beammer
11-13-2005, 02:58 AM
السلام عليكم،
في شريط آخر يتحدث عن موضوع محدد، تطرقنا إلى أسئلة من الزملاء الكرام، و حرصا على حفاظ ذلك الشريط برونقه و فكرته الأساسية و عدم الخروج عنها، فقررنا أن نفتح هذا الشريط كي ننقل النقاط الجانبية التي أُثيرت هناك إلى هنا :
بدأت بسؤال من زميل:
فى رؤيتك ...ايه هو تعريف الملحد ؟
ما معنى الإلحاد ؟
يجيبك لودفيج بخنر زعيم ملاحدة القرن التاسع عشر :
"الإلحاد هو الجحود بالله ،وعدم الإيمان بالخلود "
و بما أن هذا التعريف قديم بعض الشيء، فطوروا نفسهم الملاحدة و جاءوا بهذا التعريف الجديد:
" الإلحاد هو الإيمان بأن سبب الكون يتضمنه الكون في ذاته وأن ثمة لا شيء وراء هذا العالم "
أي أنهم ينكرون الميتافيزيقيا، إذن:
الملحد: هو من يعتقد بعدم وجود اله، ولا بعث، و لا رسالة، ولا نبوة، و لا وحي. (مجرم بنظر القرآن)
فالإلحاد كونه ينكر وجود الإله فهو بالتالي ينكر الأديان، بالتالي هو يجمع اللادينية.
إذن كل ملحد بالضرورة لاديني.
اللاديني: هو من لا يعتقد بصحة الأديان، و يقول أنها صناعة بشرية، (أي أرضية و ليست سماوية).
و لكن هذا لا يمنع أن يؤمن بوجود إله (و لكنه يستبعد أن يكون الإله الآخر هو الله رب الأديان)
أي أنه هناك لادينيين ألوهيين (Deists) يؤمنون بالله، و لكنهم لا يعتقدون أن الله اتصل مع مخلوقاته أبدا، و لم يبعث نبي و لا رسول، و لا يعرفون شيء عن اليوم الآخر، أو يعتقدون بتناسخ الأرواح.
و بالتالي ليس كل لاديني ملحد بالضرورة أبداً.
فالقاطع المشترك بين اللادينية و الإلحاد هو نكران الأديان جميعها، فقط.
ولو كان شخص , مش عجبه بعض التشريعات فى دينه ....فهل يكون لادينى ؟
ربما تحتاج إلى إعادة صياغة السؤال.
فالتشريعات الدينية، جائت لمصلحة الإنسان، و كل من يعترض عليها هو فقط يريد التمرد، و قد يقوده ذلك للادينية، أي إلى التمرد بدون سبب مقنع. التمرد من أجل التمرد و العصيان فقط.
* وسؤال اخر ....من اقرب الى الالحاد واللادينية " المسلم او المسيحى ام من...؟
لم أجد ترابط منطقي في صيغة الطرح.
فلكل شخص أسبابه و طرقه الخاصة إلى اللادينية (التمرد على الأصل).
لا يوجد طريق مشترك للناس للوصول للادينية.
فهناك من اعتقد أن الدين هو عسر و ليس يسر، و ضجر من ضغطه و ارتاح للادينية، حيث وجد فيها الحرية.
و ذلك وهم، لأنه تحرر من مفاهيم خاطئة، حيث أنه لو فهم الدين، لما اعترض عليه من الأساس.
و لكن المفاهيم الخاطئة عن الأديان، هي من تنفر الناس إلى اللادينية.
و هناك من يزرع تلك المفاهيم الخاطئة عمدا بغية الفتنة ، (والفتنة أشد من القتل).
و هناك من قرأ صفحتين في العلوم الطبيعية ، و صفحة من الفلسلفة، و أصبح لاديني عامل نفسه مثقف و عنده حجة و سبب للادينيته.
و لكن كما قال الفيلسوف فرانسيس بيكون : قليل من الفلسفة يؤدي إلى الإلحاد، كثير من الفلسفة يؤدي للدين.
و هناك من اعتقد أن العلم يخدم الإلحاد، و أن الدين و العلم لا يلتقيان،بل يعتقدون أن بينهم تناسب عكسي ، و هذا قمة الغباء.
فالعالم آينشتاين قال: العلم بدون دين أعرج، و الدين بدون علم أعمى.
فالإيمان بوجود الله ووحدانيته وباليوم الآخر إيمان تسليم، والتسليم يقوم على مسلَّمة وهي الإيمان بالله واليوم الآخر. ومن هنا جاء الإسلام. والمُسَلَّمة هي الأطروحة التي لايمكن البرهان عليها علمياً، كما لايمكن دحضها علمياً، وبالتالي تبقى خيار شخصي يتساوى فيه آينشتاين وبائع الفول، فلا يمكن أبداً أن تقول أن الإلحاد موقف علمي والإسلام موقف لاعلمي – وكذلك العكس.
فالإيمان و الكفر، مسألة خيار إنساني، وهناك خلاف في الخيار، ولكن هذا الخلاف والاختلاف لايفسد للود قضية، بل لايجوز أن نسمح له بذلك، لابهمز ولا بلمز، ولا بتعريض ولا بسخرية . فما رأيته من اللادينيين العرب في عدد من مواقع الإنترنت لست ملزماً به ، وبما رجح عندي وصدقته. بل علينا الإلتزام بالتحاور من منطلق إنساني بحت يهدف بالمحصلة إلى أن يفهم أحدنا الآخر، بعيداً عن موقفه الإيماني، و لكن للأسف، و بكل أسف، فمنهجيتهم الوحيدة، هي التطاول على المقدسات و السخرية اللاذعة من المؤمنين، و زعمهم أنهم فاهمين الدنيا كلها و عارفين كل شيء، بينما نحن لا. أي أنهم أعلى منزلة، و بالتالي يحق لهم السخرية ! منطلق عنادي تكبري غروري نهايته الجنون أو الغباء.
هل تؤمن بان الشك هو اول خطوات التعلم ؟ .
إن الشك أول مراحل الإيمان، أو إن شئت قل أول مراحل اليقين. فبدون الشك لايوجد أي اكتشاف علمي أو أي قناعة دينية راسخة.
إن الإيمان بالله الواحد وباليوم الآخر هو تذكرة الدخول إلى الإسلام وهي إيمان تسليمي. أما ماعدا ذلك فعليك أن تتساءل عن كل شيء.
عموما، الشك – كمنهج فكري معروف – يمكن توظيفه في شكلين: شكل سلبي وشكل إيجابي. الأول سلاح من يعتقد بالعبثية واللا جدوى في هذا الوجود بقسميه المادي والروحي (أعني الفكري)، والثاني أول الطريق إلى المعرفة اليقينية، أي إلى الإيمان حسب تعبير الإمام علي كرم الله وجهه، فالمنهج التجريبي في العلوم الطبيعية والمخابر ومراكز البحث العلمي هو الإبن الشرعي للشك الإيجابي، واقرأ إن شئت خبر سيدنا ابراهيم وهو يبحث عن ربه بين النجوم، ثم وهو يطلب أن يرى كيف يحيي الله الموتى، فصار إمام التجريبيين.
في الجانب المادي من الوجود لامحل للشك العبثي السلبي على الإطلاق، فليس ثمة اليوم من يشك بكروية الأرض مثلاً، أو بأن الماء يتألف من ذرة أوكسجين وذرتي هيدروجين، لأن البينات والبراهين في هذا الجانب قطعية ثابتة نتيجة تجارب. أما في الجانب الفكري (أعني العلوم الإنسانية وعلى رأسها الفلسفة) فالبراهين فيها ظنية تقوم على الممكن والمحتمل والراجح، ولهذا يبقى فيها محل للشك السلبي والإيجابي بدرجة أو بأخرى.
شخصيا، أنا أتبع الشك الإيجابي الهادف للمعرفة الحسنة.
ثم تفضل الزميل أبو جهاد بالتعليق:
xPsycho أنت قلت: : إن الشك أول مراحل الإيمان، أو إن شئت قل أول مراحل اليقين. و يا أخ xPsycho دعنى أذكرك بقول الله تعالى : (إن الظن لا يغنى من الحق شيئاً) فكيف ينبنى يقين على شك!؟
ربما هناك استنتاج ، نعم ، ولكن ليس شك بالمعنىالذى نعرفه نحن.
وأذكرك أيضاً بقول الصحابى الجليل جندب بن عبد الله حين قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن فتيان حزاورة فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانا.
ولاشك أن الإيمان هو التصديق ، والتصديق ينافى الشك .فالإيمان لا يقوم إلا على اليقين الكامل. ولكن قد يسبق الإيمان مرحلة من الاستنتاج أو الاستدلال التى تدعم عملية اليقين.
الأخ أبو جهاد.
الآيت التي تفضلت بها: (إن الظن لا يغنى من الحق شيئاً)
معنى الآية : الإعتقاد الفكري سواء خاطيء أو مصيب، لا يغير من الحق شيء و لا يؤثر به، فإن اجتمعت الإنس و الجن على إعتقاد باطل، يبقى باطل و لا يغني من الحق شيء، و لو اجتمعوا على إعتقاد صحيح، لن يزيد على الحق شيء.
ربما هناك خطأ في الفهم الخاطيء السائد لمعنى كلمة "الظن" و اعتقدت أنه "الشك" ، و هذا خطأ، فالظن هو إتباع المعتقد الفكري.
كما في قوله تعالى : وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ(45)الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ(46) (البقرة)
فهل معنى الآية:
1- الخاشعون هم الذين يشكون في لقاء ربهم؟
2- الخاشعون هم الذين يتبعون معتقدهم و إيمانهم بلقاء ربهم؟
طبعا التعريف الثاني هو المقصود.
و نجد أيضا في نفس السورة : ومنهم اميون لا يعلمون الكتاب الا اماني وان هم الا يظنون.
أي هناك ناس يجهلون كلام الله، و سمعوا أنهم لن يدخلوا النار مهما فعلوا ، و تلك أمنياتهم، و يتبعون ذلك المعتقد الفكري الخاطئ !
و في نفس السورة أيضا :
قال الذين يظنون انهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله والله مع الصابرين.
من يعتقد أنه ملاقي ربه، قال أن الفئة القليلة تغلب الكثيرة بإذن الله.
و في سورة آل عمران نجد :
انزل عليكم من بعد الغم امنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد اهمتهم انفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية
يعتقدون أمور غير صحيحة، إعتقاد خاطئ شبيه بإعتقاد الجاهلية الخاطيء (حيث كانوا يتصوروا أن الإله يبارك لهم عن طريق الأصنام، و ينسبون لله صفات جاءت من إعتقاد فكري خاطئ، تعالى الله عما يصفون).
فالظن هو الإعتقاد ، و ليس الشك.
و قد يكون الإعتقاد إيجابي، فيأتي منه الإيمان، و قد يكون إعتقاد سلبي، يدمر صاحبه إن اتبع إعتقاده (دوغمائية).
أما عن كيفية أن يكون الشك طريق المعرفة، و يــُبنى على أساسه اليقين.
فمثلا، أنا أسمع أن القرآن يحتوي على إعجاز لغوي و بلاغي، فأشك في ذلك، مبدئيا لا أحمل تلك الفكرة يقينا، بك أشك بها، و هذا حقي، ثم أذهب و أتعلم عن اللسانيات و علم البلاغة : مراعاة مقتدى الحال - لكل مقام مقال - الوضوح - المــُختصر - الجـُمــَـلْ القصيرة التي لها معاني كثيرة - تنوع الأساليب - الصور خيالية و التشبيهات - الفصاحة.
ثم أقرأ القرآن، فتذهب الشكوك، و يحل محلها اليقين بأن القرآن فعلا يحتوي على إعجازات لغوية و بلاغية، فأصل إلى اليقين عن طريق الشك.
أنا أشك أن هناك بيبسي في ثلاجتي، لا أدري إن كان هناك فعلا أم لا، فأذهب للتحقق بنفسي، فأقطع الشك باليقين، فكل شيء يبدأ بالشك.
مثال آخر، صادفت بوذي، و قلت له أن القرآن كلام الله، و هو عين اليقين، فله الحق أن يشك في كلامي، و يشك بالقرآن، و يذهب و يتحقق بنفسه، ثم يجد معجزات الله بالقرآن، فيقطع الشك باليقين، و يتأكد أن القرآن جاء من مصدر فوق بشري، فيقطع شكه الأول باليقين الأخير.
و هذه هي منهجيتي، الشك الإيجابي، أنا أشك في بعض الأمور المذكورة بالقرآن ليس بهدف النقد بل بهدف معرفة الحكمة، و مع الأيام دائما تأتيني الأجوبة من بعد البحث و ربط الكلمات و الرجوع للسان العرب، و هذه هي منهجيتي، الشك بغية المعرفة اليقينية.
أتمنى أن أكون قد وضحت :)
سلام
في شريط آخر يتحدث عن موضوع محدد، تطرقنا إلى أسئلة من الزملاء الكرام، و حرصا على حفاظ ذلك الشريط برونقه و فكرته الأساسية و عدم الخروج عنها، فقررنا أن نفتح هذا الشريط كي ننقل النقاط الجانبية التي أُثيرت هناك إلى هنا :
بدأت بسؤال من زميل:
فى رؤيتك ...ايه هو تعريف الملحد ؟
ما معنى الإلحاد ؟
يجيبك لودفيج بخنر زعيم ملاحدة القرن التاسع عشر :
"الإلحاد هو الجحود بالله ،وعدم الإيمان بالخلود "
و بما أن هذا التعريف قديم بعض الشيء، فطوروا نفسهم الملاحدة و جاءوا بهذا التعريف الجديد:
" الإلحاد هو الإيمان بأن سبب الكون يتضمنه الكون في ذاته وأن ثمة لا شيء وراء هذا العالم "
أي أنهم ينكرون الميتافيزيقيا، إذن:
الملحد: هو من يعتقد بعدم وجود اله، ولا بعث، و لا رسالة، ولا نبوة، و لا وحي. (مجرم بنظر القرآن)
فالإلحاد كونه ينكر وجود الإله فهو بالتالي ينكر الأديان، بالتالي هو يجمع اللادينية.
إذن كل ملحد بالضرورة لاديني.
اللاديني: هو من لا يعتقد بصحة الأديان، و يقول أنها صناعة بشرية، (أي أرضية و ليست سماوية).
و لكن هذا لا يمنع أن يؤمن بوجود إله (و لكنه يستبعد أن يكون الإله الآخر هو الله رب الأديان)
أي أنه هناك لادينيين ألوهيين (Deists) يؤمنون بالله، و لكنهم لا يعتقدون أن الله اتصل مع مخلوقاته أبدا، و لم يبعث نبي و لا رسول، و لا يعرفون شيء عن اليوم الآخر، أو يعتقدون بتناسخ الأرواح.
و بالتالي ليس كل لاديني ملحد بالضرورة أبداً.
فالقاطع المشترك بين اللادينية و الإلحاد هو نكران الأديان جميعها، فقط.
ولو كان شخص , مش عجبه بعض التشريعات فى دينه ....فهل يكون لادينى ؟
ربما تحتاج إلى إعادة صياغة السؤال.
فالتشريعات الدينية، جائت لمصلحة الإنسان، و كل من يعترض عليها هو فقط يريد التمرد، و قد يقوده ذلك للادينية، أي إلى التمرد بدون سبب مقنع. التمرد من أجل التمرد و العصيان فقط.
* وسؤال اخر ....من اقرب الى الالحاد واللادينية " المسلم او المسيحى ام من...؟
لم أجد ترابط منطقي في صيغة الطرح.
فلكل شخص أسبابه و طرقه الخاصة إلى اللادينية (التمرد على الأصل).
لا يوجد طريق مشترك للناس للوصول للادينية.
فهناك من اعتقد أن الدين هو عسر و ليس يسر، و ضجر من ضغطه و ارتاح للادينية، حيث وجد فيها الحرية.
و ذلك وهم، لأنه تحرر من مفاهيم خاطئة، حيث أنه لو فهم الدين، لما اعترض عليه من الأساس.
و لكن المفاهيم الخاطئة عن الأديان، هي من تنفر الناس إلى اللادينية.
و هناك من يزرع تلك المفاهيم الخاطئة عمدا بغية الفتنة ، (والفتنة أشد من القتل).
و هناك من قرأ صفحتين في العلوم الطبيعية ، و صفحة من الفلسلفة، و أصبح لاديني عامل نفسه مثقف و عنده حجة و سبب للادينيته.
و لكن كما قال الفيلسوف فرانسيس بيكون : قليل من الفلسفة يؤدي إلى الإلحاد، كثير من الفلسفة يؤدي للدين.
و هناك من اعتقد أن العلم يخدم الإلحاد، و أن الدين و العلم لا يلتقيان،بل يعتقدون أن بينهم تناسب عكسي ، و هذا قمة الغباء.
فالعالم آينشتاين قال: العلم بدون دين أعرج، و الدين بدون علم أعمى.
فالإيمان بوجود الله ووحدانيته وباليوم الآخر إيمان تسليم، والتسليم يقوم على مسلَّمة وهي الإيمان بالله واليوم الآخر. ومن هنا جاء الإسلام. والمُسَلَّمة هي الأطروحة التي لايمكن البرهان عليها علمياً، كما لايمكن دحضها علمياً، وبالتالي تبقى خيار شخصي يتساوى فيه آينشتاين وبائع الفول، فلا يمكن أبداً أن تقول أن الإلحاد موقف علمي والإسلام موقف لاعلمي – وكذلك العكس.
فالإيمان و الكفر، مسألة خيار إنساني، وهناك خلاف في الخيار، ولكن هذا الخلاف والاختلاف لايفسد للود قضية، بل لايجوز أن نسمح له بذلك، لابهمز ولا بلمز، ولا بتعريض ولا بسخرية . فما رأيته من اللادينيين العرب في عدد من مواقع الإنترنت لست ملزماً به ، وبما رجح عندي وصدقته. بل علينا الإلتزام بالتحاور من منطلق إنساني بحت يهدف بالمحصلة إلى أن يفهم أحدنا الآخر، بعيداً عن موقفه الإيماني، و لكن للأسف، و بكل أسف، فمنهجيتهم الوحيدة، هي التطاول على المقدسات و السخرية اللاذعة من المؤمنين، و زعمهم أنهم فاهمين الدنيا كلها و عارفين كل شيء، بينما نحن لا. أي أنهم أعلى منزلة، و بالتالي يحق لهم السخرية ! منطلق عنادي تكبري غروري نهايته الجنون أو الغباء.
هل تؤمن بان الشك هو اول خطوات التعلم ؟ .
إن الشك أول مراحل الإيمان، أو إن شئت قل أول مراحل اليقين. فبدون الشك لايوجد أي اكتشاف علمي أو أي قناعة دينية راسخة.
إن الإيمان بالله الواحد وباليوم الآخر هو تذكرة الدخول إلى الإسلام وهي إيمان تسليمي. أما ماعدا ذلك فعليك أن تتساءل عن كل شيء.
عموما، الشك – كمنهج فكري معروف – يمكن توظيفه في شكلين: شكل سلبي وشكل إيجابي. الأول سلاح من يعتقد بالعبثية واللا جدوى في هذا الوجود بقسميه المادي والروحي (أعني الفكري)، والثاني أول الطريق إلى المعرفة اليقينية، أي إلى الإيمان حسب تعبير الإمام علي كرم الله وجهه، فالمنهج التجريبي في العلوم الطبيعية والمخابر ومراكز البحث العلمي هو الإبن الشرعي للشك الإيجابي، واقرأ إن شئت خبر سيدنا ابراهيم وهو يبحث عن ربه بين النجوم، ثم وهو يطلب أن يرى كيف يحيي الله الموتى، فصار إمام التجريبيين.
في الجانب المادي من الوجود لامحل للشك العبثي السلبي على الإطلاق، فليس ثمة اليوم من يشك بكروية الأرض مثلاً، أو بأن الماء يتألف من ذرة أوكسجين وذرتي هيدروجين، لأن البينات والبراهين في هذا الجانب قطعية ثابتة نتيجة تجارب. أما في الجانب الفكري (أعني العلوم الإنسانية وعلى رأسها الفلسفة) فالبراهين فيها ظنية تقوم على الممكن والمحتمل والراجح، ولهذا يبقى فيها محل للشك السلبي والإيجابي بدرجة أو بأخرى.
شخصيا، أنا أتبع الشك الإيجابي الهادف للمعرفة الحسنة.
ثم تفضل الزميل أبو جهاد بالتعليق:
xPsycho أنت قلت: : إن الشك أول مراحل الإيمان، أو إن شئت قل أول مراحل اليقين. و يا أخ xPsycho دعنى أذكرك بقول الله تعالى : (إن الظن لا يغنى من الحق شيئاً) فكيف ينبنى يقين على شك!؟
ربما هناك استنتاج ، نعم ، ولكن ليس شك بالمعنىالذى نعرفه نحن.
وأذكرك أيضاً بقول الصحابى الجليل جندب بن عبد الله حين قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن فتيان حزاورة فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانا.
ولاشك أن الإيمان هو التصديق ، والتصديق ينافى الشك .فالإيمان لا يقوم إلا على اليقين الكامل. ولكن قد يسبق الإيمان مرحلة من الاستنتاج أو الاستدلال التى تدعم عملية اليقين.
الأخ أبو جهاد.
الآيت التي تفضلت بها: (إن الظن لا يغنى من الحق شيئاً)
معنى الآية : الإعتقاد الفكري سواء خاطيء أو مصيب، لا يغير من الحق شيء و لا يؤثر به، فإن اجتمعت الإنس و الجن على إعتقاد باطل، يبقى باطل و لا يغني من الحق شيء، و لو اجتمعوا على إعتقاد صحيح، لن يزيد على الحق شيء.
ربما هناك خطأ في الفهم الخاطيء السائد لمعنى كلمة "الظن" و اعتقدت أنه "الشك" ، و هذا خطأ، فالظن هو إتباع المعتقد الفكري.
كما في قوله تعالى : وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ(45)الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ(46) (البقرة)
فهل معنى الآية:
1- الخاشعون هم الذين يشكون في لقاء ربهم؟
2- الخاشعون هم الذين يتبعون معتقدهم و إيمانهم بلقاء ربهم؟
طبعا التعريف الثاني هو المقصود.
و نجد أيضا في نفس السورة : ومنهم اميون لا يعلمون الكتاب الا اماني وان هم الا يظنون.
أي هناك ناس يجهلون كلام الله، و سمعوا أنهم لن يدخلوا النار مهما فعلوا ، و تلك أمنياتهم، و يتبعون ذلك المعتقد الفكري الخاطئ !
و في نفس السورة أيضا :
قال الذين يظنون انهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله والله مع الصابرين.
من يعتقد أنه ملاقي ربه، قال أن الفئة القليلة تغلب الكثيرة بإذن الله.
و في سورة آل عمران نجد :
انزل عليكم من بعد الغم امنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد اهمتهم انفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية
يعتقدون أمور غير صحيحة، إعتقاد خاطئ شبيه بإعتقاد الجاهلية الخاطيء (حيث كانوا يتصوروا أن الإله يبارك لهم عن طريق الأصنام، و ينسبون لله صفات جاءت من إعتقاد فكري خاطئ، تعالى الله عما يصفون).
فالظن هو الإعتقاد ، و ليس الشك.
و قد يكون الإعتقاد إيجابي، فيأتي منه الإيمان، و قد يكون إعتقاد سلبي، يدمر صاحبه إن اتبع إعتقاده (دوغمائية).
أما عن كيفية أن يكون الشك طريق المعرفة، و يــُبنى على أساسه اليقين.
فمثلا، أنا أسمع أن القرآن يحتوي على إعجاز لغوي و بلاغي، فأشك في ذلك، مبدئيا لا أحمل تلك الفكرة يقينا، بك أشك بها، و هذا حقي، ثم أذهب و أتعلم عن اللسانيات و علم البلاغة : مراعاة مقتدى الحال - لكل مقام مقال - الوضوح - المــُختصر - الجـُمــَـلْ القصيرة التي لها معاني كثيرة - تنوع الأساليب - الصور خيالية و التشبيهات - الفصاحة.
ثم أقرأ القرآن، فتذهب الشكوك، و يحل محلها اليقين بأن القرآن فعلا يحتوي على إعجازات لغوية و بلاغية، فأصل إلى اليقين عن طريق الشك.
أنا أشك أن هناك بيبسي في ثلاجتي، لا أدري إن كان هناك فعلا أم لا، فأذهب للتحقق بنفسي، فأقطع الشك باليقين، فكل شيء يبدأ بالشك.
مثال آخر، صادفت بوذي، و قلت له أن القرآن كلام الله، و هو عين اليقين، فله الحق أن يشك في كلامي، و يشك بالقرآن، و يذهب و يتحقق بنفسه، ثم يجد معجزات الله بالقرآن، فيقطع الشك باليقين، و يتأكد أن القرآن جاء من مصدر فوق بشري، فيقطع شكه الأول باليقين الأخير.
و هذه هي منهجيتي، الشك الإيجابي، أنا أشك في بعض الأمور المذكورة بالقرآن ليس بهدف النقد بل بهدف معرفة الحكمة، و مع الأيام دائما تأتيني الأجوبة من بعد البحث و ربط الكلمات و الرجوع للسان العرب، و هذه هي منهجيتي، الشك بغية المعرفة اليقينية.
أتمنى أن أكون قد وضحت :)
سلام