المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صور أعجبتني من الخلق الرفيع: ((الرحمة بالبنـات))!



أميرة الجلباب
12-12-2011, 01:02 PM
صور من الخلق الرفيع: ((الرحمـة بالبنـات))!!




قال تعالى في وصف نبيه محمد صلى الله عليه وسلم:
((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ))

-- 1 --

في صحيح البخاري: "فأقبلت فاطمة عليها السلام تمشي، ولا والله لا تخفى مشيتها من مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما رآها رحب وقال:
(مرحبــا بابنـتـي).
ثم أجلسهـا عن يمينـه أو عن شمالـه)).


-- 2 --
وفي الحديث عن عائشة رضي الله عنها: "أن فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم كانت إذا دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم
قـام إليـها
فأخـذ بيدهـا وقبلهـا وأجلسهـا في مجلسـه
وكان إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده فقبلته وأجلسته في مجلسها".
رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني.


-- 3 --
وروى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم:
( كان يصلي وهو حامل
أمـامـة
بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم
فإذا سجد وضعهـا وإذا قـام حملهـا).

أميرة الجلباب
12-12-2011, 01:25 PM
-- 4 --


يقول الأديب إبراهيم عبد القاهر المازني 1889-1949م..
وهو يوجه الخطاب إلى ابنته الوحيدة الصغيرة "حياة" بعد أن ماتت.. وكان يحبها حبا جمـا.. في نص أدبي بديع:



"في بعض الأحيان أكون جالسا إلى مكتبي قبل طلوع الشمس، وأمامي الآلة الكاتبة أدق عليها وأرمي بورقة إثر ورقة..
وإلى جانبي فنجان القهوة أرشف منه وأذهل عنه..
فأحس راحتيك الصغيرتين على كتفي، فأدير وجهي إليك، وأرفع وجهي، لأصبح على بستان وجهك..
وأستمد من عينيك النجلاوين وافترار ثغرك النضيد ما أفتقر إليه من الجلد والشجاعة.
وأرفع يدي، فأطوقك بذراعي، وألمك في حجري، وأضمك إلى صدري..
وألثم خدك الصابح، وأمسح على شعرك الأثيث(1) المرسل على ظهرك وجانب محياك الوضيء، وأتملى بحسنك، وأنشر في كهف صدري المظلم نور البشر والطلاقة..
فتدفعين ذراعك الغضة، وتتناولين ببنانك الدقيقة ورقة مما كتبت، وترفعينها أمام عينيك، وتتخذين هيئة الجد الصارم..
وتفيضين على نفسك السمحة العطوف – وأنت مضجعة على ذراعي – سمتا وأبهة يغريان بالابتسام..
وأنا أنظر إليك وفي قلبي سكينة، وجوى من قربك المعطر بمثل أنفاس الروضة الأنف في البكرة الندية..
وألمح شفتيك الرقيقتين تختلجان، وعينيك تلمعان، فتطيب نفسي بسرورك الصامت..
ثم أسمع ضحكتك الفضية، وأراك تغطين وجهك الحلو بالورقة، فيستطيرني الفرح ويستخفني الجذل، ولكني أتظاهر بالخوف على الورقة التي لا قيمة لها أن يمزقها أنفك الجميل..
فترمين رأسك على ذراعي، وينسدل شعرك الذهبي المتموج كالستار ، وتصافح سمعي من ضحكاتك العذبة موجات لينة..
ثم تعتدلين على ساقي وتدفعين ذراعيك فتطوقين بها عنقي..
وتجذبين وجهي إليك ولكنك تشفقين على رقة شفتيك من خشونة خدي، فتلثمين أذني الطويلة، وتعضينها أيضا، فأصرخ، فتثبين إلى قدميك خفيفة مرحة وتخرجين بعد أن خلفت في صدري انشراحا، وفي قلبي رضا، وفي روحي خفة، وفي نفسي شفوفا، وفي عقلي قوة، وفي أملي بسطة واتساعاً، وفي خيالي نشاطا..!!

فأضطجع مرتاحا وأغمض عيني القريرة بحبك..

ثم أفتحها على:

صيد حرمناه على إغراقنا ... في النزع(2) والحرمان في الإغراق


إي والله.. لولا الإغراق ما كان الحرمان.. وهل هو إلا الشعور به من الإسراف في الرغبة، واللجاجة في الطلب؟

بل أفتح العين على جثة صغيرة حملتها بيدي هاتين إلى قبرها وأنزلتها فيه.. ووسدتها التراب بعد أن سويته لها بكفي ورفعت من بينه الحصى الدقاق.

ثم انكفأت إلى بيتي جامد العين.. وعلى شفتي ابتسامة متكلفة.. وفي فمي يدور قول ابن الرومي:

لم يخلق الدمع لامري عبثا ... الله أدرى بلوعة الحزن

وتدخل علي زوجتي لتحييني تحية الصباح فأتلقاها بالبشر والبشاشة.. وأهم بأن أحدثها بما كبر في وهمي قبل لحظة..
ولكني أزجر نفسي وأردها عن التعزي باللفظ.
. ولو أني شرعت أحدثها بشيء من ذلك لما فرغت. فما أخلو بنفسي قط إلا رأيتني أستطيب أن أتخيل فتاتي على كل صورة وكل هيئة وفي كل حالة...
ويحلو لي أن أفشي بيني وبينها أحاديث في كل موضوع من جد وهزل..
ويسرني أن أسمع نكتها.. وأراني أستملح فكاهتها.. وأنتحلها فيما أكتب.. وأضحك أحيانا بصوت عال.. بل أقهقه غير محتشم..
فإذا تعجب لي داخل متطفل علي في هذه الخلوة المحببة إلى نفسي رفعت له وجها كالدرهم المسيح، وهربت من الجواب الذي يطلبه بعينه أو لسانه.. وتركته يظن بعقلي ما يشاء..
وماذا أقول له؟
في وسعي أن أكذب، فما لباب الكذب مفتاح..
ولكن الكذب ينغص علي المتعة التي استفدتها من الحوار الذي كان يدور بيني وبين حياة....."اهـ.

------
1- الأثيث: الكثيف المتراكم.
2- النزع: الرمي بالقوس للصيد وغيره.

أميرة الجلباب
12-12-2011, 01:49 PM
-- 5 --


عن عائشة رضي الله عنهـا، قالت:

"جاءتني مسكينـة تحمل ابنتيـن لها..

فأطعمتها ثلاث تمرات..
فأعطت كل واحدة منهما تمرة..
ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها..
فاستطعمتهـا ابنتاهـا..
فشقت التمرة.. التي كانت تريد أن تأكلها بينهما..
فأعجبني شأنها..
فذكرت الذي صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:
"إن الله قد أوجب لها بها الجنة.. أو أعتقها بها من النار".

صحيح مسلم.

ريم 1400
12-12-2011, 02:19 PM
الله الله وماشاء الله كلام جميل بديع أميرة الجلباب بل أميرة الكلمة حقيقة نحن بحاجة إلى إحياء سنة المصطفى والعودة الى الحنيفية السمحة

بصراحة اجد نفسي متعطشة إلى كلام جميل عن المرأة

هذا الكائن الرائع الضعيف القوي قد يذرف الدمع منها وفي داخلها ثبات الجبل وشموخه

أميرة الجلباب
12-15-2011, 07:01 PM
أشكرك أختى الكريمة ريم على تفاعلك الطيب مع هذا الطرح.. كلامك معبر جدا..

أميرة الجلباب
12-15-2011, 07:16 PM
-- 6 --

أبيات شعرية رائعة في الرحمة بالبنات..


عن الأَصْمَعِيُّ الأَعْرَابِيٍّ أنه قال:

لَقَدْ زَادَ الْحَيَاةَ إِلَيَّ حُبًّا ... بَنَاتِي إِنَّهُنَّ مِنَ الضِّعَافِ
مَخَافَةَ أَنْ يَذُقْنَ الْفَقْرَ بَعْدِي ... وَأَنْ يَشْرَبْنَ رَنْقًا بَعْدَ صَافِي
وَأَنْ يَعْرَيْنَ إِنْ كُسِيَ الْجَوَارِي ... فَتَنْبُو الْعَيْنُ عَنْ كُرُمٍ عِجَافِ

عن أَبُو الْعَبَّاسِ ثَعْلَبٌ أنه قال:

لَوْلا أُمَيْمَةُ لَمْ أَجْزَعْ مِنَ الْعَدَمِ ... وَلَمْ أُجِبْ فِي اللَّيَالِي حِنْدِسَ الظُّلُمِ
وَزَادَنِي حَذَرًا لِلْمَوْتِ مَعْرِفَتِي ... ذُلَّ الْيَتِيمَةِ يَجْفُوهَا ذَوُو الرَّحِمِ
تَهْوَى حَيَاتِي وَأَهْوَى مَوْتَهَا شَفَقًا ... وَالْمَوْتُ أَكْرَمُ نَزَّالٍ عَلَى الْحُرَمِ

أميرة الجلباب
12-15-2011, 07:26 PM
-- 7 --

قصة حقيقية مؤثرة في الرحمة بالبنات..

قصة سلــوى..
مع أحد مشرفي صفحة (أنا سلفي وما بعضش ولا بضرب) على الفيس بوك.
يرويها لنا..
https://fbcdn-sphotos-a.akamaihd.net/hphotos-ak-snc7/319691_234708249912705_174919999224864_744540_1756 280467_n.jpg





- المشهد الأول بتاريخ: 10 سبتمبر 2011
________________________



تذكرون الطفلة التي دعوت لها منذ فترة هنا .. وأمنتم على الدعاء وسألتم عن حالها بعدها ..
منذ ساعات فقط .. حدد لها موعد عملية قلب مفتوح ثانية .. بعد فشل الأولى وهي بنت شهرين .. وستجريها بإذن الله عز وجل على صلاة الظهر أو قريب منها ..

دعوني أحكي لكم عنها .. فإني لا أعلم أحدا امتلكني مثلها .. وما بي شيء الآن إلا رجائي من الله أن يتم لها الشفاء والصحة وأراها تملأ الدنيا ضحكا .. ولعبا .. ونورا .. وألا يحرمني منها ..

هي سلوى ..

ملاك قابلتها في عنبر الكلى في مستشفى الأطفال ..
طفلة بنت أربع سنين
ولدت بثقب في القلب .. أجرت عملية لم تنجح ..
وحدث عندها مضاعفات خلال هذه الفترة .. الله أعلم بمدى خطورتها .. منها ما هو في القلب ومنها ما وصل إلى كليتيها .. والذي يرجح أنه شيء آخر قد ولدت به كذلك ..

هذه الطفلة .. لا أدري .. لما رأيتها .. انتزعت قلبي من بين أضلعي
بدأت الحكاية وأنا أمر على العنبر كالمعتاد .. لألتقط أي حالة أتكلم معها أو مع أمها .. وأجري ما شاء الله لي من الكشوفات عليها .. لاحظتها .. أو قل هي رمقتني بتلك النظرة التي شحنتها ببراءة ذلك القلب الصغير الذي أثقل عينيها بشكواه .. فأمسكت بتلابيب قلبي

تكلمت إلى خالتها .. عرفت حالتها .. وكم تمنيت لو قالت لي إنها نزلة برد .. أو نوبة سعال .. ولكن سبحان الله .. قدر وما شاء فعل .. وهو أرحم مني ومن كل الخلق بها

تكلمت مع سلوى .. فضحكت لي وأمالت رأسها على كتفها خجلى .. يا الله كم أفتقد هذه اللحظة
ظللت أكلمها وأسمع قلبها .. حتى بدأت تتغير وتطلب أمها .. فأنهيت كل شيء من فوري وقلت لها تعالي نبحث عنها وقد كانت غادرت الغرفة .. رفعتها من على سريرها ووضعتها على كتفي .. فضمتني .. ولفت يديها الصغيرتين الناعمتين حولي رقبتي .. ثم ألصقت خدها علي حتى شعرت بدفئها على وجهي .. طار عقلي .. و تجمدت في مكاني .. شعرت وكأنها مني .. مسحت على شعرها الذي يلهو على رأسها في كل واد .. كشعاع الشمس الذي يجعلها آية من آيات الله .. تمتمت بآيات ولمّا تأت والدتها بعد فنامت .. واشّقّقت قساوات قلبي بلين خدها ودفئه على وجهي .. وبحالها الذي أبكاني .. حقا
ولم ينزلها من على قلبي الذي نامت فيه وليس عليه تلك الملاك .. إلا دخول وقت صلاة العصر

ومن وقتها وأنا أدعو الله لها .. وقلبي يرتجف كعصفور بلله قطر المطر .. ويشتاق لها بجنون.. واليوم وقد وحدد لها موعد الجراحة الثانية .. يكاد عقلي يطيش ..

اللهم رب الناس أذهب الباس .. اشفها وأنت الشافي .. لا شفاء إلا شفاؤك .. شفاء لا يغادر سقما ..

يا رحمن .. من لها ولي سواك يارب !

as


- المشهد الثاني بتاريخ: 13 سبتمبر 2011
_______________________



أعصابي تفلتت .. ويكاد قلبي أن يقف .. وسلوى موعد عمليتها سيتم التأكيد عليه في منتصف الليل .. وهو الساعة السابعة صباحا .. مع موعد امتحاني للبكالريوس .. بإذن الله عز وجل غدا ..

كنت قد بكيت بحرقة حتى تورمت عيناي لحالها ولما واجهنا من مشاكل طوال هذه الساعات الماضية .. من أدوية العملية التي لم نجدها في كل الاسكندرية وأحضرناها من القاهرة .. وأكياس الدم وفصيلتها النادرة والتي يتم إحضارها الآن من دمنهور .. وكدت أجن وأنا أرى اللامبالاة في المستشفى -وسأحكي لكم كل التفاصيل لاحقا إن كان في العمر بقية-.. وأراها تتأخر يوما بعد يوم عن العملية ..

والآن .. لما بدأت خيوط الفرج تلوح في كل هذه العتمات .. والعملية باتت قاب قوسين أو أدنى .. لم أعد أستطيع أن أتخيل الفكرة أصلا .. أو أن أفكر أن أذهب "لأراها" آخر مرة قبل العملية كما "طلبت" هي مني بالأمس "أن أراها -قبل ما تروح-" وهي لا تعلم أنها ستجري عملية حتى وحياتها قد أمضت نصفها في المستشفيات .. وقد كانت تتصل علي طوال اليوم وأنا مشغول بين أوراق لا أرى فيها شيئا من الدموع والشرود .. وبين مكالمات واتصالات بالمستشفيات وبنوك الدم وبين بحث في كل صيدليات البلد .. حتى لم أستطع أن أراها إلا بعد العشاء وهي التي تنام مع أذانه دوما .. فوجدتها تنتظرني على باب المستشفى مع أمها التي لم تتعافى بعد من عملية استئصال الرحم منذ أربعة أيام وقد أجبرتها سلواي على المكوث بها هكذا حتى تراني .. وكان وجهها مبللا بالماء تغسله حتى تقاوم النوم .. فلما رأتني ضحكت وتورد وجهها على أجمل ما يكون التورد .. وقفزت من ذراعي أمها واحتضنتني .. وقالت لي هذه الكلمات .. ثم لفت يديها حول عنقي .. واستسلمت للنوم .. أذهبت عقلي .. وأنستني الدنيا بما فيها .. وما ينتظرني وينتظرها بعد ساعات ..

و لا أدري الآن كيف سأصبر وتظل أنفاسي فيّ وقلبي ينبض .. وروحي قد تؤخذ مني وتوضع بعد ساعات تحت مشرط الجراح .. ليفتح قلب قلبي الصغير .. ويجري لها تلك العملية الطويلة المعقدة .. الكئيبة ..

لا أدري كيف سأصبر .. بعد كل هذا إلا بأن يثبتي من روحها وقلبها في يده وحده سبحانه .. وهو القادر على كل شيء .. وهو الرحمن الرحيم ..

يارب لم تعد لي في الدنيا حاجة إلا أن تشفيها وتعافيها وأراها في تمام الصحة والعافية والنعمة تضحك وتلعب وتتعلم وتكبر في رعايتك ومعيتك لها .. ولا أحرم منها ولا من كل خير لها في الدارين يارب .. يارب.
as

أميرة الجلباب
12-15-2011, 07:35 PM
- المشهد الثالث بتاريخ: 16 سبتمبر 2011
_______________________


بالأمس كنت عند سلوى بالمستشفى .. ومعها أمها .. حدثتني عن أن الجراح الذي أجرى لها العملية السابقة والذي سيجري لها العملية مرة أخرى .. يبدو عليه القلق والتوتر وأنه لا يريد أن يجريها .. ويحاول أن يجعلها ترجع إلى البيت وتنتظر أجلها بدلا من أن "تدخل العملية ولا تخرج منها" .. نعم هكذا قالها لها صريحة في وسط العنبر .. أنا أعرفه جيدا .. وأعرف أنه لا يريد إجراء الجراحة حتى لا يعرض "سمعته" للخطر إن ماتت تحت يديه وهو من لم يجر الأولى بنجاح أصلا .. وهو الآن يعد لمناقشة رسالة الدكتوراة خاصته وبالطبع إن حدث لها شيء فستؤثر على تقديره وقد تؤجل له .. المهم طفح بي الكيل بالأمس .. وقلت لها يا أم سلوى دعينا نجريها لها في القاهرة أو في أحد المستشفيات الخاصة عند أحد كبار الأساتذة .. لا يهم التكاليف الله يرزق ويدبر الأمر .. قالت لي أنت تعلم زوجي .. لا يأت حتى للسؤال عليها ولا يهمه أصلا أن تجري العملية بل كان معارضا حتى لدخولي هنا .. ولن يسمح أبدا بسفري أو خروجي من هذه المستشفى إلى غيرها .. وأنا أعلم من متابعتي لسلوى على مدار سنة .. أنه يضربها كذلك وطلقها مرتين ولا يعمل ويشرب الدخان بشراهة .. ويعتمد على عمل زوجته وهو جمع البلاستيك والمعادن من القمائم "السرحان" .. يضربها .. ويأخذ منها ما جنته إن امتنعت لتطعم أطفالها ..

ليس هذا كله ما أردت أن أقوله .. إنما ما توقفت عنده كثيرا .. ردها .. وهي التي لا تكاد تعرف أن تقرأ اسمها وتكتبه .. لما سألتني في وسط الكلام .. لماذا لا أرى هذا الجراح يمر علينا في العنبر كما يفعل غيره !؟ .. أيخاف مني !! .. أنا مجرد "عبدة" لله .. أفلا يخاف من ربي وربه !! عموما يا دكتور رب هنا هو رب هناك ولن أستطيع أن أنقلها إلى مستشفى أخرى ولو أني أموت كل دقيقة هنا ألف مرة .. إلا أني بذلت الأسباب كلها .. التي أقدر عليها أمام ربي .. ورب هنا هو رب كل مكان .. وهو الذي خلقها وهو الذي بيده أن يشفيها وحده لا هذا الجراح ولا غيره .. هم أدوات فقط ..

حبست دموعي في عيوني أمامها .. أطرقت برأسي .. وأعجزني صبرها وجلدها .. وتوحيدها الخالص .. ويقينها القوي النقي .. وعقيدتها الراسخة التي لم تتعلمها من هنا أو هناك .. بل هي فطرة الله التي فطرها عليها .. وتذكرت كثيرا من تلكم المواقف لكبراء القوم عندنا .. كذلكم الأستاذ الكبير في أحد أقسام الكلية .. والذي جلست معه ساعة كاملة أحاول أن أقنعه أن الدين الإسلامي هو الدين الكامل الشامل الصحيح الذي يرضي الله عز وجل ويحفظ حقوق الكل .. وهو يقول لي أنا محتاج أن أقرأ في الأديان كلها لأقرر إلى أي دين سأميل وأدخل فيه .. علما بأن اسم هذا الدكتور "أحمد" !! بعد أن رمى الإسلام وأهله بكل نقيصة وذميمة ..

ثم تذكرت طويلا .. حال هذه الأم الصابرة المحتسبة .. وهذه ليست أول ما تبتلى به .. فقد ماتت لها ابنة هي من سمت سلواي هذه باسمها .. بنفس المرض وفي نفس العملية التي ستجريها .. وعندها ابنها الأكبر والذي لم يدخل المدرسة ويعمل كعمل أمه .. ظهر عنده ورم في المخ ليجري عملية استئصال لها ولنصف الجمجمة تقريبا .. ليمشي حتى الآن ورأسه ليس عليه من الأعلى فوق المخ .. إلا الجلد والشعر فقط ! .. وبنتها الصغرى عندها أنيميا الفول .. ودخل العناية المركزة مرتين .. مرة لتكسير دمها .. ومرة لتناولها سما بالخطأ لما طلقها زوجها وأصر على بقاء الاطفال معه رغم أنه لا يطعمهم حتى .. ولا هي ولا أهلها يستطيعون الوقوف لبطشه .. وابنها الصغير كذلك ظهر عنده شيء في فخذه "ورم صغير" ينتظرون تشخيصه .. أما هي فعندها السكر الذي يعتمد على الانسولين في علاجه .. وبالطبع لا تأخذه معظم الوقت لقلة ذات اليد .. وظهر عندها تضخم في الغدة الدرقية وتحتاج إلى جراحة لاستئصالها الآن .. وأورام في الرحم والمبايض وقد كانت تهملها حتى نزفت بشدة ونقلت إلى المستشفى لتجرى لها منذ أيام فقط .. قبل عملية بنتها ..

تذكرت هذا الصبر العجيب على البلاء .. وهي التي لا تأكل ولا تشرب حتى تطعم إن استطاعت أولادها .. ولا تجد غطاء ولا ملبسا لهم .. بل ولا يملكون حتى بيتا أو مكانا للسكن .. ويقطنون في غرفة أو اثنتين في طابقين من بيت مهجور في فلاة من الأرض جعلوها لجمع القمائم .. لم يكتمل بناؤه بعد .. على الطوب .. لا ماء فيه ولا كهرباء ولا أبواب ولا شبابيك .. ولا أي شيء .. إلا من وصلة من هذه وتلك أخذوها من الطريق ..

حقيقة .. لا أستطيع مواصلة الكتابة مما وصل إليه حالي الآن مما قلت وتذكرت ..

لعلي أستطيع لاحقا

يارب ..

as

تتمة ..
تعجبت كثيرا من ظنها بربها ويقينها به ورضائها بقدره وقضائه عليها .. فوالله لم أرها تجزع ولا تتسخط ولا تصرخ ولا تلطم وجهها أبدا .. ما رأيتها إلا خاشعة لأمر الله عز وجل .. لا تزيد عن الدموع في عينها .. والدعاء لابنتها .. ولزوجها .. ولأطفالها ..

أما نحن .. فمن نحن إلى مثل هؤلاء !! .. وماذا بنا حتى نجزع !! .. وما الحياة كلها عندنا والمصائب .. ونحن في أكمل صحة وعافية وحال ومال !! .. بالله قل لي ما هي رغباتك وما هي أمنياتك في هذه الحياة بعد كل هذا !! .. وما هو حالك مع خالقك عز وجل !!



- المشهد الرابع بتاريخ: 17 سبتمبر 2011
_______________________

عدت من عندها منذ قليل فقط .. وقد أنستني كعادتها الدنيا وما فيها بتلك النومة و"التعلق" بي خلالها بيديها وخدها على قلبي .. بعد أن وجدتها تنتظرني على سلم مبنى الجراحة ككل يوم .. وساعتين من الضحك وشد شعري ولحيتي وعضي .. ومحادثتي بتلكم الطلاسم التي لم أسمع أعذب منها قط في حياتي .. والتي يكاد لا يفهمها أحد إلاي بعد أمها .. -في لسانها لثغة عذبة جدا تجعلك تشعر بأنك تريد أن تعضها وتدغدغها حتى تملأ الدنيا بضحكها وتترجاك وهي لا تريد أن تتوقف في أن تتوقف قليلا ثم إذا ما توقفت ترجتك في أن "تعمللها كده تاني"!- ..

أميرة الجلباب
12-15-2011, 07:44 PM
المشهد الأخير بتاريخ: 19 سبتمبر 2011
_______________________



سلـــوى

https://fbcdn-sphotos-a.akamaihd.net/hphotos-ak-ash4/s720x720/315565_237058546344342_174919999224864_754190_1587 690195_n.jpg


كنت إلى جانبها مع أمها .. أرقيها .. وأدعو لها .. بعد أن من الله عليها بأن خرجت من العملية بعد خمس ساعات فقط .. ثم أزيلت عنها كل الأجهزة المساعدة للقلب والتنفس بعد نصف ساعة فقط !! وهذا لا يحدث حتى مع من يجري هذه العملية لأول مرة وليس لثاني مرة وفي مثل سنها ووزنها !!
بدأ الخوف ينزاح والقلق يمزجه الأمل يزحف عليّ .. وإذ بـ سلواي تتحرك .. ثم تتمتم بكلام تهمسه همسا .. تتضح الحروف وصوتها ينساب مع شيء من الأنين .. إنها تذكر اسمي وتطلبني ! .. لم أملك نفسي .. لم أدر ما أفعل من شدة الفرح .. أشعر بروحي بدأت تنساب إلى كل كل خلية في جسدي .. فتحت عينيها قليلا .. رأتني ثم مدت يدها نحوي لأحملها كما نفعل دائما .. قربت يدي منها .. لتلف أناملها حول إصبعي .. ثم تغمض عينيها .. وتهدأ نفسها وتنام تلك الآية من آيات الله عز وجل .. وقلبها يخفق بين أضلعها الرقيقة .. ولكن هذه المرة .. من غير ثقب ..

يارب .. لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ..

يا رب .. أتمم عليها الصحة والشفاء والعافية .. كما أتممت هذه العملية على عينك سبحانك .. على خير

الحمد لله .. الحمد لله ..
AS

loulou ranim
12-16-2011, 10:29 PM
أبكتني القصة
أرى أي طفل أو حيوان ضعيف كما لو كان ابني
ارحمها يا رب و ارحم كل أطفال المسلمين و أطفال و مساكين العالم و اهدهم للطريق الصحيح

بارك الله فيك

ريم 1400
12-26-2011, 11:58 PM
أروي عطشنا في اقوال جميلة عن المرأة فقد جفت الحلوق يا اميرة الجلباب بل اميرة الكلمة

أميرة الجلباب
02-06-2012, 10:46 PM
أبكتني القصة
أرى أي طفل أو حيوان ضعيف كما لو كان ابني
ارحمها يا رب و ارحم كل أطفال المسلمين و أطفال و مساكين العالم و اهدهم للطريق الصحيح

بارك الله فيك
وبارك فيكِ أختى الكريمة.. وزادك من فضله وأسبغ عليكِ من لطفه ورحمته.


أروي عطشنا في اقوال جميلة عن المرأة فقد جفت الحلوق يا اميرة الجلباب بل اميرة الكلمة
أشكرك أختى ريم.. بل تشجيعك ولطفك هو الجميل هنا.. وما هذا الموضوع إلا نقلٌ منقول.. ليس لي فيه كبير صنعة لأستحق المدح في الكلمة!
وأتمنى أن تشاركاني في ذكر الصور التي تمر عليكما والتي تعجبكما .. وكذلك باقي أفراد المنتدى الكريم.

أميرة الجلباب
02-06-2012, 11:22 PM
-- 8 --

عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(( من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين - وضم أصابعه - ))
رواه مسلم.


-- 9 --

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من كان له ثلاث بنات ، فصبر عليهن ، و أطعمهن ، و سقاهن ، و كساهن من جدته ، كن له حجابا من النار يوم القيامة ))
صحيح الجامع.


-- 10 --

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من كان له ثلاث بنات ، يؤويهن ، و يكفيهن ، و يرحمهن ، فقد و جبت له الجنة البتة . فقال رجل من بعض القوم : وثنتين يا رسول الله ؟ قال : وثنتين
حسنه الألباني.


-- 11 --

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من كن له ثلاث بنات ، أو ثلاث أخوات ، فاتقى الله و أقام عليهن كان معي في الجنة هكذا ، و أومأ بالسبابة و الوسطى ))
صححه الألباني.

أميرة الجلباب
05-14-2012, 05:37 PM
-- 12 --


قصيدة رثاء الأديبة "عائشة التيمورية" لابنتها "توحيدة"..
التي قيل أنها تزوجت فما مر على عرسها شهر حتى أصابها مرض مفاجيء ماتت على أثره
وقد جمع الله لها جمال الخَلق وسمو الخُلق..


بدأت القصيدة تصف روعة الخطب ولوعة الحزن:

إن سال من غرب العيون بحورُ = فالدهرُ باغٍ والزمانُ غَدورُ (*)
فلكل عين حقُ مدرار الدِّما = ولكل قلبٍ لوعةٌ وثبورُ
ستر السنا وتحجبت شمس الضحى = وتغيبت بعد الشروق بدور
ومضى الذي أهوى وجرّعني الأسى = وغدت بقلبي جذوةٌ وسعير
ياليته لما نوى عهد النوى = وافى العيونَ من الظلام نذير


فأخذت تصف كيف بدأ بها المرض في رمضان سحرا.. وكيف ألّم بها على شبابها وصغرها.. فلما أصبحوا جاءوا بالطبيب فكتب لها الدواء وبشرها بالشفاء..

طافت بشهر الصوم كاساتُ الردى = سحرا وأكوابُ الدموع تدور
فتناولت منها ابنتي فتغيرت = وجنات خدٍ شانها التغيير
فذوت أزاهير الحياة بروضها = وانّقد منها مائسٌ ونضير
لبست ثياب السقم في صغر وقد = ذاقت شراب الموت وهو مرير
جاء الطبيبُ ضحى وبشر بالشفا = إن الطبيب بطبه مغرور
وصف التجرع وهو يزعم أنه = بالبُرء من كل السقام بشير

وهنا تصف كيف استبشرت ابنتها بدواء الطبيب.. وتسأله التعجيل بعلاجها ليس من أجل شبابها فحسب بل من أجل والدتها التي حرمت على نفسها طيب المنام..

فتنفست للحزن قائلةً له = عجل ببرئي حيث أنت خبير
وارحم شبابي إن والدتي غدت = ثكلى يشير لها الجوى وتشير
وارأف بعين حرمت طيب الكرى = تشكو السهاد وفي الجفون فتور

ثم تصف ابنتها وقد رأت عجز الطبيب فداخل قلبها اليأس وتصورت الموت وانطلقت تودع أمها..

لما رأت يأس الطبيب وعجزه = قالت ودمع المقلتين غزير
أماه قد كلَّ الطبيب وفاتني = مما أؤمل في الحياة نصير
لو جاء عراف اليمامة يبتغي = برئي لرد الطرف وهو حسير
يا روْعَ روحي حلّها نزعُ الضنى = عما قليلٍ وُرقُها ستطير
أماه قد عز اللقاء وفي غدٍ = سترين نعشي كالعروس يسير
وسينتهي المسعى إلى اللحد الذي = هو منزلي وإليه الجموع تصير
قولي لرب اللحد رفقا بابنتي = جاءت عروسا ساقها التقدير
وتجلدي بإزاء لحدي برهةً = فتراك روحٌ راعها المقدور
أماه قد سلفت لنا أمنيةٌ = يا حسنها لو ساقها التيسير
كانت كأحلام مضت وتخلفت = مذ بان يوم البين وهو عسير

عودي إلى ربْعٍ خلا ومآثر = قد خُلفت عني لها تأثير
صوني جهاز العرس تذكارا فلي = قد كان منه إبي الزفاف سرور
جرت مصائب فُرقتي لك بعد ذا = لُبسَ السواد ونُفذ المسطور
والقبر صار لغصن قدي روضةً = ريحانها عند المزار زهور
أماه لا تنسي بحق بُنوّتي = قبري لئلا يحزن المقبور


وهنا جواب الأم الثكلى لـ ابنتها

فأجبتها والدمع يحبس منطقي = والدهر من بعد الجوار يجور
بنتاه يا كبدي ولوعة مهجتي = قد زال صفو شأنه التكديرُ
لا توصي ثكلى قد أذاب فؤادها = حزنٌ عليك وحسرةٌ وزفير
فسما بغض نواظري وتلهفي = مذ غاب إنسان وفارق نور
وبقُبلتي ثغراً تقضّى نحبُه = فحُرمت طيب شذاه وهو عطير
والله لا أسلو التلاوة والدعا = ماغردت فوق الغصون طيور
كلا ولا أنسى زفير توجعي = والقد منك لدى الثرى مقبور
إني ألفت الحزن حتى أنني = لو غاب عني ساءني التأخير
قد كنت لا أرضى التباعد برهةً = كيف التصبرُ والبعادُ دهور
أبكيك حتى نلتقي في جنةٍ = برياضٍ خلدٍ زينتها الحور

-------
ملاحظة حول قولها: " الدهر باغ والزمان غدور" .. فهو من سب الدهر ولا يجوز وصف الدهر بأنه باغٍ
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( قال الله عز وجل : يؤذيني ابن آدم يسب الدهر ، وأنا الدهر بيدي الأمر ، أقلب الليل والنهار ) رواه البخاري ومسلم.
جاء الحديث بألفاظ مختلفة منها رواية مسلم : ( قال الله عز وجل : يؤذيني ابن آدم يقول : يا خيبة الدهر ، فلا يقولن أحدكم : يا خيبة الدهر ، فإني أنا الدهر أقلب ليله ونهاره فإذا شئت قبضتهما ) .
ومنها رواية للإمام أحمد : ( لا تسبوا الدهر فإن الله عز وجل قال : أنا الدهر الأيام والليالي لي أجددها وأبليها وآتي بملوك بعد ملوك ) وصححه الألباني .

رحم الله عائشة التيمورية.

منقول.

محمد عادل
05-18-2012, 12:27 AM
-- 3 --
وروى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم:
( كان يصلي وهو حامل
أمـامـة
بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم
فإذا سجد وضعهـا وإذا قـام حملهـا).



و الله لو فعل هذا أحد يصلي بالناس بمسجد لضربوه بالأحذية ههههههه

shaima
09-03-2012, 11:42 PM
لَوْلا أُمَيْمَةُ لَمْ أَجْزَعْ مِنَ الْعَدَمِ ... وَلَمْ أُجِبْ فِي اللَّيَالِي حِنْدِسَ الظُّلُمِ
وَزَادَنِي حَذَرًا لِلْمَوْتِ مَعْرِفَتِي ... ذُلَّ الْيَتِيمَةِ يَجْفُوهَا ذَوُو الرَّحِمِ
تَهْوَى حَيَاتِي وَأَهْوَى مَوْتَهَا شَفَقًا ... وَالْمَوْتُ أَكْرَمُ نَزَّالٍ عَلَى الْحُرَمِ

لي سؤال علي البيت الاخير " وَالْمَوْتُ أَكْرَمُ نَزَّالٍ عَلَى الْحُرَمِ" هل هنا الحرم هم النساء؟

ابنة الاسلام2
10-09-2012, 02:28 PM
جزاك الله خيرا اختي اميرة الجلباب ...استمتعت بقراءة هذه السلسلة
بالنسبة لسؤالك اختي شيماء ...اظنه نعم ,الحرم هنا النساء ,من خلال فهمي لمعنى البيت