صلاح جاد سلام
12-21-2011, 11:36 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين ، والصلاة والسلام علي سيد الأولين والآخرين ، وخاتم الأنبياء والمرسلين ، المبعوث رحمة للعالمين ، سيدنا ونبينا محمد ، وعلي آله وصحبه وتابعيه إلي يوم يقوم الناس فيه لرب العالمين ،
وبــعـــد
فمن مصنف لى بعنوان ( الموسوعة الهجرية ) حيث تتبعت الأحداث التى وقعت فى أيام السنة الهجرية على مدى التاريخ الإسلامى ، ومن ثم فيمكن للباحث عن ترجمة لشخص ما من الشخصيات من خلال النظر فى هذه ( الموسوعة الهجرية ) أن يجد مفتاحا مقبولا عند الترجمة له ، كما يمكن من خلال الاطلاع على حدث ما أن يكون تقدمة لما كان بصدد ذلك الحدث ، وأيضا يمكن معرفة كثير من المعلومات المتنوعة والوقوف على بعض تفاصيلها .
وعليه ،،، فيطيب لى أن أقدم للقاريء الكريم بعض مقتطفات من ( الموسوعة الهجرية ) تحت عنوان ((( فى رحاب شهر المحرم )))
هو أحد الأشهر الحرم الأربعة التى جاء فيها قوله تعالى : { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ } . التوبة 36 ـ 37
وسميت الأشهر الحرم بهذا الاسم لأن القتال محرم فيها ، حتي إن الرجل ليلقي قاتل أبيه وجها لوجه في الشهر الحرام ، فيشيح بوجهه عنه ولا يقربه بسوء ، تعظيما للشهر الحرام .
وهى ثلاثة أشهر سرد وواحد فرد ،، أما السرد فهى أشهر ذي القعدة و ذي الحجة و المحرم ، وأما الفرد فهو شهر رجب .
وقد تنبه بعضهم الى لطيفة، ذكرها ابن حجر العسقلانى في ( الفتح ) ، مفادها أن للأشهر الحرم مزية على ماعداها ، إذ : تناسب أن يبدأ بها العام ( شهرالمحرم ) ،،
وأن تتوسطه ( شهر رجب ) ،،
وان يختم بها ( شهر ذي الحجة ) ،
ولقد كان ختام شهور السنة بشهرين اثنين ( ذي القعدة وذي الحجة ) لوقوع فريضة الحج فيهما ، وهو ختام أركان الإسلام الخمسة .
أما الحافظ ابن كثير فذهب إلى القول:
وإنما كانت الأشهر الحرم أربعة( ثلاثة سرد وواحد فرد ) ، لأجل أداء مناسك الحج والعمرة:
1ـ فحرم قبل شهر الحج شهرا (هو شهر ذي القعدة ) ليقعدوا فيه عن القتال ،
2ـ وحرم شهر ذي الحجة ليوقعوا فيه شعيرة الحج ، ويشتغلوا بأداء المناسك،
3ـ وحرم من بعده شهرا ( هو شهر المحرم ) ، ليرجعوا فيه الى أقصى بلادهم آمنين ،
4ـ وحرم شهر رجب في وسط الحول، لأجل زيارة البيت والاعتمار به لمن يقوم إليه من أقصى البلاد ، فيزوره ويعتمر ، ثم يعود إلى وطنه فيه آمنا.
شهر المحرم : معناه ( ذو الحرمة ) ،،
ولقد سمته العرب بهذا الإسم لتحريمها الحرب والغارة فيه ، وسمته ( شهر الله ) ،،، وإذا نعتوه قالوا: المحرم الحرام ،،
ويجمع المحرم على ( محارم ـ محاريم ـ محرمات )
ومن الأخطاء التي قد نقع فيها قولنا ( محرم ) مجردا من الألف واللام ،،،
والصواب أن يقال ( المحرم ) ، لأن العرب لم تذكر هذا الشهر إلا معرفا،
من الأحداث فى شهر المحرم
** فى شهر المحرم ،، فى العاشر منه على وجه التخصيص نجّا الله عزوجل موسى عليه السلام من الغرق،،، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قدم المدينة ، فوجد اليهود صياماً يوم عاشوراء ، فقال لهم : " ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ "
فقالوا: هذا يوم عظيم ، نجى الله فيه موسى وقومه ، وغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكراً ، فنحن نصومه،،،
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " فنحن أحق وأولى بموسى منكم " ،،،
فصامه رسول الله صلى الله عليه و سلم وأمر بصيامه ، رواه الشيخان .
** فى المحرم سنة 5هـ = يونيو سنة 626م
كانت غزوة ذات الرقاع، وفيها خرج النبي صلى الله عليه وسلم في جمع من أصحابه من المدينة إلى "نجد"، يريد قتال بني محارب وبني ثعلبة من غطفان؛ لما بلغه أنهم يجمعون الجموع للمسلمين . وكان العدد من الرجال يتوالون على ركوب البعير، فضلاً وعورة الأرض وكثرة أحجارها، التي أثّرت على أقدامهم ومزّقت خفافهم، وسقطت أظفارهم، فلفّوا الخِرَق والجلود على الأرجل؛ ومن هنا جاءت تسمية الغزوة، ففي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري قال: وكنا نلفّ على أرجلنا الخِرَق، فسُمِّيت غزوة ذات الرقاع .
فبلغ موضعاً لبني غطفان، فلما سمع بهم المشركون هربوا إلى رؤوس الجبال، وخشي صلى الله عليه و سلم أن يعود الفارّون مرة أخرى ليهجموا على المسلمين خصوصاً أن وقت الصلاة قد حضر فنزلت آية صلاة الخوف:
{ وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ } النساء 102. وفي طريق العودة وفي الليل، وضع صلى الله عليه و سلم حراسةً على المعسكر، واختار للحراسة عباد بن بشر و عمّار بن ياسر رضي الله عنهما، فاختار عبّادٌ أول الليل، وعند بدء حراسته قام يصلي، فاستغلّ أحد المشركين ذلك فأطلق ثلاثة سهام أصابت عباداً رضي الله عنه فانتزعها وهو في صلاته حتى أتمّها، فأيقظ عماراً ليسعفه، فقال له عمار: ألا نبّهتني أول ما رمى؟ فقال عبّاد: كنت في سورة أقرؤها، فلم أحبّ أن أقطعها، وفي اليوم التالي وفي وقت القيلولة، نزل رسول الله صلى الله عليه و سلم واستظل الناس بالشجر، فجاء أحد المشركين ليجد النبي صلى الله عليه و سلم نائماً وقد علّق سيفه على شجرة، فأخذ سيف رسول الله صلى الله عليه و سلم وقال له: من يمنعك مني؟ فأجابه صلى الله عليه و سلم : الله، فأخذت الرجفة الأعرابي فسقط السيف من يده، فأخذه صلى الله عليه و سلم وقال له: مَن يمنعك مني؟ فاعتذر الرجل للنبي صلى الله عليه و سلم ورجاه أن يتركه، فقال له صلى الله عليه و سلم : أتشهد أن لا إله إلا الله، فقال الرجل: لا، ولكني أعاهدك أن لا أقاتلك، ولا أكون مع قوم يقاتلونك، فأطلق سراحه، وترك هذا العفو أثراً في نفس الأعرابي، فعاد لقومه وهو يقول: قد جئتكم من عند خير الناس.
** فى المحرم عام 21هـ = ديسمبر عام 641 م
بعد انتصارات المسلمين في القادسية والمدائن فى عهد الفاروق عمر رضى الله عنه وأرضاه كان فتح نهاوند ، و كانت بين المسلمين فى ثلاثين ألفاً بقيادة النعمان بن مقرن المزنى وبين الفرس فى مائة وخمسين ألفا وقائدهم ( الفيرزان ) ، وفى هذه الموقعة العظيمة استشهد النعمان ، وقتل ( يزدجرد ) ملك الفرس والفيرزان ، وكان النصر المبين ، وانتهى أمر دولة الفرس ، لأنه لم يعد للفرس بعدها اجتماع، ، فسمي فتح نهاوند فتح الفتوح ،،،
على أن كل معركة مع الفرس كانت أشد من سابقتها، فكانت القادسية من أشد المعارك على المسلمين، ثم كانت جلولاء أشد من القادسية، ثم كانت تُسْتَر، ثم نَهاوَنْد فكانت أشدها وآخرها .
** فى المحرم سنة 61هـ = أكتوبر سنة 680 م
استشهاد الإمام الحسين بن علي رضوان الله عليهما في كربلاء ، بعدما خرج على يزيد بن معاوية إذ لم يرضه خليفة للمسلمين، وكان استشهاده رضى الله عنه مأساة نادرة على مر العصور ، سجل أحداثها الأليمة القاسية كثير من المؤرخين فى التاريخ الإسلامى .
** فى المحرم عام 648هـ = ابريل عام 1250 م
نجح المصريون بفارسكور في إلحاق الهزيمة بالصليبيين في حملتهم السابعة، وأسر قائدهم لويس التاسع ملك فرنسا ، إذ سجن في دار القاضي ابراهيم بن لقمان، وافتدى نفسه بتسليم دمياط للمسلمين، ودفع فدية مالية، وعادت دمياط إلى الأيوبيين بعد احتلال دام أكثر من أحد عشر شهراً وكان ذلك بفضل حكمة وقيادة ركن الدين بيبرس للقوات المصرية.
** فىالمحرم سنة 923هـ = يناير سنة 1517م
دخول العثمانيين القاهرة ونهاية الدولة المملوكية في مصر والشام،
ذلك أن السلطان طومان باي خرج لمقاتلة العثمانيين، ودفع خطرهم، فأقام بالريدانية قرب صحراء العباسية بالقاهرة، وحفر خندقًا على طول الخطوط الأمامية، لكن العثمانيين اخترقوا الحدود المصرية وتوغلوا في أراضيها وتحاشوا الاصطدام بالمماليك عند الريدانية بعد علمهم بأنباء تحصينات المماليك، وواصلوا زحفهم صوب القاهرة، فلحق بهم طومان باي، والتحم الفريقان في معركة حامية ، وكانت الخسائر فادحة من الجانبين، وقُتل "سنان باشا" الصدر الأعظم، لكن العثمانيين حملوا حملة صادقة عصفت بالمماليك وألحقت بهم هزيمة مدوية، على الرغم من المقاومة التي أبداها المماليك، الذين قاتلوهم من بيت إلى بيت ومن شارع إلى شارع، وأبدوا ضروبًا من الشجاعة والإقدام. واضطر طومان باي إلى الفرار إلى مدينة البهنسا وتنظيم قواته لمواجهات جديدة. ، ثم لم يلبث أن وقع في أيدي العثمانيين بخيانة بعض من كان معه، فلقى حتفه بالإعدام على باب زويلة ،، وبسقوط المماليك سقط الخليفة العباسي وقامت الخلافة العثمانية .
وفى صلاة الجمعة في اليوم التالي، وقف الخطباءُ فوق منابر القاهرة يدعون: "اللهم انصُرِ السلطانَ ابن السلطان سيد البرين والبحرين، ومحطم الجيشين، سلطان العراقين وحامي الحرمين الشريفين المنتصر الملك سليم شاه، امنحه يا ربَّ العالمين القوة؛ ليسودَ العالم". ،،،،
ومن الجدير بالذكر أن السلطان سليم بعدما دخل القاهرة أعلنَ سقوطَ الخلافة العباسية الثانية بها، وأخذ معه الخليفة للأستانة؛ حيث تنازل له عن الخلافة هناك .
** فى المحرم سنة 1213 هـ = يوليو سنة 1798م
بدأت الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت (1769م ــ 1821 م ) . وقد لقيت هذه الحملة مقاومة شرسة من الشعب المصري؛ ما اضطرها في النهاية إلى الجلاء عن مصر بعد ثلاث سنوات فقط. وفى أثناء هذه الفترة اكتشف حجر رشيد على يد العالم الفرنسي الأثري شامبليون الذي قدم مع علماء الحملة الفرنسية على مصر. ساهم اكتشاف هذا الحجر في فك طلاسم اللغة المصرية القديمة، ، ومن ثم دراسة الحضارة الفرعونية.
** فى المحرم سنة 1256 هـ = مايو سنة 1840م
صدر أول طابع بريد في العالم في بريطانيا، يحمل صورة الملكة فيكتوريا، وقد إقترح الصورة السير رولاند هيل وقد صدرت طبعتان من هذا الطابع إحداهما باللون الأسود وقيمته بنس واحد والأخرى باللون الأزرق وقيمته بنسان ، وتولت طباعته "دار بركنز باكون".
وكانت البرازيل هي ثاني دولة في العالم تستعمل طوابع البريد.ثم انتشر الأمر فى باقى دول العالم ،، وقد كانت بريطانيا هي الدولة الوحيدة في العالم التي لا تدون اسمها على طوابعها، بل تكتفي فقط بوضع صورة رأس الحاكم الحالي للبلاد في أحد زوايا الطابع. باعتبارها أول دولة أصدرت الطوابع ، ومن ثم ترى نفسها غنية عن التعريف فى هذا المجال .
** فى المحرم سنة 1294 هـ = يناير سنة 1877م
ولد في قرية إبيا الحمراء التابعة لمحافظة البحيرة أحمد محرم الملقب بشاعر الإسلام ، وهو شاعر مصري من أصول شركسية اسمه الكامل أحمد محرّم ابن حسن عبد الله الشركسي، عاش قضايا أمته الإسلامية وعبر عنها في شعره ، ( 303 قصيدة ) ، ولم يغب أيضا عن قضايا مجتمعه المحلي ، إذ عاصر ثورة 1919 م. كما عاصرحادثة دنشواي ومصطفي كامل وسعد زغلول وتأثر بهم في شعره الوطني ، كان رحمه الله من دعاة الجامعة الإسلامية وعودة الخلافة العثمانية التي دعا إليها الإمام محمد عبده وجمال الدين الأفغاني في عصره. ويعد أحمد محرم من شعراء مدرسة البعث والإحياء في الشعر العربي ، التي كان من دعاتها محمود سامي البارودي وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم وأحمد نسيم حيث جددوا الصياغة الشعرية بعد تدهورها في العصر العثماني.وأحمد محرم هو صاحب الإلياذة الإسلامية التي نظمها في ثلاثة آلاف بيت ، وتوفي رحمه الله تعالي في 20 من رجب الأصم سنة 1364 هـ .
** فى المحرم سنة 1305 هـ = سبتمبر سنة 1887م
توفي في الاستانة عن 83 عاما العالم اللبنانى الكبير الشاعر العملاق أبو العباس أحمد فارس الشدياق ،، صاحب جريدة الجوائب المعروفة ، ( أول صحيفة عربية مستقلة ،، وقد صدرت أسبوعية في اسطنبول. ) ونقل جثمانه إلى لبنان حيث دفن في مسقط رأسه (الحدث) ، كان مسيحيا ، وأسلم ( في تونس ) ،
كان كاتبا وصحافيا ولغويا ومترجما ، عاصر فيكتور هوجو وجوستاف فلوبير وإدجار ألن بو وتشارلز ديكنز ،وتنقل بين كل من انجلترا وفرنسا ومالطة ومصر وتونس وتركيا ،
وألف ما يقرب من عشرين كتابًا في الدين المقارن واللغة والأدب منها : "الساق على الساق في معرفة الفارياق "و "كشف المخبّأ في فنون أوروبا" و "الجاسوس على القاموس" و " سر الليال في القلب والإبدال" و " الواسطة في معرفة أحوال أهل مالطة. " و " اللطيف في كل معنى ظريف " و" كنز اللغات " و " غنية الطالب ومنية الراغب " و " الباكورة الشهية في نحو اللغة الإنكليزية " و " سند الراوي في الصرف الفرنساوي " و " منتهى العجب في خصائص لغة العرب " و " المرآة في عكس التوراة " وغيرها .
وكان شاعرا كبيرا ،، له ديوان شعر من نظمه يشتمل على اثنين وعشرين ألف بيت. برع في المدح ، ومن ذلك شعره في ملك فرنسا والخليفة العثماني وباي تونس والمجاهد "عبد القادر الجزائري". رحمة الله عليه .
يتبـــع
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين ، والصلاة والسلام علي سيد الأولين والآخرين ، وخاتم الأنبياء والمرسلين ، المبعوث رحمة للعالمين ، سيدنا ونبينا محمد ، وعلي آله وصحبه وتابعيه إلي يوم يقوم الناس فيه لرب العالمين ،
وبــعـــد
فمن مصنف لى بعنوان ( الموسوعة الهجرية ) حيث تتبعت الأحداث التى وقعت فى أيام السنة الهجرية على مدى التاريخ الإسلامى ، ومن ثم فيمكن للباحث عن ترجمة لشخص ما من الشخصيات من خلال النظر فى هذه ( الموسوعة الهجرية ) أن يجد مفتاحا مقبولا عند الترجمة له ، كما يمكن من خلال الاطلاع على حدث ما أن يكون تقدمة لما كان بصدد ذلك الحدث ، وأيضا يمكن معرفة كثير من المعلومات المتنوعة والوقوف على بعض تفاصيلها .
وعليه ،،، فيطيب لى أن أقدم للقاريء الكريم بعض مقتطفات من ( الموسوعة الهجرية ) تحت عنوان ((( فى رحاب شهر المحرم )))
هو أحد الأشهر الحرم الأربعة التى جاء فيها قوله تعالى : { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ } . التوبة 36 ـ 37
وسميت الأشهر الحرم بهذا الاسم لأن القتال محرم فيها ، حتي إن الرجل ليلقي قاتل أبيه وجها لوجه في الشهر الحرام ، فيشيح بوجهه عنه ولا يقربه بسوء ، تعظيما للشهر الحرام .
وهى ثلاثة أشهر سرد وواحد فرد ،، أما السرد فهى أشهر ذي القعدة و ذي الحجة و المحرم ، وأما الفرد فهو شهر رجب .
وقد تنبه بعضهم الى لطيفة، ذكرها ابن حجر العسقلانى في ( الفتح ) ، مفادها أن للأشهر الحرم مزية على ماعداها ، إذ : تناسب أن يبدأ بها العام ( شهرالمحرم ) ،،
وأن تتوسطه ( شهر رجب ) ،،
وان يختم بها ( شهر ذي الحجة ) ،
ولقد كان ختام شهور السنة بشهرين اثنين ( ذي القعدة وذي الحجة ) لوقوع فريضة الحج فيهما ، وهو ختام أركان الإسلام الخمسة .
أما الحافظ ابن كثير فذهب إلى القول:
وإنما كانت الأشهر الحرم أربعة( ثلاثة سرد وواحد فرد ) ، لأجل أداء مناسك الحج والعمرة:
1ـ فحرم قبل شهر الحج شهرا (هو شهر ذي القعدة ) ليقعدوا فيه عن القتال ،
2ـ وحرم شهر ذي الحجة ليوقعوا فيه شعيرة الحج ، ويشتغلوا بأداء المناسك،
3ـ وحرم من بعده شهرا ( هو شهر المحرم ) ، ليرجعوا فيه الى أقصى بلادهم آمنين ،
4ـ وحرم شهر رجب في وسط الحول، لأجل زيارة البيت والاعتمار به لمن يقوم إليه من أقصى البلاد ، فيزوره ويعتمر ، ثم يعود إلى وطنه فيه آمنا.
شهر المحرم : معناه ( ذو الحرمة ) ،،
ولقد سمته العرب بهذا الإسم لتحريمها الحرب والغارة فيه ، وسمته ( شهر الله ) ،،، وإذا نعتوه قالوا: المحرم الحرام ،،
ويجمع المحرم على ( محارم ـ محاريم ـ محرمات )
ومن الأخطاء التي قد نقع فيها قولنا ( محرم ) مجردا من الألف واللام ،،،
والصواب أن يقال ( المحرم ) ، لأن العرب لم تذكر هذا الشهر إلا معرفا،
من الأحداث فى شهر المحرم
** فى شهر المحرم ،، فى العاشر منه على وجه التخصيص نجّا الله عزوجل موسى عليه السلام من الغرق،،، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قدم المدينة ، فوجد اليهود صياماً يوم عاشوراء ، فقال لهم : " ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ "
فقالوا: هذا يوم عظيم ، نجى الله فيه موسى وقومه ، وغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكراً ، فنحن نصومه،،،
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " فنحن أحق وأولى بموسى منكم " ،،،
فصامه رسول الله صلى الله عليه و سلم وأمر بصيامه ، رواه الشيخان .
** فى المحرم سنة 5هـ = يونيو سنة 626م
كانت غزوة ذات الرقاع، وفيها خرج النبي صلى الله عليه وسلم في جمع من أصحابه من المدينة إلى "نجد"، يريد قتال بني محارب وبني ثعلبة من غطفان؛ لما بلغه أنهم يجمعون الجموع للمسلمين . وكان العدد من الرجال يتوالون على ركوب البعير، فضلاً وعورة الأرض وكثرة أحجارها، التي أثّرت على أقدامهم ومزّقت خفافهم، وسقطت أظفارهم، فلفّوا الخِرَق والجلود على الأرجل؛ ومن هنا جاءت تسمية الغزوة، ففي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري قال: وكنا نلفّ على أرجلنا الخِرَق، فسُمِّيت غزوة ذات الرقاع .
فبلغ موضعاً لبني غطفان، فلما سمع بهم المشركون هربوا إلى رؤوس الجبال، وخشي صلى الله عليه و سلم أن يعود الفارّون مرة أخرى ليهجموا على المسلمين خصوصاً أن وقت الصلاة قد حضر فنزلت آية صلاة الخوف:
{ وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ } النساء 102. وفي طريق العودة وفي الليل، وضع صلى الله عليه و سلم حراسةً على المعسكر، واختار للحراسة عباد بن بشر و عمّار بن ياسر رضي الله عنهما، فاختار عبّادٌ أول الليل، وعند بدء حراسته قام يصلي، فاستغلّ أحد المشركين ذلك فأطلق ثلاثة سهام أصابت عباداً رضي الله عنه فانتزعها وهو في صلاته حتى أتمّها، فأيقظ عماراً ليسعفه، فقال له عمار: ألا نبّهتني أول ما رمى؟ فقال عبّاد: كنت في سورة أقرؤها، فلم أحبّ أن أقطعها، وفي اليوم التالي وفي وقت القيلولة، نزل رسول الله صلى الله عليه و سلم واستظل الناس بالشجر، فجاء أحد المشركين ليجد النبي صلى الله عليه و سلم نائماً وقد علّق سيفه على شجرة، فأخذ سيف رسول الله صلى الله عليه و سلم وقال له: من يمنعك مني؟ فأجابه صلى الله عليه و سلم : الله، فأخذت الرجفة الأعرابي فسقط السيف من يده، فأخذه صلى الله عليه و سلم وقال له: مَن يمنعك مني؟ فاعتذر الرجل للنبي صلى الله عليه و سلم ورجاه أن يتركه، فقال له صلى الله عليه و سلم : أتشهد أن لا إله إلا الله، فقال الرجل: لا، ولكني أعاهدك أن لا أقاتلك، ولا أكون مع قوم يقاتلونك، فأطلق سراحه، وترك هذا العفو أثراً في نفس الأعرابي، فعاد لقومه وهو يقول: قد جئتكم من عند خير الناس.
** فى المحرم عام 21هـ = ديسمبر عام 641 م
بعد انتصارات المسلمين في القادسية والمدائن فى عهد الفاروق عمر رضى الله عنه وأرضاه كان فتح نهاوند ، و كانت بين المسلمين فى ثلاثين ألفاً بقيادة النعمان بن مقرن المزنى وبين الفرس فى مائة وخمسين ألفا وقائدهم ( الفيرزان ) ، وفى هذه الموقعة العظيمة استشهد النعمان ، وقتل ( يزدجرد ) ملك الفرس والفيرزان ، وكان النصر المبين ، وانتهى أمر دولة الفرس ، لأنه لم يعد للفرس بعدها اجتماع، ، فسمي فتح نهاوند فتح الفتوح ،،،
على أن كل معركة مع الفرس كانت أشد من سابقتها، فكانت القادسية من أشد المعارك على المسلمين، ثم كانت جلولاء أشد من القادسية، ثم كانت تُسْتَر، ثم نَهاوَنْد فكانت أشدها وآخرها .
** فى المحرم سنة 61هـ = أكتوبر سنة 680 م
استشهاد الإمام الحسين بن علي رضوان الله عليهما في كربلاء ، بعدما خرج على يزيد بن معاوية إذ لم يرضه خليفة للمسلمين، وكان استشهاده رضى الله عنه مأساة نادرة على مر العصور ، سجل أحداثها الأليمة القاسية كثير من المؤرخين فى التاريخ الإسلامى .
** فى المحرم عام 648هـ = ابريل عام 1250 م
نجح المصريون بفارسكور في إلحاق الهزيمة بالصليبيين في حملتهم السابعة، وأسر قائدهم لويس التاسع ملك فرنسا ، إذ سجن في دار القاضي ابراهيم بن لقمان، وافتدى نفسه بتسليم دمياط للمسلمين، ودفع فدية مالية، وعادت دمياط إلى الأيوبيين بعد احتلال دام أكثر من أحد عشر شهراً وكان ذلك بفضل حكمة وقيادة ركن الدين بيبرس للقوات المصرية.
** فىالمحرم سنة 923هـ = يناير سنة 1517م
دخول العثمانيين القاهرة ونهاية الدولة المملوكية في مصر والشام،
ذلك أن السلطان طومان باي خرج لمقاتلة العثمانيين، ودفع خطرهم، فأقام بالريدانية قرب صحراء العباسية بالقاهرة، وحفر خندقًا على طول الخطوط الأمامية، لكن العثمانيين اخترقوا الحدود المصرية وتوغلوا في أراضيها وتحاشوا الاصطدام بالمماليك عند الريدانية بعد علمهم بأنباء تحصينات المماليك، وواصلوا زحفهم صوب القاهرة، فلحق بهم طومان باي، والتحم الفريقان في معركة حامية ، وكانت الخسائر فادحة من الجانبين، وقُتل "سنان باشا" الصدر الأعظم، لكن العثمانيين حملوا حملة صادقة عصفت بالمماليك وألحقت بهم هزيمة مدوية، على الرغم من المقاومة التي أبداها المماليك، الذين قاتلوهم من بيت إلى بيت ومن شارع إلى شارع، وأبدوا ضروبًا من الشجاعة والإقدام. واضطر طومان باي إلى الفرار إلى مدينة البهنسا وتنظيم قواته لمواجهات جديدة. ، ثم لم يلبث أن وقع في أيدي العثمانيين بخيانة بعض من كان معه، فلقى حتفه بالإعدام على باب زويلة ،، وبسقوط المماليك سقط الخليفة العباسي وقامت الخلافة العثمانية .
وفى صلاة الجمعة في اليوم التالي، وقف الخطباءُ فوق منابر القاهرة يدعون: "اللهم انصُرِ السلطانَ ابن السلطان سيد البرين والبحرين، ومحطم الجيشين، سلطان العراقين وحامي الحرمين الشريفين المنتصر الملك سليم شاه، امنحه يا ربَّ العالمين القوة؛ ليسودَ العالم". ،،،،
ومن الجدير بالذكر أن السلطان سليم بعدما دخل القاهرة أعلنَ سقوطَ الخلافة العباسية الثانية بها، وأخذ معه الخليفة للأستانة؛ حيث تنازل له عن الخلافة هناك .
** فى المحرم سنة 1213 هـ = يوليو سنة 1798م
بدأت الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت (1769م ــ 1821 م ) . وقد لقيت هذه الحملة مقاومة شرسة من الشعب المصري؛ ما اضطرها في النهاية إلى الجلاء عن مصر بعد ثلاث سنوات فقط. وفى أثناء هذه الفترة اكتشف حجر رشيد على يد العالم الفرنسي الأثري شامبليون الذي قدم مع علماء الحملة الفرنسية على مصر. ساهم اكتشاف هذا الحجر في فك طلاسم اللغة المصرية القديمة، ، ومن ثم دراسة الحضارة الفرعونية.
** فى المحرم سنة 1256 هـ = مايو سنة 1840م
صدر أول طابع بريد في العالم في بريطانيا، يحمل صورة الملكة فيكتوريا، وقد إقترح الصورة السير رولاند هيل وقد صدرت طبعتان من هذا الطابع إحداهما باللون الأسود وقيمته بنس واحد والأخرى باللون الأزرق وقيمته بنسان ، وتولت طباعته "دار بركنز باكون".
وكانت البرازيل هي ثاني دولة في العالم تستعمل طوابع البريد.ثم انتشر الأمر فى باقى دول العالم ،، وقد كانت بريطانيا هي الدولة الوحيدة في العالم التي لا تدون اسمها على طوابعها، بل تكتفي فقط بوضع صورة رأس الحاكم الحالي للبلاد في أحد زوايا الطابع. باعتبارها أول دولة أصدرت الطوابع ، ومن ثم ترى نفسها غنية عن التعريف فى هذا المجال .
** فى المحرم سنة 1294 هـ = يناير سنة 1877م
ولد في قرية إبيا الحمراء التابعة لمحافظة البحيرة أحمد محرم الملقب بشاعر الإسلام ، وهو شاعر مصري من أصول شركسية اسمه الكامل أحمد محرّم ابن حسن عبد الله الشركسي، عاش قضايا أمته الإسلامية وعبر عنها في شعره ، ( 303 قصيدة ) ، ولم يغب أيضا عن قضايا مجتمعه المحلي ، إذ عاصر ثورة 1919 م. كما عاصرحادثة دنشواي ومصطفي كامل وسعد زغلول وتأثر بهم في شعره الوطني ، كان رحمه الله من دعاة الجامعة الإسلامية وعودة الخلافة العثمانية التي دعا إليها الإمام محمد عبده وجمال الدين الأفغاني في عصره. ويعد أحمد محرم من شعراء مدرسة البعث والإحياء في الشعر العربي ، التي كان من دعاتها محمود سامي البارودي وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم وأحمد نسيم حيث جددوا الصياغة الشعرية بعد تدهورها في العصر العثماني.وأحمد محرم هو صاحب الإلياذة الإسلامية التي نظمها في ثلاثة آلاف بيت ، وتوفي رحمه الله تعالي في 20 من رجب الأصم سنة 1364 هـ .
** فى المحرم سنة 1305 هـ = سبتمبر سنة 1887م
توفي في الاستانة عن 83 عاما العالم اللبنانى الكبير الشاعر العملاق أبو العباس أحمد فارس الشدياق ،، صاحب جريدة الجوائب المعروفة ، ( أول صحيفة عربية مستقلة ،، وقد صدرت أسبوعية في اسطنبول. ) ونقل جثمانه إلى لبنان حيث دفن في مسقط رأسه (الحدث) ، كان مسيحيا ، وأسلم ( في تونس ) ،
كان كاتبا وصحافيا ولغويا ومترجما ، عاصر فيكتور هوجو وجوستاف فلوبير وإدجار ألن بو وتشارلز ديكنز ،وتنقل بين كل من انجلترا وفرنسا ومالطة ومصر وتونس وتركيا ،
وألف ما يقرب من عشرين كتابًا في الدين المقارن واللغة والأدب منها : "الساق على الساق في معرفة الفارياق "و "كشف المخبّأ في فنون أوروبا" و "الجاسوس على القاموس" و " سر الليال في القلب والإبدال" و " الواسطة في معرفة أحوال أهل مالطة. " و " اللطيف في كل معنى ظريف " و" كنز اللغات " و " غنية الطالب ومنية الراغب " و " الباكورة الشهية في نحو اللغة الإنكليزية " و " سند الراوي في الصرف الفرنساوي " و " منتهى العجب في خصائص لغة العرب " و " المرآة في عكس التوراة " وغيرها .
وكان شاعرا كبيرا ،، له ديوان شعر من نظمه يشتمل على اثنين وعشرين ألف بيت. برع في المدح ، ومن ذلك شعره في ملك فرنسا والخليفة العثماني وباي تونس والمجاهد "عبد القادر الجزائري". رحمة الله عليه .
يتبـــع