المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العلمانية في الإسلام



معارض سياسي
11-14-2005, 05:25 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

العلمانية في الإسلام

قد يستغرب الكثير من القراء هذا العنوان، وسيتساءلون حتما هل يفصل الإسلام الدين عن الدولة؟ كما هو تعريف العلمانية المختزل من قبل الإسلاميين، وسيرددون في أنفسهم إن الدين الإسلامي (وكأنه دين محمدي فقط لا دين الأنبياء جميعا) جمع بين الدنيا والآخرة، أي بين الدنيا والسياسة والآخرة وأحكام الدين.

نقول للقارئ الكريم قبل أن نخوض معه في تحليل العلمانية في الإسلام يجب عليه أن يعرف ماذا تعني العلمانية في مفهومها الشامل لا المختزل من قبل المعارضين لمنهجها الفكري من الإسلاميين وهم من يهمنا نقض تعريفهم المغلوط المغرض الذي يقول أن العلمانية هي ((فصل الدين عن الدولة)) بهذا التعريف الساذج؛ لأننا في صدد تعريف العلمانية الإسلامية التي ينفونها عنها بصفتهم حامين الحمى أي حمى الإسلام، وهذا ما يرفضه الإسلام ويرفضونه هم أيضا عند النظر في تأيديهم المنقطع النظير للثورة ضد أسر الإقطاع ورجال الكنيسة ورفضهم الكهنوت الذي للأسف الشديد تلبسه فقهاء الإسلام بعد النكسة التي مني بها الإسلام من أثر إلغاء حكم الجماعة على يد معاوية، إن نهوض مفهوم العلمانية إبان الصحوة التنويرية في أوربا هو الأمر الذي يمثل الإسلام في طرحه العام تجاه التحرر من القيود والتسلط في الفهم والقراءة وامتلاك الحقيقة المطلقة، وهو ذاته الأمر الذي يحاربه من ينتمون للإسلاميين خشية سلبهم السلطة والحاكمية التي أرجعت العالم الإسلامي إلى عصور الظلمات التي كانت تعيش فيها أوربا قبل اكتشافها لروح الإسلام العملي بين البشر المتمثل في ما اصطلح عليه اليوم بالعلمانية دون التطبيق لروح الإسلام الخلقي بين العبد وربه، وهو اصطلاح منقوص من الناحية التعريفية حيث أن العلمانية هي مزيج من تطبيق روح الإسلام العملي والخلقي لا الإنفراد بإحداهم كما هو الحال في الغرب اليوم.

تعرف العلمانية كما قلنا من قبل عند الإسلاميين بأنها فصل الدين عن الدولة، وهذا هو التعريف المغرض، أما تعريفها الذي يبين شمولها يقول: ((مفهوم سياسي اجتماعي نشأ إبان عصور التنوير والنهضة في أوروبا.عارض ظاهرة سيطرة الكنيسة على الدولة وهيمنتها على المجتمع وتنظيمها على أساس الانتماءات الدينية والطائفية ورأى أن من شأن الدين أن يعنى بتنظيم العلاقة بين البشر وربهم ونادى بفصل الدين عن الدولة وبتنظيم العلاقات الاجتماعية على أسس إنسانية تقوم على معاملة الفرد على أنه مواطن ذو حقوق وواجبات وبالتالي إخضاع المؤسسات والحياة السياسية لإرادة البشر وممارستهم لحقوقهم وفق ما يرون وما يحقق مصالحهم وسعادتهم الإنسانية)). هذا تعريف العلمانية كما جاء في موسوعة السياسة.

فأنا أسأل أين فصل الدين عن الدولة؟ فقد جاء في تعريفها أنها مفهوم سياسي اجتماعي لا ديني، أي (كيان دولة) عارض سيطرة الكنيسة الحاكمة باسم الرب، أي عارض الظلم والجور والتسلط والاستبداد والاستئثار والاضطهاد، وهذه الصفات يرفضها الإسلام بالنصوص لأهل النصوص وبالعقول لأهل العقول، وللأسف الشديد هذه الصفات التي تعارضها العلمانية هي السائدة في المجتمع الحاكم الإسلامي نتيجة مفهوم التراث الإسلامي لحاكمية السلطان (دولة الإسلام)، أما الهيمنة أي هيمنة رجال الدين فهي بلا شك واضحة وملموسة في الحياة العامة والخاصة في مجتمعنا العربي والإسلامي ومن يستطيع أن ينكر هذا؟! فما هو بين العبد وربه أصبح بين العبد وربه مرورا بموافقة زبانية الحكام وفقهائهم، وما هو بين العبد والعبد في النظر والاختيار يهيمن عليه من بيده مقاليد الحكم والحديد والنار، أما التنظيم على أساس الانتماءات الدينية والطائفية فهذا بين للجميع فهؤلاء الشيعة والسنة والصوفية والقومية العربية والكردية و...الخ وتاريخنا الإسلامي خير شاهد على مأساة الأقليات الدينية والطائفية.

أما رأي العلمانية وهو رأي الإسلام _ لا دولة الإسلام التي لا وجود له في عهد رسول الله صلى الله عليه _ بلا شك أن تكون العلاقة الدينية بين المرء وربه لا بين العبد والحاكم أو الفقيه وربه، والنصوص القرآنية شاهد على ذلك، ولكن الإسلاميين أبو إلا أن تكون لهم الكلمة الفصل دون غيرهم فيما قال الله حسب فهمهم وتأويلهم أو جمودهم على النصوص من غير نظر ولا تفكير، مستوحين الأحقية في هذا ممن سبقهم في القول تقليدا لا بحثا وتمحيصا، معتبرين من سواهم لا يفقه شيء إلا إذا وافقهم أما المخالف لهم فلا يعتد بقوله، بل الألقاب من الكافر إلى الفاسق مرورا بالمبتدع ستكون من نصيبه التي قد تجرؤ أحد الأتباع أو المقلدين الجهال بتنفيذ فتوى لمقلد جاهل بإهدار دمه، وما ذلك إلا لإرضاء رغبات آلهة الأرض المنصبة في دواوين السلاطين والمساجد والمنابر والإعلام مطبقين في ذلك مفهوم التوحيد الفهمي لكتاب الله تعالى، وبذلك شاركوه فيما انفرد به من الصفات سبحان وتعالى.

أما زيادة العبارة القائلة ((فصل الدين عن الدولة)) في تعريف العلمانية فهي في حقيقة الأمر دفعت دفعا في هذا التعريف ليضمن فقهاء ومفكرو النظام الحاكم عدم سلبهم سلطاتهم التي تعطيهم حق الاستبداد والاستئثار والاضطهاد للشعوب المحكومة بالحديد والنار باسم الدين والدفاع عنه، وإن أحسنا الظن بمن عرف هذا التعريف نقول أنه قصد بفصل الدين عن الدولة أي فصل سلطة رجال الدين بدينهم المصطنع المحرف والمفصل طبقا لحاجاتهم المتنوعة كما في الكنيسة والمسجد ففي الإسلام يقف رجال الدين خلف وأمام الحاكم بأمر الله الحاكم المسلم ليشرعوا له بما توفر له من أدوات التحريف وهي الحديث النبوي أو السنة كما شاع بين المسلمين كل ما يخالف الكتاب المبين نصا ومفهوما وإشارة بدعوى النسخ والحق في التشريع، وفي حالة المسيحية يقف رجال الدين خلف وأمام النظام الإقطاعي _ السائد في العالم الإسلامي اليوم بعد أن جاء الإسلام ليحرر العرب من العبودية والاستبداد والذل والهوان والجاهلية الأولى _ الذي تربطه برجال الدين (الكنيسة) علاقة بقاء يكون مصيرها الزوال إن جرد منها، شأنه في ذلك شأن ما عليه الإسلام ورجال دينه اليوم.

أما كون العلمانية تدعو إلى تنظيم العلاقات الاجتماعية على أسس إنسانية تقوم على معاملة الفرد على أنه مواطن ذو حقوق وواجبات وبالتالي إخضاع المؤسسات والحياة السياسية لإرادة البشر وممارستهم لحقوقهم وفق ما يرون وما يحقق مصالحهم وسعادتهم الإنسانية، فأين مخالفة الدين في هذا؟ وهل الدين إلا حرية الاختيار؟!! أليس للمسلم حقوق وواجبات؟ في الحقيقة الجواب على هذا من الواقع المعاش يكون كالتالي: الحقوق والواجبات عليه تجاه الله وخليفته في الأرض عبر وكالة شرعية انتزعها له فقهاؤه ليحكم بأمره فيما يخص العباد من أمور دينهم التي بينهم وبين ربهم وفي تفسير حكمه كما يرى فقهاؤه ورجال دينه، ولكن هل له من الحقوق والواجبات من قبل الحكومات؟!، الجواب ببساطة لا، على الأقل في العالم الثالث والعالم الإسلامي خاصة والعربي بأخص الخصوص، وهو العالم الذي حظي بما لم تحظ به الأمم السابقة من كمال قبل تحريفه في التطبيق لا المضمون وثبات التحرر من القيود كما في الإسلام.

أما الحياة السياسية فهي لا تخص العامة من الناس لأن الله قد اصطفى -حسب ظنهم وربما يقينهم الموروث- من عباده من يقوم بهذا، ضاربين عرض الحائط النصوص القرآنية وسيرة النبي وصحبه التي لا تخالف العقل والكتاب المبين إذا أن كثير من كتب السيرة بها من الحشو مالا يطيقه العقل والكتاب. بل إن الخوض في السياسة يعتبر من الكبائر عن بعض المسلمين، أضف إلى ذلك التعتيم المطبق على العلوم السياسية من قبل أعلام المسلمين الذين برعوا في كل العلوم وخاصة تلك التي اقتبسوا منها من كتب اليونان، فلا نراهم أولوا اهتمام لكتاب سقراط ((السياسة)) ولا كتاب أفلاطون ((المدينة الفاضلة))، وتركوا المكتبة الإسلامية خالية من هذه العلوم، ثم يأتي من لا يعقل ويقول أن العلمانية فصل الدين عن السياسية، وهنا يجب السؤال من الذي فصل الناس عن السياسة الحاملين لهذا الدين الاختياري؟ أما أن الدين لا يحشر في شيء إلا ليكون السبيل إلى كرسي السلطة والملك العضود؟!!!.

قالوا أن الإسلام بني على خمس الشهادتين والصلاة والصيام والزكاة والحج. ونحن نقول أن الإسلام أكمل وأشمل مما يدور بين العبد وربه، فالإنسان مستخلف في الأرض لإعمارها فكيف يكون الإعمار بالإسلام وكل الإسلام يخضع لهذه الأركان الخمس التي مكانها المحراب للمتعبد الرسمي والأرض بأسرها للمسلم العادي؟!! هناك أمور ثلاثة غيبها ملوك وسلاطين المسلمين وأصبحت من الأمور المنسية، بل وأصبحت من الأمور المحظورة دينيا بفعل تأصيل المفكرين الذين غيبوا عن الساحة السياسية في العالم الإسلامي نتيجة الخوف والاضطهاد ألا وهي على الترتيب في أولويتها العدل والحرية والمساواة.
فما سبق الرد عليه كان على ما اصطلحوا على تعريفه، أما تفصيل القول في تعريفهم القائل بفصل الدين عن الدولة من وجهة نظر الإسلام فهي كما يلي:

تعريف الدولة:
إن من مكونات أي دولة خمسة عناصر بدونها لا تكون الدولة:
1. الأرض، وحدودها الجغرافية.
2. الشعب، بمختلف أعراقه ودياناته وثقافاته.
3. الدستور، الذي يختاره الشعب، ديني قابل للتقنين، أو وضعي على أسس عقلية عرفية اجتماعية.
4. الجيش، الذي يحمي البلاد من أعدائها الخارجيين، على غرار الجيش السويسري، وهو الجيش الشرعي للشعب لا الحكام.
5. الحكومة المنتخبة، ديمقراطيا، شوريا، أي جماعيا ذكورا وإناثا كبارا و صغارا.

تعريف الدين:
الدين هو رسالة السماء لأهل الأرض، ليعلموا حكم الله فيما ارتضاه لهم وهي أحكام غير دائمة، لأن الدوام من صفات الله، وهي تخضع للتطور التاريخي والاجتماعي والمعرفي والثقافي للإنسان، كما أن الدين أيضا ينظم العلاقات الاجتماعية بين الناس من طلاق وزواج ومواريث...الخ ويكفل حق المستضعفين في الأرض، ويعلمهم الصلة التي يجب أن تكون بين العباد لا العبيد وربهم من صلاة وزكاة وحج ...الخ.

ما يربط به الإسلاميون بين الدين والدولة هو الدستور، فيقولون (دستورنا كتاب الله) دون الأخذ بالاعتبار الحاجة في تفصيل القول في هذه المقولة التي سلطت الحكام على شعوبها باسم الدين فجردتهم من حق المشاركة في السياسة من ترشيح وانتخاب والحرية الدينية من إنشاء مساجد أو كنائس...الخ وأعطت الحكام الحق الإلهي بتنصيب أنفسهم خلفاء لله والحكم فيهم كما أراهم الله مستغلين في ذلك ما فصله لهم فقهاؤهم من تقسم الإسلام إلى فقه عبادات وفقه معاملات.

وقد ركزت السلطة الحاكمة في الممالك الإسلامية - لا الدول التي لا صلة لها بالدين- لاحظ الفرق، على شق الفقه التعبدي للدين، وهو كما سبق وأن أشرنا أنه علاقة صلة بين العبد وربه، ليس لأحد المروج والدرج فيها، لتغيب عن الفرد المسلم حقه في الاستقلال والإرادة فيما بينه وبين ربه الأمر الذي كان له الأثر الكبير في بنية العقل المسلم تجاه الحاكم الذي سلم له حقه في إدارة الدولة فضلا عن حقه فيما بينه وبين ربه.

أما فقه المعاملات والذي يعد من أهم مقومات التعامل في الدولة والفرد وهو أمر قد همش تهميشا خطيرا من قبل الحكام، لكي لا يكون للناس علم بما لهم تجاه الدولة، ويشغلوهم بمسائل الحيض والغسل ولمس المرأة والصلاة والمكروه والمستحب من الدين، بل الأمر الأخطر من هذا، إذ أن هذا الفقه بشقيه أصبحا تابعين للسلطان بنصوص وضعوها وأخرى حرفوها عن معناه الأصلي فأصبح القضاء الذي يشمل ضمن مظلته هذه الأمور تابعا للسلطان الحكام بأمر الله تعالى، بعيدا عن الاستقلالية في الحكم والقرار والتشريع والاجتهاد، مجردا إياه من الحق في مقاضاته أو أحد أعيانه أو خدامه، خلافا لما كان عليه القضاء من استقلالية في صدر الإسلام.

ونستنتج من هذا أن القضاء في الإسلام كان مستقل استقلالا شاملا بدليل كونه الممثل الوحيد للدستور، الذي يحمي حقوق المواطن، الذي هو أحد مكونات الدولة وليس من مكونات الحكومة التي هي أحد مكونات الدولة كما سبق و أن بينا. فالقول بأن العلمانية تفصل الدين عن الدولة تعريف غير دقيق، ففي المثال الإسلامي القرآن هو الدستور والدستور له مشرعون يقننون له ويرسمون طريقه المستنبط على الوفاق بين القائمين على هذه المؤسسة الدستورية، وهي ليست منفصلة عن مكونات الدولة ولكنها مستقلة عن إدارة أحد المحركين للدولة ألا وهي الحكومة المنتخبة ديموقراطيا، فالذين يصرون على أن العلمانية تفصل بين الدين والدولة ليهيجوا مشاعر المسلمين الغافلين، يريدون أن تكون الحكومة (السلطة التنفيذية) مسيطرة على الدستور (السلطة التشريعية) وفي حالة الإسلام القرآن غير التعبدي الذي يضم تحت مظلته الأركان الثلاثة العدل و الحرية و المساواة المغيبة من قبل الحكام والسلاطين المنتمين للإسلام، في حين أن الإسلام ونصوصه لا يسيطر أحد على معطيات كتابه المقدس في ما يخص الدسترة إلا بالاتفاق بين المتخصصين المنتخبين من قبل الشعب الذي يتكون من شرائح متعددة الديانات واللغات والثقافات استطاع الإسلام بعالميته احتواهم بما يحمله من أركان هي محل قبول ورضاء الجميع لأن مصدره الخالق العليم بخلقه أجمعين. فهل نقبل العلمانية (لا الغربية القائمة على رأس المال) وإنما مفهم العلمانية الإسلامية التي اقتبس منها الغرب مفهومها ولكن حرفها ليخدم مصالح رأس المال على حساب القيم وحق الجماعة، التي جاء الإسلام و الكتاب يدافع عنهما ودفع سيطرة الأشخاص على معطيات الكتاب التي هي رحمة للناس أجمعين، أما نرد ما يمليه الشخص الواحد الواهم بكرسي العرش أنه إله الأرض والناس على عواطف المسلمين من التمسك بكتاب الله الذي يسيطر عليه ويؤله كيفما يشاء حسب حاجاته ورغباته بأذنابه من فقهاء السوء؟!!، والتاريخ خير شاهد و الحاضر ليس ببعيد.

إن مكونات الدولة التي سبق و أن ذكرناه يعمل كل منها في سمائه وفضائه المخصص له فالحدود الجغرافية محفوظة دوليا ويحافظ عليها الجيش (الذي هو من أبناء الشعب لا زبانيته) الذي يتبع سياسة الحكومة المنتخبة ديموقراطيا (أي الشعب) فيما لا يخالف الدستور الإلهي الذي فضل الإنسان على سائر خلقه والدستور الوضعي الذي قنن وحفظ الحقوق والواجبات للجميع، لا كما هو الحال في كثير من الممالك العربية والإسلامية وبعض من أصابهم داء الملك والسيطرة من تسليط الجيوش والعسكر لخدمة حفنة من الناس المستبدين بالسلطة عنوة وقهرا والمسخرين لثروات البلاد المستأثر بها لتموين هذا العصابات الدولية التي ولأوهها للدرهم والدينار من الذهب والفضة لا لله والشعب والدستور.

أما الشعب فيعمل ويتعايش مع بعضه البعض على أساس المواطنة التي تكفل مساواة الحقوق واختلاف في الواجبات نسبياً بين أفراد الشعب رجالا ونساء كبارا وصغارا عاقلا أو مجنونا لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى عند الله أما عند البشر فحقهم مكفول في العمل والدين - الذي ليس من مكونات الدولة- والمذهب والفكر والثقافة واللغة...الخ بما نص عليه الدستور الإلهي والوضعي المفقود في عالمنا الإسلامي والمتواجد في بلاد من ينعتم بعض المسلمين بالكفار، أما الدستور فهو ما يختاره الناس طوعا مسلمهم و مسيحيهم ويهوديهم ...الخ إما من أصل ديني يتفقون عليه أو من أصل عقلي وكلا الأمرين أمرهما ومردهما إلى الله ولكن الخيار يكون للشعب الذي سيسأل يوما عما أختار وفعل، فمن غير المعقول أن يسمح الله تعالى للإنسان بالخيار في الدخول في الإيمان أو الكفر دون أن يعطيه الخيار في قبول النظام الذي يعيش فيه والدستور الذي يطبق عليه، فإذا رفض الإسلام بالخيار فكيف يطبق أحكامه عليه؟ إذا ما الدين إلا دين دون دولة، وبهذا المنهج الإسلامي البسيط يضمن الجميع حقهم في التشريع المدني بعيدا عن إملاءات القياصرة والأكاسرة والسلاطين والباباوات المعممة التي تستخدم الأحكام القرآنية أو الإنجيلية أو التوراتية في تيسير أمورها فرد سلطتها على الناس باسم الدين.

أما الحكومة المنتخبة فهي لا تتعدي كونها مجلس إدارة يدير مصالح الشعب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية بما تمليه عليهم وعودهم ومشروعاتهم التي قدموها للناخب أثناء حملتهم الانتخابية، مع حراسة الدستور وعدم انتهاكه للبديهيات من الأمور مثل العدالة والحرية والمساواة من جانب الحكومة. أما أن تحاول الحكومة أن تسيطر على مكونات الدولة باسم الدين (الجهاد) بأن تسعى لتوسيع حدودها على حساب حدود الدول الأخرى أو أن تحجر على الشعب حرية الفكر والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية وحرية الكلمة والصحافة الحرة والعدالة الاجتماعية بجميع أنواعها والمساواة في توزيع الثروة بين المواطنين لا لحساب الطبقات والأسماء والقبائل والأقارب كما هو الحال في وطننا العربي والإسلامي، أو أن تفرض دستور بعينه يخالف رأي الأكثرية باسم الدين المسيس بالعقيدة أو المذهب أو الطائفة أو العائلة أو أن يعطل الدستور القائم باسم الشعب بدعوى الحفاظ على الدولة وهو ما يعرف بقانون الطوارئ أو الأحكام العرفية، فما هذا إلا الظلم بعينه للشعب بأسره، أو أن يسخر نواة المجتمع الدفاعي للهجوم على الشعب ومقدرات الأمة بأسباب لا يقبلها إلا من خاف على نفسه وولده من سطوت رجال القبضة الحديدية والدين الموالين للحكومة أو بالأحرى الحكومة نفسها، فكل هذا لا يصح أن نقبله باسم الدين، إذ الدين خلافه بالكلية وسنفصل المقال في هذا لاحقا.

إن فلسفة العلمانية تتجسد في حماية ما يختاره الناس في التحاكم إليه بغض النظر عن محتويات ومصدر هذا التحاكم أهو ديني أم وضعي، بعيدا عن الخداع بما روج له من أفيون الشعوب واللعب بمشاعرهم وعواطفهم الدينية خدمة لسياستهم السلطوية الاستبدادية.

مجدي
11-14-2005, 07:26 PM
الزميل المحترم اولا هل هذه المقالة لك ؟ معذرة انا اعرفا على صفحات الانترتنت !!!
اقصد هل انت حازم بن منصور؟
اذا انت هو فانا مستعد لنقاشك كلماتك وتبيان مدى جهلك بالاسلام من ناحية و بخلطك وتناقض قولك من ناحية أخرى
تعريف العلمانية الذي اقتبسته فيه :


((مفهوم سياسي اجتماعي نشأ إبان عصور التنوير والنهضة في أوروبا.عارض ظاهرة سيطرة الكنيسة على الدولة وهيمنتها على المجتمع وتنظيمها على أساس الانتماءات الدينية والطائفية ورأى أن من شأن الدين أن يعنى بتنظيم العلاقة بين البشر وربهم ونادى بفصل الدين عن الدولة وبتنظيم العلاقات الاجتماعية على أسس إنسانية تقوم على معاملة الفرد على أنه مواطن ذو حقوق وواجبات وبالتالي إخضاع المؤسسات والحياة السياسية لإرادة البشر وممارستهم لحقوقهم وفق ما يرون وما يحقق مصالحهم وسعادتهم الإنسانية)).
المشكلة من عدة نواحي الاول هذا ليس تعريفا اصلا انه شرح ماهية العلمانية بنظر من وضعه فمع انك تشير في هذا التعريف صراحة انك تتكلم عن علمانية العصور الوسطى الا انك كتبت قبلها :

لأننا في صدد تعريف العلمانية الإسلامية !!!!!
ولم تكتفي بذلك بل وأكدت مرة أخرى بقولك

فأنا أسأل أين فصل الدين عن الدولة؟ لونته لك باللون الاحمر يبدوا انك تقص وتلصق من غير تدبر .
بداية اكتفي هنا لاسمع كلامك كي ندخل في جوهر الموضوع .

معارض سياسي
11-14-2005, 10:08 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

وأنا يكفيني أن :sm_smile:

شاعر الغسق
11-14-2005, 10:15 PM
انا اتابع الموضوع وفى انتظار الاكمال .
شاعر الغسق
طائر الليل الحزين

د. أحمد إدريس الطعان
11-14-2005, 10:16 PM
العلمانية ما هي ؟
الأستاذ المعارض ....
مشكلتكم أنكم أنتم معشر العلمانيين تنظرون إلى الآخرين بمرآة مصغِّرة فترون الآخرين دائماً صغاراً ولذلك لن تتعلموا لأن المتكبر لا يمكن أن يتعلم ... أنتم تعتبرون أنفسكم النخبة المثقفة والمدللة والآخرون هم المتخلفون والظلاميون وووو الإرهابيون وووو وإذا كنت تعتقد أن المسلمين يقفون عند حد هذا التعريف بالعلمانية الذي ذكرته // فصل الدين عن الدولة أو السياسة /// فأنت واهم ويجب إذن أن تتواضع وتقرأ للباحثين المسلمين المعاصرين وتنظيراتهم الجديدة للعلمانية ...
ومن هنا فإن ما ذكرته أو ما اقتبسته أو ما نقلته أنت من تعريف للعلمانية وبدأت تبني عليه سينهد مباشرة إذا ما علمت أن العلمانية في المنظور الإسلامي لا تقف عند هذا الحد ... بل هي أوسع وأشمل من ذلك بكثير وذلك باعترافات العلمانيين أنفسهم ....


عندما عزمت على دراسة ظاهرة العلمانية كان التعريف القابع في ذهني هو التعريف الشائع لها وهو " فصل الدين عن الدولة " ولما قرأت قليلاً ورأيت من يطرح تعريفاً جديداً هو " فصل الدين عن الحياة " ( ) ملت إليه وقلت هو هذا ..!!
ومع طول المعايشة والمعاشرة للخطاب العلماني رأيت أن القضية أكبر من كونها قضية فصل ، وإنما هي في كثير من الأحيان أقرب إلى الجحود والنكران للأديان وقيمها ، فضعفت قناعتي بهذا التعريف ، وهذا لا يعني أن التعريف قد فقد قيمته عندي ، وإنما يعني أنه قاصر عن الحد الكامل ، وإن كان يغطي مرحلة من مراحل العلمانية أو حيِّزاً من رقعتها الشاسعة .
تبادر إلى ذهني في وقت من الأوقات أن العلمانية هي إلغاء المقدس ، ولكن بعض العلمانيين أنفسهم يعتبرون المقدس نمطاً لوجود الإنسان ، وأن الإنسان يعيد إنتاج المقدس بأشكال جديدة وهو يمارس دنيويته ( ) وأن المقدس عنصر من عناصر الوعي ، وأن أقصى مظاهر الحداثة المعاصرة غارقة في المقدس ( ) ، وهو ما يعني أن العلمانية غارقة في مقدسات ، بل ووثنيات جديدة تخترعها كبديل للمقدس الديني ، بل وتضع آلهة جديدة ، وتقدم لها مراسم وقرابين وألوان من العبودية والخضوع ، وهو ما أشار إليه - آنفاً - رفيق حبيب ."" إن الأسطرة ملَكة ثابتة وعبر هذا فالإنسان المعاصر يساهم أيضاً وعبر حرتقاته العلمية الجديدة في صنع أساطيره "" ( ) ولذلك "" يمكن أن يُؤلَّف عمل كامل عن أساطير الإنسان الحديث "" ( ) .
قلت : فهي إذن " إنكار الغيب ، وإثبات المادة " بيد أن العلمانية لم تتمكن من الاستمرار في إنكار الغيب ، لأن الإيمان بالغيب لا بد منه ، فإذا لم يأت اختياراً جاء اضطراراً ، وهذا هو الواقع فالعلمانية تؤمن بغيبيات وميتافيزيقيات كثيرة مثل النيترونات ، والأنتيرونات ، والأثير أو السديم ، وغير ذلك من أشياء يقوم عليها العلم ولكنها افتراضية ، والإيمان بها ليس إلا ضرباً من ضروب الإيمان بالغيب ، وإن كابرت العلمانية وعاندت ( ) ، وهو ما يلفت النظر إليه جلال أمين عندما يذهب إلى أنه "" لا مفـر من اتخاذ موقف ميتافيزيقي ما ، والبدايات الميتافيزيقية هي التي تفضي إلى النتائج ، والمقولات المختلفة التي تكون أيديولوجية ما، والتي توجه السلوك الإنساني ، وهذا يعني أن العلمانية منظومة شاملة ورؤية للكون والطبيعة والإنسان تستند إلى ميتافيزيقا مُسبقة تطرح إجابات عن الأسئلة النهائية الكبرى ، فحالة الشك المطلقة ، الشك في كل المسلمات تجعل الحياة مستحيلة "" ( ) . "" فالغيبي مبدأ من مبادئ علم الاجتماع لا بد منه للمجتمع ولا يأتلف المجتمع ويكتمل إلا بمبدأ غائب عنه يرسم الحدود الفاصلة بين المقدس والدنيوي ( ) .
قلت : إذن فالعلمانية هي " النسبية المطلقة " أو "" أن الإنسان هو ما يفعله "" ( ) كما طرح غير واحد منهم – على سبيل المثال - مراد وهبة ، ولكن المتأمل يرى كثيراً من المنظرين والمؤسسين للفكر العلماني لا يقولون بالنسبية المطلقة ، لأنهم يعتبرون آراءهم وفلسفاتهم حقائق مطلقة يجب على الناس أن يلتزموا بها ، ويسيروا على مقتضاها ، فالماركسيون – مثلاً - يعتبرون الماركسية هي الحقيقة المطلقة ، حقيقة الحقائق ، وكل العلـوم التي جـاءت قبلهـا كانت تمهيـداً لهـا ، وكـل مـا سيـأتي بعـدها يجب أن يكون شرحاً لها ( ) .
ولذلك مع أن النسبية المطلقة تستحوذ على حيز عريض جداً من النظرية العلمانية ، إلا أنها لا يمكن أن تكون حداً شاملاً لكل عناصرها وأسسها ، هذا بالإضافة إلى أن العلمانية نفسها تتحول إلى مطلق في نظر أصحابها وعلى الآخرين أن يتعلمنوا أو يُوصَمُوا بالجهل والظلامية والأصولوية .
سمعت أحد العلماء الأجلاء( ) يؤكد مراراً على أن العلمانية هي الغنوصية فتأملت في هذا الحد فوجدته يغطي مساحة من مساحات العلمانية ، وحقلاً من حقولها وهو : التأويل ، حيث بالرغم من أن الغنوصية قائمة على العرفان ( ) ، والعلمانية - بحسب أصحابها - قائمة على العقل ، إلا أنهما يلتقيان في النتائج المترتبة عن " التأويل المنفلت " ، حيث نصل عن طريق التأويل العلماني والغنوصي المنفلتين إلى خلاصات ما أنزل الله بها من سلطان ، وفهوم تتجافى إلى أبعد الحدود مع النص ، فإن النص إذا كان في السماء فإن التأويل العلماني أو الغنوصي في أسفل الأرضين ، وإذا كان النص يتجه غرباً فإن تأويلهما يتجه شرقاً . وهكذا رأيت أن الجامع بين العلمانية والغنوصية هو " التأويل المنفلت " .
وسمعته أيضاً يعرف العلمانية بأنها " تنحية الأسئلة الكبرى " ولكن الذي بدا لي أن العلمانية بعد أن فشلت في الإجابة عن هذه الأسئلة اقترحت تنحيتها لأنها بدأت تُعكِّر عليها سيرورة العلمنة . وهذه التنحية كارثة من كوارث العلمانية على الإنسانية لأنها الأسئلة الجوهرية للإنسان ، بل هي محور إنسانيته ، والمعنى الصميم لهذه الإنسانية ، وتنحيتها حَطّم إنسانية الإنسان ، وجعله مادة بلا هدف ولا غاية ، يتقلب في ظلام الشك والحيرة ، وبدد له كل أمل في السعادة .
ومن هنا رأيت أن تنحية الأسئلة الكبرى ليست تعريفاً للعلمانية وإنما نهاية من نهايات العلمانية ، بل يمكن اعتبار هذه التنحية : إشهاراً للإفلاس ، وإعلاناً للخيبة .
استبطنت في مرحلة من مراحل البحث التعريف القائل بأن العلمانية "" رؤية مادية بحتة للوجود بما فيه "" ولكن تذكرت أن باركلي لم يكن مادياً فقد أنكر المادة واعتبرها موجودة لأنها مُدرَكة فقط، وأن هيوم أنكر الروح والمادة ولم يعترف بأية حقائق ضرورية ، وكذلك فإن جان جاك روسو كان ممثلاً للفلسفة المثالية ، ومع ذلك كان لهؤلاء جميعاً إسهاماً بارزاً في علمنة الفكر الأوربي .
هذا بالإضافة إلى - ما أشرنا إليه سابقاً - من أن العلمانية لم تتمكن من الاستمرار في المادية لأن العقل يؤكد وجود حقائق كونية ليست مادية يقوم عليها الوجود والعلم .
فالمادية سمة أساسية من سمات العلمانية ولكنها لا تُعبّر عنها تماماً وإن كان بروزها يكاد يجعل العلمانية تُختَزَل غالباً في هذه السمة .
2 – أبرز الخصائص :
لقد استقر رأيي - ردحاً من الزمن - على أن العلمانية هي : "" أنسنة الإلهي ، وتأليه الإنساني "" ويتميز هذا الحد بأنه يجمع خصائص كثيرة للعلمانية في شطريه :
فالشطر الأول " أنسنة الإلهي " يحتوي على مقولة العلمانية في رفض المصدر الإلهي للأديان أو الوحي ، واعتبارها ظواهر اجتماعية وإنسانية تاريخية برزت ضمن ظروف ومعطيات معينة كما أراد فرويد وغيره . ويحتوي هذا الشطر أيضاً : على إلغاء أو تمييع كل المقدَّسات والمعجزات ، وإعادة تفسيرها تفسيراً إنسانياً اجتماعياً أو اقتصاديا أو مادياً ، أو نفسانياً واعتبارها مجرد خرافات وأساطير عفا عليها الزمن .
ويحتوي هذا الشطر أيضاً : على أنسنة الطبيعة والكون بمعنى تجريده من أية دلالات روحية أو كونية أو رمزية ، واعتبارها مواد للإنسان عليه أن يستثمرها في منفعته وأنانيته بشكل مطلق وإمبريالي دون أي اعتبار آخر ، مع رفض الدلالات الغيبية ، والإشارات الربانية التي تؤكد عليها الأديان جميعاً كمعالم للهداية ، باعتبار الطبيعة - في رؤيتها - كتاباً كونياً منظوراً إلى جانب الوحي المكتوب .
ويحتوي هذا الشطر أيضاً : على الجهود التي تبذلها العلمانية لاستثمار الإلهي وتحويله إلى فكرانية ( ) بمعنى : "" تحويل الوحي إلى إيديولوجية "" ( ) . "" تحـويل الوحي ذاته إلى علم إنساني "" ( ) وذلك لتحقيق أغراض الإنسان وأطماعه ، وقد تجلى ذلك واضحاً في الفلسفة الفيورباخية ، وتبنى ذلك حسن حنفي من العلمانيين العرب – كما سنرى – ومعنى ذلك "" إلغاء الغيب كمصدر للمعرفة ، وقصرها على عالم الشهادة "" ( ) ويتم ذلك بالعقل والتجريب بعيداً عن الوحي .
وعلى مستوى العلاقة بين العلمانية العربية والنص القرآني فإنه يتجلى أيضاً دور الشطر الأول من التعريف حيث نجد نزعة الأنسنة سائدة لدى هؤلاء فكتب أركون كتابه " نزعة الأنسنة " وحاول نصر حامد أبو زيد وغيره استعادة القضية الكلامية القديمة التي ثار حولها جدل طويل ، وهي مسألة خلق القرآن في شكلها الاعتزالي ، وذلك من أجل تكريس إنسانية الوحي ومنتوجيته البشرية ، وسنفصل ذلك فيما بعد .
وأما الشطر الثاني من التعريف " تأليه الإنساني " فيتولى تغطية جوانب كثيرة أيضاً من خصائص العلمانية أهمها : النزعة الغرورية التي كرستها فلسفة نيتشة وداروين عبر " الإنسان الأعلى " و" البقاء للأقوى " والتي مورست عملياً من خلال حكام النازية والفاشية كما أشرنا سابقاً.
ويتضمـن هذا الشطر أيضاً : التركيز العلماني الدائم على مركزية الإنسان ، واستقلالية العقل ، وهذه الأخيرة تشكل بُعداً أساسياً في العلمنة حتى عُرِّفت بأنها لا سلطان على العقل إلا للعقل في تفسير الوجود . هذا الجزء يتكفل بالإشارة إلى هذا البعد ، حيث إن تأليه الإنسان يعني أن التفكير الإنساني مستقل عن الوحي ، بل يرقى إلى مرتبة الوحي ، ويحظى بنصيب من الألوهية . لقد بلغ الأمر بالفرنسيين بعد الثورة أن نصبوا تمثالاً وعبدوه سموه " إلاهة العقل " ( ).
ويتضمن هذا الشطر أيضا : الإشارة إلى تأليه القيم الجديدة للعلمانية المتمثلة في حقوق الإنسان ، وترسيخ الفردية المطلقة ، والديمقراطية ، وحرية المرأة المطلقة ، ونسبية الأخلاق ، والعِلمانية – بالكسر - ، وكل ذلك ما هو إلا إحلال لمنظومة جديدة مؤلَّهة من القيم الإنسانية ، وإضفاء حالة من القداسة عليها ، بدلاً من الدستور الإلهي القائم على الوحي .
ويتضمن هذا الشطر أيضا : الإشارة إلى الجانب العبثي في العلمانية وهو بعد جوهري فيها ، ذلك لأن تأليه الإنساني يعني أن الإنسان الجسد هو المُؤلَّه ، لأن العلمانية لا تعترف إلا بالجسد ، وحاجات هذا الجسد الجنسانية والغرائزية تنال حظاً وافراً من الإجلال والقداسة - كما رأينا في الفصل الأول -إن تأليه الإنساني يعني تقديس المُدَنَّس والارتفاع به إلى مستوى الألوهية.
أما البعد المادي في العلمانية فإن شطري التعريف يسهمان في تغطيته ، إذ إن أنسنة الإلهي تعني تحويل ما ليس بمادة إلى مادة ، أو بعبارة أخرى تدنيس المقدس والتعامل معه على هذا الأساس الدَّنِس . ثم يأتي الشطر الثاني ليضفي على المادة قداسة جديدة " تقديس المدنس " وتصبح المادة بهذا الشكل حالَّة محل الألوهية ، ويغدو كل ما سواها ضربٌ من الأساطير والأوهام . وهو ما سعت الفيورباخية والماركسية إلى تكريسه .
3 – العلمانية هي الدنيوية :
هذا التعريف الذي اقترحته وتحدثت عنه للتو ، وقلت إن رأيي استقر عليه ردحاً من الزمن لم يدم هذا له هذا الاستقرار ، مع أن خصائصه - كما أشرت - موزعة في التعريفات التي عرضناها سابقاً لكثير من الباحثين .
والسؤال هنا : " هل يمكن اختزال هذا التعريف أو التعـريفات المطروحة سابقاً بكلمة واحدة ؟
لقد سبق أن قلنا إن سيد محمد نقيب العطاس رأى أن اقرب كلمة تعبر عن العلمانية في المفهوم القرآني هي ما يعبر عنه القرآن بلفظ " الحياة الدنيا "، وإن لم يقترح ذلك كتعريف للعلمانية ، ورأينا كذلك أن العلمانية تُرجمت في مصادرها الأجنبية على أنها " العالمانية " أو " الدنيوية " أو " الدهرية " وكتب جمال الدين الأفغاني كتابه " الرد على الدهريين " يرد فيه على العلمانيين المعاصرين له .
وما أريد أن أقوله هنا : هو أن " الدنيوية " ليست مجرد ترجمة لغوية للعلمانية ، وأعني أن العلمانية يمكن أن تُعرَّف تعريفاً جامعاً مانعاً - فيما أرى - بكلمة واحدة هي : " الدنيوية " .
إن هذا التعريف - كما يبدو لي - لا يكاد يغادر صغيرة ولا كبيرة من مقولات العلمانية وخصائصها إلا ويطويها في داخله ، وإن نظرة سريعة في تاريخ العلمانية وأسسها وجذورها ، وأبعادها وتجلياتها سوف تبين أن الدنيوية هي الهم الأول ، والهاجس الأساسي ، بل الوحيد الذي تدور عليه العلمانية .
فالمادية ، واللامادية ، والمثالية ، والعقلانية ، والعِلمانية ، والتطورية ، والجنسانية ، والأنسنة ، والحرية ، والديمقراطية ، وحقوق الإنسان ، والعنصرية ، والفردية ، كل هذه العناصر التي أفرزتها العلمانية عبر تاريخها الطويل أُريدَ منها أن تحقق للإنسان السعادة في هذه الحياة الدنيا دون أي اعتبار آخَر ليوم آخِر ، والسعادة المقصودة هنا هي أقصى قدر ممكن من اللذة والمتعة .
وهنا يمكن أن يتبادر إلى الذهن سؤال وهو : أن الشرائع السماوية أيضاً قصدت تحقيق السعادة للإنسان في الحياة الدنيا فهل الأديان منخرطة على هذا الأساس في تيار العلمانية ؟
والإجابة : أن الشرائع الإلهية تربط سعادة الدنيا بالسعادة في الآخرة ، لذلك فسعادة الإنسان في الحياة الدنيا بمنظور الشرائع الإلهية ألا ينخرط في الملذات والشهوات والمُتع دون ضوابط وحدود لأن هذا سينغص سعادته في الآخرة .
لقـد تركت هذه الدنيوية العلمـانية أثرها حتى على الإسلاميين ، فأصبحنا نُبرز كثيراً عناية الإسلام بالحياة الدنيا ، ودعوته إلى عمارتها ، والاستمتاع بالطيبات منها ، ونتغاضى - مجاراة للعلمانيين - عن أن الإسلام في الأصل يدعو الناس إلى الآخرة عبر ممر الدنيا ، وهذا لا يعني تخريب الدنيا ، وإنما يعني التطلع إلى المستقبل الأبدي ، وليس إلى الحياة العاجلة ، وهذا ليس من شأنه أن يجعلنا نهمل عمارة الحياة الدنيا ، وإنما من شأنه أن يُهذِّب نفوسنا ويسموَ بها عن الأنانية ، ويطهرها من السخائم والعداوات والتنافس على المتاع الزائل والحطام الفاني .
وهنا يجدر بنا أن نتذكر قول أحد أقطاب الصوفية كتلخيص لموقف الإسلام من الحياة الدنيا " أن تكون الدنيا في يدك وليس في قلبك " وهذا بعكس العلمانية التي تريد أن تمزج الدنيوية بكل ذرة من ذرات الجسد الإنساني ، وتغرسها في صميم قلبه ، وتجعلها الملاذ الوحيد ، والمعشوق الوحيد ، والغاية النهائيـة للإنسان ، ولا يخفى ما في ذلك من تكريسٍ للتنافس الأعمى بين البشر دولاً وأفراداً ، وهو ما نعايشه اليوم ، لأن البقاء للأقوى ، وساحة البقاء في المنظور العلماني قاصرة على هذا العالم المحسوس فقط .
وتتجلى الدنيوية واضحة في الممارسات التأويلية التي تشتغل على النص القرآني فتحاول دائماً أن تحد من سلطانه الإلهي ، وتبرز دائماً ما يؤكد على الاعتبارات الدنيوية في مسائل الميراث ، والمرأة ، والحجاب ، والدولة والأخلاق ، ويُبرَّر ذلك بمبررات دنيوية محضة مثل : مواكبة العصر ، ومسايرة التحضر ، وتطور الفكر . والنموذج الذي يُحتذى في كل ذلك هو الغرب ، فكل ما عنده أصبح معيار التطور والتحضر والتقدم ، وتغفل هذه الممارسات أو تتنكر للجانب الغيبي الأخروي الذي يشكل الحيِّز الأكبر من الرسالة القرآنية ، وفي حالات متطرفة فإنها تقوم بعملية مسخ وتشويه لهذا الجانب عن طريق " التأويل المنفلت " لتجعله يصب في خدمة الدنيوية أيضاً .
4 – خلاصة :
العلمانيون - كما مر بنا سابقاً - يستدلون على علمانية الإسلام بدنيويته ، وبما حصل في التاريخ الإسلامي من ترف وبذخ وإقبال على الدنيا ، فهم بذلك يقرون بأن الدنيوية هي جوهر العلمانية ، وقد مر معنا كذلك كيف تؤكد دوائر المعارف والمعاجم الغربية على دنيوية العلمانية بما يغني عن الإعادة هنا .
لقد أشرنا - سابقاً - إلى أن الدنيوية ضاربة بجذورها في عمق التاريخ والحضارات ، وأن أكثر الأمم اختارت الحياة الدنيا على الآخرة ، ذلك لأن الحياة الدنيا حلوة خضرة وقريبة ، أما الآخرة فهي في منظور الإنسان العجول بعيدة غير مغرية كما تفعل الحياة الدنيا "متاع الغرور " .
والسؤال هنا : كيف نحدد عناصر الحضور والغياب في التعريف الذي نقترحه ؟ وهل الدنيوية مطلقاً تُوصَف بأنها علمانية ؟ أم أنها دنيوية ذات نسبة معينة ؟
والسؤال بعبارة أخرى : ما هو الحد الذي تتحول فيه الدنيوية إلى علمانية .
لقد أشرنا سابقاً إلى أن الشرائع السماوية فيها جانب دنيوي فهل هي بذلك علمانية ، أم تحتوي على نسبة معينة من العلمنة ؟
إن الدنيوية تتحول إلى علمانية عندما تتحول الوسيلة إلى غاية ، والممر إلى مقر ، وقد يعترض علينا هنا بأننا نتحدث بلهجة صوفية وعظية ، ولكن هذه هي الحقيقة سواء كانت في قالب صوفي وعظي أم حداثي معاصر ؟
عمارة الدنيا مرادة إلى أقصى الحدود ، ولكن على أن لا يؤدي ذلك إلى الفساد في الأرض ، كما يجب مراعاة أن الإنسان مؤتمن وليس مالكاً حقيقياً ، وأنه رضي بحمل الأمانة ، وكل ما يؤدي إلى الإخلال بحفظ الأمانة " الكون والطبيعة والإنسان ورسالته فيهما " فإنه انقلاب إلى دنيوية عضوض أي علمانية .
الإنسان مُستَخلَف في الأرض ، وهذا يعني أنه لا يملك أن يضع لنفسه منهجاً في الحياة باستقلالية كاملة ، لأن المنهج وضعه المالك الحقيقي ، والسيد الحقيقي في هذا الوجود ، أما وظيفته هو فإنها تنحصر في أن يفهم المنهج بشكل صحيح وينزله على حياته كما أراد واضعه عز وجل . والفهم غير الوضع والإنشاء وإن كان الخطاب العلماني سينازع في هذا كما سنرى .
إن أي إنسان عاقل عندما يشتري جهازاً من شركة ما يقرأ النشرة المـرفقة معه والتي تُبيِّن كيفية استعماله ، وقراءة هذه النشرة توفر عليه جهداً ووقتاً يبذله في محاولته تشغيل الجهاز دون استعانة بالصانع . إن جهده المستقل قد ينتهي بالوصول إلى معرفة تشغيل الجهاز ولكن بعد جهد ووقت من التجريب والمحاولة ، ولكنه قد ينتهي أيضاً بإتلاف الجهاز وإعطابه .
إن كل ممارسات الإنسان في هذا الكون لكي تبرأ من " الدنيوية العلمانية " يجب عليها أن تكون قائمة على مبدأ العبودية لله عز وجل ، والرغبة فيما عنده من الخير والسعادة ، ومنافية لمبدأي الكبرياء الزائف ، والعقلانية المتهورة القائمين على الاعتداد الأعمى بالذات والمنفعة العاجلة ، واللذة الزائلة ، والنظرة القاصرة على هذه الحياة الدنيا .
إن الاحتراز الوحيد الذي نضعه هنا لعله يجنبنا كثيراً من الانتقادات والإلزامات التي قد ترد علينا إزاء هذا التعريف هو أن العلمانية " الدنيوية " التي نقصدها تزيد وتنقص ، وتهبط وتصعد ، وأننا عندما نتحدث عن العلمانية التي تقارن الإلحاد والزندقة فإننا نقصد العلمانية في أعلى درجاتها . إن هذا يعني أن بعض الباحثين الحريصين على إسلامهم وإيمانهم ولكن تصدر منهم بعض الأفكار التي تخدم التوجه الدنيوي العلماني ، وتتحرك في داخل أسواره لا يمكن أن يوصفوا بأنهم علمانيين ، وإن كان يصح أن نصف أفكارهم المنحرفة بأنها أفكار علمانية . والله أعلم .

معارض سياسي
11-14-2005, 11:39 PM
العلمانية ما هي ؟
الأستاذ المعارض ....
مشكلتكم أنكم أنتم معشر العلمانيين تنظرون إلى الآخرين بمرآة مصغِّرة فترون الآخرين دائماً صغاراً ولذلك لن تتعلموا لأن المتكبر لا يمكن أن يتعلم ... أنتم تعتبرون أنفسكم النخبة المثقفة والمدللة والآخرون هم المتخلفون والظلاميون وووو الإرهابيون وووو وإذا كنت تعتقد أن المسلمين يقفون عند حد هذا التعريف بالعلمانية الذي ذكرته // فصل الدين عن الدولة أو السياسة /// فأنت واهم ويجب إذن أن تتواضع وتقرأ للباحثين المسلمين المعاصرين وتنظيراتهم الجديدة للعلمانية ...

الرد: سبحان الله تستفتح بتصغير خصمك وشخصنة الرد، فماذا تسمي هذا؟؟؟ رمتني بدائها وأنسلت!!!!!! أما تنظير المسلم المؤدلج لا قيمة له لأنه لم يتجرد، فلا يمكن أن يكون باحثا.

ومن هنا فإن ما ذكرته أو ما اقتبسته أو ما نقلته أنت من تعريف للعلمانية وبدأت تبني عليه سينهد مباشرة إذا ما علمت أن العلمانية في المنظور الإسلامي لا تقف عند هذا الحد ... بل هي أوسع وأشمل من ذلك بكثير وذلك باعترافات العلمانيين أنفسهم ....

الرد: سبحان الله، كم من مرة طلبنا منك العرض، فأعرضت؟؟؟؟؟


عندما عزمت على دراسة ظاهرة العلمانية كان التعريف القابع في ذهني هو التعريف الشائع لها وهو " فصل الدين عن الدولة " ولما قرأت قليلاً ورأيت من يطرح تعريفاً جديداً هو " فصل الدين عن الحياة " ( ) ملت إليه وقلت هو هذا ..!!

الرد: وهل أنت الفرد الصمد من عزم؟؟؟؟؟ سبحان الله، مادح نفسه كذاب!!!

ومع طول المعايشة والمعاشرة للخطاب العلماني رأيت أن القضية أكبر من كونها قضية فصل ، وإنما هي في كثير من الأحيان أقرب إلى الجحود والنكران للأديان وقيمها ، فضعفت قناعتي بهذا التعريف ، وهذا لا يعني أن التعريف قد فقد قيمته عندي ، وإنما يعني أنه قاصر عن الحد الكامل ، وإن كان يغطي مرحلة من مراحل العلمانية أو حيِّزاً من رقعتها الشاسعة .

الرد: أين الحجود والنكران في العلمانية للأديان؟؟؟؟ هات الدليل!!!!

تبادر إلى ذهني في وقت من الأوقات أن العلمانية هي إلغاء المقدس ، ولكن بعض العلمانيين أنفسهم يعتبرون المقدس نمطاً لوجود الإنسان ، وأن الإنسان يعيد إنتاج المقدس بأشكال جديدة وهو يمارس دنيويته ( ) وأن المقدس عنصر من عناصر الوعي ، وأن أقصى مظاهر الحداثة المعاصرة غارقة في المقدس ( ) ، وهو ما يعني أن العلمانية غارقة في مقدسات ، بل ووثنيات جديدة تخترعها كبديل للمقدس الديني ، بل وتضع آلهة جديدة ، وتقدم لها مراسم وقرابين وألوان من العبودية والخضوع ، وهو ما أشار إليه - آنفاً - رفيق حبيب ."" إن الأسطرة ملَكة ثابتة وعبر هذا فالإنسان المعاصر يساهم أيضاً وعبر حرتقاته العلمية الجديدة في صنع أساطيره "" ( ) ولذلك "" يمكن أن يُؤلَّف عمل كامل عن أساطير الإنسان الحديث "" ( ) .

الرد: كل هذا الإنشاء لا قيمة له دون الدليل عليه.


قلت : فهي إذن " إنكار الغيب ، وإثبات المادة " بيد أن العلمانية لم تتمكن من الاستمرار في إنكار الغيب ، لأن الإيمان بالغيب لا بد منه ، فإذا لم يأت اختياراً جاء اضطراراً ، وهذا هو الواقع فالعلمانية تؤمن بغيبيات وميتافيزيقيات كثيرة مثل النيترونات ، والأنتيرونات ، والأثير أو السديم ، وغير ذلك من أشياء يقوم عليها العلم ولكنها افتراضية ، والإيمان بها ليس إلا ضرباً من ضروب الإيمان بالغيب ، وإن كابرت العلمانية وعاندت ( ) ، وهو ما يلفت النظر إليه جلال أمين عندما يذهب إلى أنه "" لا مفـر من اتخاذ موقف ميتافيزيقي ما ، والبدايات الميتافيزيقية هي التي تفضي إلى النتائج ، والمقولات المختلفة التي تكون أيديولوجية ما، والتي توجه السلوك الإنساني ، وهذا يعني أن العلمانية منظومة شاملة ورؤية للكون والطبيعة والإنسان تستند إلى ميتافيزيقا مُسبقة تطرح إجابات عن الأسئلة النهائية الكبرى ، فحالة الشك المطلقة ، الشك في كل المسلمات تجعل الحياة مستحيلة "" ( ) . "" فالغيبي مبدأ من مبادئ علم الاجتماع لا بد منه للمجتمع ولا يأتلف المجتمع ويكتمل إلا بمبدأ غائب عنه يرسم الحدود الفاصلة بين المقدس والدنيوي ( ) .

الرد: أين فحو كلامك هذا على العلمانية التي يمارسها الغرب؟؟؟؟؟ الكلام ليس عليه جمرك.

قلت : إذن فالعلمانية هي " النسبية المطلقة " أو "" أن الإنسان هو ما يفعله "" ( ) كما طرح غير واحد منهم – على سبيل المثال - مراد وهبة ، ولكن المتأمل يرى كثيراً من المنظرين والمؤسسين للفكر العلماني لا يقولون بالنسبية المطلقة ، لأنهم يعتبرون آراءهم وفلسفاتهم حقائق مطلقة يجب على الناس أن يلتزموا بها ، ويسيروا على مقتضاها ، فالماركسيون – مثلاً - يعتبرون الماركسية هي الحقيقة المطلقة ، حقيقة الحقائق ، وكل العلـوم التي جـاءت قبلهـا كانت تمهيـداً لهـا ، وكـل مـا سيـأتي بعـدها يجب أن يكون شرحاً لها ( ) .

الرد: ما يطالب به العلماني هو ما يطالب به القرآن، فهل القرآن حقيقة مطلقة؟؟؟؟

ولذلك مع أن النسبية المطلقة تستحوذ على حيز عريض جداً من النظرية العلمانية ، إلا أنها لا يمكن أن تكون حداً شاملاً لكل عناصرها وأسسها ، هذا بالإضافة إلى أن العلمانية نفسها تتحول إلى مطلق في نظر أصحابها وعلى الآخرين أن يتعلمنوا أو يُوصَمُوا بالجهل والظلامية والأصولوية .

الرد: وهل هذا يختلف عن موقع المتأسلمين السلفيين؟؟؟؟

سمعت أحد العلماء الأجلاء( ) يؤكد مراراً على أن العلمانية هي الغنوصية فتأملت في هذا الحد فوجدته يغطي مساحة من مساحات العلمانية ، وحقلاً من حقولها وهو : التأويل ، حيث بالرغم من أن الغنوصية قائمة على العرفان ( ) ، والعلمانية - بحسب أصحابها - قائمة على العقل ، إلا أنهما يلتقيان في النتائج المترتبة عن " التأويل المنفلت " ، حيث نصل عن طريق التأويل العلماني والغنوصي المنفلتين إلى خلاصات ما أنزل الله بها من سلطان ، وفهوم تتجافى إلى أبعد الحدود مع النص ، فإن النص إذا كان في السماء فإن التأويل العلماني أو الغنوصي في أسفل الأرضين ، وإذا كان النص يتجه غرباً فإن تأويلهما يتجه شرقاً . وهكذا رأيت أن الجامع بين العلمانية والغنوصية هو " التأويل المنفلت " .

الرد: وما هو في رأيك التأويل الغير منفلت، هل مرجعه بشري عقلي أم ربابي سماوي؟؟؟

وسمعته أيضاً يعرف العلمانية بأنها " تنحية الأسئلة الكبرى " ولكن الذي بدا لي أن العلمانية بعد أن فشلت في الإجابة عن هذه الأسئلة اقترحت تنحيتها لأنها بدأت تُعكِّر عليها سيرورة العلمنة . وهذه التنحية كارثة من كوارث العلمانية على الإنسانية لأنها الأسئلة الجوهرية للإنسان ، بل هي محور إنسانيته ، والمعنى الصميم لهذه الإنسانية ، وتنحيتها حَطّم إنسانية الإنسان ، وجعله مادة بلا هدف ولا غاية ، يتقلب في ظلام الشك والحيرة ، وبدد له كل أمل في السعادة . ومن هنا رأيت أن تنحية الأسئلة الكبرى ليست تعريفاً للعلمانية وإنما نهاية من نهايات العلمانية ، بل يمكن اعتبار هذه التنحية : إشهاراً للإفلاس ، وإعلاناً للخيبة .

الرد: إلينا بتلك الأسئلة الكبرى التي أبعدتها العلمانية لكي لا تعكر سيرورة العلمنة؟؟؟

استبطنت في مرحلة من مراحل البحث التعريف القائل بأن العلمانية "" رؤية مادية بحتة للوجود بما فيه "" ولكن تذكرت أن باركلي لم يكن مادياً فقد أنكر المادة واعتبرها موجودة لأنها مُدرَكة فقط، وأن هيوم أنكر الروح والمادة ولم يعترف بأية حقائق ضرورية ، وكذلك فإن جان جاك روسو كان ممثلاً للفلسفة المثالية ، ومع ذلك كان لهؤلاء جميعاً إسهاماً بارزاً في علمنة الفكر الأوربي .
هذا بالإضافة إلى - ما أشرنا إليه سابقاً - من أن العلمانية لم تتمكن من الاستمرار في المادية لأن العقل يؤكد وجود حقائق كونية ليست مادية يقوم عليها الوجود والعلم .
فالمادية سمة أساسية من سمات العلمانية ولكنها لا تُعبّر عنها تماماً وإن كان بروزها يكاد يجعل العلمانية تُختَزَل غالباً في هذه السمة .

الرد: حقائق الكون لا يدركها أحد إلا بالبحث والنتيجة نسبية، حالها كحال منهج الإسلام و تطوره التاريخي، ولا ضير علي من ينظر و يفكر ليصل، وليس هذا بدليل على العلمانية بل دليل على قدرة هذا الإنسان في النظر والبحث الأمر الذي تركه من يعتنق الإسلام بإدعاء الحقيقة المطلقة للكون.


2 – أبرز الخصائص :
لقد استقر رأيي - ردحاً من الزمن - على أن العلمانية هي : "" أنسنة الإلهي ، وتأليه الإنساني "" ويتميز هذا الحد بأنه يجمع خصائص كثيرة للعلمانية في شطريه :
فالشطر الأول " أنسنة الإلهي " يحتوي على مقولة العلمانية في رفض المصدر الإلهي للأديان أو الوحي ، واعتبارها ظواهر اجتماعية وإنسانية تاريخية برزت ضمن ظروف ومعطيات معينة كما أراد فرويد وغيره . ويحتوي هذا الشطر أيضاً : على إلغاء أو تمييع كل المقدَّسات والمعجزات ، وإعادة تفسيرها تفسيراً إنسانياً اجتماعياً أو اقتصاديا أو مادياً ، أو نفسانياً واعتبارها مجرد خرافات وأساطير عفا عليها الزمن .

الرد: القرآن يقر هذه النظرية في قصة إبراهيم فترقبها قريبا. أي مقدسات، وأي معجزات؟

ويحتوي هذا الشطر أيضاً : على أنسنة الطبيعة والكون بمعنى تجريده من أية دلالات روحية أو كونية أو رمزية ، واعتبارها مواد للإنسان عليه أن يستثمرها في منفعته وأنانيته بشكل مطلق وإمبريالي دون أي اعتبار آخر ، مع رفض الدلالات الغيبية ، والإشارات الربانية التي تؤكد عليها الأديان جميعاً كمعالم للهداية ، باعتبار الطبيعة - في رؤيتها - كتاباً كونياً منظوراً إلى جانب الوحي المكتوب .

الرد: سبق و أن قلت أن العلمانية تؤمن بالغيب وهي مضطرة لذلك و الآن تقول ترفض الدلالات الغيبية؟؟؟؟ كيف؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وهذا كلامك: قلت : فهي إذن " إنكار الغيب ، وإثبات المادة " بيد أن العلمانية لم تتمكن من الاستمرار في إنكار الغيب ، لأن الإيمان بالغيب لا بد منه ، فإذا لم يأت اختياراً جاء اضطراراً ، وهذا هو الواقع فالعلمانية تؤمن بغيبيات وميتافيزيقيات كثيرة مثل النيترونات ، والأنتيرونات ، والأثير أو السديم ، وغير ذلك من أشياء يقوم عليها العلم ولكنها افتراضية ، والإيمان بها ليس إلا ضرباً من ضروب الإيمان بالغيب....

ويحتوي هذا الشطر أيضاً : على الجهود التي تبذلها العلمانية لاستثمار الإلهي وتحويله إلى فكرانية ( ) بمعنى : "" تحويل الوحي إلى إيديولوجية "" ( ) . "" تحـويل الوحي ذاته إلى علم إنساني "" ( ) وذلك لتحقيق أغراض الإنسان وأطماعه ، وقد تجلى ذلك واضحاً في الفلسفة الفيورباخية ، وتبنى ذلك حسن حنفي من العلمانيين العرب – كما سنرى – ومعنى ذلك "" إلغاء الغيب كمصدر للمعرفة ، وقصرها على عالم الشهادة "" ( ) ويتم ذلك بالعقل والتجريب بعيداً عن الوحي .

الرد: هذا ما يقرن الإسلام و القرآن، ولكن ليس للعقل التابع ولكن للعقل المسيطر.

وعلى مستوى العلاقة بين العلمانية العربية والنص القرآني فإنه يتجلى أيضاً دور الشطر الأول من التعريف حيث نجد نزعة الأنسنة سائدة لدى هؤلاء فكتب أركون كتابه " نزعة الأنسنة " وحاول نصر حامد أبو زيد وغيره استعادة القضية الكلامية القديمة التي ثار حولها جدل طويل ، وهي مسألة خلق القرآن في شكلها الاعتزالي ، وذلك من أجل تكريس إنسانية الوحي ومنتوجيته البشرية ، وسنفصل ذلك فيما بعد .

الرد: القرآن قد اختلف أهل الإسلام في نصية كلامه هل هو إلهي أم هو محمدي، بغض النظر عن مصدرية هذا الوحي أكان من الله الذي أوجده العقل المسيطر أم من الله الكائن في السماء وأي سماء ترى أو ربما الفضاء، فالمسلمون لم يحترموا هذا النص فأخذوا ينسخون هذه بهذا وأخذوا يعطلون هذه لهذه ...الخ حتى أصبح القرآن غنيمة كل ملك أراد أن يكون إلها، ولكن إلها لا كالأنبياء بل إلها نرجسيا.

وأما الشطر الثاني من التعريف " تأليه الإنساني " فيتولى تغطية جوانب كثيرة أيضاً من خصائص العلمانية أهمها : النزعة الغرورية التي كرستها فلسفة نيتشة وداروين عبر " الإنسان الأعلى " و" البقاء للأقوى " والتي مورست عملياً من خلال حكام النازية والفاشية كما أشرنا سابقاً.

الرد: قد سبقهم سلاطين العرب والمسلمين بقرون.

ويتضمـن هذا الشطر أيضاً : التركيز العلماني الدائم على مركزية الإنسان ، واستقلالية العقل ، وهذه الأخيرة تشكل بُعداً أساسياً في العلمنة حتى عُرِّفت بأنها لا سلطان على العقل إلا للعقل في تفسير الوجود . هذا الجزء يتكفل بالإشارة إلى هذا البعد ، حيث إن تأليه الإنسان يعني أن التفكير الإنساني مستقل عن الوحي ، بل يرقى إلى مرتبة الوحي ، ويحظى بنصيب من الألوهية . لقد بلغ الأمر بالفرنسيين بعد الثورة أن نصبوا تمثالاً وعبدوه سموه " إلاهة العقل " ( ).

الرد: الذي يوجد الشيء ويجعل الناس تنقاد إليه في مرحلة تاريخية معينة يحق له أن يكون هو الإله، وقد كفل الإسلام للعقل الحديث باسم الإله في التشريع و التقنين حسب ما تمليه الظروف العقلية للديمومة و الخلافة في الأرض.

ويتضمن هذا الشطر أيضا : الإشارة إلى تأليه القيم الجديدة للعلمانية المتمثلة في حقوق الإنسان ، وترسيخ الفردية المطلقة ، والديمقراطية ، وحرية المرأة المطلقة ، ونسبية الأخلاق ، والعِلمانية – بالكسر - ، وكل ذلك ما هو إلا إحلال لمنظومة جديدة مؤلَّهة من القيم الإنسانية ، وإضفاء حالة من القداسة عليها ، بدلاً من الدستور الإلهي القائم على الوحي .

الرد: وهل القرآن و الإسلام لا يدعو لحقوق الإنسان؟؟؟
أما الفردية المطلقة فهي خاصة بذات الإنسان، كما أمر الله.
أما الديمقراطية أو الشورى ..الخ فهي في كتاب الله فهل تنكرها.
أما حرية المرأة المطلقة فهي حق شأنها شأن الرجل إن لم تيقد نفسه بعقود و عهود ومواثيق.
أما نسبية الأخلاق، فهل أنت كامل؟؟؟؟
أحلال منظومة جديد؟؟؟؟ إذا الإسلام لا حظ هل فيها؟؟؟
الوحي لم يأت من الله مباشرة لكل إنسان بل جاء عبر بشر مثلنا.

ويتضمن هذا الشطر أيضا : الإشارة إلى الجانب العبثي في العلمانية وهو بعد جوهري فيها ، ذلك لأن تأليه الإنساني يعني أن الإنسان الجسد هو المُؤلَّه ، لأن العلمانية لا تعترف إلا بالجسد ، وحاجات هذا الجسد الجنسانية والغرائزية تنال حظاً وافراً من الإجلال والقداسة - كما رأينا في الفصل الأول -إن تأليه الإنساني يعني تقديس المُدَنَّس والارتفاع به إلى مستوى الألوهية.

الرد: تأليه الجسد و حاجات جنسية وغرائزية، عجبا؟؟؟؟

أما البعد المادي في العلمانية فإن شطري التعريف يسهمان في تغطيته ، إذ إن أنسنة الإلهي تعني تحويل ما ليس بمادة إلى مادة ، أو بعبارة أخرى تدنيس المقدس والتعامل معه على هذا الأساس الدَّنِس . ثم يأتي الشطر الثاني ليضفي على المادة قداسة جديدة " تقديس المدنس " وتصبح المادة بهذا الشكل حالَّة محل الألوهية ، ويغدو كل ما سواها ضربٌ من الأساطير والأوهام . وهو ما سعت الفيورباخية والماركسية إلى تكريسه .

الرد: العقل لا يعترف إلا بالمادة، فإذا كان الله ليس بمادة فالعقل لا يدركه و لا يراه و يعلمه، تماما كما قال القرآن واصفا الله.

3 – العلمانية هي الدنيوية :
هذا التعريف الذي اقترحته وتحدثت عنه للتو ، وقلت إن رأيي استقر عليه ردحاً من الزمن لم يدم هذا له هذا الاستقرار ، مع أن خصائصه - كما أشرت - موزعة في التعريفات التي عرضناها سابقاً لكثير من الباحثين .
والسؤال هنا : " هل يمكن اختزال هذا التعريف أو التعـريفات المطروحة سابقاً بكلمة واحدة ؟
لقد سبق أن قلنا إن سيد محمد نقيب العطاس رأى أن اقرب كلمة تعبر عن العلمانية في المفهوم القرآني هي ما يعبر عنه القرآن بلفظ " الحياة الدنيا "، وإن لم يقترح ذلك كتعريف للعلمانية ، ورأينا كذلك أن العلمانية تُرجمت في مصادرها الأجنبية على أنها " العالمانية " أو " الدنيوية " أو " الدهرية " وكتب جمال الدين الأفغاني كتابه " الرد على الدهريين " يرد فيه على العلمانيين المعاصرين له .
وما أريد أن أقوله هنا : هو أن " الدنيوية " ليست مجرد ترجمة لغوية للعلمانية ، وأعني أن العلمانية يمكن أن تُعرَّف تعريفاً جامعاً مانعاً - فيما أرى - بكلمة واحدة هي : " الدنيوية " .
إن هذا التعريف - كما يبدو لي - لا يكاد يغادر صغيرة ولا كبيرة من مقولات العلمانية وخصائصها إلا ويطويها في داخله ، وإن نظرة سريعة في تاريخ العلمانية وأسسها وجذورها ، وأبعادها وتجلياتها سوف تبين أن الدنيوية هي الهم الأول ، والهاجس الأساسي ، بل الوحيد الذي تدور عليه العلمانية .
فالمادية ، واللامادية ، والمثالية ، والعقلانية ، والعِلمانية ، والتطورية ، والجنسانية ، والأنسنة ، والحرية ، والديمقراطية ، وحقوق الإنسان ، والعنصرية ، والفردية ، كل هذه العناصر التي أفرزتها العلمانية عبر تاريخها الطويل أُريدَ منها أن تحقق للإنسان السعادة في هذه الحياة الدنيا دون أي اعتبار آخَر ليوم آخِر ، والسعادة المقصودة هنا هي أقصى قدر ممكن من اللذة والمتعة .
وهنا يمكن أن يتبادر إلى الذهن سؤال وهو : أن الشرائع السماوية أيضاً قصدت تحقيق السعادة للإنسان في الحياة الدنيا فهل الأديان منخرطة على هذا الأساس في تيار العلمانية ؟
والإجابة : أن الشرائع الإلهية تربط سعادة الدنيا بالسعادة في الآخرة ، لذلك فسعادة الإنسان في الحياة الدنيا بمنظور الشرائع الإلهية ألا ينخرط في الملذات والشهوات والمُتع دون ضوابط وحدود لأن هذا سينغص سعادته في الآخرة .

الرد: هذا صحيح والقرآن يقول هذا أيضا و إلا لماذا الاستخلاف في الأرض؟؟؟؟ أما شرطك الأخير بعدم الاعتبار باليوم الآخر، فإن حدث هذا فلن يكون هناك حياة ولا نظام بل فوضى عارمة، فهل ترى هذا في الغرب العلماني أم تراه في علمنا الإسلامي؟؟؟؟



لقـد تركت هذه الدنيوية العلمـانية أثرها حتى على الإسلاميين ، فأصبحنا نُبرز كثيراً عناية الإسلام بالحياة الدنيا ، ودعوته إلى عمارتها ، والاستمتاع بالطيبات منها ، ونتغاضى - مجاراة للعلمانيين - عن أن الإسلام في الأصل يدعو الناس إلى الآخرة عبر ممر الدنيا ، وهذا لا يعني تخريب الدنيا ، وإنما يعني التطلع إلى المستقبل الأبدي ، وليس إلى الحياة العاجلة ، وهذا ليس من شأنه أن يجعلنا نهمل عمارة الحياة الدنيا ، وإنما من شأنه أن يُهذِّب نفوسنا ويسموَ بها عن الأنانية ، ويطهرها من السخائم والعداوات والتنافس على المتاع الزائل والحطام الفاني .

الرد: لو أنكشف لك ما تحت الجبة في عالمك الإسلامي و العربي لأدركت أنك في الجحيم.

وهنا يجدر بنا أن نتذكر قول أحد أقطاب الصوفية كتلخيص لموقف الإسلام من الحياة الدنيا " أن تكون الدنيا في يدك وليس في قلبك " وهذا بعكس العلمانية التي تريد أن تمزج الدنيوية بكل ذرة من ذرات الجسد الإنساني ، وتغرسها في صميم قلبه ، وتجعلها الملاذ الوحيد ، والمعشوق الوحيد ، والغاية النهائيـة للإنسان ، ولا يخفى ما في ذلك من تكريسٍ للتنافس الأعمى بين البشر دولاً وأفراداً ، وهو ما نعايشه اليوم ، لأن البقاء للأقوى ، وساحة البقاء في المنظور العلماني قاصرة على هذا العالم المحسوس فقط .

الرد: هذا محض إفتراء، ونصرة لمنهجك الذي بات مع الأموات. وهل نسيت ما فعله أهل الإسلام الأول من إمبريالية واحتلال و استغلال للأوطان و الإنسان باسم الله و رسوله؟؟؟؟

وتتجلى الدنيوية واضحة في الممارسات التأويلية التي تشتغل على النص القرآني فتحاول دائماً أن تحد من سلطانه الإلهي ، وتبرز دائماً ما يؤكد على الاعتبارات الدنيوية في مسائل الميراث ، والمرأة ، والحجاب ، والدولة والأخلاق ، ويُبرَّر ذلك بمبررات دنيوية محضة مثل : مواكبة العصر ، ومسايرة التحضر ، وتطور الفكر . والنموذج الذي يُحتذى في كل ذلك هو الغرب ، فكل ما عنده أصبح معيار التطور والتحضر والتقدم ، وتغفل هذه الممارسات أو تتنكر للجانب الغيبي الأخروي الذي يشكل الحيِّز الأكبر من الرسالة القرآنية ، وفي حالات متطرفة فإنها تقوم بعملية مسخ وتشويه لهذا الجانب عن طريق " التأويل المنفلت " لتجعله يصب في خدمة الدنيوية أيضاً .

الرد: العالم يبحث في الفضاء الخارجي عن مواطن آخر وأنتم مازلتم في الميراث و الحجاب و الدولة و الأخلاق ، وكأن لا أخلاق إلا أخلاق المسلم، يا رجل أي نصراني و يهودي أشرف و أأمن من أي مسلم اليوم، هذا واقع لا تنظير. وما الغيب إلا ورقة بيضاء تخول العقل المسيطر لكتابة ما يراه صالحا للناس وهذه هب ميزة العلمانية، ولمن بثوب آخر.

4 – خلاصة :
العلمانيون - كما مر بنا سابقاً - يستدلون على علمانية الإسلام بدنيويته ، وبما حصل في التاريخ الإسلامي من ترف وبذخ وإقبال على الدنيا ، فهم بذلك يقرون بأن الدنيوية هي جوهر العلمانية ، وقد مر معنا كذلك كيف تؤكد دوائر المعارف والمعاجم الغربية على دنيوية العلمانية بما يغني عن الإعادة هنا .
لقد أشرنا - سابقاً - إلى أن الدنيوية ضاربة بجذورها في عمق التاريخ والحضارات ، وأن أكثر الأمم اختارت الحياة الدنيا على الآخرة ، ذلك لأن الحياة الدنيا حلوة خضرة وقريبة ، أما الآخرة فهي في منظور الإنسان العجول بعيدة غير مغرية كما تفعل الحياة الدنيا "متاع الغرور " .
والسؤال هنا : كيف نحدد عناصر الحضور والغياب في التعريف الذي نقترحه ؟ وهل الدنيوية مطلقاً تُوصَف بأنها علمانية ؟ أم أنها دنيوية ذات نسبة معينة ؟
والسؤال بعبارة أخرى : ما هو الحد الذي تتحول فيه الدنيوية إلى علمانية .
لقد أشرنا سابقاً إلى أن الشرائع السماوية فيها جانب دنيوي فهل هي بذلك علمانية ، أم تحتوي على نسبة معينة من العلمنة ؟
إن الدنيوية تتحول إلى علمانية عندما تتحول الوسيلة إلى غاية ، والممر إلى مقر ، وقد يعترض علينا هنا بأننا نتحدث بلهجة صوفية وعظية ، ولكن هذه هي الحقيقة سواء كانت في قالب صوفي وعظي أم حداثي معاصر ؟
عمارة الدنيا مرادة إلى أقصى الحدود ، ولكن على أن لا يؤدي ذلك إلى الفساد في الأرض ، كما يجب مراعاة أن الإنسان مؤتمن وليس مالكاً حقيقياً ، وأنه رضي بحمل الأمانة ، وكل ما يؤدي إلى الإخلال بحفظ الأمانة " الكون والطبيعة والإنسان ورسالته فيهما " فإنه انقلاب إلى دنيوية عضوض أي علمانية .

الرد: الله أكبر!!!!! معانا معانا ضدنا علماني، ههههه، حلوه.

الإنسان مُستَخلَف في الأرض ، وهذا يعني أنه لا يملك أن يضع لنفسه منهجاً في الحياة باستقلالية كاملة ، لأن المنهج وضعه المالك الحقيقي ، والسيد الحقيقي في هذا الوجود ، أما وظيفته هو فإنها تنحصر في أن يفهم المنهج بشكل صحيح وينزله على حياته كما أراد واضعه عز وجل . والفهم غير الوضع والإنشاء وإن كان الخطاب العلماني سينازع في هذا كما سنرى.

الرد: إن كان المالك الحقيقي وضع المنهج، فلماذا اختلف الناس فيه؟؟؟؟ ومن هذا الذي يفهم المنهج الصحيح؟؟؟؟؟


إن أي إنسان عاقل عندما يشتري جهازاً من شركة ما يقرأ النشرة المـرفقة معه والتي تُبيِّن كيفية استعماله ، وقراءة هذه النشرة توفر عليه جهداً ووقتاً يبذله في محاولته تشغيل الجهاز دون استعانة بالصانع . إن جهده المستقل قد ينتهي بالوصول إلى معرفة تشغيل الجهاز ولكن بعد جهد ووقت من التجريب والمحاولة ، ولكنه قد ينتهي أيضاً بإتلاف الجهاز وإعطابه .

الرد: فهل هذه النشرة يعمل عند أهل الإسلام أم أنه مطموس بعضه و منسوخ بعضه بكلام بشر و آراء بشر و أوامر ملوك و سلاطين ...الخ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

إن كل ممارسات الإنسان في هذا الكون لكي تبرأ من " الدنيوية العلمانية " يجب عليها أن تكون قائمة على مبدأ العبودية لله عز وجل ، والرغبة فيما عنده من الخير والسعادة ، ومنافية لمبدأي الكبرياء الزائف ، والعقلانية المتهورة القائمين على الاعتداد الأعمى بالذات والمنفعة العاجلة ، واللذة الزائلة ، والنظرة القاصرة على هذه الحياة الدنيا .

الرد: لكي يكون لك الحق في قول هذا يجب عليك أن تلتزمه أولا.

إن الاحتراز الوحيد الذي نضعه هنا لعله يجنبنا كثيراً من الانتقادات والإلزامات التي قد ترد علينا إزاء هذا التعريف هو أن العلمانية " الدنيوية " التي نقصدها تزيد وتنقص ، وتهبط وتصعد ، وأننا عندما نتحدث عن العلمانية التي تقارن الإلحاد والزندقة فإننا نقصد العلمانية في أعلى درجاتها . إن هذا يعني أن بعض الباحثين الحريصين على إسلامهم وإيمانهم ولكن تصدر منهم بعض الأفكار التي تخدم التوجه الدنيوي العلماني ، وتتحرك في داخل أسواره لا يمكن أن يوصفوا بأنهم علمانيين ، وإن كان يصح أن نصف أفكارهم المنحرفة بأنها أفكار علمانية . والله أعلم .

الهلال
11-15-2005, 12:17 AM
الأخ الفاضل أحمد إدريس الطعان, أحسنت وأحسن المعارض لو اكتفى بتكرار مقالك ولم يعلق.
ولعلّ ما كان منه تعليقا على مشاركة الأخ مجدي هو أفضل ما عنده.
فالرجل لمّا ضحك بانت نواجذه ولمّا تكلّم بانت ...ه.

معارض سياسي
11-15-2005, 09:43 AM
بسم الرحمن الرحيم

:)):

على الأقل أنا رديت، بعكس من كان يطالب هذا الأحمد ليل نهار بعرض العلمانية، فترك التعليق على ما جئنا به وجاء بأمر لا يحمل في طياته إلا التنظيرات الخالية من الدليل، ولو أرد أحمد أن يخرج من بوتقة التنظير و الخوض في أمهات المبادئ العملية للإسلام و التي هي بلا شك هي مطابقة للعلمانية لانفضح أمره. وغذا لناظرة قريب.

أما الطبالة فاستمروا في التطبيل فهذا قدركم وهذا ما تحسنوه فقط للأسف. :ANSmile:

قاهر
11-15-2005, 10:19 AM
الأخ فتى
صاحبك قلت عنه سابقاً


معترض سياسي لا يعرف عن العلمانية سوى أن أسمها علمانية
ولو أتينا له بتعريف أحد منظريها وقلنا له أرنا كيف لا يتعارض مع الإسلام ، سيحور ويدور مثل تلك الأعداد التي أقبلت وذهبت ولن يكمل رد أو ردين أن كان من أصحاب الردود الجادة
لذا يا معترض سياسي ، طرحك يدل على أنك لا تعرف عنها سوى أسمها

تابع ما يدور وتعلم كيف تكون علماني مستقبلاً :ANSmile:

وهذا الدليل
لقد ذهب إلى هذا الرابط ونسخ ما فيه لم يزد حرفاً ولم ينقص ، وليته أسند المكتوب إلى كاتبه
http://www.nadeena.com/modules/news/print.php?storyid=53 :41:


وحتى لا نظلم العلمانية جميع الرفاق الموجودين لا يعرفون عن العلمانية شيء بل يسيئون لها
أتمنى أن نجد علماني نحاوره فجميعهم على هذه الشاكلة ولعلكم تذكرون رفيقنا السابق
الذي سرق ولكن كان سارقاً ذكياً بعكس صاحبنا

معارض سياسي
11-15-2005, 10:57 AM
الأخ فتى
صاحبك قلت عنه سابقاً



وهذا الدليل
لقد ذهب إلى هذا الرابط ونسخ ما فيه لم يزد حرفاً ولم ينقص ، وليته أسند المكتوب إلى كاتبه
http://www.nadeena.com/modules/news/print.php?storyid=53 :41:


وحتى لا نظلم العلمانية جميع الرفاق الموجودين لا يعرفون عن العلمانية شيء بل يسيئون لها
أتمنى أن نجد علماني نحاوره فجميعهم على هذه الشاكلة ولعلكم تذكرون رفيقنا السابق
الذي سرق ولكن كان سارقاً ذكياً بعكس صاحبنا\

بسم الله الرحمن الرحيم

:)): :)): :)):
الأن أنت تدافع عن العلمانية؟؟؟؟ :)):
وتعرف عن العلمانية ما يعرفه أهلها؟؟؟ :)):

وما أدراك فقد أكون أنا هو ذات الشخص، أتعلم الغيب؟؟؟؟ :)):

هذا هو قدرك تتبع، يعني كلام حريم، ولكن أين نقاشاتك عن العلمانية و ردها؟؟؟؟ هذا حالك :28:

سلام يا مقهور.

قاهر
11-15-2005, 11:22 AM
\

هذا هو قدرك تتبع، يعني كلام حريم، .

هل صدقت الأن أنك تسئ للعلمانية ولا تعرف منها غير الأسم :thumbup:

مجدي
11-15-2005, 12:07 PM
الزميل معارض سياسي لم تقم بالرد على ما سألتك عنه . ام انت من الاعبين!
حتى الان لم تأتنا بتعريف العلمانية !
الذي قمت بالصاقه هو شرح ماهية العلمانية وليس مصطلح العلمانية .

معارض سياسي
11-15-2005, 12:35 PM
الزميل معارض سياسي لم تقم بالرد على ما سألتك عنه . ام انت من الاعبين!
حتى الان لم تأتنا بتعريف العلمانية !
الذي قمت بالصاقه هو شرح ماهية العلمانية وليس مصطلح العلمانية .
بسم الله الرحمن الرحيم

لماذا الشخص عندكم هو الأهم؟؟؟
كن موضوعي ورد على ما سطرنا.
تعريف العلمانية تجده في ثناية المقال وهو موجز ولو أردت أن تعرف حقيقة العلمانية لأجبت على سؤالي الذي يعطيك المجال على مصراعيه وهو ماذا يعيب الإسلام و أهله على العلمانية.

الأن هل تستطيع أن تخرج من جحرك الضيق المنصب على الشخصية وتتفرغ للإجابة على السؤال أو مناقشة ما جاء في المقال؟؟؟


حبي.

مجدي
11-15-2005, 01:27 PM
يا زميلي كنت اظن انك سترد بمثل هذه الكلمات ولذلك سالتك بعدها عن امور وهي :
انك تزعم ان العلمانية التي تنادي لها هي العلمانية الاسلامية وبعد سطور تقول علمانية العصور الوسطى!!!
التعريف يجب ان يكون جامع مانعا. ومن ضمن تعريفك لها فيه :

ورأى أن من شأن الدين أن يعنى بتنظيم العلاقة بين البشر وربهم ونادى بفصل الدين عن الدولة وبتنظيم العلاقات الاجتماعية على أسس إنسانية تقوم على معاملة الفرد على أنه مواطن ذو حقوق اذا هل تجيز الدولة العلمانية زواج المسلة من اليهودي؟ بالطبع وفق تعريفك يجوز ووفق الانظمة العلمانية كلها يجوز اما في الشرع فلا يجوز . هذا مثال بسيط .
ثم انك تتكلم عن العلمانية انها تعتبر الدين ينظم العلاقة بين البشر وربهم .
فهل الزكاة هي من تلك التي تنظم العلاقة بين العبد وربه ؟ ام عدم الاكل مما لم يذكر اس الله عليه ؟ ام تحريم الاشهر الحرم او الحرم المكي والمدني؟
هل توضح لنا ؟

matrixdefense
11-15-2005, 01:37 PM
الزميل العزيز معارض سياسي ..

رغم اني اختلف معك في العقيدة الا انني لا استطيع ان أمر دون تسجيل متابعتي واعجابي الشديد لطرحك الموضوعي واسلوبك الراقي .

واتمني ان تطول اقامتك هنا لانني لا اعتقد ان قنابل الصوت ستتركك وشأنك قبل ان يعييك الطنين وتترك المنتدي ليعلنوا انتصاراتهم المزيفة.

تحياتي.

معارض سياسي
11-15-2005, 01:56 PM
يا زميلي كنت اظن انك سترد بمثل هذه الكلمات ولذلك سالتك بعدها عن امور وهي :
انك تزعم ان العلمانية التي تنادي لها هي العلمانية الاسلامية وبعد سطور تقول علمانية العصور الوسطى!!!
التعريف يجب ان يكون جامع مانعا. ومن ضمن تعريفك لها فيه :
اذا هل تجيز الدولة العلمانية زواج المسلة من اليهودي؟ بالطبع وفق تعريفك يجوز ووفق الانظمة العلمانية كلها يجوز اما في الشرع فلا يجوز . هذا مثال بسيط .
ثم انك تتكلم عن العلمانية انها تعتبر الدين ينظم العلاقة بين البشر وربهم .
فهل الزكاة هي من تلك التي تنظم العلاقة بين العبد وربه ؟ ام عدم الاكل مما لم يذكر اس الله عليه ؟ ام تحريم الاشهر الحرم او الحرم المكي والمدني؟
هل توضح لنا ؟

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا ليس تعريفي يا أستاذ أرجو التركيز بدلا من التسرع في النقل، هذا تعريف الموسوعة السياسية.

أما بخصوص هل يجيز الزواج المسلمة من اليهودي، فالجواب نعم بنص القرآن ومنهجه الخطابي و العقلي.
أما الزكاة هل تظن أنها بين العبد و ربه؟؟؟ ههههه وهل الحكومة الدينية تأخذ الزكاة كما كان يفعل الرعيل الأول؟؟؟

أما عدم الأكل مما لم يذكر اسم الله عليه، فهل يذكر النصارى اسم الله علي ذبائحهم؟؟؟؟ وهل القرآن أمرك بأكل ذبائحهم أم لا؟؟؟ انطق!!!!!!!
أما تحرم الأشهر فغايته الحفاظ على البيئة وتخصيص المكي و المدني لأنها أصبحت صحراء يريد اخضرارها، كما تفعل قوانين عدم الصيد اليوم في المملكة.

وضح الأمر؟؟؟؟

حازم
11-15-2005, 01:57 PM
الزميل العزيز معارض سياسي ..

رغم اني اختلف معك في العقيدة الا انني لا استطيع ان أمر دون تسجيل متابعتي واعجابي الشديد لطرحك الموضوعي واسلوبك الراقي .

واتمني ان تطول اقامتك هنا لانني لا اعتقد ان قنابل الصوت ستتركك وشأنك قبل ان يعييك الطنين وتترك المنتدي ليعلنوا انتصاراتهم المزيفة.

تحياتي.
طيب رد على مواضيعك اولا يا شبح قبل ان تشجع غيرك . مش كده ولا ايه ؟ :39:

معارض سياسي
11-15-2005, 01:59 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

أخي matrixdefense
الاختلاف وارد ولا ضير هكذا علمنا القرآن، وشكرا على كلامك الصائب في كل حرف.

مجدي
11-15-2005, 07:28 PM
الزميل معترض يبدوا انك تتبع دين غير الاسلام الذي يعرفه الجميع . دين جديد اسمه دين معترض سياسي :

هذا ليس تعريفي يا أستاذ أرجو التركيز بدلا من التسرع في النقل، هذا تعريف الموسوعة السياسيةالم تقر بهذا التعريف وتشير اليه !!!!

هذه مشكلة ناقلي الاخبار الذين لا يفهما اي شيء يكتبوا !!!
اعرف انه تعريف الموسوعة الم تقرأ الرد الاول !!!!
لماذا وضعت هذا التعريف اذا كنت لا تقول به !!!
وان كنت تقول به فلماذا لم تجب عن السؤال .
واستغرب كيف تضع تعريف و تناقضه !!!! والمشكلة انك تحاول الدفاع عن فكرة التعريف بطريقة غريبة !!!.

أما بخصوص هل يجيز الزواج المسلمة من اليهودي، فالجواب نعم بنص القرآن ومنهجه الخطابي و العقلي.هل تعرف أحد سبقك بهذا الكلام !! انا أقول لك ان الاجماع عند كل المسلمين على ذلك . فهل تنقل لي ما ذكرت عن احد قبلك ؟
قد تقول اني لا اتبع احد فنقول لك لا تتبع احد ولكن الامر لا ان المحدث ليس من الاصل وانما هو اضافة عليه .

أما الزكاة هل تظن أنها بين العبد و ربه؟؟؟ ههههه وهل الحكومة الدينية تأخذ الزكاة كما كان يفعل الرعيل الأول؟؟؟ هل هذه اجابة!!!!


أما عدم الأكل مما لم يذكر اسم الله عليه، فهل يذكر النصارى اسم الله علي ذبائحهم؟؟؟؟ وهل القرآن أمرك بأكل ذبائحهم أم لا؟؟؟ انطق!!!!!!!هنا خالفت اية صريحة من القران !!!
ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه



أما تحرم الأشهر فغايته الحفاظ على البيئة وتخصيص المكي و المدني لأنها أصبحت صحراء يريد اخضرارها، كما تفعل قوانين عدم الصيد اليوم في المملكة.كلام غير صحيح لعدة اسباب:
الاول ان الاشهر الحرم تخهص القتال.
الحرم يخص الصيد .
المحرم هو المنوع من الصيد دون غيره فكيف تجعل الامر خاص بالبيئة؟
بالنسبة للأكل من ذبائح اهل الكتاب ففي القران ايضا ستثناء لهم وهم يذكروا اسم الله عليها اما ان عرفنا انهم لا يذكروا اسم الله عليه فلا نأكل من ذبائحهم .
وكذلك ان علمت ان مسلما لا يذكر اسم الله على ذبيحة وذكر غير اسم الله عليها فاني لا أكل منها شيء.

د. أحمد إدريس الطعان
11-15-2005, 10:29 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

العلمانية ما هي ؟
الأستاذ المعارض ....
مشكلتكم أنكم أنتم معشر العلمانيين تنظرون إلى الآخرين بمرآة مصغِّرة فترون الآخرين دائماً صغاراً ولذلك لن تتعلموا لأن المتكبر لا يمكن أن يتعلم ... أنتم تعتبرون أنفسكم النخبة المثقفة والمدللة والآخرون هم المتخلفون والظلاميون وووو الإرهابيون وووو وإذا كنت تعتقد أن المسلمين يقفون عند حد هذا التعريف بالعلمانية الذي ذكرته // فصل الدين عن الدولة أو السياسة /// فأنت واهم ويجب إذن أن تتواضع وتقرأ للباحثين المسلمين المعاصرين وتنظيراتهم الجديدة للعلمانية ...

الرد: سبحان الله تستفتح بتصغير خصمك وشخصنة الرد، فماذا تسمي هذا؟؟؟ رمتني بدائها وأنسلت!!!!!! أما تنظير المسلم المؤدلج لا قيمة له لأنه لم يتجرد، فلا يمكن أن يكون باحثا.

االطعان :
أنتم ليس فيها شخصنة وهذا شأن الخطاب العلماني بشكل عام .
أما عن التجرد الكامل فهذا لا يمكن لأحد أن يصل إليه المطلوب هو الاقتراب منه . فهو يفرق بين الجمهور على حد تعبير ابن رشد والفلاسفة أما الخطاب العلماني فيسمي جمهور الشعب والأمة بالقطيع أما هم فالنخبة الواعية ...!!!
ومن هنا فإن ما ذكرته أو ما اقتبسته أو ما نقلته أنت من تعريف للعلمانية وبدأت تبني عليه سينهد مباشرة إذا ما علمت أن العلمانية في المنظور الإسلامي لا تقف عند هذا الحد ... بل هي أوسع وأشمل من ذلك بكثير وذلك باعترافات العلمانيين أنفسهم ....

الرد: سبحان الله، كم من مرة طلبنا منك العرض، فأعرضت؟؟؟؟؟


عندما عزمت على دراسة ظاهرة العلمانية كان التعريف القابع في ذهني هو التعريف الشائع لها وهو " فصل الدين عن الدولة " ولما قرأت قليلاً ورأيت من يطرح تعريفاً جديداً هو " فصل الدين عن الحياة " ( ) ملت إليه وقلت هو هذا ..!!

الرد: وهل أنت الفرد الصمد من عزم؟؟؟؟؟ سبحان الله، مادح نفسه كذاب!!!

الطعان :
ليس في الكلام السابق مدحاً للذات بل هو وصف لواقع طبيعي يمر به كل باحث ... أخشى أن تكون عادت إليك الحساسية ؟



ومع طول المعايشة والمعاشرة للخطاب العلماني رأيت أن القضية أكبر من كونها قضية فصل ، وإنما هي في كثير من الأحيان أقرب إلى الجحود والنكران للأديان وقيمها ، فضعفت قناعتي بهذا التعريف ، وهذا لا يعني أن التعريف قد فقد قيمته عندي ، وإنما يعني أنه قاصر عن الحد الكامل ، وإن كان يغطي مرحلة من مراحل العلمانية أو حيِّزاً من رقعتها الشاسعة .

الرد: أين الحجود والنكران في العلمانية للأديان؟؟؟؟ هات الدليل!!!!

الطعان :
أكمل القراءة ...
تبادر إلى ذهني في وقت من الأوقات أن العلمانية هي إلغاء المقدس ، ولكن بعض العلمانيين أنفسهم يعتبرون المقدس نمطاً لوجود الإنسان ، وأن الإنسان يعيد إنتاج المقدس بأشكال جديدة وهو يمارس دنيويته ( ) وأن المقدس عنصر من عناصر الوعي ، وأن أقصى مظاهر الحداثة المعاصرة غارقة في المقدس ( ) ، وهو ما يعني أن العلمانية غارقة في مقدسات ، بل ووثنيات جديدة تخترعها كبديل للمقدس الديني ، بل وتضع آلهة جديدة ، وتقدم لها مراسم وقرابين وألوان من العبودية والخضوع ، وهو ما أشار إليه - آنفاً - رفيق حبيب ."" إن الأسطرة ملَكة ثابتة وعبر هذا فالإنسان المعاصر يساهم أيضاً وعبر حرتقاته العلمية الجديدة في صنع أساطيره "" ( ) ولذلك "" يمكن أن يُؤلَّف عمل كامل عن أساطير الإنسان الحديث "" ( ) .

الرد: كل هذا الإنشاء لا قيمة له دون الدليل عليه.

الطعان :
يبدو أنك لا تفرق بين الإنشاء والإملاء ألا تلاحظ علامات الإحالات ؟ !

قلت : فهي إذن " إنكار الغيب ، وإثبات المادة " بيد أن العلمانية لم تتمكن من الاستمرار في إنكار الغيب ، لأن الإيمان بالغيب لا بد منه ، فإذا لم يأت اختياراً جاء اضطراراً ، وهذا هو الواقع فالعلمانية تؤمن بغيبيات وميتافيزيقيات كثيرة مثل النيترونات ، والأنتيرونات ، والأثير أو السديم ، وغير ذلك من أشياء يقوم عليها العلم ولكنها افتراضية ، والإيمان بها ليس إلا ضرباً من ضروب الإيمان بالغيب ، وإن كابرت العلمانية وعاندت ( ) ، وهو ما يلفت النظر إليه جلال أمين عندما يذهب إلى أنه "" لا مفـر من اتخاذ موقف ميتافيزيقي ما ، والبدايات الميتافيزيقية هي التي تفضي إلى النتائج ، والمقولات المختلفة التي تكون أيديولوجية ما، والتي توجه السلوك الإنساني ، وهذا يعني أن العلمانية منظومة شاملة ورؤية للكون والطبيعة والإنسان تستند إلى ميتافيزيقا مُسبقة تطرح إجابات عن الأسئلة النهائية الكبرى ، فحالة الشك المطلقة ، الشك في كل المسلمات تجعل الحياة مستحيلة "" ( ) . "" فالغيبي مبدأ من مبادئ علم الاجتماع لا بد منه للمجتمع ولا يأتلف المجتمع ويكتمل إلا بمبدأ غائب عنه يرسم الحدود الفاصلة بين المقدس والدنيوي ( ) .

الرد: أين فحو كلامك هذا على العلمانية التي يمارسها الغرب؟؟؟؟؟ الكلام ليس عليه جمرك.

الطعان :
الغرب يسلك الطريق الذي تسلكه أنت ولكن الغرب عائد ، وأنت لا تزال في بداية الطريق ذاهباً .

قلت : إذن فالعلمانية هي " النسبية المطلقة " أو "" أن الإنسان هو ما يفعله "" ( ) كما طرح غير واحد منهم – على سبيل المثال - مراد وهبة ، ولكن المتأمل يرى كثيراً من المنظرين والمؤسسين للفكر العلماني لا يقولون بالنسبية المطلقة ، لأنهم يعتبرون آراءهم وفلسفاتهم حقائق مطلقة يجب على الناس أن يلتزموا بها ، ويسيروا على مقتضاها ، فالماركسيون – مثلاً - يعتبرون الماركسية هي الحقيقة المطلقة ، حقيقة الحقائق ، وكل العلـوم التي جـاءت قبلهـا كانت تمهيـداً لهـا ، وكـل مـا سيـأتي بعـدها يجب أن يكون شرحاً لها ( ) .

الرد: ما يطالب به العلماني هو ما يطالب به القرآن، فهل القرآن حقيقة مطلقة؟؟؟؟

الطعان :
القرآن يطالب بالإيمان والإسلام ويقرر البعث والحساب والجنة والنار والعلمانية في أصلها ومنبعها لا تقر بشيء من ذلك .
القرآن يريد الإذعان والعلمانية تريد الإنفلات ...
ولذلك مع أن النسبية المطلقة تستحوذ على حيز عريض جداً من النظرية العلمانية ، إلا أنها لا يمكن أن تكون حداً شاملاً لكل عناصرها وأسسها ، هذا بالإضافة إلى أن العلمانية نفسها تتحول إلى مطلق في نظر أصحابها وعلى الآخرين أن يتعلمنوا أو يُوصَمُوا بالجهل والظلامية والأصولوية .

الرد: وهل هذا يختلف عن موقع المتأسلمين السلفيين؟؟؟؟

الطعان :
المسلمون لا يعتبرون اجتهاداتهم حقائق مطلقة بدليل تنوعها وثراءها واعتماد أصقاع العالم الإسلامي لها بحسب اختلاف البلدان والأزمان ... أما المطلق فهو المبدأ العقدي الكلي الإيمان بالله واليوم الآخر والرسل والكتب والأنبياء والقدر وهو ما لا يخضع للاجتهاد وهو كلام رب العالمين . لاحظ أنني هنا لا أتحدث عن التفاصيل وإنما عن أصول العقائد وليس فروعها .


سمعت أحد العلماء الأجلاء( ) يؤكد مراراً على أن العلمانية هي الغنوصية فتأملت في هذا الحد فوجدته يغطي مساحة من مساحات العلمانية ، وحقلاً من حقولها وهو : التأويل ، حيث بالرغم من أن الغنوصية قائمة على العرفان ( ) ، والعلمانية - بحسب أصحابها - قائمة على العقل ، إلا أنهما يلتقيان في النتائج المترتبة عن " التأويل المنفلت " ، حيث نصل عن طريق التأويل العلماني والغنوصي المنفلتين إلى خلاصات ما أنزل الله بها من سلطان ، وفهوم تتجافى إلى أبعد الحدود مع النص ، فإن النص إذا كان في السماء فإن التأويل العلماني أو الغنوصي في أسفل الأرضين ، وإذا كان النص يتجه غرباً فإن تأويلهما يتجه شرقاً . وهكذا رأيت أن الجامع بين العلمانية والغنوصية هو " التأويل المنفلت " .

الرد: وما هو في رأيك التأويل الغير منفلت، هل مرجعه بشري عقلي أم ربابي سماوي؟؟؟

الطعان :
التأويل غير المنفلت هو ما يخضع لضوابط الاستباط المتفق عليها بين كل الأمم قبل أن تظهر الهرمينوطيقا والتفكيكية وما تلاهما . لماذا حين تمرض لا تذهب إلى المهنس لأنه غير مختص ... ولماذا حين تبني لا تذهب إلى الطبيب لأنه غير مختص لماذا تذهب في كل مهنة إلى أهلها ... لماذا فيما يتعلق بالقانون نكلف محامي أو قانوني يدافع عن حقوقنا في المحاكم ... ؟؟

ولكن لماذا حين يتعلق الأمر بالدين والاجتهاد نكون أمام كلأٍ مباح يرعى فيه كل الناس ؟؟ .


وسمعته أيضاً يعرف العلمانية بأنها " تنحية الأسئلة الكبرى " ولكن الذي بدا لي أن العلمانية بعد أن فشلت في الإجابة عن هذه الأسئلة اقترحت تنحيتها لأنها بدأت تُعكِّر عليها سيرورة العلمنة . وهذه التنحية كارثة من كوارث العلمانية على الإنسانية لأنها الأسئلة الجوهرية للإنسان ، بل هي محور إنسانيته ، والمعنى الصميم لهذه الإنسانية ، وتنحيتها حَطّم إنسانية الإنسان ، وجعله مادة بلا هدف ولا غاية ، يتقلب في ظلام الشك والحيرة ، وبدد له كل أمل في السعادة . ومن هنا رأيت أن تنحية الأسئلة الكبرى ليست تعريفاً للعلمانية وإنما نهاية من نهايات العلمانية ، بل يمكن اعتبار هذه التنحية : إشهاراً للإفلاس ، وإعلاناً للخيبة .

الرد: إلينا بتلك الأسئلة الكبرى التي أبعدتها العلمانية لكي لا تعكر سيرورة العلمنة؟؟؟

الطعان :
راجع : تاريخ الفلسفة الغربية لبرتراند رسل وكتاب // لماذا الدين ضرورة حتمية ؟ هوستن سميث //


استبطنت في مرحلة من مراحل البحث التعريف القائل بأن العلمانية "" رؤية مادية بحتة للوجود بما فيه "" ولكن تذكرت أن باركلي لم يكن مادياً فقد أنكر المادة واعتبرها موجودة لأنها مُدرَكة فقط، وأن هيوم أنكر الروح والمادة ولم يعترف بأية حقائق ضرورية ، وكذلك فإن جان جاك روسو كان ممثلاً للفلسفة المثالية ، ومع ذلك كان لهؤلاء جميعاً إسهاماً بارزاً في علمنة الفكر الأوربي .
هذا بالإضافة إلى - ما أشرنا إليه سابقاً - من أن العلمانية لم تتمكن من الاستمرار في المادية لأن العقل يؤكد وجود حقائق كونية ليست مادية يقوم عليها الوجود والعلم .
فالمادية سمة أساسية من سمات العلمانية ولكنها لا تُعبّر عنها تماماً وإن كان بروزها يكاد يجعل العلمانية تُختَزَل غالباً في هذه السمة .

الرد: حقائق الكون لا يدركها أحد إلا بالبحث والنتيجة نسبية، حالها كحال منهج الإسلام و تطوره التاريخي، ولا ضير علي من ينظر و يفكر ليصل، وليس هذا بدليل على العلمانية بل دليل على قدرة هذا الإنسان في النظر والبحث الأمر الذي تركه من يعتنق الإسلام بإدعاء الحقيقة المطلقة للكون.

الطعان :
المسلمون لم يتركوا البحث لأنهم يعتنقون مطلقية الحقيقة وإنما لعوامل أخرى بعضها خارجي وبعضها داخلي ليس هنا محل الخوض فيها ... إضافة إلى أن الحضارة ليست ملكاً لأحد لأنها ملك لكل الأمم وللمسلمين منها نصيب الأسد .
2 – أبرز الخصائص :
لقد استقر رأيي - ردحاً من الزمن - على أن العلمانية هي : "" أنسنة الإلهي ، وتأليه الإنساني "" ويتميز هذا الحد بأنه يجمع خصائص كثيرة للعلمانية في شطريه :
فالشطر الأول " أنسنة الإلهي " يحتوي على مقولة العلمانية في رفض المصدر الإلهي للأديان أو الوحي ، واعتبارها ظواهر اجتماعية وإنسانية تاريخية برزت ضمن ظروف ومعطيات معينة كما أراد فرويد وغيره . ويحتوي هذا الشطر أيضاً : على إلغاء أو تمييع كل المقدَّسات والمعجزات ، وإعادة تفسيرها تفسيراً إنسانياً اجتماعياً أو اقتصاديا أو مادياً ، أو نفسانياً واعتبارها مجرد خرافات وأساطير عفا عليها الزمن .

الرد: القرآن يقر هذه النظرية في قصة إبراهيم فترقبها قريبا. أي مقدسات، وأي معجزات؟

الطعان :
هذا دونه خرط القتاد ... !!

ويحتوي هذا الشطر أيضاً : على أنسنة الطبيعة والكون بمعنى تجريده من أية دلالات روحية أو كونية أو رمزية ، واعتبارها مواد للإنسان عليه أن يستثمرها في منفعته وأنانيته بشكل مطلق وإمبريالي دون أي اعتبار آخر ، مع رفض الدلالات الغيبية ، والإشارات الربانية التي تؤكد عليها الأديان جميعاً كمعالم للهداية ، باعتبار الطبيعة - في رؤيتها - كتاباً كونياً منظوراً إلى جانب الوحي المكتوب .

الرد: سبق و أن قلت أن العلمانية تؤمن بالغيب وهي مضطرة لذلك و الآن تقول ترفض الدلالات الغيبية؟؟؟؟ كيف؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وهذا كلامك: قلت : فهي إذن " إنكار الغيب ، وإثبات المادة " بيد أن العلمانية لم تتمكن من الاستمرار في إنكار الغيب ، لأن الإيمان بالغيب لا بد منه ، فإذا لم يأت اختياراً جاء اضطراراً ، وهذا هو الواقع فالعلمانية تؤمن بغيبيات وميتافيزيقيات كثيرة مثل النيترونات ، والأنتيرونات ، والأثير أو السديم ، وغير ذلك من أشياء يقوم عليها العلم ولكنها افتراضية ، والإيمان بها ليس إلا ضرباً من ضروب الإيمان بالغيب....

الطعان :
كل ما أخشاه أن تقرأ وأنت ناعس راجع النص بشكل جيد ستجد أنني قلت إن العلمانية أرادت إنكار الغيب ولكنها لم تتمكن من الاستمرار في ذلك . لقد فرض الغيب نفسه عليها .



ويحتوي هذا الشطر أيضاً : على الجهود التي تبذلها العلمانية لاستثمار الإلهي وتحويله إلى فكرانية ( ) بمعنى : "" تحويل الوحي إلى إيديولوجية "" ( ) . "" تحـويل الوحي ذاته إلى علم إنساني "" ( ) وذلك لتحقيق أغراض الإنسان وأطماعه ، وقد تجلى ذلك واضحاً في الفلسفة الفيورباخية ، وتبنى ذلك حسن حنفي من العلمانيين العرب – كما سنرى – ومعنى ذلك "" إلغاء الغيب كمصدر للمعرفة ، وقصرها على عالم الشهادة "" ( ) ويتم ذلك بالعقل والتجريب بعيداً عن الوحي .

الرد: هذا ما يقرن الإسلام و القرآن، ولكن ليس للعقل التابع ولكن للعقل المسيطر.

الطعان :
القرآن يفيض بعالم الغيب ويلح على عالم الآخرة // تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين //



وعلى مستوى العلاقة بين العلمانية العربية والنص القرآني فإنه يتجلى أيضاً دور الشطر الأول من التعريف حيث نجد نزعة الأنسنة سائدة لدى هؤلاء فكتب أركون كتابه " نزعة الأنسنة " وحاول نصر حامد أبو زيد وغيره استعادة القضية الكلامية القديمة التي ثار حولها جدل طويل ، وهي مسألة خلق القرآن في شكلها الاعتزالي ، وذلك من أجل تكريس إنسانية الوحي ومنتوجيته البشرية ، وسنفصل ذلك فيما بعد .

الرد: القرآن قد اختلف أهل الإسلام في نصية كلامه هل هو إلهي أم هو محمدي، بغض النظر عن مصدرية هذا الوحي أكان من الله الذي أوجده العقل المسيطر أم من الله الكائن في السماء وأي سماء ترى أو ربما الفضاء، فالمسلمون لم يحترموا هذا النص فأخذوا ينسخون هذه بهذا وأخذوا يعطلون هذه لهذه ...الخ حتى أصبح القرآن غنيمة كل ملك أراد أن يكون إلها، ولكن إلها لا كالأنبياء بل إلها نرجسيا.

الطعان :
هذا افتراء زائف ... فلم يختلف أحد من المسلمين على أن القرآن كلام الله عز وجل لفظاً ومعنى ومن يزعم ذلك يكون قد فارق الجماعة وركب متن الحماقة ... ولا يعني أن تتلقف قولا لا أصل له من بعض الكتب كما فعل أبو زيد وأضرابه حجة على أمة وأجيال حفظت كتاب الله عز وجل .


وأما الشطر الثاني من التعريف " تأليه الإنساني " فيتولى تغطية جوانب كثيرة أيضاً من خصائص العلمانية أهمها : النزعة الغرورية التي كرستها فلسفة نيتشة وداروين عبر " الإنسان الأعلى " و" البقاء للأقوى " والتي مورست عملياً من خلال حكام النازية والفاشية كما أشرنا سابقاً.


الرد: قد سبقهم سلاطين العرب والمسلمين بقرون.

الطعان :
بالتأكيد دليلك من ألف ليلة وليلة أو الأغاني ... أو الأقوال المطمورة من كتب التاريخ .



ويتضمـن هذا الشطر أيضاً : التركيز العلماني الدائم على مركزية الإنسان ، واستقلالية العقل ، وهذه الأخيرة تشكل بُعداً أساسياً في العلمنة حتى عُرِّفت بأنها لا سلطان على العقل إلا للعقل في تفسير الوجود . هذا الجزء يتكفل بالإشارة إلى هذا البعد ، حيث إن تأليه الإنسان يعني أن التفكير الإنساني مستقل عن الوحي ، بل يرقى إلى مرتبة الوحي ، ويحظى بنصيب من الألوهية . لقد بلغ الأمر بالفرنسيين بعد الثورة أن نصبوا تمثالاً وعبدوه سموه " إلاهة العقل " ( ).

الرد: الذي يوجد الشيء ويجعل الناس تنقاد إليه في مرحلة تاريخية معينة يحق له أن يكون هو الإله، وقد كفل الإسلام للعقل الحديث باسم الإله في التشريع و التقنين حسب ما تمليه الظروف العقلية للديمومة و الخلافة في الأرض.

الطعان :
العقل في الإسلام تابع للوحي وليس سابقاً له . ولذلك فهو عبد مطيع نبيه يصغي جيداً ليفهم الأمر . .


ويتضمن هذا الشطر أيضا : الإشارة إلى تأليه القيم الجديدة للعلمانية المتمثلة في حقوق الإنسان ، وترسيخ الفردية المطلقة ، والديمقراطية ، وحرية المرأة المطلقة ، ونسبية الأخلاق ، والعِلمانية – بالكسر - ، وكل ذلك ما هو إلا إحلال لمنظومة جديدة مؤلَّهة من القيم الإنسانية ، وإضفاء حالة من القداسة عليها ، بدلاً من الدستور الإلهي القائم على الوحي .

الرد: وهل القرآن و الإسلام لا يدعو لحقوق الإنسان؟؟؟
أما الفردية المطلقة فهي خاصة بذات الإنسان، كما أمر الله.
أما الديمقراطية أو الشورى ..الخ فهي في كتاب الله فهل تنكرها.
أما حرية المرأة المطلقة فهي حق شأنها شأن الرجل إن لم تيقد نفسه بعقود و عهود ومواثيق.
أما نسبية الأخلاق، فهل أنت كامل؟؟؟؟
أحلال منظومة جديد؟؟؟؟ إذا الإسلام لا حظ هل فيها؟؟؟
الوحي لم يأت من الله مباشرة لكل إنسان بل جاء عبر بشر مثلنا.


الطعان :
القرآن يدعو لحقوق الإنسان نعم ولكن هذه الحقوق ليست بيضاء ذات شعر أشقر


ويدعو إلى الفردية المتوازنة مع الأمة وليس إلى الأنانية .


أما الديمقراطية والشورى فلا ننكرهما ولكن للشورى تميزها وبعدها الديني أما الديمقراطية بالمفهوم الغربي فهي خاصة بنوع معين من الإنسان .

وأما الأخلاق فهي منظومة كاملة ومتكاملة في الإسلام والمثل الأعلى على المستوى البشري هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر .. الطعان :
نزول الوحي عبر البشر لا يجعله بشرياً لأن جلال الربوبية لا ينفك عن النص القرآني .

ويتضمن هذا الشطر أيضا : الإشارة إلى الجانب العبثي في العلمانية وهو بعد جوهري فيها ، ذلك لأن تأليه الإنساني يعني أن الإنسان الجسد هو المُؤلَّه ، لأن العلمانية لا تعترف إلا بالجسد ، وحاجات هذا الجسد الجنسانية والغرائزية تنال حظاً وافراً من الإجلال والقداسة - كما رأينا في الفصل الأول -إن تأليه الإنساني يعني تقديس المُدَنَّس والارتفاع به إلى مستوى الألوهية.

الرد: تأليه الجسد و حاجات جنسية وغرائزية، عجبا؟؟؟؟

الطعان :
هل قرأت للقمني أو الربيعو أو السواح أو سيدهم : فرويد وكلود ليفي شتراوس


أما البعد المادي في العلمانية فإن شطري التعريف يسهمان في تغطيته ، إذ إن أنسنة الإلهي تعني تحويل ما ليس بمادة إلى مادة ، أو بعبارة أخرى تدنيس المقدس والتعامل معه على هذا الأساس الدَّنِس . ثم يأتي الشطر الثاني ليضفي على المادة قداسة جديدة " تقديس المدنس " وتصبح المادة بهذا الشكل حالَّة محل الألوهية ، ويغدو كل ما سواها ضربٌ من الأساطير والأوهام . وهو ما سعت الفيورباخية والماركسية إلى تكريسه .

الرد: العقل لا يعترف إلا بالمادة، فإذا كان الله ليس بمادة فالعقل لا يدركه و لا يراه و يعلمه، تماما كما قال القرآن واصفا الله.
الطعان :
الله سبحانه وتعالى // ليس كمثله شيء // هذا عند المسلمين هو الأصل الذي ترد إليه كل الآيات المتعلقة بالذات الإلهية .
3 – العلمانية هي الدنيوية :
هذا التعريف الذي اقترحته وتحدثت عنه للتو ، وقلت إن رأيي استقر عليه ردحاً من الزمن لم يدم هذا له هذا الاستقرار ، مع أن خصائصه - كما أشرت - موزعة في التعريفات التي عرضناها سابقاً لكثير من الباحثين .
والسؤال هنا : " هل يمكن اختزال هذا التعريف أو التعـريفات المطروحة سابقاً بكلمة واحدة ؟
لقد سبق أن قلنا إن سيد محمد نقيب العطاس رأى أن اقرب كلمة تعبر عن العلمانية في المفهوم القرآني هي ما يعبر عنه القرآن بلفظ " الحياة الدنيا "، وإن لم يقترح ذلك كتعريف للعلمانية ، ورأينا كذلك أن العلمانية تُرجمت في مصادرها الأجنبية على أنها " العالمانية " أو " الدنيوية " أو " الدهرية " وكتب جمال الدين الأفغاني كتابه " الرد على الدهريين " يرد فيه على العلمانيين المعاصرين له .
وما أريد أن أقوله هنا : هو أن " الدنيوية " ليست مجرد ترجمة لغوية للعلمانية ، وأعني أن العلمانية يمكن أن تُعرَّف تعريفاً جامعاً مانعاً - فيما أرى - بكلمة واحدة هي : " الدنيوية " .
إن هذا التعريف - كما يبدو لي - لا يكاد يغادر صغيرة ولا كبيرة من مقولات العلمانية وخصائصها إلا ويطويها في داخله ، وإن نظرة سريعة في تاريخ العلمانية وأسسها وجذورها ، وأبعادها وتجلياتها سوف تبين أن الدنيوية هي الهم الأول ، والهاجس الأساسي ، بل الوحيد الذي تدور عليه العلمانية .
فالمادية ، واللامادية ، والمثالية ، والعقلانية ، والعِلمانية ، والتطورية ، والجنسانية ، والأنسنة ، والحرية ، والديمقراطية ، وحقوق الإنسان ، والعنصرية ، والفردية ، كل هذه العناصر التي أفرزتها العلمانية عبر تاريخها الطويل أُريدَ منها أن تحقق للإنسان السعادة في هذه الحياة الدنيا دون أي اعتبار آخَر ليوم آخِر ، والسعادة المقصودة هنا هي أقصى قدر ممكن من اللذة والمتعة .
وهنا يمكن أن يتبادر إلى الذهن سؤال وهو : أن الشرائع السماوية أيضاً قصدت تحقيق السعادة للإنسان في الحياة الدنيا فهل الأديان منخرطة على هذا الأساس في تيار العلمانية ؟
والإجابة : أن الشرائع الإلهية تربط سعادة الدنيا بالسعادة في الآخرة ، لذلك فسعادة الإنسان في الحياة الدنيا بمنظور الشرائع الإلهية ألا ينخرط في الملذات والشهوات والمُتع دون ضوابط وحدود لأن هذا سينغص سعادته في الآخرة .

الرد: هذا صحيح والقرآن يقول هذا أيضا و إلا لماذا الاستخلاف في الأرض؟؟؟؟ أما شرطك الأخير بعدم الاعتبار باليوم الآخر، فإن حدث هذا فلن يكون هناك حياة ولا نظام بل فوضى عارمة، فهل ترى هذا في الغرب العلماني أم تراه في علمنا الإسلامي؟؟؟؟


الطعان :
هو بدأ في الغرب وهو يناضل ليبثه في عالمنا الإسلامي لكي يصيبنا ما أصابه من بؤس وشقاء.


لقـد تركت هذه الدنيوية العلمـانية أثرها حتى على الإسلاميين ، فأصبحنا نُبرز كثيراً عناية الإسلام بالحياة الدنيا ، ودعوته إلى عمارتها ، والاستمتاع بالطيبات منها ، ونتغاضى - مجاراة للعلمانيين - عن أن الإسلام في الأصل يدعو الناس إلى الآخرة عبر ممر الدنيا ، وهذا لا يعني تخريب الدنيا ، وإنما يعني التطلع إلى المستقبل الأبدي ، وليس إلى الحياة العاجلة ، وهذا ليس من شأنه أن يجعلنا نهمل عمارة الحياة الدنيا ، وإنما من شأنه أن يُهذِّب نفوسنا ويسموَ بها عن الأنانية ، ويطهرها من السخائم والعداوات والتنافس على المتاع الزائل والحطام الفاني .

الرد: لو أنكشف لك ما تحت الجبة في عالمك الإسلامي و العربي لأدركت أنك في الجحيم.
الطعان :
لقد أوهموك ذلك .
وهنا يجدر بنا أن نتذكر قول أحد أقطاب الصوفية كتلخيص لموقف الإسلام من الحياة الدنيا " أن تكون الدنيا في يدك وليس في قلبك " وهذا بعكس العلمانية التي تريد أن تمزج الدنيوية بكل ذرة من ذرات الجسد الإنساني ، وتغرسها في صميم قلبه ، وتجعلها الملاذ الوحيد ، والمعشوق الوحيد ، والغاية النهائيـة للإنسان ، ولا يخفى ما في ذلك من تكريسٍ للتنافس الأعمى بين البشر دولاً وأفراداً ، وهو ما نعايشه اليوم ، لأن البقاء للأقوى ، وساحة البقاء في المنظور العلماني قاصرة على هذا العالم المحسوس فقط .

الرد: هذا محض إفتراء، ونصرة لمنهجك الذي بات مع الأموات. وهل نسيت ما فعله أهل الإسلام الأول من إمبريالية واحتلال و استغلال للأوطان و الإنسان باسم الله و رسوله؟؟؟؟
الطعان :
تاريخ الإسلام مجد وفخار في جبين التاريخ وتحريفات القمني وفرج فودة والجيش الاستشراقي لا تغير الحقيقة .
وتتجلى الدنيوية واضحة في الممارسات التأويلية التي تشتغل على النص القرآني فتحاول دائماً أن تحد من سلطانه الإلهي ، وتبرز دائماً ما يؤكد على الاعتبارات الدنيوية في مسائل الميراث ، والمرأة ، والحجاب ، والدولة والأخلاق ، ويُبرَّر ذلك بمبررات دنيوية محضة مثل : مواكبة العصر ، ومسايرة التحضر ، وتطور الفكر . والنموذج الذي يُحتذى في كل ذلك هو الغرب ، فكل ما عنده أصبح معيار التطور والتحضر والتقدم ، وتغفل هذه الممارسات أو تتنكر للجانب الغيبي الأخروي الذي يشكل الحيِّز الأكبر من الرسالة القرآنية ، وفي حالات متطرفة فإنها تقوم بعملية مسخ وتشويه لهذا الجانب عن طريق " التأويل المنفلت " لتجعله يصب في خدمة الدنيوية أيضاً .

الرد: العالم يبحث في الفضاء الخارجي عن مواطن آخر وأنتم مازلتم في الميراث و الحجاب و الدولة و الأخلاق ، وكأن لا أخلاق إلا أخلاق المسلم، يا رجل أي نصراني و يهودي أشرف و أأمن من أي مسلم اليوم، هذا واقع لا تنظير. وما الغيب إلا ورقة بيضاء تخول العقل المسيطر لكتابة ما يراه صالحا للناس وهذه هب ميزة العلمانية، ولمن بثوب آخر.

الطعان :
العالم المتحضر الذي يبحث في الفضاء عن أناس آخرين يفعل ذلك على حساب ملايين الجوعى والنائمين في الأقبية والشوارع والمقابر .... وعلى حساب ملايين الهلكى في إفريقيا وآسيا ...

لقد امتص العالم الغربي خيرات الشعوب ودفعت له الأمم الثمن الذي يترهل اليوم به ويبذخ به ... ولكن لن يدوم الأمر طويلاً ..
عليه أولاً قبل أن يبحث في الفضاء أن ينقذ البشر أم أنها حضارة البقر ..



4 – خلاصة :
العلمانيون - كما مر بنا سابقاً - يستدلون على علمانية الإسلام بدنيويته ، وبما حصل في التاريخ الإسلامي من ترف وبذخ وإقبال على الدنيا ، فهم بذلك يقرون بأن الدنيوية هي جوهر العلمانية ، وقد مر معنا كذلك كيف تؤكد دوائر المعارف والمعاجم الغربية على دنيوية العلمانية بما يغني عن الإعادة هنا .
لقد أشرنا - سابقاً - إلى أن الدنيوية ضاربة بجذورها في عمق التاريخ والحضارات ، وأن أكثر الأمم اختارت الحياة الدنيا على الآخرة ، ذلك لأن الحياة الدنيا حلوة خضرة وقريبة ، أما الآخرة فهي في منظور الإنسان العجول بعيدة غير مغرية كما تفعل الحياة الدنيا "متاع الغرور " .
والسؤال هنا : كيف نحدد عناصر الحضور والغياب في التعريف الذي نقترحه ؟ وهل الدنيوية مطلقاً تُوصَف بأنها علمانية ؟ أم أنها دنيوية ذات نسبة معينة ؟
والسؤال بعبارة أخرى : ما هو الحد الذي تتحول فيه الدنيوية إلى علمانية .
لقد أشرنا سابقاً إلى أن الشرائع السماوية فيها جانب دنيوي فهل هي بذلك علمانية ، أم تحتوي على نسبة معينة من العلمنة ؟
إن الدنيوية تتحول إلى علمانية عندما تتحول الوسيلة إلى غاية ، والممر إلى مقر ، وقد يعترض علينا هنا بأننا نتحدث بلهجة صوفية وعظية ، ولكن هذه هي الحقيقة سواء كانت في قالب صوفي وعظي أم حداثي معاصر ؟
عمارة الدنيا مرادة إلى أقصى الحدود ، ولكن على أن لا يؤدي ذلك إلى الفساد في الأرض ، كما يجب مراعاة أن الإنسان مؤتمن وليس مالكاً حقيقياً ، وأنه رضي بحمل الأمانة ، وكل ما يؤدي إلى الإخلال بحفظ الأمانة " الكون والطبيعة والإنسان ورسالته فيهما " فإنه انقلاب إلى دنيوية عضوض أي علمانية .

الرد: الله أكبر!!!!! معانا معانا ضدنا علماني، ههههه، حلوه.
الطعان :
// أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون //
الإنسان مُستَخلَف في الأرض ، وهذا يعني أنه لا يملك أن يضع لنفسه منهجاً في الحياة باستقلالية كاملة ، لأن المنهج وضعه المالك الحقيقي ، والسيد الحقيقي في هذا الوجود ، أما وظيفته هو فإنها تنحصر في أن يفهم المنهج بشكل صحيح وينزله على حياته كما أراد واضعه عز وجل . والفهم غير الوضع والإنشاء وإن كان الخطاب العلماني سينازع في هذا كما سنرى.

الرد: إن كان المالك الحقيقي وضع المنهج، فلماذا اختلف الناس فيه؟؟؟؟ ومن هذا الذي يفهم المنهج الصحيح؟؟؟؟؟

الطعان :
لأن الاختلاف رحمة والشارع ترك مساحة للاختلاف ولكنه لم يترك مساحة للعب والعبث .
أما من يعرف ذلك فهم أهل الاختصاص مثل أي اختصاص في الدنيا.

إن أي إنسان عاقل عندما يشتري جهازاً من شركة ما يقرأ النشرة المـرفقة معه والتي تُبيِّن كيفية استعماله ، وقراءة هذه النشرة توفر عليه جهداً ووقتاً يبذله في محاولته تشغيل الجهاز دون استعانة بالصانع . إن جهده المستقل قد ينتهي بالوصول إلى معرفة تشغيل الجهاز ولكن بعد جهد ووقت من التجريب والمحاولة ، ولكنه قد ينتهي أيضاً بإتلاف الجهاز وإعطابه .

الرد: فهل هذه النشرة يعمل عند أهل الإسلام أم أنه مطموس بعضه و منسوخ بعضه بكلام بشر و آراء بشر و أوامر ملوك و سلاطين ...الخ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

الطعان :
بيضاء نقية كمثل المحجة البضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك .


إن كل ممارسات الإنسان في هذا الكون لكي تبرأ من " الدنيوية العلمانية " يجب عليها أن تكون قائمة على مبدأ العبودية لله عز وجل ، والرغبة فيما عنده من الخير والسعادة ، ومنافية لمبدأي الكبرياء الزائف ، والعقلانية المتهورة القائمين على الاعتداد الأعمى بالذات والمنفعة العاجلة ، واللذة الزائلة ، والنظرة القاصرة على هذه الحياة الدنيا .

الرد: لكي يكون لك الحق في قول هذا يجب عليك أن تلتزمه أولا.

أحاول إن شاء الله عز وجل .

إن الاحتراز الوحيد الذي نضعه هنا لعله يجنبنا كثيراً من الانتقادات والإلزامات التي قد ترد علينا إزاء هذا التعريف هو أن العلمانية " الدنيوية " التي نقصدها تزيد وتنقص ، وتهبط وتصعد ، وأننا عندما نتحدث عن العلمانية التي تقارن الإلحاد والزندقة فإننا نقصد العلمانية في أعلى درجاتها . إن هذا يعني أن بعض الباحثين الحريصين على إسلامهم وإيمانهم ولكن تصدر منهم بعض الأفكار التي تخدم التوجه الدنيوي العلماني ، وتتحرك في داخل أسواره لا يمكن أن يوصفوا بأنهم علمانيين ، وإن كان يصح أن نصف أفكارهم المنحرفة بأنها أفكار علمانية . والله أعلم .

معارض سياسي
11-16-2005, 07:46 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

الآن....

نريد نقاط محورية لا تنظير وأحكام خالية من الدليل العملي و العقلي.

فالمقارنة بين الإسلام و العلمانية لا يمكن كشفه إلا بالمقارنة للمبادئ و الأفكار العامة و الفرعية.

هل يوجد أحد؟

مجدي
11-16-2005, 11:07 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

الآن....

نريد نقاط محورية لا تنظير وأحكام خالية من الدليل العملي و العقلي.

فالمقارنة بين الإسلام و العلمانية لا يمكن كشفه إلا بالمقارنة للمبادئ و الأفكار العامة و الفرعية.

هل يوجد أحد؟
يا زميلي ان جئت للعب فابحث عن مكان أخر!!!!
حتى الان لم تتكلم شيء عن العلمانية واظنك لا تعرف الاسلام اصلا .
ففارق كبير بين اتباع الاسلام واتباع الهوى . لم تجب على شيء مما سألناك عنه بشكل يبين انك جاد بالطرح !!!

الكلام عن العلمانية في الاسلام هو كلام فارغ من عدة نواح :
الاول ان الاسلام هو الاصل فان وافقته العلمانية بشيء فلا يتغير الاسلام وانما يقال ان العلمانية وافقت الاسلام .
اما وصف الاسلام بانه دين علماني فهذا امر لا يقول به الا امثالك ممن يزعم اتباع كتاب الله وهو لا يعلمه جيدا . الدليل على ذلك مخالفتك للاية الصريحة المجمع على العمل بها بين كل المسلمين بحرمة الاكل مما لم يذكر اسم الله عليه .
الثاني . ان كل من عرف العلمانية بمذاهبها الفكرية اجمعوا ان العلمانية تعني عدم الاحتكام لامر الدين في امور الحياة العامة . فعندهم يجوز نكاح المسلمة من البوذي واليهودي كما تعتقد انت . وهذا خلاف كتاب الله الذي ينهى عن ذلك .
وعندهم ان الدين غير معتبر الا من خلال اتفاق الناس على الشيء . فالاجازات تقوم على اساس الاغلبية فالدول النصرانية تعطل السبت والاحد والمسلمة تعطل الجمعة وكذا الاعياد الرسمية في الدولة كاعياد رأس السنة والفطر .
اي ان التزامهم بمباديء دينية معينة انما هو تبعا للعلمانية في اخذ راي الاغلبية .
ثالثا . في العلمانية يمكن ان يغير كل حكم في الدولة بدون حدود . فيمكن ان يباح البغاء بأشكاله . ويسمح بالاتجار بالجنس . ويسمح بضرر الناس الذين لا ينتمون الى البلد ان كان في مصلحة أهل البلد (مصلحة مادية) وتعتبر المواطنة اساس الحق في البلد من امتلاك للاراضي والمصالح ...الخ بينما يمنع ذلك في الاسلام

معارض سياسي
11-16-2005, 01:14 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الآن....

نريد نقاط محورية لا تنظير وأحكام خالية من الدليل العملي و العقلي.فالمقارنة بين الإسلام و العلمانية لا يمكن كشفه إلا بالمقارنة للمبادئ و الأفكار العامة و الفرعية.

هل يوجد أحد؟



نكرر لمن لم ير، كفى لعبا.

د. أحمد إدريس الطعان
11-16-2005, 05:00 PM
الأستاذ المعارض لا داعي لاستعراض العضلات فلسنا في حلبة ملاكمة ....
وما ذكرته سابقاً أنت لم ترد عليه للأسف ... لعلك كنت تمزح .. وما تخبئه لنا يهد الحيل !!


أسلمة العلمانية :
هناك ثلة من المفكرين يسعون إلى أسلمة العلمانية ، وذلك من أجل الحصول على مشروعية لاستيرادها أو جواز عبور لمرورها ، وبطاقة إقامة لها في العقل المسلم ، ولذلك تحاول تعريفاتهم وتنظيراتهم أن تردم الهوة ، أو على الأقل تقوم بتمويهها بين الإسلام والعلمانية .
فالعلمانية عند نصر حامد أبو زيد ليست مروقاً أو كفراً أو إلحاداً وإنما هي "" التأويل الحقيقي والفهم العلمي للدين ، وليست ما يروج له المبطلون من أنها الإلحاد الذي يفصل الدين عن المجتمع والحياة "" ( ) ، باختصار إن العلمانية عند نصر حامد هي التأويل . وسوف نجد أن التأويل يحتل المساحة الرئيسة في الفكر العلماني .
وإذا كان نصر حامد يبرئ العلمانية من الإلحاد ويعتبرها الفهم الحقيقي للدين فإن محمود أمين العالم يذهب إلى أكثر من ذلك عندما يأمل أن تكون العلمانية منطلقاً صالحاً للتجديد الديني نفسه بما يتلاءم ومستجدات الواقع . ذلك لأن العلمانية عنده هي : رؤية وسلوك منهج . وهذه الرؤية تحمل الملامح الجوهرية لإنسانية الإنسان ، وتعبر عن طموحه " الثنائي " الروحي والمادي للسيطرة على جميع المعوقات التي تقف في طريق تقدمه وسعادته وازدهاره ( ) .
ولكن إذا كان كل المنظرين للعلمانية إسلاميين وعلمانيين يتفقون مع أمين العالم على أن العلمانية تعبر عن الطموح المادي للإنسان وتتطرف في هذا إلى حد التأليه للمادة ، فإنه لا أحد يتفق معه على أن العلمانية تعبر عن الطموح الروحي للإنسان ، فالعلمانية لا تعترف بالروح أصلاً ، وإذا اعترفت بها فإنها تحولها إلى مادة وتتعامل معها على هذا الأساس ، إن العلمانية تُهْدِر الجانب الروحي في الإنسان ، وتُهدر المقاصد الروحية له ، وتُلغي كل ما تطمح الروح إليه من خلود وعبودية وسعادة دائمة .
أما د. حسن حنفي فالعلمانية عنده مصطلح وافد ، وبما أنه كذلك فإن الرفض هو ما سيواجَه به ، فلماذا لا ندع إلى الإسلام الحقيقي ، والإسلام الحقيقي هو إسلام علماني في جوهره لا حاجة له إلى علمانية زائدة عليه مستمدة من الخارج ( ) .
نلاحظ أن حسن حنفي لا يرفض مضمون العلمانية ، وإنما يرفض المصطلح لأنه بضاعة المستعمر ، ولكن المضمون أيضاً بضاعة المستعمر ، ولا يكفي أن نلبسه لباساً إسلامياً ، أو نعطيه صبغة ذاتية . إن الثقافة الغازية يراد لها أن تتمكن في ذواتنا ولكن من أجل التخلص من عقدة النقص نضفي عليها غطاءً إسلامياً ، وتبريراً فكرانياً ، ونطلق على الإسلام بأنه دين علماني في جوهره .
إنها نفس النتيجة التي يصل إليها د. عابد الجابري فالمصطلح مثقل بالأفكار والمعاني الغربية الوافدة ، والتي تدفع إلى ردة فعل لدى الإسلاميين تجعلهم يسارعون إلى رفضه ، والمصطلح البديل لديه هو : الديمقراطية والعقلانية "" فالديمقراطية تعني حفظ الحقوق ، حقوق الأفراد والجماعات ، والعقلانية تعني الصدور في الممارسة والسياسة عن العقل ومعاييره المنطقية والأخلاقية وليس عن الهوى والتعصب وتقلبات المزاج "" ثم يضيف الجابري : "" بأنه لا الديمقراطية ولا العقلانية تعنيان بصورة من الصور استبعاد الإسلام "" ( ) . فهو أيضاً لا يرفض مضمون العلمانية وإنما يرفض الشعار لأنه شعار مزيف ملتبس يجب استبعاده من قاموس الفكر العربي ( ) . والعقلانية الجابرية باعترافه هي على النقيض من سيرة السلف الصالح لأن عقلانيتهم تقوم على مبدأ أن الدنيا قنطرة الآخرة وهو منطق قد أدى وظيفته يوم كان العصر عصر إيمان فقط ، وليس عصر علم وتقنية وأيديولوجيا وهو ما يعني إذن أن الإيمان يتناقض مع العلم والتقنية ( ) .
ولكن يقال هنا بأن الديمقراطية والعقلانية " المطلقة " كلاهما مصطلحان وافدان والخلاف بشأنهما بين الإسلاميين والعلمانيين لا يقل عن الخلاف بشأن العلمانية . ولذلك لم يحاول حسين أمين أن يرفض المصطلح بل إن المصطلح ومضمونه لا يناقضان الإسلام ، لأن العلمانية تولي الحياة الدنيا اهتماماً أكثر مما تفعل المسيحية ولذلك وقعت في صدام معها ، أما الإسلام فإنه يهتم بالحياة الدنيا ويعطي لكل من الدارين نصيبهـا ( )  يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ( ) و وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيا ( ) قلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ  ( ) .
ولكن نسي أنه ينقض رؤيته هذه عندما يعرف العلمانية بأنها : "" محاولة للاستقلال ببعض مجالات المعرفة عن عالم ما وراء الطبيعة وعن المسلمات الغيبية "" ( ) ، ذلك لأن الإسلام يرفض أن يستقل العقل عن الوحي في أهم الأسئلة التي تواجه الإنسان ، إنها الأسئلة المصيرية الكبرى التي تتعلق بالغيب .
وعلى كل حال يسعى أغلب العلمانيين العرب لكي يؤسلموا العلمانية ، ويجعلوها متحالفة مع الدين ، أو أن الدين علماني في جوهره ""الكلام على العلمانية لا يعني ألبتة نفي الدين بما هو إرث وتاريخ وتجربة أي بما هو حقيقة واقعة لا مجال لإنكارها وتجاوزها "" ( ) "" ولكن لا يخلو هذا التنظير في كثير من الأحيان عن التناقض فعلى سبيل المثال : يقول د. فتحي القاسمي "" إن العلمانية تصور وضعي لمختلف أنشطة الإنسان بعيداً عن التأويلات المفارقة"" ثم يقول مباشرة ""وليس في ذلك بالضرورة تحامل على الدين "" ( )، ثم يقول في نفس الصفحة "" لقد جعلت العلمانية الدين في وضع جديد ، يسوده الحرج ، ولم تلغه ، وإنما قيدت مجال نشاطه "" ( ) .
إن كلام القاسمي هذا يعبر عن سذاجة أو استيذاج للآخرين ، لأن آخر الكلام ينقض أوله فعندما تكون العلمانية تصور وضعي ، والدين قرار إلهي ، والعلمانية تصور مادي ، والدين فيه مساحة واسعة للغيب ، أو ما يسميه " التأويلات المفارقة " فكيف لا تكون العلمانية في هذه الحالة متحاملة على الدين ؟
وكذلك عندما يطرح الدين رؤيته الشاملة للوجود ، ومنهجه الكامل للحياة ، فتحد العلمانية من هذه الرؤية وترفض هذا المنهج ، وتضع الدين في وضع حرج ، وتقيد فاعليته ، كيف لا تكون متحاملة على الدين في هذه الحالة ؟ وكيف لا تكون - العلمانية - كذلك وهي بنظر القاسمي نفسه تَعتَبر المقولات الثابتة للدين متطرفة مهترئة لا يصدقها العقل ( ) .
وبالرغم من هذا التناقض الواضح يظل هؤلاء يصرون على أن الإسلام دين علماني كما طرح حسن حنفي ( ) والجابري ( ) ونصر حامد أبو زيد ( ) وحسين أحمد أمين ( ) وعبد المجيد الشرفي ( ) وفتحي القاسمي ( ) ومحمد أركون ( ) وطيب تيزيني ( ) وطارق حجي ( ) ولكن كيف يكون الإسلام ديناً علمانياً عند هؤلاء ؟
أ - لأنه اهتم بالحياة الدنيا كما سبق ورأينا عند حسين أحمد أمين ( ) ، ولأنه لم يعرف في تاريخه كنيسة أو نظاماً كهنوتياً ، ولم يحكر المعرفة والنظر على أحد ( ) . ولأن النبي  كان ملِكاً وعاش ملكاً ، ومات ملكاً ، وحبب إليه من الدنيا ثلاث النساء والطيب والصلاة وانخرط في الواقع الدنيوي المعيش . ( ) وقال للناس : " أنتم أعلم بشؤون دنياكم " ( ) .
ب - ولأنه قاصر على الأخلاق والقيم ، وليس فيه نظام سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي عند طـارق حجي ( ) ، أو بتعبير طيب تيـزيني ومحمد سعيد العشماوي لأنه دين الهداية والرحمة ، وليس دين العلم والتشريع ( ) ، أو بتعبـير آخر للتيزيني لأن القـرآن "" يقـول كل شيء ولا يقول شيئاً "" لأنه كتاب مودة وأخلاق ( ) . أو لأن القرآن على حد تعبير محمد أركون "" مجازات عالية "" ومن الوهم اعتقاد الناس بتحويل هذه التعابير المجازية إلى قانون فعال ، أو شريعة واقعية ( ) .
ج - ولأنه تخلص من أقوى أعراض المقدس : الأسرار والمعجزات ، وأعلى من قيمة العقل حتى تُكُلِّم عن معقولية الشريعة وهذا يعني أن بوادر العلمنة تكمن في داخله ( ) .
د - ولأن الإنسان هو محور الكون في القرآن ، فقد ذُكر في خمس وستين آية ، والدنيا ذُكرت في مائة وخمسٍ وعشرين مرة ، وهي ليست إفلاساً كما يصورها المغالون وإنما هي مليئة بالطيبات والخيرات ، والقطوف الدانية . ( ) .

المقولات العلمانية السابقة والتي من خلالها يتوصل العلمانيون إلى القول بأن الإسلام دين علماني ويقبل العلمنة تتركز حول المحاور التالية :
أولاً : أن الإسلام اهتم بالحياة الدنيا .
ثانياً : جعل الإنسان مركزياً في هذا الكون .
ثالثاً : تخلص من المقدس .
رابعاً : تخلص من المعجزات .
ووقبل الشروع في مناقشة المحاور الآنفة لا بد أن أشير إلى أن الأمة لو أعرضت بأكملها عن الإسلام واختارت العلمانية ، وانغمست في الدنيوية فإن هذا لا يعني أن الإسلام دين علماني ، لأن الحكم على الإسلام لا يأتي من خلال قبول الناس له أو عدم قبولهم ، وإنما يأتي من خلال مبادئه ومثله ورؤيته التي يطرحها في مصادره .
ونناقش المحاور الأربعة السابقة بعون الله عز وجل فنقول :
أولاً : لقد أوْلى الإسلام بالفعل عناية بالحياة الدنيا ولكن بقدر ، ويبدو أن الإسلام يبالغ في الاهتمام بالحياة الدنيا إذا ما قُورن بالمسيحية المزوّرة التي دعت إلى الرهبنة ، وتطرفت في قمع الفطرة الإنسانية المحتاجة إلى البلاغ في طريق الآخرة .
ولكن المغالطة العلمانية تقوم على الإغفال والإبراز :
فيستدل العلماني بأن الدنيا ذُكرت في القرآن 115 مرة وهذا يعني أن الدنيوية " العلمانية " لها أصولها القرآنية وهذا هو الإبراز ، أما الإغفال فيقوم على طمس وتجاهل أن الدنيا عندما ذُكرت في القرآن غالباً تذكر بالذم والامتهان والتحذير من بهرجها وزخرفها ، وأن المستدل بالآيات يغالط دون أن يخجل بل إنه عندما يقول : إن الدنيا ليست في القرآن مصدر إفلاس كما يصورها المغالون ، يعلم أنه يتجافى عن الحقيقة وهي إلى جواره ، لأنه لو تأمل في الآيات التي قام بإحصائها لوجد أن القرآن هو الذي يحكم على الحياة الدنيا بأنها  مَتَاعُ الْغُرُورِ ( ) و هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ( ) وليس المغالون .
إن الأصل في دعوة القرآن هي الآخرة  وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ( ) والدنيا بُلْغة إلى الآخرة ، ووسيلة لا بد من الأخذ بها، ولا بد من الإعمار والقيام بالأمانة ، ولكن الآخرة في النهـاية هي الغاية وهي الجوهر . وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ( ) ولكن الآخرة هي المراد والمقصد  وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ( ) إن الأصل في دعوة القرآن الابتعاد عن الانخراط الأعمى في الدنيوية من شهوات وملذات ، والاكتفاء بـ َالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ ، والحلال الذي فصله الله عز وجل في كتابه .
ثانياً : وأما أن الإسلام دين علماني لأنه جعل الإنسان محور الكون ، فالمقدمة صحيحة ، والنتيجة كاذبة ، فالإنسان فعلاً هو محور الكون في القرآن الكريم فهو " الخليفة  إني جاعل في الأرض خليفة  ( ) وهو حامل الأمانة  إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا  ( ) .
ولكن ههنا مغالطة أخرى أيضاً تقوم على الإغفال والإبراز :
الإبراز هو الإشادة بالموقف الإيجابي للقرآن من الإنسان ، والإغفال هو تجاهل موقف القرآن من الإنسان المنحط والمغرور . الإنسان المحور في القرآن الكريم هو الإنسان الذي حُبِي بالعقل والعلم  وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ( ) وشُرّف بالتكليف  وَمَا خَلَقْتُ الْجنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ( ) وكرم بالرسالة  قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ ( ) وأُجيب على كل أسئلته حتى لا يتخبط في الظلام ، واُمر بالعبادة لتشبع روحه ، ودُعي إلى التفكر والنظر ليشبع عقله ، ورُخّص له التمتع بالطيبات ليشبع جسده ، وحُذّر من الإسراف والانحراف حتى لا تنزو نفسه ، وتجمح غريزته ، ويعسر عليه حينئذ حفظ الأمانة التي رضي بحملها .
الإنسان في القرآن يمكن أن يسمو حتى يقترب من الملأ الأعلى ، ويصبح أسمى من الكون ، وأشرف من كل ما فيه، ويصدق عليه عندئذ قول الحق عز وجل:  وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ( ) و  لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ  ( ) ولكنه يمكن أيضاً أن ينحط ويهوي في مدارك الشقاء حتى يصبح في  أسفل سافلين  ( ) ويقول : يَالَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا ( ) ويصبح أسوأ من البهائم  أُوْلئكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ  ( ) هذا ما يغفله الخطاب العلماني ليكرس مركزية الإنسان في الكون ، وسيادته المطلقة فيه كما أرادت العلمانية الغربية في مرحلة من مراحلها .
"" إن الإنسان في القرآن الكريم ليس مخلوقاً ساقطاً خاطئاً منذ البداية كما هو في الرؤية المسيحية "" ( ) ، وليس هو ذلك الإنسان المتمرد الجبار العنصري النازي الذي أرادته فلسفة التنوير كما طرحها ماكيافللي ونيتشه وداروين ومارسها هتلر وستالين وموسوليني . إنه في القرآن الإنسان المتوازن الذي استُخلف في الكون ، ووُكِلت إليه عمارته ، وأُمر بالعبادة والتقوى والعمل الصالح .
ثالثاً : وأما القول بأن الإسلام تخلص من المقدس فهو أمر في غاية العجب ! كيف ذلك ؟ وأين الأدلـة ؟ والمقدسات في الإسـلام كثيرة فالكتاب الكريم مقدس ، والبيت الحرام مقدس ، والنبي  مقدس ، والمسجد مقدس ، والعبادات من صلاة وصيام وزكاة وحج مقدسة ، والجهاد مقدس ، وهكذا فالمقدس يحتل مساحة واسعة في الرؤية الإسلامية لا يمكن اختراقها ، والمسلم مأمور بالدفاع عن مقدساته حتى أن روحه لا تساوي شيئاً في سبيلها  إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْءَانِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ  ( )
إلا إذا كان المقصود هو التخلص من المقدسات الخرافية التي كانت سائدة عند الفراعنة ، واليونان ، كتقديس الكواكب والنجوم ، وظواهر الطبيعة ، واتخاذ آلهة للقمر ، وآلهة للشمس ، وآلهة للمطر وغير ذلك فإن الإسلام بالفعل جرّد الطبيعة من هذه القداسة الخرافية والوهمية .
ولكن لا بد من الإشارة إلى أن الإسلام في الوقت الذي سلَب فيه من الطبيعة قداستها الزائفة ، إلا أنه لم يجرد الطبيعة من مغزاها الروحي والرمزي ، لأنه رأى في الخليقة كلها المتمثلة في السماوات والأرض وما بينهما والشمس والقمر والكواكب واختلاف الليل والنهار ، والرياح اللواقح ، والغيث النازل ، والسحاب المسخر ، والبحار المالحة ، والأنهار العذبة ، والجبال الأوتاد ، رأى في كل ذلك آيات بينات لله عز وجل في الكون ، وبصائر للإنسان ( ) .
إن الطبيعة في القرآن ذات مغزى كوني تستوجب احترام الإنسان لها وتقديرها ، لأجل صلتها الرمزية بالله جل شأنه ، وتعامُله معها يجب أن يقوم على أساس العدل والتناغم والانسجام لأنه خليفة مؤتَمَن عليها ، وضعها الله عز وجل تحت مسئوليته ليستفيد منها ، وهي إلى جانب ذلك كتاب مفتوح منظور ، إلى جانب القرآن الكريم الكتاب المقروء وفي كل منهما آيات بينات ، ودلالات مشاهدات ، ودروس واضحات يأخذ منها الإنسان الموعظة والعبرة ( ) .
إن هذا التجريد الإسلامي تجريد إيجابي ينفي الخرافة ، ويستبقي الدلالة ، بعكس التجريد العلماني فإنه يقوم على سلب المغزى الكوني والدلالي من الطبيعة ، وقطع العلاقة الرمزية بينها وبين الخالق عز وجل ( ) ، وبالتالي تصبح الطبيعة - في الرؤية العلمانية - بلا غاية ، وبلا هدف ، وكذلك بلا حماية أو رعاية ، فينتج عن ذلك عدم احترام الإنسان لها ، وخيانته للأمانة التي أوتمن عليها ، وتصبح علاقة الإنسان مع الطبيعة قائمة على الانتقام أو اللامبالاة ، وهو ما يؤدي أو سيؤدي إلى كوارث كونية تنتظرها البشرية برعب لم يسبق له مثيل ، كالتلوث البيئي والنفايات النووية والأوزون وأخطار أسلحة الدمار الشامل .
وحتى فيما سمي بلاهوت الأرض أو لاهوت الطبيعة فإن علاقة الإنسان مع الطبيعة علاقة صراع وقهر وسيطرة ، وليست كما هي في الإسلام علاقة تسخير وحب وتقدير . إن الإسلام يحول بين الإنسان والطغيان الذي يساوره بسبب غرور العلم أو غرور القوة ويذكره دائماً  إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعى  ( ) ( ) .
رابعاً : والقول بأن الإسلام تخلص من المعجزات لا يقل عجباً عن سابقه ، فإنا إذا غضضنا الطرف عن المعجزات الحسية التي رويت بالتواتر المعنوي لسيدنا رسول الله  مثل الإسراء والمعراج ، وانشقاق القمر ، ونبع الماء من بين أصابعه  ، وحنين الجذع ، فإن القرآن الكريم نفسه يفيض بالحديث عن المعجزات كانفلاق البحر ، وانقلاب العصا ، وانبجاس الماء من الحجر لسيدنا موسى عليه السلام ، وشفاء المرضى ، وإحياء الموتى ، والكلام في المهد لسيدنا عيسى عليه السلام .
إن إنكار كل هذه المعجزات أو التعسف في تأويلها ليس إلا لوناً من أو ألوان الصلف والمكابرة والجحود .
والآن بعد أن كشفنا المغالطات التي يبني عليها الخطاب العلماني رؤاه وتصوراته ونتائجه يمكننا أن نقول : "" إن العلمنة ليست فقط رؤية غير إسلامية للوجود ، بل إنها تقف موقفاً مناهضاً للإسلام نفسه ، ولذلك فالإسلام يرفض العلمنة ومآلاتها النهائية ما ظهر منها وما بطن "" ( ) ، يرفضها نظراً وعملاً لأنها الدنيوية المحضة ، والدهرية الخالصة ، والمادية المطلقة ، وهي مقولات جاء الإسلام لمحاربتها ، وإنقاذ الإنسان من ظلماتها وأزماتها .
ونختم بالقول : إن الأسلمة وليست العلمنة هي التي تحرر الإنسان من الأساطير والخرافات ، والأرواح الشريرة ، والشعوذة التي يُظَن أنها تتحكم في مصير الكون ( ) ، وتحرره كذلك من الأنانية والنفعية والمادية ، وتقيم توازناً بين الجوانب المختلفة في كيانه "" وعندما يتحرر الإنسان على هذا النحو فإن وجهة حياته وسيرها يكونان نحو تحقيق طبيعته الأصلية ، تلك الطبيعة المتوائمة مع طبيعة الكائنات ، ومع الوجود كله ألا وهي الفطرة ، وهو كذلك يتحرر من العبودية لدوافعه الحيوانية النزاعة إلى ما هو دنيوي ، وإلى ما من شأنه أن يكون ظلماً وتعدياً على جوهر كيانه وعلى روحه، ذلك أن الإنسان بما هو كائن مادي يغلب عليه نسيان طبيعته الحقة، فيجهل هدفه الحقيقي الذي من أجله خُلق، وبالتالي يزيغ عنه "" ( ) .
هذا التحرير للإنسانية قد تحقق بالوحي ، وهو يتجلى في أكمل صوره في الرسالة الخاتمة التي ضَمِنت للإنسانية التحرر والتقدم والرقي . كل ما علينا أن نتمثل هذه الرسالة ونتفاعل معها بكل ثقة وطمأنينة ونقبل عليها طائعين مختارين .