المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حقيقة العلمانية وخبث اركانها < تنزه الاسلام عنها >



اخت مسلمة
11-19-2005, 03:52 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
لكثرة الحديث عن العلمانية وارتباطها المزعوم بالاسلام ومن احد المواضيع التي طرحت هنا رايت ان اضع لكم بعض من هذا المذهب المدعى والمختلق حتى لايتم مقارنته بالاسلام باي وجه اولا :ما هي العلمانية ؟!

أن كلمة ( علماني ) تعني :
1- دنيوي أو مادي .
2- ليس بديني أو ليس بروحاني .
3- ليس بمترهب ، ليس برهباني .
وجاء أيضًا عنها بيان معنى كلمة العلمانية ، حيث يقول : العلمانية : هي النظرية التي تقول : إن الأخلاق والتعليم يجب أن لا يكونا مبنيين على أسس دينية .
وفي دائر المعارف البريطانية ، نجدها تذكر عن العلمانية : أنها حركة اجتماعية ، تهدف إلى نقل الناس من العناية بالآخرة إلى العناية بالدار الدنيا فحسب .
ودائرة المعارف البريطانية حينما تحدثت عن العلمانية ، تحدثت عنها ضمن حديثها عن الإلحاد ، وقد قسمت دائرة المعارف الإلحاد إلى قسمين :
* إلحاد نظري .
* إلحاد عملي ، وجعلت العلمانية ضمن الإلحاد العملي .
وما تقدم ذكره يعني أمرين :
أولهما : أن العلمانية مذهب من المذاهب الكفرية ، التي ترمي إلى عزل الدين عن التأثير في الدنيا ، فهو مذهب يعمل على قيادة الدنيا في جميع النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية والقانونية وغيرها ، بعيدًا عن أوامر الدين ونواهيه .
ثانيهما : أنه لا علاقة للعلمانية بالعلم ، كما يحاول بعض المراوغين أن يلبس على الناس ، بأن المراد بالعلمانية : هو الحرص على العلم التجريبي والاهتمام به ، فقد تبين كذب هذا الزعم وتلبيسه بما ذكر من معاني هذه الكلمة في البيئة التي نشأت فيها .
ولهـذا ، لو قيـل عن هذه الكلمة ( العلمانية ) إنها : ( اللادينية ، لكان ذلك أدق تعبيرًا وأصدق ) ، وكان في الوقت نفسه أبعد عن التلبيس وأوضح في المدلول .
صور العلمانية

للعلمانية صورتان ، كل صورة منهما أقبح من الأخرى :
الصورة الأولى : العلمانية الملحدة : وهي التي تنكر الدين كلية : وتنكر وجود الله الخالق البارئ المصور ، ولا تعترف بشيء من ذلك ، بل وتحارب وتعادي من يدعو إلى مجرد الإيمان بوجود الله ، وهذه العلمانية على فجورها ووقاحتها في التبجح بكفرها ، إلا أن الحكم بكفرها أمر ظاهر ميسور لكافة المسلمين ، فلا ينطلي - بحمد الله - أمرها على المسلمين ، ولا يُقبل عليها من المسلمين إلا رجل يريد أن يفـارق دينه ، ( وخطر هذه الصورة من العلمانية من حيث التلبيس على عوام المسلمين خطر ضعيف ) ، وإن كان لها خطر عظيم من حيث محاربة الدين ، ومعاداة المؤمنين وحربهم وإيذائهم بالتعذيب ، أو السجن أو القتل .
الصورة الثانية : العلمانية غير الملحدة (3) وهي علمانية لا تنكر وجود الله ، وتؤمن به إيمانًا نظريًا : لكنها تنكر تدخل الدين في شؤون الدنيا ، وتنادي بعزل الدين عن الدنيا ، ( وهذه الصورة أشد خطرًا من الصورة السابقة ) من حيث الإضلال والتلبيس على عوام المسلمين ، فعدم إنكارها لوجود الله ، وعدم ظهور محاربتها للتدين (4) يغطي على أكثر عوام المسلمين حقيقة هذه الدعوة الكفرية ، فلا يتبينون ما فيها من الكفر لقلة علمهم ومعرفتهم الصحيحة بالدين ، ولذلك تجد أكثر الأنظمة الحاكمة اليوم في بلاد المسلمين أنظمة علمانية ، والكثرة الكاثرة والجمهور الأعظم من المسلمين لا يعرفون حقيقة ذلك .
ومثل هذه الأنظمة العلمانية اليوم ، تحارب الدين حقيقة ، وتحارب الدعاة إلى الله ، وهي آمنة مطمئنة أن يصفها أحد بالكفر والمروق من الدين ؛ لأنها لم تظهر بالصورة الأولى ، وما ذلك إلا لجهل كثير من المسلمين ، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعلمنا وسائر المسلمين ، وأن يفقه الأمة في دينها حتى تعرف حقيقة هذه الأنظمة المعادية للدين .
ولهذا فليس من المستبعد أو الغريب عند المسلم الفاهم لدينه أن يجد في كلمات أو كتابات كثير من العلمانيين المعروفين بعلمانيتهم ذكر الله سبحانه وتعالى ، أو ذكر رسوله - صلى الله عليه وسلم - أو ذكر الإسلام ، وإنما تظهر الغرابة وتبدو الدهشة عند أولئك الذين لا يفهمون حقائق الأمور .
والخلاصة : أن العلمانية بصورتيها السابقتين كفر بواح لاشك فيها ولا ارتياب ، وأن من آمن بأي صورة منها وقبلها فقد خرج من دين الإسلام والعياذ بالله ، وذلك أن الإسلام دين شامل كامل ، له في كل جانب من جوانب الإنسان الروحية ، والسياسية ، والاقتصادية ، والأخلاقية ، والاجتماعية ، منهج واضح وكامل ، ولا يقبل ولا يُجيز أن يشاركه فيه منهج آخر ، قال الله تعالى مبينًا وجوب الدخول في كل مناهج الإسلام وتشريعاته : { يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة } . وقال تعالى مبينًا كفر من أخذ بعضًا من مناهج الإسلام ، ورفض البعض الآخر ، { أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون } .
والأدلة الشرعية كثيرة جدًا في بيان كفر وضلال من رفض شيئًا محققًا معلومًا أنه من دين الإسلام ، ولو كان هذا الشيء يسيرًا جدًا ، فكيف بمن رفض الأخذ بكل الأحكام الشرعية المتعلقة بسياسة الدنيا - مثل العلمانيين - من فعل ذلك فلاشك في كفره .
والعلمانييون قد ارتكبوا ناقضًا من نواقض الإسلام ، يوم أن اعتقدوا أن هدي غير النبي - صلى الله عليه وسلم - أكمل من هديه ، وأن حكم غيره أفضل من حكمه
نتائج العلمانية في العالم العربي والإسلامي


- رفض الحكم بما أنزل الله سبحانه وتعالى ، وإقصاء الشريعة عن كافة مجالات الحياة ، والاستعاضة عن الوحي الإلهي المُنزَّل على سيد البشر محمد بن عبدالله - صلى الله عليه وسلم - ، بالقوانين الوضعية التي اقتبسوها عن الكفار المحاربين لله ورسوله ، واعتبار الدعوة إلى العودة إلى الحكم بما أنزل الله وهجر القوانين الوضعية ، اعتبار ذلك تخلفًا ورجعية وردة عن التقدم والحضارة ، وسببًا في السخرية من أصحاب هذه الدعوة واحتقارهم ، وإبعادهم عن تولي الوظائف التي تستلزم الاحتكاك بالشعب والشباب ، حتى لا يؤثروا فيهم .
2- تحريف التاريخ الإسلامي وتزييفه ، وتصوير العصور الذهبية لحركة الفتوح الإسلامية ، على أنها عصور همجية تسودها الفوضى ، والمطامع الشخصية .
3- إفساد التعليم وجعله خادمًا لنشر الفكر العلماني وذلك عن طريق :
أ- بث الأفكار العلمانية في ثنايا المواد الدراسية بالنسبة للتلاميذ ، والطلاب في مختلف مراحل التعليم .
ب - تقليص الفترة الزمنية المتاحة للمادة الدينية إلى أقصى حد ممكن .
جـ - منع تدريس نصوص معينة لأنها واضحة صريحة في كشف باطلهم .
د - تحريف النصوص الشرعية عن طريق تقديم شروح مقتضبة ومبتورة لها ، بحيث تبدو وكأنها تؤيد الفكر العلماني ، أو على الأقل أنها لا تعارضه .
هـ - إبعاد الأساتذة المتمسكين بدينهم عن التدريس ، ومنعهم من الاختلاط بالطلاب ، وذلك عن طريق تحويلهم إلى وظائف إدارية أو عن طريق إحالتهم إلى المعاش .
و - جعل مادة الدين مادة هامشية ، حيث يكون موضعها في آخر اليوم الدراسي ، وهي في الوقت نفسه لا تؤثر في تقديرات الطلاب .
4- إذابة الفوارق بين حملة الرسالة الصحيحة ، وهم المسلمون ، وبين أهل التحريف والتبديل والإلحاد ، وصهر الجميع في إطار واحد ، وجعلهم جميعًا بمنزلة واحدة من حيث الظاهر ، وإن كان في الحقيقة يتم تفضيل أهل الكفر والإلحاد والفسوق والعصيان على أهل التوحيد والطاعة والإيمان .
فالمسلم والنصراني واليهودي والشيوعي والمجوسي والبرهمي كل هؤلاء وغيرهم ، في ظل هذا الفكر بمنزلة واحدة يتساوون أمام القانون ، لا فضل لأحد على الآخر إلا بمقدار الاستجابة لهذا الفكر العلماني .
وفي ظل هذا الفكر يكون زاج النصراني أو اليهودي أو البوذي أو الشيوعي بالمسلمة أمرًا لا غبار عليه ، ولا حرج فيه ، كذلك لا حرج عندهم أن يكون اليهودي أو النصراني أو غير ذلك من النحل الكافرة حاكمًا على بلاد المسلمين .
وهم يحاولون ترويج ذلك في بلاد المسلمين تحت ما سموه بـ ( الوحدة الوطنية ) .
بل جعلوا ( الوحدة الوطنية ) هي الأصل والعصام ، وكل ما خالفوها من كتاب الله أو سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - طرحوه ورفضوه ، وقالوا : ( هذا يعرض الوحدة الوطنية للخطر !! ) .
5- نشر الإباحية والفوضى الأخلاقية ، وتهديم بنيان الأسرة باعتبارها النواة الأولى في البنية الاجتماعية ، وتشجيع ذلك والحض عليه : وذلك عن طريق :
أ - القوانين التي تبيح الرذيلة ولا تعاقب عليها ، وتعتبر ممارسة الزنا والشذوذ من باب الحرية الشخصية التي يجب أن تكون مكفولة ومصونة .
ب - وسائل الإعلام المختلفة من صحف ومجلات وإذاعة وتلفاز التي لا تكل ولا تمل من محاربة الفضيلة ، ونشر الرذيلة بالتلميح مرة ، وبالتصريح مرة أخرى ليلاً ونهارًا .
جـ - محاربة الحجاب وفرض السفور والاختلاط في المدارس والجامعات والمصالح والهيئات .
6- محاربة الدعوة الإسلامية عن طريق :
أ - تضييق الخناق على نشر الكتاب الإسلامي ، مع إفساح المجال للكتب الضالة المنحرفة التي تشكك في العقيدة الإسلامية ، والشريعة الإسلامية .
ب - إفساح المجال في وسائل الإعلام المختلفة للعلمانيين المنحرفين لمخاطبة أكبر عدد من الناس لنشر الفكر الضال المنحرف ، ولتحريف معاني النصوص الشرعية ، مع إغلاق وسائل الإعلام في وجه علماء المسلمين الذين يُبصِّرون الناس بحقيقة الدين .
7- مطاردة الدعاة إلى الله ، ومحاربتهم ، وإلصاق التهم الباطلة بهم ، ونعتهم بالأوصاف الذميمة ، وتصويرهم على أنهم جماعة متخلفة فكريًا ، ومتحجرة عقليًا ، وأنهم رجعيون ، يُحارون كل مخترعات العلم الحديث النافع ، وأنهم متطرفون متعصبون لا يفقهون حقيقة الأمور ، بل يتمسكون بالقشور ويَدعون الأصول .
8- التخلص من المسلمين الذين لا يهادنون العلمانية ، وذلك عن طريق النفي أو السجن أو القتل .
9- إنكار فريضة الجهاد في سبيل الله ، ومهاجمتها واعتبارها نوعًا من أنواع الهمجية وقطع الطريق .
وذلك أن الجهاد في سبيل الله معناه القتال لتكون كلمة الله هي العليا ، وحتى لا يكون في الأرض سلطان له القوة والغلبة والحكم إلا سلطان الإسلام ، والقوم - أي العلمانيين - قد عزلوا الدين عن التدخل في شؤون الدنيا ، وجعلوا الدين - في أحسن أقوالهم - علاقة خاصة بين الإنسان وما يعبد ، بحيث لا يكون لهذه العبادة تأثير في أقواله وأفعاله وسلوكه خارج مكان العبادة .
فكيف يكون عندهم إذن جهاد في سبيل إعلاء كلمة الدين ؟!!
والقتال المشروع عند العلمانيين وأذنابهم إنما هو القتال للدفاع عن المال أو الأرض ، أما الدفاع عن الدين والعمل على نشره والقتال في سبيله ، فهذا عندهم عمل من أعمال العدوان والهمجية التي تأباها الإنسانية المتمدنة !!
10- الدعوة إلى القومية أو الوطنية ، وهي دعوة تعمل على تجميع الناس تحت جامع وهمي من الجنس أو اللغة أو المكان أو المصالح ، على ألا يكون الدين عاملاً من عوامل التجميع ، بل الدين من منظار هذه الدعوة يُعد عاملاً من أكبر عوامل التفرق والشقاق ، حتى قال قائل منهم : ( والتجربة الإنسانية عبر القرون الدامية ، دلَّت على أن الدين - وهو سبيل الناس لتأمين ما بعد الحياة - ذهب بأمن الحياة ذاتها ) .
هذه هي بعض الثمار الخبيثة التي أنتجتها العلمانية في بلاد المسلمين ، وإلا فثمارها الخبيثة أكثر من ذلك بكثير .
والمسلم يستطيع أن يلمس أو يدرك كل هذه الثمار أو جُلها في غالب بلاد المسلمين ، وهو في الوقت ذاته يستطيع أن يُدرك إلى أي مدى تغلغلت العلمانية في بلدٍ ما اعتمادًا على ما يجده من هذه الثمار الخبيثة فيها .
والمسلم أينما تلفت يمينًا أو يسارًا في أي بلد من بلاد المسلمين يستطيع أن يدرك بسهولة ويسر ثمرة أو عدة ثمار من هذه الثمار الخبيثة ، بينما لا يستطيع أن يجد بالسهولة نفسها بلدًا خاليًا من جميع هذه الثمار الخبيثة .
نسال الله لنا جميعا العفو والعافية

يتبع المقال

شاعر الغسق
11-20-2005, 03:05 PM
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
تحياتى :thumbup:
وانا اتابع الموضوع وفى الانتظار.
ملحوظه اتمنى من صاحب موضوع العلمانيه فى الاسلام التواجدهنا .
شاعر الغسق
طائر الليل الحزين

اخت مسلمة
11-21-2005, 02:19 AM
نتابع مابداناه اخوتي ,,,

الجاهلية تتعدد صورها وأشكالها

يجب أن نعلم أن الجاهلية بعضها يتمثل في إلحاد بالله سبحانه وإنكار لوجوده... فهي جاهلية اعتقاد وتصور كجاهلية الشيوعيين. وبعضها يتمثل في اعتراف مشوه بوجود الله سبحانه وانحراف في الشعائر التعبدية وفي الاتباع والطاعة كجاهلية الوثنيين من الهنود وغيرهم.. وكجاهلية اليهود والنصارى كذلك.
وبعضها يتمثل في اعتراف بوجود الله سبحانه وأداء للشعائر التعبدية مع انحراف خطير في تصور مفهوم ودلالة " لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله".. ومع شرك كامل في الاتباع والطاعة، وذلك كجاهلية من سمون أنفسهم "مسلمين" من العلمانيين ويظنون أنهم أسلموا واكتسبوا صفة الإسلام وحقوقه بمجرد نطقهم بالشهادتين وأدائهم للشعائر التعبدية مع انحرافهم وسوء فهمهم لمعنى الشهادتين ومع استسلامهم لغير الله من العبيد.. وكلها جاهلية.. وكلها كفر بالله كالأولين. أو شرك بالله كالآخرين.

مقارنة بين الجاهلية العربية القديمة والجاهلية العلمانية الحديثة

الجاهلية العربية القديمة لم تكن تنكر وجود الله أبداً، بل كانت توحده في معظم أفعاله تعالى كالخلق والرزق والتدبير والإحياء والإماتة.. {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله} [لقمان: 25].
وكانوا يقرون بمشيئة الله النافذة في الكون وقدره الذي لا يرد.. {سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا أباؤنا ولا حرمنا من شيء} [الأنعام: 148].
وكانوا يؤمنون بالملائكة {وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أزل علينا الملائكة} [الفرقان: 21]، ويؤمنون بالرسل.. {وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثلما أوتي رسل الله} [الأنعام: 124].
ويقرون بأن الله يملك الرزق والسمع والبصر ويحيي ويميت وأنه يدبر الأمر.. {قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله} [يونس: 31].
وكان منهم من يؤمن بالبعث والحساب كقول زهير:
(يؤخر فيوضع في كتاب فيدخر *** ليوم الحساب أو يعجل فينتقم) [4]
وكذلك كان لدى الجاهلين العرب بعض الشعائر التعبدية منها تعظيم البيت الحرام وطوافهم حوله ووقوفهم بعرفات وتعظيم الأشهر الحرم. وكذلك ذبحهم ونذرهم لله كما في قصة نذر عبد المطلب وإهدائهم للبيت الحرام وتخصيص شيء من الحرث والأنعم لله.. {وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيباً} [الأنعام: 136].
ومن الناحية التشريعية كانت الجاهلية العربية تقيم بعض الحدود كحد السرقة، فقد ذكر الكلبي والقرطبي في تفسيره: "أن قريشاً كانت تقطع يد السارق"[5]. وهو حد معروف في الشرائع السابقة كما في حديث المخزومية وشفاعة زيد لها.
وشيء آخر سبقت - بل فاقت- به الجاهلية العربية القديمة الجاهليات العلمانية المعاصرة وهو "حرية التدين". فكان منهم الحنفاء الذين يتعبدون ببقايا دين إبراهيم عليه السلام...
وكان منهم أهل الكتاب من اليهود والنصارى...
وكان منهم عبدة الكواكب وعبادة الأوثان...
وبعضهم كان يعبد الجن أو الملائكة.

بيان حكم الله على المجتمع رغم كل ذلك

بماذا حكم الله على هذا المجتمع؟ إن الله تعالى حكم على هذه البيئة وعلى هذه المجتمعات والتصورات بأنها كفر وجاهلية، وعد تلك الأمور جميعها - التي يحتج العلمانيون اليوم بها على إسلامهم - صفراً في ميزان الإسلام، وكفراً بالله ورسوله.
ولذلك نشبت المعركة الطويلة بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، واشتد النزاع، معركة شرسة ونزاع حاد، حتى أن السيف كان الحكم الأخير.
والشيء المثير أيضاً، أن موضوع هذه المعركة العنيفة الطويلة لم يكن سوى كلمة واحدة "لا إله إلا الله" كلمة يصر عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى أقصى حدود الإصرار، وترفضها الجاهلية إلى أبعد مدى للإنكار والرفض.
لماذا؟… لأنه منذ اللحظة الأولى حين دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم، إلى شهادة أن "لا إله إلا الله" كان الجواب الفوري… {أجعل الآلهة إلهاً واحدا إن هذا لشيء عجاب} [ص: 5].
فالقضية واضحة في أذهانه من أن الالتزام بهذه الكلمة معناه الرفض الجازم والتخلي الكامل عن كل ما عدا الله من معبوداتهم وطواغيتهم المختلفة، طاغوت الأوثان وطاغوت الزعامة وطاغوت القبيلة وطاغوت الكهانة وطاغوت التقليد... الخ، والاستسلام الكامل لله ورد الأمر كله - جليله وحقيره وكبيره وصغيره- إلى الله تعالى وحده لا شريك له.

العلمانية نظام طاغوتي جاهلي كافر


وانطلاقاً من هذا المفهوم - الذي يعتبر في حقيقة الأمر من المعلوم من الدين بالضرورة عند أهل السنة والجماعة- نستطيع أن نرى حكم الإسلام في العلمانية بسهولة ووضوح. ونستطيع أن نصل بالقضية إلى المستوى المطلوب من الحسم والوضوح في نفوس أهل السنة اللازمين لفضح العلمانية ومواجهتها.
إن العلمانية باختصار " نظام طاغوتي جاهلي كافر" يتنافى ويتعارض تماماً مع شهادة "لا إله إلا الله" من ناحيتين أساسيتين متلازمتين:
الأولى: من ناحية كونها - أي العلمانية - حكما بغير ما أنزل الله.
الثانية: من ناحية كونها شركاً في عبادة الله.
إن العلمانية تعني - بداهة- الحكم بغير ما أنزل الله وتحكيم غير شريعة الله وقبول الحكم والتشريع والطاعة والاتباع من طواغيت من دون الله. فهذا معنى قيام الحياة على غير الدين أو بعبارة أخرى فصل الدين عن الدولة، أو فصل الدين عن السياسة، ومن ثم فهي- بالبديهة أيضا- نظام جاهلي لا مكان لمعتقده ولا لنظامه ولا لشرائعه في دائرة الإسلام. بل هو نظام كافر بنص القرآن الكريم {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} [المائدة: 44].

لماذا التردد في الحكم على الأنظمة العلمانية بالكفر؟

إذا كان الأمر كذلك، فهل يبقى بعد هذا أي مجال للشك أو التردد في حسم هذه القضية في نفوس أهل السنة تجاه العلمانية؟
الحق أنه لا مجال لشيء من ذلك، ولكن الغياب المذهل لحقائق الإسلام من العقول والغبش الكثيف الذي أنتجته الأفكار المنحرفة، هما اللذان يجعلان كثيراً من الناس يثيرون شبهات متهافتة لم تكن لتستحق أدنى نظر لولا هذا الواقع المؤلم الذي يعتبر من أشد عوائق الانطلاقة الكبرى المرتقبة لأهل السنة والجماعة بمشيئة الله.
فمن هذه الشبهات، استصعاب بعض الناس إطلاق لفظ الكفر أو الجاهلية على من أطلقها الله تعالى عليه من الأنظمة والأوضاع والأفراد، وبذريعة أن هذه الأنظمة - ولا سيما العلمانية الديمقراطية- لا تنكر وجود الله، وبذريعة أن هذه الأنظمة العلمانية الديمقراطية لا تمانع في إقامة بعض شعائر التعبد، وبحجة أن بعض قيادات الأنظمة العلمانية الديمقراطية يتلفظون بالشهادة ويقيمون الشعائر من صلاة وصيام أو حج وصدقة، ويظهرون احترامهم في المناسبات العامة لمن يسمون ب(رجال الدين)!! والمؤسسات الدينية.
وفي ظل هذه الشبهات المتهافتة المردودة، يستصعب بعض الناس، ومنهم - للأسف الشديد- بعض من يرفع راية الدعوة الإسلامية اليوم، القول بأن الأنظمة العلمانية الديمقراطية أنظمة جاهلية كافرة وأن المؤمنين بها المتبعين لها جاهليون كافرون.
ومن الواضح جدا أن الذين يلوكون هذه الشبهات، لا يعرفون معنى "لا إله إلا الله"، ولا مدلول "الإسلام". وإن جاز هذا في حق البعض على فرض حسن الظن بهم، فهو لا يجوز في حق كثير من المثقفين المطلعين على حقائق الأمور، وبالذات بعض من يرفعون راية الدعوة الإسلامية اليوم ويتعللون بهذه العلل الواهية.
ولا نملك إلا أن نذكر هؤلاء بأن تاريخ الدعوة الإسلامية وصراع أهل السنة والجماعة المرير عبر القرون، بل والقرآن الكريم كله من أوله إلى آخره ومثله السنة المطهرة لتقطع الطريق على هذه الشبهة وقائليها.
وهل تحمل الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصحابه العنت والمشقة والحرب والجهاد ثلاثاً وعشرين متوالية، وهل نزل القرآن موجهاً وآمراً وناهياً طوال هذه السنين من أن أجل أن يقول الجاهلون باللسان فقط... " لا إله إلا الله"، ويقيموا الشعائر التي يمن دعاة العلمانية على الله أنهم يسمحون بها اليوم.
وما الفرق بين قول قريش.. يا محمد اعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة، وبين قول العلمانيين لفظاً وحالاً: نعبد الله في المسجد ونطيع غيره في المجالس التشريعية والبرلمان وفي القضاء والتجارة والسياسة!!
أهو شيء آخر غير أن قسمة أولئك زمنية، وقسمة هؤلاء مكانية أو موضوعية!!..

لماذا تتمسح الأنظمة العلمانية بالدين وتدعي الإسلام؟

والسؤال الآن هو لماذا تصر الأنظمة العلمانية على التمسح بالدين وادعاء الإسلام رغم أنها - على ما يبدو في الظاهر- تسيطر على مراكز القوة والحكم والتشريع؟
وللإجابة على ذلك، يجب أن نعلم أولاً أنه بعد أن نجحت الجاهلية- مؤقتا- في تنحية شرع الله من أن يحكم حياة المسلمين في ديارهم حاول أعداء الإسلام إخراج المسلمين عن أصل دينهم إلى المذاهب الإلحادية والمادية.
وبعد أن فشلوا في تنفيذ هذا المخطط وأصابهم اليأس من ذلك، لجأوا - بعد التفكير والتدبير - إلى ما هو أخبث وأخطر، لجأوا إلى اصطناع أنظمة تحكم بغير ما أنزل الله وفي الوقت نفسه هي تدعي الإسلام، وتظهر احترام العقيدة بوسائل مختلفة، فقتلوا إحساس الجماهير وضمنوا ولاءها وخدروا ضميرها، ثم انطلقوا يهدمون شريعة الله في مأمن من انتفاضتها.
ولذلك لا يجرؤ أرباب هذه الأنظمة العلمانية الديمقراطية على التصريح بأنهم ملحدون أو لادينيون أو أنهم ضد شريعة الله. بينما يصرحون - مفتخرين- بـنهم ديمقراطيون مثلا!!.

شعارات العلمانيين وراياتهم

لذلك تبلورت شعارات العلمانيين وأفكارهم التي تعبر في جوهرها عن حقيقة الجاهلية ولكنها وبخبث شديد وتدبير محكم تحاول أن تنتسب إلى الدين بتبجح غريب ومكر وضيع، فأعلنوا شعار "تطوير الشريعة". ورفعوا راية "مرونة الشريعة لتلبية حاجات العصر". ثم نادوا بعد ذلك بشعار "تقنين الشريعة". وذلك حتى لا ينفر من هذه الأفكار جمهور المسلمين، فهم يريدون أن تسري العلمانية ببطء في عقول ونفوس جمهور المسلمين سريان السم البطيء الذي يودي بحياة صاحبه دون أن ينتبه له جسده.. وذلك بجرعات منتظمة تحت شعار " التدرج في تطبيق الشريعة"!!
والعلمانية الديمقراطية كما هو معروف تجعل العقيدة والشعائر لله ووفق أمره، وتجعل الشريعة والتعامل لغير الله ووفق أمر غيره. وذلك معنى قولهم "لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين" أي "فصل الدين عن الدولة". وكما هو معلوم من الدين بالضرورة، فإن هذا هو عين الشرك في حقيقته وأصله.
ولكنهم يستميتون حتى لا تصل هذه الحقيقة إلى جماهير المسلمين ويلهون الناس بشعارات "المدرسة العقلانية" و"الإسلام المستنير" وشعار "حكم الشعب بالشعب"، وتحت شعار "الحرية الشخصية" تمارس جميع أنواع الشذوذ الجنسي والإباحية تحت سمع وبصر وحماية الشرطة ومباركة أجهزة الإعلام. وتحت شعار "الأمة مصدر السلطات" تصادر جميع السلطات إلا سلطة البطش والتنكيل بالمسلمين دون غيرهم. وتحت شعار "الاستنارة" يخرجون الناس من نور الإسلام إلى ظلمات الجاهلية. وتحت شعار "حرية الثقافة والفكر" تمارس جميع أنواع الفنون الساقطة ويفتح الباب أمام الزنادقة للتهجم على الإسلام حتى يصل بهم الأمر بالسخرية من بيت الله الحرام وعُمَّاره حيث يظهر نموذج للكعبة المشرفة في إحدى المسرحيات وإذا بها تفتح فجأة وتخرج من داخلها راقصة تتلوى أمام الجماهير التي تنتسب إلى الإسلام!! ولم لا... وقد أصبح للعاهرات عيد يسمونه "عين الفن"، تمنح فيه العطايا والمكافآت، وجوائز الدولة التقديرية، ومفتي الديار العلمانية يبارك ذلك بمزيد من الفتاوى اليومية فحلل الرقص وحلل الغناء وحلل الموسيقى والفن وأخيراً وليس آخراً.. حلل مفتي الديار العلمانية.. الربا!!

العلمانية خبث لا يخرج إلا نكداً


قول الله تعالى: {والذي خبث لا يخرج إلا نكداً} [الأعراف: 58]. ولأن العلمانية شجرة خبيثة فقد أثمرت بيننا اليوم - ممن يقولون إنهم مسلمون- من يستنكر وجود صلة بين العقيدة والأخلاق، وبخاصة أخلاق المعاملات.
وأثمرت بيننا اليوم حاصلين على الشهادات العليا من جامعاتنا وجامعات العالم يتساءلون في استنكار ما للإسلام وسلوكنا الشخصي؟ وما للإسلام والعري على الشواطئ؟ وما للإسلام وزي المرأة في الطريق؟ وما للإسلام وتصريف الطاقة الجنسية بأس سبيل؟ ما للإسلام وتناول كأس من الخمر لإصلاح المزاج؟ ما للإسلام وتعامل الناس بالربا في البنوك؟ ما للإسلام وهذا الذي يفعله "المتحضرون!!"؟ الذين يلهثون خلف راياتهم الخبيثة ويرددون بأن "الدين لله والوطن للجميع".. ولا عجب في ذلكن فهم طلائع مدرسة "دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله"..!!
... فأي فرق بين هذا وبين سؤال أهل مدين: {أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا} [ص: 5].
وهم يتساءلون كذلك، بل ينكرون بشدة وعنف أن يتدخل الدين في الاقتصاد، وأن تتصل المعاملات بالاعتقاد، أو حتى بالأخلاق من غير اعتقاد.. فما للدين والمعاملات الربوبية؟ وما للدين والمهارة في الغش والسرقة؟ وما للدين وتجارة الخمور والمخدرات ما لم يقع تحت طائلة القانون الوضعي؟ وما للدين والسياسة والحكم؟ لا .. بل إنهم يتبجحون بأن الأخلاق إذا دخلت في الاقتصاد تفسده!! ولا غرابة في ذلك، فهم قد رضعوا وشبوا على شعارات "فصل الدين عن الدولة"، و "لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين"!!
فلا يذهبن بنا الترفع كثيراً على أهل مدين في تلك الجاهلية الأولى، ونحن اليوم في جاهلية أشد جهالة، ولكنها تدعي العلم والاستنارة والمعرفة والحضارة وتتهم الذين يربطون بين العقيدة في الله والسلوك الشخصي في الحياة والمعاملات المادية في السوق والسياسة والحكم... تتهمهم بالرجعية والتعصب والجمود!! وبعد أن استهلكت هذه الألفاظ أضافت الجاهلية العلمانية اليوم وصفهم بالتطرف!! ثم ألصقت بهم أخيراً صفة الإرهاب!!
أليس هذا بعينه ما يردده أدعياء الإسلام من العلمانيين أو غيرهم؟

يتبع ارجو لكم الافادة