تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تسليم ‬العراق ‬لحرامية‬"‬المنطقة ‬الخضراء"‬ ‬وقراصنة ‬الفصل السابع



Digital
12-18-2011, 10:46 AM
تسليم ‬العراق ‬لحرامية المنطقة ‬الخضراء ‬وقراصنة ‬الفصل ‬السابع2011.12.16
حبيب ‬راشدين
عندما يسحب أوباما قوات الاحتلال خلسة ثم يصف تدمير بلد مثل العراق نصرا، وتنطلق أصوات من الداخل العراقي المستعجم، وجوار عربي يدين بأمنه للعلوج تأسف على الرحيل، ترافقها أصوات من شيوخ أرخبيل "الأخونانية" تزعم أنها وقفت للتو على أحاديث شريفة تبشر بميلاد خلافة ثانية ‬راشدة ‬هي ‬ما ‬تصنعه ‬ثورات ‬الربيع ‬العربي، ‬فلا ‬بد ‬للعقل ‬السوي ‬أن ‬يقول ‬لمخاطبه: ‬سلاما، ‬سلاما.‬

عندما أنزل العلم الأمريكي في آخر موقع للاحتلال بمطار بغداد، بحضور وزير الدفاع الأمريكي يوم الخميس، كانت علامات الهزيمة والانكسار بادية على كبار الضباط الأمريكيين، ومن حضر من المسئولين العراقيين، حتى وإن كانت المراسم قد سمحت للجميع بتنفس الصعداء، لأن مجرد إنهاء الانسحاب عشرة أيام قبل الموعد اعتبر إنجازا، ولأن جميع الأطراف كانت متوجسة من الظروف التي قد تسبق أو تصحب الانسحاب، وظل شبح الفرار الأمريكي المهين من فيتنام يطارد القادة الأمريكيين، ويوقظ مضاجعهم منذ سنة 2008.

انسحاب‬آمن ‬لقوات ‬مهزومة
وكان الرئيس الأمريكي قد سبق مراسم إنزال العلم الأمريكي بخطاب خلا من أي عبارة تفيد تحقيق الأمريكيين للنصر، كما لم ترد فيه إشارة واحدة إلى نهاية الصراع، وقد صرف النظر عن واقع انسحاب القوات الأمريكية تحت جنح الظلام كما تفعل عادة الجيوش المهزومة، وركز في المقابل على مفردة الوفاء بوعده الانتخابي، لأن الواقع الذي خلفه الاحتلال في العراق لا يسمح، لا بالتبجح بالنصر، ولا بإعادة تسويق أسطورة الديمقراطية الوافدة للعرب على ظهر الدبابة، وقد أعيد إنتاجها في ليبيا بنفس بخراب مماثل، لأن حصيلة تسع سنوات من الاحتلال، وإن لم يكن قد تحقق فيها النصر العسكري للأمريكيين، قد أفضت في نهاية الأمر إلى "نصر سياسي" للمحتل إذا كان تحطيم العراق، والوقوف به على حافة الحرب الطائفية والتقسيم، هو الهدف الآخر، وربما الأبرز، للغزو والاحتلال.
أكثر من طرف كان متخوفا من اللحظة التي تغادر فيها القوات الأمريكية التراب العراقي، إن على الصعيد الداخلي أو الإقليمي، أو حتى على مستوى الخطط الاستراتجية البعيدة للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، وقد عكفت مختلف الأطراف على تصور السيناريوهات الممكنة لما بعد ‬رحيل ‬المحتل ‬منذ ‬أكثر ‬من‬سنتين.‬

البحث ‬عن ‬ديكتاتور ‬لإنقاذ ‬ديمقراطية ‬الدبابة
فقد اشتغلت مراكز الدراسات والبحوث في الولايات المتحدة منذ وصول الرئيس أوباما على تصور واستشراف السيناريوهات الممكنة، ثم إصدار جملة من الاقتراحات والحلول لطائفة من المشاكل الأمريكية في الشرق الأوسط قد تظهر بعد الرحيل، وتركز اهتمام المراكز على توصيف الكيفية التي ‬ينبغي ‬أن ‬تسحب ‬بها ‬القوات ‬الأمريكية ‬من ‬العراق، ‬مع ‬تحقيق ‬أكبر ‬قدر ‬ممكن ‬من ‬أهداف ‬الغزو، ‬ومما ‬كان ‬يبشر ‬به ‬العراقيون ‬والمنطقة.‬
فقد أصدر وقتها مركز الشؤون الدولية التابع لجامعة نيويورك تقريرا يتضمن ثلاثة سيناريوهات محتملة لمستقبل العراق لما بعد الانسحاب الأمريكي، يقضي الأول بظهور قائد وطني من وسط الفوضى التي تسود البلاد، يكون مستقلا عن كل اللاعبين الإقليميين والدوليين، من الولايات المتحدة إلى إيران إلى تنظيم القاعدة والحكومات العربية، ويؤكد التقرير أنه، وبسبب فشل الإسلاميين من الطائفتين، وتعاقب حكومات ضعيفة في بغداد، ستقتنع أعداد كبيرة من العراقيين باستبدال الديمقراطية والحريات، بالديكتاتورية التي أسقطها الاحتلال.

توافق ‬بين‬الشياطين ‬لاحتواء ‬فوضى ‬العراقيين
أماالسيناريو ‬الثاني
‬ ‬فذهب ‬إلى ‬إمكانية ‬احتواء ‬الفوضى ‬في ‬العراق، ‬والحيلولة ‬دون ‬انتشارها ‬في ‬منطقة ‬الشرق‬الأوسط،‬بإقناع ‬دول ‬الجوار ‬بتداعيات ‬انهيار ‬العراق، ‬وانتشار ‬عدوى ‬الأفكار ‬الثورية.‬
أما السيناريو الثالث
فيستشرف تداعيات عراق غارق في فوضى حرب أهلية تطال آثارها دول الجوار بطوفان اللاجئين، وتنامي نفوذ "الجماعات الإرهابية" وتهديدها، وتآمر دول المنطقة على بعضها بعضا لتقويض الاستقرار في البلد الجار.
لا أحد من هذه السيناريوهات تحقق، لأن إدارة أوباما أجبرت على الدخول في توافق مع القوى الفاعلة في الداخل وفي الجوار، انتهى إلى التوافق بين الولايات المتحدة وإيران على المالكي كرجل المرحلة، القادر على ضمان الرحيل الآمن، والإبقاء على قدر واسع من النفوذ الأمريكي ‬في ‬المجال ‬النفطي ‬والأمني ‬والسياسي، ‬يترك ‬فسحة ‬معتبرة ‬للإيرانيين ‬للعب ‬في ‬المشهد ‬السياسي ‬الداخلي ‬لصالح ‬حلفائهم ‬من‬الأحزاب ‬الشيعية‬المسيطرة ‬على ‬الحكم.‬

نصف ‬الكأس ‬المليانة ‬عند ‬المعارضة ‬والموالاة ‬
على المستوى الداخلي انقسم المشهد العراقي منذ فترة إلى فسطاطين ينظران إلى الانسحاب بنظرتين على طرفي نقيض، الأولى: ترى أن الوقت غير مناسب لانسحاب القوات الأمريكية، لأن البلاد تُعاني فراغاً سياسياً، وجملة من القلاقل الأمنية، وانعدام التوافق بين القوى السياسية، ناهيك عن تدافع القوى الإقليمية لملء الفراغ. والثانية: ترى أن الانسحاب الأمريكي يبقى في كل الأحوال إيجابيا، وهو يمثل بلا ريب خطوة أولى للتخلص من الاحتلال وتبعاته، وربما يمنح العراقيين فرصة لإعادة بناء الدولة العراقية على غير الأسس الطائفية التي اشتغل عليها ‬المحتل ‬طيلة ‬تسع ‬سنوات.‬
فقد رحبت القوى المناهضة للاحتلال بالانسحاب، من حيث أنه يشكل نصراً للمقاومة العراقية التي كانت العامل الرئيس في إجبار المحتل على الرحيل، وهو فوق ذلك يمنح القوى المناهضة للاحتلال وللعملية السياسية المعوقة، ورقة إضافية في الصراع القائم والذي سيتواصل بعد الرحيل، وترى "أن الانسحاب على الرغم من أنه يمثل هزيمة للمحتل بجميع المقاييس العسكرية على الأقل، ونصراً لأبناء العراق ، إلا أن المعركة لم تنته بعد" لأن المسارات التي فتحها المحتل لتمزيق العراق سياسيا، واجتماعيا، ومذهبيا مازالت قائمة، ومازال العراق عرضة للفوضى والانفلات ‬الأمني.‬

البحث ‬عن ‬مقاومة ‬للتحرر‬من ‬الفصل ‬السابع ‬
فعراق ما بعد الانسحاب الأمريكي، إذا ثبت أنه انسحاب فعلي بالمفهوم السياسي والعسكري، سيكون عرضة بلا شك لسيناريوهات مفتوحة على المجهول، ومسارات احتلالية قادمة، لها صلة بالتمدد الإقليمي لدول الجوار، خاصة من جهة إيران وتركيا، كما هو عرضة لتواصل الصراعات الداخلية ‬على ‬السلطة ‬وعلى ‬الريع ‬النفطي، بمؤسسات ‬حكم ‬ملغمة ‬ومرتهنة ‬لدستور ‬ملغم، ‬أغلق ‬اللعبة ‬أمام ‬أية ‬محاولة ‬لتجاوز ‬الصراع ‬القومي ‬والطائفي ‬الذي ‬أسس ‬عليه ‬الاحتلال ‬قواعد ‬الدولة ‬العراقية ‬الجديدة. ‬
وحتى مع التسليم أن الولايات المتحدة خرجت مهزومة عسكريا، وقد كلفها الغزو والاحتلال أكثر من خمسة آلاف قتيل، وعشرات الآلاف من الجرحى، وخسرت أكثر من تريليون دولار كتكلفة إجمالية للحرب، فإن الانسحاب الأمريكي لا يعنى استعادة العراق سيادته الكاملة، مادام الاحتلال قد أبقاه تحت الفصل السابع، الذي فرض على العراق بموجب قرار مجلس الأمن 678 لعام 1990 بعد غزو الكويت، ولا يرى العقلاء من العراقيين أن الانسحاب العسكري يكون قد أنهى النفوذ السياسي الأمريكي في العراق، لأن الاتفاقات الموقعة، المعلن منها والسري، إضافة إلى التشبيك ‬الحاصل ‬بين ‬البلدين ‬سياسيا ‬وأمنيا ‬واقتصاديا، ‬إنما ‬أنتج ‬علاقات‬هي ‬أقرب‬إلى ‬التبعية ‬منها ‬إلى ‬الندية ‬واستقلال ‬القرار ‬العراقي.‬

سنوات ‬عجاف ‬لتسمين ‬عجول ‬المنطقة ‬الخضراء

أما على المستوى السياسي، فإن استمرار العملية السياسية، التي ركبها المحتل بشراكة مع إيران، تمثل لوحدها أكبر تحدي ومعوق لقدرة الدولة على مواجهة بقية المشاكل والتحديات. فقد لغم المسار بألف لغم ولغم يمكن أن يفجر العراق بأكمله، إذا ما أصرّت القوى السياسية الممثلة في المشهد على مواصلة العملية السياسية كما هي، مختلة، قائمة على المحاصصة الطائفية، وتحت سقف دستور من تأليف الحاكم بريمر، قد كرس إلى جانب الطائفية الحاملة لبذور الحرب الأهلية، نظام الفيدراليات الذي يهدد بتقسيم البلاد.
وعلى المستوى الاقتصادي فإن العراق قد انتكس إلى حالة أسوإ مما كان عليها العراق في أحلك سنوات الحصار. فبرغم ثروته الهائلة من النفط والغاز، إلا أن الفساد السياسي والمالي، وانشغال الطبقة السياسية بالريع، وانصرافها عن إعادة بناء البنية التحتية التي حطمها الغزو والاحتلال، وعجزها عن تلبية الخدمات القاعدية للمواطنين، قد يكون من أكثر التحديات خطورة على العراق في المستقبل القريب. فالبنية الأساسية العراقية دمرت بالكامل، وارتفع عدد العراقيين تحت خطر الفقر إلى أكثر من 40٪، كما ارتفعت البطالة إلى أرقام قياسية، إضافة إلى انتشار الفساد والمحسوبية في مجمل صفقات النفط والغذاء وإعادة الأعمار، فضلا عن المشكلة التي يطرحها العراقيون المهجرون في الخارج والنازحون في الداخل نتيجة التطهير الطائفي والقومي، قدر عددهم بأكثر من خمسة ملايين شخص.
تلكم هي تركة الغزو الأمريكي، وتسع سنوات من الاحتلال، الذي يشترك في جرائمه، إلى جانب دول الجوار من العرب والعجم، نخبة من السياسيين العراقيين استقووا على بلدهم بالأجنبي، ومهدوا الطريق، وأزالوا العتب على من سيأتي بعدهم من النخب العربية، المتعطشة للسلطة بأي ثمن، ‬لإلحاق ‬ليبيا ‬بالعراق، ‬والطمع ‬في ‬تجديد ‬التجربة ‬في ‬سورية.‬

سفه ‬المقامرين ‬العرب ‬بطاولة ‬البوكر ‬الأمريكي
ولمن شاء أن يؤرخ للربيع العربي، الذي اصطف فيه العلمانيون والإسلاميون لإعلاء كلمة هبل الديمقراطية التي تحملها الدبابة الأمريكية، أو تحميها طائرات النيتو، وعند الحاجة يحرسها عساكر النظام في ميادين التحرير، فله أن يعود إلى تلك المؤتمرات التآمرية في لندن وباريس ‬وأربيل، ‬وقد ‬استدرجت ‬إليها ‬النخب ‬العراقية ‬من ‬شيوخ‬الطائفتين ‬ومن ‬الذين ‬لا ‬دين ‬لهم، ‬للشراكة ‬في ‬تدبير ‬الاحتلال ‬لبلدهم، ‬كما ‬استدرج ‬إلى ‬مثلها ‬نظراء ‬لهم ‬من ‬ليبيا ‬وسورية.‬
من كان الرابح والخاسر من غزو واحتلال العراق؟ ومن يرى نفسه في قائمة الرابحين من الربيع الذي حولته الصليبية إلى صيف للهنود الحمر من العرب والعجم، وهو يتواصل منذ حرب الخليج الأولى، وقد لا يتوقف عند مراسم إنزال العلم الأمريكي؟ ليس عندي جواب قطعي، لكني أدعوكم إلى قراءة ما يقوله شيوخ الخليج، تعقيبا على ربيعهم الذي أسقط عنهم بالوكالة النظام البعثي، وبعض الشيوخ من أرخبيل "الإخوانية" وهم يثمنون ثورات الربيع العربي في مؤتمر عقد بفندق ريجانسي بتونس عاصمة ثورات الربيع العربي.
فهذا عبد العزيز بن صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث يقول: "إن الوجود الأمريكي في العراق كان يعطي قوة عسكرية مجاورة لدول الخليج التي ترتبط بمصالح واتفاقيات مشتركة مع واشنطن". فيما قال سامي الفرج خبير الشؤون الإيرانية، ومدير معهد الدراسات الاستراتيجية في الكويت: "نحن مستعدون للانسحاب الأمريكي من العراق، ولدينا اتفاقات أمنية مع واشنطن، وقدراتها تتناسب مع حاجيات المرحلة"، وختم قائلا: "كان من المفترض بقاء الأمريكيين كما حدث في ألمانيا واليابان، لكي لا يسقط العراق في الفك الإيراني، ويصبح دولة تابعة تحت سيطرة طهران المطلقة.‬

مقدمات ‬فقه ‬"‬العم ‬صام"‬ ‬المبشرة ‬بخلافة ‬ثانية ‬راشدة
ومن فندق ريجانسي بتونس، أطلق أحد مشايخ أرخبيل "الإخوانية" صيحة النصر، مستدلا بأحاديث نبوية شريفة تبشر ـ على حد قوله ـ بقرب قيام "الخلافة الراشدة الثانية" قد مهدت لها السبل ثورات الربيع العربي. وللقارئ أن يحكم على مقدار الخرف الذي أصاب العقل العربي، وقد انقسم كالعادة إلى فسطاطين: الأول لا يشعر بالأمان إلا مع تواجد قوات أمريكية بجزيرة العرب، تحمي أماراتها الراشية من الغول الفارسي المتوثب، حتى أنه "كان يتمنى بقاء الاحتلال الأمريكي كما حدث في ألمانيا واليابان" والثاني استعان ويستعين بنفس القوة الصليبية الغاشمة المعادية ‬للعرب ‬والمسلمين ‬لتوليد"‬الخلافة ‬الراشدة ‬الثانية"‬ ‬ولو ‬تحت ‬ولاية ‬الفقيه ‬من ‬علوج ‬العم ‬صام.‬
http://www.echoroukonline.com/ara/aklam/analyses/rachidin/88819.html