قبلت الإسلام ديناً
12-02-2011, 01:40 PM
سؤال يُطرح بقوة بين الأوساط السياسية، حول هذا الحب العجيب من عامة العشب (ليس الفقراء فقط) للإسلاميين، هل هو بسبب الفقر والجهل والأمية؟ هل هو بسبب الرشاوى الانتخابية؟ هل هو بسبب استغلال الدين؟
الواقع أن كل الأسباب السابقة المستخدمة بكثرة من التيارات الليبرالية والعلمانية، أنا لا أرى فيها أي صحة على الإطلاق!
فكل ما أستطيع أن أقوله عن مستخدمي هذه الحجج المقولة الشهيرة "حجة البليد مسح التختة".
إذن، فلماذا هذا الحب العميق للإسلاميين في المجتمع المصري؟
أنا أرجحه لعدة عوامل، سأبينها في دحضي لحجج "المتثقفين" في باقي المقال.
أولاً بالنسبة لحجة استغلال الدين، إذا كنت تتحدث عن أن مثلاً واحد من المرشحين يقول انتخبني وستدخل الجنة بينما هو من الفاسدين أصلاً، أو يقول أن أتقى من منافسه، أو انتخبني لأن ملتزم بالمظهر الإسلامي، فهذا يرفضه الإسلاميون قبلكم.
أما إذا كانت إقامة شرع الله في أرضه استغلالاً للدين، فماذا عن الأوامر الربانية والنبوية مثل "فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" [1] "أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ" [2] وهذا الحديث العظيم "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ "[3] ؟ أعصي الله كي أرضيك؟ كيف هذا؟ لكنها فطرة من ليس له فطرة وباع دينه.
حزين أنك في موضع الاتهام، ولست حزيناً لأنك تعصي رب الأنام؟
كيف لا أكره منهجكم وقد قال واحد من أعلامكم خالد منتصر بمنتهى الوقاحة "ثلاثي الله الدين الوطن مرفوض... ما دخل الله بالسياسة؟" [4]؟!
وهناك نقطة هامة للغاية، هو أن حب المصريين لدينهم هو حب فطري، هو حب ممتد منذ دخول الإسلام لأرض مصر، وأنا لا أتحدث قبل 1400 عام، بل أتحدث من قبل سيدنا موسى، فالإسلام متجذر في عقيدة المصريين، وما جاء الفتح الإسلامي إلا ليجدد شرعهم ويثبتهم على عقيدتهم، فاشتركوا مع عمر بن العاص في فتح مصر وقاتلوا معه وصارت مصر إسلامية أصيلة، فحبنا للإسلام هو حب فطري، حب مغروز في قلوبنا منذ عهد المصريين القدماء.
ثانياً بالنسبة لحجة الفقر والجهل والأمية، أنا حقاً لا أدري ما علاقة الوعي السياسة بهذا الثلاثي، فأنت كثيراً ما تجد الغني المتعلم جاهلاً بشكل فاضح في السياسة، بينما تجد الفقير الأمي واعي جداً بقضايا وطنه السياسية، والدليل على ذلك قيام ثورة 25 يناير بشكل أساسي على أكتاف أبطال نسميهم زوراً وبهتاناً "سرسجية"!
لا يا سادة، اعلموا هذا جيداً، أن الفقير لا ينتخب الإسلامي لأنه يراه ولياً من أولياء الله الصالحين، بل لأنه رأى من يهتم بقضاياه، رأى في هذا المرشح اهتمامه الحقيقي بأنبوبة الغاز ورغيف الخبز، انتخبه لأنه كثيراً ما خُدم على أيدي جمعيات الإخوان والسلفيين، ونفر من مرشحي التيارات الأخرى لأنه ما رآهم إلا ببدلهم الأنيقة في غرفهم المكيفة يتحدثون في نظريات ونظريات لا تؤتي أكلها شيئاً، فمثلهم كمثل البرادعي، الذي كان يجاهد بـ"تويتاته" بدلاً من الوقوف في ميدان التحرير في الأحداث الأخيرة، ثم يأتي ليقول "أنا مستعد أن أكون رئيساً للوزراء" على دماء القتلى! فالفقير ينتخب التيار الإسلامي لأنه وجد في هذا التوجه من يهتم بقضاياه.
بينما كانت القضايا التي تؤرق وتشغل بال العلمانيين، أن الإسلاميين إذا حكموا فسترتدي البنات النقاب ويربي الرجال اللحية ويُمنع البكيني على الشواطئ وتُمنع الفنون وتٌقام الحدود وتُمنع الخمور!
لقد تعامل بنو علمان مع الإسلام على أنه دين نزل لتنظيم شئون الحانات والخمّارات لا كدين نزل لتنظيم شئون حياة الإنسان من كافة النواحي!
استمراراً في دحض تلك الشبهة، قل لي، بالله عليك، إن كان من ينتخبون الإخوان جهلة، فماذا عن انتخابات نقابات الصيادلة والمهندسين والمعلمين وغيرها التي اكتسحها الإخوان اكتساحا؟ فسر لي كيف اكتسوحها وسط المتعلمين ولم يكتسحها المتعلمون المستنيرون بنو علمان؟
قد تقول، لكن الأحياء الراقية يزداد فيها التصويت للعلمانيين على عكس الأرياف والقرى، الرد بسيط للغاية، فهذا ليس عائداً أبداً لثقافة زائدة، بل ببساطة بسب غياب الدين في أوساط هذه الطبقة، وهذا شيءٌ ملموس، فلم يعرفوا حلاوة الإسلام وجماله.
بعد القضاء تماماً على هذه الشبهة السخيفة، تبقت شبهة أخيرة، شبهة الرشاوي الانتخابية.
يقول المتهمون أن الإسلاميين يوزعون قبل الانتخابات طعاماً وكساءً للفقراء كي يوجههوهم لاختيار الإسلاميين، أرد وأقول:
1- ما الذي يثبت أن هذا العمل لم يكن مخططاً له من قبل الانتخابات وتصادف حدوثه مع الانتخابات؟
2- هل معنى أنه يقوم بأعمال خيرية أن هدفه الوحيد هو الفوز بالأصوات؟ (الله أعلم بما في القلوب)
3- ما المانع أن يقوم أي حزب بالعمل الخيري أصلاً؟ هل هناك قانون في العالم يمنع ذلك؟
4- أين الدليل على هذه الاتهامات؟
5- ألم يصبح الناخب المصري بعد الثورة أكثر وعياً بهذه المشكلة، فصار من الصعب أن يبيع صوته من أجل بطانية؟
6- الإسلاميون يعملون منذ عقود في خدمة المجتمع من قبل الثورة، فهل يتوقفون عن العمل الخيري حتى لا يقال أنهم يرشون الناخبين، وإن قاموا بالعمل الخيري الذين كانوا يعملونه من قبل فكيف يُقال أنها رشوة؟
وكلمة أخيرة أحب أن أقولها، كثيراً جداً ما سمعتكم تطالبون بإلغاء الإنتخابات لأن الإخوان منظمين وأنتم لا، وهذه حجة غبية جداً، فإذا قيل لطالب ستمتحن قريباً ولم يذاكر وجاء موعد الامتحان وقال أعطوني مهلة للدراسة فماذا يُقال عنه؟
هذا ما مكنني الله من كتابته، اسأل الله أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، وأختم بمقولة الإمام "حسن البنا" : الإسلام نظامٌ شامل يتناول مظاهر الحياة جميعاً فهو دولةٌ ووطن, حكومةٌ وأمة, خلقٌ وقوة, رحمةٌ وعدالة, ثقافة وقانون, علمٌ وقضاء, مادةٌ وثروة, كسبٌ وغني, جهادٌ ودعوة, جيشٌ وفكرة, كما هو عقيدة صافية وعبادة صحيحة سواءٌ بسواء.
"وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ"[5].
---------
[1] النساء: 65.
[2] المائدة: 50.
[3] صححه الإمام الترمذي والعلامة الألباني وغيرهما من العلماء.
[4] http://www.youtube.com/watch?v=8XhWO9XMfQU
[5] سورة الأنفال: 30.
الواقع أن كل الأسباب السابقة المستخدمة بكثرة من التيارات الليبرالية والعلمانية، أنا لا أرى فيها أي صحة على الإطلاق!
فكل ما أستطيع أن أقوله عن مستخدمي هذه الحجج المقولة الشهيرة "حجة البليد مسح التختة".
إذن، فلماذا هذا الحب العميق للإسلاميين في المجتمع المصري؟
أنا أرجحه لعدة عوامل، سأبينها في دحضي لحجج "المتثقفين" في باقي المقال.
أولاً بالنسبة لحجة استغلال الدين، إذا كنت تتحدث عن أن مثلاً واحد من المرشحين يقول انتخبني وستدخل الجنة بينما هو من الفاسدين أصلاً، أو يقول أن أتقى من منافسه، أو انتخبني لأن ملتزم بالمظهر الإسلامي، فهذا يرفضه الإسلاميون قبلكم.
أما إذا كانت إقامة شرع الله في أرضه استغلالاً للدين، فماذا عن الأوامر الربانية والنبوية مثل "فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" [1] "أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ" [2] وهذا الحديث العظيم "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ "[3] ؟ أعصي الله كي أرضيك؟ كيف هذا؟ لكنها فطرة من ليس له فطرة وباع دينه.
حزين أنك في موضع الاتهام، ولست حزيناً لأنك تعصي رب الأنام؟
كيف لا أكره منهجكم وقد قال واحد من أعلامكم خالد منتصر بمنتهى الوقاحة "ثلاثي الله الدين الوطن مرفوض... ما دخل الله بالسياسة؟" [4]؟!
وهناك نقطة هامة للغاية، هو أن حب المصريين لدينهم هو حب فطري، هو حب ممتد منذ دخول الإسلام لأرض مصر، وأنا لا أتحدث قبل 1400 عام، بل أتحدث من قبل سيدنا موسى، فالإسلام متجذر في عقيدة المصريين، وما جاء الفتح الإسلامي إلا ليجدد شرعهم ويثبتهم على عقيدتهم، فاشتركوا مع عمر بن العاص في فتح مصر وقاتلوا معه وصارت مصر إسلامية أصيلة، فحبنا للإسلام هو حب فطري، حب مغروز في قلوبنا منذ عهد المصريين القدماء.
ثانياً بالنسبة لحجة الفقر والجهل والأمية، أنا حقاً لا أدري ما علاقة الوعي السياسة بهذا الثلاثي، فأنت كثيراً ما تجد الغني المتعلم جاهلاً بشكل فاضح في السياسة، بينما تجد الفقير الأمي واعي جداً بقضايا وطنه السياسية، والدليل على ذلك قيام ثورة 25 يناير بشكل أساسي على أكتاف أبطال نسميهم زوراً وبهتاناً "سرسجية"!
لا يا سادة، اعلموا هذا جيداً، أن الفقير لا ينتخب الإسلامي لأنه يراه ولياً من أولياء الله الصالحين، بل لأنه رأى من يهتم بقضاياه، رأى في هذا المرشح اهتمامه الحقيقي بأنبوبة الغاز ورغيف الخبز، انتخبه لأنه كثيراً ما خُدم على أيدي جمعيات الإخوان والسلفيين، ونفر من مرشحي التيارات الأخرى لأنه ما رآهم إلا ببدلهم الأنيقة في غرفهم المكيفة يتحدثون في نظريات ونظريات لا تؤتي أكلها شيئاً، فمثلهم كمثل البرادعي، الذي كان يجاهد بـ"تويتاته" بدلاً من الوقوف في ميدان التحرير في الأحداث الأخيرة، ثم يأتي ليقول "أنا مستعد أن أكون رئيساً للوزراء" على دماء القتلى! فالفقير ينتخب التيار الإسلامي لأنه وجد في هذا التوجه من يهتم بقضاياه.
بينما كانت القضايا التي تؤرق وتشغل بال العلمانيين، أن الإسلاميين إذا حكموا فسترتدي البنات النقاب ويربي الرجال اللحية ويُمنع البكيني على الشواطئ وتُمنع الفنون وتٌقام الحدود وتُمنع الخمور!
لقد تعامل بنو علمان مع الإسلام على أنه دين نزل لتنظيم شئون الحانات والخمّارات لا كدين نزل لتنظيم شئون حياة الإنسان من كافة النواحي!
استمراراً في دحض تلك الشبهة، قل لي، بالله عليك، إن كان من ينتخبون الإخوان جهلة، فماذا عن انتخابات نقابات الصيادلة والمهندسين والمعلمين وغيرها التي اكتسحها الإخوان اكتساحا؟ فسر لي كيف اكتسوحها وسط المتعلمين ولم يكتسحها المتعلمون المستنيرون بنو علمان؟
قد تقول، لكن الأحياء الراقية يزداد فيها التصويت للعلمانيين على عكس الأرياف والقرى، الرد بسيط للغاية، فهذا ليس عائداً أبداً لثقافة زائدة، بل ببساطة بسب غياب الدين في أوساط هذه الطبقة، وهذا شيءٌ ملموس، فلم يعرفوا حلاوة الإسلام وجماله.
بعد القضاء تماماً على هذه الشبهة السخيفة، تبقت شبهة أخيرة، شبهة الرشاوي الانتخابية.
يقول المتهمون أن الإسلاميين يوزعون قبل الانتخابات طعاماً وكساءً للفقراء كي يوجههوهم لاختيار الإسلاميين، أرد وأقول:
1- ما الذي يثبت أن هذا العمل لم يكن مخططاً له من قبل الانتخابات وتصادف حدوثه مع الانتخابات؟
2- هل معنى أنه يقوم بأعمال خيرية أن هدفه الوحيد هو الفوز بالأصوات؟ (الله أعلم بما في القلوب)
3- ما المانع أن يقوم أي حزب بالعمل الخيري أصلاً؟ هل هناك قانون في العالم يمنع ذلك؟
4- أين الدليل على هذه الاتهامات؟
5- ألم يصبح الناخب المصري بعد الثورة أكثر وعياً بهذه المشكلة، فصار من الصعب أن يبيع صوته من أجل بطانية؟
6- الإسلاميون يعملون منذ عقود في خدمة المجتمع من قبل الثورة، فهل يتوقفون عن العمل الخيري حتى لا يقال أنهم يرشون الناخبين، وإن قاموا بالعمل الخيري الذين كانوا يعملونه من قبل فكيف يُقال أنها رشوة؟
وكلمة أخيرة أحب أن أقولها، كثيراً جداً ما سمعتكم تطالبون بإلغاء الإنتخابات لأن الإخوان منظمين وأنتم لا، وهذه حجة غبية جداً، فإذا قيل لطالب ستمتحن قريباً ولم يذاكر وجاء موعد الامتحان وقال أعطوني مهلة للدراسة فماذا يُقال عنه؟
هذا ما مكنني الله من كتابته، اسأل الله أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، وأختم بمقولة الإمام "حسن البنا" : الإسلام نظامٌ شامل يتناول مظاهر الحياة جميعاً فهو دولةٌ ووطن, حكومةٌ وأمة, خلقٌ وقوة, رحمةٌ وعدالة, ثقافة وقانون, علمٌ وقضاء, مادةٌ وثروة, كسبٌ وغني, جهادٌ ودعوة, جيشٌ وفكرة, كما هو عقيدة صافية وعبادة صحيحة سواءٌ بسواء.
"وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ"[5].
---------
[1] النساء: 65.
[2] المائدة: 50.
[3] صححه الإمام الترمذي والعلامة الألباني وغيرهما من العلماء.
[4] http://www.youtube.com/watch?v=8XhWO9XMfQU
[5] سورة الأنفال: 30.