عن سيئاتها) :
يقوم بتحويل تلك العادات لوجهات ٍحسنة :
تعود عليهم بالنفع والبركة : وتعرفهم معنى الحمد والشكر الحقيقيين على
النعم (مثل الزواج وغيره والتي تحولت عاداتها للأسف إلى مجلبات ٍللسيئات)
وخصوصا ًوأن كل مسلم ملتزم :
له من الأقارب والمعارف والجيران : الكثير الذي يحتاجون فضل علمه
عليهم في مثل تلك الأمور الاجتماعية .. والله الهادي لكل خير ..

فبارك الله فيك أختي الكريمة ..

وبمناسبة رش الملح بالذات : هناك طرفة لا تريد أن تنمحي من رأسي !!..

فقد زارتني عمتي بعد مولد أول أبنائي في مصر .. وهي تعرف أني لم أقم بعمل
أي شيء من هذه العادات .. فأرادت أن (تناكشني) وهي تعرف بالتزامي
وتحبني والحمد لله .. وهي تعلم أيضا ًأنها لن تخرج إلا بفائدة شرعية بعون الله !
فقالت لي وهي تجلس بجانبي وزوجتي :
لماذا لا تسمح لنا برش الملح وهذه الأشياء في يوم سابعه ؟!!..

فأجبتها بكل تلقائية :
ولماذا ترشون الملح يا عمتي ؟!!!..
فذهلت من السؤال الذي لم تكن تتوقعه !!.. فقالت : نرش الملح عشان ....
عشان ....

هيــــه يا عمتي .. عشان إيه ؟!!!..

فقالت هداها الله وعفا عنها : عشان الملائكة تمشي !!..
فانتقل الذهول لي أنا هذه المرة !!.. فقلت لها :
مش فاهم يا عمتي .. ملائكة إيه اللي تمشي ؟!!!..

فقالت لي بكل بساطة (وهي غير متعلمة) وكأنها تشرح درسا ًفي المسجد :
عندما يولد طفل : تحاوطه الملائكة ..
ولما يأتي اليوم السابع : نقوم برش الملح : حتى تذهب الملائكة !!!..

فلم أتماسك نفسيحقيقة ًوخرج الضحك رغما ًعني !!!..
وقلت لها : يا عمتي .. الناس تتمنى الملائكة تحاوطها 24 ساعة طول العمر :
وأنتي تقوليلي نمشيها ؟!!!!..
لا يا سيتي .. أنا مش عايز الملائكة تمشي .. خليها مع الواد بإذن الله طول عمره !

فضحكت هي الأخرى وقد بان لها سوء منطقها وما توارثته عن الناس بغير تفكير !

وسبحان الله العظيم ..
كم من هذه المفاهيم المغلوطة والخرافات يمكننا أن نبددها بعون الله وفضله : فقط :
مع بعض الاهتمام بأن المسلم داعية في كل مكان وموقف وزمان ..
وعار عليه أن يكون لديه علما ً: ثم يقول في كل مرة من تثبيط الشيطان له :
وأنا مالي .. الأمر لا يعنيني !!..
هيا الناس عايزه كده !!.. أنا هاتحرج .. أو الناس هاتحرجني !!!..
ولا يعلم ان الناس ما زالت تعظم شرع الله ودينه وسنة رسوله : ولكنها فقط
تحتاج من يهديها على بصيرة وعلم وبالحكمة وبحسن الكلام ..

والحمد لله رب العالمين ..

د. هشام عزمي
10-04-2011, 11:52 PM
بارك الله فيك يا أختاه .. قصة رائعة ممتازة .. أسأل الله تبارك وتعالى أن يرشدك إلى كل خير ويصرف عنك كل سوء ..

عَرَبِيّة
10-05-2011, 12:30 AM
ماشاء الله أختي أميرة الجلباب , باركَ اللهُ فيكِ ورزقكِ ماتتمينَ ويزيدُكِ الكريم .
بالفعل كلمة حلوة , لم تبرح الإبتسامة مُحياي وأنا أقرأها , ليس لأني كنتُ يوماً " مولودةً أنثى " ووجدتُ من يُنصفنا أمام العوام , بل لأنّ أسلوبك جميل ,
وهذه السُنّة الحسنة ..أسأل الله أن تعُمّ أرجاء المعمورة بدلاً من دق الهون الغربال ورش الملح , ذكرتني أيضاً بسُنّة حسنة ظهرت عندنا مؤخراً في السعودية ولله الحمد إذ يأتي أهلُ الميِّت بداعية تُحدث النساء وتزيد وعيهُّن في مسائل الدنيا والدين , هذا أفضل من تشغيل المُسجل يقرأ القرآن بصوتٍ عالٍ وبصوتٍ عالٍ تسمع حديث النساء والقرآن لا يُسمع !,
والحمدُ لله الذي يسّر لكِ هذه " الكلمة الحلوة " حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه .

أميرة الجلباب
10-08-2011, 02:04 AM
الأخ الفاضل أبو حب الله.. جزاكم الله خيرا على هذه الفوائد.. والموقف الحيّ الذي ذكرتَه يبين لنا كيف تتجذر مثل هذه العادات والتقاليد الخاطئة وما شابهها في بعض النفوس من غير تفكر حتى يذهل صاحبها عن الحقائق الواضحة وإلى أي مدى يذهب به ذهوله..!
الأخ الفاضل د. هشام عزمي.. جزاكم الله خيرا ولكم بمثله.
أختي الفاضلة عَرَبيّة.. كم سرني تعقيبك وإطرائك الطيب، فجزاكِ الله خيرا، ولكِ بمثل ما دعوتِ.
وكم أتمنى معك أن تتخلص مجتمعاتنا من هذه البدع السيئة.
بارك الله فيكم ونفع بكم.

زهراء الروح
11-26-2011, 11:59 PM
جزاكـ الله خيراً يا أخيه ..
و نفع بك الإسلام و أهله ..

ريم 1400
11-27-2011, 02:39 PM
راااااائع أميرة الجلباب بل أنتِ أميرة الكلمة إستمتعت بالقراءة حقا جميلة كلماتك حقيقة تدل على فكر نير وواسع الأفق بارك الله فيك ورزقنا ما رزقك من الخير والصلاح وفقك الله 0000

أميرة الجلباب
11-27-2011, 02:52 PM
أختى الفاضلة زهراء الروح.. جزاكِ الله خيرا أختاه على مرورك الكريم.. ونفع بك الإسلام والمسلمين.
أختى الفاضلة ريم 1400.. أسعدني وجودك هنا أختاه.. وجزاكِ الله خيرا على كلماتك الجميلة ودعواتك الطيبة ولكِ بمثلها، وفقك الله وبارك فيك.

loulou ranim
11-30-2011, 02:15 PM
أسلوب جميل جدا يشد القارئ .. لديك حس أدبي رائع

أميرة الجلباب
12-02-2011, 09:51 AM
أسلوب جميل جدا يشد القارئ .. لديك حس أدبي رائع
جزاك الله خيرا أختى الفاضلة loulou ranim..
مشاركتك هذه الحقيقة تشجعني على مزيد من القراءة في كتب الأدب.. التي لم أقرأ إلا القليل منها حتى الآن!

والحقيقة أنني في هذا الموضوع لم أقصد الأسلوب الأدبي فقط.. ولكن حاولتُ أيضا أن أكشف عن جانب آخر..

وهو: كيف يفكر هؤلاء.. وبماذا يشعرون.. وكيف يعيشون مع الناس ومع أهليهم؟!
كيف يطبقون ما علموه من الإسلام في واقع الحياة.. وكيف يعيشون به!

فكثير من الناس ممن أقابلهم في حياتي يكون عندهم نوع من الرهبة من نوعية الناس "الملتزمين" أو "السلفيين"!.. يمكن أن تسميها نوع من الرهبة.. أو نوع من الإحساس بالغموض فيهم.. أو في شيء ما لا يفهمونه.. أو أنهم مختلفون عنهم.. أو غرباء.. أو كأنهم أناس من كوكب آخر :)
البعض يظننا لا نضحك!.. لا نبتسم!.. لا نعيش مثلهم!

لذا حاولت أن أكشف جزءا بسيطا من الصورة.. لعلها تساعد في رفع هذا التصور الضبابي في أذهان بعض المسلمين عن هؤلاء "السلفيين"!

فذكرتُ موقف حقيقي حدث لي وأحداث حقيقية، وأفكاري ومشاعري التي مرت بي في هذا كله، وحاولتُ أن أعرضها كما هي!

ومن باب الصدق والأمانة؛ ربما لم تكن "الكلمة" التي ألقيتها بالطبع منمقة بهذا الشكل حين ألقيتها، ولكن المضمون كان كذلك.. كما أنني أضفت هنا جزءا آخر في آخرها وهي الفقرة التي تتحدث عن "نوح عليه السلام" وولده والمقارنة بينه وبين "مريم عليها السلام".

فكان هذا الذي ذكرت أحد الأغراض القوية التي كانت على بالي حين كتبتُ هذا الموضوع.

ولعل لي سلفٌ في ذلك، وهو فهمٌ فهمته -والله أعلم- وأستأنس به، من تأملي لقوله تعالى لأمهات المؤمنين: ((واذكرن ما يُتلى في بيوتكن)).

loulou ranim
12-02-2011, 11:17 AM
فكثير من الناس ممن أقابلهم في حياتي يكون عندهم نوع من الرهبة من نوعية الناس "الملتزمين" أو "السلفيين"!.. يمكن أن تسميها نوع من الرهبة.. أو نوع من الإحساس بالغموض فيهم.. أو في شيء ما لا يفهمونه.. أو أنهم مختلفون عنهم.. أو غرباء.. أو كأنهم أناس من كوكب آخر :)
البعض يظننا لا نضحك!.. لا نبتسم!.. لا نعيش مثلهم!


اعذريني و لكن هل تعيشين في بلد عربي؟
ايييييه ماذا لو تريننا نحن من نعيش في أوروبا
اننا نركب الباص أو نمشي في الشارع أو نذهب للتسوق أو حتى عند الطبيب ......كأن على رؤوسنا الطير
هذا يدفعك و الاخر يشتمك في سره والاخر يقولها في وجهك صراحة و لو لا خوفهم من القانون لرأينا منهم العجائب
تصوري أنني في مرة مع زوجي نتسوق قامت احدى الألمانيات بالبصق على احدى الأخوات المسلمات على ظهرها هي طبعا لم ترها و كاد زوجي أن يمسك خناق الحقيرة الا أن ألمانية أخرى سبقته لذلك فأخذت تنعتها بسوء الأدب و العنصرية و كادت تطلب لها الشرطة لولا أن بعضهم تدخلوا لفض المشكلة

غرباء هذا النعت الذي يمكن أن نصف به كل متمسك بدينه اليوم
للأسف الشديد في بلداننا أيضا