المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ !!



أبو يحيى الموحد
10-14-2011, 06:17 PM
إن من اعظم و أدق المسائل التي يقف المسلم خاضعا ذليلا امامه هي مسألة الهداية والايمان , فالمسلم الحق يأخذ بجميع اسباب الهداية التي وصانا بها الله في كتابه العزيز و النبي عليه الصلاة والسلام في سنته المباركة و حتى بعد الاخذ بها يعلم يقينا بأنها اسباب لا تنفع إلا اذا فتح الله بصيرة العبد و كشف عنه الغشاوة , فالكل لهم آذان و ابصار و افئدة , لكن شتانا بين عين الكافر و عين المؤمن ! او سمع الكافر و سمع المؤمن ! و اسمع
قول الله عز و جل: (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُم مِّن شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون))
قال الطبري في تفسيره:
وقوله ( وجعلنا لهم سمعا )يسمعون به مواعظ ربهم ، وأبصارا يبصرون بها حجج الله ، وأفئدة يعقلون بها ما يسرهم وينفعهم ( فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء ) يقول : فلم ينفعهم ما أعطاهم من السمع والبصر والفؤاد إذ لم يستعملوها فيما أعطوها له ، ولم يعملوها فيما ينجيهم من عقاب الله ، ولكنهم استعملوها فيما يقربهم من سخطه ( إذ كانوا يجحدون بآيات الله ) يقول : إذ كانوا يكذبون بحجج الله وهم رسله ، وينكرون نبوتهم ( و(حاق بهم ما كانوا به يستهزئون ) يقول : وعاد عليهم ما استهزءوا به ، ونزل بهم ما سخروا به ، فاستعجلوا به من العذاب ، وهذا وعيد من الله - جل ثناؤه - لقريش ، يقول لهم : فاحذروا أن يحل بكم من العذاب على كفركم بالله وتكذيبكم رسله ، ما حل بعاد ، وبادروا بالتوبة قبل النقمة . اه.
فالمؤمن يسأل الله طوال حياته ان يثبته و ان ينير قلبه و أن لا يُعطل سمعه ولا بصره , و قبل كل هذا لا بد ان يكون المرء طالبا للحق متجردا من هواه و نزوات نفسه ، أي محبا للحق خاضعا له يكفيه الدليل الواحد لإتباع الحق , لا يتنطع في النبش في مسائل لا طائل منها بعد ان عرف ان طريق الحق ذاك , والقران الكريم في ايات كثيرة اخبرنا عن نفوس تأبى الايمان و لو آتاهم الله اوضح الايات والبراهين و ذلك لإختيارهم الكفر عن سبق اصرار و مكابرة , قال تعالى؛ ((وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ)) فهؤلاء اختاروا الكفر بملئ إراداتهم و قالوا لا نريد ايات ولا براهين بل نريد الكفر وحده فكفروا بالايات قبل ان تأتيهم اصلا ! أليس هذا عجيبا ؟ يعني هم اسوء من الطائفة التي قالت (( وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا)) على الاقل هؤلاء علقوا ايمانهم بمجيئ اية و لو زورا و كذبا .. فالمولى عز وجل قال بعدها((قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءتْ لاَ يُؤْمِنُونَ))

وطائفة أخرى كرهوا الايمان و تبعاته و مُلزماته فأعرضوا عنها لأنها تتعارض مع ما يحبون من شهوات و تحرر فكري و سلوكي قال تعالى على لسان نبيه نوح عليه السلام :((قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ)) فكيف يُلزم الله اقواما كرهوا الايمان بأن يؤمنوا ؟ و الأدهى من ذلك بأنهم عميان اصلا ! فهل ترجوا لهذه الطائفة هداية ؟

والطائفة الأكثر سذاجة و سفاهة هي التي ذكرهم الله تعالى في قوله : (وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ)) ! و هذا نراه واقعا , يعني مجرد انه ما هُدي الى الايمان والاسلام بدء بالطعن و التكذيب ! أي قياس باطل هذا ؟ ألأنكم ما اهتديتم للحق صار الحق باطلا و إفكا قديما ..ألأنكم لا تريدون الاسلام صار الاسلام خرافة من اساطير الاولين؟
نسأل الله ان يرينا طريق الرشاد.... و ان يُجنبنا و اهلينا عبادة الالحاد و جميع مِلل الكفر والعناد .... امين.